تشكل رواية «الأم» شهادة فريدة للاعتراف بدور الأم في حياة مؤلفها الكاتب الصيني بنغ شويه مينغ. فهي تربط حياته القديمة بحياته الآنية بغرض تحديد هوية الذات من خلال الكتابة. ولكن الوصول إلى هوية الذات ليس شيئاً سهلاً، لأن هذه الذات منفتحة على عناصر أخرى تلعب الذاكرة واللغة والخيال في صوغها لتظهر بأكمل وجه. والمتأمل لرواية «الأم» يجد أنها تقدم جانباً سيرياً في حياة راويها وذلك من خلال شواهد يستحضرها إلى مسرح السرد "حقائق ذاتية حياتية معيشة" تتم مقاربتها من منظور نفسي، يُمكن للقارئ تتَّبعُ مضمونها في العمل من خلال إشكاليَّة الأم بين الواقع والمثال، فهي تبحث في فكرة وجود الأم ومن ثم غيابها وأثره على الأبناء. فالكاتب يذكر سوء تفاهمه مع أمه وإهماله لها والأضرار التي تسبب بها وندمه على فراقها، لذلك يحاول التكفير عن ذنبه بالكتابة ويتمظهر ذلك من خلال استبطان عميق للذات/ الساردة والاعتماد على لغة البوح والشاعرية. أما في الواقع فقد قطع آلآف الكيلومترات من بكين إلى شيانغشي لاقتفاء أثر أمه، وللبحث عن جذوره ولكن بعد فوات الأوان أي موتها.يقول الكاتب/ الراوي: "حياة أمي معاناة. حياة أمي أسطورة. أمي سيرة حياة لا تموت، أمي روح لا تُقهر، تُضحّي في سبيل ابنها، قلبها واسع سعة بحر، لا يحتويها كتاب". وهذا الكتاب «الأم» يعتبر النسخة الصينية لكتاب «الاعترافات» للأديب الفرنسي المشهور روسو حيث أثار الصدى لدى جميع البنات والأبناء في العالم لمراجعة كيفية التعامل مع أمهاتهم والحث على الحرص عليهم وبِرّهم في حياتهم. والكتاب "يتضمن النسخة المعدلة لرواية الأم من دار الأدب والفنون بشاندونغ 270 ألف مقطع صيني وظلت في رفوف الكتب المروجة في المكتبات الصينية منذ إصدارها عام 2011 وأصبحت من المواد التعليمية الأدبية في المدارس والأجهزة الحكومية الصينية".
كتاب بديع مؤثر و حقيقي جداً . أولاً الكتاب ليس رواية عبارة عن سيرة يسرد فيها الكاتب حياة أمه مع ذكر تفاصيل لتاريخ الصين طوال تلك الفترة و خاصةً حياة الريف . كتاب احتوى على عدة مواقف مؤثرة جداً و عميقة تبين عظمة الأم و صبرها و تحملها من أجل أبنائها. لا أعلم فعلاً لماذا الكتاب غير معروف لا أرى إي أحد يتحدث عنه كتاب فعلاً يستحق أن يقرأ أكثر من مرة . الترجمة ممتازة نقلت الكتاب بشكل رائع. من أكثر الأشياء التي أحببتها في الكتاب: ١_موقف أمه من استغلال زملائه له في المدرسة ٢_موقف أمه من توزيع اللحم في يوم الصيد ٣_اصرار أمه على تعليمه مهما كان الثمن حتى عندما شلت لم تتوقف عن دعم ابنها و عندما قبل في الجامعة كيف تأملت وثيقة القبول و هي حتى لا تعرف القراءة و لا الكتابة ٤_تربيت الدجاج عند رئيسة محافظة ٥_بناءها لمنزلها بيديها و يدي ابنتها ٦_علاقة الأم مع أزواجها ، من موت اب ابنها و طريقة زواجها من زوجها الأول و ظلم زوجها الأخير لها ٧_قسوة ابنها عليها في كثير من المواقف منها : تركها عدة مرات لمدة طويلة جداً دون السؤال عنها سواء ً عندما كان في المدرسة أو عند صديقته ٨_علاقة الأم مع جيش التحرير ٩_ندم الابن بعد فوات الأوان حيث لم يشعر بقيمتها إلا عندما فقدها إلى الأبد ١٠_موقفه مع أخته من سرقة الخيار وردة فعل الأم على ذلك و الكثير الكثير من الأمور التي احتواها هذا الكتاب البديع و التي صعب فعلاً تلخيصها ، و كان تجربة ثرية و قراءة قيمة.