كان وجهها كالثلج، تستلقي بجسدها الخشبي على أريكة جدي، وأربعة من النساء يغسلونها بماء الورد. ويمشطن خصلات شعرها في دلال. ليلى الجميلة، طفولتي التي أعرفها، غنوة الجرف والناي، صوت الليل في صدري، امرأة تحشي فمها بمنديل أبيض، ويحزمونها من وسطها، ومن رجليها، ومن صدرها، كلما نظرت إليها اختنقت. التراب يتسرب إلى أنفي وفمي، أسعل، أبكي وأنا أحمل نعشها، والرجال من خلفي يحملون شعلات النار، والنساء تشق صدورهن ليخجل ملاك الموت. وصلنا إلى نخلة الصلاة، أمسكت فأسًا وضربت الأرض ثلاثًا، ووضعت ليلى أمامي، أقمت صلاة الجنازة. لم أرفع رأسي عندما ظهر الثعبان في التكبيرة الثالثة، ونزل بها أسفل الأرض، احتضن ليلى الجميلة وأكل لحمها، سمعت صرختها قبل أن تغيب للأبد. لم يخرج الثعبان بعدها، كلما جاع ألقينا في بطن الأرض ميتًا جديدًا. صرنا ننجب الأطفال من أجل ذلك.
لدى انطباع قديم أن الكتاب العرب لا يجيدون استخدام الرمز وبخاصة في القصة القصيرة، وهو ما تأكد هنا قصص سيريالية يختلط فيها الواقع بالخيال بالأساطير الشعبية الريفية مع لغة غير سلسة ومبالغة في الوصف لتكون المحصلة النهائية عمل غامض ومربك لا يدرك القارئ مغزاه بسهولة لم يلمسني منها شئ، وريما هي مشكلتي إذ أصبحت لا أرغب في أي تعقيد
المجموعة مدهشة فعلا وأكثر ما يدهشني فيها هي أنها باكورة أعمال الكاتبة
قدرة مبهرة على السرد وربط الحقيقة بالخيال تذكرك قليلا بشخصيات خيري شلبي ولكن بطريقتها الخاصة
وأنا أعني الخاصة جدا
قصص أميرة ذكية تختلط فيها الأسطورة والرمز والحقيقة القاسية للقرية المصرية وتتشابك فيها الأحداث بمنتهى التعقيد والبساطة معا وتظهر فيها الشخصيات في نفس الوقت حقيقية من لحم ودم وطين ولعاب وخيالية أسطورية كالتي نقرأ عنها في حكايات الزمن القديم
معظم القصص ستحتاج لإعادة قرائتها أكثر من مرة حتى تفهمها تمام الفهم وما إن تفهمها حتى يسعد قلبك ويطرب لهذه الصياغة الذكية للأحداث وهذه الطريقة المبهرة التي تقفل بها الكاتبة قصصها واحدة بعد الآخرى
أميرة حكاءة ممتازة لديها قاموس مفردات ثري ومميز بمعنى الكلمة ولا يعيب قصصها هذه إلا كثير من الغموض والذي قد لا يجعل القارئ العادي أو حتى المثقف يفهم من القصص بما يكفي كي يعجب بها كما تستحق
ولكن إذا كانت هذه أولى أعمالها فكيف سيكون القادم؟ الإجابة ببساطة أن أميرة لو استمرت تكتب بهذا المستوى الرفيع فإنها ستكون من كبار الأديبات في العالم العربي
مجموعة مبهرة ومربكة في الآن ذاته. لماذا هي مبهرة؟ مبهرة لفرط عذوبة اللغة والتعبيرات الطازجة والعوالم الريفية والشعبية التي تختلط بها الأسطورة والواقع الاجتماعي القاسي في الآن ذاته. أبهرتني بعض المشاهد البصرية الساحرة. توقفت مثلا كثيرًا عند مشهد البرص وهو ينطلق فوق رسومات معينة على الحائط لتخلق الكاتبة من هذا المشهد رؤية سيريالية مذهلة. تناولت أميرة بدوي في مجموعتها دفعة متدفقة من الأسطاير والمعتقدات الشعبية ومزجتها - حسبما أظن - بواقع اجتماعي قاسي في أغلب الأحيانلتخرج لنا صور رمزية شديدة التعقيد، قابلة لقارءات عديدة ومختلفة. البومة - النعش- البرص... كانت هذه هي أبرز القصص بالنسبة لذائقتي الشخصية في المجموعة. من الواضح بالطبع قوة ثقافة الكاتبة الريفية ومدى لجهد الذي بذلته للاستفادة من التراث الشعبي بتوظيف جديد تمامًا يخدم أغراض الكاتبة. مشكلة المجموعة الوحيدة بالنسبة لي إن جرعة الغموض والصعوبة كانت زائدة مما يصعب عملية الفهم قليلا، لكن حجم المتعة وقوة اللغة وشاعرية المشاهد تخبرنا فعلا بميلاد قاصة عظيمة حقًا. أهم مافي المجموعة من وجهة نظري هو إن أميرةبدوي خلقت عالمًا خاصًا بها، من حيث المشاهد والتراكيب اللغوية والبصرية المبهرة. إن كان هذا كتابها الأول - حسب معلوماتي - فأعتقد إن مهمة كتابها الثاني ستكون صعبة للغاية، لأن تجاوز هذا المستوى لن يكون سهلا أبدًا. مبروك علينا فعلا هذه القاصة المبدعة.
لم تعجبني للأسف بالرغم من وجود ريفيوهات كثيرة. أعلم أنها تحمل رموز وتحمّل اللفظ أكثر من معنى ولكن! لم يعجبني دمجها للتعابير الدينية لتصف إثم من الآثام.
الحكايات مبهرة، تشبه قصص ألف ليلة وليلة. أحببت تفاصيل القرية المصرية الممتزجة بعالم الأساطير والخيال في القصص، والحديث بعمق عن البشر. لكن عندي مشكلة في تقبل نهايات القصص التي شعرت في الكثير منها أنها مبتورة.
العمل مربك للغاية ! في البداية وجدتني أقف كثيرًا أمام الأسطر والكلمات حتى أفهم معناها، ثم بجمعها وجدت أنني أحتاج وقتًا أكبر ومجهودًا أكثر لأفك طلاسيمها وأربط بينها لتتشكل لي أحداثها .. كل هذا ظنًّا مني أنني صاحبة العيب والعلة وأن القصص المذكورة قوية، بل أقوى مني شخصيًّا .. لكن شيئًا فشيئًا، تحول الاعجاب إلى إرهاق، وأصبحت المتعة متعبة .. فلم أستطع إنهاء القصص لأنني استخلصت كونها لا تناسب لا ذوقي ولا معرفتي، أنا التي لم أعش في مصر يومًا ولا أعلم أساطير قُراها ومفرداتها الخاصة، والتي أظنها العنصر الفاصل لضمان الاستمتاع بها - القصص - ..
المجموعة القصصية الاولي للمبدعة أميره بدوى ^_^ مفاجأة جميلة, و إن كانت متوقعة, فشخصية "اميرة" تنم عن عين من الاسرار الابداعية الكامنة بباطن الارض, تنتظر الوقت المناسب للتفجر و إرواء ظمأ القراء...وهاقد بدأت اولي القطرات, بمجموعة قصصية بديعة, تغوص في عالم الاساطير الريفية الشعبية , بتناول جديد يعيد اكتشافها خلال عقل و قلم أميرة بدوي... برغم ثقافتي المدنية ولكن لم اشعر بغموض بالغ خلال تلك الكتابة الريفية المتقنة, فلغة أميرة كانت قوية و سهلة بسهولة السهل الممتنع, حيث تفاجئنا بين السطور بلفظ ريفي اصيل, او كلمة فصحي شديدة البلاغة.. القصص تمتاز بسرد ممتع, و جو سحري مخيف احياناً, و حبكات مفاجئة بنهاية كل قصة, لتثبت لنا وجود موهبة اعلنت عن نفسها بقوة, و نحن بانتظار قادمها ^_^ بالتوفيق يا اميرة <3
كيف لمجموعة قصصية لا تتعدي الواحدة منها سبع صفحات ان تكون بهذا الكمال والجمال والاكتفاء ،اسلوب الكاتبة في دمج الواقع بالخيال ساحر بأسلوب مميز تتفرد به اميرة بدوي .قدرتها المدهشة في تصوير المشاهد والاحداث ووصف الاشخاص وكأني امام لوحة فنية مكتملة الاركان حتي اشعر انني داخل الرواية انتقل بين قصصها اري ابطالها اشعر بما يشعروا بة اشم هواء القرية امشي بين دروبها اصدق خرافاتها حتي يختلط علي الواقع بالخيال وكأني في عالم موازي ،كتبت بلغة متقنه و جذابة ،رمزية القصص تدل علي ذكاء الكاتبة ووعيها ، الغلاف جذاب ومعبر (عندما خرج الثعبان برأسه الكبير ،حوطنا بخوف ثم ركعنا،دار بين الصفوف ،شم روائحنا ،وكلما فارق صفا حمد المصلون ربهم وكبروا ،بينما تخفق قلوب الاخرين من سيختار الثعبان لا احد يعلم ) (صرنا ننجب الاطفال لأجل ذلك ا)👌👏
ست زوايا للصلاة و اثنتا عشرة قصة من الفلكلور الشعبي برؤية مختلفة. القصص كلها مستواها متقارب و متميز بإستثناء ٣ او ٤ قصص وصلوا لمستوي عبقري.. القصص كلها عبارة عن حالة و رسم حي اوي ل��مكان و روحه مش مجرد وصف للمكان و ريحته و تكويناته لا الموضوع وصل لحالة هتسيطر علي القارئ و توصله شكل الاهالي و طباعهم و قوانينهم بمنتهي السلاسة.. اميرة كاتبة مكان قوية اوي و كل الاماكن كأنها كانت ارواح متلبساها و اتحرروا منها فالقصص ديه ، الاماكن اغلبها الريف و اماكن شخصيا مقرتش لكاتب نكش فيها بالمنظر ده قبل كدة. القصص كلها كمان موزونة اوي مافيهاش رغي و مكتوبة بالشعرة، كل كلمة طالعة عارفة طريقها و هدفها تثير فيك ايه مش مكتوبة و خلاص و التقسيمة بتاعة بداية وسط نهاية معمولة بتلاحم جميل و سلس. الأجمل ان كل قصة شايلة جواها روح ابطالها و تفكيرهم الكاتبة مش طاغية عليهم لكن في الاخر ده منظورها للابطال و الاماكن ديه و ده توازن مش سهل اي كاتب يعمله المجموعة قوية و متماسكة و بداية قوية للكاتبة في مشوار النشر 👏 ملحوظة : نجمة منقوصة لقصتين كانوا اقل من وجهة نظري كقارئ
3.5 نجوم لمجموعة قصصية شديدة الغرابة والقوة.. استخدام اللغة جريء وعنيف وبديع. انبهرت بالثقافة الشعبية عموما والريفية تحديدا، كما انبهرت بقدرة الكاتبة على تطويع الأفكار كلها وصياغتها في قصص قصيرة. القصص الأولى حازت على جل إعجابي بسبب اللغة والأفكار، ثم تناقص هذا الإعجاب رويدا رويدا، شعرت أني أمام نسخا مكررة، أجواء غربية وتعبيرات قوية وتيمة ريفية، ولكني لم أجد الحكاية التي يتعلق بها قلبي. ربما هي مشكلتي مع القصص القصيرة، أمل منها بسرعة وأفضل الرواية عليها. وربما بسبب العمق الشديد والرمزية التي أتتني وأنا في حالة من الإنهاك أبحث عن قراءة تسليني لا قراءة ترهقني في البحث عن المعنى 😅 تحية لقلم الكاتبة القوي الغريب الفلاحي البديع وبانتظار الجديد من أعمالها.
هي مجموعة قصصية عامرة بالرموز، زاخمة بالحركة والحيوية، إيقاعها سريع، وتعبيراتها رشيقة، لكنها لا تنثني، تشبه حوافّ (زوايا) قائمة، تنفتح على المجهول! أولًا: العنوان إنها (زوايا ست).. حدود ستة، ونهايات ستّ، إذا تصوَّرناها شكلًا هندسيًّا فلا بد أنها تشبه خلية النحل، منتظمةً ومهيبة إلى الحد الذي جعل المفسرين يعدّون الشكل السداسي، دليلًا على (وحدانية الخالق)! إنها رحلة مبدئية يسعى فيها القارئ إلى حلحلة عنوان (ست زوايا للصلاة) معتقدًا - ربما - مثلما اعتقدتُ في البداية أن المجموعة تحكي عن ستة مساجد صغيرة، أو يُجهِد نفسه في ربط ست قصص بعينها بالمفهوم من دلالة الواجهة.. أو هي إجبار للقارئ على أن يتعب في رحلة القراءة مثلما تعِبَت أميرة بدوي في رصف الكلمات في موضعها..! تضع الكاتبة لكل قصة عنوانًا من كلمة واحدة، حيوانًا أو طائرًا او زاحفًا مستقى من حكاية شعبية، غير أنها تعود لتصبغ عليه من الواقع ما يجعل الرمز مزدوجًا يضرب في أعماق الموروث الشعبي من حيث استخدامه الأصلي، ويتموضع في حكاية جديدة عاكسًا هيئته التي استُدعي من أجل ملء فراغها. تستطيع الكاتبة بهذا أن تنقل حالة شعورية كاملة في لفظ واحد، وأن تُعزِي إلى جمهور المتلقين ملحمة كاملة في أقل عدد من الحروف..! ثانيًا: الألوان المجموعة لوحة منسجمة متماوجة، تندمج فيها التدرُّجات اللونيَّة التي لا تصرِّح بها الكاتبة مباشرة؛ إذ إنها تجعل من دماء العفّة والعادة والشرف ونزف الجسد وألوان الطوب المتكسر وسطوع الشفق وغروب الشمس أحمر فاقعًا يضادّ بهوت الجدران الطينية والأرض غير الممهدة وافتراش التراب، ويناغي زرقة السماء التي لا تكون صافية في آفاق القصة، واللون العدمي الذي يصبغه الماء والريح والأشباح التي تفترس الأبطال، ورسوم الجدران الزيتية، ومصير الكائنات التي نرى ظلالها القاتمة أحيانًا، ونحسّ بها تحفّ بنا، ولا نقبض عليها. ثالثًا: الرموز الرموز مربكة متناثرة.. في كل موضع رمز، وفي كل قصة عدد من (المخبوءات) التي لا تفضح نفسها إلا بإعادة القراءة، مستقاة من ملاحم أبي زيد الهلالي ودياب الخائن والزير سالم والأميرة ذات الهمة و(عاشق ومعشوق) خيري عبد الجواد، ومنمنمات الحضارة الإسلامية، لكن الكاتبة توظِّفها وتمنحها حمولات أخرى، تجعلها قابلة للتقاطع مع كل ما يعتري إنسان العصر الحديث، من أوجاع وتوترات وآلام مضنية، بحيث تمنح الكاتبة رموزها رئة إضافية تتسع لهواء المدينة والريف، وسجالات تحقيق الذات، والفرار بالحب أحيانًا. رابعًا: الحبكة القصص ليست فانتازية وإن اعترتها الفانتازيا، واقعية لكن ليس إلى درجة التجذر في الأرض أو الحكي الفارغ، وهي منطقية حين يكون المنطق حاكمًا، ومجافية للترتيب حيث تكون مصائر أبطالها على المحك.. الراوي يكون عليمًا حينًا، ويكون هو الضحية (البطل) أحيانًا، وأحيانًا لا يُعرف موضعه، يجترّ الكلمات، وينظر إلى الظلال، ويضطرب في محيطه المضطرِب أصلًا. تصل الحبكة إلى ذروتها حين تصبح الأنفاس متلاحقة، والجسد مسجّى، والموت بين قوسين أو أدنى من فَكَّي العِرسَة أو عيني البومة. خامسًا: الموسيقى ثمة ألحان زاهية - كما ينبغي - في تناغم المتناقضات، حيثُ التضامّ بين جموع الظالمين دائمًا، والمنفرد المظلوم. وفي رشاقة العبارات، واختيار اللفظة المحكمة، فليست اللغة تراثية مُجْهِدة، ولا ركيكة متاحة للجميع. إنها مجموعة قصصية غير انتقائية لم تُوجّه لصفوة ما، لكنها غير عابرة تتوجّه لكل عابر سبيل القراءة.. إنها محاولة للضرب بحجر في مياه الأدب التي تكاد تكون راكدة، ثمة أمواج تبعثها، أكثرها نفسية تتعلق بما يثيره اللحن الموسيقي الخفي في نفس كل قارئ. إنها ستّ زوايا للصلاة، تستحق أن يُتعبّد بالقراءة فيها!
قصص متقنة الصياغة، حبكات مدهشة وغامضة، غامضة لأن القاصة تريد ذلك مرة ولأنني لست مصرية فغاب عني الإيحاء الذي تهدف له، مع ذلك استمتعت بل واريد إعادة قراءة المجموعة على مهل وبتلذذ أكبر. مدهشة دون مبالغة. قلم رفيع، يستحق التنويه والقراءة والدعم. هنيئا يا أميرة💚
- مجموعة قصصية تمتزج فيها حكايات من الريف المصري والقصص والأساطير الشعبية..
- الرمزية في القصص كانت غامضة في معظم الأحيان لكن أسلوب الكاتبة حقيقي جميل جدا.. تمكن من اللغة وأسلوب سرد بديع يشبه الحواديت، وواضح مجهود البحث عن الأساطير الشعبية اللي معظمها كان جديد عليا وأول مرة اسمعه..
- معظم القصص عجبتني لكن لو هاختار من المجموعة يبقى "النَّعْش" و "الكفّ".. القصتان بيناقشوا فكرة الموت بمنظور مختلف اعتمادا على الأسطورة اللي بتحكيها كل قصة، حبيت شخصياتهم ونهايتهم جدا..
- نهايات القصص كانت نهايات مفتوحة لكن من رأيي موفقة جدا، القصة كانت بتنتهي في المكان اللي لازم تنتهي عنده بدون زيادة أو نقصان..
- في النهاية كانت تجربة موفقة وفاجئتني واتبسطت بيها..
عند القراءة الأولى للقصة سينتابك شعور غريب مزيج بين الدهشة والجمال ستظل تردد بداخلك أنك لم تفهم القصة جيداً بعد هناك غموض لم تستطع فك شفرته ومع ذلك أحببتها، تفكر هل من الممكن أن تعيد القراءة مرة ثانية وتحاول وتجد نفسك في المنتصف ولديك شعور جديد بأنك تفهم القصة لكنك لا تستطيع أن تشرحها لأحد ورغم ذلك تحبها، في رأيي الشخصي أنك لا تحتاج لأن تفهمها كما تفهم القصص المجردة العادية وذلك لإنها ليست مجردة وليست عادية أيضاً ولذلك أحببتها، أظن أن سبب اندهاشي الشديد إن هذا العمل البديع هو أول عمل للكاتبة ولا أدري إن كان العمل الأول بهذا الجمال والتميز فكيف ستكون أعمالها القادمة؟! السرد مذهل والكلام عن القرى لا ينتهى ولكنك هنا تنظر بعين تخلط الحقيقة بالخيال ولا تستطيع تفريقهما عن بعض ولعل ذلك ما جعل القصص تبدو فانتازية قليلاً واكسبها لمسة سحرية مميزة، شخصياتها حية وأنا أحب كثيراً القراءة في وجود الشخصيات الحية التي تتحرك حولي وأنا أقرء فذلك يجعل الكتاب أكثر إمتاعا، الخمس نجوم الوحيدة في أغسطس تذهب إلى أميرة بدوى ومجموعتها القصصية المذهلة وإن كان أحد هنا يعرفها شخصيا فليطلب منها أن لا تتوقف عن الكتابة أبدآ إن كانت ستنتج كل هذا الجمال في كل مرة جديدة..
ست زوايا للصلاة، مجموعة نصوص قصصية شرحت مجمل قضايا الريف والخرافات العالقة من إرث متراكم عبر عصور متوالية شكلت ذهنية الريف المصري، ويجد فيها القارئ مايشبه قاموسا معرفيا ولغويا مصغرا عن هذا العالم الطبيعي بمشتملاته، من حيوانات ومعدات ومسميات الأشياء، بسرد متقن ولغة طابقت مقتضى حال المعاني المطروقة على طول الكتاب، تمازجت الفصحى السلسة ببعض مفردات عامية وأمثال دارجة، ومتلازمات قولية متوارثة في مجتمع القرية المصرية، وهناك أيضا بعض التعبيرات البلاغية وجدتها مثل (عينيهيا الزرعية) ومكمن روعة هذه الصورة أنها منحوتة من الجو العام للنص والمجموعة ككل، أعتبرها الصورة البلاغية الأجمل التي علقت بذاكرتي. وبرأيي أن أهم معالم جودة هذه الن��وص؛ هو ملمح التغريب في هذا العالم المعروف لدينا جميعا، حيث قدمت أميرة مجتمع الريف المصري وهذه بالكاد تيمة ندر أن يتجاهلها كاتب، سيّما ونحن في المجمل دولة ريف، إلا أن يأخذ الكاتب هذه التيمة المستهلكة المعروفة ليقدمها بنسق مغاير، فتقرأ عن عادات جاهلية مازالت آثاراها باقية إلى الآن_لكن طريقة عرضها وإضافة البعد التحذيري المبطن المعتمد على الخيال المستساغ لدى أذهان شريحة عريضة من المجتمع؛ يجعلك تقرأ كأنها المرة الأولى. كذلك الترميز الموفق في العناويين، البومة(تلك المراة التي قتلت ظلما بسوء الظن وملاحقة روحها لقاتلها) والعرسة(ممارسة السحر وانشغال الناس به بكثرة) النعش(خرافة القربان من احل نجاة الجميع) إلى غير ذلك من الدلالات الكثيرة على أن النصوص تم الإعداد لها بشيء من الجدية ومراعاة ذكاء القارئ. ولا يخفى أن المرأة كانت قبلة هذة المجموعة، وتعدد مظاهر تهميشها وضعفها، وربط جل الخرافات بالمرأة، فكانت إضاءة مختلفة بلغة عذبة وعرض بسيط في ظاهره لكن عمقه ممتد بشيء من الفلسفة في جوانب متباينة من نصوص المجموعة.
This entire review has been hidden because of spoilers.
(صرنا ننجبُ الأطفال لأجل ذلك) حين تمتزجُ الأسطورةُ بالواقع، ويخرجُ لنا تكويناً على شكل قصة، علينا أن نفتح إدراكنا ووعينا جداً، وأن نمد بصيرتنا في مدى الفهم باحثين عن العلاقة أو الإسقاط أو التشبيه. كنتُ أريدُ أن أؤجل كتابتي عن مجموعة أميرة بدوي "ست زوايا للصلاة" إلى حين أن أفرغ منها، لكن في نهاية القصة الثالثة التي بعنوان "النعش" كانت تلك العبارة التي استهللتُ بها الكلام، التي تشبه الصعقة لما فيها من كهرباء المعنى! لما فيها من تداخل الموت مع الحياة، وانصهارهما في قالبٍ واحد لا ينفك، الأمل واليأس، القهرُ والبُشرى، الاستسلام الكلي المرير، والذي يقرأ القصة سيفهم ما أشيرُ إليه، فآثرت كتابة ماجاش بداخلي على أثرها ثم أكمل بقية القصص لأستطرد. السيدة أميرة قاصّةٌ محترفة، لعّيبة، أصابتها تعويذة القصة إلى أن تخمرت في ذاتها وأخرجت لنا مجموعتها التي نتحدث عنها. أنتَ في رحلةٍ شيقة مطرزة ومطعمة بالخرافةِ والرمزِ والدراويش، رحلة من اثنتي عشرة نافذة ترفعك إلى كل واحدة قوة خفيّة فتدخل، تعيش هناك ماتعيشه ثم تخرج طائراً لتدخل في الأخرى، وهكذا لتجد نفسك في النهاية مُجلّلاً بأكاليل الجمال النادر الفريد، و ترفع كفيك أمامك لتنظر وتفتش عن أي شيء قد تسلل إليهما.. أي شيء، أو لعلهما قد يصيران الزاوية السابعة!
هل رأيت امرأة تكتب السحر؟ أنا رأيت! لقد دخلت الكاتبة إلى عمق القرية، باطنها، حكايتها، أساطيرها، مخاوفها، قصصها ثم أعادت صياغتها بلغة مبهرة، ورمزية لا مثيل لها، رمزية لا تصبك بالنفور، أو الإحساس بعدم الفهم، بل تأخذك فتدخل هناك. على الرغم من كثرة التفاصيل ودقتها، لكنها لا تشعرك بالملل، لا شيء قيل هنا بلا فائدة، بل ان كل كلمة وضعت في مكانها الصحيح، الرائع الآخاذ. تخطفك اللغة، لبساطتها، وسلاستها لم يأتي السرد مصنوعًا ولا متكلفًا بل جاء سلسًا كجدول الماء. القصص متماسكة، مميزة، اثنتي عشر قصة، اثنتي عشر مقطوعة من السحر، حتى العناوين جاءت مميزة، وبسيطة. كنت أقول كلما فاجأتني بمعتقد أو تفصيلة متداولة في قريتي أكاد أصيح، من أين عرفت ذلك وكيف تعمقت لهذه الدرجة. أخيرًا تلك المجموعة برهانًا دامغًا، أن أقلام النساء يمكنها قص الكثير، ببساطة شديدة وبمنتهي السحر. ❤ منتظرة من الكاتبة الكثير.
في عالم قصصي يحوي أكثر من "ست زوايا للصلاة" سيكتشف القاريء عالمًا نجهل وجوده تمامًا، كما أنه لا يعبأ بما قد نتصوره عنه أو عن أفكاره وأحداث حياته. قد تجد لكل حدث من أحداث القصص أسبابه المنطقية ودوافعه؛ إلا أن المنغمسين بها يفسرون حركة حياتهم على نحو مغاير تربطه علاقات دائرية بين الكلمة واللون، بين الولادة والموت، بين آيات الله والخروخ عنها، بين كل متناقضات حياة يحوطها الفقر والجهل وتغلفها الحكايات والأساطير ويصلي كل منهم في محرابه منسجمًا مع الكون.
أنا بأعشق القُري ، وَكُل ما يُكتب عنها ، هنا في القصص دي الجو القروي موجود وبشدة ، موجود بأصالته وبتفرده ، الكاتبة قدرت تأخذ الجو ده وتدمج الواقع بالخيال بشكل سلس جداً وبسيط وجميل في نفس الوقت ، الكاتبة قدرت أنها تخلق حالة عجيبة الشكل عن طريق شوية مشاهد غاية في العبثية والجمال ، وبتوضح قد أيه هي مُتمكنه من أدواتها وكيفية توظيفها ، يمكن مفهمتش كُل الرمزية اللي أتكتبت لكن القصص كانت مُمتعة .
أعترف أني لم أكن مستعدة لهذه التجربة الرهيبة، إذ انتقلت إلى عالم مواز مخيف وجماله سوداوي سفلي، مفرداته تدرك ولا تشرح، تحس ولا تفسر. قرأت القصة الواحدة أكثر من مرة، ورأيتها كل مرة بشكل مختلف ومستوى آخر. قصصي المفضلة هي: الولي، أمنا الغولة، النعش، البومة، العرسة، الديك، الكف. موهبة أصيلة، طازجة أنتظر جديدها بشغف.