وأحمد حسين مؤلف هذا الكتاب الصغير هو أحمد حسين مؤسس حزب مصر الفتاة، والشخصية المثيرة للجدل في الأربعينيات والخمسينيات قبل الثورة، ولأني أحببت القراءة له فأحضرته، ولكني الآن أمام حيرة غريبة، فهذا الكتاب صدر بعد وفاته، وأظن دون علم الورثة حتى، ولكن من المقدمة المثيرة للريبة للناشر جعلتني أتشكك في ما أقرأ أن يكون قد أدخل عليه شيئًا أو حذف أشياء!
لأن أولاً عنوان الكتاب في طبعته الأولى خلال حياة المؤلف في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، كان: "الزواج والمرأة"، ثم بعد ربع قرن أعاد طباعته بنفسه وغيّر العنوان إلى: "الإسلام محرر المرأة" ثم بعد ربع قرن ثالث، وبعد وفاته أخرجته هذه الدار وغيّرت العنوان بدورها هذه المرة إلى: "الإسلام والمرأة"، وتطوّعت بحذف كلمة الحجاب واستبدالها بالنقاب، لـ" عدم وقوع لبس لدى القارئ المعاصر"، كما قال الناشر في المقدمة، (ولعلكم فطنتم إلى السبب الحقيقي) ثم أشار في نهاية تلك الفقرة الموجزة إلى أنهم: "كما ينبغي أن نذكر أننا قد أجرينا بعض التنقيحات البسيطة في هذه الطبعة"، ولا أعلم ما مواضعها وكذلك فالناشر لم يشر إليها.
وهذا الكتاب رؤية موجزة لوضع المرأة في الإسلام، وكان أحمد حسين فيه يذهب كثيرًا إلى الاتكاء على آراء الشيخ الإمام المجدد محمد عبده، وتلميذه الأشهر الشيخ رشيد رضا، ومن هذه تكرار دعوته لرأي الشيخ الإمام (الذي يظنّ البعض أنه من محدثات هذا العصر ومن محدثات النسوية فيه) في أن للحكومة أن تجبر مواطنيها على الزواج من واحدة فقط وتمنع عليه التعدد خلال علاقتهما الزوجية، ومن هذه أيضًا دعوته لإلغاء الطلاق الشفوي، وأن يتم هذا الأمر في المحكمة، وهذا انسجامًا مع قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما".
وفي هذا الكتاب آراء تدفع قارئها للموافقة، وأخرى تدفعه للتأمل، وأخرى ثالثة تدفعه للإنكار، ومع هذا كله فهو لم يطل، وكان موجزًا غاية الإيجاز، بل لعلّي أتمنى الآن أن أجد نسخة من إحدى الطبعتين الأوائل، لأقارنها بهذا الكتاب لأعرف سرّ هذه التنقيحات البسيطة.
وكان هذا الكتاب الصغيرة شهية طيبة لكي أقرأ بعض كتب المؤلف الأخرى، ونعم! قال الناشر في مقدمته شيئًا مفيدًا، وهو أن الطبعة الأولى من هذا الكتاب صدرت في أواخر الأربعينات، والموقف السياسي للمؤلف وحزبه السياسي الشهير على أشدّه، ليقول إن دراسات الرجل الإسلامية كتبها في وقت مبكر من حياته السياسية، وليس بعد انزواء الأنوار عنه بفعل ثورة يوليو وقرارها بإلغاء الأحزاب السياسية وبفعل الشيخوخة الطويلة التي مرّ بها الرجل في الظلّ.