حسن حنفي مفكر مصري، يقيم في القاهرة، يعمل أستاذا جامعيا. مارس التدريس في عدد من الجامعات العربية ورأس قسم الفلسفة في جامعة القاهرة. له عدد من المؤلفات في فكر الحضارة العربية الإسلامية. حاز على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون. عمل مستشاراً علمياً في جامعة الأمم المتحدة بطوكيو خلال الفترة من (1985-1987). وهو كذلك نائب رئيس الجمعية الفلسفية العربية، والسكرتير العام للجمعية الفلسفية المصرية.
ذكريات 1935 – 2018 الدكتور حسن حنفي هنداوي 2019 192 صفحة نسخة رقمية أنتقل إلي رحمة الله الأستاذ الدكتور حسن حنفي في 21 أكتوبر 2021 ، وقد نعاه فضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في بيان صدر عن مكتب فضيلته ، كما أتهمه بالكفر الدكتور أحمد كريمة الأستاذ المعروف بجامعة الأزهروضيف وسائل الأعلام المختلفة ولكن هذا موضوع آخر .شغل الدكتور حسن حنفي منصب الأستاذية ورئاسة قسم الفلسفة بكلية الآداب – جامعة القاهرة ، كما أن له مشروعه الفكري المتميز الذي كرس له حياته وفكره ونشره في عدة مجلدات .وحسنا فعل الدكتور حسن حنفي بكتابته لذكرياته وإصدارها وهو علي قيد الحياة . فمما لا شك فيه أن المكتبة العربية تعاني نقصا شديدا في هذا الفرع ، وإن كان هناك أتجاه نامي للكتابة فيه .فهذه الذكريات والمذكرات والسير الذاتية تعد شهادات تاريخية علي ماعاشه أصحابها وما واجهوه في خلال حياتهم من أفكار وصراعات . والحقيقة أن ذكريات الدكتور حسن حنفي تمثل واحدة من أمتع الشهادات التي قرأتها حتي الآن ، فهي تمتاز بالصدق والصراحة الشديدة ، حيث أفرد المؤلف فصلا للنشأة في حواري باب الشعرية - وهذا ما نفتقده في كثير من تلك الشهادات – وتقدم لنا مثلا رائعا في الجد والأجتهاد والأعتماد علي النفس في بناء الشخصية والمكانة . وهي نموذج لصدق أحمد بك شوقي أمير الشعراء حين قال : العلم يرفع بيوتا لا عماد لها **** والجهل يخفض بيوت العز والكرم . وقد أهدي المؤلف هذه الذكريات الي وطنه (مصر )، وصدرها بأبيات من نظم شاعر الشباب أحمد رامي والتي تغنت بها أم كلثوم من تلحين رياض السنباطي : ذكريات عبرت أفق خيالي بارقا يلمع في جنح الليالي تحت عنوان ( الموضوع والمنهج والتقسيم والدلالة ) يتحدث الدكتور حسن حنفي عن معني كلمة الذكريات ولماذا أختار هذا العنوان ، ولماذا ذكريات وليس ذكرياتي ، والفرق بين الذكريات والسيرة الذاتية ، ويعرف الذكريات بأنها ما رسخ في الذاكرة ، ويمضي قائلا : تتداعي الذكريات بطريقتين ، الأولي زمنيا من الطفولة إلي الشيخوخة ، والطريقة الثانية هي التقسيم الموضوعي للذكريات ( الجامعة /السياسة/الأستبداد/ الدين/الفن/الوطن/الهزيمة والنصر/القومية العربية/الحب)وتحدث عن عيوب ومزايا كل طريقة ، وأشار إلي أنه فضل أن يقدم لنا ذكرياته بالطريقة الأولي حيث تتداعي الذكريات وحدها بدون توقف . ويوضح أنه كانت له محاولتين لكتابة سيرته الذاتية سابقا وقد نُشرتا في 1982 و1992 وهذه هي الثالثة . وقد تضمنت ذكريات حسن حنفي 11 فصل ، الأول تحت عنوان الطفولة حيث تحدث عن الكُتاب والمدارس الأولية والأبتدائية والثانوية (1935 إلي 1952 ) وأخترت من هذا الفصل هذه الفقرة : في هذه الأيام أعلن عن مسابقة التوجيهية في الشعب الثلاث ، ودخلت مسابقة الفلسفة وكان ترتيبي الأول علي القطر ، مما شجعني علي دخول قسم الفلسفة بكلية الآداب فيما بعد .وأقامت مدرستي (خليل أغا الثانوية ) حفلا لتكريمي ، دُعي فيه أستاذ الفلسفة الدكتور عثمان أمين ، وكانت أول مرة أراه بوجهه الضاحك الأشقر ، وكان هو الذي وضع سؤال المسابقة عن مقارنة الشك بين ديكارت والغزالي ، وأحضر مدرس الفلسفة جاتوه وحلوي للمناسبة ، وقمت بعزف قطعة من الموسيقي الشرقية أمام الجميع ، وسرت فيما بعد شائعة بأنني أخذت ماتبقي من الحلوي في علبة الكمان ! ولا أدري كيف تخل الحلوي داخل جراب الكمان وهي موجودة .!ووُضع أسمي في لوحة الشرف مع أوائل الطلاب والناجحين في مسابقة العلوم والرياضيات بمدخل المدرسة بجوار حجرة الناظر .وأخذت مكافأة عشرين جنيها وزَّعتها، خمساً لوالدي ،وخمساٍ لأخوتي ، وأشتريت كماناً بخمسة جنيهات وساعة بخمسة أخري . وكنت أإذخب إلي شعبة الأخوان بباب الشعرية مساءاً بين الحين والأخر ، ثم تعلمت كيف أذهب إلي المركز العام بالحلمية الجديدة ، والذي أصبح الآن قسم الدرب الأحمر، وهناك تعرفت علي سيد قطب وسألته أنني أريد أن أحول الأسلام إلي منهاج إسلامي ، فنصحني بقراءة أبا الأعلى المودودي ، وتعرفت هناك أيضا علي علال الفاسي الزعيم المغربي بقفطانه المغربي ، وكنت وأنا ذاهب إلي الشعبة بباب الشعرية أحمل كماني معي ، فقال لي أحد الأخوة : ألا تعلم يأخ حسن أن الموسيقي حرام ؟كيف حرام وهناك موسيقي القرآن؟وقد أستقبل الأنصار المهاجرين بالدفوف والغناء كما تعلمنا ونحن صغار . ولما قامت ثورة مصدق عام 1953 ضد الشاه وأمريكا لتأميم البترول ، وهرب الشاه ، أعترض الأخوان في شعبة باب الشعرية وهاجموا مصدق ووصفوه بأنه شيوعي وأيدوا آية الله كاشاني نصير الشاه، فغضبت وطلبت الكلمة بأن هذا أتجاه يميني وأن الإسلام مع التأميم وضد حكم الملوك ، وقلت أيضا أن الأفضل جعل شعار الأخوان كتابا وقلمين ، فالمصحف والسيف دعوة للقتال ، بينما الكتاب والقلمان دعوة للعلم . القسم الثاني يتحدث عن سنوات الدراسة الجامعية وأستغرقت أربع سنوات من 1952 الي 1956 ، وفي القسم الثالث الذي أستغرق عشر سنوات من 1956 إلي 1966 ويتحدث فيه عن تجربته في السفر علي نفقته الخاصة لأستكمال دراسته العليا بالسوربون والحصول علي الدكتوراه ، ومما يذكر أنه لم يكن يملك المال اللازم لمشوار الدراسات العليا ولكنه بكفاحه وأصراره ومثابرته تمكن من الأنتهاء من الدكتوراه ، بقي أن نذكر أن تكلفة سفره علي الباخرة من الأسكندرية عام 1956 كلفته 12 جنيه في سطح المركب !!!! وفي القسم الرابع يتحدث عن قصة تعيينه في كلية الآداب مدرسا وتدرجه في الكادر الجامعي ، ثم في القسم الخامس يحدثنا عن تجربة سفره أستاذا زائرا بالولايات المتحدة الأميركية لأربع سنوات من 1971 إلي 1975 .ويتحدث عن إعادة نشاط الجمعية الفلسفية المصرية ومقاومة الإنقلاب علي الناصرية خلال سنوات 1976 إلي 1982 في القسم السادس والذي تم خلاله فصله مع مجموعة من أساتذة جامعة القاهرة بقرار من الرئيس السادات ونقله للعمل بوزارة الشئون الأجتماعية ، وفي القسم السابع يحدثنا عن تجربته في العمل أستاذا زائرا بجامعات اليابان للفلسفة في أعوام 1982 إلي 1987 وسفره للمغرب وعمله بجامعة فاس ، حيث يحمل للمغرب وأهله قدرا كبيرا من الأعزاز والمحبة ويصف الطلاب المغاربة بأنهم أفضل الطلاب العرب ، ولا يفتأ يتحدث عن جمال المغرب ويقول من يعشق الحياة يجب أن يعيش في المغرب .وحدثت له واقعة خلال وجوده هناك يتحدث عنها فيقول : دعاني حزب الأستقلال لألقي محاضرة في فندق بفاس عن ( نظام الحكم في الإسلام )، فقلت ما يعرفه الجميع صغيرا وكبيرا ، مؤمنا وملحدا ، أنه ليس نظاما آلهيا أو ملكيا أو وراثيا ، وأستشهدت بآية " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ".وأن نظام الحكم في الأسلام شوري ، وأن مقاومة الحاكم الظالم جزء من واجب العلماء بناء علي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فغادر بعض الأساتذة من الصفوف الأولي ، ولم أفهم السبب وقتها ، وأضفت أنه لا يجوز تقبيل يد الحاكم أو قدمه أو حافر حصانه لأن قدره لم يصل إلي تقبيل القدم . وجاءت الشرطة إلي المنزل وأصطحبتني إلي قسم الشرطة لأستجوابي ، وسألوني : إذا كنت أقصد فعلا ملكا معينا ؟ألا أقبل يد الوالد والوالدة ؟ فأجبت بالنفي ،وما كان أسهل من الرد بأن سياق الآية هو النظام الفارسي أو الروماني .وظللت تحت الأستجواب ورفضوا أن أتصل بالأسرة لأطمئنهم عليّ خاصة وأن حادث بن بركة كان قريبا في الأذهان .وأخيرا جاء القرار بأن أترك البلاد في خلال 24 ساعة ، وأفرج عني وذهبت للمنزل والأسرة تبكي . وهنا ذهب محمد عزيز لحبابي إلي بن سودة مسئول الجامعات بالقصر وأخبرهم أنها ستكون فضيحة لو طرد هذا الأستاذ ، فطلبوا مني الأعتذار ، وعن أي شيء أعتذر ، عن آية قرانية لست مؤلفها ؟ وأخيرا رضي الملك أن يؤخر المغادرة حتي 30 يونيو نهاية العام الدراسي .وما زلت أري أنا والأسرة أن هاتين السنتين اللتين قضيناهما بالمغرب من أجمل عُمر قضيناه في حياتنا . وتحدث في أعوام 1987 الي 1995 عن رئاسته للقسم ومحاولاته للأصلاح في القسم الثامن ، وفي هذا القسم الذي أتمني من أولي الأمر أن يطالعوه ، حيث وضع الدكتور حسن سبعة نماذج التقاهم وتعامل معهم وإن كانت نفسه قد عفت عن ذكر أسماؤهم وأكتفي بذكر صفاتهم الغير حسنة وعن اثرهم في مناخ الجامعات والبحث العلمي لذا آثر تكملة لشهادته ألا يكتمها وينشرها بدون أسماء لأن غرضه ليس التشهير ،وفي القسم التاسع في أعوام 1996 الي 2011 يحدثنا عن مشروعه " التراث والتجديد" وأحزان خريف العمر ،ويفرد للثورة المصرية في يناير 2011 قسما خاصا بعنوان الثورة المصرية والربيع العربي ، ويختم كتابه بعنوان كل نفس ذائقة الموت حيث كان تاريخ ذلك القسم 2018 وهو نهاية الذكريات .رحم الله الدكتور حسن حنفي وجزاه خيرا عن أجتهاده .
لم تكن الإثارة في الكتاب ذاته بل في التجربة القرائية للغريبة التي خضتها في قراءتي لهذا الكتاب فأنا حينما شرعت في قرائته لم أكن أعرف أي معلومة عن حسن حنفي أو بالأحرى شرعت في قراءة الكتاب دونما انتباه لاسم الكاتب أصلا، مدفوعا برغبتي في قراءة كتب الذكريات والتجارب وكان أول كتاب من هذا النوع خرج في وجهي هو ذكريات حسن حنفي
بالطبع حياة ثرية عاشها دكتور حسن حنفي ,لكن من الواضح أن كبر السن كان يحتاج أن يطزم هناك محرر للكتاب منعا للاستطراد والتكرار وحتى يكون هناك تركيز على المواضع المهمة في سيرة الحياة المليئة بالمواضيع الهامة