الكتاب مجموعة من النصوص المعنونة بعناوين منسجمة مع محتوى كل منها، يبدؤها الكاتب بمجموعة من التساؤلات حول شغف القراء بالرواية، والإحجام عن قراءة الشعر والفلسفة سواها، ويفسر ذلك ويفصله برؤى وتأويلات عدة دون أن يحاول فرضها على القارئ، وإنما هو غالبا ما يترك الخيار مفتوحا بعد (ربما ولعل..).
ثم ينتقل بعد ذلك بنصوصه المتتالية محاولاً البحث والتبصر خلف الأشياء والظواهر والمعاني الكبيرة من حولنا وكذلك الصغيرة منها:(الحب..العلم..الكون..المعرفة.. الاكتئاب.. العزلة.. و..و..)
وبتحليل تلك الأشياء وإعادة تركيبها، بأسلوب فلسفي يراوح مابين المنهجية والذاتية، أو لنقل أنه بأغلبه أقرب للفلسفة الذاتية، وأيضا يراوح بأسلوبه ولغته مابين البحثية والتقرير، فيطرح التساؤلات ويقدم إجابات بحسب رؤيته طبعا، وما يقدمه من حُجج ودُفوع، ومرات أخرى تكون إجاباته متروكة للقبول والرفض من قبل القارئ.
أيضا لا تخلو النصوص من صيغة افعل أو لا تفعل في بعض المواضع، كنصائح يسديها للقارئ.
الآن خرجت من هذا الكتاب البديع الذي نقلني كل حرف فيه إلى زاوية من العالم، كلما ظننتُ أنّي أمسكت بقطعي المُتبعثرة تعود لتتفرق من جديد، الكتاب تحدث عن اللامثالية حد المثالية، وكأنّنا بقراءته نقرأ أفكارنا بصوت مرتفع، وسنبتسم كثيرًا أثناء ذلك، مر زمن لم أقرأ مثل هذه الروعة لكاتب عربي، وظننت أنّ الأمل قد فُقد من الكتب العربية، ولكن هذا الكتاب أعاد لي الأمل كما لن يحبّ الكاتب، لأنّ التأمل برأيه أمر مُريع، ولكن برغم ذلك أنا سعيدة ومتأملة جدًّا ومُبتسمة. شكرا أستاذ سعيد على هذه الروعة المثالية حد الدهشة.. وددت لو أقتبس الكتاب كله، فكل جمله أعجبتني ولامست داخلي، أحببت إدراج نصوص محمود درويش جدا.. بانتظار المزيد من الإبداع.