What do you think?
Rate this book


304 pages, Paperback
First published January 1, 2008
بطل الرواية ليس فلاني لو ترتاني و لكن البطل هنا هو الأرض. أرض السواد
إذا الله راضي علينا. و خلصنا من طلايب البدو و غيرهم. و ارتاح راسنا من المشاكل. راح يتحول العراق إلى جنة. و مثل ما سوّى والي مصر راح نسوّي: الجيش. السلاح . المعامل. المدارس. الجوامع. بس نريد نخلص من دوخة الراس. من هذه المصايب اللي تتدردب علينا من كل صفحة. و كل واحد يقول هات ... أو ما عندي.
و لابد من تجنب الشرقيين في حالتين: حين يكونون منتصرين. أو يظنون ذلك. و وقت الهزيمة. لأنهم إذا انتصروا يتملكهم غرور يتوهمون معه أن لا أحد يوازيهم في القوة و الذكاء. مما يجعل التفاهم معهم صعبا إلى أقصى حد. إن لم يكن مستحيلا. أما إذا هزموا فإنهم يصبحون كالحيوانات الجريحة. لا يمكن أبدا تقدير أفعالهم. أو ردود أفعالهم. إزاء العدو و الصديق. إذ يمكن أن يرتكبوا عنفا دمويا لا يخطر ببال.أراد منيف أن يقارن بذكاء طوال أحداث الرواية بين دولتين ناشئتين في الشرق الأوسط بدايات القرن التاسع عشر. دولة محمد على في مصر و دولة داود باشا في العراق. كلتاهما تابعة للدولة العثمانية – غنية بالموارد – يحكمها حفنة من المنتفعين من غير أبنائها – بها الكثير من القلاقل – يضع المستعمر البريطاني عينه عليها لتأمين مستعمراته في الهند و طرق تجارته – لا يعني الدولة العثمانية منها إلا ما تضخه من ضرائب. ظروف تكاد تكون متطابقة إلا أن طبيعة داود باشا الحذرة منعته من تكرار مغامرة محمد على التي لمح لها منيف كثيرا خلال الرواية و ترك الباب مفتوحا في النهاية و كأنه سيستأنف بث الحكايات من أرض السواد فيما بعد أو أراد أن يتيح لنا الفرصة للتنقيب في بطن التاريخ فمن لا يتعلم دروس التاريخ لن ينجو من حاضره و لن يكون قادرا على البقاء حتى و لو في أرض السواد.
عبقرية الشرقيين تتجلى في حالة واحدة. يحتربون و يريقون الدماء بسخاء. ثم يتصالحون. و لا تعرف لماذا تحاربوا و كيف تصالحوا. و هذا ما يجعل اعتماد المنطق في تفسير هذه الحالة يقود تماما إلى الموقف الخاطئ.