أصدر الأزهر الشريف كتابا للرد علي الانتقادات التي وجهت لمقترح قانون الأحوال الشخصية الذي يحتوي علي 192 مادة، هدية العدد مع مجلة الأزهر، حيث فندت المؤسسة 10 اعتراضات حول القانون والرد عليها.
من الأمور العجيبة أن تجد بعض المحسوبين علي الوسط الثقافي والتشريعي يتعاملون بتلك الحساسية المفرطة مع الأزهر الشريف وكأنه انتهك الدستور عندما تقدم بمقترح مشروع قانون للأسرة، فذهب بعضهم للهجوم عليه قبل أن يحيط بمواده وحملها ما لا تطيق، وأخرون هاجموا أحقية أن يتقدم الأزهر بمقترح قانون وكأن تقديم المؤسسات لمقترحات مشاريع القوانين بدعة أو تجاوز للمشرع، هؤلاء أجبن من أن يعترفوا صراحة برغبتهم في أن تصبح قوانين الأسرة والزواج تعاقد مدني بحت لأنهم يخشون الصدام مع المجتمع والمادة الثانية من الدستور.
أما عن المقترح فهو نتاج اجتهاد بشري لنخبة من علماء الأزهر، قابل للإضافة والتعديل، وليس نص مقدس، تقدم به الأزهر في إطار مسؤولياته المجتمعية والدينية. تعرض المقترح للمرة الأولي لأحكام الخطبة، وشهد تعديلات جوهرية تلبي مقتضيات العصر كتقصير مدة التقاضي إلي شهر، وكالتفريق بين اختيار نوع التعليم وبين الولاية الإجرائية والإشرافية للحاضن، للأب حق اختيار نوع التعليم الذي سيتكبد تكاليفه وفقا للسائد في المجتمع، وفي نفس الوقت لم يمنع القانون الحاضن من تحمل فارق تعليم أعلي، وبذلك يقطع الطريق علي الحاضن لابتزاز الأب بتكاليف تعليم دولي علي سبيل المثال. مادة أخري أنصفت المرأة ويمكن أن يصفها البعض بالمجحفة للرجل حين نصت علي اعتبار العجز الجنسي من دواعي الطلاق لا الخلع، والأول يضمن للمرأة حقوقها عكس الثاني. ومادة أخري أجبرت الرجل عند الزواج أن يذكر حالته الإجتماعية ومحل سكن زوجاته وإبلاغهم بالزواج وإعطاء الزوجة حق طلب الطلاق في تلك الحالة. زيادة النفقة إلي ثلاثة أضعاف قيمتها الحالية، ورفع سن الحضانة للبنت إلي سن الزواج، وللولد إلي سن الخامسة عشر ثم يخير. إعطاء المرأة حق الزواج بدون ولي إذا ما رأت في رفضه سببا غير مقنعًا. مرة أخري تجد المدلسون يتلاعبون بالمنطق لوصف تلك المواد بالظالمة للمرأة. لم يلغي القانون أحقية الزوجة في الشقة كما ذكر بعضهم، ولم يلغي القانون مواد الرؤية وإنما حاول تعديلها وترك تنظيمها للمشرع. أما عن حبس الممتنع عن دفع النفقة باعتبار أن حبسه لن يفقد فالقول بذلك تدليس للواقع، وهناك آلاف الحالات لممتنعين عن سداد النفقة نكاية في زوجاتهم لن يخاطروا بحريتهم إذا ما طبقت تلك المادة. كما أن المشرع حدد قيمة النفقة بأحوال البلاد المادية وأسعارها وترك للقاضي تحديدها من المواد الغير مفهومة مادة تبيح للزوجة أن تقترض، أو أن تأخذ بالدين وعلى الدائنين الرجوع على زوجها بالدين دون ضوابط ومعايير قد تفتح الباب للابتزاز والمشاحنات.
أما عن الاعتراض علي منح القاضي حق استثناء لزواج المجنون والقاصر والقول بأن ذلك يخالف لشرط العقل في الأول، يفتح الباب لزواج القاصرات في الثاني فهو قول في غير محله، فالاستنثاء يلبي بعدا إنسانيا خالصا للأول، وبعدا اجتماعيا في الثاني. فليس كل الجنون في قالب واحد، وإذا ثبت بتقرير صلاحيته للزواج وكان هناك من يرضي بحالته ويقوم علي رعايته فلماذا نحرمه من حق واحتياج إنساني! وأما عن الثانية فالمنتقدون حملوها ما لا تطيق، ولم ينظروا للبعد الإجتماعي لهذا الاستثناء الممنوح حصرا للقضاء وفي حالات محددة حتي لا يتوسع فيها المجتمع، وهو انتقاد نتاج لتقديس قوالب قانونية قد تتغير وتختلف من بلد لأخر، فلماذا نرفض هذا الاستنثاء إذا حمل بعدا إنسانيا واجتماعيا!