تعاين رواية (بابنوس) احدث كتابات الاديبة سميحة خريس والصادرة حديثا عن دار ضفاف للطباعة والنشر ببيروت ، وقائع واحداثا متنوعة في منطقة اقليم دارفور بالسودان.
انجزت خريس الرواية ضمن مشروع التفرغ الإبداعي في وزارة الثقافة وجرت عنونة الرواية تحت مسمى بابنوس وهو مستعار من اللهجة المحلية لأهالي دارفور في السودان، حيث يطلقون على شجرة الأبنوس الشهيرة اسم بابنوس.
تتمحور الرواية حول حياة كاملة في مكان يسمى ( الخربقة) وهو... مكان افتراضي يشبه مئات الأمكنة التي ذهبت الكاتبة للتمحيص في حياتها الإجتماعية والسياسية والتي تقع في دارفور، لتتطلب الغوص في هذا المجتمع الذي بالكاد يعرف عنه العالم العربي شيئاً .
ساعد الكاتبة على القيام بهذه المغامرة ارتباطها بالسودان عبر سنوات عمرها دراسة ومعايشة والكثير من الأبحاث والدراسات.
تحمل الرواية عرضاً مفصلاً عن الحياة الاجتماعية والنواحي الفكرية كما تتعامل بحساسية مع أوجاع الإنسان المنسي في تلك البقعة، لتنتهي نهاية تبدو غرائبية لفرط ما تحمل من فجيعة متاجرة الإنسان بأخيه الإنسان، ولتلقي ضوءا على الشرخ بين العالم الأوروبي وأفريقيا، خاصة في مجال بيع الرقيق والاتجار بالانسان، ولكن في النهاية تستقي الروائية المعلومات الأساسية من واقع مرّ لا من فنتازيا خيالية، لتضع القارئ في مواجهة صدمة الحقيقة التي لا يرقى إلى صدمتها خيال افتراضي.
(بابنوس) تحوّل في كتابات سميحة خريس , إذ تخرج من النطاق المحلي والعربي لتعالج مسألة انسانية في غاية الخطورة وتلقي الضوء على ما نحن غافلون عنه، وكما فصلت في جعرافيا وتاريخ الأردن، ثم وسعت التجربة في روايتها الأخيرة (يحيى) لتطال مصر والشام، فإنها في روايتها الجديدة تلج أفريقيا وتخرج منها إلى باريس حيث تستكمل أحداث الرواية.
تقول خريس عن التجربة: إنها خلاصة قلق رافقني مؤخراً يتعلق بالحرية بداية وبأقسى أنواع غيابها ألا وهو الرق ، حيث ستكون هذه الرواية في جزئين الأول (بابنوس) أحداثها تقع في زمن معاصر ارتأيت البدء به نظراً لإلحاح موضوع دارفور السياسي والانساني حالياً ، بينما سيكون الجزء الثاني الذي تعكف على كتابته عبارة عن عودة تاريخية لأصول الرق في أفريقيا، ستكون دارفور مرة أخرى مسرحاً لها بما يشبه العودة إلى أجداد أبطال بابنوس الذين ذاقوا مرّ التجربة، وستنتقل إلى موقعين أساسين هما الجزائر والبرتغال.
يذكر أن الكاتبة قدمت عدداً من الروايات ناهز أربع عشرة رواية ومجموعتين قصصيتين، ومن بين رواياتها التي نالت الاهتمام – شجرة الفهود – الحاصلة على جائزة الدولة التشجيعية، و- دفاتر الطوفان- الحائزة على جائزة أبو القاسم الشابي، ومؤخراً- يحيى- كما حصلت الكاتبة على جائزة الابداع العربي عن مجمل منجزها الابداعي.
درست المرحلة الابتدائية في قطر، ثم انتقلت إلى السودان وهناك أتمّت دراستها الثانوية. تخرجت في جامعة القاهرة ومنها حصلت على درجة الليسانس في الآداب 1978. عملت في مجال الصحافة والإعلام منذ العام 1978 حتى العام 2012. إذ عملت في صحيفة "الاتحاد" الظبيانيّة، ثم انتقلت إلى صحيفة "الدستور" الأردنية، ثم استقر بها المقام في صحيفة "الرأي"، فعملت في القسم الثقافي، ثم مديرة للدائرة الثقافية، ثم رئيسة تحرير مجلة "حاتم" الموجهة للأطفال. نالت: جائزة الدّولة التشجيعيّة في الآداب عن روايتها "شجرة الفهود/ تقاسيم الحياة" في العام 1997؛ الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للدراما عن السيناريو المعد عن رواية "شجرة الفهود"، 2002؛ جائزة أبو القاسم الشابي من تونس عن رواية "دفاتر الطوفان"، 2005؛ جائزة منتدى الفكر العربي عن الإبداع الأدبي لمجمل الإنتاج، 2008؛ الجائزة الفضية لمهرجان القاهرة للدراما للمسلسل الإذاعي "الليل والبيداء" المعد عن رواية "القرمية"، 2009. اختيرت قصة قصيرة لها بعنوان "سميرة" في منهج المدارس السويسرية الثانوية. عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، ورابطة كتاب وأدباء الإمارات، ونقابة الصحفيين الأردنيين. كتبت سيناريو النص والسيناريو الإذاعي، والقصص، والرواية، كما ترجمت مختارات قصصية أردنية إلى الإنجليزية. حُوِّلت رواياتها "شجرة الفهود" و"خشخاش" و"دفاتر الطوفان" و"القرمية" إلى أعمال درامية قُدِّمت من خلال الإذاعة الأردنية، بعد أن كتبت هي السيناريو لهذه الأعمال. كتبت السيناريو المسرحي لروايتها "خشخاش". كتبت السيناريو التلفزيوني لكل من روايتيها "دفاتر الطوفان" و"شجرة الفهود". شغلت عضوية مجلس إدارة وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ومجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، واللجنة العليا لإربد مدينة الثقافة الأردنية 2007، واللجنة الاستشارية لمجلة "عمان"، وهيئة تحرير لمجلة "أفكار" الصادرة عن وزارة الثقافة، وهيئة تحرير مجلة "الشباب" الصادرة عن المجلس الأعلى للرياضة والشباب، واللجنة العليا لمشروع مكتبة الأسرة (وزارة الثقافة)، ونادي القلم العالمي.
رواية جميلة مكتوبة بأسلوب طريف عن ملامح وتفاصيل الحياة في عمّان فترة الثلاثينيات كل الأشياء والجمادات لها حديث خاص بها تحكي فيه حكاياتها المرتبطة بحياة الناس وعلاقاتهم حكاية مدينة بكل أهلها ومعالمها وأحلامها
تسربت هذه الرواية الي قلبي مثلما تسربت عمّان ، قبل سنين خلت حين بدأت اسير خُطاي وحدي نحوها . انذاك كانت "مئذنة "المسجد الحسيني منارتي للاهتداء الى الطريق كي لا تبتلعني الشوارع الكثيرة المتفرعة في وسط البلد . الحب يأتي هكذا : فجأه ثم رويدا رويدا تجد نفسك علِقت بلا حيلة ، وخطاك تقودك الى الالتحام بذلك الطوفان البشري الممتد وانت الذي تكره الزِحام وتفضل العزلة ، وجدـ لنفسك عزلة خفية وسط الحضور . عمّان التي لا يرخي ليلها سدوله على نهر ولا يستيقظ نهارها على طيور نورس ، تعرف جيدا كيف تبقيك أسير ذكرياتك فيها .
اخر مره مشيت في شوارعها ألفيت نفسي امام وجوه غريبه ، مُتعبه وقلقه ، يظهر الخوف فيها جليّا والخوف يُرى ولو عبر الف حجاب ، انذاك اخترت ان اقرأ هذه الرواية ، لأرى ماضيّا لم أعشه ، لأستعين به ، ليبقى الجمال مهيمنا على بقعة من الارض بقدر ما تؤذيك بقدر ما تحبها وتخاف غضبها وترجوه احيانا . "هذه عمان الهادئة الناعمة التي لا تُهمِل ولا تنسى " .
قلت ان الرواية تسربت الي قلبي ، ففي البداية لم ترق لي الحكايات المجتزئة ، ثم لم ألبث ان ادركت ان الحكايات دائما هكذا ، اطياف مختلفة من البشر يتداخلون مع بعضهم وتنتج لنا قصه او احيانا مدينة ! هذه الرواية جاءت في وقتها المناسب، فقد اشتقت الى لهجة لم اعد اسمعها ، والى ملامح لم تعد لأصحابها ، والى ذكريات لم أعشها لكنني اصبحت اليوم اعرفها .
كيف تتداخل الأشياء، الجمادات، الصناعات وحتّى التفاصيل العابرة التي تمضي في أمسياتنا..والتي هي أساسًا من صنيعنا وتمثلنا بشكل أو بآخر، مع المدينة..ومع حياتنا اليومية وقصصنا..كيف تمضي بيومك وهناك مئات الأشياء من حولك تشكّل القصة كاملةً بكل تفاصيلها، ماذا لو استنطقت هذه الأشياء في مدينة عمّان في الثلاثينيات..كيف لها أن تكون البطلة المطلقة دون أن يشاركها أيّ منا، ونرانا نحن من خلالها من بعيد. رواية ذكيّة.
الرواية مكتوبة بلغة جيدة، وليس فيها بطل، إنما مجموعة أبطال من الناس والجمادات، ومحور الحكاية مدينة عمان في الأربعينات، مع كثير من التفاصيل التاريخية لتلك الحقبة، القصص الواردة جميلة ولطيفة وبريئة كذلك، التنوع الاجتماعي في عمان والأردن ربما، مكتوب هنا بتفاصيل جيدة تعطيك انطباع واطلاع على المجتمع، لم أكن أعرف قبل الرواية سوى القليل جداً عن الأردن وعمان، لكن بعد قرائتها سررت بالمعرفة التي أُضيفت إليّ، بالإضافة لأني أحببت عمان والأردن، من خلال القراءة هنا، ثم التجربة الشخصية ... اكتشاف المرحلة ربما حداثة عمان كعاصمة ومدينة، تذكرني ببعض مدن السعودية، الدمام والخبر التي تأسست في الخمسينات، وخليط المجتمع المتكون مع الفارق طبعا، ولا أعرف مع كم السيل المنهمر للروايات السعودية، من اهتم بتوثيق التاريخ والتنوع الاجتماعي للمدن السعودية في فترات مختلفة مع ثراء التاريخ والتنوع فيها؟ ربما عبده خال -لم أقرأ له-، ومحمود تراوري في رواياته عن مكة، ورواية سعد الدوسري اليتيمة .. نجيب محفوظ يكتب عن القاهرة بعشق وهيام في أعماله، لكنها خلفية الأحداث، وساحة الأبطال، وتاريخها المؤثر على أبطاله، دون أن يستحضره ويوغل في تفاصيله، إنما يكتفي بإشارة له، ثم يسترسل في الحديث عن تأثيره الداخلي على أبطاله، ومسارات حياتهم، وسميحة قامت بالعكس، وضعت عمان في الواجهة، وشخصيات الرواية يتحركون فوقها، ثم تغيبهم أو تشوش وجودهم، لتحكي عن عمّان المدينة، الحجر، الأثر، المعالم، التضاريس، الجغرافيا، الطقس، جمادات عمان، ثم تستحضر الشخصيات ضمن صورة بانورامية للمدينة، بحيث يتحرك الأبطال داخلها، دون أن نقترب منهم ..
من اجمل ما قرأت ♡اولا السرد عبقري فذ..اللغة قوية معبرة بعيدة عن الركاكة ..استخدام اللهجة ذكي وغير مبالغ فيه ..الفكرة رائعة وما اجمل من يتغزل بعمان في صباها ... نعم سأقرأ لسميحة خريس مرة اخرى وهذه رواية انصح بها
يسرد الإنسان عادةً حكاية الأشياء وعلاقته بها، ماذا لو حدث العكس؟ كيف ستحكي الأشياء حكاية الناس وعمان البراءة والبداية؟ عمان الملجأ والسيل وكيف تحولت إلى مدينة جسور ومباني صماء ونفضت عنها ثوب البساطة؟ طوال الصفحات حكت سميحة خريس بسردها النسائي الرقيق المحبب وتفاصيله اللطيفة على لسان الأشياء حكاية عمان وأهلها العمانيون والشركس والنوابلسة والسلطية والمعانية وجبل عمان وجبل القلعة والسيل المسروق. حكاية تبدأ من الآباء والأمهات لتمدد للأبناء ووجاتهم وأبنائهم. احزنتني تلك الصورة التي كانتها عمان، وكدت اصرخ: أين عماني ومن سرقها؟ لقد فقدناها لتصبح مدينة ومع حبنا لها، ما زالت تتغير وتفقد جزء من روحها يوماً تلو الآخر. رواية رائعة وفكرة عبقرية وسرد نسائي هادئ إلا الوصف التاريخي في بعض الأحيان جعلتني أشعر بقليل من الملل وكنت افضّل لو دمجته سميحة كغيره من تاريخ المدينة ضمن أحداث الشخصيات المنتقاة بعناية وبراعة ليس لها مثيل.
شعرت بخجل وأنا أكتشف كتابة سميح خريس للمرة الأولى خلال هذه الرواية، وهو خجل مقرون بأن هناك الكثير جداً بعد مما لم أقرأه عن عمان، وكيف يعاد إنتاجها بشكل مستمر بالوسائط المختلفة.
تضفي سميحة حيوية ومشهدية وحساسية مدهشة على عمان الثلاثينيات، من خلال كسر النسق التقليدي للرواية التي تركز على مسارات الحياة للشخصيات الروائية، لتقلب المنظور من وجهة نظر الأشياء والأماكن التي تمثلها، فللمطر وشجرة الزيتون والحبل والملابس إرادات متساوية مع إرادة الشخوص الكثيرة في الرواية، لتتصد واجهة المشهد الروائي، في حين تتحرك أيقونات التاريخ الجامد في تلك الفترة لخلفية المشهد (أبو حنيك، رفعت صليبي، عرار، الإمارة، الانتداب..)
في الرواية جرأة بتنويع الأساليب وتمكن اللغة وحساسية عالية للتفاصيل، ومنطق مكاني يجعل المدينة هي العنصر الرئيس وينطلق من بقاعها المختلفة.
هي الرواية التي أنصفت وترجمت عمّان بمعناها الحقيقي،ببساطة عمّان هي الملاذ الآمن على مر التاريخ ،حضور عمّان كان طاغيا فمهما اختلف الرواة في هذه الرواية فلسان عمّان من كان يتحدث وقد يكون سطوع شمس عمّان هو من غيّب أبطال الرواية فعمّان أكبر من الجميع وعمّان تسع الجميع، برأيي هي من أروع الأعمال الأدبية الأردنية والعربية
من الجميل دائماً قراءة روايات أُردنية بلهجة أبناء البلد هي بالفعل جميلة تفاصيل المكان والأشخاص جعلتني أريد أن أعرف ماذا سيحدث للأشخاص لا يوجد أبطال في هذه الرواية والاسلوب الأجمل والذي جذبني منذ البداية هو الرواة أنفسهم حديث الحرير ** حديث الحلقوم ** حديث الحبر *** وهكذا
النصف الأول من الرواية كان مخيبا لآمالي ولم يعجبني .. وتندمت على استعارتي للكتاب.. ولكن شفع له النصف الآخر بالتنوع في الموضوعات والمعلومات عن عمان القديمة في زمن الملك المؤسس.. كما أن الأسلوب جديد علي، وهو جميل إلى حد ما..