قال الله عزوجل مخاطبا نبيه عليه الصلاة والسلام: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) ويقول بعضهم: "كن شمعة تحترق من أجل الآخرين" حسنا إليك ما يحدث بعدما تحترق... #Co-dependency # يترجم إلى الإعتمادية المشتركة أو التعلق المرضي المشترك ولكن المترجم هنا اختار" الإهتمام المرضي بشؤون الغير" هو مصطلح حديث ظهر نتيجة ملاحظة سلوك المقربين من المدمنين على الكحول وهو استجابة نفسية تحدث لمن يرتبطون بالأشخاص المدمنين، المصابين باضطرابات عقلية أو نفسيةأو إعاقات ...وبرأيي كثير من الأشخاص الطبيعيين يعانون من أعراضه بنسب متفاوتة. بما أن الكاتبة متعافية إلى جانب كونها استشارية علاج تستخدم في الكتاب عبارة "نحن المهتمون بشؤون الغير" وهي عبارة حميمية أحسبها تخفف من نبرة الاتهام واللوم التي قد يوحي بها استعمال ضمير المخاطب وهو آخر ما يحتاجه شخص مهتم بالغير. تحاول الكاتبة أولا توضيح المصطلح وتنبه أن الاهتمام المرضي يختلف عن الاهتمام الطبيعي الذي يكون بإرادتنا وفي حدود قدرتنا هو سلوك قهري ينتج عن الشعور بالمسؤولية تجاه الآخر والاضطرار لرعايته وتلبيية احتياجاته وعدم القدرة على رفض طلباته. حيث يبدأ الأمر برغبة صادقة في تقديم العون أو الإنقاذ مدفوعة بشعور الذنب والأسى ولكنه يتحول إلى محاولة السيطرة على سلوك الآخر والتحكم به باستخدام الترغيب والترهيب. وبعد كل عملية إنقاذ أو أثناءها نشعر بالغضب لتعرضنا للأذى والاستغلال ثم نعود ونشعر بالذنب لأننا غضبنا على أولئك المساكين. أي أننا ندور في حلقة مفرغة بين أدوار الجلاد والمنقذ والضحية فيما يعرف بمثلث كاريمان. هذا السلوك يؤذي الآخر بحرمانه من النضج والتطور إذ أننا بممارسة الوصاية عليه نمنعه من التعلم من أخطائه وتحمل تبعات أفعاله، وقد يزيد الطينة بلة إذا قرر التمرد علينا وتعمد الاستمرار في الخطأ انتقاما منا على إشعاره بالعجز. أما الأذى الأكبر فإنه يقع على المهتم بشؤون الغير فبينما نتخذ قرارات نيابة عن الآخرين نفقد قدرتنا على اتخاذ قرارات تخص حياتنا. بينما نشعر بالمسؤولية تجاه مشاعرهم نتهم مشاعرنا ونرفضها. بينما نلبي اختياجاتهم نهمل احتياجاتنا بل ونشعر بالذنب تجاهها. باختصار بينما نحاول السيطرة على الآخرين نفقد السيطرة على أنفسنا وبدل أن نعيش حياتنا نقوم فقط بردود أفعال على ما يعيشه الأخر. إننا نقيم أنفسنا بمقياس ما نقدمه للآخرين لذلك يلاحظ أن المهتمين بالغير يميلون لتكوين علاقات غير صحية مع مضطربين. فهم يبحثون دائما عن شخص لإنقاذه إذ لا سبيل لتقدير ذواتهم غير ذلك. وللحل تقدم الكاتبة اقتراحات ونصائح تتضمن الإنفصال العاطفي عن الآخر بوضع حدود نفسية و الإستقلال بتعلم الإهتمام بالنفس وفهم مشاعرنا والتعامل معها خاصة مشاعر الغضب والذنب ثم تعلم التواصل مع الآخرين بقول لا لما لا نريده وطلب ما نريده بوضوح. الكتاب جيد في المجمل ورغم أنه يركز على فئة المقربين من المدمنين فهو يساعد على توضيح المشكلة للجميع ويقدم أفكارا مفيدة لصحة العلاقات.