يمثل الحديث عن المصلحة في بِنية ومنظومة التشريعات الإسلاميّة أحد أهمّ القضايا الأكثر إشكاليّةً في الفقه الإسلامي في العصر الحديث. إنّها تضع الفقه أمام سؤال النتائج والأغراض والمنطلقات، وتدفعه لرؤية نفسه على أرض الواقع، وتكوين فهم للشريعة يعتمد المصالح والغايات والمآلات التي تقف خلف النصوص الأحكاميّة. يرى أنصار الاجتهاد المصلحي المقاصدي أنّ منهجهم يقارب العقلانيّة مع الفقه دون أن يُلغي التعبّد والتسليم، ويسمح بولادة فقه النظريّات وتحقيق الانسجام الداخلي بين المفردات الفقهيّة، ويساعد في رفع التعارض بين بعض الأحاديث، ويقدّم فهماً أعمق للنصوص الدينيّة، كما يؤسّس لفقه الأولويّات، ويجوهر السياسة الشرعيّة، ويحدّد الموقف من فقه الحيل والمخارج وغير ذلك. يدرس هذا الكتاب الأصول الرئيسة في فقه المصلحة، بوصفها عناصر تلتئم لتشكّل مدخلاً مهمّاً لتكوين نظريّة تفسيريّة للنصوص والتشريعات الدينيّة، قائمة على المعنى واللفظ معاً. إنّه يرصد قواعد اجتهاد المصلحة؛ كي يمهّد الطريق لتكوين منهج اجتهادي يأخذ المصالح والغايات والمنطلقات بعين الاعتبار في عملية فهم الشريعة ونصوصها. إنّه كتاب يتناول قضايا مثيرة للجدل في زحمة التحدّيات التي تواجه الفقه الإسلامي، ويطرح أسئلة وقضايا مثيرة، تتطلّب جهداً جادّاً للإجابة عنها في سياق تطوير عمل الدراسات الشرعيّة. إنّه مدخل
يعتبر الباحث الشيخ د. حيدر حبّ الله من أساتذة الدراسات العليا في الحوزة العلميّة، قضى أكثر من ربع قرن من عمره في الدراسات الدينيّة، وحصل على شهادات متعدّدة. كان لمدّة زمنيّة المعاون العلمي المشرف على موسوعة الفقه الإسلامي، والتي أصدرت عشرات المجلّدات حتى الآن، ويرأس تحرير عدد من المجلات الفكريّة سابقاً واليوم، وقد صدرت له العشرات من المجلّدات بين تأليفٍ وترجمة وتحقيق وغير ذلك، يختار الشيخ حب الله لنفسه طريقاً نقديّاً للتراث الديني عموماً، ويذهب إلى ضرورة التجديد في مختلف ميادين المعرفة الدينيّة. ويعدّ واحداً من أشدّ المدافعين عن التقريب بين المذاهب الإسلاميّة
ليس بإمكاني تقييم الكتاب، فإنه في غالبيته قد كتب بلغة اختصاص… إلا أن فيه بعض الجوانب الملفتة والمهمة وبالخصوص في مسائل الأولويات، والتي أتفق كثيرًا بشأنها مع الكاتب، والتي بسبب غيابها الشديد في عقل الفقه البشري؛ غدا غير المهم في المرتبة الأعلى والأهم في المرتبة الأدنى!
وبالنظر إلى التأخّر الشديد وغضّ الطرف عن تجديد أدوات الأصول والفقه بما يواكب مجريات العصر… هل سيفكر أهل الاختصاص كثيرًا أيضًا بين القبول والصدّ لـ فقه المصلحة وتركه في المعترك بين شدّ وجذب…! في حين تزداد المسافات طولاً…! والفجوات عمقًا…! والتأخّر الشديد تأخّرًا…!