عن مشروع دو سو سير الفكري- اللسانياتي والسيميائياتي. يعد هذا الكتاب مرحلة حاسمة من مراحل مشروع دو سوسير الرامي إلى مراجعة الأصول العلمية التي يجب أن تبنى عليها اللسانيات-بوصفه إياه بفلسفة لِلسانيات.
أودع فيه أهم مسائله النظرية؛ أحد أهمها: التمييز بين تاريخية الصوتيات وآنية المورفولوجيات.
كما أنه ينقد ويصحح الكثير من الموروث الفكري وغيره ل دو سوسير (عما ألّف عنه أو روّج عنه./ ك كتاب محاضرات في اللسانيات العامة الذي كتبه من بعد موته "شارل باري وألبير سشهاي" استناداً على مادونه عنه طلبته أثناء المحاضرات التي القاها دو سو سير بحامعة جنيف بين سنتي 1907 و 1911, ونشراه في سنة 1916. الذي ينظر إلى كتابات دو سوسير الجديدة سيدرك البون الشاسع بين الأسلوب العلمي الذي انتهجه دو سوسير في التعبير عن أفكاره، عن الأسلوب الذي انتهجه شارل بالي و ألبير سشهاي في كتاب المحاضرات .) أو التصورات التي علقت بتلقي فكر دو سوسير اللسانياتي-السيميائياتي- الذي أسيئت قراءته أو فهمه أو تأويله أو نقله. “…منها الجملة الأخير التي اختتمت بها كتاب المحاضرات بالقول: " إن موضع اللسانيات، الحقيقي والوحيد، هو اللسان في ذاتها ولذاته." وهي الجملة التي أثبتت الدراسات الحديثة براءة دو سوسير منها، بل هي، في حقيقة أمرها على العكس تماماً مما كان دو سوسير يلقنه لطلابه. وهو ما يكشف عن جهل تلاميذه بجوهر مشروع دو سوسير اللسانياتي، القائم أساساً على عدم الفصل بين لسانيات للسان، ولسانيات للكلام." ص132
كما يلقي الكتاب الضوء على حياة دو سوسير العلمية والمهنية، حيث نهل من علوم عصره وليس كما يشاع عنه. في كتابه أو ما نسب له؛ محاضرات في اللسانيات العامة التي تظهر فيه اللسانيات مستغنية عن العلوم المتاخمة لها. والعمس صحيح، تأثر دو سوسير كثيراً في الرياضيات وصاغ منها عدد من المسائل اللسانية؛ مصطلحي الرباعيات والتوازي يعبران عن العلاقة التي ما انفكت اللسانيات تقيمها مع الرياضيات.
لابد من الإشارة بأن الكتاب رائع للمهتمين بقضايا الترجمة وشجونها .
كتابٌ كتب بطريقة القفز كما يقول عبد الفتّاح كيليطو؛ وهذا القفز يتجلّى أثناء قراءتك للكتاب حين تتنقل من فصل إلى فصلٍ ومن بابٍ إلى بابٍ؛ فليس هناك عقد ناظمٌ للكتاب؛ وهذا راجعٌ لأنّه في الحقيقة مجموعة من المسوّدات كان قد كتبها دو سوسير وحفظت في مشتل تفاحٍ خاصٍّ بآل دو سوسير وعثر عليها سنة 1995م وتمّ نشرها سنة 2002 ضمن كتاباتٍ في اللسانيّات العامّة بإشراف سيمون بوكي ورودلف آنغلر؛ ويتّضح أنّ طريقة الجمع كانت تخضع للاجتهاد من قبل المحقّقين، ويمكن أن نلمس أنّ العقل الباطن لكليهما الأّي استضمر طريقة تلقّي اللّسانيّات العامّة لدوسوسير طيلة القرن الماضي أثّرت في طريقة ترتيب الكتاب، رغم محاولة الكاتبين تبيين حقيقة أنّ الكتاب مخالفٌ تمامًا لما كتبه دو سوسير أو بالأحرى كتبه شارل بالي وألبرت سيشهاي، أمّا القفز الثاني فيتّضح في طريقة المحو والتّشطيب الّتي ظهرت في الكتيّب؛ لأنّها كما قلنا مسوّداتٍ كان دو سوسير يراجعها مرارًا وتكرارًا ويدعها مدّة ويعود إليها، وبالتّالي الكتاب غامضٌ ويحتاج إلى مفتاحٍ للولوج إلى أغلب ما طرح فيه من مبادئ وعناصر تخدم اللّسانيّات من خلال جوهريها الكلام واللّغة.