وهي أحدي الروايات الفائزة بمسابقة منشورات إبييدي للرواية العربية.الرواية هي سيرة متخيلة لـ حفيد شيخ العرب همّام. على خطين سرديين مختلفين، الأول هو مدونات كتبها (عبد الرحمن الجبرتي) صاحب عجائب الآثار، الذي يروي علاقته بهمّام الحفيد في ظل الحملة الفرنسية على مصر، والخط الثاني يتتبع همّام أينما ذهب. وتعود بنا الرواية لعصر وأحداث صاخبة في حقبة تاريخية هامة وذات دلالات. https://bit.ly/2kW4snZ
رواية تاريخية بتدور أحداثها في الفترة إبان الحملة الفرنسية على مصر.
حجم الرواية يتجاوز مائتي صفحة ببضع صفحات، وتروى أحداثها من خلال خطين سردين، الخط الأول هو حوليات عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ المشهور، وهي مكتوبة بالراوي الأول، بينما الخط السردي التاني هي حكاية همام بن عبد الكريم، حفيد شيخ العرب همام بن يوسف الهواري، وهي سيرة متخيلة تقتفي أثر الحفيد وباقي أبناء شيخ العرب بعد كسرته أمام المماليك وزعيمهم علي بك الكبير، وهي الكسرة اللي أنهت دولة هوارة وحكمها للصعيد. طوال صفحات الرواية نتحرك بين كتابات الجبرتي عن نفسه وحياته وابنه ومشروعه الأهم في كتابة تاريخ مصر للأجيال القادمة، وبين أمل الجبرتي في همام الحفيد أنه يستعيد مجد جده ويكون بداية لأن تُحكم مصر من قبل مصري يشعر بألم أبنائها المظلومين تحت وطأة المماليك والعثمانيين ثم الفرنسيس. وكذلك على الخط التاني نتعرف على حياة همام الحفيد وإرثه الثقيل من الخذلان والأمال المهكلة المعقودة عليه ممن تبقى من مريدي همام الكبير.
هي أحد الروايات الغنية بالمجهود، والشغل البحثي في تاريخ هذه المرحلة، الرواية بتاخدك فعلا لحقبتها، وبتشعر كأنك معاين لجغرافية القاهرة من خلال حوليات الجبرتي، و جغرافيا الصعيد في هذا الوقت من خلال سيرة همام الحفيد، وشوية بشوية بننغمس جوا الأجواء السياسية لهذا الزمن وصراعاته المميتة. الشغل على لغة النص في وجهة نظري هو أكبر انجازات الرواية، أنا مقرأتش كتير من عجائب الأثار، ولكن النص أقنعني بأن الجبرتي هو من يحكي ويتكلم.
على الرغم من إن الرواية بتدور في حقبة مليئة بالمعارك والانقلابات والمجازر، إلا أنها مخدتش الشكل الملحمي، بل ركزت على الهم الاجتماعي وقتها. من خلال كلام الجبرتي عن العوام بنتعرف على شعور الناس وقتها، طريقة تفكيرهم، أولوياتهم، وحالة الخوف من بطش المتصارعين على السلطة في مصر، والترقب لمن سينتصر، والاحساس بالاغتراب في وطن خيره رايح للأغراب سواء كانوا مماليك شركس، ولا العثمانلية، ولا الفرنساويين. المقارنة بين طرق كل هذه الأطراف في استغلال الناس وترهيبهم وترغيبهم. على صعيد آخر، الرواية محملة بهموم العصر كذلك من الحيرة أمام اختيار الهجرة أم البقاء مثلا.
شخصية همام بن عبد الكريم كذلك محملة بفكرة عصرية شوية، هي ثقل الإرث بانتصاراته ولحظاته الكبرى، وبخيباته وخساراته الموجعة، و تحت هذا الإرث الثقيل بتتعذب الذات بين رغبتها في البحث عن نفسها ومطاردتها لأحلامها وبين التقيد بما يمليه عليها من يشاركوها أوجاع هذا الإرث من آمال عريضة، ومتطلبات صعبة. بعبارة أخرى شفت شخصية همام الحفيد بشكل رمزي فيه اسقاط على وجع الجيل الحالي بين الأحلام و الأوهام.
استغل النص فكرة الخطين السردين بشكل جيد، خط الجبرتي كان مركز على سرد أحداث القاهرة اليومية، وأحداث الساعة وقتها، والأخبار المتواترة من الصعيد، بينما خط همام كان أكثر وصفًا وأعلى ايقاعًا نسبيا، وغني بالمشاهد المهمة سواء من حياة همام الكبير أو الحفيد.
رواية هادئة الإيقاع بشكل كبير، لا تنتمي للرواية التشويقية أو الملحمية، ولكنها وجبة سردية تاريخية لطيفة جدا وتستحق القراءة.
تغريبة بني همام حكاية اجتماعية لها خلفية تاريخية، تدور أحداث الرواية في الفترة الزمنية أثناء حكم المماليك لمصر والحملة الفرنسية. تبدأ الرواية مقسمة بين مدونات وظلال وتسير على خطين سرديين المدونة ما يدونه "الشيخ الجبرتي" والظل ظل "همام" الحفيد "أن يغرس الإنسان ظلا له في الأرض قبل رحيله" أعتبر نفسي من أكثر القراء حظا ما أن توقفت على مشهد معين في الرواية أستطيع أن أناقش الكاتب فيه كما أنها أول رواية لأحمد في بيتنا "بيت الزوجية" عشت كواليسها، أتذكر كان أحمد مريضا وأخد يكرر بيتا للمتنبي عليل الجسم ممتنع القيام.. شديد السكر من غير المدام فإن أمرض فما مرض اصطباري.. وإن أحمم فما حم اعتزامي وفوجئت بعدها أنه وصف حالته على لسان الجبرتي إذ أن الجبرتي كان يكرر نفس البيت للمتنبي وهو على فراش المرض... وكنت أحيانا أسترق النظر إلى اللاب توب لاقرأ النص وهو يُكتب قبل أن يكتمل ولأن أحمد غيور على الكتابة وعلى نصوصه فكنت أجد متعة أكثر في القراءة لأنه غير مسموح لي بالإطلاع إلا بعد إكتمال العمل. "ناي الليل نواح لا يريد أن ينقطع" أشعر بصوت الناي طول قراءتي للرواية فعلا فهناك لحن في الكلمات أو مايسمى "بشعرية السرد " وهو ما يتميز به الكاتب في أغلب كتاباته. الرواية جاءت خفيفة بسيطة في لغتها وسردها. أخذتني الرواية لعالمها. كنت أتخيل الأماكن في ذلك الوقت وهي خالية من الزحام الذي نعيشه الآن أخذتني لحُلم جميل، حلم همام في إعادة مجد جده، إعادة دولة شيخ العرب همام بن أحمد بن يوسف، إعادة أحلام المصريين في أن يحكمهم مصري مثلهم وليس مملوك من المماليك، ومازالت أحلام المصريين كثيرة، وفي النهاية الأمل لا ينقطع ربما يأتي هماما آخر يخلص مصر من مماليك عصرنا هذا.
تأخرت كثيرًا في قراءة هذه الرواية، الصادرة مطلع هذا العام، ولكنه جاءت لي تتهادى في آخره، ربما لأني أعرف أحمد جاد الكريم، وأعرف أن كتابته ستعجبني حتى قبل أن أقرأ، والحقيقة أن أحمد جاد تجاوز توقعاتي في هذه الرواية برحلته الجميلة وبحقه التاريخي المطوّل وإمساكة بتفاصيل مميزة في المرحلة التاريخية التي يحكيها، وتبني عدد من الشخصيات المهمة والتاريخية. يعود أحمد جاد إلى جزء منسي من تاريخ مصر والمصريين في الصعيد، إلى سيرة "شيخ العرب همام" فيحكي أطرافًا من حكايته من خلال حفيده همام، ويحضر في الرواية أيضًا المرخ الكبير عبد الرحمن الجبرتي صاحب "تراجم الآثار" وحكايته التي يرويها عن أحوال القاهرة أثناء الحملة الفرنسية، والصراع بين المماليك والفرنسيين، وكيف سعى وجاهد همام حفيد شيخ العرب لكي يزيد وعي الناس ويجعلهم يدركون أن المماليك والفرنسيين سواء، يريدون أن يستولوا على مصر ويستعبدوا المصريين. استطاع أحمد جاد أن يتمثل تاريخ المرحلة التي يحكي عنها، وشخصياتها، ويعبّر عن المصريين في تلك المرحلة التاريخية من خلال خطين سرديين متوازيين، الأول يحكي فيها الجبرتي مدوناته، فيحكي فيه كيف كتب كتابه الكبير، ويحكي أحوال الناس في تلك الفترة، وفي خط سردي آخر هو الظلال يحكي فيه حفيد شيخ العرب ما يدور بين قرى الصعيد حيث كانت مملكة شيخ العرب الغابرة وصراعهم مع المماليك. رواية تاريخية منسوجة بعناية واقتدار، وهي الرواية الثالثة لأحمد جاد بعد روايتيه ليالي السيد وأحزان نوح . ) أعود للمنزل أتذكّر أيام كنّا نذهب إلى ميدان بركة الأزبكية نركب أنا وهو زورقًا وقت فيضان النيل، حيث توقد المصابيح في البيوت، تنعكس أنوارها على الماء، وفي المساء يحلو للناس التجول بالقوارب والزوارق، كان منظرًا خلابًا جميلاً بصحبة صديقي الشيخ العطار، تذكارنا مرة تلك الأيام، وخزنا اشتياقنا إلى زمن الراحة قبل أخذ النفس بالشدة، هو في طريقه نهمًا للعلم، وأنا استهواني التاريخ ومدوناته، أفتقده كلما طالت مدة البعد، لكن أجمل لقاءٍ ما يكون بلا ترتيب ولا إعداد) أذكر أني تعجبت من موضوع مسلسل "شيخ العرب همام" الذي كتبه عبد الرحيم كمال منذ عشر سنوات، وربما لم أتحمس لمشاهدته، ولكن كانت المفاجأة اعتماده على شخصية حقيقية، لم يتم لفت الأنظار إلأيها وتم تجهيلها عمدًا تقريبًا، كما تفعل مؤسسات الدولة عادة ما كل ماهو صعيدي! لكن كتب التاريخ لا تنسى، والجميل الذي فعله أحمد جاد وأتقنه في هذه الرواية أن ضفّر المرويات التاريخية بحكاية إنسانية شديدة الجمال والشفافية مع همام الجد، وما دار بينه وبين أصحابه ومريديه. طبعًا يبقى أن لدينا تقصير كبير في علاقتنا بتاريخنا، ولعل هذه الرواية تشير وتلفت النظر إلى أمرٍ هام وهو أهمية قراءة تاريخ الجبرتي والتعرف على أحوال مصر والمصريين من خلاله، وطبعًا ليست المرة الأولى التي يتم فيها الرجوع للجبرتي وتاريخه، فقد سبقه إلى ذلك الغيطاني، ولكن في عصر مختلف، أما ما فعله أحمد جاد فكان أن أدخلنا فترة كتابة التجبرتي للتاريخ نفسها، وذلك بالتوازي مع تاريخ شيخ العرب همام، الذي لازالت صفحات التاريخ تكتب عنه وتحكي عن سيرته (نشر شيخ العرب همام العدالة بين ابناء الصعيد ولم يكن يفرق في المعاملة بين ابناء قبيلته الهوارة وبين الفلاحين او العرب الاخرين فالجميع امامه سواء ... لقد احال شيخ العرب همام الصعيد من منبت للفتن ومسرح للصراع بين الامراء المماليك المهزومين امام زملائهم في القاهرة ومطارديهم المنتصرين الي منطقة استقرار ورخاء وامن وازدهاروبهذا وضع اساس مجده وخلد ذكره) في النهاية استطاع أحمد جاد الكريم أن يتمثل هذه الفترة، وأن يطوّع لغته إلى هذا المستوى شديد الخصوصية، وأن يجعلنا نتفاعل مع شخصيات الرواية على اختلاف عالمهم واهتماماتهم سواء كان المؤرخ الجبرتي أوهمام الحفيد أو الشخصيات النسائية التي جاء حضورها ليكسب الرواية بريقًا خاصًا سواء فاطمة أوحيونة، كما جعلنا نستشعر خطر المماليك والفرنسيين على السواء، ونحتار حيرة المصريين ونتألم آلامهم، وهو لعمري رهان الرواية الجيدة.
تحاول الرواية تتبع سيرة ثلاثة رجال و مصر فى زمن الإحتلال الفرنسي رواية فى رأيى جيدة كراوية و إن لم أعجب ببعض الآراء المبثوثة المباشرة فى ثنايا الرواية و كنت أفضل لو لم يضمنها الكتاب
ما بين مدونات عبد الرحمن الجبرتي وبين ظلال همام بن عبد الكريم بن شيخ العرب همام بن يوسف أسد الصعيد سليل آل البيت، تتنقل أحداث التغريبة، بلغة قوية وسرد رائع، وسط أحداث متعددة خلال فترة زمنية خاضتها مصر المحروسة وعانت فيها من ظلم المماليك وبطش العثمانيين وطمع ساري عسكر نابليون بونابرتة.
عشت مع همام حفيد الشيخ همام خلال صفحات الرواية تحوله من طالب علم في الأزهر يحلم بعمود يكون فيه شيخاً يلتف حوله طلبة العلم ودارسي العلوم، ليصير بطلاً يحمل فوق كتفيه أحلام مملكة شيخ العرب همام، جده، فكان إرثه المشئوم أن يحمل كل صفات جده من ناحية الشكل والاسم وحتى حلم توحيد الصعيد تحت راية واحدة، أن يحكم تلك البلاد رجل عربي.
تتنقل أحداث الرواية بين عدة رواة، ولكنني أعتبر الجبرتي هو الراوي الرئيسي، والباقون شهود على الأحداث ينقلونها من وجهة نظرهم ورؤيتهم، فهم ظلال لهمام؛ سواء همام الكبير أو الحفيد، فأينما يذهب همام يترك ظله في مكان زيارته.
الرواية مشوقة الأحداث، مليئة بالتفاصيل الغنية، استمتعت جدا بقرائتها.
من اول ما تم الاعلان عن الرواية دي وانا متشوق جدا اني اقراها.
كنت فاكر انها بتتكلم عن شيخ العرب همام لكن طلعت بتتكلم عن ابنائه واحفاده من بعده وتغريبتهم خصوصا همام الحفيد حامل ارث الجد.
إي رواية عنوانها بيحمل كلمة تغريبة بحب اقراها وبتكون من مفضلاتي.
قرأت الرواية علي تطبيق ابجد.
راوي الرواية هوه عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ العظيم ولغة الرواية شديدة الاتقان والبراعه والتعبير عن العصر، اكن فعلا الجبرتي الى بيتكلم وشجعني جدا اقرا كتابه عجائب الاثار.
وصفه للاماكن والاحداث وصف عظيم جدا والرواية فيها مسحة صوفية عظيمة.
وانت داخل الرواية محمل بأرث وجهاد شيخ العرب ضد المماليك هتفتكر إنها رواية ملحمية وفيها معارك وصراعات ولما متلقيش ده ممكن تصاب بخيبة امل، لكن الرواية هي اجتماعية بالاساس وبتصف حال الناس وقتها والعنف الى بيمارسه المماليك والفرنساويه تجاه المصريين.
الرواية فيها خطين خط الجبرتي ومعايشته لصراعات المماليك ودخول الحمله الفرنسية وكتابته لكتابه العظيم عجائب الاثار وتدوينه لحال اهل مصر وشوقهم ان يحكمهم مصري مثلهم يجيرهم من بطش المماليك والفرنسويه.
وخط همام الحفيد حامل ارث جده العظيم والى بيحاول يلعب علي صراع المماليك والفرنساويين ويحاول يجمع القبايل حواليه زي جده ويقاوم الطرفين، لكن للاسف زي جيلنا كده كان شاب عنده طموحات واحلام كبري لكن الهزيمة كسرت ضهره.
طبعا خط همام مش علي مستوي الطموح بسبب ان احداثه اغلبها آلم وهزيمة وانكسار ومفيهوش تفاصيل اكتر او ملاحم للاسف.
رواية في ٢٠٠ صفحة بلغة شاعرية صوفية عظيمة مع تناول لحقبة شديدة الثراء ومفيش حد بيتناولها تقريبا.
وكمان كاتب شاب فده بيقول ان مصر لسه بخير ولسه فيها ادب عظيم.
لم أحب ذلك الجزء من تاريخ مصر أبدا، وقف الغزو الفرنسي غصة في حلقي حتى أتى جاد الكريم ومعه همام الصعيدي حفيد الهمة والنبل، يحمل هما وحلما أن يحكم مصري؛ فألجم روحي، جمال خالص، مفردات في محلها، بلاغة لا مثيل لها، محسنات بديعية تشغف القلب وتأسر الروح، لو عولج الجبرتي على الهامش لأعطيت الكتاب النجوم الخمسة، لم أستسيغ ظل الجبرتي رغما عن سعادتي بإحيائه، ولكني لم أصدقه خيالا، فرضت شخصيته الروائية أو هكذا شعرت، النص ينضح بالصوفية وبالوطنية، السرد خلاب، والحوار في موضعه دون إفراط أو تفريط، هنيئا للكاتب.
رواية غاية في الروعة.. ريفيو الكاتب الدكتور أحمد سمير سعد عن راوية تغريبة بني همام
كثيرا ما يُتهم الأدباء الذين يتجهون نحو كتابة التاريخ بأنهم يهربون ويجترون الماضي.. لو أرسينا هذا المبدأ إذا فكل كتابة هي هروب. أظن أن الحَكم هنا هو الحبكة والسرد الروائي، فكل نص هو تاريخ سواء كان تاريخ شخوص حملت أسماء شخصيات حقيقية أو شخوص هي محض خيال لكن كُتَّابها لا يتبرأون من استلهامها كذلك بل لعل الروايات التي تعتمد زمنا متخيلا أو مكانا متخيلا هي كذلك محض تاريخ.. تاريخ نفس الإنسان ودوافعه وطموحه وسقطاته ورغباته وأحلامه وآماله.. إذا فالقول الفصل هو الرواية نفسها، كيف جاءت؟ وكيف انفطرت؟ وهذه رواية عن الإنسان، مكتوبة بنعومة وبراعة.. اختارت أن تكتب سيرة متخيلة لأحد أحفاد شيخ العرب همام.. اختارت أن تكتب عن الحلم الذي لم يتكثف، لكنه لم يطر من الصدور كذلك.. اختار أحمد جاد الكريم أن يروي الحدث من زاويتين.. زاوية الجبرتي وزاوية الراوي العليم الذي يتقصى هو الآخر أخبار همام الحفيد.. عين على القاهرة وأخرى على الصعيد.. يتقاطع الخطان أحيانا لكنهما في أغلب الأحيان يعمقان من أبعاد الصورة، فالرؤية المزدوجة تكشف العمق الذي لا تكشفه عين واحدة (حقيقة فسيولوجية). جاء صوت الجبرتي تحت عنوان واحد يتكرر مع كل فصل "مدوَّنة" وكأن خيط التدوين والمدونات مشدود من عصرنا هذا وحتى عصور قديمة، منها عصر الجبرتي.. وجاء صوت الراوي العليم تحت عنوان "ظل" ونتساءل لمن الظل.. هل هو ظل الحكاية التي يرويها الجبرتي أم أن الفتى ظل جده أم أنه ظل الحلم الآخذ في التلاشي أم أنه ظل الفتى الذي يسعى للتكثف وتثبيت نفسه.. تتخذ الرواية كخلفية لها تدور على رقعتها الأحداث صراعات المماليك علي بك الكبير ومحمد أبو الدهب ومراد، أحداث الحملة الفرنسية، أحوال القاهرة والصعيد وويلات الطاعون والفيضان والغازي الذي جاء حاملا النار والنور..
تحية كبيرة لأحمد جاد الكريم على روايته العظيمة.. واحدة من أجمل روايات العام.
مقال الكاتب والناقد إيهاب الملاح في جريدة الشروق عن رواية تغريبة بني همام نشر فى : الجمعة 7 فبراير 2020 (1) مثَّلت شخصية شيخ العرب همام؛ «عظيم بلاد الصعيد» فى القرن الثامن عشر، حالة فريدة من حالات الكاريزما غير المسبوقة فى التاريخ المصرى الحديث، وفى الأدب الشعبى أيضًا، لقد أحاطته هالات من التمجيد والتعظيم، وذاع صيته وصيت أعماله فى الصعيد بأكمله بل فى بر مصر المحروسة كلها. نجح همام فى تحويل الصعيد القاسى النائى المشهور بالفتن والثارات والصراعات بين المماليك والأمراء إلى منطقة ذات رفاهة وأمن واستقرار ورخاء ومصدر للغلال والقصب لتكون موردا اقتصاديا غير مسبوق، وظهر همام فى وقت كان فى أشد الحاجة إلى رجل مثله يقر الأمن ويحمى الفلاحين من ظلم الإدارة ومتاعب الأعراب من نهب وسلب وتشريد وتهديد للأمن والاستقرار. ورفع قواعد مجتمع يقوم على العدل والعدالة، ودفع المظالم وإطعام المحروم ونصرة المظلوم وصون العرض وحماية الأرض وساوى بين الجميع فى المعاملة والحقوق والواجبات، لم يفرق فى ذلك بين أبناء قبيلته وغيرهم من أبناء القبائل الأخرى أو بينهم وبين الفلاحين الذين كانوا يزرعون أرضهم أو من العرب الآخرين.. فالكل سواء أمامه فى الحقوق والواجبات. استأثر «همام» باهتمام كبير فى أوساط المؤرخين والباحثين؛ وحظى فى السنوات الأخيرة بكتابات عديدة (أفردت له فصلا كاملا فى كتابى «سيرة الضمير المصرى»)، خاصة بعد أن قام السيناريست القدير عبدالرحيم كمال باستلهام سيرته فى دراما «شيخ العرب همام» وجسدها النجم يحيى الفخرانى، وأسر المسلسل قلوب الملايين إلى الدرجة التى يصعب معها منازعة هذا النجاح بأى وسيلة كانت! لكن اللافت أن شخصية همام رغم ثرائها الدرامى لم تلفت انتباه الروائيين (على الأقل فى حدود ما قرأت) فلم يقع تحت يدى رواية استلهمت الشخصية أو أنتجت نصا يحاورها ويحاور سيرتها فى رواية تاريخية ناضجة تتجاوز التسجيل والتأريخ والتوثيق إلى طرح أسئلة راهنة، وتجسد هموما معاصرة، وتتكئ على رؤية جمالية تتمكن من خلالها تشييد هذا المتخيل السردى. ــ2ــ يتفق نقاد الأدب، تقريبًا، على أن كل رواية مهما كان موضوعها أو تصنيفها هى «رواية تاريخية» بمعنى من المعانى، فالرواية، وكما يشير أستاذنا القدير قاسم عبده قاسم، على نحو ما، تسجيل (تاريخى) ــ سلبى أو إيجابى ــ لظواهر اجتماعية تحمل دلالات متنوعة يسجلها الروائى، أو يحتج عليها، أو يريد إصلاحها، أو يحملها رسالته وهدفه الذى يريد للقراء أن ينتبهوا له. ورغم ذلك، فإن النتاج الروائى الجديد يتجه أغلبه بصورة كبيرة إلى «الرواية التاريخية» فى شكلها الكلاسيكى، كما كتبها أقطاب الرواية التاريخية فى الأدب الحديث. قلّة منها تتجاوز فخ التقليد والحكى والتقليدى، وتعى أن الفن تخييل فى المقام الأول حتى وهى تعالج موضوعا تاريخيا أو تستند إلى مادة تاريخية؛ وأن قدرة الروائى ومهارته وثقافته تتبدى فى إدارة هذا الحوار أو الجدل بين المادة التى جمعها أو اشتغل عليها بحثا وقراءة وبين قدرته كروائى فى إعادة تشكيل هذه المادة ليصوغ فنا لا تاريخا! هذا ما فعله باقتدار وتمكن وإخلاص الكاتب والروائى الصعيدى أحمد جاد الكريم فى روايته الجميلة «تغريبة بنى همام» (صادرة عن منشورات إيبيدى)، وللحقيقة فإننى تأخرت كثيرا فى قراءة هذه الرواية المهمة؛ لاعتبارات منها أننى كنت متخوفا من انزلاق الكاتب والروائى إلى استسهال الموضوع والكتابة عنه بعد نجاح المسلسل الساحق الذى ما زال يخايل الأذهان والقلوب رغم مرور عشر سنوات على عرضه الأول! لكن جاد الكريم فاجأنى بعمله المحكم؛ وقدرته العالية على الإمساك بخيوط سرده التى وزعها على مسارين يُنطق فى أولهما الجبرتى، ويضع على لسانه الوقائع التى يريد والأحداث التى يختار ويمزج بين المتخيل والمرجعى مزجا واعيا، والمسار الثانى يكاد يكون كذلك لكن للراوى المعاصر الذى يناوشنا بحضوره ويقلقنا بوعيه ويثير إعجابنا بلغته وبقدرته المشهدية العالية فيما يتابع سرده بسلاسة وبساطة واقتدار. تدور الرواية فى مدى زمنى يقترب من نصف القرن، ورغم أن أحداثها تنطلق بعد وفاة شيخ العرب همام بعشرين عاما، فإنها تراوح جيئة وذهابا بين لحظة الاحتكاك والاصطدام الكبرى (مجىء الحملة الفرنسية عام 1798) وبين زمن همام الأسطورى؛ وخلال هذه المراوحة سنكون فيما يشبه الحلم بين القاهرة والصعيد؛ ويأسرنا الراوى بهذه الرحلة التى نتمنى ألا تنتهى..
" كيف لي أن أحكي عن مدينة القاهرة ، ��قد تحولت إلي مدينة فرنسية الطباع ، فرنسية الأخلاق ، فرنسية المزاج ، عرف المصريون الملاهي والمساخر ، ارتادوا المسرح يتفرجون علي أناس يقفون علي خشبة مرتفعة ، ويؤدون أدوار أناس آخرين ، تعتمد في أغلبها علي إضحاك المتفرج ، تعلم بعض الفرنسيين العربية ، وعلموا بعض الناس لغتهم ، صار الناس يرتادون المسرح بورقة معلومة يشترونها بنقود ، تصطبغ عادات أهل القاهرة بعادات هؤلاء ، ما نمي إلي علمي أفزعني ، النساء أيضا تخرج لتلك الملاهي ، وفي صحبة الرجال ، حاسرات الرأس ، معطرات الثياب ، سيعم البلاء المحروسة إذا استمر الناس في غيّهم ، والله الواحد القهار " (١) رحم الله الجبرتي ، وجعل ماكتب في ميزان حسناته يوم العرض العظيم ، سيظل ماكتب عبد الرحمن الجبرتي منهلا خصبا لكل من أراد أن يكتب عن الحملة الفرنسية علي مصر بتوصيف دقيق مذهل أتمني أن اصل له يوما ما ، وسيظل كل من ينقل منه مدينا للرجل بأي نجاح يصل إليه ، سواء نقل منه بشكل مباشر كالرواية هنا أو غيرها أو حتي كما فعل أحمد مراد حين أخرج حادثة واحدة ذكرها الجبرتي عرضا في وسط الكتاب لينسج حولها رواية كاملة تحولت لاحقا لفيلمين في السينما (٢) الرواية هنا تسير في خطين متوازيين : ظلال ومدونات أحدهما يتتبع سيرة نسل شيخ العرب همام بن يوسف بعد موته والآخر يتحدث عن الجبرتي نفسه كشخصية رئيسية عكس كثير من الروايات التي نقلت ماكتب وحسب أو أضافته كشخصية فرعية كما فعل صنع الله ابراهيم في "العمامة والقبعة". (٣) اللغة بسيطة وجميلة وتسلسل الأحداث في كلا الخطين كان جيدا للغاية وان أصابه بعض البطء أحيانا ، رواية يمكن وصفها بالهدوء ، صغيرة الحجم مركزة تنهيها بجلسة أو اثنتين ، حكايات عن مصر التي كانت ولا زالت يعيد فيها التاريخ نفسه بوقاحة ، حاكم ظالم يموت لتجد من يترحم عليه ناثرا الصدقات علي روحه متحدثا عن أفضاله ، محتل يدخل للأزهر بالخيول يترحم الناس علي أيامه لشدة ما وجدوا ممن جاء بعده ، مواطنين شرفاء يتعاملون من المحتل بلا غضاضة ، ظلم متجذر ، عدو خارجي يسلم زمام الأمور لعدو داخلي أكثر عداءا لأهل البلاد ، وبشر لا يفعلون شيئا سوي دفع الأيام لتمر وحسب (٤) أفسد متعة متابعة أحداث الرواية فقط تلك القومية المصرية البغيضة التي لم يمل الرجل من التأكيد عليها عدة مرات ، القومية التي لا تري المماليك إلا بشر لا أصل لهم لا يجوز لهم أن يحكموا ولا تري سوي عسفهم وظلمهم في سنواتهم الأخيرة طبعا وان بنوا وعمروا وغزوا وفتحوا ولا تري العثمانيين إلا كما تري المماليك مجرد قوة احتلال تتفق مع المماليك والفرنسيين بلا غضاضة علي أبناء البلاد الذين يريدون حكمها في واحدة من أعظم تجليات المؤامرة الكونية علي العرق المصري الأصيل. (٥) تنتصر الرواية لشيخ العرب همام وتعلي شأنه بشكل أسطوري لا لشئ إلا كونه من أهل البلاد ، تماما كما فعل ابراهيم نصر الله في قناديل ملك الجليل ، نحن أصحاب البلاد العادلون الاقوياء الذين يستحقون أن يحكموا وحسب وماعدانا فهو وغد ظلم يتاجر بالدين يجبي الضرائب بقسوة لا هم له إلا مصلحته وحسب ، وهو بالمناسبة يهزمنا في كل مرة ان تخطيت فكرة القومية أو لو لم تمثل لك أهمية تذكر ، فالرواية ممتعة تستحق القراءة وتستحق الإشادة أيضا
رواية تاريخية. تحكي الحياة وقت الاستعمار الفرنسي لمصر المحروسة، تُنتَزع بين أيادي المماليك، الفرنسيين والعثمانيين. رغم العداء بين الأطراف الثلاثة إلا أن "أحابيل السياسة يُمكن أن تلتف لتخنق قرية مسالمة." كما يقول، وكما نعرف السياسة الاستعمارية من الأزل: تتناسى العداوة حيث تكون مصلحتك.
"عادت كلمة الأمل تتردد على الأفواه، عادت البسمات للوجوه، لكن كان الرد الفرنسي قاسيًا، ربما باتفاق مع العثمانيين، لا يجري ود بين هؤلاء إلا لإسكات أي صوت مصري أصيل."
جاءت الحملة لأهدافها العلمية السلمية، لتنصر راية الإسلام كما يقول نابليون، وإلى الآن لا أحد ينسى مشهد الجامع الأزهر تُنتهك قدسيته بأقدامهم وأقدام خيولهم.
"لم ينته شهر أكتوبر إلا وقد تجاوبت مع رياح خريفه رياح أخرى فرنسية تضرب بقوة وغشامة المحروسة، خيول الفرنسيين - تنطلق بفرسانها، تدك الحارات، وتقلع البوابات، وتسكب نار غضبها على البيوت. يقيم الناس متاريس ليمنعوا المندفعين كيلا يأكلوا في طريقهم كل حي. تندفع قوة من الفرنسيين، فتمطرهم بوابل من الرصاص. يلجؤون للجامع الأزهر يحتمون به، تدهمهم الخيل، ويجول الفرنسيون في الأزهر بسنابك خيلهم وأحذيتهم، عندما ينتهون من مجزرتهم يربطون خيولهم في باحته، ويأتون بطعامهم ونسائهم ويفترشون الأرض ممرغين قداسته في الوحل، يجمعون المصاحف ومجلدات الكتب ثم يحرقونها بالليل ليتدفؤوا بها. وجه آخر للحضارة يكشفون عنه في لحظة غضب يعاقبون بها من أحس بالظلم فنطق."
لم يكن من المعقول على كل حال أن يأتي أحدٌ غريب عنك ليدفع عنك أذى المماليك لله والوطن، لكنها آمال المصريون، من كثرة الأسى ينسون: لا ينتهي أجل ظالم إلا ويأتي جلّادون آخرين، وهؤلاء البسطاء: «يريدون اللقمة، لا يفرق معهم لا مماليك ولا عثمانية، ولا إنجليز ولا فرنسيين.»
«تعرف يا شيخ عبد الرحمن، لماذا يثور المحكوم على حاكمه؟ -لو منعه اللقمة. -لو منحه اللقمة، مغمَّسة بالمهانة.»
"وكأن قدر المصريين ألا تتم لهم فرحة."
"أهلي وأحبتي لا تصدقوا المماليك، بكوات تتصارع من أجل خيرات أرضكم الخصيبة، لا يهمهم لا رزقكم، ولا رزق عيالكم."
من ناحية أخرى موازية لتاريخ الحملة، تحكي عن شيخ العرب همام، الساعي لتأسيس دولة العدل، وحفيده همّام الذي يسعى لإكمال مسيرة جده. "سيرة همام الحفيد متخيلة من الكاتب." تتداخل بها أحداث اجتماعية أخرى.
مدونات الشيخ عبد الرحمن الجبرتي، وهو مؤرخ عايش فترة الحملة الفرنسية، وكتب كل شيء حدث بالتفصيل، باليوم والساعة في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار.»
أسلوب سرد سلس وبسيط، اهتم بأدق التفاصيل، كأنك تشم القاهرة والمغارة والمقطم والبارود.
لا أدري ماذا أقول. أعتقد الاقتباسات من داخل الرواية كافية كي تُرشح لكم نفسها للقراءة، وتأخذ تقييم ألف من عشرة.