Jump to ratings and reviews
Rate this book

قاف قاتل سين سعيد

Rate this book
"اقتحم عناصر الشرطة بيت أم غريب ونبشوه، وجدوا هناك علب سجائرنا، وعصي العراكات، وأدوات تحضير شاي، وبقايا عود وليد أبو سمرة المكسور، وأشياء أخرى كانت موجودة بالبيت قبل أن يهجره أهله في الغزو. ومن ضمن ما وجدوا فردة نعل، حجمها كبير، ملقاة في الحوش، سرعان ما تعرّف عليها الأصدقاء عندما عرضتها الشرطة في المخفر أثناء التحقيق: نعل جونكر."
*
يجد المحقّق ماجد، في لغز مقتل سعيد جونكر، سببًا لتوالي أيّامه الرتيبة. إذ يفتح تحقيقًا مضى على إغلاقه سنوات طويلة، فيعود ينبش في ماضٍ اتّفق الجميع على تجاوزه.
يأخذنا السّرد ذهابًا وإيابًا بين التسعينيات والزمن الحاضر، بين الواقع والسّحر، ويتلوّن كثيرًا مقدّمًا للقارئ رواية مفخّخة بالانتظار والدهشة.
*
عبدالله البصيّص، شاعر وروائي من الكويت. نال جائزة معرض الشارقة الدولي للكتاب عام 2017 لأفضل رواية عربية عن رواية "طعم الذئب". صدرت له أيضًا رواية (ذكريات ضالة) ومجموعة شعريّة نبطيّة (ديوان الأفكار).

426 pages, Hardcover

First published January 1, 2020

138 people are currently reading
4668 people want to read

About the author

عبد الله البصيص

6 books863 followers

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
802 (45%)
4 stars
598 (33%)
3 stars
267 (15%)
2 stars
75 (4%)
1 star
34 (1%)
Displaying 1 - 30 of 499 reviews
Profile Image for Pakinam Mahmoud.
1,018 reviews5,148 followers
December 24, 2024
قاف قاتل..سين سعيد..عين..عبدالله البصيص..
ميم...مُبدع😍
هل كلمة مُبدع معبرة كفاية؟الصراحة...لأ:)
نحن أمام كاتب من العيار الثقيل ..موهوب جداً ..ذكي ..مختلف..إستطاع بقلمه أن يحول قصة عادية إلي رواية إستثنائية..

-تتحدث الرواية عن محقق شاب قرر أن يعيد التحقيق في قضية إختفاء المراهق سعيد جونكر وهي قضية أغلقت منذ أكثر من عشرين عاماً...
رواية تُعتبر بولسية لكنها ذات عمق نفسي لم نعتاده من قبل في مثل هذا النوع من الروايات خصوصاً لو رواية عربية..

بإسلوب سرد ممتع ..حبكة ممتازة..و بلغة آسرة سيجبرك عبدالله البصيص لترك كل شئ والدخول معه لتعيش داخل صفحات هذه الرواية..

ستجد نفسك تفكر في كل صفحة بل أحياناً في كل جملة علي ما تحتويه من رسائل .. .ستتوقف كثيراً أمام كلماتها الساحرة بما فيها من عمق وجمال في نفس الوقت..
لن تهتم بحجم الرواية الكبير بل ستجري وراء السطور لتلتهم أكبر قدر من صفحاتها وإنت في قمة الإستمتاع...
شخصيات الرواية مرسومة ببراعة فائقة وسوف تشعر إنك تعرفهم لدرجة إني مازلت أفكر بهم حتي بعد الإنتهاء من الرواية و لا أظن إني سأنساهم بسهولة...

تقييمي للرواية ٤ نجوم ولكن موهبة الكاتب..إسلوبه الرائع وإستمتاعي بالرواية أجبروني إني أزود نجمة وضميري مرتاح جداً كمان:)
أول لقاء لي مع هذا القلم الكويتي المميز..وياله من لقاء..😍

عبدالله البصيص ..هذا الإسم، متأكدة إننا سنذكره كثيراً الفترة القادمة..

"أريدك أن تعرف شيئاً واحداً فقط؛إنك مميز ليس لأنك رأيت شيئاً لم يره أحداً من قبلك،بل لأنك الوحيد في هذا العالم الذي يكون أنت.."
Profile Image for Araz Goran.
877 reviews4,698 followers
October 7, 2020
لو كنت سأرشح رواية عربية ، ستكون هذه الرواية في قائمة أولوياتي..

هذه الرواية هي من أجمل من كُتب في هذا الجيل، بفضل قوة السرد وجمال الأسلوب والإيقاع البديع والتحريك المغري للرواية والأحداث، كل شيء ينبض في هذه الرواية، كل شخصياتها قوية ومبينة بصورة واضحة ، شخصيات لها وزنها في الرواية ليست مجرد أشباح أو ظلال، بل تشعر في أعماق نفسك أنها شخصيات أقرب ما تكون للواقع.. الشخصيات ستظل عالقة في الذاكرة لمدة طويلة (فهد نشوان، عادل، سعيد جونكر، زهرة، ماجد، عباس الإيراني، المومياء) ، ربما أقول أن بناء الشخصيات هو أكثر ميزة في الرواية، هذا البناء الذي تشعر به ينبع من الواقع..

لم أقرأ الكثير من الروايات البوليسية العربية، ولكن هذه الرواية بالتحديد عبرت كل القوالب التقليدية ، تجد فيها الجانب النفسي والعاطفي المربك والخيال والواقع وأجواء البيئة العربية بشكل عام، تشعر أن الرواية مرسومة ومكتوبة بعناية بالغة، لست مندهشاً من قوة الكتابة لدى البصيص هنا، ف رواية (طعم الذئب) كانت كافية كي تعرفني به، دخلت إلى هذه الرواية بسقف طموحات عالٍ ورغم ذلك لم يخب توقعاتي بل بالعكس ربما وجدت ما هو أكثر من ذلك.

الرواية ذكرتني برواية بوليسية أخرى ألا وهي رواية (الوعد) ل فريدريش دورنمات، لها نفس الطابع النفسي الدرامي وأيضاً تختلف هاتان الروايتان عن النوع المألوف في هذا المجال الأدبي..

رواية عظيمة ، لا تضيعوا فرصة قرائتها ..
Profile Image for Odai Al-Saeed.
943 reviews2,918 followers
March 14, 2020
عندما تختزل الذكريات على هيئة صور تحييها الذاكرة الخيالية الآفاقة وعندما تستمد (النستولوجيا) بهائها الذي يحرك وجدانك العاطفي والحسي والسياسي بذائقة مرتفعة سوف تعرف أنك مع قلم ( البصيص) ذلك القلم المعقود على نواصيه آمال الكتابة العربية
وتختلج في طيات كتاباته قبول مدهش لكل من يعبر بأثر عين قارئة نمط سرده الذي لا يمل
في رواية تعبر عن الحدث وشجن الذكريات والعواطف البريئة تتشكل حكايا وقصص كتبت بدم القارئ قبل قلمه وقبل أن تقول التكنولوجيا كلماتها الكافرة ...إنها من الروايات التي تقرأ على مهل وتتوق النفس لقرائتها ثانية ...لك أن تتخيل عزيزي القارئ أن أحداثها عندما انتهت زارتني في أحلامي تأثراً فهي لم تنتهي مني ...يقال أن الرواية الحقيقية هي من تبقي أشخاصها حاضرين لديك في اللاوعي وتبقى الذاكرة محتفظة بشخوصها وهذا ما حدث بالفعل.
الحدث التسعيني الذي صنع أحداث تصعب أن تتركب دون قصة ،وقصة كي تحكى لا بد لها من وجع وألم بحجم قلب كاتبها ...من أروع ما قرأت ...رواية للبوكرإن أحسنوا الإختيار
Profile Image for BookHunter M  ُH  َM  َD.
1,694 reviews4,643 followers
February 3, 2023

حالتنا يا عباس لا تكون انعكاسا لظروفنا. بل نتيجة لما نفكر به. لهذا تميل وجوه الأطفال إلى ملامح السعادة.
ق قاتل .. س سعيد.
و هل يكون القاتل سعيدا؟ لا يا صديقي فالمقتول هو السعيد.
عجبا مقتول و سعيد! ليس سعيدا بل اسمه سعيد.
أنا في حاجة إلى أن أكون شريرا. الشر يمنع عني الأذى. الناس يؤذون الطيب لأنهم يعلمون أنه طيب. و يبتعدون عن الشرير لأنهم يعلمون أن ردة فعله مؤذية. كيف لي أن أكون طيبا و شريرا معا.
عجبا لأمر الإنسان. هذا الكائن المعقد المتناقض. منذ لحظة القتل الأولى التي أعمل فيها قابيل فأسه في رأس أخيه و البشرية لا تسمي هابيلا بل فقط قابيل. فهو الذي عاش و ليس من الفأل أن نتسمى بأسماء من ماتوا سيما و إن كانوا من الودعاء الطيبين.
هنالك شيء في الحياة يمنعنا من التصرف كما يحلو لنا. نظام يأخذ ما نريده بالاتجاه المعاكس. و يعطينا الأشياء التي لا نرغب بها. نظام يقول لنا أننا لا نملك من أمرنا إلا أن نقف في كل مرة نرى الأشياء تجرى خلافا لما نريد و نتنهد و نهمس كما همست حينها.
بين إرادتنا و إرادة القدر و بين قدرتنا على الحلم و قدرتنا على الفعل و بين ظروفنا و أحلامنا تشكلنا الحياة و تتشكل بنا فمنا من يقع في فوهة القاف و من ينزلق في قعر السين و لا يبقى في النهاية منا إلا الحروف التي يمحوها الزمن بعد ذلك لتتشكل قصص أخرى في أزمان أخرى بمداد أقلامنا التي جف حبرها على الورق.
الناس لديهم استعداد غريب لتصديق حدوث الشر و عدم الاكتراث لأخبار الخير. الأوهام التي يفرضها الإحساس بالخطر من الشر أكثر تأثيرا من التي تتركها الرغبة بالانتفاع من الخير. حيث يكون التصديق اجراء وقائيا تستدعيه الغريزة لتجنب الضرر المحتمل.
Profile Image for Sherif Metwaly.
467 reviews4,205 followers
March 11, 2021

قرأتُ أعمال عبد الله البصيّص بترتيب صدورها، في "ذكريات ضالة" كان الانبهار الأول بقلم شاب رصين وواعد، فكان الحديث عن مواطن الجمال في مراجعتي عنها طويلًا؛ ومع "طعم الذئب" زاد جمال قلمه وتفوق على نفسه في السرد فضاقت مساحتي للتعبير وكان أن عجزت نسبيًا عن الكلام بطلاقة ووصف ما يعتمل بداخلي تجاهها كما ينبغى، فجاءت مراجعتي عنها أكثر إيجازًا.

أما هنا، فيا الله على ما يوجد هنا يا سادة، عبد الله البصيص ضرب سقف التوقعات واعتلى قمة منحنى إبداعه فغرّد وأبدّع على قيثارة اللغة معزوفة أدبية من طراز بديع، يا الله ما هذا الجمال؟، أيّ لغة وأيّ سرد وأيّ سحر تملّك هذا القلم ليخلب عقلي ويشجي قلبي بهذه النشوة؟. هكذا تسير الأمور دائمًا مع الأعمال العظيمة، عظمتها تلجمك وتفقدك النطق فتتكلم بعبث، لا تعرف كيف تتحدث عن القصة والسرد والشخصيات والتلاعب بخيوط الحبكة، ومزج الخيال بالواقع والإثارة بالدراما والتاريخ بالحاضر، كيف تصف مزيج الحب والحرب وبراءة الطفولة مع قسوة الجريمة، أو كيف تتغزل في شخصية بعينها دون أن يخونك الوصف، فتكتب بلا نسق ولا ترتيب لتخرج كلماتك عشوائية انفعالية كتلك التي أكتبها، وهذا والله شعور لا يقدّره إلا من ذاقه.

أسجل كلماتي تلك فقط لتوثيق هذه اللحظة فور إغلاق الرواية، هذه النشوة، وهذا الإنفعال وضربات القلب المضطربة وفوران الدماء في عقلي إرتباكًا وسعادًة وصدمةً من النهاية، ربما تهدأ هذه الإنفعالات فيما بعد فأرى ما يمكن كتابته، وربما لا أفعل وتظل هذه السطور هنا كأفضل دليل على أن عبد الله البصيّص قد وصل إلى منطقة الكتابة التي تفقد القارئ القدرة على وصف بهائها، وكأنه أمامها لم يعرف معنى الحروف يومًا.

تمت
Profile Image for Ayman Gomaa.
506 reviews782 followers
September 7, 2024
"أريدك أن تعرف شيئاً واحداً فقط؛إنك مميز ليس لأنك رأيت شيئاً لم يره أحداً من قبلك،بل لأنك الوحيد في هذا العالم الذي يكون أنت.."

كم كنت أحتاج إلى هذا العمل القوي لاستعادة أمجاد اللغة العربية والروايات العربية مؤخرًا. على مدار السنتين الماضيتين، كانت معظم الأعمال المصرية الحديثة التي قرأتها باهتة وركيكة، ولذلك نفرت من الأدب المصري الحديث وغرقت في كلاسيكيات الزمن الجميل. أيقنت أن عصرنا الذهبي قد انتهى بلا رجعة مع رحيل نجيب محفوظ، وخيري شلبي، وأخيرًا رضوى عاشور. بعدهم، انحدر الأدب بشكل سريع، خاصة مع تصدر أعمال أدب الرعب والجريمة التي طغت وضحلت أفكارها، باستثناء بعض الأعمال القليلة التي لا تتعدى أصابع اليد.

مع انحدار مستوى الأدب المصري مؤخرًا، بدأ يتردد على مسامعي الأدب الخليجي بكثرة. كانت البداية مع "ساق البامبو" للأديب سعود السنعوسي، ومن بعدها توالت الأعمال الخليجية في الانتشار أكثر في مكتباتنا. وبرزت أسماء مثل إبراهيم نصر الله، وبثينة العيسى، وأخيرًا عبد الله البصيص الذي كان الشعلة التي انتظرتها طويلًا لاقتحم الأدب الخليجي بعد تردد. كانت تلك بداية خير ستتبعها أعمال كثيرة، ويعود الفضل في ذلك للبصيص.

هناك عوامل كثيرة تنبئني بقوة العمل المقبل عليه. قليلة هي الأعمال التي أقيمها بعد صفحات معدودة، وأنا لا أزال أكتشف ألغازها، لكن اللغ��، اللغة، اللغة هي ما يسحرني، وهي أول ما أنتبه إليه في أي عمل. أنا أهيم حبًا باللغة العربية المتقنة عند قراءتها، وأكره جهلي بقواعدها البسيطة بسبب تفشي العامية. تناول جلال أمين في كتابه "ماذا حدث للمصريين" ما حدث للغة العربية من انحدار، بعد أن كانت أساس التحضر في القرون الماضية، وذلك نتيجة الاهتمام باللغات الأجنبية على حسابها، مما جعلنا نفقد هويتنا تدريجيًا. وقد جاء المسيري، رحمه الله، ليُلخص الوضع الحالي.
“فإن العربية الفصحى وحدها هي القادرة على الأفصاح الكامل للواقع العربي، فهي لغة تمتد جذورها في الماضي، و تمتد فروعها في المستقبل. و لعل هذا هو السبب في أن قوى الرجعية في العالم العربي و قوى الهيمنة خارجه، و التي يهمها الحفاظ علي وضع التجزئة، تبذل قصارى جهدها لدراسة العامية العربية المختلفة، و تعتمد المبالغ الطائلة لوضع معاجم و قواعد لها، و تشجيع على استخدامها.”

استرسلتُ كثيرًا، لكنه سحر اللغة المعتاد. أما بالنسبة للعمل الذي نحن بصدده، فهو أول عمل أقرأه لعبد الله البصيص، وقد جاء بمحض صدفة جميلة. يعجز لساني عن التعبير بشكل وافٍ عن المشاعر التي فاضت بها هذه الرواية داخلي. أخذتُ أتحدث عن اللغة العربية، لكن كانت لغة البصيص هي التي أسرتني بكمالها ومفرداتها. جاءت الفكرة والنوستالجيا التي بين السطور لتسحرني، حتى أصبحت أتمنى أن لا تنتهي أبدًا. قد يُخيّل إليك أنها رواية بوليسية، لكنها كانت أعمق من ذلك، تحمل أبعادًا نفسية وأخلاقية ودراما مؤلمة وطفولة مشوهة. لم يأخذني البصيص فقط إلى أجواء التسعينيات ومعايشاتها، بل سافرت معه إلى الكويت بعد الغزو، وجدت نفسي أسير في الطرقات مع فهد وأصدقائه، أراهم أمامي وكأنهم واقع حي.
"تستمد الكلمات قوتها من كونها تجعل المعنى صورة و المخيلة تبعث بها الروح فتتحرك ; هذا ما يجعلنا فى كثير من الاحيان نرى حياة كاملة تحدث فى سطر"

تبدأ الرواية بالمحقق ماجد، الذي يشعر بالملل في عمله بسبب قلة القضايا المعروضة والرتابة المحيطة به. تأخذه الصدفة مع صديقه عباس الذي يتلقى خبرًا حزينًا بوفاة صديق الطفولة "فهد". ومع توالي الأحاديث، يتذكر عباس مع ماجد الطفولة وأسباب ابتعاد فهد عنهم وانطوائه بعد اختفاء "سعيد جونكر"، والاتهامات التي وجهت إلى فهد بقتله، ومن ثم غلق القضية نهائيًا دون حل. كانت تلك هي الشعلة التي انتظرها المحقق ماجد ليبدأ في نبش الماضي ومحاولة إشغال نفسه بقضية مضى عليها أكثر من 20 عامًا. تتوالى المفاجآت والصدمات تباعًا عندما يقع في يده 36 تسجيلًا، يحكي فيها فهد عن طفولته حتى اختفاء "سعيد جونكر"، وتأثير هذا الاختفاء على نفسيته، والسر الغامض المحيط بتلك القضية.
"كيف تغير من ولد تدفعه رغبته فى التميز على أقرانه الى ولد يتمادى فى الشر ثم الى كاره للمجتمع ؟، و من اين له هذة الكلمات الذى يعبر بها عن افكاره "

قد تبدو القصة عادية أو ليست بالجديدة، لكنها على العكس من ذلك. فالأهم كان ما بين السطور من أفكار، وتأثير العنف في المجتمع على أطفالنا، وكيف تتبدل براءتهم تدريجيًا. يمكن الحديث كثيرًا عن الرواية، لكن بعض النقاط البسيطة تكفي:

- التغير الذي طرأ على الأطفال، وأولهم فهد، بعدما كانوا يلعبون بالكرة قبل الغزو، ثم ميلهم إلى العنف والعراك اليومي وفرض السيطرة بعد الغزو.
- العدالة ليست سهلة التطبيق بسبب ضعف الإنسان، لكن عذاب النفس المترتب على ذلك كفيل بأن يغرقك في أنهار من الألم.
- تأثير الأجهزة الحديثة على المجتمع وخصوصية الإنسان.

" أتعرف يا عباس لما سن الطفولة هو الاجمل فى عمر الانسان ؟ "
" لان فهمنا فيها يكون محصوراً فى الاشياء التى تسعدنا فقط و نترك فيهم الاشياء التى تزعجنا لانه لا تعنينا ، و كلما كبرنا أصبحنا نريد ان نفهم الاشياء التى تزعجنا فى الحياة ; لنعالجها، ونتجنب فهم الاشياء التى تسعدنا لأننا نقل من أهميتها. حالتنا يا عباس لا تكون انعكاساً لظروفنا، بل نتيجة لما نفكر به ; لهذا تميل وجوه الاطفال الى ملامح السعادة، و تميل وجوهنا الى تعبيرات الانزعاج . "

أخيراً : لا أتابع جائزة البوكر ولا تشغل اهتمامى مؤخرًا لكن سوف تكون سقطة اخرى من سقطاتهم التى لا تحصى إذا لم يتم ترشيحها في القائمة الطويلة على الأقل.

رواية سأذكرها طويلاً وستعيش طويلاً أيضًا. كانت قراءة ولا زلت على رأيي إنها كانت تستحق جائزة البوكر في عام إصدارها. كانت قراءة مشتركة مع هدير وقد زادت القراءة جمالًا بمناقشتها معًا
Profile Image for سارة سمير .
789 reviews529 followers
April 27, 2024
المراجعة دي قد تحتوي على حرق لبعض الاحداث فجربوا بنفسكم قبل ما تقرأوا المراجعة دي من الأول

الرواية دي دخلتها بقلب جامد بعد ما اتشكر فيها من اغلب الاصدقاء بشكل كبير جدا
وللأسف طلعت فيلم هندي بجدارة
مش هقدر اقول ان اللغة ما كانتش قوية والكاتب كان اسلوبه كويس بغض النظر عن بعض الملحوظات اللي ما قدرتش احبها في اسلوب الكتابة زي مثلا انتقاله من طريقة الراوي على لسان فهد لفجأة زي ما يكون بيحكي لحد بطريقة المخاطب ودي لخبطتني شوية في اني افهم دا تعليق ماجد ولا كلام فهد

القصة بتدور احداثها حول الظابط ماجد اللي بيمشي على خطى عمه عادل تماما
من اول الدراسة والوظيفة وحتى المكتب نفسه وحبه للقراءة واللغة والكتابة
بيقرر يعيد فتح قضية قتل واختفاء قديمة بعد وفاة فهد واللي عاش طول عمره متهم بقتل صديقه سعيد

انا مش قادرة افهم ازاي فهد يخوض المصائب دي كلها ومجموعة كبيرة جدا من زمايل الدراسة متورطين في نفس الاسلوب الاجرامي والارهابي في التعامل مع بعض .. وما قدرتش الاقي ولا مرة تدخل سواء من الاهل او ادارة المدرسة او حتى الشرطة نفسها بما ان بعض جرائمهم كانت بتحصل في الشارع وفي العلن

مش عارفة اللي حصل لما شاف فهد كل حاجة حصلت او زي ما مخيلته بينت له وشاف سعيد وطريقة اختفاؤة فجأة كدا اقتنع في لحظة وخصوصا بعد تفسير اللي حصل في آخر الرواية ما قدرتش اقتنع ابدا ان فهد كمل حياته عادي جدا واقتنع بالفيلم الهندي اللي شافه دا وصدقه بشكل كبير وعاش في وهمه كمان وانتظرت كتير ان تتحول شخصية فهد لشخصية مريضة بتعاني من اضطراب عشان اقدر ابرر اللي حصل

في نفس الوقت عيشنا تفاصيل كتير على لسان ماجد عن عمه عادل حولته لقديس حرفيا ورغم تغيير الفكرة تماما بعد كدا الا ان ماجد برضو بيميل لتقديس مكانة عمه مهما كانت النهاية او حتى سبب انه يصبح شخصية بكل المثالية دي رغم المصيبة الكبيرة اللي حصلت منه

ازاي اقدر ابرر اللي حصل واعيش معاه واواجهه بكل البرود والهدوء دا .. دي شخصيات مضطربة كلها ومحتاجين علاج شامل الحقيقة
ما قدرتش احب ولا شخصية منهم ولا ارتبط بيها .. لا فهد ولا صقر ولا ماجد ولا عادل ولا زهرة ولا اي حد
يمكن يكون سعيد الشخصية الوحيدة اللي كانت مفهومة وكان صريح نوعا ما

حسيت الرواية شوية اقتباسات بس مش اكتر ولاحظت الكل بيقول ان فيها جو فلسفي ودا اللي ما فهمهوش ابدا
وهي كلها عبارة عن حكاية شوية مراهقين بلطجية بالمعنى الحرفي والشمولي للكلمة وانهم ماشيين بالدراع ولا ماحدش يقدر يقف لهم لا وكمان ممكن نصقفلهم على السفاقة دي كلها
النهاية دي لوحدها تنزل نجمتين بالمستريح

يلا هي تجربة قفلتني عموما اوي ويمكن مش هقدر اكرر التجربة للكاتب في اي وقت قريب
وبحمد ربنا اني خلصتها وخرجت منها بسلام وبحجمها الكبير وكمية الملل المميت اللي شوفته فيها
Profile Image for محمد خالد شريف.
1,024 reviews1,233 followers
June 14, 2025

"هنالك شيء في الحياة يمنعنا من التصرف كما يحلو لنا، نظام يأخذ ما نُريده بالاتجاه المُعاكس، ويُعطينا الأشياء التي لا نرغب بها، نظام يقول لنا إننا لا نملك من أمرنا إلا أن نقف، في كل مرة نرى الأشياء تجري خلافاً لما نُريد".

رواية "قاف قاتل سين سعيد" هي التجربة الثالثة السعيدة لي مع الكاتب الكويتي "عبدالله البصيص"، فبعدما تذكرنا ما ضل من الذكريات، وتذوقنا طعم الذئب... حان وقت معرفة قاتل سعيد.

بمُجرد ما بدأت أحداث الرواية وأنا مأخوذ بالوصف لكل ما يحدث.. رُبما تبدو كرواية جريمة وإثارة وتشويق، ولكن هُناك بُعد نفسي لم أقرأ مثله من قبل. ذلك التحول من رواية بوليسية إلى رواية تُناقش وتُفسر ما يحدث لنا في سن المراهقة.. تلك الفترة التي نتشكل فيها روحياً وذهنياً وفكرياً.. تلك الفترة التي يكون عنوانها الاندفاع والجرأة والسخط على كل شيء.. وكأنك تمشي على خيطاً من دخان ومطلوباً منك ألا تسقط! كيف أنجو من تلك المرحلة العُمرية الحرجة؟

وما بين الميل إلى العنف الذي اتسم به الشباب في الفترة بعد غزو العراق للكويت.. الميل إلى الحصول على ما يحميه حتى لو كان غير شرعي مثل سكاكين الجيب، والمسدسات، وتكوين الربع "الشلة" ليكونوا كتلة عددية عند المُشاجرات.. لنثبت للجميع أننا لا نقهر حتى لو على حساب من هم منا! وبين التحولات القلقة التي تُصاحب فترة المراهقة من حُب لاظهار الذات حتى لو عن طريق المشاجرات والضرب، حُب للتميز بشتى الطرق، أن يخشى الجميع حتى النظر إليك.. يُحاول المُحقق "ماجد" معرفة من هو قاتل سعيد؟ ينبش الماضي عن طريق تسجيلات مصورة لـ"فهد". فهل سيصل إلى الحقيقة؟ لنكتشف عند النهاية أن الحقيقة ليست أهم شيء هُنا، بل ما سيترتب عليه بعد معرفتها.

هذه الرواية تحمل في طياتها العديد من الأفكار، كُلما تعمقت في التفكير فيها تجد نفسك اكتشف شيئاً جديداً. هي حكاية عادية بوليسية وتظهر عند النهاية إلتواءة بالطبع.. ولكن بالطبع سيستحوذ عليك الوصف الدقيق لمشاعر المراهقين الذي وبكل تأكيد ستجد منه في فترة مراهقتك.. ستلمس البراءة في علاقة الحُب الناشئة في الأحداث، وبكل تأكيد ستطرب وتستلذ بجمال اللغة والربط بين اللغة والأحداث.. تفكيك الكلمات لتعطي الكلمة معناها.. الاسهاب في الوصف حتى تشعر أنك تعيش الأحداث وتتعرق في الجو الحار للأحداث، تبكي مع فهد، وتنظر بلامبالاة مع سعيد، وتمتلأ بالحيرة كماجد. ويخنقك الندم كـ.. دعنا من هذا الاسم لتكتشفه بنفسك عند قراءة الرواية.

ختاماً..
بالطبع هذه أفضل رواية قرأتها للبصيص، رواية هامة ومُثيرة للاهتمام، تناقش العديد من المواضيع الجانبية بالإضافة إلى موضوع الرواية الأساسي؛ وهو المراهقة.. وموضوع آخر تفجر بقرب النهاية.. النهاية التي كانت.. رُبما لا أجد لها وصفاً إلا أن النهاية كانت كالدُنيا!
رواية بوليسية اجتماعية تحمل طيات عديدة من التأويلات والأفكار.. وبكل تأكيد يُنصح بها.
Profile Image for Hadeer Khaled.
287 reviews1,835 followers
March 4, 2021

إذا كان عنوان هذه الرواية يصيبك بالحيرة، فيجب عليك أن تدع هذا الشعور جانبًا، وتعرف لِمَ يجب عليك قراءتها...
"آه..الشر موجودٌ في الإنسان كجزء طبيعيّ من مكوناته، هناك من ينجح بإخفائه، وهناك من يفشل ويتركه على سجيّته. عليك أن تعرف أنك كنتَ تواجه نوعًا من أنواع الحيل التي تتجرّأ الحياة بها على الموت، لم تكن تعرف، كنتَ تحسب الحياة مطاردةً خلف أشياء لا تُنظَّم، تعديل مائل. وها أنت ذا تواجه اللحظة التي يكتشف الإنسان فيها أن الخطوط المستقيمة ليستْ كذلك."

........................................................

قرأتُ مذكرات الراحل عبد الوهاب المسيري منذ أربع سنواتٍ، ورغم حداثة سنّي، فقد كانت أفكار هذا العبقري نبراسًا مهيبًا، يُلقيني في مروج لانهائية وتحدُّني التساؤلات قاطعةً عليّ سُبلَ الهروب بعيدًا عن الحقيقة، ولا يمكن أن تُغيِّر السنون مهما طالت تعريفي لتلك الحقيقة، فهذا المُجلّد الضخم، أراد به كاتبُه ألا ينسى القارئ نقطة ارتكازه في هذا الكون المنيف؛ أنَّنا جميعًا بشر، أن الإنسان من المستحيل أن يُختزَل في حقائق علمية، أو قوانين صمَّاء تسلب منه ما جُبِل عليه من ثنائية، ثنائية الخطأ والصواب، النور والظلمة، الحق والباطل، فإنسانية الإنسان تقبع في المقام الأول بين الطريقين، لا في طريق بعينه، ولهذا لا أنسى تعريفه للأدب في ضوء تلك الفكرة:
"والأدب العظيم يتعامل مع الإنسان في أقصى تركيبته."
وعقب انتهائي من ٱخر صفحات روايتنا، استبدّ بيَ الصمتُ لتأمُّل ذلك الخيط الواهن الذي يربط تعريف المسيري للأدب العظيم وما فعله عبد الله البصيص، ولا أنكر ولعي الشخصي بتلك الفكرة تحديدًا، فكمْ أمقت المثالية والأدب المُجسِّد لها، ولا أفهم سر جاذبية كتاب يحكي لك عن الحق المُبتغى، أنحن في حاجة كي يخبرنا أحدُهم أن الخطأ يكمن في كذا وكذا؟ لا أظن ذلك ولا أتفاعل مع هذا النوع من الأفكار، بل أُشدَه في حضور الكاتب الذي يشاركني حيْرتي وألمي حين أتردد بين هذا وذاك، يهمس في أذني مُطمئنًا أنّي لستُ بمفردي، وسأستطيع أن أجد طريقي الخاصة، أن أفهم ذاتي وأخطاءها السابقة، لهذا السبب- وإنْ انعدمتِ بقية الأسباب- أحب قلم البصيّص، وأرى تلك الرواية من أعذب القراءات العربية التي مرَّتْ عليّ.

Screenshot-20210213-202724-1

بدايةً أودُّ الوقوف عند العنوان، وفي حالتنا تلك، فمن العسير أن نغفل هذا العنوان الذي خاطر كاتب الرواية بجعله سببًا لمسارعة القارئ إلى تصنيف الرواية، فكلمات على شاكلة (قتل-قتيل-جثة-جريمة-تحقيق....إلخ) تندرج تحت أدب الجريمة أو الإثارة بشكلٍ عامٍّ، خطوةٌ جسور جعلتْني أنا نفسي أتوقعها روايةً تمور بالمفاجآت البوليسية، أو انعكاسات مصيرية في الأحداث، ثم بعد كلمة "قاتل" لاحظتُ العنوان من بعيد، فكان طرازًا جديدًا بالنسبة إليّ، ليست جملة اسمية ولا جملةً فعلية ملأى بالتغيرات الزمنية، بل تهجئة، كالتي نشرح بها للأطفال طريقة الكتابة لأول مرة، قاف قاتل ثم حرف السين ثم اسم المقتول، سعيد؟ أم هو نعتٌ للقاتل؟ قاتلٌ سعيدٌ أم أن هناك من قتل سعيدًا؟ إذًا امتدَّتْ المخاطرة كي يفضح الكاتب في العنوان ماهية المقتول، أو فلنقُلْ إن الكاتب وضع احتمالًا قويًّا كي يُخمِّن القارئ موضوع الرواية ومصير مأساوي لأحد الشخوص، وعند البدء في الرواية سيفاجئك الكاتب أن تلك الشخصية كانت رئيسيةً وفاعلةً في الأحداث، كل تلك الأسباب التي فرضتْ عليّ إغراء تفكيك العنوان لم تجعلني أنسى الصفات الأساسية للحروف المُختارة، فالقاف الجهورة تقطع النفَس بدايةً كي تُهيئ صوتك للتلفُّظ بها، تمامًا مثل شخصية القاتل الذي فقد نفْسَه حين قتل بالخطأ مقتوله، ثم شدة انقطاع الصوت، صوت طلقات المسدس المُنطلِقة في أقل من ثانية، ثم يرتفع اللسان إلى سقف الحنك، كي نضع تفخيمًا في خروج الصوت، وهنا نرى ارتفاع جثة سعيد عاليًا أمام مرأى فهد، مُحاولًا فهم ما جعله يفقد صديقه الحقيقي والوحيد.

Screenshot-20210213-202714-1

السين؟ تأتي السين في تخاتل رقيق، كنسمة عابرة لا تشعر بها مُتكلٍّما كنتَ أم قارئًا، كي تظهر لنا الروح الخبيئة لسعيد، ربما فارق فهد بجسده، ولكنّ روحه ظلَّت في وعي فهد وذكرياته ودوافعه، السين تجعل النفَس يجري مع رخاوة خفيفة، اللسان مستفل لا يرتفع في دعة وخضوع، ثم انفتاح ما بين الفكين وعدم التصاق اللسان بسقف الحنك، تأبى تلك الروح أن تترك فهد الوحيد في ظلمة وحدته وحيْرته، قاف قاتل سين سعيد، عنوانٌ عند تأمله للمرة الثانية فور الانتهاء من الرواية، تشعر أن الكاتب يحكي الرواية في سطرٍ واحد، أسهدني تركيب هذا العنوان، ولكنْ بعدها ظهرَتْ المعضلة الأهم، فلم أفهم الرواية حين وصلتُ إلى حادثة مقتل سعيد، أعياني التفكير للوصول إلى كنه تلك الحادثة، أمن المعقول أن يكون سعيدًا من بنات أوهام فهد؟ أم أن تلك الواقعة فعلية وهذه ثاني تجارب الكاتب مع الفانتزيا، فلا أنسى تجربتي الأولى مع طعم الذئب، ونزعتُ إلى نفور الكاتب من الموضوعية، أو الواقعية، مُكررًّا تجربته في تلك الرواية أيضًا.


IMG-20210213-035734-284
...........................................................

"هنالك شيءٌ في الحياة يمنعنا من التصرف كما يحلو لنا، نظام يأخذ ما نريده بالاتجاه المعاكس، ويعطينا الأشياء التي لا نرغب بها، نظام يقول لنا إننا لا نملك من أمرنا إلا أن نقف، في كل مرة نرى الأشياء تجري خلافًا لما نريد."

.............................................................

تقع أحداث الرواية في مزاوجة بين الحاضر والماضي، واهتم الكاتب أن يكون الماضي مُشوَّشًا، في حقبة الحرب الكويتية مع العراق، وما نتج عنه من نزوح بعض العائلات الكويتية إلى السعودية، تظهر عائلة فهد حزينةً لاضطرارها المفاجئ للتأقلم في بلد أخرى بعيدًا عن الوطن، وهناك يجد فهد عزاءه في المسلسلات الكارتونية، وكعادة البصيص المغرم بتجسيد أزمة بطل حكايته في عناصر مادية يستلب منها القوة أو الأمل أو العنصر المفقود في صراعه، تصبح تلك المسلسلات بشخصياتها ذات تأثير حاسم في نفسية فهد الطفل ثم فهد المراهق، فهد الطفل الذي يصبو إلى تكوين البطولات، وتحقيق الأهداف ولفت الانتباه، فهد البريء المشتاق إلى أصدقائه ووطنه وأرضية ملعبه، ثم فهد المراهق حين تعود العائلة إلى حي الفردوس بالكويت، ويُفاجأ أن أصدقاء الطفولة لا يعيرون انتباهًا إلى كرة القدم وتكوين الفرق والبطولات، فهم يريدون لفت الانتباه بما خلَّفتْه الحرب في نفوسهم، العنف والاقتتال، وفي عباب تقلبات شن المراهقة الحرجة، تشتط الأمور باندفاع هائل، وتتحول جماعة فهد إلى مُثيري شغب، حانقين لا يؤمنون بسعادة غير تلك التي يعبونها عبًّا من نظرات الرهبة والخوف في نفوس أقرانهم، ويضطر فهد بعد رفضه المتواصل لتلك الأفكار أن يُجاريَ أصدقاءه، بل ويصبح قائدهم، ينزع أحيانًا إلى نفسه القديمة، فيبحث عن ذلك النور الضائع عند شباك زهرة، والتي بالمناسبة لم تكن حبيسة القضبان، بل فهد كان رغم موقعه الدائم في كل مقابلة، أن يكون حرًّا في الشارع، كانت القضبان حول فهد، كانت حائلًا يُعلن في صمت أن زهرة ستظل بعيدةً عن يديْه، لن ينالها في غمرة اختياراته الخاطئة.

..........................................................

"انهرتُ بعد ذلك...قيمة الإنسان الحقيقية ليستْ في ما يملك بل في ما يؤمن أنه يستطيع فعله، صِرتُ مثل بسكويت هشّ، تشعر بالخيبة كلما نظرت في المرآة إلى أثر الجرح قرب عينك، يشبه أثر انزلاق إطار سيارة على شارع."

..............................................................

تشتد الأمور خناقًا على فهد، بين نفسه الرافضة لهذه التغيرات ولكنّ رغبته في البقاء جوار أصدقائه، وحالة المراهقين الطبيعية الراغبة في فرض علامات السيطرة ونبذ معالم الطفولة الساذجة، وروعني الكاتب حين استطاع أن يصف بالكلمات صدمة فهد حين لم تعدِ الحياة بسيطةً تسطع فيها خطوط الأسود والأبيض، بل بات عليه أن يتحمل مسئولية قراره، وفقد خط الدفاع المُتمثِّل في مشاهدة شخصياته الكارتونية تؤدي الخطوة الصائبة على أكمل وجه، ودائمًا تتوقَّى الأشرار، ماذا يفعل وقد أمسى واحدًا من هؤلاء الأشرار؟ فيظهر سعيد، النظير النيِّر الذي يأمل فهد أن يصل إليه، أن يجلسا معًا في حديقة جدة سعيد يلتهمان الكعك الساخن ويتحادثان بلا ادّعاء يُكلّف فهد الكثير ويقتل أحلامه البسيطة المنزوعة منه غصْبًا، نفر فهد في قرارة نفسه من هذه الصراعات، وأراد النقاء والصدق، مثلما كان سعيد تمامًا، لذلك لم تكن الرواية فانتزية كما فكرتُ بدايةً، بل كان وعي فهد يهرب من حقيقة موت سعيد، الشخص الأقرب لديه على الإطلاق، رفض فهد موت سعيد بتلك الطريقة القاسية، سيطر عليه الحزن والتمرد، ولجأ إلى حيلة نفسية نرفض بها دائمًا موت من نظن الحياة تقف عليهم.

Screenshot-20210213-202709-1

كنتُ في عمر فهد تقريبًا حين فارق جدِّي الحياة، وكان كل ما أملك، ورفضتُ موته في بلادة غريبة، وحاولتُ تعويض ذلك بتصديق ما لا يمكن تصديقه، قد يكون مريضًا وسأتمكن من رؤيته بعد أيام، ورأيتُ رحيله صدعًا في أيامي الهانئة التي نعمت بها معه، في ذلك العمر وبهذا التصور الواهي عن الموت، ثم حقيقة أن يكون الفقيد كل شيء، انكسرتْ نفس فهد ورسمتْ الوهم الذي خفّف بعض الشيئ من أثر مصابه، سعيد لم يمُتْ، سعيد لم يكن من هذا الواقع الأليم أصلًا، سعيد ليس إنسانًا مثلنا، بل روح صعدتْ إلى حيث تنتمي منذ البداية، وقد كنتُ محظوظًا حين حظيتُ بصداقة سعيد فترة بقائه معانا في هذا العالم القميئ، كانت نفس فهد في أشد لحظات الخوف ظلمةً، فلم تنِ عن تخيل ما كان فهد قد تخيّله أصلًا عن ماهية سعيد.

.........................................................

"حدّثني أن القراءة فعلٌ يُعطي العقل حريته في الفهم، أمّا الصورة فتجبره، تُقيّده، تسوقه وراءها. وقال إن أثر الكتابة يفوق أثر القراءة. في القراءة نحن نستخدم الكلمات، في الكتابة نصنعها."

...........................................................

كيف تشعَّبتْ تلك الرواية؟ كيف بنى الكاتب هذا البناء البسيط في حكايته والمعقد في معالجته؟
اعتمد البصيص على تقنيتين، الأولى كانت في القص الدائري، فقد بدأ روايته من النهاية، وعقب انتهائك من الفصل الأخير، فستعود للفصل الأول كي تفهم مصير ملفات القضية، حين درست هذا الأسلوب، لم أفهمْ، لِمَ قد يعمد كاتبُ الرواية إلى جعل ختام الأحداث فصلًا استهلاليًّا لبدايتها؟ في حالتنا رأيتُ تلك الحيلة استكمالًا لسير الأحداث أصلًا، كان سرد الحكاية كله رجوعًا إلى الماضي، كذلك ينبغي على القارئ أن يعود إلى نقطة البداية، فما ظنَّه أول الحكاية، يجب أن يُعيدَ النظر إليه من زاوية أخرى، وفي احتمالٍ آخر، قد يكون هذا الأسلوب كي تتماشى الأحداث مع أسلوب حكايتها، ففهد كانت نقطة بدايته الحقيقية هي خاتمة سعيد، حين مات سعيد، بدأ فهد بمفرده رحلته كي يُنهي ما انخرط فيه رُغمًا عنه.

Screenshot-20210213-202719-1

ثم التقنية الثانية، التسجيلات، قرأتُ من يحكي قصته عبر الرسائل ومن يحكيها عبر الاعترافات، ومن يحكي القصة على لسان شاهد، ولم أرَ من جعلنا نشاهد القصة! ابتدع البصيص طريقةً غريبةً لتلائم عقلية فهد في تصور الموجودات، فقد حكى لنا حكايته على مدار ستة وثلاثين تسجيلًا، مقاطع تصويرية يحكي فيها فهد حكايته كاملةً، نشعر بكل اختلاجات وجهه وتغيرات صوته ولغة جسده، نسمع الرواية بصوته، ننتظر مثل المحقق ماجد سرَّ هذا الفتى الذي يدَّعي رؤيته جسد صديقه يصعد إلى السماء ثم ترتفع نسبة الغموض كي تتقاطع تلك القصة مع عادل، عم ماجد، كانت هذه التسجيلات قصب السبق في أسلوب البصيص المتطور طيلة بناء الرواية، لم أرغب أن يصمت فهد، ولم يحتجْ الكاتب أن يحكيَ لنا بعدها سر مقتل فهد، فقد أصبح القارئ جزءًا من وعي فهد ومن السهل أن يشعر بما آلت إليه نفسُه.

Screenshot-20210213-202702-1

استطاع الكاتب بتفرُّدٍ ملحوظ أن يصنع حادثة مقتل سعيد تنحت أثرها المؤلم في نفس فهد، كما لو كانت نتاجَ وهمٍ بعيد، رؤية ضبابية انطبعت في عقله الخائف والمتردد، لذلك كانت قراءة تسجيلات فهد تحكي مقتل سعيد ولكن بعيون صديقه ورفيقه الوحيد في الحياة، جعلنا الكاتب أن نرى موتنا في عيون من نحب، كيف يروننا نرحل بعيدًا، فنحن بالنسبة إليهم، نصعد إلى أنوار السماء البعيدة، ولم نمُتْ، بل نحن ننعم في جنان بعيدة، هذه الزاوية في تصوير موت سعيد بأعين فهد، من الممكن أن تكون شقَّ الرواية الأول، الحب.
ثم الشقّ الآخر، الذنب، صراع النفس بين ارتكابها للخطأ وإدراكها لنواتج هذا الخطأ وبين الخوف من مواجهة الخطأ، مرضتْ نفس عادل إثر عجزه عن المواجهة، وكانت ردة فعله غريبةً، فقد اختار الكتابة كي تكون مهربًا من آلامه، حاول إعطاء فهد بعض المساعدة لتجاوز افتقاد سعيد، ولكن من يساعد عادل مع نفسه؟
تمزَّقتْ نفس عادل وكان مقتل سعيد في نظره جريمةً لا تُغفر، في بعض الأوقات كان عادل الحقيقة التي حاول الجميع في الرواية تفاديها، فهد بعقله المصدوم، وماجد برفضه أن يكون عمه قاتلًا.


Screenshot-20210213-202730-1

فهمتُ سر هذا اللغز بعد اكتمال خيوط الحكاية، "طير طارٍ، ما له ريش، ولا منقار.".. لم يكن هذا الطير منذ البداية سوى سعيد نفسه، طار في عيون فهد ولم يترك أثرًا خلفه، وظل فهد منذ رحيله يعجز عن تقبُّل تلك الحقيقة.

شاعرية الكاتب تفرض نفسها في كل كلمة وفي كل أسلوب، اللغة تسري بين وجدان الشخوص كي تكون لغةً ولَّادة، تلِد لكل شخص في الرواية صوتًا خاصًّا كالمرآة، تداخلت الأصوات تارةً حين كان ماجد يُقلّب في أوراق عمه عادل، وتارةً أخرى في أثناء مشاهدة ماجد تسجيلات فهد، أسلوب الكاتب رائق مُحكَمٌ، لا يبالغ في استخدام التركيبات المُتكلَّفة، ويعمد إلى بلاغة صادقة، وقفتُ عند الشبيهات، فخلَتْ الرواية من جمود الوصف، تناغم يُسرّي النفس بتمكنه من أدواته اللغوية، سعدتُ حين رأيت العربية تتألق بين يدي البصيص، وأصبحت الرواية تذكرني بابنة الضابط لبوشكين، ظننتُ حينها أن الرواية العربية قد جاءتْ من عباءة قصائدنا، فتمنيتُ أن أقرأ شيئًا مشابهًا، وجاءت قاف قاتل سين سعيد كاسرةً هذه التوقعات.

سببٌ شخصيٌّ يجعل هذه التجربة الثانية مع الكاتب عزيزة إلى قلبي، فقد تبادلتُها في قراءة مشتركة عذبة مع العزيز أيمن جمعة :))

تمت.
Profile Image for Dalia Nourelden.
719 reviews1,161 followers
March 9, 2025
تبدأ الرواية مع المحقق ماجد و الرقيب عباس الذي يتفاجأ بموت صديق طفولته فهد فيذهبان لمعرفة ماحدث وهل هو موت طبيعي ام جريمة ؟ ومع موت فهد يتم فتح الباب لإحياء قصة سعيد جونكر الذي اختفي منذ سنوات طويلة ولم يعلم أحد ما حدث له سوى إشاعات وأقاويل أن فهد قد قتله واخفي جثته .
ومع رتابة الحياة وحرارة الجو وجد المحقق ماجد في إختفاء سعيد مادة لفتح تحقيق تم إغلاقه منذ سنوات ، لكن لا توجد معلومات كافية لإعادة فتح التحقيق.

" يأتي الفشل بشكل طرق مسدودة أحياناً ، لكن هناك فشل ليس له طرق ، كهذه القضية، فشل مصمت. هل هناك جريمة أصلا؟ أم أنني أوهمت نفسي مدفوعاً بحماسة المحقق الذي يريد تحقيق العدالة في العالم ؟ولماذا أريد أن يكون هناك جريمة ؟ الأنانية، محاولة تحقيق الذات ؟ أليس المفروض أن أكون سعيداً لبراءة الناس ؟ أم انني أريد أن أعرف ما مصير سعيد ؟ "

ثم يتفاجأ ماجد بأن صقر أخو فهد يخبره انه اكتشف تسجيلات لفهد يشرح ويحكي بها ما حدث لسعيد وان عم ماجد قد تم ذكره في هذه التسجيلات فتعود لماجد فضوله ورغبته في معرفة ما حدث !! فنبدأ في متابعة تسجيلات فهد التي يحكي لنا بها قصته ونتعرف من خلاله على اصدقائه و علاقته بسعيد مرزوق الشهير بسعيد جونكر وحكايتهم .

" كان الفضول يدفعني إلى أن ارى ما تبقى من التسجيلات ، ليس لأعرف ماذا حصل لسعيد ، وبماذا ذكر عمي 《عادل 》 ، بل ولأعرف أيضا ماذا جرى لفهد ، كيف تغير من ولد تدفعه رغبته في التميز على أقرانه إلى ولد يتمادى في الشر ثم إلى كاره للمجتمع؟ ومن أين له هذه الكلمات التي يعبر بها عن افكاره "

الرواية بدأت بشكل جيد واسلوب واقتباسات جيدة ثم بدأ الملل يتسرب بداخلي مع حكايات فهد التفصيلية بلا مبرر عن الماضي وحياته واصدقاءه ولقاءه بسعد جونكر . ربما لرغبة الكاتب في ان نتعرف على تفاصيل التغيرات التي حدثت بداخله وافكاره ونفسيته حتى نتقبل التفسير في النهاية لكن بالنسبة لي وجدتها إطالة بلا داعي كان ممكن إختصارها كثيرا وإيصال نفس المعنى..
كنت أرغب في إنهاء الرواية سريعا ليس تشوق للمعرفة بقدر رغبتي في الانتهاء منها قبل ان يتسبب الملل في فقداني الرغبة في القراءة تماما وحتى اتخلص سريعا منها وأبدأ رواية اخرى .
لن انكر انها كانت أحيانا تجذبني ويقل الملل لكنها لأوقات اخرى كانت تفقدني حماسي واهتمامي بالكامل . واكملتها فقط لشهرتها وتقييماتها العالية اولا ولإشباع فضولي في معرفة ماحدث لسعيد ثانياً .
أسلوب الرواية جيد لكنها طويلة بلا داعي . النهاية لم ترضيني بشكل تام.

تقييمي ٢.٥ / ٥

٢١ / ٧ / ٢٠٢٣
Profile Image for Fatma Al Zahraa Yehia.
603 reviews978 followers
August 15, 2025
ثلاث نجوم ونصف
شعوري مختلط تماما تجاه تلك العمل

ارتباط قوي جمع بيني وبين الشخصيات والمكان. ارتباط من النوع الذي يجعلني لا أريد ترك الكتاب، واذا تركته، أجده يستحوذ على عقلي إلى أن أعود إليه. وللأسف أعجز عن معرفة الحيلة التي استعملها عبدالله البصيص لكي يربط القارىء بعمله الخيالي بهذا الشكل. اجتهدت في معرفة بعض الاسباب، مثل استخدام تكنيك تدوين اليوميات الكفيل بإزالة أي جدار بين القارىء في عالمه الواقعي والشخصية المتخيلة في عالمه الروائي. ومن الممكن أن يكون السبب ببساطة طبيعة قالب الرواية البوليسي.

مثل كل من قرأ الرواية، أُثني بشدة على لغة الكاتب واجتهاده الواضح في تكوين وخلق جمل بديعة الجمال تناسب السياق دون إقحام. استمتعت جدا بتحليل شخصيتي "عادل" و "ماجد" للكلمات والربط بين الصوت والمعنى، ومقارنته بين تأثير الكلمة وتأثير الصورة على العقل.

تقتحم الرواية عالم المرحلة العمرية الأسخف في حياة الكائن البشري، ألا وهى مرحلة المرور من الطفولة إلى المراهقة. مرحلة يكون الإنسان فيها بجسد بالغ وعقل طفل. تناقض يدفع إلى الجنون، ولذلك كان الله في عون من يتعامل مع من يمرون بتلك المرحلة.

ترى ذلك التناقض على طول حكاية فهد لمرحلة مراهقته. تشعر فيها بحيرته بين عشقه الطفولي لأفلام الكارتون وبين ادعاءه بالاهتمام بأفلام الحركة والإثارة. بين احساسه بالخوف وبين تظاهره بالشجاعة الذي يفرضه عليه رفاقه. نفس طفل برىء تسكن ذلك الكائن الكريه الذي يقضي طوال يومه باحثا عن كارثة يفعلها أو مصيبة يصيب الآخرون بها.

برع عبدالله البصيص في خلق حالة تذمر لا يجنح للكراهية داخل القارىء تجاه كل "عصابات" المدرسة المتوسطة التي ينتمي إليها فهد. فكل هذا الشر والجنون منبعه "عدم النضج" الطبيعي المصاحب لتلك المرحلة العمرية، وبالتالي لا نستطيع أن نكره بشكل حقيقي أيا منهم.

ظهر الصراع بين الخير والشر بداخل "فهد نشوان" طوال القصة، ولو كان هناك مجالا، لظهر نفس الصراع بداخل جميع رفاقه. فشياطين المراهقة نرى بعضهم تحول بعد النضوج العمري إلى شخصيات شديدة المسالمة.

كانت المعارك بين "عصابات" المدرسة المتوسطة طويلة بالفعل. كانت تحتاج إلى كثير من الإختصار. تشتت انتباهي بين الأسماء التي لا نهاية لها لمن دخل مجموعة من، ومن فارقها ومن ضَرب ومن ضُرب.

ولكن مشكلتي الكبرى كانت مع النهاية التي عرفنا بها حل لغز الإختفاء. لم أقتنع بالتحول الذي حدث لفهد في "الصورة" الحقيقية لما حدث أمامه وقت الحادث. أعرف أننا وقت الصدمات المزلزلة قد يحدث نوع من التعتيم لعقولنا، ومن ثم يكون النسيان المؤقت أو حتى الدائم لما حدث. ولكن أن تتحول الصورة بهذا الشكل، فهذا أظنه مستحيلا.

قبل أن أعرف حل اللغز وضعت احتمالا بإصابة "فهد" بنوع من أنواع الفصام الذي جعله يتخيل الصعود السماوي ل "سعيد". ولكن المؤلف لم يطرح احتمالية اصابة فهد بالفصام حتى بعد الحادث وإلى أن توفى. قرأت المشهدان مرات عدة. المشهد المُتخيل في عقل فهد، ثم المشهد الحقيقي الذي حدث فعلا. لم أجد الترابط الواجب وجوده بين الصور المتتابعة للحدث الحقيقي وبين الصور المتخيلة في عقل فهد. ولذا كانت النهاية غير مبررة تماما لي.

أشعر أن هناك نقطة ضعف ما في ترتيب ظهور الشخصيات على مسرح الأحداث ولكن لا أعرف ما هى. أو ربما كثرة الشخصيات الغير مبررة هى التي أربكتني كما قلت وخلقت تداخلا في بعض الأحيان بين الأزمنة والشخصيات.
Profile Image for Amira Mahmoud.
618 reviews8,874 followers
March 30, 2021
هذه رواية لن استطيع الانفكاك من انغماسي فيها بسهولة!

"نحن عندما نقرأ رواية لا نفعل ذلك من الخارج، بل بصوتنا الداخلي، فنكون نحن الأبط��ل، فنتبني أفكارهم بسهولة كأنها أفكارنا نحن، ونتحدث بصوتهم كأنه صوتنا، وحياتهم كما لو أنها حياتنا، وهنا تقع خطورة الروايات الجيدة، أنها تقود القارئ لا شعوريًا إلى الاتفاق معها دون أن ينبس ببنت شفة اعتراضًا على أفكار الأبطال"

ربما هذا حقًا هو ما تفعله هذه الرواية تحديدًا بك، رواية مربكة ومتشعبة، وغامضة إلى الحد الذي يجعلك تلهث أثناء قراءتها وتطوي الصفحات برغبة شديدة في معرفة الأحداث التالية، تضع في رأسك مئات السيناريوهات التي تحلل بها الرواية محاولاً توقع حدث ما يفك اللغز ويجاوب على كافة علامات الاستفهام التي تتسكع هنا وهناك في رأسك.

قاف قاتل سين سعيد
تبدأ هذه الرواية بالمحقق "ماجد" الذي يجلس متململاً من قلة العمل، أنت تسلك مهنة كهذه في الأساس بحثًا عما بها من إثارة وغموض، مستعدًا لما تطلبه مشكلاتها من جرأة وشحذ للعقل وتركيز، حركات محددة وكاريزما استثنائية ك"شيرلوك هولمز"، تخيل أن تُحضُر نفسك لكل هذه الأشياء ثم تجد نفسك جالسًا ساعات طويلة في مكتبك تهش الذباب عن وجهك؟ ربما لهذا لم اتعجب حين اشتكى "ماجد" من قلة العمل في وظيفته، الأمر الذي لن يشتكي منه - لسوء الحظ – أيًا منّا.

تبدأ الإثارة تأخذ طريقها إلى طريق "ماجد" مع حادثة مقتل "فهد" ذلك الشخص الذي سيقودنا حادثة قتله إلى حادثة قتل أخرى حدث منذ سنوات بعيدة وهي حادثة قتل "سعيد"، نعم أخبرتك أنها رواية دسمة ومتشعبة!
لسبب ما يجد "ماجد" نفسه منساقة خلف حادثة القتل القديمة تلك، تاركًا وراءه حادثة قتل "فهد"، ربما ظنًا منه أنه إذا تمكن من فهم تلك الحادثة القديمة ربما يمكنه حلّ حادثة "فهد" أو ربما وببساطة لأن حادثة قتل "سعيد" كان يحيط بها الكثير من الاثارة والغموض، الأمر الذي كان من شأنه أن يجذب انتباه "ماجد".

تبدأ الرواية في أخذ خطيين متوازيين للسرد، في الماضي؛ على لسان "فهد" حيث يحكي عن علاقته ب"سعيد" وما حولها من أحداثها، وفي الحاضر حيث "ماجد" يحكي بشغف عن عمه المحقق "عادل" الذي كان الدافع الأساسي ل"ماجد" في أن يصبح محقق مثله، هنا تحديدًا تتوقف الرواية عن كونها رواية بوليسية وغامضة ومثيرة فقط وتُضيف لنفسها عدة صفات أخرى، فلسفية أحيانًا، واجتماعية ونفسية في كثير من الأحيان.

كانت الرواية فلسفية في تلك الأجزاء التي يتحدث فيها "ماجد" عن عمه "عادل"، وعن كافة الأشياء التي تعلمها منه، كنت أتعلم أنا أيضًا الكثير من الأشياء عن العقل؛ عن الكلمات والصورة وكيف يؤثر كلاً منهما بطرية مختلفة في العقل، كيف يتعامل العقل مع كلاً منهم بترجمة مختلفة، كيف يصدق أحداهما أكثر من الأخري وكيف يمارس هؤلاء الثلاثة سلطة مطلقة على تفكير ووعي الانسان ومعتقده.

أما الجزء الخاص ب"فهد" و"سعيد" من الرواية فهو الجزء الاجتماعي والنفسي بامتياز، لم أتوقع أن هناك عمل أدبي ما يمكنه أن يجذبني إلى عالم المراهقين الذكور، هذا العالم الذي هو أبعد ما يكون عن اهتماماتي أو ما يمكنه أن يُجذب انتباهي، بالنسبة ليّ هذا العالم الصغير هو عالم ملئ بالعنف والصياح والشجارات بشكل يجعلك تشعر بالنفور، لكن الرواية بطريقة ما جعلتني أتمكن من فهم ذلك العالم، أنت تغوص مع "فهد" داخل صراعاته النفسية واحتياجاته الاجتماعية ورغباته في أن يكون "ولد مميز" بين أصدقائه، ثم رغبته في الحفاظ على هؤلاء الأصدقاء، فزعه من أن أقل خطأ يمكن أن يجعله وحيدًا وبلا أصدقاء.

أن تكون شخص اجتماعي، تلك هي الغريزة الأولى في سلسلة غرائز الانسان التي تخرجه من الطور الحيواني الذي يكتفي بغرائز الطعام والشراب والمأوى إلى الطور الأكثر تحضرًا الذي يرغب في تكوين صداقات وعلاقات انسانية، تلك الغريزة التي يمكنها – شأنها شأن غيرها من الغرائز – أن تدفع الانسان إلى ارتكاب كافة أنواع الشرور، أن تخرجه من نفسه وتجعله شخصًا آخر كي يحافظ على تميزه بين أقرانه، ذلك المنحى الذي يأخذ "فهد" لأن يصبح شخص آخر غير نفسه، شخص متهم بقتل صديقه المجنون والحنون "سعيد"، الذي لا يفعل شيء سوى أن يطعم أخيه والحيوانات والطيور، ويصرخ في الأولاد حين يراهم يرتكبون فعلاً خاطئًا "عيب عيب، عيب عليكم"، ويكرر الكلمات حين يكون متوترًا.

"رواية مجرمة" هذا ما كنت أحدث به نفسي حين اكتشفت أن الرواية تأخذني إلى التعاطف بل والتعاطف الشديد مع "فهد"، مراهق شرير ومشاغب ولا أحبه، هذا ما ستقوله إذا سمعت عن أفعاله من أحد غيره، لكن الرواية تجري على لسانه فتفهم كل الصراعات النفسية التي مرّ بها قبل أن يرتكب فعل ما، كل الأفكار المتناقضة والجبانة التي كانت تدفعه إلى ذلك الاتجاه، هذا لا يبرر الشر، ولا يعطي مجالاً لتقبل الخطأ، لكنه يجعلك تفهمه، وربما هذا هو ما نحتاج إليه جميعًا حين نتعامل مع أخطاء بعضنا البعض.

رواية دسمة، تناقش كثير من الأشياء دفعة واحدة، تشحذ عقلك للتفكير في كلفة الاتجاهات، تجعلك تتعلق وتتعاطف وتكره جميع الشخصيات الشرير منها والطيب، وتتخبط في كافة الاحتمالات لحل اللغز، ثم تختم بنهاية مليئة بالمفاجآت والتغييرات، لا أعلم تحديدًا متى كانت آخر مرة انغمست في رواية ما إلى هذا الحد لكنني أعلم ثلاثة أشياء هامة عن هذه الرواية؛ واحد، على الرغم من كثرة الشخصيات في الرواية وكثرة الأفكار في الرواية فكلاً منها كان مرسومًا بشكل جيد وعميق للغاية، اثنان هذه الرواية على الرغم من ضخامة حجمها فإنك لن تشعر معها بالوقت، ثلاثة، هذه رواية تصلح لأي أحد مهما كانت ذائقته في القراءة فسيجد فيها المتعة التي يبحث عنها.

تمّت
Profile Image for Omar Kassem.
606 reviews190 followers
October 27, 2025
تعديل: قراءة ثانية ورقية بعد خمس سنوات من القراءة الاولى والتي كانت الكترونية وبنسخة غير رسمية او يمكن اعتبارها مسروقة ولكن الوضع الطبيعي لسوريا لم يكن يسمح لي شراء كتب مثل هذه لعدم توفرها، لكن رغبتي في قراءة العمل آنذاك طغت على صوت ضميري بأنه لا بجوز ان اقرأ عملاً مضروبًا احترامًا لجهد الكاتب الذي أظنه سيسامحني على فعلتي تلك لسببين: الاول انني اقتنيتها ورقيا بأول فرصة سنحت لي، والثاني لأن الخطأ هو سبيل البشر الوحيد للترقي على صعيد الأفكار والأخلاق كما يقول عادل
المشاعر التي انتابتني قبل خمس سنوات عادت نفسها الآن بكافة تفاصيلها وحذافيرها مع اختلاف مكاني القراءة وطبيعتها.
أحسست بوخزة حنين لطيفة لذلك الشاب الذي كنته قبل خمس سنوات، مابين هذا وذاك سنين من المشكلات..العمل..الغربة..الوحدة..والكثير من النضج!
عبد الله البصيص مدهش، ويمكن أن أعتبر هذا العمل الرواية العربية التي سأرشحها إذا ما طلب مني أن أرشح رواية عربية واحدة فقط لأي قارئ.

------------
لإدواردو غاليانو كلام مهم موجه لأي كاتب على وجه الأرض
" أنا لا أطلب منك أن تصف سقوط المطر ليلة وصول كبير الملائكة ، أنا أطلب منك أن تجعلني أتبَلل ! ، فكر في الأمر أيّها الكاتب ومرةً واحدةً في حياتك ، كُن الزّهرة التي تفوح بدلاً من أن تكون مؤرخ العطر "

البصيص عَمِلَ بالكلام السابق بشكل حرفي ، جعلني أسيراً للكلمات ، منقاداً لها ، لاهثاً وراء الأحرف لمعرفة الحقيقة ، ليست حقيقة ماحصل لسعيد جونكر ، بل على العكس تماماً ، الحقيقة التي تهيمن على جميع ادواتنا كلمةً بعد أخرى ، من البداية إلى النهاية ، الحقيقة التي تعتبرها بثينة العيسى البوصلة الأساسية للأدب !
الوصف عنده مطابق تماماً لما قاله دونالد نيولوف " الوصف العظيم يهزنا ، يملأ رئتينا بحياة كاتبه ، يجعله يغنّي من خلالنا "

الدقة ، الوضوح ، جمال التفاصيل ، شعور أن تقول بينك وبين نفسك "نعم هذه ماحدث لي " الذي يثيره لدينا وصفه ، قدرة هذا النص على إلهام مخيلتي لإحياء المشاهد ، هذه الأشياء التي تجعلني ببساطة أقع في عشقه.

طبعا لا مجال لأن اسمح لنرجسيتي كقارئ في تقييم الأعمال التي أقرؤها أن تسمح لي بأن أفكر ولو مجرد تفكير في نقد الّلغة عند البصيص ، فهي في هذا العمل قد بلغت أوج عظمتها والجوهر الحقيقي والمدهش لها

عمل جميل و فخم جدًا
Profile Image for Ahmed.
918 reviews8,053 followers
December 5, 2019
قاف قاتل..سين سعيد.....عبدالله البصيّص

لإدوارد سعيد رأي عظيم في تناول فن الرواية، وهو أن كل رواية عظيمة عبارة عن حلقة من سلسلة متصلة تحتوي الروايات كلها، وأن القاريئ إذا أراد المتعة والفائدة الكاملة فعليه أن يبحث عن الصلة بين أي رواية يقرأها وبين غيرها، وعندما تقرأ هذه الرواية ستتداعى لذهنك عشرات الروايات وتبحث عن العلاقة بينهم لتكوّن وجهة نظر أوسع وتكوّن اللوحة الأكمل في الأدب.

للوهلة الأولى ستبدو لك هذه الرواية مجرد رواية بوليسية أخرى تبحث عن الإثارة والألغاز، ولكنك مجرد ما بدأ القراءة ستجد نفسك قد دخلت لمتاهة جميلة مصنوعة بإحكام، ألوانها مريحة للعين فتبحث مع الكاتب عن الأصول والمعطيات وتشاركه همومه وهواجسه وتشعر أنك أنت من كتب الرواية ولست مجرد قاريء لها.
(كان عمري يتخطى عتبة سنتي الثامنة لمّا علمني حيلة الكتابة أول مرة. يوم لا يُنسى، لأنه اليوم الذي شعرت به أنني أمتلك سلاحًا أستطيع به مواجهة العالم وحدي.)
إذا فنحن أمام طفل عرف الحقيقة منذ صغره وهي أن الكتابة والقراءة درع كاف لمواجهة العالم وصخبه، درع يقيه من سوء الفكر وإهماله، فيقدر بورقة وقلم أن يتسلح تسليحًا كاملًا، يقدر على تفكيك الكلام والأحداث لحروف تساعده على الفهم، كما يحوّل العالِم العالَم إلى ذرات، نحن أمام طفل منذ الصغر عرف قيمة القصة والحكاية، طفل دخل عوالم ألف ليلة وليلة منذ الصغر فعرف منها قيمة الكلمة وأثرها في الخيال فنجده يقول:
( القصص، ألف ليلة وليلة تحديدا، الجمال فيها أن الكلمات تُحدِث –ونحن نقرؤها- تناغمًا عجيبًا بين العقل والمخيلة، فنرى هذا يحدث واقعيَا في المخيلة، تتحول الكلمات إلى صور، الصورة موجودة مسبقا لدينا، نكيّفها فقط، فنشعر كما لو أن ما نقرؤه حقيقة رأيناها بالعين، وهذا ما يجعلنا نتألم مع مشاهد الألم، ونشتاق في قصص الاشتياق، نتوتر ونبحث عن مخرج مع الأبطال في المأزق. إنه التعاطف، والتعاطف هو الوسيلة الأسهل للتأثر، والتأثر يخلق التغيير.)

هنا وجد الكاتب الرابط الأقوى بينه وبين القاريء، إذا استطاع أن يجعله يتأثر، فسيضمن مشاركته النص وتغييره معه فيه، سيضمن شريك وليس مجرد قاريء.

الزمن يأتي على كل شيء، إلا الحق، يظل ثابت منتظرا من يبحث عنه، وهذا ما وقع فيه بطل الرواية، أن يبحث عن الحق بعد مرور سنين على حادثة اختفاء غامضة لمراهق، فاهتم بها قليلا وقام بمواربة باب البحث فيها، لتتكشف له حقائق ملهمة، جذبته جذبا إلى البحث المضني وغيّرت مجرى حياته ووضعته في اختبارات صعبة.

(اتعرف يا عباس لماذا سن الطفولة هو الأجمل في عمر الإنسان؟
لأن فهمنا للحياة فيها يكون محصورًا في الأشياء التي تسعدنا فقط، ونترك فهم الأشياء التي تزعجنا لأنها لا تعنينا، وكلما كبرنا أصبحنا نريد أن نفهم الأشياء التي تزعجنا في الحياة لنعالجها، ونتجنب فهم الأشياء التي تسعدنا لأننا نقلل من أهميتها. حالتنا يا عباس لا تكون انعكاسا لظروفنا، بل نتيجة لما نفكر به، لهذا تميل وجوه الأطفال إلى ملامح السعادة، وتميل وجوهنا إلى تعبيرات الانزعاج)
فحاول أن يفهم ما يزعجه، ولم يكن متخيل مآل الأمور وما سيحدث له.

الرواية مذهلة، درس محترف في الكتابة والسرد السلس الممتع الفيد، درس كتابي بالمعنى الحرفي، أن فيها لوحات إرشادية تصلح لتطوير موهبة الكتابة، كما أن لغتها جمعت بين الشاعرية الرقيقة والوضوح الشديد ليضيف لها رونق خاص، واتخذت من جريمة غامضة مركز لأحداثها ليتجول من خلاله الكاتب بأريحية شديدة بين ثنايا الجريمة والحياة والأسرة والأصدقاء ويصنع متاهته الفريدة.

رواية عن الصداقة في أبهى صورها، كما أنها من أفضل الروايات التي قرأتها ووجدتها وظفت التكنولوجيا الحديثة بسهولة يُحسد عليها، لينتج لنا في النه��ية عمل شديد الاحترافية والمتعة والقيمة بلا إسفاف أو تنافر بين مكوناتها.

لغة جميلة سلسة مع رسم ممتاز للشخصيات وتوصيف متقن للمشاهد والأحداث وعمق نفسي وهموم كاتب بوطنه وأحداثه العظام لتنتج لنا رواية من أجمل ما قرأت مؤخرا.

Ps: في أي سنة الرواية دي هتترشح للبوكر اعتقد هتفوز بها أو على الأقل هتكون في قائمتها القصيرة,
Profile Image for hayatem.
819 reviews163 followers
March 24, 2021
الإيقاع ( الروائي) كما يخبرنا كوتزي" هو طريقة في التوجه نحو فهم العالم الذي يذوب عادة في شخصية الكاتب." سعى البصيص إلى محاكاة عوالم تشغل حيز مختلف داخل عوالم أخرى تحاكي تمثلاتنا في أبعاد مختلفة من الوعي واللاوعي!

جمع عبدالله البصيص في السرد بين العقل التحليلي والعقل الحواري. وبين الواقعي و والواقعية التجريبية. وبين المتخيل والهذيان.

كما أنه "يعرف كيف تصنع شخصيات مفكرة، تستطيع أن تفكر بقضايا معقدة دون أن تجعلنا ندون ملاحظات."

في الشخصية الرئيسية ( فهد) تشكل الهشاشة والتغير مكوناً بنيوياً مؤسساً. كما نلمس حالة التوهان الداخلي أو التناقض في المواقف الأخلاقية بين العقل والعاطفة، الخير والشر. كانت الحدود بين نفسه وأفعاله تتلاشى تدريجيا حتى تختفي تماما. لا نحرر أنفسنا العميقة إلا بقدر ما تتحرر إرادتنا من نفسها، وليس بقدر ما يتحرر عقلنا من ذاته، كما يفترض شيلنغ.

كما أنه اشتغل على سمة التحليق الداخلي في حالة الاختلاط العقلي، وتشكيل الكلام خارج وعي الذات. وكما يقول فيتغنشتاين "لا تفكر ، بل انظر "
مع حضور المراهق بسيكولوجيته المعقدة في السرد؛ بثقله وعنفوانه، ووعيه القاصر والمجنون، وسيله المتفجر. قضايا المراهقين وسلوكياتهم ودوافعهم الاجتماعية والإنسانية كانت محل اهتمام الكاتب. مع تحويله العاطفة إلى شخصية.

الضابط -عادل( عم ماجد)- الفكر المحيّر-خلق هذا الجسر المتنافر بين جمال المعرفة وجذور الشر .

ماجد ( ضابط تحقيق)- بحث وبشكل دؤوب على طول خط السرد في أزمنة وأمكنة وأوجه مختلفة عن الحقيقة التي يبصرها في الأخير بصفتها "ذاتية" ولا شيء آخر! مما يجعله يعيش مع ختام أحداث الرواية أسوأ معاركه، بين ما يعرفه وبين ما يشعر به.

الفضاء الحكائي يشي بالكثير من الإيحاءات، إذ يبدو البصيص في تجلياته، كمن "يجلس داخل نفسه بالطريقة نفسها التي يجلس فيها مجدِّف ماهر في قاربه أو في أيّ قارب آخر."

خياله البصري نسيج متداخل بين الذاكرة واللاوعي. أي كل ما تعلق أو علق به وأثث ذاكرته. كما أن لديه قدرة فائقة على إعادة سرد المشهديات البصرية.

مما يثير الاهتمام بالنص :

(كيف يحلل ثم يؤلف:كيف يهتم بحالة معينة دون أن يفقد خط ارتباطها بالحالات الأخرى.)

توظيفه لتقنية التسجيلات في السرد كمادة فيلمية وثائقية. وهو ما أضاف بعد آخر على منوال السرد .

استعانته ب تقنية التكرار في سرد الحدث واستعادته؛ فإن اللامتوقع لا بد وأن ينبثق من خلال تعدد التكرارات . التكرار فبما أنه «يجرّ الحدث خارجًا» ويفتحه على الممكن، ويخرجه عن ذاته ويحدث فيه شرخًا وجرحًا، فهو ليس عودة المطابق، ليس مجرد تقليد، مادام يحيد بالمكرّر نحو منحى آخر، نحو «آخر»، فيجره نحو ما يخالفه ويباينه. حتى إننا يمكن أن نذهب إلى القول إنه إن كان بالإمكان الحديث هنا عن هوية للكائن فبفضل التكرار كما يقول عبدالسلام بنعبد العالي.

سطوة أخيلة الطفولة -يستعير مشهدية الأفلام الكرتونية- التي تؤثر في تكوين الواقع التخييلي للنص . و تشكل في السرد نوعاً من الطفولة المستعادة والمستمرة في آن. في محاولة إلى أن يفهم؛ في محاولة على صنع سلامه الداخلي!

كانت هذه تجربتي الأولى في القراءة ل عبدالله البصيص ولن تكون الأخيرة.

رواية مدهشة بكل تفاصيلها، واللغة فاتنة.
Profile Image for أحمد فؤاد.
Author 8 books815 followers
May 30, 2021
هذه الرواية ستظَل طويلًا علامة مهمة في عالم الروايات العربية، ليس فقط لقوة اللغة أو لجمال الحبكة أو لجودة الشخصيات، وإنما لموضوعها الاستثنائي الذي اقتنصه الكاتب من بحر واقعنا الذي يبدو أن لا أحد يرغب في أن يصطاد منه شيئًا غير تقليدي!

لدي مُبرراتي بالتأكيد، وقد كتبتها بالتفصيل في مُراجعتي الكاملة على هذا الرابط - اضغط هُنا

قراءة ممتعة
383 reviews1,417 followers
May 8, 2020
مرة أخرى يتقدم الأدب الكويتي الشبابي متجاوزاً كل أقرانه ، و يضع نفسه بأناقة في مقدمة الأدب العربي بالنسبة لي ..

يُقدم البصيص لنا رواية بوليسية بصبغة نفسية شديدة الأسى ، محقق شاب تدفعه الحماسة الأولى للمهنة إلى القفز في غياهب قضية أرخى الزمن عليها ستارة النسيان و طوى أحداثها ..

وما أن تتكشف خيوط الحقيقة للمحقق الشاب ، حتى تتكشف لك عزيزي القارئ أبعاد اجتماعية وأخلاقية ستعصف بذهنك ، مثيرةً فوضى من الأفكار والاحتجاجات ..



البعد الأول :



يتسلم المجتمع الواحد منّا صفحة بيضاء نقية نقاء الهواء في الفجر ، وما إن يتسلمها حتى يجاهد في بث سمومه فيها ، كافراً بنقائها وبياضها الذي لا يتلائم مع قتامته ، حتى تستحيل بفعل سواد النفوس إلى شيءٍ بالٍ مُشبع بحبر الحقد ، فإذا تمزقت بفعل هشاشتها و ساديّته ، نبذها و أوكلها إلى الشرور نافضاً يديه عن هذا "الضعف" والانحلال المَرَضي .



البعد الثاني :


الوهم ، هل هو فارس نبيل أم ثعلب ماكر ؟
الوهم حين يمدُّ لنا يده في أعتى لحظات حياتنا ، فيرتقي بنا عن هذا العالم الوحشيّ ، يَكُنْ لنا الأرض التي نبني عليها عالمنا الجديد ، نُنشئ عليها وعينا و يقيننا و إداركنا الفتيّ للأشياء ..
فإذا تداعى ، تبدد السراب ، و غارتْ بنا الحياة ، و انهارتْ حولنا كل الأحلام التي شيّدناها .



البعد الثالث :


أيهما أثقل وطأة ، العيش تحت مطرقة القانون ، أم تحت سوط الضمير ؟
المحاكمة الأخلاقية الذاتية للفرد المُذنِب ، حين يُقترَف الذنب بغير عمد فيُبقي صاحبه مصلوباً على جلجلة الضمير ، وحين تغضُ النفس الأمّارة بالسوء طَرْفها عن الأذى الذي أُلحق بأرواح لا حول لها ولا قوّة فشوّه مصيرها إلى الأبد ، حين نستغل بوضاعة - من أجل النجاة - أوهام الآخرين ، كيف نستطيع في النهاية العيش على أنقاض غيرنا من البشر ؟؟




أحسستُ حينها بثقبٍ في صدري يُخرج هواءً كان مضغوطاً فيه ويُخفف توتري ، ربما من يقيني بأنني فقدتُها إلى الأبد ، و لم يعد هناك أمل بلقاء يضع رأس مخاوفي على كتفه و يمسح على شعرها حتى تهدأ ، وبفقدانها ينتهي الخوف من فقدانها .. ، شعرتُ بنوعٍ مجهد من الارتياح ، لم يعد هنالك داعٍ لإيذاء النفس والذهن في محاولات التقرّب والاحتفاظ ...




طرقتُ باب هذه الرواية في إحدى لياليّ الكالحة ، احتميتُ تحت سقفها من عاصفة هوجاء اجتثت مَسرّتي ، بكيتُ في إحدى زواياها بُكاء الثكالى ، وفي النهاية سحقتُ عُقب أوهامي ، لملمتُ بقايا الخيبة ، ردمتُ السراب ، و قمت 😊


8 / 5 / 2020
2:45 pm
Profile Image for حبيبة .
361 reviews172 followers
June 28, 2025
ليست مجرد رواية بوليسية وقصة تقليدية أخرى عن اختفاء شاب في ظروف غامضة.. أو جريمة قتل نبحث عن منفذها..
الرواية أعمق بكثير مما ظننت!

المحور الرئيسي في الرواية في رأيي، هو آثار الصدمة النفسية العنيفة. تجد هذا المعنى ملموسًا في كل سطر، حتى وإن لم يشر الكاتب إليه بوضوح.

الصدمة الأولى هي صدمة غزو العراق للكويت، التي أثرت على أصدقاء بطلنا "فهد" فنراهم يتحولون من أطفال مسالمين، متعتهم تتمثل في مشاهدة الكرتون ولعب مباريات الكرة، إلى ممارسات العنف والمشاغبات: كسر زجاج السيارات، مشاجرات مع أقرانهم، وصولًا إلى حمل سلاح أبيض! ولا سيما أن هذه التحولات تزامنت مع بداية فترة المراهقة المتميزة أصلًا بالميل إلى الاندفاع والتهور.
فهل سينضم إليهم فهد ويجاريهم؟ أم سيتماسك أمام سخريتهم من أفلامه الكرتونية وكرته الجديدة؟

«أتعرف يا عباس لماذا سن الطفولة هو الأجمل في عمر الإنسان؟ لأن فهمنا للحياة فيها يكون محصورًا في الأشياء التي تسعدنا فقط، ونترك فهم الأشياء التي تزعجنا لأنها لا تعنينا، وكلما كبرنا أصبحنا نريد أن نفهم الأشياء التي تزعجنا في الحياة؛ لنعالجها، ونتجنب فهم الأشياء التي تسعدنا لأننا نقلل من أهميتها. حالتنا يا عباس لا تكون انعكاسًا لظروفنا، بل نتيجةً ما نفكر به؛ لهذا تميل وجوه الأطفال إلى ملامح السعادة، وتميل وجوهنا إلى تعبيرات الانزعاج.»

الآن تخيل معي.. مراهق لا يزيد عمره عن 15 عامًا، يعاني من علاقات مضطربة مع زملائه، وسط غياب واضح لدور الأسرة.. يشاهد مقتل صديقه، وليس أي صديق.. صديق غريب الأطوار "ظاهريًا" تربطهما علاقة عميقة.. يُقتل أمام عينيه في ليلة ممطرة وأجواء مقبضة.. كيف سيستقبل عقل الطفل هذه الصدمة؟

كل شخصيات هذه الرواية استوفت حقها في البناء والرسم. عادل، ماجد، فهد، سعيد، عباس، وزهرة. كانت كأنها شخصيات حية تتحرك وتتحدث أمامي. طبعًا هذا يعود لمهارة الكاتب في الوصف والتحليل الدقيق لشخصيات روايته. خاصةً شخصية العم عادل، الذي لم نره ولكن عرفناه من خلال كلماته ومن حديث الآخرين عنه وكان الأكثر حضورًا في الرواية.

«كلما نجح الروائي في جعل القارئ يتعاطف مع أبطاله كان تأثيره أقوى وأجدى. نحن عندما نقرأ رواية لا نفعل ذلك من الخارج، بل بصوتنا الداخلي، فنكون نحن الأبطال، فنتبنى أفكارهم بسهولة كأنها أفكارنا نحن، ونتحدث بصوتهم كأنه صوتنا، وحياتهم كما لو أنها حياتنا.»

أجمل ما في الرواية: اللغة الرائعة. لغة قوية فخمة في غير تكلف ولا تعقيد وزادت السرد جمالًا. كما أحببت تفاصيل الكويت الظاهرة وسط الأحداث: التجمعات المتكررة والولايم ومجالس القهوة، البيوت ذات الحدائق الخضراء، والشوارع الواسعة المنظمة.

هناك فكرة تناولها الكاتب في الرواية، أضافت بُعدًا فلسف��ًا مهمًا. وهو الفرق بين أثر الكلمة وأثر الصورة. لطالما شغلتني هذه الفكرة عندما أسمع آراء من يفضلون المُشاهَد على المقروء. عندما تقرأ كلمات تصف شخصًا أو حدثًا أو صوتًا، فأنت تحرر عقال خيالك، وترسم مشهدًا بألوان خاصة بك وحدك. مثلًا "سعيد" في خيالي، غير "سعيد" في خيال مؤلفه، غير "سعيد" في خيال كل من قرأ الرواية. وهذه هي قوة الكلمات وسحرها. بينما لو رأيت صورة مرسومة لسعيد فستنطبع الصورة في ذاكرتك كما أرادها الرسام ولن تتغير تفاصيلها عند كل قارئ.

«حدثَّني أن القراءة فعل يعطي العقل حريته في الفهم، أما الصورة فتجبره، تقيده، تسوقه وراءها.»

ما يعيب الرواية، في رأيي، هو حجمها. تفاصيل كثيرة غير ذات أهمية. إطالة بدون مبرر وبطء في الأحداث. كان من الممكن أن تكون الرواية أقصر وأكثر تكثيفًا، ليكون أثرها أشد وقعًا على النفس. هذه رواية بوليسية وهناك جريمة قتل غامضة. كان يجدر بالكاتب أن يحافظ على هذا الخيط متصلًا. لا أقول أن الأحداث الجانبية كانت غير ضرورية، طبعًا ضرورية ورسمت الشخصيات وأسست للحبكة لكني أرى أنها زادت عن الحد لدرجة الملل أحيانًا.

«الناس لديهم استعداد غريب لتصديق حدوث الشر وعدم الاكتراث لأخبار الخير؛ الأوهام التي يفرضها الإحساس بالخطر من الشر أكثر تأثيرًا من التي تتركها الرغبة بالانتفاع من الخير، حيث يكون التصديق إجراءً وقائيًا تستدعيه الغريزة لتجنب الضرر المحتمل.»

ختامًا، الرواية أكثر من جيدة، لا تستطيع تركها قبل إنهائها، وبالتأكيد ستفكر بعدها في قراءة روايات أخرى لعبد الله البصيص.
⭐3.5⭐
Profile Image for Aya Khairy.
326 reviews103 followers
August 10, 2024
"أريدك أن تعرف شيئاً واحداً فقط، أنك مميز ليس لأنك رأيت شيئاً لم يره أحد من قبلك، بل لأنك الوحيد في هذا العالم الذي يكون أنت"

Pics-Art-05-07-07-26-47

المراجعة رقم 200 مُستَحقّة لهذا العمل الاستثنائي الذي أدخلني بحالة لم أخرج منها لأسابيع عدّة، ومُهداة إلى سعيد جونكر الوجه البرئ النقي من هذا العالم القمئ المسعور قاتل كل جميل في الأرواح قبل الأجساد.

"لم يكن مزاحي يضايقه، وهذا ما جعلني أرى فيه صديقاً حقيقياً، كنت أتصرف معه على سجيتي ولا أفكر بماذا ستكون ردة فعله، أشعره معه بالارتياح أكثر مما أكون مع غيره، لم ينتقد مرة ما أفعله، ولم تكن عيناه تقفان في طريق تلقائيتي"

تستعصي عليّ الكلمات وتقف حروفي في حالة استنفار لغوي مانعةً القلب والعقل من إخراج ما بجُعبتهما في قلق وارتباك، تهتز أصابعي وترتعش يدي في مشقّة بالغة وتتأرجح الكلمات هنا وهناك، يسأل القلب اللسان لمَ لا تنطق وتعبّر ماذا حدث ماذا دهاك؟ فيرد القلب مُضطرباً: وكيف أهدأ وأنطق والأنفاسُ تختلج وأوردتي وشراييني معاً في عِراك؟! آه يا بصيص.. كيف أتجاوز ما كتبته وخَطّته يُمناك؟ تاهت المعاني وضاع الكلام ووقعوا أسرى - كما هي كرة فهد - مُحتبَسين في آخر الشِّبَاك!

"هنالك شئ في الحياة يمنعنا من التصرف كما يحلو لنا، نظام يأخذ ما نريده بالاتجاه المعاكس، ويعطينا الأشياء التي لا نرغب بها، نظام يقول لنا إننا لا نملك من أمرنا إلا أن نقف، في كل مرة نرى الأشياء تجري خلافاً لما نريد"

939b0185b80c66308e583aae35183d70

صِدقاً لا أستوعب أنني الآن أكتب مراجعة عن "قاف قاتل سين سعيد" أكثر رواية أجلت قرائتها في حياتي مرّات ومرّات رغم حماسي الشديد لها وانتظار قرائتها بفارغ الصبر منذ صدورها، مثلما لا أصدق أنني قد قرأتها وأنهيتها بالفعل بعد حاجز غريب وصعب تولّد بيني وبينها على مدار فترة طويلة لأسباب عدّة، الآن وبعد قُرابة ثلاثة أسابيع من إنهائي للرواية ومحاولات كثيرة للكتابة عنها أخيراً خرجت الحروف بعض الشئ مكونةً بضعة جمل وفقرات ليست كافية بالتأكيد لما أرغب في قوله، وأعلم تمام العلم أنني لن أستطيع الفصح عما يجول بخاطري وقلبي تجاهها.

"كلما تقدم العمر بالإنسان يتفاقم حنينه إلى ما مضى، لهذا ينتشر البرد في داخله، كتبت مرة عن الفرق بين الحنين والشوق، أن الحنين لا يكون إلا للأشياء التي لا يمكن أن تعود، والشوق لتلك التي تحتمل الرجوع، لذلك للحنين برودة اليأس، وللشوق حرارة الرجاء"

قاف.. قد يوحي العنوان بأن الرواية بوليسية، ولكن ما إن تنغمس وتغرق بين صفحاتها وتجري بك فصولها ستجد نفسك أمام عمل إنساني عميق من أعظم وأجمل ما يكون، عمل متكامل بلا نواقص ولا مآخذ.. لغةً وأسلوباً وسرداً وحبكةً، وقصةً تثير قَدراً ضخماً من المشاعر والانفعالات قلّما تحدث، وبالنسبة للأدب العربي الحديث فإنها - بكل أمانة - نادراً ما تحدث.

"فالبكاء مُحرِج لدينا رغم أنه أنقى مشاعرنا الإنسانية، إنه التعبير الوحيد الذي يصدر من الروح"

قاتل.. قاتل مجهول لم تتم معرفته لأكثر من عشرين عاماً، بضعة تسجيلات ڤيديو، خطابات وأوراق وتفريغ مذكرات وأفكار، ماضٍ يرهب الجميع من النبش فيه، فكيف ستُعرف الحقيقة؟ هل فكرت يوماً أيهما أصدق في فهم المعاني وإيصالها؟ الكلمة أم الصورة؟ الكتابة أم الڤيديو المسجل صوت وصورة الذي ينقل جانباً من حياة وربما حياة بأكلمها؟ أيهما نصدّق؟ إذا ترك لك شخص مقرب تثق به وتصدقه في كل ما يقول ويفعل بعض الخطابات والكلمات أتصدقها أم تصدق ما تراه عيناك من تسجيلات ڤيديو حقيقية تركها لك آخر؟ هكذا بدأ عبد الله البصيص الثلث الأول للرواية بتوظيف رائع ومقارنة ماتعة بين الكلمة والصورة في الصدق وإيصال المعاني ما بين المحقق "ماجد" الذي - مثلما ورث عن عمه - يؤمن بقوة وسحر الكتابة فقط في حل أي معضلة، ثم "فهد" مدمن الصورة والصوت والإدراك البصري والسمعي، فمن منهم على حق؟ ومن سيفوز في النهاية بالقدرة على إظهار الحقيقة؟

"تستمد الكلمات قوتها من كونها تجعل المعنى صورة، والمخيلة تبعث بها الروح فتتحرك، هذا ما يجعلنا في كثير من الأحيان نرى حياة كاملة تحدث في سطر"

FB-IMG-1715105374964

سين.. ستفتح غلاف الرواية لتجد أمامك المحقق ماجد الذي يبحث عن قضية تحيي لديه حماس تلك الأيام الأُوَل وتعيد الدم ليجري في شريان حياته المهنية كمحقق شرطة بعدما ركَد كثيراً من تشابه القضايا ومعها تشابه الأيام، حتى يأتي يوماً ما بلاغ بموت رجل يُدعى "فهد" في منزله بشكل مفاجئ ليذهبوا للتحقيق في وفاته، فيحكي الرقيب عباس زميل ماجد بالعمل أن فهد كان صديقاً قديماً له ويحدّثه عن الماضي والأيام الخوالي لصداقتهم ضمن مجموعة من الرفاق وسنوات الطفولة والمراهقة التي جمعتهم.

"يوجد شئ لا نراه يمضي ولا يعود، يمضي بنا إلى نهاية، إلى النقطة التي تأتي آخر سطر في كتاب حياتنا، والساعة تشير إلى ذلك دائماً"

"لكن أحياناً لمّا تراجع ذكرياتك القديمة، تكتشف أشياء لم تكن منتبهاً لها!"


سعيد.. سعيدٌ هو من لم يعرف كل شئ، والنقمة والبلاء أشد البلاء هو معرفة كل شئ، يتضح ذلك حين يذهب مُنحنى كلام عباس لماجد إلى قضية قتل قديمة حدثت منذ أكثر من 20 عاماً كان المجني عليه فيها "سعيد چونكر" أحد أبناء الحي والتي تم اتهام فهد فيها بشكل واضح نظراً لأنه كان الصديق الوحيد لسعيد ثم تمت تبرئته بشكل مريب وحفظ القضية، وبلا شك يثير ذلك فضول ماجد للبحث والتنقيب في تلك القضية ويهديه القدر مادة مساعدة تكشف له خبايا وأسرار تلك الحياة المفقودة والجريمة الشائكة، وهي 36 تسجيل فيديو قام بهم فهد قبل موته يتحدث فيهم عن الطفولة البعيدة وشلة أصدقائه وأسرته وعلاقته بسعيد جونكر وما حدث له، كاشفاً الكثير من الأسرار وكاشفاً الستار عن غموض هذه القضية.

"ليس سهلاً أن نقف على آخر لحظات حياة شخص يقص فيها أول لحظاته، وأهم لحظاته.. أتعسها.. أسعدها، ثم ينقطع الحبل الذي كان يجمعها وتنفرط إلا لاشيئية الموت. شعرت أنه كان يودع الحياة، يتحدث عنها كما يتحدث عن لعبة خاضها بكل تحدياتها ومباهجها ولوعاتها وبقيت منها ندوب تجربتها"

لم تكن تسجيلات فهد وحدها هي الخيط الذي يقود ماجد للسر الكبير المخفي الذي لا يعلم عنه أحد، وإنما مجموعة أوراق كتبها عم ماجد ومثله الأعلى الملازم عادل الذي توفى منذ سنوات والذي كان يعمل أيضاً بالشرطة، وجدها ماجد عن طريق الصدفة وأخذ يقرأها بالتزامن مع مشاهدته للتسجيلات، فما الذي يجمع كل هذه التشابكات ببعضها البعض؟ هنا الرواية الحقيقية الفعلية التي ستجعلك تلتهم فصولها بمزيج مشاعر سيرهقك كثيراً التعامل معها أو حتى تصنيفها.

"في الحياة أشياء لكي نعرف حقيقتها علينا أن نجهلها، وأشياء لكي نجهلها يجب أن نعرف حقيقتها"

تسلط الرواية الضوء على عدد من القضايا التي تخص المجتمع الكويتي كمثال للعديد من المجتمعات العربية، العنف بين الأطفال والمراهقين والذي اجتاح العقول خاصةً بعد غزو العراق للكويت، إهمال بعض الأسر ميسورة الحال لأبنائهم في التربية والمراقبة والتقويم والاعتقاد السائد بأن "ابني لا يفعل هذا أبداً ابني ولد مهذب"، التنمر، إدمان ألعاب الفيديو وأفلام الرسوم المتحركة، الانطواء المائل إلى التوحد والعزلة التامة، والجانب الأهم: سعي بعض المراهقين لتحقيق التميز والسيطرة ولفت الأنظار ونيل الإعجاب حتى ولو بالطرق الملتوية وارتكاب الفظائع، كما ترينا رأي العين كيف أن المُثُل قد تنهار والعدل قد يختلط بالظلم والخير بالشر، وأن عذاب الضمير قد يكون أقسى من القصاص، ولكن فقط لكل ذي ضمير حي.

"لكن الحق لا يُلغَى بمرور الزمن!
الزمن يأتي على الأشياء إلا على الحق، صدقني، لن تعرف روحك الراحة إذا كنت تستطيع إرجاع حق ولم تفعل"


أحببت بشكل خاص سعيد وأخيه سعد وجه الدنيا الفطري البرئ، وزهرة حبيبة فهد الأولى والأخيرة والوحيدة، أعجبتني شخصية زهرة وحديث فهد عنها وتأثير عبيرها على حياته وشخصيته وكيف أن وجودها كان هو الحقيقة الوحيدة والجانب النقي الصادق في أيامه في فردوس الكويت التي في باطنها جحيم بكل تلك الشياطين البشرية التي سكنتها في أجساد بضعة مراهقين أبرياء، فهل هم أبرياء حقاً أم مذنبين؟

"كان وجهها - مع النور المجهر من خلفها - مُكللاً بهالة نورانية تشعرني بأنها تشع من داخلها، كان بإمكانها إنارة أي ظُلمة أذكر إسمها بها"

طريقة كتابة الرواية وتقسيمها إلى تسجيلات وأوراق جعلتني أحيا القصة تباعاً وأمشي مع فهد في شوارع حي الفردوس حيث يحكي ح��ايته، والذي عندما بحثت عنه على جوجل وجدته كما تخيلته بالضبط من وصف الرواية، رأيت بيت أم غريب وبيت سعيد جونكر وشِبّاك زهرة وملعب كرة القدم، رأيت وسمعت كل أصواتهم، شعرت بهجير الصيف وقيظ حرارته في الكويت مع ماجد، لذا تحية وتقدير كبيرين للكاتب عبد الله البصيص على أن جعلني أرى الحكاية وأسمعها من خلال الكلمات وأعيش كل هذه المشاعر بتلك الدرجة العالية، وعلى إضافة عمل آخر لقائمة مُفضلاتي، وعلى برهنته وإثباته بأن سحر الكتابة لا يضاهيه سِحر.. فقط، ما دامت قادرة على رسم الحقيقة ونقلها الصورة دون شوائب أو تزييف.

"حدَّثني أن القراءة فعل يعطي العقل حريته في الفهم، أما الصورة فتجبره، تقيده، تسوقه وراءها، وقال إن أثر الكتابة يفوق أثر القراءة، في القراءة نحن نستخدم الكلمات، في الكتابة نصنعها"

"مشكلتنا في الحياة أننا نصدق ما يقال عنها أكثر مما نراه فيها"


تمت - 17 أبريل 2024
Profile Image for Tawfek.
3,795 reviews2,208 followers
September 30, 2024
I figured out the killer once I held the novel today, before I even started reading lol
27 pages before it was over.
What throws the reader off about this detective case is, for 100 pages or more, we are led to believe that the boy who disappeared actually got sucked by a UFO, that was taking him away from Earth, in order to save him, motherless, fatherless, botherless, with only a stepfather, and above it all the kid has a mental disability.
So you forget the case and possible murder, and you are either interested in learning more about the UFO, or like me just read pissed off at the novel turning sci-fi instead of remaining a detective novel.
My thinking mind eventually beat this though, Red and blue lights (A cop car) Jet engine sounds (Possibly also a car engine the kid is just exaggerating.) The uncle of the detective who was also a detective having mental struggles at a certain point (Guilt, Shock) The hole behind the house (Perfect place to hide a body)
So I finally stopped being led to believe it was a UFO kidnapping and thought of a sensible scenario.
And true enough, after that the detective finds papers written by his dead uncle that explain the wrong murder that happened by mistake, and how his uncle hid it to save his reputation instead of reporting it.

But if you read this as a detective novel you will be disappointed, because this novel is mainly about the life of a 15 years old kid in Kuwait, how he spends his time, his friendships, his relationship with the girl he loves, bullying (there is lots of bullying), how suddenly life changes for us (one point all he wants is to play football, but his friends interests change, and he has to adapt) There was also mention of the Iraqi invasion to his country but very light, A lot of thoughts about the meaning of words, the importance of writing and reading, it really is a complete novel, not a cheap thrill by any stretch of the imagination.
Profile Image for Amr Soliman.
62 reviews66 followers
July 7, 2020
خمس نجوم عن جدارة
احببت الرواية و دخلت فى اجوائها سريعا
لانها تشبه اجواء رواية الكاتب الكويتى سعود السنعوسى فئران أمى حصة
أجواء الكويت الحارة و الصحراء و علاقة الاطفال بأصدقائهم و استمرارها من الصغر الى الكبر

الكاتب عبدالله البصيص هو شاعر و روائى كويتى
شاهدته فى احدى الفيديوهات يعتقد بمبدأ كل ما كانت الرواية محلية انتشرت عالميا
و هذا هو الواضح تماما فى هذه الرواية حيث اظهر بشكل واضح تصرفات المراهقين و بعض العادات الاجتماعية فى الكويت

أبدع الكاتب المميز فى إيحائى بأنى فى قلب الاحداث و موجود فى هناك فى الكويت بالقرب من الابطال ارى الاحداث بعينى
أشاهد الابطال فى بيوتهم و فى الشارع يلعبون و يمرحون و يكيدوا المكائد و تشاجرون و يتصالحون و يتخاصمون

الرواية ليست سهلة هى رواية عميقة فلسفية و لكن رائعة
Profile Image for عبدالعزيز.
96 reviews174 followers
July 7, 2021
فن كتابة التفاصيل ليس بالفن السهل إطلاقا؛ إذ يجب أن يؤدي كل شيء دوره ويكون في محله ودون أي فراغ أو تكلف.
رواية قاف قاتل سين سعيد هي نموذج مثالي لهذا الفن، ٤٢٤ صفحة من التفاصيل التي تنسج خامة السرد، ملونة ومفصّلة على مقاس الحكاية دون زيادة أو نقصان، دون ملل أو ابتذال. يسير الراوي بثقة من يعرف المكان جيدا ليقي حبائل التشويق بين كل فصل وفصل، حتى تصبح قراءة آخر مئة وخمسين صفحة عملية جري متلهف، ودن أن يتكلف أمرا أو يستذكي على القارئ.

قرأت للبصيص "طعم الذئب" وانبهرت بجمال لغتها وفلسفتها وعمق الرؤية الفنية فيها، وحين قرأت قاف قاتل وجدت ذات الجمال ونفس الرؤية الفنية ولكن بأسلوب مختلف. وجه التشابه بينها هو رؤية الكاتب لتأثير المجتمع على الفرد.
يدمج البصيص هنا تقنية المونولوج المسرحي مع السرد الروائي، حيث تقف زاوية التصوير أمام البطل فهد ويصف الكاتب كل ما تلتقطه الكاميرا - ويخدم حالة المشهد - ، بينما يصف فهد كل ما يظهر على ذاكرته - ويخدم فكرة السرد . الجمالية هنا أن الوصف الأول للحاضر والآخر للماضي، يلتقي الوصفان في معرض السرد "شاشة النقال" حتى كأنني أرى كل شيء وأشعر به، دون أن تتداخل الأصوات أو تلتبس الشخوص.

لدى الكاتب قدرة جيده لإيصال الحزن والفرح، لا أفتأ أذكر مشهد فراق فهد مع زهرة وزياراته بعد ذلك لسكتها دون أن يتجرأ ويقف أمام شباكها، كان مشهدا تآزرت كل تفاصيله لتقول بصمت عما كان في صدر الفتى فهد.
وهناك أيضا حادثة اختفاء سعيد، ذلك المشهد الذي سيبقى طويلا في ذاكرة الرواية العربية، صادم ويتحدى العقل.
لا أعرف لماذا تذكرت طفولتي وأنا أسير بين أزقة هذه الرواية وساحاتها و ملاعب الكرة فيها ومدارسها وجرس الفسحة. لذلك أذهب مع ريفيو الأستاذ عدي السعيد إلى أنها "النوستاليجا" التي تعيش بنا.
Profile Image for شيماء هشام سعد.
Author 9 books2,509 followers
October 1, 2022
رواية غير قابلة للنسيان، وكتابة نظيفة بكل ما يمكن لكلمة نظيفة أن تحمل من معنى؛ نظافة في السرد فلا إرباك ولا تشتيت ولا إملال، ونظافة في اللغة فلا تقعر ولا تواضع، ونظافة في الحبكة فلا ثغرات ولا سقطات، وأكثر نظافة تأسرني هي نظافة التناول، نظافة دماغ الروائي إن صح التعبير؛ حيث لا يُفحش ولا يُسف دون دواعٍ أدبية ليثبت تحرر كتابته من أي قيود، وحيث لا يُفصح بمعنًى كان الإلماح إليه أجمل فقط ليقول أنا حر، هذه الكتابة التي تكتسب قيمتها من ثقل أدوات كاتبها لا من تخبيطه وجرحه في ذائقة القارئ، وهذه الثقة التي لا يجد الروائي بعدها نفسه محتاجًا لإثبات شيء.

رواية جميلة ومدهشة، تُذهب النوم من العين لمعرفة ما سيحدث، مطعَّمة بفلسفات نفسية وأخلاقية وتربوية جميلة في غير تكلف ولا إملال، وبلغة قريبة وعالية في الوقت نفسه، وحبكة ممتعة وغير متوقعة على الإطلاق، وجو نفسي مشحون إلى حد استدرار الدموع، وتطور الشخصيات مثير للإعجاب حقا، تصديق الشخصية نفسها وتصديقي كقارئة أيضا شيئا أعرف الآن أنه لم يكن صحيحا.

أول قراءة لعبد الله البصيص، اكتشاف سعيد للغاية، لأنني أسعد بالتعرف على كاتب متسق مع خلفيته وتكوينه، مدهش بدون أن يسعى إلى الإدهاش.
Profile Image for Yasmine Mohamed.
179 reviews24 followers
November 15, 2020
Unpopular opnion
لم احبها 🙈
الرواية فكرتها جيدة وأسلوب الكاتب أيضا جيد ولكن سردها كان ثقيل جدا على قلبي رأيي أنه كان يمكن إختصارها فالسرد كان ممل بالنسبة لي.
لم أتقبل النهاية ولكن بعد مرور بضعة أيام ومناقشة مثمرة مع الأستاذ أحمد فؤاد والرجوع لمراجعته المميرة تفهمتها فهي كانت تتماهى جيدا مع الواقع الذي أرفضه فالحق لا ينتصر دوما والعدل لا يتحقق في دنيانا بنصرة المظلوم ومعاقبة المخطئ فأحيانا الروايات تكن كالحياة ليست وردية
Profile Image for الزهراء الصلاحي.
1,608 reviews680 followers
October 12, 2021
قاف قاتل
سين سعيد
باء بديع
ميم مذهل
وكما تحب أن تقول قل!

لست متفاجئة أن هناك قلم كويتي بهذه الجودة لأنني اعتدت على ذلك من الكويت.
لكن، لم أكن أعلم أن البصيص لديه هذه القدرة المذهلة على السرد!

هل أندم على تأجيلي القراءة له أكثر من مرة، سواء مع هذه الرواية أو طعم الذئب. أم أسعد لأنني اكتشفت للتو كاتب عربي أصبح من كُتابي المفضلين من أول تجربة لي معه!

لا أقابل كثيراً روايات بوليسية عربية بهذه الجودة
خاصة عندما يتم المزج فيها بين الجوانب النفسية والإجتماعية في إطار من الإثارة والتشويق.

"اقرأ، وشاهد، وتمتع، وقل لنفسك كل يوم: أنا في أمس الحاجة لهذا اليوم، واقرأ، واقرأ، واقرأ. أريدك أن تعرف شيئاً واحداً فقط؛ أنك مميز ليس لأنك رأيت شيئاً لم يره أحد من قبلك، بل لأنك الوحيد في هذا العالم الذي يكون أنت".

رواية مختلفة، وتستحق القراءة.

تمت
١٢ أكتوبر ٢٠٢١
Profile Image for Mohammed.
540 reviews777 followers
February 21, 2022
يمتزج الحنين مع الغموض، مشاكل البلوغ مع تغير الملامح الاجتماعية، رشاقة اللغة مع آلام النفس. رواية ممتعة!

سعيد شاب يعاني من إعاقة ذهنية، لا يؤذي ذبابة، من يقتل إنساناً مثله، ولأي هدف؟ يحاول المحقق الشاب التوصل إلى إجابات فيُفاجئ بالمزيد من الأسئلة والمصائر المتشعبة، المأساوية في أغلبها.

رواية جريمة من الطراز الفاخر، تجمع أغلب العناصر التي تشكل كتاباً ناجحاً من هذه الفئة. يبدأ النص بعلامة استفهام كبرى تولد علامات استفهام أصغر، وتتوزع الإجابات لتطيل أمد التشويق حتى الصفحات الأخيرة. لا يقتصر الطموح على تقدي�� قصة مثيرة بل هناك محاولة لتوصيف بعض الجوانب النفسية والاجتماعية. ففترة الأحداث تقع غالباً بُعيّد فترة الاجتياح العراقي للكويت، وعمر الشخصيات أثناء الأحداث الرئيسية هو سن المراهقة. كل ذلك ساهم في إثراء الأحداث، وفوق ذلك، نلمس مجهوداً لرسم أجواء قاتمة مقبضة، سوءا من حيث الأماكن أو حالة الطقس. أحببت هذه النقطة التي تناسب مزاجي القرائي.

من وجهة نظري، الرواية ممتازة وإن عانت من قصور في بعض الجوانب. وجدت الشخصيات عادية، ليس هناك ما يذكر. العديد من الشخصيات مسطحة بينما الشخصيات الرئيسية، على أنها مرسومة بشك جيد، إلا أنها تفتقر إلى الجاذبية التي تجعلك تتذكرها بشكل خاص. هذه رواية لن أتذكر منها سوى الأحداث فقط. ومن ناحية أخرى فقد أسهب الكاتب في وصف المعارك الصبيانية الشرسة. عانيت من ذلك بالذات في الثلث الأخير، حيث كان ذهني يحاول التوصل لإجابات ومعرفة مآل الشخصيات. تقنية السرد عبر مقاطع الفيديو ذكية لكن وصف شكل، وموقع وحركة المتحدث في كل تسجيل كانت تفاصيلاً زائدة عن حاجة النص.

أحب هذا النوع من الأدب حيث تتعلق الجريمة بأحداث مأساوية شخصية ونفسية، على عكس أدب الغموض الذي يستفيض في التحقيقات المرهقة واكتشاف الأدلة الخفية والتوصل لاستنتاجات خنفشارية. من نافلة القول أنني سأقرأ أعمال عبدالله البصيص الأخرى، ولربما كانت "طعم الذئب" هي المرشحة الأولى لذلك.
Profile Image for مروان بن محمود.
23 reviews23 followers
March 21, 2021
رائعة رائعة رائعة

لو كان العنوان "الجريمة والغفران" لكان أقرب لموضوعها. إلا أن العنوان الحالي لافت ومميز ويمثل الجو العام للرواية.
سرد مؤثر، بلغة جميلة جدا. استوقفني عبارات كثيرة تقترب من الشعر، لجمال صياغاتها ومعانيها.

هذه رواية وضعت فلسفة اللغة العربية في مقدمة اهتماماتها ولم تغفل بقية العناصر، بل أجادت بها.

البناء الروائي جديد نوعا ما لكنه ممتع، قائم على دمج المونولوج المسرحي مع أدوات الرواية. على شكل تفريغ تسجيلات مصورة بكل تفاصيلها، نقل وصف المكان في الوقت المضارع والحدث في الماضي. أول رواية عربية تدور كلها حول حياة المراهقين ورغباتم ورؤيتهم للحياة.
وفّق الكاتب في دس المفاجآت، فهو يعرف متى يتوقف التشويق فيرمي بالطعم وراء الطعم للأسئلة. القصة عن محقق زج نفسه في قضية أغلقت منذ عقدين، توحي بأنها رواية جريمة، لكن عندما تأتي التسجيلات تختلف القصة وتصبح قصة فهد نشوان التي يدور عليها العمل. الشخصيات كأنك تراها خصوصا بشار وزهرة.

الفكرة الأساسية هي مقارنة بين أثر الصور وأثر الكلمات. لكنها جاءت على نحو إبداعي تألق بالأسلوب الجميل للكاتب. كذلك التحذير من أثر التكنولوجيا على العقل والحياة. هناك جو من الحزن الطفيف يأتي في الربع الأخير من الرواية، ينقشع مع نهايتها.
من عيون الأدب الروائي المعاصر
Profile Image for Mohamed Samy.
208 reviews120 followers
September 10, 2021


"القراءة فعل يعطى العقل حريته في الفهم، اما الصورة فتجبره، تقيده، تسوقه وراءها. وقال إن أثر الكتابة يفوق أثر القراءة. في القراءة نحن نستخدم الكلمات، في الكتابة نصنعها."






عبر اللغة ودروبها وحروفها، وبسرد مدهش حقا – مقارنة بمستوى السرد عند جيل كتاب العرب الشباب- تمكن عبد الله البصيص من خلق رواية قوية تجمع معظم فنون الرواية. بذكريات الكويت في التسعينيات وصولا للوقت الحاضر من خلال تسجيلات "فهد نشوان" الذي كان مراهقا في الثانوية وقت احداث الرواية، حيث اختفى "سعيد جونكر" وسط اتهامات لفهد بقتله حينها ومحاولته تبرئة نفسه مع عدم استطاعته لحكى ما راَه ايمانا منه بأن لا أحد سيصدقه.

شلة مراهقي الثانوية واضطراباتهم النفسية وحياتهم السرية أحيانا وتقديمها من خلال شخصيات الرواية بجودة عالية.

من مميزات أسلوب البصيص : اللغة.. لغة قوية . الحوار بين الشخصيات في أيام المراهقة كان ممتع.

السرد أيضا من نقاط قوة الرواية فالتشويق كان حاضرا لأخر الرواية.

على الهامش نقطتان:

نقطة  عن الرواية : النهاية غير متوقعة وهذا جيد بالنسبة لرواية تشويق واثارة، ولكن مشهد الأضواء وكلام فهد مختلف في التخيل عن ما حدث في الواقع من كتابات الملازم عادل، خصوصا لطالب في مرحلة الثانوية فهو ليس طفل بالنهاية فهو يدرك بالتأكيد القتل وان تبقى امامه جثة هامدة. لكن من الممكن في عقل البصيص الذى كان يقارن طول الرواية بين الصورة والكلمة وقوة وخصائص كل منهما في التأثير على العقل وادراكه، فهى ان كانت مقصوده ، فمن الممكن انه عبّر بالصورة البراقة للأضواء والتي كانت أضواء مصابيح وفليشر السيارة بانها "صورة" فلم يتمكن عقل فهد المبهور بالكارتون والفيديو والتلفاز الا التركيز فيها وترك الحقيقة الواضحة التي لم يستطع التعبير عنها بالكلمات ولم يجد الا تأثير الأضواء المبهرة على عقله وخياله.

 

نقطة عن الروائيين الشباب في مصر: " عيب عيب ، عيب عليكم" – بصوت سعيد جونكر-

الرواية في مصر بعافية، فجل الابداعات الحالية لكتاب من الخليج، حتى من كان في طريقه للوصول لمكانة جيدة مثل احمد مراد ، اخذ يجرى بقوته نحو الهاوية مستعرضا عضلاته الثقافية وايدولوجياته التي يحشرها حشرا في رواياته من بعد الفيل الأزرق فخرج نتاج ادبى مشوه .

تحية لعبدالله البصيص على الرواية الممتعة التي اذا ما قورنت برواية بوليسية لكتاب أجانب مثل "نيلوفر اسود" ل "ميشيل بوسى" ، فالتفوق واضح ل ق.. قاتل س.. سعيد

Profile Image for Zahraa Hussin..
227 reviews49 followers
September 18, 2024
أُعجبتُ بلغتها بشدةٍ، ولكن لا، لم أُبهر هُنا علىٰ الأطلاق!
وقفتُ في المنتصف (وهذا الموقف ليس بالعاديّ في حالتي، فأنا أميلُ إلىٰ التطرف بعادتي، أما أن أُعجب وأُثمن ما قُرأ أو أنفر منه بوضوحٍ لا لبسَ فيهِ) ولكن مع هذا العمل كان الأمرُ مختلفاً، فاللغة أعجبتني، أُقحمتْ العديد من النصوص من ذاك النوع الذي يصلح أن يكون إقتباساً؛ ذاك الذي يُكتب ليُصور وينُشر علىٰ ستوريات الأنستكرام، وبالرغم من نفوري في أغلب الأحيان من أسلوبٍ كهذا ولكن هُنا كان الأمر مُتسماً من وجهة نظري ببراعة في الإقحام، كان إقحام في موضعهِ أو يكاد!
والفكرة كذلك أعجبتني.
وُصِفَ شعور بطل العمل بدقة بالغة، أعجبني ذلك أيضاً، هُناك دقة وأصالة ينشدهمها الكاتب في كتابة ما يُعتمل في دواخل شخصيات عمله، وصلني هذا الجُهد وأستشعرتهُ وأحببتهُ في مواضع كثيرة.
ولكن هُناك خلل ما أسشعرتهُ بجلاءٍ حين إنتهائي من قراءة العمل، رغم غياب الكلمة التي تصفهُ!
مُطولاً بحدثُ في رأسي عن هذهِ الكلمة فلم أُنصف من قبل حصيلتي اللغوية التي كانتْ في رأسي في تلك اللحظة. ولكني وجدتُ ضآلتي هنا، علىٰ مراجعات الكتاب في هذا الموقع، كُتب من قبل قارئة لم تُعجب بالعمل المُحتفىٰ بهِ علىٰ الأطلاق، كتبتْ كلمة ترهل، صرختُ بسعادة في عقلي، نعم هي ذي!
ترهلٌ في النصِ، ترهلٌ صَعُبَ عليّ تجاوزه، الكثير والكثير من الصفحات التي تدور في ذات النقطة، إسهابٌ مُزعج والكثير من شخوص أصداقاء البطل؛ وجدتُ الحديث عنهم ممل في بعض الأحيان، وفي أخرىٰ وجدته لغوٌ زائد لا طائل منه ولم أجد كل هذهِ الإطالة خدمت العمل، نعم في مواضع كان لا بد منها لتُسبر غور شخصية البطل، ولكن بكل هذا الأسهاب المُغالي في تفاصيله!
أيضاً الإحتفاء المبالغ فيه بهذا العمل رفع سقف التوقعات عالياً، وهو ما جعلني أنتظرُ عملاً كل عناصرهِ تحاول الدنو من الكمال، ولكني وجدتُ الكثير من العناصر ضعيفة أو لم تُعجبني أنا علىٰ الأقل، حتىٰ في بناء بعض الشخصيات كشخصية زهرة التي أحبها فهد، لم تُعجبني الطريقة التي خُلقتْ بها هذهِ الشخصية، أستعصىٰ علىٰ مخيلتي تخيلها كشخصٍ حقيقي، بقيتْ أسيرة الورق لديّ وهو ما أفسد علىٰ مخيلتي واقعية العمل، وقدرتي علىٰ التفاعل مع شخوصه.
أيضاً هناك فجوات في الأحداث، لم تُعجبني طريقة البصيص في ردمها ولا، لم تُقنعني.
في النهاية هو عملٌ جيد ليس بسيء ويستحق أن يُمنح فرصة الإطلاع عليه.
Displaying 1 - 30 of 499 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.