ولد الشيخ عبد الكريم في دمشق عام 1901 م, في أسرة مستورة الحال , وكان منذ صغره ضعيف الجسم مريضا، أصابها اليأس من شفائه، سمعت بعالم من علماء دمشق من الصالحين هو الشيخ علي, فانطلقت بولدها عبد الكريم إليه, وأخبرته عن حاله وقالت: سأتركه أمانة بين يديك ... نظر الشيخ إلى الطفل بين يديه, وحدق في وجهه، فراح يتوجه لهذا الطفل بالعناية والرعاية ويدعو الله له بكل إخلاص وصدق، فما هي إلا فترة قليلة من الزمن حتى بدت علامات التحسن والشفاء على الفتى عبد الكريم , وأصبح يذهب ويجيء على قدميه بعد أن كان يُحمل حملا . شيوخه: الشيخ علي الدقر – الشيخ بدر الدين الحسني – الشيخ أمين سويد – الشيخ محمود العطار أعماله: تنقل الشيخ عبد الكريم في العديد من المعاهد الشرعية مثل ( معهد الجمعية الغراء ـ معهد العلوم الشرعية) مدرسا ومربيا, ثم استقر في جامع زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه إماما وخطيبا ومدرسا. حيث أسس الحلقات العلمية الشرعية، والحلقات القرآنية، عنايته بالقرآن الكريم: دفع الشباب إلى حفظ كتاب الله تعالى وإتقان تلاوته بقراءة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه، يتلقون ذلك عن شيخ القرآن في جامع زيد والمساجد التابعة له وهو فضيلة الحافظ الجامع للقراءات والفقيه الورع الشيخ محي الدين الكردي أبي الحسن، الذي تخرج على يديه المئات من حفاظ القرآن الكريم وتخصص الكثير منهم في قراءاته، وانبثوا في أرجاء بلاد الشام والعديد من الدول العربية والإسلامية، يقومون بتحفيظ القرآن, وتلقين تجويده كما تلقوه. كان من ثماره أيضاً إنشاء «جمعية البر والإحسان» في حي قبر عاتكة، وجمعية «إغاثة الفقير» في حي باب سريجة، ولما ظهرت آثار هاتين الجمعيتين وكثرت أعباؤهما أسس الشيخ مع لفيف من العلماء وأهل الخير الصالحين جمعية ثالثة يشمل نشاطها مدينة دمشق بأسرها وهي: «جمعية النهضة الإسلامية»، التي تقوم برعاية الفقراء والمحتاجين من أي حي كانوا وسد حاجة المرضى والعاجزين ومكافحة التسول والتشرد لتظهر عاصمة بلاد الشام بالمظهر الكريم الذي يليق بها استمر الشيخ بأعمال الدعوة والتعليم والتربية والعناية بالمجتمع سنين طوالا ربما قاربت الثلاثين عاما حتى إذا ما ثبت غرسه، وأينعت ثماره، حان موعد الرحيل إلى قيوم السموات والأرض، فأصيب الشيخ بشلل نصفي أقعده عن العمل ستة أشهر، وقبيل وفاته بعشرة أيام أصيب بغيبوبة لم يُفق منها إلا لحظة ملاقاة الله عز وجل وهو يقول: (الله) وكان ذلك في عام 1973م. رحم الله الشيخ عبد الكريم وجزاه عن أهله وطلابه ومجتمعه خير الجزاء، وأجزل له العطاء، وجمعنا به في مستقر رحمته تحت لواء سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
من الملاحظات التي دونتها بعد ما تعلمت الكثير من هذا العلم وقرأت كتباً تتعلق بعلم العقيدة الأشعرية:
"متأكدة أني سأفشل في كتابة التأمل الذي يخطر ببالي الآن ومن حين لآخر ولكن سأحاول ، هذا التعليق مدرج تحت تساؤل شخص ما حول أسباب أقداره التي لا يجدها جرت كما أراد أو استحق.. وهذه إشكالية كبرى يقع فيها الناس أجمعين إلا من رحم الله .. ولا يبدو أن السبب في هذا الأمر كما يشاع ويقال لنا مثل : السبب هو عملك/ظنك -وهذا صحيح ولكنه ليس السبب الرئيس-، وقد يقال بأن السبب هو التعلق الشديد والانجرار خلف الحياة واتباع الهوى وو وهذا سبب قد يبدو صحيح ولكنه أيضاً ليس السبب الرئيس والجذر لهذه المشكلة. فالسبب يعود للنشأة والتلقي والتعليم الذي صُب في رؤوسنا وكان ممزوجاً بالتناقضات والنقص، فقد علمنا ماعلمنا من علم العقيدة ولم نكمل الطريق إلى نهايته أو منتصفه على الأقل، والسبب يبدو أحمقاً بعض الشيء فقد رأينا أن من الاستمرار ما يجعلنا متأخرين قليلاً عن الآخرين أو منبوذين أو محرومين أو أن ما علمناه يكفي وسيتضاعف بالطاعات وسيتناقص مع المعصيات وهكذا.. وربما أن السبب أن الوصول إلى أعماق هذا العلم قد يرتد بنتيجة عكسية وسلبية والأفضل أن نكتفي بالقليل..
ومن أبرز ما علمناه ورددناه كثيراً وتردد على أسماعنا مراراً وتكراراً فهي تلك العبارة الشهيرة : "من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل" ، ومن ثم تتعلم الكثير مما هو تمثيل وتشبيه وتكييف وتعطيل. فصار الظن بالخالق يشبه المخلوق، فظننا أنه غضبه يشبه غضبنا مادفعنا إلى التساؤل كيف ندري بتوقيت الغضب ؟ وصار رضاه مثل رضانا قائمٌ ومعتمدٌ على أعمالنا ، بعبارة أخرى صرنا نرى الرضا يجيء بسببنا نحن! وفي وسط هذه المتقاطعات نقول أنه غني عن العالمين. المشكلة الأولى والرئيسة تعود إلى الحصيلة العلمية الهشة الضعيفة التي هدفت إلى تحقيق معنى التوحيد .. كثيرة هي التفاصيل والأمثلة التي أود أن أشير إليها، ولكن الأمر صعب الوصف "