إن العلم أفضل ما تفنى الأعمار في طلبه، وتبذل الجهود في تحصيله. وإن أكثر الناس مع ذلك غافلون عن فضله، أو مدركون فَضله لكنهم حائرون مترددون، يقدمون رِجلاً ويؤخرون أخرى؛ قد كثرت عليهم المناهج، وتعددت أمامهم السبل، واحتوشتهم العوقات، وأجلب عليهم البطالون بخيل التثبيط ورَجله.
لذلك ارتأيت أن أجمع بسن دفتي هذا الكتاب، هذه الخواطر والمباحث التي نشرتها متفرقة من قبل على مر سنوات عديدة، ليكون نبراسًا ينير الطريق أمام السالكين إلى مراقي العلم.
وستجد فيه أيها القارئ من الحديث عن العلم والعلماء ومناهج الطلب وعلو الهمة وغير ذلك، ما يثلج صدرك وينير دربك بإذن الله تعالى.
الاسم: البشير بن محمد عصام المسفيوي المراكشي. ولد سنة 1392 بمدينة مراكش. متزوج وأب لثلاثة أطفال. الدراسة الأكاديمية: أمضى دراسته الأكاديمية الأولى بمدينة مراكش، ثم انتقل إلى الرباط لإتمام الدراسة حتى حصل على شهادة مهندس الدولة في الاتصالات من المعهد الوطني للبريد والاتصالات بالرباط. ثم التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، بشعبة الدراسات الإسلامية، سنة 1415: - حصل على الإجازة سنة 1419. موضوعها: (حقيقة الإيمان من خلال تفسير فخر الدين الرازي – عرض وتحليل) بإشراف الدكتورة عائشة الهلالي. وفي هذا البحث مناقشات للأشاعرة في مسائل الأسماء والأحكام خصوصا. - حصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة سنة 1421 من وحدة (مناهج البحث في العلوم الإسلامية). موضوعه: (المنهج الإسلامي في دراسة روايات السيرة النبوية) بإشراف الدكتور فاروق حمادة. - حصل سنة 1430 على الدكتوراة في الفقه وأصوله، تحت عنوان: (المصالح والمفاسد في المذهب المالكي وتطبيقاتها المعاصرة). بإشراف الدكتور أمحرزي العلوي والدكتور فاروق حمادة. الشيوخ: 1- الوالد الشيخ محمد عصام المسفيوي خريج كلية ابن يوسف العتيقة بمراكش: قرأ عليه – منذ الصبا – في العربية كثيرا (في النحو والصرف على الخصوص)، وفي الفقه المالكي من شرح ميارة الصغير على المرشد المعين، وفي التاريخ والتراجم. 2- العلامة الفقيه اللغوي مصطفى النجار – رحمه الله – شيخ الجماعة بسلا: قرأ عليه لمدة سنتين تقريبا في مسجده وفي منزله في العلوم التالية: • في النحو والصرف من شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك. • في البلاغة من شرح عقود الجمان للسيوطي. • في الفقه المالكي من شرح أبي الحسن على رسالة ابن أبي زيد القيرواني. • في المنطق من متن السلم المنورق بشرح القويسني، مع النظر في شرح البناني. 3- الشيخ الحسن بن علي الكتاني: لازمه لنحو أربع سنوات، وقرأ عليه كثيرا، وأهم ذلك ما يلي: • العقيدة من كتب متفرقة لشيخ الإسلام ابن تيمية. • الفقه من سبل السلام للصنعاني. • الفقه من الدرر البهية للشوكاني (بشرح الروضة الندية لصديق حسن خان). • الفقه المالكي من المرشد المعين لابن عاشر بشرح ميارة، مع الاستدلال والتعليل. • أصول الفقه من المحققة النونية لمراد شكري. • القواعد الفقهية من كتاب (القواعد الفقهية) للندوي. • مصطلح الحديث من الباعث الحثيث. • التزكية والآداب من شرح رياض الصالحين. • وغير ذلك. 4- الشيخ اللغوي الفقيه محمد الرزكي: قرأ عليه لبضعة أشهر في ألفية ابن مالك بشرحي ابن عقيل والمكودي. 5- الشيخ العلامة المتفنن مصطفى البيحياوي المراكشي نزيل طنجة: حضر عنده في شرح صحيح البخاري وفي السيرة النبوية، وجالسه في جلسات خاصة وسأله واستفاد منه. 6- الشيخ الفقيه العربي كدار: قرأ عليه في كتاب الفرائض من مختصر خليل. 7- الشيخ الفقيه عبد القادر الإدريسي: قرأ عليه لبضعة أشهر في العقيدة من شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي وفي الفقه المالكي من رسالة ابن أبي زيد بشرح أبي الحسن. 8- الدكتور الشيخ فاروق حمادة: قرأ عليه لسنتين تقريبا في بلوغ المرام لابن حجر، وفي كتابه (منهج البحث في العلوم الإسلامية – تأليفا وتحقيقا)، وفي كتاب الطب من نيل الأوطار، وفي كتاب الرقاق من صحيح البخاري، وغير ذلك. 9- الدكتور الفقيه محمد الروكي: قرأ عليه لسنتين تقريبا في بداية المجتهد لابن رشد، وفي (القواعد الفقهية)، وغير ذلك. 10- الدكتور الأصولي أحمد الريسوني: قرأ عليه لثلاث سنوات تقريبا في أصول الفقه عامة، وفي الرسالة للإمام الشافعي خاصة. 11- الدكتور أحمد أبو زيد: في تفسير القرآن، وفي كتاب (العقل وفهم القرآن) للمحاسبي. 12- القارئ الفقيه المحدث محمد السحابي السلاوي: اجتمع به، وسأله، واستفاد منه. وآخرون. الإجازات الحديثية: له إجازات حديثية كثيرة عن جمع من العلماء والمسندين، من أهمهم: 1- الشيخ عبد الوكيل بن عبد الحق الهاشمي. 2- الشيخ أبو أويس محمد الأمين بوخبزة التطواني. 3- الشيخ عبد العزيز بن الصديق الغماري. 4- الشيخ عبد الرحمن بن عبد الحي الكتاني. 5- الشيخ زهير الشاويش. 6- الشيخ وليد المنيسي. 7- الشيخ محمد زياد التكلة. وغيرهم كثير. الأبحاث المنشورة: - شرح منظومة الإيمان المسماة (قلائد العقيان بنظم مسائل الإيمان) – نشرت بالدار البيضاء سنة 1420، ثم على الشبكة. - (شرع الله ليس غلوا) نشر بتطوان سنة 1422.
*اسم الكتاب : منار الطريق ....في طلب العلم ومناهجه * اسم المؤلف: د/ البشير عصام المراكشي *نشر : المكتبة العصرية للنشر والتوزيع * سنة النشر ورقم الطبعة: 1441 ه - الطبعة الأولي * المراجعة والتلخيص : ليس بالضرورة أن يكون كل إنتاج عالِم فذّ أو أديب بارع أو مفكر مخضرم - على نفس القدر من الأهمية والقيمة العلمية ، عَنَت لي هذه الفكرة أثناء قراءتي لهذا الكتاب ؛ حيث جاء الكتاب دون المتوقَّع منه ودون المرجوّ من عالِم كبير كالشيخ البشير المراكشي . فقد جاء الكتاب عبارة عن خواطر متناثرة هنا وهناك لا يجمعها شئ سوى القراءة والكتاب والعلم والأدب ، وكان قد نُشرت أجزاء كثيرة منه على هيئة منشورات فيسبوكية أو تغريدات تويترية في أزمنة متفرقة ، ومن ثَم جاء الكتاب كمنشورات فيسبوك وكان تصفحه كتصفح منشورات الفيسبوك الجادة نوعًا ما .فغاب عن الكتاب أن يكون كتابًا بالمعنى المفهوم من كلمة ( كتاب ) . ويعد الكتاب مناسبًا للمبتدئ في قراءة مثل هكذا كتب ، ولعل ذلك مقصودٌ من الشيخ غير أنه غير مناسب لطالب العلم المتقدم نوعًا ما ، فهو يقل فائدةً عن كتب مثل كتاب ( ارتياض العلوم ) للشيخ مشاري الشثري . فقد خاب ظني في الكتاب من دون أن يخيب بمؤلفه. ورغم هذه الفائدة القليلة من الكتاب إلا أن به بعض الفوائد المهمة ، مثل : 1- التفرغ للعلم قد يكون مضرًا بصاحبه ؛ نظرًا لما يورثه هذا التفرغ من كسل وتأجيل يعقبه تأجيل ، حيث يشعر المتفرغ بامتداد الوقت أمامه فلا يضره أبدًا القراءة والتعلّم والتعليم اليومَ أم غدًا ، بخلاف حال غير المتفرغ الذي نجده دائمًا يسابق الزمن في التعلم ونجده أحرص على وقته من حرص الشحيح على ماله! 2- عانى الشيخُ من بعض هموم القراءة ، وذلك عندما يشرع في قراءة كتاب ما فيجده قليل الفائدة أو عديمها ، هنا يقع بين خيارين إما أن يترك الكتاب أو يكمله ، لكنه يخشى إن أكمل الكتابَ أن يضيع وقته فيه في حين هناك كتب كثيرة أولى بذلك الوقت ، ولكنا يخشى في الوقت نفسه إن ترك الكتاب أن يقع في فخ التنقل بين الكتب دون إتمام أيٍّ منها !....هنا يلجأ الشيخ لأسلوب القراءة السريعة كحلٍ وسط بين هذين الحلَّين . وكنتُ أظن أن هذه المعاناة خاصةٌ بي وحدي ولكن اتضح لي أنها خاصةٌ بجميع القراء. 3- نصح الشيخ بعدة نصائح من شأنها تحبيب القراءة للأطفال ، وقد ذكر من ضمن ما نصح أن يكون الوالدان قدوةً للطفل فيبادران بدورهما إلى القراءة وتحرّي أن يشاهدهما الطفل وهما يقرآن ولو تكلفًا لمظهر القراءة منهما ؛ كي يكون ذلك حافزًا للطفل كي يمارس القراءة . وأنا متفقٌ معه في ذلك إلا في جزئية تكلف القراءة ؛ إذ إن صنيعًا مثل هذا لا ينتج في العادة إلا من شخص مقدّر لقيمة القراءة ، وإذا كان الشخص مقدرًا للقراءة فحاله أنه يبادر بدوره إلى القراءة لا تكلفًا وإنما حقيقةً . أما غير المقدِّر فلا ينتج منه شئ مثل هذا مطلقًا. 4- نصح الشيخُ طالبَ العلم بأن تكون لديه قاعدة بيانات عن أسماء الكتب ومؤلفيها وأفضل طبعاتها ...إلخ لتكون بمثابة نبراس يضئ لطالب العلم طريقًه في بحار المعرفة ، وألا يكتفي بسؤال المتخصصين ؛ إذ لكل طالبٍ ما يلائمه وقد يلائم أحدًا ما لا يلائم الآخر .....وأضيفُ - أنا العبدَ لله - أنه تبرز هنا أهمية المجلات الثقافية مثل ( العربي والعربية والدوحة ...إلخ ) ؛ إذ هي تقدم لنا مائدةً شهية عن الكتب وعن مؤلفيها وأحيانًا عن دور النشر ، مما يمثل قاعدة بيانات متكاملة يستطيع أن يكوّنها الطالب من خلالها . ومن الممكن أيضًا تكوين هذه القاعدة من قراءة مراجع ومصادر الكتب المؤلَّفة ؛ إذ تفيد كثيرًا في معرفة الكتب ومؤلفيها. 5- مما نبّه الشيخُ عليه في غير ما موضع ضرورة تدبّر القارئ فيما يقرأ ، وألا يكتفي بتحصيل المعرفة بل عليه أن يتأملها وأن يفكر فيها وأن يناقش ويجادل وأن يقبل ويرفض ...وهذا سبيل العلماء.... ومن طريف ما ذكر الشيخُ بهذا الصدد ما نقله عن نجيب محفوظ في روايته ( خان الخليلي ) حين وصف أحدهم بأن عقله لم يعتد التفكير مطلقًا ولكن كانت الكتب تفكر له وتتأمل بدلًا منه ، في إشارة طريفة لتلك النوعية من القراء التي تتكاسل عن التفكير مقتصرةً على تحصيل أفكار الآخرين. 6- الجمع مقدَّم على الترجيح ....قاعدةٌ أصولية طبقها الشيخ على مسألة الحفظ والفهم ، حيث يفضل الجمع بينهما بدلًا من أن نقتصر على أحدهما دون الآخر ويكأنه لا يجتمع الحفظ والفهم! 7- لطالب العلم ركائز ثلاث : الحفظ والدرس والقراءة ، فالحفظ يكون للكتاب والسنة والمتون العلمية ، والدرسُ يكون بقراءة الكتب العلمية المتخصصة ، والقراءةُ الحرة لتوسيع المدارك وزيادة الأفق والمعارف. 8- من الخطأ الشائع وسط طلاب العلم السؤالُ عن أفضل كتاب في فن معين ...وهذا خطأ ويستبدل به أكثر كتاب ملائم ؛ إذ ليس أفضل كتاب في الفن من الملائم لطالب العلم أن يبدأ به .فمثلًا خير كتب الحديث هو صحيح الإمام البخاري وخير شروحه فتح الباري لابن حجر ، ولكن ليس هذا ولا ذاك مما يحسن بطالب العلم أن يبدأ به. 9- هناك مّنْ يقتصر في القراءة على الكتب المعاصرة ولاسيما في السيرة النبوية والتاريخ دون قراءة الأصول كسيرة ابن هشام وتاريخ الطبري وابن كثير والذهبي ؛ بحجة احتواء كتب الأصول على الصحيح والضعيف بينما هناك من المعاصرين مَنْ يقتصر على الصحيح منها دون الضعيف . والشيخُ نصح بقراءة كتب الأصول كيلا يفوت طالبَ العلم تلك الثروة اللغوية الباذخة والتي من الخسارة فقدانها . 10- من الحيل النفسية ومن مداخل الشيطان أن الكتاب الذي ليس في برنامج طالب العلم هو ما يُزيَّن له قراءته ، والفن الذي ليس موضوعًا في البرنامج الآن هو ما تميل النفس لخوض غماره ، وتلك من حيل النفس والشيطان ، فليحذرْطالبُ العلم منها . 11- ليس من الملائم لطالب العلم أن يسأل أولَ ما يستشكل عليه أمر ؛ فإن ذلك يورث الذهن البلادة والكسل . بل على طالب العلم أن يبذل وسعه بدايةً في الفهم كي يتدرب عقله على النشاط والفهم. 12- يحسن بطالب العلم أن يبدأ بالقراءة في العلوم الشرعية قبل الشروع في كتب الفكر والفلسفة ؛ نظرًا لما تعوده تلك الأخيرة من السيولة العلمية ومن الجرأة على الثوابت ، في حين توفر له العلومُ الشرعية الانضباطَ والمنهجية . 13- نصح الشيخُ طالبَ العلم - كوسيلة لاكتساب الموهبة الأدبية - أن يعمد إلى أديب معين عُرف بروعة الأسلوب فيقرأ كلَّ كتبه ، فإن هذا مما يورث الأسلوب ، حتى إذا فرغ من أديب انتقل إلى آخر . وذكر الشيخ أن هذه طريقته في القراءة مع الأدباء ومع غيرهم. #مراجعات_قارئ
هو عبارة عن مقالات متفاوتة من حيث الحجم في أهمية العربية وطلب العلم وعن العلماء والعلوم الشرعية وعن الأدباء والأدب وعن القراءة وعلو الهمة وعن الكتاب والكتب وعن المناهج العلمية ؛ كتاب ماتع للغاية وفوائده جمة .
الكتاب عبارة عن مجموعة من الخواطر أو المنشورات التى كتبها المؤلف على فترات، ثم جمعها فيه لتكون في صورة أكثر منهجية وأكثر فائدة للقارئ. أعجبتني بعض الفصول دون الأخرى؛ على حسب ما في كلٍّ من الفوائد والإضاءات المنهجية. يعيب الكتاب -في رأيي- أنه أتى بهذه الخواطر على ترتيب نشرها الزمني -بعد تقسيمها على أبواب أو فصول-، ولو أنه أعاد ترتيبها في صورة أكثر منهجية وضم المتشاكل منها وحذف المكرر لكان أفضل -والله أعلم-.