وثيقةٌ تاريخيّة, شديدةُ الأهمية والخطورة؛ فصاحبُها هو الطّبيب العثماني/ التركي/ رضا نور، رفيق أتاتورك في حربِ الاستقلال, والمرحلة الانتقالية من السلطنة والخلافة إلى الجمهورية الكماليّة العلمانيّة. لم يكنْ "رضا نور" مجرّد شاهدٍ على العصر, أو شاهد عَيان؛ وإنّما كان في قلبِ الأحداث محرّكًا لها, وصانعًا لمجرياتها, ومُمسكًا ببعض خيوطها. وهي- بالطبع- شهادةٌ تخضع لكلّ معايير النّقد التاريخي، فقد تحمّل الكثيرَ من الأكاذيب أو التّبريرات أو المبالغات وتصفية الحسابات، وأيضًا قد تحمّل الكثير من الحقائق الصّادمة, وتهدّم العديد من أصنام الزّعماء, والكثير من أوهام البطولات، وتصحّح المزيد من المعلومات والمفاهيم حول أخطر مراحل التاريخ الإسلامي/ العثماني/ التركي؛ إذْ كانت هذه المرحلة زلزالًا عنيفًا اهتزّت له المنطقة كلّها، بل العالم الإسلامي وما حوله، وربّما لا تزال توابعُه تثيرُ اهتزازات مؤثّرةً لتحرّك المياه الرّاكدة في التاريخ والسياسة والفكر، وتمنحنا المفيدَ من دروس التاريخ في مخاطر التحوّل الأيديولوجي، ومخطّطات طمس الهويّة، ومؤثّرات صناعة الأمّة والدولة. وأعتقد أنّ كلّ مَنْ يقرأ هذه المذكرات سوف يعيدُ حساباته وأحكامه، ويبحث بشغف كبيرٍ عن المزيد من المذكّرات والأسرار في أسباب سقوط العثمانيّين وقيام الكماليّين، وغيرها من دروس التّاريخ, ومدائحه, وفضائحه.
رغم سعي للحصول على الكتاب خاصة لاهتمامي بالدولة العثمانية وان اتاتورك هو اول رئيس بعد إنهاء السلطنة ولكنه لم يشبع فضولي بشكل مقنع هو اكد لي بعض ارائي السابقة وجعلني اعيد التفكير في بعض النقاط وخاصة وحسب التقديم للكتاب فهو ليس الترجمة الكاملة للمذكرات الموجودة في أربع مجلدات باللغة التركية والتي لم تظهر للعلن إلا بعد وفاة كاتبها بفترة معتبرة " هذا الاختصار للمذكرات لا شك أضاع قسماً كبيراً من القيمة التاريخية لهذه الوثيقة النادرة"
هي مجموعة مذكرات لشخص يدعى " رضى نور" وما يعطي اهمية كبيرة لهذه المذكرات هو انها تعرض وتكشف احداثاً جرت في حقبة زمنية مهمة كان فيها الاثر البالغ على مستقبل العالم عامة والعرب خاصة.
رضى نور هذا كان من الاشخاص القريبين من المشهد بل وكان احياناً ممن يحرك الاحداث ويوجهها وهذه الفترة هي فترة ما قبل سقوط الخلافة العثمانية وما كان فيها من دسائس وخيانات وتكالب الاعداء داخلياً وخارجياً لاسقاط الخلافة الاسلامية وتقسيم اراضيها وزرع السرطان الخبيث (اسرائيل) في الشرط الاوسط وكل ذلك منعاً للوحدة العربية الاسلامية وشرذمة العرب شرقاً وغرباً ومحاولة طمس كل ما يتبع للفطرة الانسانية ومزع فكرة وجود اله لهذا الكون.
الجزء الاكبر في المذكرات كان عن " مصطفى كمال اتاتورك" الذي يعتبره الكثير من الاتراك البطل القومي الذي حرر بلادهم من قبضة الخلافة، ولكني اسال هؤلاء، مذا قدم لكم هذا اليهودي ابن الزنا غير الذل والمهانة وسلم بلادكم التي كانت تضرب على ثلث الكرة الارضية الى اعدائكم؟ ولماذا قام بالغاء اللغة العربية والغاء الاذان وحاولاً جاهداً نزع العادات والتقاليد والموروث الحضاري للدولة العثمانية؟ كل ذلك واكثر يبين ان من كان ورائه اراد ذلك ،وهو كغيره الكثيرون ليسوا الا احجار على رقع شطرنج يتهاوون على ضربات يد المستترين في الكوليس والدهاليز.
المشكلة الوحيدة في الكتاب هي عدم امكانية جزم انها حقيقية، رغم انه هناك الكثير مما حدث ويحدث يثبت ان ما جاء فيها صحيح ولا يمكن ان يرد الا عن لسان من كان قريباً من الاحداث وقتها
هذه المذكرات هي شهادة رجل كان من صناع الاحداث في مرحلة من اخطر نراحل التاريخ التركي الحديث بالخصوص والتاريخ الاسلامي بالخصوص، كيف لا وقد كان الكاتب به نشاط سياسي في عهد السلطان عبد الحميد الثاني وما بعده وكان ذروة نشاطه بعد دخول الحلفاء لاسطنبول حيث صار احد وزراء الحكومة الموازية التي اقيمت في أنقرة. . كتب رضا نور مذكراته في ٥ مجلدات وتم اختصارها لهذا المجلد وقد نشرت مذكراته بعد وفاته كما شرط على المكتبة البريطانية التي تحتفظ بالمخطوطة الكاملة وكان الهدف من هذه الحركة الا يطعن في شهادته بالقول انها تصفية ومكايدة سياسية لاغراض شخصية وقد منعت هذه المذكرات بقرار المحكمة في تركيا. . يذكر لنا الكاتب كواليس ولادة الجمهورية الأتاتوركية بشكل يجعلك تصاب بالذهول حين ترى أن من رسم سياسات الجمهورية بعض من الحمقى والجهلة والخمارين ولا استثني منها كاتب هذه المذكرات الذي شارك في المهزلة كاملة حتى الغاء الخلافة الذي عارضها رغم كونه ملحد. . رغم أهمية هذه الشهادة إلا أنه يصعب علي التسليم بصحة كل مافيها بسبب التالي: . ١. عداء الكاتب لأتاتورك. ٢. بعض الأحداث تذكر لناس توفوا منذ زمن ولا يستيعوا نفي أو إثبات صحة كلام الكاتب. ٣. حاجز اللغة بيننا وبين الأتراك وصعوبة الرجوع للمصادر للتأكد. . ومن الملفت أن الكاتب رغم إعلان إلحاده إلا أنه يتكلم بلسان حال التركي المسلم في كثير من الأحيان ولا يزال يحتفظ بالإسلام كهوية ويقول أحيانا "نحن المسلمون"، ويظهر احتقاره لليهو .د بسبب اسهامهم في اسقاط السلطان عبد الحميد ومحو الحروف العربية واستبدالها بالحروف اللاتينية.