شرط الإبداع استيعاب العلوم والآداب استيعابا يترتب عليه تملكها وأن تصير جزء من الفكر والخيال والشعور ولا تستوعب إلا أن تكون باللغة الأم. وقد بين هذا الكتاب ما ترتب على قلة علم العرب بالعربية من تقليد وضعف إنتاج وما ترتب على اصطناعهم اللغات الأجنبية في التعليم من تخلف وضلال سعي وهدر مال وأعمار وجهود لان اللغات الأجنبية حجاز بين غير أهلها والعلم. من أجل ذلك كان لزاما أن يأخذ عليهم التعلم بها مسالك التقدم ويبقيهم تبعا.
أكتب تعليقات لا مراجعات على كل جزء، فالمراجعة سأكتبها بعد الانتهاء من آخر جزء مطبوع
هذا الكتاب عظيم ولو كنت أمامي وسمعت هذه الكلمة لسكن طويلاً بعد كلمة "عظيم" لكي أجعلك تستوعب الكلمة جيداً وسآخذ نفساً عميقاً وأهم بأن أقول شيئاً فأسكت لأنني في إزاء جهد يستلزم طاقة عقلية ولسانية لحكاية شعوري العارم الذي أحسست منذ بدايتي بهذه السلسة فقد عرفت من الصفحات الأولى أن من المرجح دخول هذا الكتب ضمن أهم سبعة كتب قرأتها في حياتي وتلك الكتب تصل لمرحلة الحضور الذهني الذي يؤثر على قراراتي في الحياة وحكمي على الأشياء وتفكيري في القيم وتعاملي مع الناس هناك كتب حين أقرؤها أثق بأنها سوف تصمد صموداً قوياً أمام اختبار الزمن، وسوف تبقى مراجع يعود إليها الناس ويقتبسون منها لمئات السنين، وهذا الكتاب أحدها، هذا ما أعتقده في أعماقي وأسمع في داخلها دويّة وللحديث بقية..أيُّ بقية
شرط الإبداع استيعاب العلوم والآداب استيعابا يترتب عليه تملكها وأن تصير جزء من الفكر والخيال والشعور ولا تستوعب إلا أن تكون باللغة الأم. وقد بين هذا الكتاب ما ترتب على قلة علم العرب بالعربية من تقليد وضعف إنتاج وما ترتب على اصطناعهم اللغات الأجنبية في التعليم من تخلف وضلال سعي وهدر مال وأعمار وجهود لان اللغات الأجنبية حجاز بين غير أهلها والعلم. من أجل ذلك كان لزاما أن يأخذ عليهم التعلم بها مسالك التقدم ويبقيهم تبعا. وعرض نتائج البحوث والتجارب والدراسات الميدانية التي درست آثار التعليم بالعربية واللغات الأجنبية في الوطن العربي, وتجارب الشعوب في التعليم بلغاتها, وماترتب عليه من تقدم وتنمية وتوطين للعلم. وكان غرض ذلك العرض بيان أن مستقبل العرب العلمي والحضاري رهن بالتعريب وأن لما يبدي بعض السياسات من الاصرار على اصطناع اللغات الأجنبية في التعليم مآرب غير تربوية
فهرس الكتاب اللغة والإبداع اللغة والتعلم حصاد التعليم باللغات الأجنبية في الوطن العربي ما لا يقال: أسباب الإصرار على التعليم باللغات الأجنبية إقصاء العربية من أقسام اللغات الأجنبية تعلات ومعاذير تعليم اللغات الأجنبية: حقائق لا نعتد بها
-- اقتباس:
"إن استعمال المفردة الدخيلة يستوجب إماتة مرادفتها العربية, ومن أمات كل يوم مفردة عربية وأحل محلها مفردة أعجمية فإنما يسارع في إقبار العربية .."
"كل تربية صحيحة لا يمكن أن تُبنى إلا على اللغة القومية... إذ الاستعمار العقلي هو أساس الاستعمار السياسي والاقتصادي والعسكري"
"أكبر تهديد للغة أن تقصى من المهم من شؤون الحياة كالعلم والتعليم والإدارة والإعلام والمال والأعمال والثقافة ويجعل ذلك للغات الأجنبية"
قيّم جدًا.. لولا الإسهاب في الإحصاءات لكان أجود، وإن كان ذلك لغرض معين وهو ألا يجعل حجة للجهلة والعملاء الذين أوضعوا في وحل اللغات الأجنبية التي لا تقيم أمة، ولكن في ظني أنه أمكن الاإيجاز قليلًا، أو الاقتصار على ذكر الإحصاءات في موضع واحد بفصل معيّن مع عمل إحالة، دون حاجة لتكرارها على مدار الفصول.
كذلك كرر كثيرًا فكرة أن العلوم لا تنفذ إلى أذهان حامليها النفاذ الكامل الذي يطابق الحيازة والفهم التام المعين على التخليق وإبداع المعرفة وتوطينها= دون أن يكون باللغة الأم التي تشكل إدراك الإنسان بها، فهي لا تنفك عن إدراكه بتاتًا، بل من لا يلتقط اللغة من البيئة المحيطة إما يموت وإما يضمحل عقله ولا يكاد يبين، فهو وعي زُبِر بلغة النشأة بلا انفكاك، لذا صح في حقنا أننا لن نحرز شيئا في العلوم بلا فهم لها فهما تاما وباب ذلك اللغة العربية فقط. هذه الفكرة جميلة ومكتملة، ولعله كررها للحاجة إليها مثلًا.
أما "عدم جاهزية اللغة" فهي حجة ضعيفة كذلك، لأن اللغات لا تكون جاهزة دون أن تُلقى في معمعة العلوم، وتبدأ تصدر فيها التآليف، والمصنفات، حينها تكثر المصنفات في العلوم وتقوم اللغة على ساق، أما انتظار أن "تنضج" هكذا فهو إما سفه وإما تمطيط للمسيرة وإركاس في التخلف بفعل فاعل.
أما وقد أوضع عملاء فرنسا وبريطانيا في الفتنة قرنًا أو قرنين، ولم يخرجوا بطائل، فقد آن الأوان لان نشرع في تجربتنا بأنفسنا.
من الفصول المهمة كذلك الفصل الذي استعرض فيه السياسات الفرنسية والإنجليزية في التعليم، والتي لا تعلّم الطفل لغة أخرى حتى الإعدادية أو الثانوية حتى، ولا يحصل تعليم أبدًا بغير اللغة الأم، ونفس الشيء ما على نحوهم من دول على هامش التاريخ والحضارة مثل فنلندا ونحوهم ممن لم يعرفوا بعلم أو تراث سابق أو مخزون حضاري مثل العرب، الذين كانت لغتهم لغة العلوم أصلا ولم نزل نرى مصطلحاتنا تطفح في الاصطلاح الأجنبي في علوم معقدة كذلك، فالحاصل أننا أولى من غيرنا ولسنا أسوء حالا من اللغة الكورية والفنلندية أبدًا، بل العكس، وما برعوا فيه لن نعجز عن أضعافه.
كتاب جيّد ومجهود طيّب، كتب الله أجر الشيخ، والحمد لله على التمام
عن التعريب وأهميته في تعليم العلوم وعلاقته بالابداع والتقدم في مقابل سياسة التعليم باللغات الأجنبية وآثارها السلبية .. وعن تعلم اللغات الأجنبية في المدارس وعلاقته بالتأخر الدراسي وعن الثنائية اللغوية.. مع كثير كثير من الاحصائيات الرسمية والدراسات الميدانية المدعمة لما يراه المؤلف.