سيرة جميلة وخفيفة لرجل نهض بنفسه من الجهل إلى العلم ومن الفقر إلى الغنى قرأته دفعة واحدة.
محمد بن إبراهيم الخضير (مواليد القصيم ١٩٢٦ م) هو رجل أعمال ورائد في التعليم الحكومي والخاص. عمل بشركة أرامكو لفترة ودرس في مدارسها وعمل في الخرج كمترجم وأنشأ مدرسة فيها وبنى أول مكتبة في نفس المدينة. قضى وقت كبير في خدمة المجتمع إلا أنه ركز على مهنة التعليم وبناء المدارس والمكتبات. وهو مؤسس ومالك مدارس التربية النموذجية الخاصة وعدة شركات أخرى.
السيرة مكتوبة في الأساس كرسالة لأولاده وأحفاده وهو يحثهم على حفظ إرثه الذي تعب فيه ويحثهم على التعلم من سيرته. يقول المؤلف: إن هدفي الأول من التدوين هو أن أُبقي لأولادي وأحفادي وذريتي المتعاقبة حكايتي التي تماثل قصص بعض المعاصرين لي بما فيها من تعب وكد وشظف كي يعلموا شيئا من تراث أوائلهم وسيرهم، ويتعلموا من دروسها وثمارها، ويتجنبوا عثراتها وأشواكها، وهذا من واجب الأبناء والأحياء على الآباء والأجداد.
وقد ختم كلامه بهذا القول: إن سعادة الحياة الدنيا ليست في المال والجاه والماديات، هذا ليس تنظيرا بل من معايشة واقعية، فقد ذقت طعم الفقر المرير وعانيت من ﻷوائه، ومارست العمل وكابدت المشاق، وخضت في لجج المصاعب والورطات والتجارب، ثم أصبحت معدودا من طبقة رجال المال واعمال وقمين بمن هذه صفته أن يكتسي قوله بلباب الخبرة، وﻻ يكون فلسفيا أو تجريديا محضا. تكمن السعادة الحقيقية في الرضا الداخلي، والتصالح مع الذات، ونفع المجتمع القريب والبعيد، واﻻبتعاد عن المشين من أقوال وأفعال والمواقف، ومن استطاع جمعها كلها أو جلها فهو السعيد الذي يغبط، وحياته هي النموذج المقتدى، ومن فقدها غرق في محيط الشقاء المظلم. وأما اللذة بل كل اللذة، فهي في كتاب تقرؤه، ووليد تلاعبه ونخلة تغرسها، وجهل ترفعه، ومستغيث تنجده، ومدرسة تقيمها وعلم تنشره...
أتمنى لو يحذو رجال اﻷعمال اﻷخرين ورجال العلم والتجربة في الخليج وفي السعودية باﻷخص حذو مؤلفنا هذا لتتعلم الأجيال الصاعدة من تجارب من سبقهم. ولو انتشرت عندنا كتابة السيرة الذاتية التي هدفها تعليم الناس من التجارب الشخصية لزاد وعي المجتمع وارتقى بشكل كبير.
جميل أن يكتب الآباء والأجداد سيرتهم التاريخية، لاسيما أولئك الذين يحملون تجارب ثرية، والكاتب واحد من أولئك المتميزين الذين سطروا رحلة حياتهم لأبنائهم وأحفادهم وجميع القراء، كتاب جميل وممتع، نتمنى مطالعة كتب أخرى، يحمل قيمة معرفية تثري العقول.
This entire review has been hidden because of spoilers.