Jump to ratings and reviews
Rate this book

Time and Eternity: An Essay in the Philosophy of Religion

Rate this book
Book by Stace, W. T., Stace, Walter Terence

169 pages, Hardcover

First published February 28, 1970

28 people are currently reading
765 people want to read

About the author

Walter Terence Stace

20 books87 followers
Walter Terence Stace was a British civil servant, educator, philosopher and epistemologist, who wrote on Hegel, mysticism, and moral relativism. He worked with the Ceylon Civil Service from 1910 and 1932, thereafter he worked at Princeton University till his retirement in 1955, as professor of philosophy, and subsequently remained professor emeritus of philosophy.[3] He is most known for his work in philosophy of mysticism, and books like Mysticism and Philosophy (1960) and Teachings of the Mystics (1960).

- Wikipedia

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
36 (25%)
4 stars
48 (34%)
3 stars
42 (29%)
2 stars
11 (7%)
1 star
4 (2%)
Displaying 1 - 30 of 35 reviews
Profile Image for BookHunter M  ُH  َM  َD.
1,694 reviews4,642 followers
November 22, 2022

التجربة الصوفية كيف نفهمها و علام تدل؟
الدين ماهيته و أسبابه و فلسفته؟
الله و ذاته و صفاته
الكون و الخلق و علاقتهم بالمخلوق
كتاب شيق و عميق لدرجة كبيره
Profile Image for Ahmed Oraby.
1,014 reviews3,225 followers
June 25, 2016
للكتابة عن هذا الكتاب - تحديدًا - لا يجب أن تكون ظمآنًا، إذ أن ما فيه كفيل بشق الأنفس. لذا، ترجأ الكتابة عنه إلى ما بعد الفطار، بعد حسو جرعة كافية من السّوبيا.
تعليق مؤقت؟ كتاب صادم.

لماذا هذا الكتاب، هو "كتاب صادم"؟
لأنه كفيل بأن يدمر لك إيمانك، لا، إن شئت الدقة، هو كفيل فقط بزعزعته، وابتناؤه من جديد. كيف؟ ستعرف
أولًا، وبادئ ذي بدء، اقرأ هذا:
https://goo.gl/h2NdUH
قرأته؟
اقرأ هذا مرة أخرى، وأعد قراءته مرة أخرى، لكن بتركيز:
https://goo.gl/fvBIQI
أظن أن هاتين المراجعتين كفيلين بإعطائك لمحة عمّا يريد الكاتب قوله، والآن نكمل.

ما يريد الكتاب مناقشته هاهنا في كتابه، كما هو بائن من اسمه، هو الدين، لا كلاهوت وحجاج، ولكن كمعرفة وإلهام.
ما الدين؟ يقول ستيس: "بأن الدين هو عيان (حضور أو مشاهدة) لشيء يقوم فيما وراء المجرى العابر للأشياء المباشرة" هل هناك تعريف أكثر غموضًا من هذا؟ إذن الدين ليس هو الشعيرة أو العبادة التي نتقرب بها لله؟ لا، بل هو كذلك أيضًا، عندما تتحدث عن المؤمنين، لا المتصوفين. ما هذا الدين؟ وكيف نشأ؟
يقول، وهو الأهواني هذه المرة، لا ستيس: "بأن الدين هو ظاهرة صاحبت الإنسان منذ نشأته على ظهر الأرض، في جميع العصور، وفي شتّى أنحاء الأرض"
فالدين ليس إذن هو الوحي فقط، وليس، بطبيعة الحال، هو المقدس فقط، بل قد يكون مدنسًا أيضًا!
هل التدين صفة عابرة، أم أنه شعور أصيل؟
وهنا سأسمح لنفسي بالخروج عن الموضوع قليلًا. منذ فترة بسيطة، وتتوارد الأسئلة بالذهن، وبغير الذهن كذلك، عن مسألة الله، والدين، والوحي. سئلت منذ فترة سؤالًا جادًّا على موقع ask، وعلى الرغم من كونه "فاسد منطقيًا" كما تبيّن، إلا أنه قد عصف بذهني كما لم يفعل غيره. هل الدين حقيقي؟ وهل هناك إله للأديان؟ إن كان نعم، فدلل على كلامك، وإن كان لا، فأرحنا منك ومن حديثك. والحقيقة أني حينها وجدتني متحيرًا، هل الإله موجود؟ كيف أثبت هذا؟ دليل البرهان الأنطولوجي؟ أم دليل العناية؟ أم الخيرية؟ أو أي من دلائل المتكلمين واللاهوتيين، والمؤمنين المتكلفة عمومًا؟
هل أحيله على كتاب الشعراوي "الأدلة المادية على وجود الله"؟ أم أتركه يعبث يمينًا ويسارًا إلى أن يهتدي؟ وجدتني أقول كلامًا مشابهًا لكل من هذا وذاك، حتى مشابه لكلام ستيس هنا. بأن الدين هو نزعة طبيعية لدى الإنسان، ولا يوجد ما قد يستطيع أن يسلبها منه، فقط، إذا ترك الرياضة، والمنطق، وآمن أن حياتنا، بطبيعة الحال، هي شبكة معقدة، من كل هذا وذاك. العقل والقلب، الحدس والحاسة، المقدس والمدنس، والأزلي، والزماني. بالطبع لم يكن بمثل هذا الجودة، بل كلامًا ركيكًا حتى أنا استشرفت فيه العديد من الأخطاء، فما بالك بالنابهين؟
هذا الدين ببساطة هو: ذاك الإحساس الداخلي، بالميل إلى ما هو أعلى، أسمى، أرقي، أدوم، وأكثرهم أبدية. هل هو إذن مجرد إحساس وشعور متقلب؟ أي هو وهم؟
بعضهم نعم، وفي كثير من الأحيان يكون الإيمان وهم، لكن بطبيعة الحال، ليس هذا بإيمان. ليس الإيمان بخرافة، أو بالمضحك، أو بالعابر. الإيمان مشاهدة، وحضور، وملازمة، بل قل، الإيمان تعب، ومشقة، وعناء، وضلال، ثم هدىً، ثم وصول، ثم بحث، ثم قرب وامتزاج. ليس إذن كل شعور هو إيمان ديني، بل قد يكون وهمًا أو سرابًا تخلقه أنت. كيف أعرف الإيمان من الضلال؟ ببساطة، بأن تعمل عقلك، فيما هو متاح بالطبع، وأن تستخدم المنطق، فيما هو قادر على إحكامه، وهذه هي وظيفته، حتى من نطقه.
ما الله؟ هل هو روح؟ جسد؟ عقل مدبّر، قوة طبيعية؟
ماذا لو قلت لك أنه ذلك كله؟
يقول هوايتهد:
"إنَّ الدينَ عيانٌ لشيءٍ يقوم فيما وراء المجرى العابر للأشياء المباشرة، أو خلف هذا المجرى، أو في باطنه؛ شيءٌ حقيقي، ولكنه مع ذلك لا يزال ينتظر التحقق؛ شيء هو بمثابة إمكانية بعيدة، ولكنه في الوقت نفسه أعظم الحقائق الراهنة؛ شيء يخلع معنىً على كل ما من شأنه أن ينقضي ويزول، ولكنه مع ذلك يَنِدُّ عن كل فهم؛ شيءٌ يُعَد امتلاكه بمثابة الخير الأقصى، ولكنه في الآن نفسه عَصِيّ بعيد المنال؛ شيء هو المثل الأعلى النهائي، ولكنه في الوقت نفسه مطلب لا رجاء فيه"
بالطبع الكلام هنا هو عن الدين، لكنه يرمي بدرجة كبيرة إلى صاحب هذا الدين. فالله لا نراه، ولا نكاد نحسه، ولا نتيقن تمامًا من إن كان حتى موجودًا، نتيقن بالأساليب المنطقية والعلمية أقصد.
فكيف ألجئ الأزلي للزماني؟ وكيف أحيل الأبدي إلى المؤقت؟ والمتناهي للامتناهي، والمطلق، إلى اللامطلق؟ وغير ذلك من المتناقضات؟
كيف أخضع الله للتجربة، وهو الذي، لحكمة ما، لا نعلمها بالطبع - أو قد نعلمها إن قرأنا هذا الكتاب - قرر أن يكون مختفيًا عنا؟
هذه هي المشكلة الرئيسية، إن في المؤمنين، كما هي في الملحدين. فاقرأ كتاب الشعراوي مثالًا للمؤمنين، وعلى الناحية الأخرى، اقرأ كتاب الله: الفرضية الفاشلة، أسوأهم على الإطلاق. الأول نزل بالله السماوي إلى حد المادة والطبيعة، مستشهدًا بآيات قرآنية، لإثبات وجود الله. والآخر لم يفعل أكثر، بل أسوأ. فهو قد قرر أن الله غير موجود، فقط لأن العلم ينفيه، وهذا هو مدار الجهل الذي ندور فيه منذاك. وليته اكتفى، بل حاول إثبات عدم وجود الإله، بإثبات لاخيرية الوجود والعالم، بحجة أبيقور المعلومة. لكن ما بال صفة الخيرية، بصفة الوجود؟ لا تدري.
حسنًا نذهب لنقطة أخرى. هل الله موجود؟
لا تنذهل. لا. هو غير موجود. غير موجود وجودًا ماديًا، حاضرًا، مشاهدًا، كوجودك، ووجودي، ووجود بيومي فؤاد. إذن الله عبث؟ وعدم؟ وفناء؟
كلّا. هو لا هذا ولا ذاك. هو موجود وجودًا مجازيًا
اشرح. فنشرح.
يرى المؤمنين، أجمعهم، بأن الله موجودًا، لكن هل هذا يعني أنه حاضرًا هاهنا والآن؟
كيف يمتزج، كما سبق وقلنا، الأزلي بالزماني إذن؟ ما العمل؟
اللغة هي السؤال، وهي الجواب، وهي العماد
لدينا عدة أقسام من المؤمنين. السلبيين، والإيجابيين، وبالتأكيد غير مقصود بالصفتين رؤيتهم للوجود، لكن من حيث رؤيتهم لله، وصفاته.
البوذية، والهندوسية، مثلًا، يصنفوا ضمن الأولى، وأصحاب الديانات السماوية للثانية
الأولى، التجأت إلى حذف مفهوم الله أصلًا، فأصبحت فلسفة ملحدة. في قسم منها،وفي قسم آخر، مؤمنة، لكن لا بالله، بل بالنيرفانا.
أما الهندوسية، فالتجأت إلى حجة رهيبة، مشابهة للزرادشتية إلى حد ما، وهي "توزيع الله"
بمعنى خلق إلهين، أحدهما متنزه عن الصفة، وآخرهم، غارق فيها
براهمان وأتمان، ها هما.
ماذا عن أصحاب الديانات؟
الإسلام، وهو ما لم يفه عنه الكاتب هاهنا ببنت شفة، بل تجاهله تمامًا - حتى أن مقدمة الأهواني بها كلام ورد، أكثر من كلام الكاتب نفسه -، بعضهم أثبت صفاته، وبعضهم نفاها، وبعضهم أولها. أما اليهودية، فيبدو أنه قد نسيها. أما المسيحية، فالكلام عنها يطول.
ماذا فعل المسيحيون؟ التجأوا، كالمسلمين المنبوذين، لما يسمّى بالمجاز. الله موجود؟ نعم، وجود رمزي، غير حرفي. الله طيب، محبة، خير، جمال؟ نعم، لكن لا تأخذه بشكل حرفي، يجعلك تضع الله في نفس الكفة معك، او مع صديقك. الله شرير، مجرم، قاتل، عدواني؟ كلا. فيم الخلاف؟ على ما يبدو، فإن بعض الصفات، أقرب لله، من البعض الآخر. فأنت لن تعبد إلها شريرًا، لكن إلهًا رحيمًا حكيمًا. حتى لو لم توح أفعاله بذلك.
هل المجاز هذا مفتوح؟ بمعنى أني قد أصف الله بأي شيء؟ أو أسلب منه كل شيء، بدعوى المجاز؟
بالتأكيد لا، فحتى المجاز له حدود. ما هي؟
ألا يتضاد مع صفات الله.
لكن هل يمكننا أن ننسب صفاتًًا حقيقية لله؟
كلا. فالله ليس قضية منطقية، وكل محاولة لجعله كذلك، هي محاولة تائهة. لم؟ لأن المنطق، بطبيعته، تصوري. أنا أقول الله القاهر، فأتصوره متغلب وقوي وكذا وكذا. الله محبة، لكنه ليس كمحبتنا. فبما تضيفه لله من صفات طبيعية، يصبح الله بذلك أقرب للطبيعة، وبالتالي، أقرب إلى العدم
"إلهي لا نفع له" أو لماذا ثلاث نجوم فقط؟
هل سمع أحدكم بهذا العنوان من قبل؟ أظن بعضكم فعل، وبعضكم هذا بالطبع ليسوا مسلمين بطبيعة الحال، وبعضكم الآخر لم يفعل، وهم الأكثر.
لماذا ثلاث نجمات، وليس خمس، كما تأملت، بعد بداية قراءتي للكتاب؟
سنرى. لأن الله مثلًا، لا يفعل أي شيء تقريبًا، مثلًا؟
لأنه، تقنيًا، لا نفع له؟ ولا لزوم له؟ ولا حاجة له؟
لأنه، قد يكون، فعليًا، مجرد وهم؟
لأنه خواء؟
أو قل، لأنه جوهر محض؟
ماذا تفعل إن أعطيتك مائة جنيه، وقلت لك، هذا قيمتها مليونًا، لكن هي في الحقيقة والعدم سواء؟
هذا هو الله، على الأقل الإله الفلسفي. هو مجرد فكرة، فكرة جميلة، نقية، عظيمة، لكن لا نفع حقيقي لها. مجرد تمنّي، تمني شيء جيد، لا دليل على وجوده فعلًا، غير بالتمنّي، والنية الطيبة الحسنة. الله غير خيّر، ولكنه غير شرير، ليس جبانًا، لكنه ليس قوي بالدرجة الكافية لهدايتك وإنقاذك. ليس عدمًا، لكن لا تأمل سوى بأن يكون حقيقيًا. تكتفي معه بلحظة، ومشاهدة، فقط. لكن أكثر من ذلك، فلتعبد رفيقك خير لك، وله.
الإيمان عناء، وتعب، وشقاء، ولكنه يحمل في باطنه الخير. لكن لو كان إيمانًا لا تبعات له، ولا ارتباطات، فلا أظن أننا بحاجة له.
لا زلت متفق معه في الكثير، بل في كل شيء تقريبًا، ما عدا جزئه الأخير، الذي بدا غريبًا عن ثلثيه الأولين.
في الأخير نقول:
إن شتّى المحاولات التي تُبذَل من أجل جعل الدين أمرًا عقليًا أو منطقيًا صرفًا، ليست مجرد محاولات سطحية ضحلة فحسب، وإنما هي أيضًا محاولات - إن قُدِّر لها النجاح - فستكون هي الكفيلة بالقضاء على الدين. والحق أنه إما أن يكون الله سرًا، وإما ألّا يكون شيئًا على الإطلاق.
قرأت الكتاب مع زهراء ومحمد، أو محمد وزهراء، أو معهما سويًا ببل سبق لأحد على الآخر
الكتاب رائع، فاقرءوه
Profile Image for Mohamed  Abo-Elgheit.
89 reviews84 followers
June 25, 2017
"Death is the road to awe" The fountain movie (2006)

لطالما حيرتني تلك الجملة في ذلك الفيلم الفريد، وقد أكلت دماغي الموسيقى التي بنفس الاسم، وقد حاولت أن أضع لتلك الجملة معنى محددا واضحا مكتوبا مثلا يمكنني الرجوع إليه كلما أردت ولكنني فشلت. وضعت عدة تأويلات للكلمة الآخيرة أتذكر منها : ما لا يمكن الحديث حوله، وما لا يدرك! لم أكن أفهمها حق الفهم، ولكني كنت أشعر بها بشدة.
وبينما أنا أقرأ الكتاب، ومن صحفاته الأولى، وكلما كان الكاتب يستطرد في شرح فكرته بلغة صوفية رمزية عن عالم الأزل الذي لا يمكن أن نسقط عليه تصوراتنا العقلية المنطقية، كان يأتي في ذهني تلك الجملة التي حيرتني كثيرا، وأظن أن كلاهما يقصد الشيء ذاته، ذلك الشيء الذي لا يمكنك أن تقبض عليك ولكنك - ويا سبحان الله - توقن أنه موجود!
***
ما يريد أن يقوله الكاتب في كتابه هو التأكيد على الفصل التام بين نظامين للوجود: نظام الزمان/النظام الطبيعي ، ونظام الأزل/النظام الإلهي. ولئن كان نظام الزمان هو ذلك النظام الذي تدركه عقولنا عن طريق التصور المنطقي، فإن نظام الأزل لا يمكن إدراكه إلا بالحدس المباشر الذي لا يعتمد على التصور.
وعلى هذا فاللغة التي يخبر بها الدين أو التجربة الصوفية عن الإله أو عالم الأزل لا بد أن تكون لغة رمزية، لأنها إن كانت لغة تقبل تفسيرا حرفيا لكانت تخبر بقضايا يمكن تصورها أي داخل حيز الزمان، بينما عالم الأزل خارج كل ذلك. إن الأوصاف التي تنسب إلي الإله مثل المحبة والخير والقوة واعتباره العلة الأولى واعتباره شخصا أو نفسا، كل ذلك لا يمكن فهمه إلا رمزا، لأن أي تأويل حرفي لتلك الصفات يردنا في لحظة لعالم الزمان (وكأنك يا ابو زيد ما غزيت!)
وفي الحقيقة إعتبار أن العالم يمكن تمييزه إلى نظامين مختلفين هو أمر موجود في الديانات بشكل أساسي، ثم هو بعد ذلك موجود في كثير من الفلسفات التي استوعبت الدين - بينما يتفرد المذهب الطبيعي في الفلسفة (الطبعانية) بإنكار وجود هذا العالم الآخر واعتباره وهما ذاتيا للإنسان -، ومادام الأمر كذلك، فما الجديد الذي يقدمه الكاتب؟ الجديد هو التأكيد على الفصل التام حرفيا بين النظامين، بحيث لا يمكن إدراك أحدهما من خلال الآخر، لأن لكل منهما وسيلته في الإدراك (النظام الطبيعي يدرك بالتصورات العقلية، والنظام الأزلي يدرك بالحدس)، وعلى هذا فأي من النظامين هو "وهم" من وجهة نظر الآخر ولغته. إن الكاتب يصل به الأمر إلى القول بأن كلا من الفلسفة الطبيعية (الإلحاد) والدين (التأليه) وجهان لعملة واحدة، فكل منهما مذهب صحيح في عالمه!
***
كيف يدرك الإنسان كلا النظامين؟ من المهم أن نشرح تلك الجزئية بادئين بإعادة تعريف للعقل يشمل العقل التصوري والعقل الحدسي معا، أي هذا العقل الذي يدرك الأشياء في الزمان والمكان، وذلك العقل الذي يدرك ما وراءهما.. ويستمد الكاتب ثقته في الحدس الإنساني من تواتر ذلك الحدس بين البشر على اختلاف ثقافاتهم ودياناتهم، ويفرد فصولا أربعة أولى عن (ماهية الدين والألوهية السلبية وتأويلها والألوهية الإيجابية في الديانات الكبرى) للتأكيد على أن جوهر التجربة الدينية واحد، وبالتالي فهو إدراك صحيح .. ولا شك أن هذا الحدس سيتم وصفه بالذاتية من قبل الفلسفة الطبيعية بالاعتماد على كثير من الأدلة التجريبية التي تنسب هذا الحدس لأسباب طبيعية (فيسولوجية مثلا أو سيكولوجية) ، ولكن هذا أمر لا يزعجه إطلاقا، فببساطة شديدة الفلسفة الطبيعية (بتشوف شغلها) في إطار اختصاصها وهو إطار النظام الطبيعي الذي هو نظام متسق مع ذاته ومنغلق عليها. بينما تبقى التجربة الأزلية سامية إلهية متعالية على الزمان بأسره على حد قول الكاتب (أزاي؟ دا تعرفه من الفصل الخامس واسمه (الزمان والأزل)، وشوف كدا هتقتنع بأد إيه من الكلام!).
***
التفسير الحرفي للدين والنزعة الشكية:
للكاتب رؤية جيدة جدا متجاوزة أغلب الترهات التي تنشب بين أنصار الدين وأعدائه (أو بين أنصار الإلحاد وأعدائه!) وهي تلك الترهات التي تثار حول الاكتشافات العلمية التي تستخدم للتشكيك في الدين. لا يوجد أشهر من استخدام نظرية التطور لإثبات كذب الأديان. يقول الكاتب منذ سنة 1951 إن أمثال هذه النزاعات الوهمية قد أصبحت في طي النسيان بفضل تقبل أنصار الدين للتأؤيل الرمزي الذي لا يتعارض مع لب العقيدة، ولكن لو كان الأمر كذلك لكانت اختفت تماما في سنة 2016، وهذا ما لم يحدث!
عموما، فإن النزعة الشكية العلمية يمكن تجاوزها بسهولة عن طريق قراءة جديدة للنص باستخدام التأؤيل الرمزي. أما النزعة الشكية الفلسفية فتقوم على تباين تناقض العقيدة مع نفسها أو عدم منطقيتها، وهي أشد خطرا لأنها تهاجم ما هو جوهري في النسق الديني مثل قضايا نسبة الخير والشر للإله.. هذه المشكلة وأمثالها لا يمكن تجاوزها من وجهة نظر الكاتب بأي تفسير للنصوص قائم على اعتبار أوصاف الإله هي أوصاف حقيقية، فلو فعلنا ذلك لوقعت عقولنا التصورية في تناقض منطقي، وللجأنا بأنفسنا ومغالطات منطقية. إن الحل الذي يطرحه الكاتب هو اللجوء للتفسير الرمزي للدين ككل، وذلك متسق مع طبيعة الدين اللاتصورية - لا تصورية بمعنى أنه لا يمكن للعقل أن يفهمها كما يفهم القضايا التصورية الأخرى -.
**********


بعض الاقتباسات والملاحظات التي بدت لي ملهمة عند القراءة أو مهمة للفهم:
"الحدس الذي نجده لدى الرجل المتدين إنما هو ذلك الذي يرى أن الله في آن واحد موجود ولا موجود دون أدنى انفصال" ص ٦٠
***
"وكما هو الحال بالنسبة إلى الفن، فكذلك الحال أيضا بالنسبة إلى الدين إذ ليس لدى الإنسان سوى روح دينية واحدة، وإن كنا نتحدث عن ديانات متعددة. ولم تنشأ البيانات المختلفة إلا نتيجة وجود بيئات مختلفة تنوعت استجاباتها للحساسية الدينية البشرية الأصلية نفسها" ص٦٤
****
التجربة الدينية موجودة في صميم النفس البشرية، وليست عرضا لمرض أو نقص عقلي، وإن اختلفت تأويلاتها باختلاف الأديان والمذاهب. وهي مثل التجربة الجمالية الفنية في ذلك.
على هذا فالدين هو واحد بالنسبة لكل البشر، وأما ما يختلف هي تلك النظريات العقلية التي توضع حول الدين
*****
"والحق أن النظرية البوذية قد شاءت ألا يكون لها نظرية" ص٧٤
****"
يتشابه كل من الصوفي المسيحي والصوفي البوذي في خبرتهما الدينية، غير أن البوذي يتوقف فلا يضع نظرية لاهوتية لتفسير تلك الخبرة، بينما يعمد المسيحي إلى وضع لاهوته الذي يفسر تلك الخبرة والذي يتضمن وجود إله مفارق له صفات الكمال، وهذا ما يرفض البوذي مجاراته. (يرفض الانتقال من الخبرة الباطنية او الصوفية إلي أية نظرية عقلية تفسرها) ص٧٦
********
ما هو معنى أن "الله ليس موضوعا الخبرة إذ ليس في تلك الخبرة ذات وموضوع يمكن التفرقة بينهما او النظر اليهما باعتبارهما شيئين مختلفين" ص ٩٥ ؟
*******
العقل التصوري القائم على الاستدلال والتمييز عاجز عن إدراك الحقيقة الإلهية. وليس في استطاعة أية عملية من عمليات التحليل أو التمييز أو إعادة التركيب عن طريق التصورات أن توصلنا إلى فهم ذلك الموجود الإلهي. ص١٠٦
******
التصورات غير قادرة على إدراك الله أو الحقيقة العليا نظرا لأن الوجود الألهي غير متناه بمعنى أنه ليس له ند او مقابل او آخر. هو الموجود المطلق ص١٠٩
******
الدين ليس هو اللاهوت، والدين هو الإحساس الباطني أو الصوفي بالله الموجود في أعماق القلب، وهذا هو صميم الدين. وقد يكون الانسان على علم باللاهوت دون أن تكون لديه أي معرفة عن الله ص ١١٨، (كما قال المسيري أن عالم الا خلاق قد يكون في نفسه عديم الأخلاق.)
******
سبينوزا واصفا الجوهر والذي هو لديه غير متناه: ذلك الذي لا يحتاج تصوره إلى تصور أي شيء آخر يكون بمثابة المصدر الذي يصاغ منه" ص ١٢٠ وذلك نفسه الذي في عقلي، وأسميه "نقطة الأصل، ينسب الكل إليها ولا تنسب إلى شيء"
*******
تأويل الالوهية السلبية أن الله عدم بالنسبة للعقل التصوري، فوجوده وإن كان ينكشف للحدس إلا أنه مخفي عن العقل ص ١٢٣
******
الاتجاه الحرفي في النظر الي الدين اتجاه مدمر هدام، وهو الموطن الذي يتوالد فيه الشك والإلحاد ص ١٣٤
It is disastrous, it is the breeding place of scepticism and atheism
*****
النزعة الشكية تهاجم العقيدة الدينية في تأويلها الحرفي، إما عن طريق الشك العلمي وهو تبيان تناقض العقيدة مع بعض وقائع الطبيعة، أو الشك الفلسفي أو تبيان تناقضها مع نفسها أو عدم منطقيتها. والشك الفلسفي أشد خطرا لأنه يهاجم ما هو جوهري في النسق الديني مثل قضايا نسبة الخير والشر للإله، بينما يهاجم الشك العلمي ما يمكن اعتباره غير جوهري وبالتالي يمكن تأويلها مثل قضية ثبات الأرض أو نظرية التطور. بتصرف ص ١٣٦
******
كل المحاولات التي بذلت من أجل التوفيق بين القدرة المطلقة لله مع الخيرية الكاملة وبين وجود الشر والألم - وإن كانت تملأ ما لا حصر له من المجلدات الفائضة بالعلم وسعة الاطلاع - إنما هي خداع صريح وزيف واضح ص ١٣٨

قرأت الكتاب بتشجيع من أحمد عرابي في قراءة مشتركة معه ومع زهراء طاهر، وقد انتهيت أنا وزهراء من قراءة الكتاب بينما أحمد مازال يتبختر متأخرا، ولذا فقد لزم التنويه :P

وإلى اللقاء في كتاب جيد آخر..
Profile Image for Esraa.
295 reviews359 followers
November 27, 2021
اخيرا😌
كانت رحلة شاقة وشيقة ومفيدة. مدينة لصديقي سعود التميمي- اللي غلاوته تتساوى مع غلاوة النادي الأهلي، وهي مكانة لو تعلمون عظيمة😂- بسلك طريق القراءة في مجال علم الأديان وفلسفة الدين.
اول مرة اقرأ كتاب واحدد فيه صفحات بأكملها مع تلخيصات وكتابات في الهامش. فعلا كتاب ينور الدماغ بالرغم من وجود أجزاء كتير مازالت مبهمة.
IMG-20211127-195328
personal injuries author scott crossword

مفيش مراجعات قوية ممكن تتكتب بعد مراجعة الصديق العبقري نور الدين، واللي ساعدتني كتير وبنصح اي حد هيبدأ الكتاب انه يستعين بيها.
https://www.goodreads.com/review/show...
أخيرا أتمنى لو اجد متخصص يشرحه ويبسطه مثلما فعل د.يوسف زيدان في حلقات "رحيق الكتب" مع بعض المؤلفات.
Profile Image for Gamal elneel.
524 reviews78 followers
September 17, 2014
الموجود الإلهى غير قابل لان يكون موضوعا لبرهان لا يقبل لصياغة تصورية فهو فوق متناول العقل المنطقى

ومحاولة اثبات وجوده ما هى سوى محاولة للوصول اليه عبر التصورات وبالتالى هى مقضى عليها سلفا بالفشل

فالله لا يعرف الا بالحدس لا بالعقل المنطقى

فالعقل المنطقى هو فى ذاته والى الابد عاجز نظرا لطبيعة تكوين الجوهرى فلا يدرك سوى النظام الطبيعى

بعد كتابه المتميز التصوف والفلسفة ترجمة الرائع امام عبد الفتاح امام
يأتى كتاب الزمان والأ��ل ترجمة الدكتور زكريا ابراهيم مكملا لـ قضية التصوف فلسفة الدين ورغبة البشر فى التحرر من اغلال الكينونة والتعطش الى اللاوحود الى العدم

فيعرض والتر ستيس صفحات رائعة عن الالوهية السلبية والايجابية والزمان والازل

اراء برادلى واسبينوزا وفشل هيجل فى هوية الاضداد

وكانط الذى افترض انه من الضرورى للاخلاق ان نؤمن بان الله موجود وان للانسان روح خالدة وضمير حى فهى من قبيل المسلمات العلمية المؤكده دون برهان








Profile Image for Mohamed Karaly.
306 reviews56 followers
February 24, 2014
كتاب عظيم ، من أعظم كتب الفلسفة اللى قريتها . أولا: لموضوعه ، و هو موضوع محبب ليا ، و أفكاره طالما خطرت ببالى من غير ما اعرف أصيغها باستفاضه . كنت بكتفى بشذرات معنونة ب(الدين فن) الحقيقة أنا كنت بتنطط من الفرحة لما لقيت أفكارى المكبوتة متصاغة بالاستفاضة دى
ثانيا : بصرف النظر عن الموضوع ، اللى ممكن ميستهويش ناس كتير ، من الغير مقتنعين بالحدس - وهو موضوع الكتاب - الكتاب مرتب و مكتوب بلغة متماسكة و نسق مُحكم ، مقرتش حاجة بالإحكام ده من ساعة ما قريت كتاب عبد الغفار مكاوى عن هيدجر ، حيث ان كل خيوط الكتاب بتتجمع فى نقطة الكاتب ماسكها كويس و بينوع عليها بدقة و جدية !
31 reviews5 followers
April 21, 2015
كما حاولنا ان نبين فى هذا البحث جهود الفلاسفة الضائعة فى محاولة حل متناقضاتهم والفشل النهائى الذى افضى اليه المنطق الهيجلى حاولنا ان نبين ان هذا الدرس النهائى الذى ناضل المتصوفة فى سبيل الدفاع عنه الا وهو انه لا سبيل الى ادراك الله عن طريق العقل وان اللغة الدينية هى لغة رمزية بالكامل هذه هى النتائج الخطيرة التى انتهى اليها بحث وولتر ستيس والتى ساق عنها الادلة طوال صفحات كتابه البالغ حوالى 350 صفحة وهى من الخطورة بمكان حيث انها تهدم جميع الاديان لانها تقول ان الوارد بالاديان مجرد رموز وان جميع الاديان لا فوارق بينها فالمسلم مثل المسيحى مثل البوذى مثل اليهودى الجميع سواسية عند الله والى الان لا ادرى كيف مر هذا الكتاب مرور الكرام فى العالم الاسلامى منذ زمن بعيد دون اشتعال المناقشات حوله والكاتب له كتاب اخر فى نهاية حياته وهو الدين والعقل الحديث انا بصدد قرائته لاعرف هل غير قناعاته وادلته ام زادها قوة والله المستعان
Profile Image for Nouru-éddine.
1,452 reviews277 followers
April 10, 2019
::انطباع أولي::

يا إلهي! إنني أبكي بعد الانتهاء من هذا الكتاب الذي لم ينته مني قط، ولن ينتهي مني أبدًا! إنني أشعر في داخلي بحالة من الغبطة والرضا أنني استطعت قراءة هذا الكتاب قبل أن أموت، أن الظروف سنحت لي بامتلاكه وأخذ قرار قراءته وقضاء هذه الأيام في قراءته. ليس تعظيمًا من شأن الكتاب تعظيمًا كبيرًا أو أن الكتاب لم يحتوي على مواطن ضعف وغموض، فعلى الرغم من أن الكاتب ينطلق من قاعدة دينية مسيحية، ونادرًا ما تعرض للإسلام، وجاءت المقدمة تحاول ستر هذا العيب، الذي لم أجده عيبًا، فالكاتب ينطلق من خلفيته الذي عاشها؛ إلا أن هذا الكتاب يكمن جماله في أنه حرك في دواخلي كل هذه البواعث التي هي في داخلي من سنوات طويلة، دون أن أملك أية قدرة على التعبير عنها أو صياغتها دون الوقوع في أخطاء فاضحة، بالإضافة إلى أنني أعلم علم اليقين أنني لن أجد شخصًا يمكنه أن يسمعني أو يبني معي هذا البناء الذي عقلي وقلبي يريدان أن يبناياه، لكنهما عاجزان عن فعل ذلك وحدهما. جاء هذا الكتاب، وأخذ يبني مع عقلي وقلبي كليهما هذا البناء الذي طالما كنت أريد بنائه مع كائن ما، لكن هذا غير متحقق لي، وأعتقد أنه لن يتحقق لي.
كم هو محظوظ من يجد كائنًا يمكنه أن "يبني" معه بناءً فكريًا، كلا! ليس أن يجد كائنًا يناقشه أو يجادله أو يتبادل معه وجهات النظر أو يتباحث معه قضية ما! كلا! بل كائن "يبني" معه. هذا الكاتب فعل معي ذلك. لقد صعد بي على سلم أفكاري، أفكاري التي كانت دومًا معي، لكنني لم أكن أعرف كيف أبنيها وحدي.
إنني أبكي!
إنني أبكي؛ لأنني وحيد. وحيد ليست وحدة من لا أحد حوله. ليست وحدة من لا يجد شخصًا يبوح له بمكنون نفسه. ليست وحدة من لا يجد أحدًا يناقشه أو يبادله بعض وجهات النظر عن الحياة. بل وحدة العقل الذي يرى شيئًا، لا يقره ولا يتحدث عنه أي أحد آخر. لهذا وجدتني أذهب إلى المتصوفة. وعلمتُ، بشكل لا يمكنني إثباته، أن هؤلاء هم الذين أستطيع أن أسلك طريقي معهم.
ثم..
هذا هو الكتاب يقول لي بصورة كلية وواضحة: أن لا طريقة حقيقية لإدراك الحقائق الماورائية إلا بالحدس الصوفي. أخيرًا!
أخيرًا!
أخيرًا!
وجدتُ كائنًا قالها هكذا بهذه البساطة!
إنني أبكي!
عندما وقعت في ضائقة ما، وشرحت له أمري دون استقصاء، كان رده الذي لا يمكن لعقلي أن ينقضه أو أن يقف ضده: هل تريد الحل المنطقي العقلاني أم تريد الحل العاطفي الملطّف؟ وها هنا وجدتني أبتسم في عجز قائلاً: ألا يمكنني الحصول على الحلين كليهما؟ ألا يمكننا معالجة أمور حياتنا بالعقل والقلب كليهما؟ بالمنطق وبالشعور؟ بالأسباب المباشرة وبالماورائيات؟ بالأنطولوجي وبالميتافيزيقي؟ لكن يبدو أن هذه قدرة لا يتكبدها إلا أقل القليل من البشر.
أجل! إنه ترف! إنه ترف يا عزيزي!
من هذا المترف الذي يريد معالجة كل شيء بالعالم بالعقل والقلب كليهما؟ يا لها من طاقة جبارة ومضيعة للوقت. العقل أسهل في التعامل مع مسألة العلل والمعلولات، أما القلب؟ لا بأس بأن نذكر القلب في نهاية اليوم قبل أن ننام، أو عندما نستمع إلى معزوفة عبقرية من معزوفات تشايكوفسكي أو عندما نقرأ سوناتة باهرة من سوناتات شكسبير. كلا!
إنني أبكي!
لكن غربتي قلت بعد قراءة هذا الكتاب. وشعرت أنني وجدت قلة قليلة من البشر، يمكنهم رؤية المسألة بطريقة إنسانية ما، لا أدعي أنها الطريقة الصحيحة، لكنها الطريقة التي أجد فيها أنني حققت كياني الكامل الإنساني: عقلاً وقلبًا. دون أن يكون هناك انفصال جازم وقوي بينهما ينتج عنه كائنات روبوتية، ودون أن يكون هناك خلط سافر بينهما ينتج عنه أوهام وضلالات.
من يريد أن يكون كائنًا روبوتيًا؟ أمام الحقائق العلمية يسلك سلوك العقل المنطقي الجاف، بينما أمام القصيدة يسلك سلوك المتأثر العاطفي؟ ألا يمكننا أن نقف أمام بداعة القوانين الكونية بهيبة وافتتان، وأمام القصيدة بالعين المدققة والمتفحصة لأسرارها الاستطايقية؟ ألا يمكننا؟ ألا يمكننا؟!
يكفي..
لا أريد الاسترسال في هذا الجرح النازف الذي أحمله من سنين، وسأطرح المحاور الأساسية للكتاب قدر ما أستطيع المواصلة. وسأقوم بعمل رسومات توضيحية إذا لزم. وكل ما هو بين الأقواس هو من كلامي أنا.

***

(أ) إما أن يكون الله سرًا، وإما ألا يكون شيئًا على الإطلاق:

الدين هو تعطش النفس إلى المستحيل وبعيد المنال، إلى ما يفوق التصور، وليس هذا مجرد عرض تلبس بالدين أو مجرد حدث سيء أو نكبة عارضة نزلت به في ساح العالم، وإنما هو منه بمثابة الماهية، وهو في الوقت نفسه سر مجده. والحلق أن هذا هو ما يعنيه الدين. فالحافز الديني لدى البشر إنما هو تعطش للمستحيل وبعيد المنال.
فليس وجودك سوى ارتباطك بما أنت كائنه، أو تقيدك بصميم كينونتك، وأما الدين فهو التعطش إلى اللاوجود الذي هو مع ذلك موجود!
إن الدين هو هذا النهم الذي هيهات لأي وجود، ماضيًا أم حاضرًا أم مستقبلاً، بل هيهات لأي وجود فعلي أو لأي وجود ممكن، في هذا العالم أو في أي عالم آخر، على الأرض أو فوق السحب والنجوم، ماديًا كان أم نفسيًا أم روحيًا؛ نقول هيهات له أن يشبعه. أجل، فإن كل ما هو كائن، وكل ما يمكن أن يكون، لا بد بالضرورة أن يجيء حاملاً لعنة الفرق بوصفه هذا أو ذاك. فإن الأشياء ستظل دائمًا هي هذا أو ذاك، وليس داء الوجود سوى كون الشيء هذا أو ذاك.
(السر الإلهي ليس طلسمًا معقدًا، بل هو ماهية في ذاته، ولا سبيل لكشف هذا السر بأية طريقة كانت للإنسان، لأنه محجوب. وكل ما يحدث أنه "يكشف" له من النور الإلهي بقدر شفافية روحه وانفتاح قلبه لاستقبال هاتيك الأسرار.)

***

(ب) الألوهية السلبية:

إن الله خاو كما لو كان غير موجود. إن عليك أن تحب الله كما هو: أعني باعتباره لا - إلهًا، ولا - روحًا، ولا - شخصًا، ولا -صورةً.
(فالله ليس من عالمنا، وليس موجودًا ضمن موجودات هذا العالم، فهو لهذا غير موجود بالمعنى الذي نفهمه لكلمة "موجود")

***

(ج) الله خلاء:

إن الفكرة التي تصور الله للإنسان باعتباره خلاء محضًا وهاوية عدم إنما تحمل في ثناياها - كما لو كان ذلك إشعاعًا باهتًا في صميم الشعور الديني - إيحاء بشيء يمتد فيما وراء كل تجربة؛ شيء واسع غامض، شيء هائل مغلف بالظلال؛ شيء يند بعظمته عن كل إدراك بشري؛ شيء يكمن خارج مجال الفهم المتناهي، لدرجة أنه لا بد من أن يستحيل في نظر هذا الفهم إلى مجرد خواء أو عماء. ونحن نشعر شعورًا مبهمًا - وإن كنا لا نفهم ذلك فهمًا تامًا - وإن كان في استطاعتنا من خلال اللغة الرمزية، والشعر، والصور التشبيهية، والوجدان الصوفي، أن نلمح قبسًا أو ومضة من ومضات الله، أو أن نتعرف عليه في أنفسنا وفي العالم، إلا أننا لو حاولنا أن نفهمه على نحو ما هو في ذاته بالفعل، لتولد أمام العقل الذي يحاول النفاذ إلى السر الأقصى على هذا النحو، خواء، وخلاء، ونقاب من الظلمة يحجب أمامه "الموجود الأسمى". والرأي القائل بوجود هذا الغيب الخفي - وهو الرأي الذي ينسب إلى الله وجودًا إيجابيًا - إنما هو متضمن في العبارة القائلة بأن "الله خلاء". وأما العبارة القائلة بأنه "ليس ثمة إله" فإنها لا تعبر إلا عن سلب محض.
(الله عدم - الله ليس من الوجود الذي خلقه، لأن الوجود في حد ذاته مخلوق. لكن عبارة أن "ليس ثمة إله" هي عبارة تنفي الوجود الإلهي من ناحية طرحه كفكرة.)

***

(د) أي وصف عن الله هو كذب:

إن عدم قابلية الله للوصف إنما تعني كذب العبارة القائلة بأن "الله س" على افتراض أن "س" هي أية صفة كائنة ما كانت، وهذا الحكم صادق، سواء وضعنا صفة موجود بدلاً من "س" أم وضعنا بدلاً منها صفة "اخضر" أم كلمة "محبة". ومعنى هذا أن العبارة القائلة بأن "الله أخضر" لا تقل كذبًا عن العبارة القائلة بأن "الله موجود".
وهنا يجدر بنا ان نلاحظ أنه ليس ثمة أدنى فارق بين أن نقول أن خبرة الصوفي هي التي لا تقبل الوصف وبين أن نقول أن الله نفسه غير قابل للوصف؛ وذلك لأن المعنيين واحد. والحق أن الله ليس موضوعًا للخبرة: إذ ليس في تلك الخبرة ذات وموضوع يمكن التفرقة بينهما، أو النظر إليهما باعتبارهما شيئين مختلفين.
(بما أن الله عدم، وأنه خلف كل تصور وكل الوجود الذي نحن فيه، فإن أي وصف عنه هو وصف كاذب.)

***

(هـ) الله سر:

الواقع أن من واجبنا أن نفطن إلى أن السر الإلهي لا يشبه في شيء السر الكامن فيما يسمعه الكلب، أو السر المتضمن في مذاق بصلة بالنسبة إلى ذلك الذي لم يسبق له تذوقها على الإطلاق. وآية ذلك أن السر الإلهي لن يكف عن أن يكون سرًا غامضًا، بسبب أي اكتشاف من اكتشافات العلم أو الحس المشترك، ولا بسبب تفتح أي حس جديد أو ظه��ر أي مصدر جديد من مصادر الإعلام. والسبب في ذلك أن السر الإلهي سر مطلق، إنه سر قائم بذاته، فهو لا يدين بطابعه السري لأية علاقات خارجية تربطه بأشياء أخرى تكون هي المسؤولة عن خفائه.

***

(و) الله في صخرة:

نقول أن حياة النبات ليست سوى مستوى من السبات المغناطيسي للشعور أدنى من أي مستوى آخر نلتقي به لدى الحيوان، وأن الظلام الذي نجده لدى المعدن أو الصخر، وإن كان أعمق مما عداه، إلا أنه يقترن -حتى لدى هذه الجمادات- بعقلية لاواعية عمياء، وإذن فقد يكون للحظة الإلهية وجودها، حتى لدى النبات والمعدن، وإن كانت لا توجد إلا في حالة انطواء تام أو انغماس مطلق. ومع��ى هذا أن نقطة التلاقي متوافرة لديها، ولكنها مطوية أو مدفونة في ظلمات ليل الوعي المعدني، أو الشعور النباتي، مما يجعلنا ندركها في غموض وإبهام باعتبارها مشابهة لحالات النوم العادي أو التنويم المغناطيسي الموجودة لدينا. وربما كانت اللحظة الأزلية -حتى لدى هذه الكائنات- مازلت تنتظر ذلك التطور الذي قد يجيء فيحررها من تلك الظلمة، وينقلها إلى عالم النور، وكما حدث من قبل -إلى حد ما- لدى الإنسان، وإلى أعلى حد، لدى الإنسان الصوفي.

***

(ز) الزمان والأزل:


1




تقاطع النظام الطبيعي مع النظام الإلهي عند تلك النقطة التي هي -من الداخل- أزلية، ولكنها -من الخارج- مجرد لحظة في الزمان. إن تقاطع الإلهي والطبيعي لا يحدث فقط في كل لحظة من اللحظات الزمانية في تاريخ حياة كل إنسان، وإنما يحدث أيضًا عبر الكون في كل نقطة مكانية زمانية من نقاط النظام الطبيعي، بحيث أنه لا يكاد يوجد جزء من العالم يمكن القول بأنه خلو تمامًا من الله. وتبعًا لذلك، فإن اللحظة الإلهية لا بد من أن تكون موجودة أيضًا -وإن كان ذلك على أعماق بعيدة منطوية أو مدفونة - في حياة الحيوان، والنبات، بل حتى في حياة المعدن والصخر.
(وبهذا يمكن تفسير كل شيء متعلق بالخبرات الدينية بهذا النظام الرمزي من التقاطع الحاصل بين نظام الأزل الإلهي ونظام الزمان الطبيعي، لذلك فالله لا يسلك سلوك الصانع أو الفاعل في الوجود باعتبار الوجود "آخر" أو "ند" له، بل أن النظامين مختلفين ومنفصلين تمامًا، وكل نظام قائم بذاته.)

***

(ز) سلم الوجود:

2




وما يجعل أي موجود من هذه الموجودات أرقى أو أدنى في هذا السلم، إنما هو مدى تحقق اللحظة الإلهية فيه، أعني درجة انغماس تلك اللحظة في طوايا لاشعوره، أو درجة الارتفاع التي وصلت إليها، سواء أكانت قريبة من نور الوعي الناصع أم كانت فوق عتبة الشعور. فالملاحظ -مثلا- لدى الحيوان أن هذه اللحظة مطوية في أعمق أعماق وجوده، لدرجة أنه لا سبيل إلى استثارتها بأي حال من الأحوال، وليس ثمة وسيلة لانتشالها أو استخراجها من تلك الأعماق الدفينة، وأما في حياة النبات، فإن شيئًا لا يمكن على الإطلاق أن يُستثار، حتى -ولا كما نظن عادة- أي إدراك واعٍ للموضوعات الطبيعية، كالشمس، والريح، وبرودة الليل، ونور النهار.
(لكل نصيبه من النور الأزلي الإلهي.)

***

(ح) تسلسل العلل الطبيعية:

أية علة عاقلة للعالم المادي، يتم الوصول إليها عن طريق مثل هذا الاستدلال، لن تكون إلا كائنًا طبيعيًا، أعني جزءًا من النظام الطبيعي، والمهم أن أية علة أولى من هذا القبيل لن تكون هي الله، وإنما ستكون على أحسن الفروض مجرد "صانع".
والواقع أنه إذا كان الله لا يوجد على طرف أي منظار مقرب، فإنه لن يوجد أيضًا في نهاية أي قياس منطقي، وليس في وسعنا -لو اننا اتخذنا نقطة انطلاقنا من النظام الطبيعي- أن نثبت وجود النظام الإلهي. وإنما لا بد للبرهان الدال على وجود النظام الإلهي -بوجه من الوجوه- من أن يقوم بذاته أو في ذاته. ومعنى هذا أنه لا بد من أن يكون شاهدًا لنفسه. وذلك لأن النظام الإلهي -مثله في ذلك مثل النظام الطبيعي- تام في ذاته، قائم في ذاته.
ولكن إذا كان من غير الممكن البرهنة على وجود الله بأدلة تتخذ مقدماتها من الوقائع الطبيعية، فإن غير الممكن أيضًا البرهنة على عدم وجود الله بأمثال هذه الأدلة. ولنضرب لذلك مثلاً فنقول أنه ليس في الإمكان إنكار وجود الله بالاستناد إلى وجود الشر والألم في العالم.

***

(ط) خاتمة: كيف نعرف الله؟

إن كون الموجود الإلهي غير قابل لأن يكون موضوعًا لبرهان، إنما هو مجرد جانب آخر من جوانب تلك الحقيقة التي تقول أن الإشراق الصوفي لا يقبل أية صياغة تصورية. وذلك لأن معنى هذا أن الله فوق متناول العقل المنطقي. وليست محاولة إثبات وجوده سوى مجرد محاولة للوصول إليه عبر التصورات، وبالتالي فإنها محاولة مقضي عليها سلفًا بالفشل. وهذه النتيجة عينها متضمنة أيضًا في المذهب القائل بالألوهية السلبية، لأن معنى هذا المذهب أن السبيل المؤدي إلى فهم الله مغلق دون كل تصور، وبالتالي دون كل دليل منطقي. ومحصل كل هذه العبارات أن الله لا يُعرف إلا بالحدس، لا بالعقل المنطقي.
("ربنا عرفوه بالعقل" - جملة غير صحيحة منطقيًا. لأن العقل التصوري من المستحيل عبر تسلسل منطقي يمكنه أن يبرهن على وجود الله علميًا. فالعقل التصوري نظامه يعمل مع التصورات التي تخص عالمنا الزمكاني. أما الملكة التي تمكننا من رؤية قبسات من الأزل، أي العالم الإلهي، فهي ملكة الحدس الصوفي الكشفي.)

***

(ي) في نهاية المطاف:

لا سبيل إلى إدراك "الموجود الأقصى"، عن طريق العقل. وهذه الحقيقة لا تفترق في شيء عن القول بأن الله "غير مطلق"، وأن سرية الله وعدم قابلتيه للإدراك، حقيقتان مطلقتان لا سبيل إلى زحزحتهما، وأن كل لغة دينية إنما هي لغة رمزية لا حرفية.
(لأن اللغة الرمزية إنما تحفز الحدس لاستلهام هذه القبسات النورانية من الأزل. ولا توجد لغة حرفية يمكنها أن تصف تصورات عالم الأزل هذا بأية طريقة كانت. فالصوفي يصيغ كشفياته بلغة رمزية في إمكانها تحريك النفوس وتهييجها من أجل الاقتباس من الأنوار الإلهية الأزلية.)

***
This entire review has been hidden because of spoilers.
Profile Image for Mohamed Adam.
339 reviews58 followers
July 30, 2016
يقوم والتر ستيس هنا بمحاولة فض اشتباك بين وجهة النظر الطبيعية/العلمية ووجهة النظر الدينية/المثالية
دون أن يتراجع عن تلك النظرة الطبيعية العلمية لصالح الأخرى
وذلك عن طريق فصل العالمين إلى عالمين مختلفين
عالم الزمان وعالم الأزل
فيكون عالم الزمان هو العالم الطبيعي بينما عالم الأزل هو العالم الإلهي

وهنا يبدأ غموض الفكرة بتفصيل حول الألوهة السالبة والألوهة الموجبة
حيث الإله الموجب هو الإله المكتسب لصفات وتصورات
بينما الإله السالب هو العدم أو الذي لا يمكن وصفه

فيصنع لنا والتر ستيس كائنا هلاميا بالغ التعقيد
فهو إله لا يمكن أن يصح عنه أي تصور مهما كان
فلا هو يمكن ان يوصف بالوجود او عدم الوجود
ولا الخير والقوة ولا غيرها من التصورات
وإنما فقط يتم الإشارة إليه بالرمز
والرمز هنا لا يمكن شرحه في اللغة
وانما هي مجرد خبرة صوفية

وتتدرج الرموز حسب نسق ستيس في درجة مطابقتها للحقيقة الإلهية وإن كان لا يوجد أي منها يمكن ان يصلح كوصف حرفي لهذه الحقيقة
مثل ان الحب اكثر مطابقة من القوة للحقيقة الإلهية
بينما القوة مثلا أكثر مطابقة من البغض للحقيقة الإلهية

ويقول ان الألوهة السالبة هي النموذج الأمثل المتضمن في كل التجارب الصوفية في كل الاديان
بينما الالوهة الموجبة يمكن تفسيرها في سياق الرمز

ونظرا ﻷن هذا الإله لا يمكن وصفه أو تخيل اي تصور له فلا وسيلة لمعرفته والإيمان به أو إدراكه إلا الحدس
وكعادة الفلاسفة المثاليين تمتاز البنى الفكرية لهم بالبناء على مفاهيم نظرية غير واضحة غامضة لا تكتمل صورتها إلا في ذهن صاحبها
ولكن والتر ستيس اسلوبه اكثر سلاسة من المثاليين التقليديين

وهذا الإله سيكون هو منبع منظومة الأخلاق وهو الأمر الذي شرحه بتفصيل أكبر في كتاب الدين والعقل الحديث
وبناء على هذا النسق الذي بناه ستيس يستمر في استنتاجاته
مثل قول أن الحقيقة الإلهية في نظر الفلسفة الطبيعية وهم
بينما العالم الطبيعي من وجهة نظر العالم الإلهي وهم

وان العلاقة بينهما هي علاقة تماس في لحظة الاشراق الصوفي وهي لحظة تنتمي للعالمين الزمان والأزل ولا يمكن وصفها من داخل العالم الطبيعي ولا من داخل عالم الأزل بطبيعة الأمر

ويحل اشكالية انكار العالم في الفكر الديني الالهي بتدرج الحقائق فلا يكون الله الحقيقة الوحيدة في العالم بل هو أكثر الموجودات حقيقة

ويلقي الضوء على فكرة ان انكار حقيقية العالم يستند لسرعة زوال الأشياء وفناءها ولذلك فكرة لا حقيقية الزمان هي فكرة أثيرة عند معظم الفلاسفة المثاليين

ولكي يستمر في تلاعبه وعصمة مذهبه من النقد يقر بأنه رغم أنه يجب احترام الصوفي بصفته انسان أعلى إلا إنه لا يجب أن نأخذ كل ما يقوله الصوفي ﻷنه بذلك يستخدم العقل في وضع تصورات لتجربة لا توصف !!

وبذلك يرى ان ما يسبب الهلاك للوعي الديني هو أخذ رموزه بشكل حرفي في شكل تصورات فسرعان ما يظهر أن هذه التصورات محض خرافة على حد قوله أيضا !!

فيكمن الوعي الديني في نظره في نطاق يظل على الدوام وراء أدلة النفي والإثبات وبالتالي لا يمكن نقده مطلقا !!

وكل الأدلة على وجود الله باطلة منطقيا عاجلا أو آجلا ﻷنها تبتغي الوصول من مقدمة في العالم الطبيعي إلى نتيجة في العالم الإلهي
فمثلا دليل العلة الأولى عندما يجعل الله علة الكون فهو يجعله شيئا من الأشياء وموجودا من موجودات العالم الطبيعي وبالتالي حتى لو وجد مثل هذه العلة فحتما لن يكون هذا الله

ويدافع عن برهان الحدس عن طريق وجه التشابه بين الحس الجمالي والحس الديني حيث يقوم كلاهما على الحدث بينما يقوم النقد الجمالي مثلا على استنباط بعض قواعد الجمال ولكن ما يجعل تلك القواعد دليل على الجمال ؟ لا يوجد أي شئ ، إنما هي مجرد استنباطات من الحدس الجمالي
وهي حجة قوية في نظري
فوظيفة العقل هي ادخال النظام والاتساق على النسق الجمالي لا خلقه واستحداثه

أما الخلاف في الحدس الديني هو خلاف في التأويل فيكون اختلاف في العقائد الدينية وليس خلافا في الحدس الديني نفسه
وهو مثله مثل الخلاف الجمالي والسياسي والاقتصادي والعلمي
"فالعلم هو تأويل الخبرة الحسية بالطريقة نفسها التي تعد بها المعتقدات الدينية تأويلات للخبرة الصوفية"
"وليست الخبرة الحسية ، ولا الخبرة الدينية ، في حد ذاتها عقلية. وإنما تكون وظيفة العقل في كلتا الحالتين هي التأويل والتنظيم المنطقي للتأويلات."
"وليس من شأن المنطق أن يستحدث أي شئ ، لا في مجال الدين ولا في مجال العلم ، وإنما كل مهمته أن ينظم المعتقدات التي تولدت في الأصل عن خبرات غير عقلية سواء كانت هذه الخبرات حسية أو دينية أو جمالية"

وقد تراجعت عن رؤيتي حتى منتصف الكتاب تقريبا في منح الكتاب تقييما ضعيفا نظرا لما خطه الكاتب فيما بعد من شرح فلسفي أكثر اتزانا من حيث البنية
إلا إني أرى أن حديثه عن التثليث بهذه الطريقة المعجزة لا يخرج عن كونه أحد شيئين إما ضرب من السذاجة المفرطة وهو مستبعد لما يتميز به الكاتب من حصافة فلسفية
إما ضرب من الانبطاح للسلطة الدينية الشعبية لا أستطيع أن أقيمها لعدم ادراكي للظروف وقتها
Profile Image for رولا البلبيسي Rula  Bilbeisi.
272 reviews52 followers
August 15, 2020
الزمان والأزل
مقال في فلسفة الدين
ولتر ستيس 1952
ترجمة د. زكريا ابراهيم 2013

https://www.mominoun.com/pdf1/2016-02...

يمكن من خلال هذا الرابط الاطلاع على قراءة مفصلة في كتاب الزمان والأزل للباحث التونسي الساسي بن محمد الضيفاوي.
ولكن في هذه المراجعة أود الإشارة إلى ما يلي:
- ابدع الكاتب في وصف تلك الحالة/التجربة التي يعيشها المتصوف عند لحظة التجلي والتي وصفها بتعبير "اللحظة الإلهية" قائلا عنها: إنها اللحظة اللانهائية، الازلية التي لا يوجد خارجها أي "آخر".. هي لحظة وضائة، مشرقة، ناصعة، موجودة تحت مستوى عتبة الشعور.. وقد لا تحدث في تاريخ حياة كل إنسان.
ويوضح الكاتب أن هذه اللحظة لا تتمثل للصوفي وحده بل هي لدى جميع الناس ان استطاعوا الوصول إليها، لأنها ماثلة في كل إنسان. فالخبرة الصوفية مشاع للبشرية بأسرها، ولكنها ليست واحدة بعينها بالنسبة إلى جميع البشر.

- يقارن الكاتب بين ما أسماه النظام الطبيعي وهو نظام الزمان، والنظام الإلهي وهو نظام الأزل. ويعتبر أن "اللحظة الإلهية" أو لحظة الاستشراق الصوفي تحدث عند تقاطعهما. وفي تلك اللحظة، تنطلق فيها إلى النور، ولا يكون هناك عالم سوى الله. ويمكن الإشارة هنا إلى قول البسطامي الذي يطابق هذا الوصف عند تحدثه عن لحظة الكشف أو التجلي قائلا:"الخروج من ضيق الحدود الزمانية إلى سعة فناء السرمدية."

- يفرق الكاتب بين 1.الألوهية السلبية (عدم قدرة العقل على تصور الله فتنسب إليه صفة العدم) وهذا لا يعني عدم الايمان بوجود إله بل أنه ليس بوسع أي تصور عقلي أن يحيط به، ولا صفات تُحمل على الله. وقد نقارب هذا القول في القرآن الكريم بآية "ليس كمثله شيء" 2. والألوهية الايجابية: وهي ان الوعي الديني ينسب صفات إلى الله مثل الحق – العدل – المحبة
وما بين الألوهية السلبية والألوهية الإيجابية، تكتمل الحقيقة، حيث لا يمكن إدراك الله عن طريق التصورات، بل عن طريق الحدس وحده الذي يتم فيه تجاوز كل تفرقة بين الذات والموضوع.

- ما يؤخذ على الكاتب هو عدم التبحر في التصوف الإسلامي والإشارة إليه بشكل مقتضب جدا بالرغم من أن فيه ثروة من الفكر قد تضاهي ما ذكره في التصوف الباهمي، والبوذي، والمسيحي.

- أختم بقول أحد المتصوفة ...

يا طالب العلم ها هنا وهنا ... ومعدن العلم بين جنبيكا
إن كنت تبغي الجنان تسكنها ... فلتذرف الدمع فوق خديكا
وقم إذا قام كل مجتهد ... تدعوه كيما يقول لبيكا
Profile Image for Mohammad Mohsen.
15 reviews33 followers
March 13, 2014
الكتاب يتناول بصورة أساسية طبيعة الدين ويتطرق بشكل خاص لمفهوم الألوهية وينتهى عن طريق تسلسل منطقى من المقدمات إلى نتيجة مفادها أن معرفة الله والبرهنة على وجوده بطريق العقل والمنطق مستحيلة وأن السبيل الوحيد لذلك هو الحدس وطريق الكشف والإلهام .
أبرز مواضيع الكتاب وأكثرها تشويقاً فى رأيى هو موضوع "الألوهية السلبية" ومحاولة تأويلها وهو مفهوم لم اتعرض له من قبل من خلال قراءاتى السابقة فى هذا الشأن ؛ وهو أكثر ما أثار شغفى بالكتاب ودفعنى إلى مواصلة قراءته حتى النهاية .
الكاتب تناول مفهوم الألوهية السلبية بشكل أساسي فى فصلين كاملين يحلل فيهما المفهوم بشكل مُفصل ويقتفى أثره فى الديانات الخمسة الكبرى وفى تراثها الصوفى ويصل بالقارئ عن طريق تدرج منطقى مقنع إلى حتمية التسليم بالقول بأن "الله عدم" وبعدها ينتقل لتأويل هذه النتيجة الغريبة والجمع بينها وبين مفهوم الألوهية الإيجابية محاولاً إزالة التناقض بينهما وهو ما نجح فيه الكاتب باقتدار .
الكتاب بشكل عام ممل ورتيب ويحتاج للتأنى الشديد أثناء قراءته وهنا تجدر الإشادة بالترجمة الرائعة والبليغة للدكتور زكريا إبراهيم والتى أضفت طابع خاص للكتاب ولولاها لاستحالت قراءة كتاب من هذا النوع .
يؤخذ على الكاتب ضعف إلمامه باللاهوت الإسلامى وبالخبرات الصوفية الإسلامية بعكس اطلاعه الواسع والمُعمق بالخبرات الدينية الهندوكية والبوذية وهو ما دفع مُراجع الكتاب لمناقشة هذا فى المقدمة ؛ كما يُؤخذ عليه محاولة المقاربة بل والمطابقة بين فكرة "الإله" فى المسيحية واليهودية والإسلام والهندوكية وبين فكرة "النرفانا" فى البوذية وذلك بحشده للكثير من الأدلة والبراهين لتبرير هذا رغم أن البوذية ديانة غير تأليهية إلحادية وبالتالى جاءت محاولته متكلفة ومفتعلة وكان من الأفضل أن تكون البوذية خارج سياق تلك الدراسة تماماً دون بذل كل هذا الجهد والعناء لاختلاق مبرر لتضمين ديانة إلحادية فى دراسة تناقش بالأساس مفهوم الإلوهية وفكرة الإله !!!
الكتاب بشكل عام جيد وأضاء لى مساحات كانت مظلمة فى عقلى فيما يتعلق بالميتافيزيقيا والإلهيات ؛ ولا يستحق الكتاب فى رأيى أكثر من 3 نجوم ولا أنصح بقراءته سوى لمن يملك الوقت الكافى والرفاهية الفكرية لقراءة كتاب كهذا .
Profile Image for هديل خلوف.
Author 2 books483 followers
September 18, 2017
الفلسفة والدين اجتمعا في هذا الكتاب الدسم والذي يركز على الفكر الصوفي بشكل أساسي وكيفية تعريف الإله ورؤيته من المنظور الطبيعي.. الكاتب متأثر جداً بالفلسفات والتيارات الدينية الشرقية، وأكاد أجزم أنه فيلسوف متدين! رد على التيار الملحد بأن من المستحيل إثبات وجود إله من وجهة نظر مادية، فالعالم منقسم إلى قسمين.. مادي ما تدركه حواسنا الطبيعية، وماوراء الحواس وهو ما تدركه التجربة الصوفية.
سواء وافق المرء مع هذه الأفكار أم لم يتفق، تبقى تجربة قراءة هذا الكتاب والاطلاع على هذا النوع من الفلسفات وقتاً ثميناً لم يذهب سدى.
Profile Image for دعاء.
Author 3 books77 followers
February 9, 2015
عندي أزمة مع كتب الفلسفة عموما ، مش عارفة مين فينا بيكره التاني.
لكن الأكيد إني هحاول أقراه تاني..
يمكن افهم حاجة :D
Profile Image for Mohmed Abd el salam.
45 reviews34 followers
November 2, 2022
ينتمي الكاتب ”ولتر ستيس“ للمذهب الوضعي في الفلسفة والذي يعود للفيلسوف ”أوجست كونت“.. وهذا المذهب يقرر ”أن الفكر الإنساني لا يُدرك سوى الظواهر الواقعيّة المحسوسة، وما بينها من علاقات وقوانين، وأن المثل الأعلى لليقين يتحقق في العلوم التجريبيّة، وأنه يجب العدول عن كل بحث في العلل والغايات“.

كيف لكاتب ينتمي للفلسفة الماديّة الوضعيّة أن يكتب كتاباً -بل أكثر من كتاب- في التصوف وفلسفة الدين؟.. الجواب أنّ الكاتب يعتقد أنه يمتلك الحل الذي يوفّق بين المنهجين المادي الصارم والذي يؤدي للإحاد حتماً والتديّن -بمفهوم العرفان الذي يشرحه- ويعتقد الكاتب بثقة أنه يمكن أن يحصل إتفاق بين الملحد والمؤمن!

نظرية الكاتب في سبيل ذلك هي الفصل الصارم بين نظامين؛ النظام الطبيعي والذي لا يلتزم إلا المنهجيّة الوضعيّة التجريبيّة، ونظام آخر يُسميّه (النظام الإلهي)، والذي يُعنى كل ما يعارض المنهج الوضعي من أديان وفلسفات مثاليّة.. ويريد أن يجعل لكل قضيّة أو مشكلة ميتافيزيقيّة حليّن مختلفين، الحل الطبيعي، والحل الصوفي، وكل حل منهما -في مجاله المشروع- حل مطلق ونهائي.

هناك عالم طبيعي لا يعترف إلا بالمحسوسات والتجريب ولا يبحث عن العلل، وأدوات التعامل معه هي التصورات العقلية واللغة التي تتم صياغتها في قضايا صادقة وبصفات حرفيّة، وفي هذا النظام الطبيعي يكون فيه الحديث عن إله أو تجربة دينيّة مفارقة مجرّد أوهام أو إنفعالات ذاتيّة يُمكن تفسيرها نفسياً.

وعالم آخر هو العالم الإلهي الذي يقوم على تجارب صوفيّة، مرجعها لحظة الاشراق الإلهي التي ينكشف فيها الله للصوفي (والمتديّن عموماً) من خلال الحدس والذي هو خبرة ذاتيّة، تنكشف فيها للصوفي (لحظة مفارقة)، يراها كأنها الأزل!

لدينا إذا العقل واللغة الحرفيّة وهذه هي أدوات التعامل مع العالم الطبيعي وفهمه ووصفه، ولدينا في المقابل الحدس، أو الإختبار الصوفي

هذه المحاولة في الجمع بين النقيضين جعلت الكتاب مليء بالتناقضات، وأحياناً تتحول أفكار ولتر ستيس لما يُشبه الهزل، حتى تظن أنّه يكتب عملاً ساخراً لمهاجمة عقليّة المتديّن، والكاتب يعترف بالتناقضات، لكنه يُرجعها للمنهج الذي يتبعه في الكتابة عن الدين، والذي يرجع أصل التجارب الدينيّة كلها للحدس والذي هو بطبيعته خبرة لا عقليّة، لا يمكن التعبير عنها بتصورات أو قضايا منطقيّة، أو استخدام الكلمات بمعانيها الحرفيّة.

خصص ولتر ستيس الفصلين الثاني والثالث لشرح مفهومه عن (الإلوهة السلبية)، ويقصد بذلك نفي صفة الوجود عن الله!.. حاول أن يقتفي عبارات بعض المتصوفة من الهندوس والتي تنفي عن الله كُل صفة جسمانيّة أو تصوريّة ليصل لنتيجة أن الله عدم!.. فيقول بثقة لا تملك أمامها إلا الضحك بأنّه ”حسبنا أن نسلب عن أي شيء كل ما له من صفات -سواء أكان هذا الشيء فزيائيّاً أم غير فزيائي- لكي نتحقق من أنه لن يبقى منه بعدئذ شيء، ولا جرم فإنه موجود بلا صفات إنما هو في الحقيقة لا موجود“ اهـ

والواقع أنّ الكاتب مدلس من الطراز الرفيع، فأبداً لا ينتهي وصف الله بالسلب (أي تنزيه الله عن التصورات الذهنيّة والصفات الجسمانيّة) إلى القول بأن الله غير موجود.. فالاستدلال العقلي على وجود الله موقف معرفي منفصل عن القول بتنزيه ا��له عن الأجسام والتصورات.. والمذاهب الصوفيّة تختلف فيما بينها، لكنّ كل مذهب -باستثناء التصوّف البوذي- لديه نظريّة عن كينونة الله.

إن قول بعض متصوفة الهندوسيّة بأن (براهما) لا يمكن وصفه أو تصوره إنما هو مثيل تنزيه الله على طريقة المعتزلة؛ الذين قالوا بأنّ الله ”ليس بجسم، وليس ذو أبعاض وجوارح، وليس جوهراً ولا عرضاً، ولا صورة، ولا شخص، ولا يتحرك ولا يسكن وليس بذي جهات، ولا يحيط به مكان، ولا يجوز عليه الحلول في الأماكن، ولا يجري عليه زمان ولا يوصف بصفات المخلوقين الدالة على حدوثهم، وكل ما خطر بالبال وتصور بالوهم فغير مشبه له“.. لكن المعتزلة نفسهم هم سادة الاستدلال العقلي على وجود الله.. ولا يحق للكاتب أن يُشوّه حجج المنزّهة فيجعل منها نفياً لوجود الله، أو وصفٌ لله بالعدم.

والكاتب بعد أن شرح مفهومه للإلوهة السلبيّة، والتي هي نفي لوجود الله، عاد ليبحث وجود الله!..

ولا تعجب، فهو يصف الله بأنه ”موجود وفي ذات الوقت لا موجود“ .. وإذا سألته أن يشرح هذا التناقض، فإنه يجيبك بأن ”عدم الفهم من صميم التجربة الدينيّة“، ويستعين فوراً بالتناقض المنطقي في الإيمان المسيحي بالتثليث.. إنه يقبل بالتناقضات في العقائد الدينيّة، بل يرى أن عدم الفهم موقف ضروري يميّز كُل تصوّر ديني، فالله سر لا يمكن إدراكه، لا بال��صورات العقليّة، ولا بالقضايا اللغويّة التي هي تعبير عن تلك التصورات..

لذلك فإن الله لا يُمكن أن يعرف إلا بالحدس الصوفي، وهذا العرفان إنما هو إختبار على صورة إنفعال بالتجربة المُجاوزة للزمن، وللنظام الطبيعي المعقول؛ إنها تجربة تُجاوز العقل وتترك أثراً لا يُمحى في نفس الصوفيّ، حتى أنه لا يعود يرى العالم بعقله؛ والمتصوّف لا يمكنه أن يعبر عن تلك التجربة العرفانيّة بألفاظ اللغة كما نفهمها.. إنه يقف أمام اختباره في دهشة وذهول!

أيضاَ يرى الكاتب أنّ التجربة العرفانيّة ليس بها ثمة إنفصال بين الذات والموضوع عند المتصوّف؛ فليس (الله) موجوداً بالعالم الطبيعي أو خارجه، بل هو فقط هذا الكشف الذي يختبره المتصوّف في باطنه، وهذا الصوفي العظيم لا يختبر إذاً وجود الله؛ بل يختبر سريّة الله.. فالله سر غير قابل للإدراك عند الجميع، يستوي في ذلك الصوفي العظيم الذي وصل لأعلى درجات العرفان مع غيره!

التجربة الصوفيّة إذاً لا تصل بصاحبها لأي فهم أو تصوّر حقيقي عن ذات الله بأكثر من أنّه مستحيل على الإدراك والفهم!

بهذا المعنى فالتجربة الصوفيّة أو الحدس هو محض عبث او سعي نحو السراب.. فلا شيء وراء هذه الخبرة الشعوريّة للصوفي سوى إعلان الفشل عن إدراك أي شيءٍ عن الله باستثناء أنه ”سر، خواء، لا يمكن وصفه“.

هذه النتيجة من فشل التجربة الصوفيّة في الاستدلال على وجود الله أو وصف حقيقته ضروريّة جداً لمشروع الكاتب، والذي هو بالأساس يريد منه دعم المنهج الوضعي في المعرفة، ويترتب عليها أنّه لا حقيقة عن الله في أي من الأديان أو الفلسفات المثاليّة.

معنى هذا أنّ المتديّن الحقيقي -الذي اختبر الله عبر الحدس- يجب عليه أن يشكر الملحد المادي الذي ينفي وجود الله!.. إنهما متفقان تماماً؛ الله سر لا يمكن إدراكه أو تصوره، أو وصفه بأيّة ألفاظ.. فالصوفي يجد أنّ الدين هو "تعطش إلى اللاوجود الذي هو مع ذلك موجود"!!

لم يكتفي الكاتب إذاً بنفي كل صلة للعقل بمعرفة وجود الله، بل أراد جعل التديّن سلوكاً لا عقليّاً، فالمتديّن الحقيقي هو ذلك الذي يحصل عل خبرة شعوريّة يُسلّم من خلالها بـ (لا حقيقة الله)، والدين الحق هو ذلك الذي يرى استحالة الوصول لشيء أو معرفة شيء خارج عالمناً.. إنه إعلان إنتصار الإلحاد الذي هو ضروري لبقاء الدين كما يختبره الصوفيّ!

ما قيمة الخبرة الدينيّة للصوفي إذاً كان مصيرها لفشل في إثبات وجود الله أو وصفه بأي كلمة؟!

إن الكاتب يُقر بالتجربة الإشراقيّة للصوفيّ، رغم أنّه لم يُصرح بأنه اختبرها شخصيّاً.. لكنه لم يجد تفسيراً للمعتقدات الدينيّة والفلسفات المثاليّة سوى الإقرار بوجود تجربة شعوريّة -لا عقليّة- يختبرها الصوفي (ويشترك معه جميع البشر بدرجات متفاوتة).. ومرجع هذه التجربة الدينيّة عند البشر ما يُسميه الكاتب الحدس، والذي هو بمثابة الحاسة الدينيّة عند الإنسان.

إنه يُريد أن يجعل النظام الطبيعي مستقلاً عن الأديان؛ فالعالم في معمله وهو يتعامل بالمنهج العلمي التجريبي يرى أن الله وهم، والأديان خرافات، لكنه لا يستطيع أن يُقيم الدليل على ذلك.. لكن نفس هذا العالم يعود لبيته فيختبر العرفان الإلهي في لحظة الإشراق، فيعود على يقين بوجود ما هو مفارق.

وهذه الخبرة الدينيّة هي في عميق ذات الإنسان، فهي لا تأتي من خارجه -فلا إنفصال بين الذات والموضوع- وكل الأديان والفلسفات المثاليّة إنما هي مجرد صور أو نظريات وتصورات عقليّة للتجربة الدينيّة التي هي بطبيعتها خبرة شعوريّة لا عقليّة.

وليس الحدس مقتصراً على الصوفيّين، فلحظة العرفان والإشراق الإلهي موجودة عند كل البشر، لكنها كامنّة عند غير أهل العرفان.. والأديان، والإيمان بالأخلاق المطلقة إنما مرجعه إلى وجود لحظة الاختبار الديني تلك في أغوار النفس البشريّة، كامنة في بواطن اللاشعور.. وعلى هذا فإن هيجل -كفيلسوف مثالي- الذي أقام فلسفته على أسس عقليّة لم يُدرك اللحظة الإلهيّة الكامنة داخله، فأخذ يصيغ فلسفة بلغة عقليّة هي في نظر الكاتب محض هراء، لكن ذلك طبيعي ومقبول، فلم يكن بمقدور هيجل أن يُعبر بالمنطق واللغة عن خبرته الدينيّة التي لم يشعر بوجودها!! ـ

هكذا يُمكن إذا تفسير لماذا التديّن موجود منذ فجر التاريخ وعند معظم البشر، بتصورات مختلفة، إنّ هناك حقيقة إلهيّة داخل النفس البشريّة.. يختبرها الصوفيون في لحظات العرفان، وتسبب النزعات الدينيّة عند باقي البشر. ـ

والإنسان لا يستطيع أن يعرف الله إلا في اللحظة الحدسيّة ذاتها، ولمّا كانت هذه اللحظة أو هذه الخبرة من حيث أنها هي ذاتها الإجابة، فإنه لا يمكن أن تكون هناك إجابة أخرى! ـ

إن الصوفيّ (المتديّن الحق) يلتزم الصمت حيال (الله = تجربة العرفان) الذي لا يُمكن النُطق بها، فلا يستطيع أن يُقدم تقريراً عن عيانه الإلهي، لأنه سيواجه رفضاً مباشراً من العالم المادي والفيلسوف العقلي.. ـ

وطالما أن الله سرّ، فكل تلك المحاولات البشريّة للحديث عن الله من خلال الأديان والفلسفة المثالية هي محاولات فاشلة للتعبير على الذي لا يُمكن إدراكه ووصفه.. ”لأنها تقول أشياء على شيء لا يُمكن إدراكه“، وكل صفات ينسبها الوعي الديني لله هي قضايا غير صادقة بمعناها الصريح، أو كما يُسميها ”قضايا رمزيّة“. ـ

وفي مقابل مصطلح (الإلوهة السلبيّة) الذي يبني عليه الكاتب نظريته، جاء بمصطلح مُناقض؛ أجل! إنها (الإلوهة الإيجابيّة)؛ ويقصد بها كل التصورات الدينيّة التي تصدر عن البشر لوصف الله، أو الميتافيزيقا بشكل عام.. وهذه التصورات -كما قلنا- هي قضايا كاذبة، أو أوصاف رمزيّة فاشلة؛ إذ أن كُل تعبير عن الله بصفة أو بقضيّة لغويّة أو بعقيدة دينيّة إنما تكون من خلال ألفاظ من اللغة، وتلك الألفاظ نستخدمها في العالم الطبيعي، فلا يمكن ان نصف بها ما هو خارج هذا العالم، ولا يمكن أن نصف بها تجربة الكشف الإلهي عند الصوفيّ لأن الذي ينكشف له ليس موجوداً بذات، بل هو سر مستحيل الإدراك.. وما لا يُدرك لا يُمكن التعبير عنه بلغة المدركات في عالمنا الطبيعي.

"اللغة الدينيّة إذاً تستعين بالرموز والمجازات، لا لتقديم إجابات، وإنما لاستثارة الخبرة الحدسيّة واستحضارها من أعماق الذات، فهي تعمل عمل الشعر والموسيقى التي تهيب بما هو في الداخل بدلاً من أن تصف ما هو في الخارج " اهـ

هكذا يقوم والتر ستيس باخراج الدين (التجربة الدينيّة عند الصوفي) من مجال العقل، ويذهب بها للشعور، إن الصوفي يتأثر بلحظة العرفان كما يتأثر صاحب الحس المرهف بالفنون والموسيقى، فيتحول الدين لخبرة شعوريّة نسبيّة تختلف من فرد لفرد، وبالتالي ينتفي وجود حقيقة موضوعيّة في أي دين من الأديان! ـ

فالأديان إذاً هي مجرد صور ونظريات أو تصورات عقليّة تعبر بالرموز غير الصادقة لوصف نفس التجربة الدينيّة التي تتجاوز المعقول، والنتيجة وحدة الأديان، حيث تشترك جميعاً في أنها لا تعبر عن حقيقة، ويقتصر دورها على (إثارة الحدس = الحاسة الدينيّة) عند أتباع كل دين، لذلك لن تتعجب حين تجد الكاتب لا يُفرق بين حالة النرفانا في البوذيّة والتي لا يوجد بها تصوّر عن كينونة الله، وبين باقي الأديان التي تمتلك نظريات تثبت وجود الله وحقيقة الذات الإلهيّة. ـ

الأديان إذاً تؤدي وظيفة نفسية تهدف لاشباع حاجة النفس البشريّة التي تبحث عن المُطلق أو ما ورا الوجود.. وأي دين -بصرف النظر عن العقائد الموجودة به يؤدي هذه الوظيفة، فالنتيجة أن جميع الأديان سواء!! ـ

------------------------------

الكتاب مليء بالتناقضات، ليس أقلها وضوحاً أن الكاتب يُخالف القاعدة التي وضعها بأنّ الخبرة الصوفيّة لا يُمكن وصفها أو التعبير عنها بالتصور العقلي واللغوي.. فضلاً على أنه لم يدعي أنه إختبر شيئاً ما؛ وإذا كانت كل القضايا التي تخرج عن الصوفيّة في وصف اللحظة العرفانيّة هي قضايا رمزيّة غير صادقة، فكيف يقتبس الكاتب عبارات صوفيّة عرفانيّة ويأخذها كحقائق ثم يبني عليها طرحه؟

كذلك يسمح الكاتب لنفسه بان يقع في أخطاء التعميم والمصادرة على المطلوب؛ إنه يُعمم ألفاظ بعض متصوفة الهندوسيّة التي تنفي أي وصف ممكن لله ليستدل على ما يسميه (الألوهة السلبيّة).. لكن هذا الموقف الصوفي ليس هو كل إعتقاد أهل التصوّف، فكيف يستخدمه لبناء نظريته دون أن يبرهن عليه بشكل مستقل؟
وإذا كانت اللغة لا تصلح لوصف التجربة العرفانيّة، فما الداعي للكتاب أصلاً الذي هو داخل العالم الطبيعي والذي يجب أن يلتزم بالمنهج الوضعي ولا يُقر بتجربة مفارقة لا دليل عليها؟

والكاتب يعترف صراحة بأنّ القاريء سيجد تناقضات، ولكن تلك ليست مسئوليّة الكتاب، بل لأن القاريء يقع في خطأ أنه يحاول أن يُدرك الدين -الذي هو سر لا معقول- بتصورات عقليّة لا تصلح للتعامل مع تلك القضيّة!

والأخطر أنه يعالج مشكلة الشر بذكر مفارقة الشر عند أبيقور لينفي صفة أنّ الله محبّة، ثم يقرر أنه هيهات أن يجد المؤمن لها حل، رغم الحلول الكثيرة التي قدمت، وأفضلها الحل الإسلامي الذي يرى وجود الشر نتيجة لحريّة الإنسان، وأن البعث والحساب يفسر لماذا يسمح الله بوقوع الشر من البشر.. فالله لن يترك الشرير يفلت بفعله، كل ما في الأمر أنه يؤخر حسابه ليوم الحساب.. وما ليس له علاقة بأفعال الإنسان فإنّه لا يوصف بالشر أصلاً، ولا يحق لعالم مادي أن يدعي أنّ حياة البريّة حيث تفترس بعض الحيوات البعض الآخر، أو الكوارث الطبيعيّة و البراكين شرور! ـ

إنه كتاب هزلي في موضع الجد.. وهو أكثر في لهجته الإلحاديّة من أي كتاب إلحادي صريح.. وهذه هي النتيجة من بحث الكاتب المضنيّ؛ إنّ كل سعي لاثبات وجود الله مصيره الفشل؛ وتلك قضيّة يجب أن يُسلّم بها (الصوفي = المتديّن الحق) للمادي الملحد وإلا فإنه ناقص الإيمان!

إن منهج والتر ستيس في التوفيق بين الإلحاد والتصوف لا يوصف إلا بالمهزلة، سواء كان هذا قصد الكاتب أو أنه للغرابة جاد فيما يطرحه من أفكار.
Profile Image for Mohammad Saadeh.
118 reviews70 followers
November 8, 2018
هل الدين خبرة بشرية أم حقيقة مطلقة؟
خبرة بشرية.
هل الدين والديانة سواء؟
لا.
هل توجد التناقضات في الدين أم في الديانات؟
في الديانات طبعا. والدين يجب أن يكون واحدا عند الجميع.
هل يمكننا أن نؤمن بالدين بدون ديانة؟
بالتأكيد.
ما السبب وراء التناقضات في الكلام الديني او في الديانات؟
أننا نأخذ الكلام الديني بشكل حرفي, ولكننا يجب أن نأخذه بشكل رمزي.
لم يجب أن نأخذه بشكل رمزي؟ هل الله لا يمكن وصفه حرفيا؟
نعم فالله غير قابل للإدراك, وغير قابل للوصف, فهو ليس كمثله شيء.
إذن فماذا بالنسبة للصفات السلبية والإيجابية لله؟ كيف يقولون أن الله موجود وغير موجود بنفس الوقت؟
كما قلنا فالله لا يمكن أن يُفهم. لذلك أي كلام عنه إنما يكون رمزيا.
ماذا سنستفيد إذن من رمزية وصف الله؟
الرمزية تكون لاستثارة شعور يقبع داخلنا, لكي تساعدنا على الدخول في اللحظة الأزلية, في الإشراق الصوفي.
حسنا... ولكن ما هي اللحظة الأزلية, وما هو الإشراق الصوفي؟
اللحظة الأزلية هي اللحظة التي نشعر فيها بالله, هي اللحظة التي نخرج فيها من نظامنا الطبيعي.
لحظة لحظة من فضلك... هل تعني أنه يوجد نظامين؛ نظام طبيعي (زماني) ونظام أزلي؟
نعم فالله غير خاضع للزمان, والنظامين لا شأن لأحدهما بالآخر.
هل يمكن أن يكون النظام الطبيعي هو النظام الأزلي؟
لا فالله لا نهاية له.
إذن كيف يكون الله قد خلقنا, وهو غير خاضع لزماننا؟
الله لا يمكن أن يكون قد خلقنا, فهو متعال أن يكون علة أولى وأن يوجد في سلسلة زمنية نحن فيها.
إن كان الله لا علاقة له بنا فمن المسؤول عن الشر؟
لا نعلم, ولكن الذي نعلمه أن الله ليس له شأن فيه.
ولكن كيف يمكن أن يوجد نظام آخر غير النظام الإلهي, والله "غير" مطلق؟ كيف وُجدنا إذن؟ وكيف نوفق بين الأمرين؟
فهذا التناقض لم يحل, ولا يمكن أن يحل بأي شكل من الأشكال, فالتناقض في هذا الأمر يعتبر منطقا.
منهم من قال أننا وهم لكي يخرج من التناقض, ولكننا رغم ذلك موجودون.
فمن متى أصبح التناقض منطقا؟
من بداية تديننا.
Profile Image for Ahmed Yousri ataweyya.
716 reviews40 followers
February 10, 2022
الكتاب من أعقد ما يكون …اشتريته في ٢٠١٣ و فضل في مكتبتي زي القنبلة الموقوتة لغاية ما قرأته بعد ٩ سنوات…

اسلوب قوي برغم التعقيد و المترجم و المراجع من كبار اساتذة الفلسفة …

والتر ستيس سلك طريقاً اعترف هو بخطورته في سطور الكتاب ..حيث رأى انه لا يوجد طريقة لاثبات وجود الله الا عن طريق نفي وجوده ..بالظبط كدة 😃…

الله عند ستيس مثل المعتزلة ليس داخل العالم ولا خارجه …بل الله في بعد آخر (الأزل) …و العالم في بعد ثان (الزمن) و لا يوجد اى اتصال بين البعدين الا عن طريق الحدس (الوحي) …و أي ادلة من العالم الطبيعي لاثبات وجود الله لن تصمد امام المنطق …

اعجبت بأسلوب الكاتب و ان اختلفت معه في الكليات قبل الجزئيات..
Profile Image for Ali Ziraoui.
117 reviews53 followers
August 20, 2020
رغم تحفظي الدائم على الأعمال المترجمة فالكتاب أعجبني لاهتمامي بموضوعه زمن تصفحه ، و إذا ضربنا صفحا عن عنوانه غير العاكس لمضمونه المتمحور حول البعد أو الظاهرة الروحية في الأديان

في هذا الكتاب نقرأ كيفرعبد الانسان الطبيعة ثم بحث في ما هو كائن وراءها لانه لا يحب الآفلين كما جاء في القرآن كما وهو ما لم يغفل عنه التراث الأدبي العربي الإسلامي من خلال شخصية حي بن يقظان

و في هذا الكتاب نتبين ضروب العبادة و أصنافها بين العبادة المحسوسة بما هي الطقوس ( و هي عبادة العوام إن جاز هذا الاستعلاء ) ثم العبادة العقلية و ذلك من خلال العقل و قوانينه (وهي عبادة صاحب هذه المراجعة ) ثم يتجاوزهما ليتحدث عن العبادة الروحية أو ما يسميه بالحدس أو الذوق كما أصل له ابن عربي أو الرؤية عند عبد الجبار النفري أو الكشف أو الاتصال المباشر بالحقيقة المطلقة أو الذكاء الكوني الذي يسمهه الناس الله ولا مشاحة في المصطلحات سواء كان المسمى المقصود واحدا للجميع فمعرفة الله بالحدس كما دافع عن ذلك الغزالي اوثق منها بالذهن المتعقلن و بعبرة أخرى معرفته بالعرفان بالعرفان اوثق منها بالبرهان الذي أراهن عليه أنا


ثم يتحدث عن قضية هامة جدا ، كيف التعبير عن هكذا خبرة ،هنا إشكال كبير ، هنا تغدو جهود فتغنشتاين بلا معنى و تغدو اللغة العادية المباشرة بلا فائدة و ينفتح الباب أمام الرمز و المعميات و الإشارات لا العبارات ، تماما خالخبرة الجمالية

و يعترض عيش هذه التجربة عدة حوائل أهمها الزمن ، و أهم من الزمن الوجود ذاته ، و لما كان الأمر كذلك فإن اكتناه الله ممتنع عقلا كما قال محمد عبده في رسالة التوحيد و كما توصل لذلك كانط من بين تضمينات و استتباعات ثورته الكوبرنيكية فعند هذا الحد يتوقف جهد شخص مثلي اتخذ لنفسه إطارا معرفيا قائم على العقل و يرمى في واد اللاأدرية السحيق

و هنا و كحل لمشكل الاكتناه تم اختراع مسألة الصفات السلبية كما تتجلى في الآية القرآنية ليس كمثله شيء فالله لا يمكن تعريفه بالإيجاب
فلله صفات ايجابية و سلبية و هنا قيلت بالكتاب عبارة أعجبتني : إما أن يكون الله سرا أو أن لا يكون شيئا على الإطلاق
و مسألة ثنائية جانبي الألوهة الإيجابي و السلبي أطنب فيها الكاتب و دافع عن التصور السلبي للألوهة حيث الله هو الصمت الاعظم ، فراغ ، عماء ، ظلام ، عدم
بل حيث الله هو ، الله هو اللاوجود ، و شتان بين ذلك و العدم ذلك أن لعدم لايعني مجرد سلب صفة بل هو عدم واقعي اكثر واقعية من الواقعية ذاتها،

كما بين الكاتب تجليات هذا التصور السلبي في مدونات دينية كالمسيحية و الهندوسية ، و كذلك مقولات يوحنا ايكهارت اكبر متصوف مسيحي الذي تحدث عن
العدم الذي لا اسم له و لا شكل ما يذكرنا بالتاو في الديانة التاوية كما وصفه زعيمها لاوتسو في التاو تي تشينغ

كما لم يغفل عن استدعاء المتصف الآخر يعقوب بوهمه صاحب ثنائية النعم و اللا حيث اعتبر الله ك لا لكنها لا الابدية و نعم الابدية في الان نفسه ، بيد أن الذي استدعى إيكهارت و بوهمه أغفل المدونة الإسلامية حيث يقول القرآن لم يكن له كفؤا أحد و ليس كمثله شيء ، و هو ما عزاه المترجم و المقدم إلى جهله بالتراث الإسلامي ك

كل الاديان تشترك في الظاهرة الروحية / الخبرة الصوفية الديانات قد تتعدد لكن الروح الدينية واحدة . تعدد الديانات ناتج عن تعدد البيئات الحضارية و حساسيات البشر ، الهندوسية و المسيحية و الاسلام ، بل حتى البوذية : انها تصدر عن الوعي الديني الشامل للبشرية ، تماما كما ان الخبرات الجمالية تصدر عن حس جمالي واحد اما ما يصنع الفرق فهي المحدات الجغرافية و الثقافية ..الموسيقى لغ ةكلية شاملة (مقارنة التجربة/الخبرة الدينية بالجمالية )
كل ديانة هي تأويل لهذه الخبرة الصوفية الواحدة
مقارنة النيرفانا بالله باعتبارهما يشتران في الدور ، الهدفف الاقصى من الخبرة الدينية اتي تهدف الى انصهار الحدود بين الذاذت و الموضوع فلم يعد الله موضوعا لذات هي النفس . بحسب التصورين البوذي و المسيحي : الفرق غياب النظرية و اللاهوت في البوذية


و ثم ماهو الله ؟ هل هو ذات تحمل عليها صفات ، ام مجرد اسم ؟ إلى الراي الثاني ذهب الكندي (الله ليس ذا هيولى و ليس نوعا حتى تكون له ماهية مركبة من جنس و فصل و لا جنسا يتكون من انواع و ليس من المقولات و لكن له صفات ايجابية ) ذات المنزع الذي تبناه الفرابيمن خلال مسألة مراتب الوجود و كذلك ابن سينا و فلسفته الاشراقية حيث مقولة لا حجاب الا في المجوبين و الحق عندي أن كلها اجتهادات نظرية و عرفانية تهدف لحل هذه المعظلة الكبرى التي شغلت رواد الفكر لقرون في شتى أصقاع الارض

و في سياق اشكالي كهذا اقتُرحت العديد من رؤى منها رؤية ولتر ستيس مؤلف الكتاب المتبنية لفلسفة فلسفة طبيعية و بلغة أخرى نظرية الحلول : فالله موجود في سائر الاشياء يتجلى عن طريق الكشف و الحدس الصوفي للسالكين كما تجلى لموسى في القرآن .

و انطلاقا من استحالة تعريف الله ، محور هام من محاور الدين ينتقل ستيس إلى فكرة أخرى مفادها استحالة تعريف الدين ذاته فالدين هو المطلق ، و مجاله السرمد و الازل ، عراقيلة الوجود و الزمن كما قلنا ، و هنا ينكر عن الدين من حيث لا يدري صفة المبحث العلمي ليكسيه حلة التجربة الخالصة ..

او لما كانت عراقيل الله ، و الدين هي الوجود و الزمن يكون الدين أو الطريق إلى الله عنوانه النزوع نحو قطع العلائق مع الكينونة و الوجود معا و الرغبة في التحرر منهما ، و الرغبة في تجاوز الوجود نحو ذلك العدم الذي يكمن فيه النور الاعظم انه التعطشش الى اللاوجود الذي هو مع ذلك موجود

فبالنسبة للوجود حيث تجدني منوها بكرة الوجود أو الكينونة كحاجز و كقيد غاية في الأهمية لذلك تجدني مكررا إياها صلب هذه المراجعة : فليس وجودك سوى ارتباطك بما أنت كائنه

فلا وجود و إنما وجودات ، و موجودات و كل الموجودات مصابة بداء واحد : داء الوجود
و الزمن كذلك ، عدو للدين فالدين غير متزمن لأنه الدين اشباع ظمأ ميتافيزيقي روحي ،لا ضمأ مادي زمني دنيوي كحاجات ابراهيم ماسلو بماديها و معنويها و عاطفيها و حتى روحيها

ففكرة الكتاب واحدة و أترك التقييم للناس ؛ الدين إن أنت حاولت منطقته او عقلنته او فكرنته لا نقول سطحته فسحب بل قضيت عليه من حيث لا تشعر .ق
استنتاج ، نفي صفة الوجود عن الله غايتها تنزيهية لا إنكارية . و هدفه استحالة ادراك الكنه الالهي و نفي الماهية عن الله و هو تصر للانسان في مرحلة متقدتة من تطور فكره
Profile Image for Ahmed Abdulfattah.
43 reviews11 followers
August 22, 2014
أخيرا خلصته
مرهق جدا
بس لانه اول كتاب اقراه فـ فلسفة الدين فمش هدي review لأني اكيد منبهر :D
Profile Image for اسامة الخطيب.
93 reviews8 followers
December 11, 2018
اعتقد ان هذا الكتاب لا ينتهي من الاستدلالات المضادة والنافية لبعضها البعض وقد لا نتوقف عن الايتاء بنظريات كل يوم حول كل موقف ، فكما ان هذا الكاتب يدّعي انه حلل النظام الطبيعي كذلك سيأتي غيره ليحلله بنظام مختلف الى ما لا نهاية.. لكن المشكل الاساسي في التحليل الديني والتحليل الطبيعي يكمن في سؤال الاسئلة البسيطة المتمثل في "لماذا"؟ وسؤال العلم الطبيعي المتمثل في "كيف؟" فالعلوم الطبيعية لم تفسر لماذا اتت الظاهرة الانسانية ولماذا جاء هذا الكون ولماذا بقي هذا الاختلاف ما دام التفسير الكيفي المبني على العلوم التفسيرية لسؤال الكيف اجاب عن كل هذه الأسئلة بعد كل هذه السنوات من سيطرة العلوم الطبيعية عند البشر فلماذا لا يزال الانسان لم يهتدي الى حقائقه بعد؟! كما ان الملاحظ لديه بأنه وضع منهجية دينية في نظريته وليس نظرية علمية فافتراض النفي بحاجة لدليل كما افتراض الاثبات وانا اعتقد ان نظريات النفي لديه لم تتناول القضايا كلها التي تناولتها الفلسفات الدينية، فلم تتطرق الى سؤال "من اين" وسؤال "الى اين" او السؤال الاهم " لماذا"، صحيح انك قمت بتحليل الكثير من التفسيرات حول الكيف وهذا ما تناولته بالاخذ والرد في الاعلى غير ان العبثية التفسيرية بهذه النظرة لا تشفي نفوسنا من عبثية التفسيرات الما ورائية ولا تحل اشكال العقول في هذه التناقضات والتباينات التي يحملها الجنس البشري حول ذاته وارتباطاته المختلفة بغيره،، فهذا الافتراض الذي قدمته بمؤلفك لا يجيب عن اسئلتنا وانما يعود بالسؤال للخلف ولا يتقدم للامام..
اعتقد ان في هذا المكان تثار العديد من الاسئلة ويعاد طرحها بشكل جدي في الوجدان والعقل الا انه لم يستطع حتى تحليل المواقف الفلسفية المبنية على الاثبات ،
وهنا لا بد من التوقف عن اهم الاشكالية التي تعرض لها وهي العقل المحدود لا يمكنه اكتشاف اللا محدود في سياق افترض فيه الغيرية لهذا العالم وثنائية عاجية للخالق ولم يحلل بمفهوم الانفصال والاتصال عند الخالق..
فالتصور الديني لا يقول بأن هذا الكون مطروح في ثنائية الانسان - الله بمفهوم الانفصال الحقيقي وانما هو انفصال في معاني هذا الوجود فنحن لنا وجود وله وجود وليس وجودنا مثل وجوده كما معنى الحركة والسكون فهل يمكن ان يقال ان اليد تتحرك بمعزل عن الارادة التي يطلبها منه العقل او هل يمكن ان نقول انه لا يجب ان يكون هناك تناقض بين حركة اليدين فالاولى تذهب باتجاه والاخرى باتجاه اخر رغم انها صادر من جهة واحدة بمفهومنا ! وافتراضه بان هذه المعاني معاني طبيعية لا يمكن الاستدلال عليها بوجود نظام اخر فانفصال الورقة عن الدفتر او شق الورقة الى نصفين وحرق نصف والابقاء على النصف الاخرليس دليل على عدم امكانية قيام التصور على ان الدفتر يصنع من الخشب الصلب! وهنا تكمن الاشكالية في تصور الدلالات العقلية فقيام الدليل على المدلول هو القاعدة ولا يقصد به انكار العلة والانفصال السلبي بمفهومك التصوري عن الرمز وهو بنفس المنطق الذي يقول بالحدس فهذا له ادلة تصورية رمزية وهذا له ادلة تصورية رمزية كما مقياس الوجدان له ادلته التصورية الرمزية.
بالتالي فالاعتقاد الديني يقول بأنه من عرف نفسه عرف ربه واعرفكم بنفسه اعرفكم بربه واية" فاينما تولو فثم وجه الله" و" ليس كمثله شيئ" فهذا دليل وحدة اتصال وانفصال في الان نفسه ..

كما اني هنا لا انفي قيام ايمان بدون المخبرين بل هذا ممكن لكن الاشكالية ستبقى عالقة بحكم عدم معرفة الصفات او الصلات بين الانفصال و الاتصال وان قوانينها ليس رياضية محضة انما يمكن اكتشافها من خلاله.
Profile Image for Yomna Sayed saif.
9 reviews
July 5, 2018
كتاب به تطويل و تكرار لأفكار لا تحتاج إلا كلمتين لتصل لأعمق أعماق العقل
في العموم هو غير مفيد بالمرة لأي حد اسرف كتير من وقته في التفكير في ذات الإله و حقيقة تواجده، وغير مهم بردو لكل من قرأ عن الصوفية حتى ولو بمقدار ضئيل
هو كتاب لمحدثي قراية الفلسفة و اللي لسة الأسئلة الوجودية بتنبت في دماغهم
وعلى عكس المتعارف عليه، فهو مش بيزعزع الإيمان أبدًا، بل أنه بمثابة شيء مطمئن للمزعزع أفكاره مسبقًا
Profile Image for Momen Bari.
206 reviews40 followers
July 26, 2020
بعد تاني قراءة. لسه مش عارف اقيم الكتاب دا كويس.

لكن
الكتاب ثورة في المفاهيم عن الرؤية السلبية لله مقابل رؤيتنا الايجابية المنتشرة. و دور التصوف. وكذا الرمز كالأصل الوحيد لقراءة الدين. لسه محتاج قراءة كمان.

علي كل. شرح فلسفة التصوف لاديان شرق آسيا مبهرة.
2 reviews
August 13, 2020
من افضل الكتب التي تعطي مقدمة للفكر الصوفي الحديث وتناقش الكثير من الافكار اليدينية الاساسية لتشكل الوعي الديني
Profile Image for محمد عمر.
56 reviews20 followers
February 25, 2016
كتاب عظيم ف بابه ،تحليل عبقري لوصف الخبرة الدينية ،مبني على حشد خبرات صوفية لمختلف الاديان والفلسفات الدينية ،وصل ل افكار متفردة واصيله عن الدين وطبيعته واسسه
خلينا نقول ان ده افضل وارجح راي او توجه قراتها في جزئية تفسير الشعور الديني فالانسان .
ستيس خلص الى ان الدين خبرة عيان غيبي بياوله العقل على شكل عقائد وانساق عقلية ،وان الله هو السر وهو الحق ،هو الخفاء الكامل ،والصفاء الكامل ،وانه لا يدرك بالعقل ،لان العقل جزء من النظام الطبيعي ،والله هو في النظام الازلي ،ولن يعرف سوى بالحدس ،الكشف ،العرفان .
والجزء الاهم ف الكتاب ،هو نسف فكرة الدين الواحد ،لانها منسوبة للعقل ،في خلقه للعقائد ،فلا يوجد دين واحد ،بل اديان ،ولا نبي او عارف او متصوف واحد احتكر معرفة الله ،لان درب الله لا يغلقه تصورعقلي محدود ولا ييتطيع عقل احتكار كل طرق الله فيعلن بتبجح انه ليس هناك من طريق لله غير طريق ، لان العقل نفسه لا يستطيع معرفة الله ،فالله ليس كمثله شيء ،لذا فالعقل لن يبلغ اي معرفة حقيقية عن الله ،لكن وحده الوحي والحدس يستطيع ،والوحي ليس الخبرة انما هو رمز يستحث فينا الشعور بالله .
وهذه ثورة فالفكر لا تعوزها الادله
Profile Image for طيبة الجنابي.
12 reviews11 followers
April 21, 2016
قد يبدو لك للوهلة الاولى انه كتابٌ من السهولة بحيث يمكنك الركض خلال صفحاته بيسر تام ،بينما الحقيقة خلاف ذلك .
لم يضيف لي هذا الكتاب تجربة معلوماتية جديدة الا الندر القليل جدا ،الكثير منه مكرر ولم يأتي بجديد على الصعيد الفلسفي او السيكولوجي ،ولربما أتفق مع الرأي القائل بان فصل( الالوهية السلبية) هو الفصل الوحيد المغاير والحديث عن كل ما سبق لنا قراءته في هذا المجال ..
الترجمة اكثر من ممتازة ولولاها لما كان بوسعي تحمل رتابة الكتاب وما صاحبه من ملل ،الافكار -بالاضافة الى كونها مستغلقة- مكررة فعلياً خلال فصول الكتاب نفسه حتى تكاد تشعر ان الكتاب عبارة عن فصل واحد كبير مع اختلاف العناوين خلال الصفحات وحسب !،وهذا بطبيعة الحال لا ينفي أهمية ما جاء فيه .. فلعل الكثيرين قد يجدونه مبهراً للغاية بل وخارقاً للمعقول وقد اتفق معهم لو انهم لم يطلعوا على كتب اخرى اكثر عمقاً وحجة واكثر مقدرة على جلب الاقناع .
Profile Image for Firas Jabbour.
50 reviews5 followers
July 15, 2014
محاولة جادة للإحاطة بالفكرة الألوهية من عدة أطر أو اتجاهات فكرية.. يمكن اعتبارها نوع من التقديم الصوفي للإله من مستوى أعلى من النمطية الدينية.. أختلف مع الكاتب في بعض البنى التي أسس عليها بعض أعمدة رؤيته ولذلك كان من الطبيعي أن نصل إلى اتجاهات مختلفة وألا أتوافق بشكل كبير مع طروحاته..
بكل الأحوال كتاب مميز يقدم العديد من الأفكار الهامة..
Profile Image for mohammad.
5 reviews
December 12, 2018
فلسفة ،، لا يخلو الكتاب من التعقيد ،، 45% من صفحاته ما فهمتها و مع ذلك وجدت فيه المتعة ،،
اخترت الكتاب من معرض مسقط للكتاب العام الماضي، اخترته بناءً على معرفتي السابقة بالمترجم

انصح بقراءته لكل من يهتم بفلسفة العقل و الدين ،، الإيمان بالمحسوسات و الغيبيبات،، بناء فكرة ولو عابرة
عن تفسيرات الوجود بين عالم الأزل و عالم الطبيعة ،، كن غبياً و اقرأ الكتاب مثلي *_^
Profile Image for Ahmed Hanafi.
8 reviews10 followers
Read
April 2, 2015
مفهمتش منه ولا أى حاجة وكنت حاسس بالغباء وانا بقراه
Displaying 1 - 30 of 35 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.