يوضح لنا الكاتب مفهوم جهاز الدولة وعلاقته بالرأي العام المصري وبالقوى والجماعات الشعبية المتعددة، وأسلوب تشكيل هذا الجهاز، وأسلوب عمله ونشاطه مستعرضًا نظام المعلومات التي تجري في داخله، وكيفية اتخاذ القرارات وطرق تنفيذها، وما مدى تفاعله مع التشكيلات الشعبية والاجتماعية.
طارق عبد الفتاح سليم البشري المفكر والمؤرخ والفيلسوف المصري، أحد ابرز القانونين المصريين المعاصرين،وُلِد في 1 نوفمبر 1933 في حي الحلمية في مدينة القاهرة في أسرة البشري التي ترجع إلى محلة بشر في مركز شبراخيت في محافظة البحيرة في مصر. عرف عن أسرته اشتغال رجالها بالعلم الديني وبالقانون، إذ تولى جده لأبيه سليم البشري، شيخ السادة المالكية في مصر - شياخة الأزهر، وكان والده المستشار عبد الفتاح البشري رئيس محكمة الاستئناف حتى وفاته سنة 1951م، كما أن عمه عبد العزيز البشري أديب.
تخرج طارق البشري من كلية الحقوق بجامعة القاهرة سنة 1953م التي درس فيها على كبار فقهاء القانون والشريعة مثل عبد الوهاب خلاف وعلي الخفيف ومحمد أبي زهرة، عين بعدها في مجلس الدولة واستمر في العمل به حتى تقاعده سنة 1998 من منصب نائب أول لمجلس الدولة ورئيسا للجمعية العمومية للفتوى والتشريع.
بدأ تحوله إلى الفكر الإسلامي بعد هزيمة 1967م وكانت مقالته "رحلة التجديد في التشريع الإسلامي" أول ما كتبه في هذا الاتجاه، وهو لا زال يكتب إلى يومنا هذا في القانون والتاريخ والفكر.
ترك البشري ذخيرة من الفتاوى والآراء الاستشارية التي تميزت بالعمق والتحليل والتأصيل القانوني الشديد، كما تميزت بإحكام الصياغة القانونية، ولا زالت تلك الفتاوى إلى الآن تعين كلا من الإدارة والقضاة والمشتغلين بالقانون بشكل عام على تفهم الموضوعات المعروضة عليهم.
وقد كان تم اختياره رئيسًا للجنة التعديلات الدستورية التى شكلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر، والتى قامت بتعديل بعض المواد الخاصة بالإنتخابات وغيرها لإستفتاء الشعب المصري عليها.
يعرض الكتاب لنشأة جهاز الدولة المصري منذ أن اخذ محمد على في بنائه في ١٨١٥ إلى غاية ما وصل إليه الآن وضع الجهاز من التضحم المهيب أما تقزم المجتمع وتكلسه المخيف. في صورة تعبر عن الخلل الفج الذي يسم شكل الدولة المصرية منذ نشأتها مرورا بمراحل تطورها المختلفة. تأتي أهمية الكتاب في نظري من كونه يرسم تطور هذه العلاقة بين الدولة والمجتمع في مصر على مدار مسارها التاريخي بصورة واضحة بينة، تعين على فهم الواقع الحالي وتبين مكامن الخلل والقوة بالنسبة للدولة والضعف بالنسبة للمجتمع.