دراما اجتماعية تتناول فيها الرواية العديد من القضايا، فتصوّر تأثير البيئة في تكوين شخصية الفرد، وأهمية دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية .. كذلك تلقي الضوء على أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا وهو الاكتئاب.. وترصد إحدى المشاكل الصحية التي تشكل تهديدًا للمرأة وتؤثر سلبًا على حياتها.
" إن عمري متاهةٌ طويلة، دروبٌ من الحيرة، أرسلتني خلاله الأقدار إلى منحنيات معقدة ومنحدرات خطرة ومغبّات لم تخطر على البال. لا أذكر أني في أي مرحلة عشت أيامًا هادئة، أو حتى رتيبة.. إنّ الرتابة ترف، هذا النمط الثابت من الحياة - وإن كان مُمِلًّا - يتمناه كل من يفتقر إلى السكون والاستقرار، أما أنا فلم تمضِ حياتي لوقت طويل على نسقٍ واحد، كان هناك دائمًا ما يؤدي دور الصاعق الكهربائي، ينفضها فيشلُّ حركتها أو يقلبها رأسًا على عقب، ووسط بواعث الانكسار والاحتراق والذبول وجدتُ أني ملزمة بإقامة حراك معارض يتناسب مع رغبتي بالبقاء، انتفاضة ناعمة، مقاومة سلمية، ورفض مهذّب للاستسلام، أتصدّى بها لنزعة الحياة إلى تدميري فتؤجل عقوبتها أو تخفف قصاصها، وفي ذلك فسحةٌ للروح. "
لم تكن من الروايات المُسَلَمة بطريقة اعتيادية، رواية لها وقعها الخاص على جوارحي.. استلمتها هدية مطرزة بأكاليل الحُب و بمنتهى الجمال و الرقة.. كَـ رقة صاحبة الرواية ذاتها.. صاحبة الحس المرهف و الروح الوهاجة الألقة و المتقدة نورًا مُشعًا و فكرًا وضاء مُمتلىء بِكُل ما اختلج العالم من مشاعر في أبجدية أدبية أخاذة تصيغها لنا في قوالب تلامس شغاف القلب من واقع نعيشه، تنطق كلماتها عما عجزنا من البوح به.. تحت شجرة السدر في أول سطورها شقت دموعي طريقها في قضية إنسانية حساسة تبدأ من داخل الأسرة و علاقتهم بِبعض و كيف يلعب الأبوان دور المسؤولية العظمى فيما يترتب عليه من تنشأة داخل نفسية الفرد حتى ينعكس شخصه خارج محيط العائلة و بالتالي المجمتع من حوله.. دراما أجتماعية مؤثرة للغاية صورت صراع عمّار الذي مصاب بالأكتئاب الحاد و توأم روحه ماريا في الرحم و المخاض و قصص حُب أُجهضت في أول المطاف و لكن أبدعت الجابر في كسر المألوف إلى الا متوقع بحبكة تفاؤلية أضفت على الرواية بارقة الأمل و روح الحياة رغم النهاية الحزينة التي قطعت نياط قلبي بالبكاء و النحيب.. هيكلت هناء الرواية بصياغ أدبي بديع و جدًا رشيق في انتقالاتها و وصفها المواقف و الأحداث بطرق مختلفة شتى مشوقة للغاية، حبكت العلم و الفن في أحداث الرواية بسرد لطيف و ساحر .. لطالما توقفت على بعض السطور لأُمعن النظر في عمق معانيها و جماليتها و حجم وقعها علي.. الرسالة التي أرادت الجابر ايصالها لنا عبر أبطالها و شخصياتها في اتخاذ قرارتنا تجاه ما نريد نحن من الحياة و ليس ما تريد الحياة لنا.. التغيير في سلك اعتدنا على مضيه و صعوبة تركه كالعمل أو شريك الحياة.. قرارات ليست بالسهلة و لكن تتطلب شجاعة كافية و حاسمة.. معنى الحُب و ماهيته و من يتقلده بالشكل الصحيح.. علاقة الأسرة مع بعضها و الأمان المنشود في ميثاق الدم.. تحت شجرة السدر.. كانت حكايات و ذكريات لا تفارق من عاش طفولته تحت جناحها الوارف، يتشارك الأغلب بحنين موجع لرمز كبير أشعره بالدفء و الحنان، بالحُب و الأطمئنان تحت ظِل الأمان.. بالرغم من غزارة صفحات الرواية، إلا انني لم أتمنى ان تنتهي من روعة أحداثها المثيرة و بقدر أن أصل إلى ما يريح مرارة الخاطر من الألم الناجم، إلا أن واقعية هناء الجابر، حَدّت من تتابع الصفحات إلى نهاية منطقية و منصفة للغاية ..
تتناول الرواية جوانب حياة احدى تلك العائلات التي قلما حظيَ أبناءها بأيام هادئة يكسوها الأمان. فبين المسافات الشاسعة -نفسيًا وجسديًا- بين أفراد الأسرة، وبين قسوة الأب وعجز الأم، تنمو وتترعرع داخل أبناءها ظلالٌ سوداء، تلك الظلال الخفية التي تشل المرء من الداخل فيظل حبيسها، عاجزًا عن المضي قدمًا عاطفيًا ونفسيًا. فتسلط الضوء على الأثر الذي يخلّفه فقدان الأمان داخل أسوار الأمان نفسه، فلو تجسد الأمان لم يكن إلا الأسرة. لعل أنسب وصف يعبّرعن الرواية هي أنها "دافئة". خياليه من جهة وواقعية من جهة أخرى، تشدّك إليها، تسحبك إلى عالمها تارة وتعيدك لِعالمك تارة أخرى بإسقاطاتها على الواقع فترى ما حولك من خلال عدستها. ويتجلى ذلك في القضايا التي تتناولها بين طيّات أحداثها، ففي اللحظة التي ينكسر قلبك حزنًا في إحدى محطاتها، وتُذكر نفسك سريعًا بأن ذلك كله من نسج الخيال، تعلم في قرارة نفسك بأن تلك الأحداث ليست مجرد نسج خيال أو حبرٍ على ورق، بل أبعد من ذلك .. وأقرب إليك. كما يظهر في شخصيات الرواية، فكل واحدة منها تتميز بسماتها الخيالية وطابعها المتفرد، لكننا مع ذلك نرى انعكاساتها في من حولنا من قريبٍ أو صديق .. أو حتى غريب.
أحمد الله أنني كنتُ أقرأها دون وجود أحدٍ بجانبي لأنه كان ليعتبرني مجنونه أو مريضه هههه فكنتُ أضحكُ تارة وأحزن تاره، ابكي حتى تتغبش الرؤيا وماألبثُ أن ابتسم كنتُ أرى نفسي بها .. أحسست أنني أُشبه عمار بتعبيري عما أشعر، أشبه قلق ماريا على غيري، هدوء راويه وطريقة حُب زياد. كان كل شي جميل وحنون.. أصبحتُ انجز أعمالي بسرعة لأكافئ نفسي بفنجان قهوة مع هذه الروايه.
دراما اجتماعية تتناول فيها الرواية العديد من القضايا، فتصوّر تأثير البيئة في تكوين شخصية الفرد، وأهمية دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية .. كذلك تلقي الضوء على أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا وهو الاكتئاب.. وترصد إحدى المشاكل الصحية التي تشكل تهديدًا للمرأة وتؤثر سلبًا على حياتها.
"أرى أنَّ الفن وسيلة لتصحيح عيوب الحياة، وتعويض النقص وسدّ القصور الدائم فيها، هو بذلك يحقق التوازن بيننا كبشر والعالم من حولنا" بعض الكتب تتركك مشدوه ومغمور بالمشاعر، الترابط بين الرواية وامتزاج المشاعر جعلني انسجم في أحداثها حتى سرقت النوم من عيني بضع ليالٍِ حتى أنهيتها، أحسنتِ يا هناء!
تستشعر معها طعم التعاسة في قرارات أخذت منّا ملامحنا رواية تحت شجرة السدر، للكاتبة هناء جابر، مزيج ذكريات لأحداث اجتماعية وأسرية، وأحوال فردية، بدون خيال مفسد، أو مصادفات عجيبة، هي الواقعية التي تضفي على الحكاية صبغة درامية تخرجها بمظهر الواقعية الحية. يقول أومبرتو إيكو: "الأدب هو الذي يبقي اللغة حية، فالأدب يصنع من الحكايات والشخصيات جسداً مشتركاً، ينفخ فيه كل كاتبٍ من روحه، ويترك على هذا الجسد بصمته الخاصة". تتابع وتسارع الأحداث يجعل السرد متوتر، وممتع، تطرزه الاقتباسات الفلسفية واللغوية. من الأشياء التي اجادتها الكاتبة في نظري، هذه الشخصيات المبنية بمهارة، وهذه الأصوات المتفاوتة التي استطاعت أن تخلقها الكاتبة في بيت ماريا وأهلها، وما يدور في فلكه، فكل شخصية في الرواية لها صوتها الخاص، ومكونها الخاص، وقد أبدعت الكاتبة في رسم تلك الشخوص بطريقة فنية رائعة. وغمرتها بالعاطفة الأسرية والحب من جهة، والقسوة والا مبالاة من جهةٍ أخرى، والذي كانت الكاتبة في منتهى الصدق في وصفها، مما يدل على احترافية وذكاء في سردها، لتكون الحكاية أكثر واقعية، مع تنقلها السلس بين الماضي والحاضر؛ " الحياة دون حُب تكفّ عن أن تكون حياة. هذا ما أدركته مع زياد، حين اكتسبت به حياتي معناها. لم يتغيّر شيء فيها، فأبي ما زال يانج كالبحر ويثور، وأمي ما زالت تقاوم وتفرّغ ضغوطها بتكسير الأطباق، وعمار ما زال طريداً ومنبوذاً، ومريم ما زالت تمعن في البغض والعداء، أما أنا فصرتُ أتعايش مع كل هذا بصدر رحب، وكأني خضعت لعملية تطورية تزيد من فرص بقائي في هذه البيئة وتجاوبي مع تحدياتها"، لقد جسدت الكاتبة هناء جابر بلغتها الشاعرية والأدبية مقولة متخصصين الاجتماع (السعادة أن يكون عملك هوايتك، وزوجتك حبيبتك). وبأن البيت والعمل هما اله��اء الذي يتنفس فيه الإنسان رجلاً كان أو امرأة. فإن كان سعيداً فيهما وبهما فإنه يعيش في الهواء الطلق ويتنفس أنساماً عذبة طاهرة تملأ حناياه وخلاياه بالصحة والراحة والمرح والسرور. والعكس صحيح، وان كان الإنسان شقياً في بيته وعمله، غير موفق لا في زواجه ولا في عمله فإنه يعيش في جو كاتم خانق للأنفاس قابض للروح طارد للسعادة ومجلباتها. ودار رحى الكاتبة على دور الوالدين في البيت والعلاقة بينهما التي تمثل روح البيت وقلبه فإما ان تكون روحاً طاهرة رافعة راقية، بها يستوطن ويسود الحب والتفاهم والاحترام والاحساس بجمال الحياة وينشأ الأطفال في جو من المودة والمحبة والحنان والاحساس بالرضا والأمان. ” لا شعور تحتاجه النفس البشرية كالأمان، هو الأساس لكل شيء، هل يمكن للإنسان أن يعيش هانئاً مستقراً بعد أن يفقد الأمان داخل أسرته، بيئة عمله، وطنه، علاقاته الشخصية، إن نمط حياة الفرد وسلوكه واتخاذه القرارات وقدرته على الصمود وعدم الانهيار في المواقف الصعبة والنكسات، تتأثر بوعي أو دون وعي بمستوى إحساسه بالأمان”. جاء هذا السرد على لسان الابنة ماريا ودارت معظم الأحداث حولها، تأثرت وأثرت بما يجري في بيت العائلة ذو العلاقات المتوترة والملتبسة. كذلك سلطت الضوء على أحد أكثر الاضطرابات النفسية انتشارا وهو الاكتئاب الناتج عن ذلك الخلل في الممارسات التربوية الخاطئة؛ "من هو عمار؟ إنسان مهزوز وجد نفسه مغروساً في بيئة غير مستقرة، يشعر بالمهانة وعدم تقدير الذات، عاجز عن إدارة حياته، عن اتخاذ أي قرار، عن تبني موقف، عاجز حتى عن الدفاع عن نفسه." رواية تجذبك بواقعيتها وحكاياتها، ربما تبدو الرواية للقارئ من الوهلة الأولى، ليست أكثر من قصة لأسرة مختلة، لاسيما أنها حملت اسم «تحت شجرة السدر»، ولكنه ما إن تدخل إلى عالم الرواية حتى تتفاجأ بأنك وقعت في شراك حكاية طويلة ومتشعبة، كتلك الشجرة وأغصانها، وحركات ظلالها. مقتطفات من الرواية: - - إن من أجمل التجارب الحياتية وأشدها دفئًا وحميمية، مشاركتك سريرك مع شخص تحبه. تركنان إلى السكون معاً، تنخفض درجة حرارة الجسمين، تنفصلان عن الإحساس بالبيئة المحيطة، ثم تمران بأطوار النوم بشكل متوافق. مشاركة النوم، مشاركة جسدية نفسية انغماس ثنائي بطرد الوحشة ويفضّ حالة الغربة في أقصى درجاتها. - رفعت حينها عينيّ لاتحقق من وجهه، كم تأسرني لمعة الحب حين ألمحها في عيون الآخرين. وكم يؤلمني انطفائها. - انصهرت الشمس في مشهد الغروب الدموي لتنطفئ هي أيضًا، زفت الريح، فأصابت شجرة الجهنمية رعدة ونفضت أزهارها على الطاولة، الدفعة الأولى من النسيم الليلي الباردة بدأت تلوح، وأمام تواطؤ الطبيعة هذا، أشعر بحزني يتفاقم. - تعاقب وتجمع الكروب أحيانًا يخفف من شدتها، وكأن نزالا خفياً يحدث بينهما، وفي اعتدائها بعضها على بعض ما يضعفها، فلا تنال منّا مبلغاً لا نحتمل معه صبراً. - الاحتضان، محطة يقف فيها الإنسان لينزل أمتعته الثقيلة ويستريح لدقائق من وعثاء سفره في الحياة... أدركت حينها كم كنت هشة وذابلة وباهتة ومتعبة وخائفة وجبانة وعاجزة ومفلسة ومهزومة، وشعرتُ بأن قلبي يكاد يصرخ، وأن ساقي تذوبان، وأني أتلاشى ببطء. - هل يمكن لإنسان برأيك أن يحلّ محل الراحلين ويمحو الآثار؟ لا ولكنه قد يستميل النفس ويشغل القلب به فيصرفه عن أثرهم.
رواية إجتماعية عاطفية تناولت فيه الكاتبة عدة قضايا إجتماعية واقعية، كمرض الاكتئاب وكيف يهوي بالشخص إلى الهاوية وكيف تكون نظرة الناس إليه، علاقة الوالدين وتفككهم الأسري وما يؤول إليه، الخيانة الزوجية التي تنتهي غالباً بالطلاق والفشل.
رواية عاطفية رائعة بتلك الأوصاف والمشاعر التي أحسست بها، وعلى الرغم من أن الفكرة ليست بجديدة إلا أن قلم الكاتبة وأحاسيسها لامست قلبي وأثارت فيني الأحاسيس والمشاعر وقد تركت تلك الرواية هي وشخصياتها شيئاً بداخلي أعجز عن وصفه 🤍✨
"كلما خزّن الإنسان مخاوفه تضخمت داخله، وتغذت على جسده وروحه، إلى أن تؤدي بهما إلى الهلاك". رواية إجتماعية تتناول نوع من العلاقات الأسرية المعقدة ودور الوالدين فيها، تطرح الرواية أيضًا مشكلة الاكتئاب عبر أحد الشخصيات التي أعجبتني والتي تعاطفت معها كثيراً. بالإضافة إلى إلقاءها الضوء على مشاكل إجتماعية أخرى مع شخصيات الرواية المختلفة والتي كانت أحد الأشياء التي تميزت بها الرواية وهي بناء الشخصيات وتنوعها، رواية واقعية بعيدًا عن الابتذال.