كان نیکولاس غوميز دافيلا رجلاً واسع الاهتمامات، وشذراته تعكس هذه الحقيقة. ورغم أنه كان إلى حد كبير متعلماً ذاتياً ًحيث تلقى تعليماً ثانوياً ممتازاً، لكنه لم يدخل الجامعة أبداً، واعتمد بدلاً منها على مكتبته العملاقة - يمكن يحق أن يعتبر أحد كبار مفكري القرن العشرين، ففي المجالات البحثية نجده يكتب في الدين، الفلسفة، السياسة، التاريخ الأدب الجماليات، وغيرها. ولكن إلى جانب هذه الاهتمامات البحثية، فان العديد من شذراته تفصح عن بُعدٍ أشد شخصية، مع ملاحظات حميمة حول أمور كالحب والتقدم في السن، كان غوميز دافيلا بكل الاعتبارات يعتز بخصوصيته، ويهتم في الأساس بالبحث عن الحقيقة بنفسه. فلماذا إذن قد يدون أفكاره وملاحظاته في شذرات ومن ثم يطبعها، ولو سرًا؟ من الوارد جدا أن غوميز دافيلا كان هو الآخر مجموعة أمثال تخريبية، لقد كان ينكر الأصالة، و يؤكد أنه كان يرغب في نيل الحكمة بنفسه، ولكن رغم إصراره على أنه لم يكن يحاول كسب أي أحد إلى أسلوب تفكيره، ربما كان يضمر بعض الأمل في ايقاظ بعض الأرواح من سباتها اليقيني. لم يلجأ غوميز دافيلا بالطبع إلى أسلوب صاخب أو سوقي لايقاظنا نحن المعاصرين له؛ فقد كتب شذراته بنحو يمكن معه لكل من يصادفها أن يستلهم منها حكمة قديمة، لكنها تظل جديدة أبدا. حيدر عبد الواحد راشد
القراءة الاولي ل / عن الفيلسوف والمفكر الكولومبي نيكولاس غوميز دافيلا، أو نيتشه الفكر اللاتيني كما أطلقوا عليه .. دافيلا ! أين كنت من قبل ؟ لم أقرأ عنك .. لم أسمع عنك .. أين كنت مختبئا؟ بصورة عامة، نحن لم يصل إلينا كثير من مفكري أمريكا اللاتينية، اللهم إلا بعض الأدباء الذين بدأ اسمهم يتكرر منذ فترة ... ولكن الفلاسفة، والمفكرين .. لا لم يصلنا كثير منهم ...
علي أية حال، كانت تجربة جميلة، شذرات منوعة .. تجمع بين فلسفة السياسة، وفلسفة الفن، وفلسفة التاريخ، فضلا عن بعض الشذرات الحرة التي تحدثك عن الذاكرة، الخيال، الحرية، والغباء ..!
- لن يجد القارئ حكما في هذه الصفحات. فجملي الموجزة ليست سوى نقاط ألوان في لوحة تنقيطية. - التقنية لا تحقق الأحلام الأبدية للإنسان، لكنها تحاكيها ببراعة. - كلما ازدادت جدية مشاكلها، ازداد عدد الرجال غير الأكفاء الذين تناديهم الديمقراطية لإصلاحها. - إن السبب في غباوات الديمقراطية هو ثقتها في المواطن المجهول؛ والسبب في جرائمها هو ثقة المواطن المجهول في نفسه. - الرواية تضيف للتاريخ بعده الثالث. - الرجل الأشد بأسا هو الأشد إجادة لإخفاء أمله. - الحكمة الأشد غطرسة تقف ذليلة أمام روح أسكرها الحب أو البغض. - إن المرور من کتاب ما إلى آخر يتم خلال الحياة. - التأثيرات الوحيدة في حياتنا هي الحقائق الصغيرة والبصائر الدقيقة - الإيمان الذي لا يجيد الضحك على نفسه يجب أن يشك في وثاقته. فالإبتسامة مذيبة للرياء. - إن جسدا عاريا يحل كل مشاكل الكون. - الجنس لا يحل حتى المشكلات الجنسية. - لا نرغب فقط في أن نتلمس الجسد الذي نحب، بل وأن نكون تلك اللمسة. - الحب في جوهره هو التصاق الروح بجسد عار آخر. - لنرفض الاقتراح الرذيل القائل بأن علينا التخلي عن الصداقة والحب لكي نطرد الحظ التعس. بل على العكس، لنمزج بين أرواحنا مثلا ننسج أجسادنا معا. وليكن الأحبة أرضا تمتد فيها جذورنا المتشظية. - الإنسان الحديث لا يحب، بل يلجأ للحب؛ لا يأمل، بل يلجأ للأمل، لا يؤمن، بل يلجأ للعقيدة. - كل من يهتم بقياس غبائه يجب أن يحسب عدد الأشياء التي تبدو واضحة في نظره. - مع تولد مشكلة جديدة من مشكلة تحل، فالحكمة تتمثل في ترويض المشاكل لا حلها. - مهما تكن فقيرة ومعوزة، ففي كل حياة هناك لحظات جديرة بالأبدية. - ليس المرء حكيما لأنه يقول الحقيقة، بل لأنه يعرف الأفق المحدود لما يقوله. - النضج يعني تحويل عدد متزايد من الأفكار الشائعة إلى تجربة روحية صادقة - الأعداء الثلاثة للأدب هم: الصحافة، علم الاجتماع، الأخلاق. - سرفانتس مسؤول عن تفاهة النقد الإسباني لسرفانتس، لأنه قدم كتابا متهكما إلى شعب يفتقر للتهكم. - لا يكون المرء ذكيا إلا حين لا يخشى الاتفاق مع الحمقى. - الذكاء الأصيل پری حتی أبسط حقائق الحياة اليومية في ضوء الفكرة الأشد عموما. - أعداء الإنسان الثلاثة هم: الشيطان، الدولة، والتقنية . - أعظم ما قد يطمح إليه إنسان يعرف نفسه هو أن يكون أقل ما يمكنه بغضا. - تدفق مستمر من الأخبار يقتحم الحياة اليوم، مدمرا صمت وهدوء الحيوات المتواضعة، دون أن يجردها من السأم. - أفضل مسكن للكرب هو قناعة أن الله يملك حس دعابة . - سیکفت التحريض قريبا عن كونه أداة للإيديولوجيا الديمقراطية کیيصبح إيديولوجيا الديمقراطية ذاتها. - عديم النفع... كثورة. - تائب... كثوري منتصر - القيم، كالروح، تولد في الزمن لكنها لا تنتمي إليه. - التعليم يعفي المرء من واجب التعلم. - هناك أمية في الروح لا تشفيها أي شهادة . - إن مشکلات دولة «متخلفة» هي الستار المفضل للتهرب اليساري. فلأنه يفتقر لمنتجات جديدة يقدمها للسوق الأوربي، يروج المثقف اليساري بضائعه الكاسدة في العالم الثالث. - يلزمنا العالم الحديث بتفنيد الأفكار الحمقاء، بدلا من إسكات الحمقى. - شعار اليساري اليافع: الثورة والكس. - كل عمل فني يحدثنا عن الله، أيا كان ما يقوله. - الإيمان ليس المعرفة بالموضوع، بل التواصل معه. - الإحباط هو الخصيصة النفسية المميزة للمجتمع الديمقراطي. - فحين يحق للجميع أن يطمحوا إلى القمة، يصبح الهرم بأكمله تراکها من الأفراد المحبطين. - إن الحدث الرئيس في هذا القرن هو التفجر الديمغرافي للأفكار الحمقاء. - ليس الإنسان سجينا، لكنه يسجن نفسه. - الأفكار الأقل تأثيرا في السياسة هي الأفكار السياسية . - ليس من العدل أن نوبخ كتاب اليوم على ذوقهم الرديء، حين تكون فكرة الذوق نفسها قد تلاشت. - لا يموت الأدب لأنه لا أحد يكتب، بل حين يكتب الجميع. - كان الناس أغنياء روحيا، حتى قرر أنصاف المتعلمين أن يعلموهم. - الإنسان الوحيد الذي يشكر الحياة على ما منحته، هو الذي لا يتوقع منها كل شيء. - ما لم ترث تراثا روحيا يفسرها لنا، فإن تجربة الحياة لا تعلمنا شيئا. - إن عضو المتعة هو الذكاء. - لقد اخترعت الإيديولوجيات كي يتمكن من لا يفكرون من الإدلاء بآرائهم. - لا تعتبر الهزائم ماحقة حين تتقبل بمزاج حسن. - يتعامل الإنسان الحديث مع الكون کا يتعامل المجنون مع الأبله. - ليس العقل بديلا عن الإيمان، كما أن اللون ليس بديلا عن الصوت. - لم تعد الليبرالية الحديثة تدافع عن أي من «حقوق الإنسان» سوى الحق في الاستهلاك. - إن الجدية الفكرية الصادقة لا تعبس، بل تبتسم. - التفلسف لا يعني حل المشاكل، بل عيشها عند مستوى ما. - أفكار اليسار تحدث الثورات، والثورات تنتج أفكار اليمين. - أفهم الشيوعية كاحتجاج، وليس كأمل. - الرجعي هو حارس كل إرث. حتى إرث الثوري.
كان نیکولاس غوميز دافيلا رجلا واسع الاهتمامات، وشذراته تعكس هذه الحقيقة. ورغم أنه كان إلى حد كبير متعلما ذاتيا -حيث تلقى تعلیما ثانويا ممتازا، لكنه لم يدخل الجامعة أبدا، واعتمد بدلا منها على مكتبته العملاقة الشذرات، وفقا لغوميز دافيلا، أشبه بالبذور التي تنطوي على وعود «بتداعيات لا تنتهي». وجه آخر للتفكير في تلك الشذرات هو القول بأنها أشبه بقمم الأفكار، تسمح للقارئ بتخيل الجبل الضخم الذي يقف تحتها. وهكذا فإن العدد الهائل من الشذرات يجعل من التأمل الميتافيزيقي الطويل الذي حلم به غوميز دافيلا أمرا ممكنا؛ فكل شذرة تضع الأخرى في سياقها الصحيح، ولو نظرنا إليها مجتمعة، فستوفر خطوطا عامة للنص الضمني المقصود بالعنوان. ولكن المهم أيضا في نظر غوميز دافيلا أن هذه الشذرات، مع توفيرها السياق بعضها البعض، لا يمكن أن تشكل نظاما قاتلا للفكر.
شذرات فلسفية في كل مجال السياسي تاريخي. ديني. اجتماعي.. عن قالب الحياة. شذرات عديدة تتركك كل شذرة فيها إلى التمعن الشديد.. لذلك يتوجب الرجوع إليها مرار كي تفهم أكثر. لقاء جميل مع مفكر كولومبي وتجربة جديدة ممتعة.. بعض الشذرات : +إن انتشار الثقافة قد أدى لتمكين الأحمق من الثرثرة حول ما لا يعرف. +الرفض يقلقنا و الموافقة تشوشنا. +الجمال لا يفاجئنا، لكنه يملأنا حتى نفيض. +كونك محقا هو سبب إضافي لعدم تحقيق أي نجاح.