هو مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي أديب مصري من أم تركية قام بالكثير من الترجمة والاقتباس من بعض روايات الأدب الفرنسي الشهيرة بأسلوب أدبي فذ ,و صياغة عربية في غاية الجمال و الروعة.لم يحظ بإجادة اللغة الفرنسية لذلك استعان بصاحب له كان يترجم الروايات و من ثم يقوم هو بصياغتها و صقلها في قالب أدبي رائع . كتاباه النظرات والعبرات يعتبران من أبلغ ما كتب بالعربية في العصر الحديث.
ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في منفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط في سنة 1289 هـ الموافق 1876م ونشأ في بيت كريم توارث أهله قضاء الشريعة ونقابة الصوفية قرابة مائتى عام ونهج المنفلوطى سبيل آبائه في الثقافة والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو دون الحادية عشرة ثم أرسله أبوه إلى الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده وقد أتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده وبعد وفاة أستاذه رجع المنفلوطى إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الأدب القديم فقرأ لابن المقفع والجاحظ والمتنبي و أبى العلاء المعري وكون لنفسه أسلوبا خاصا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه.
المنفلوطي من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر، كان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه. وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي وكان على خلاف مع محمد عبده، ونشر في جريدة المؤيد عدة مقالات تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف ووزارة الحقانية وأمانة سر الجمعية التشريعية، وأخيراً في أمانة سر المجلس النيابي.
للمنفلوطى أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأى وتدابر حولها القول وقد بدأت أعمال المنفلوطى تتبدى للناس من خلال ما كان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح والهلال والجامعة والعمدة وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهي المؤيد وكتب مقالات بعنوان نظرات جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء.
كتاب جمع فيه المنفلوطي مجموعة من النصوص الفصحى، وأي فصحى!! المختارات جاءت في مواضيع مختلفة، ولا يمكن للقارئ المرور عليها مر الكرام، فغالبا ما كنت أعيد قراءة الفقرة لتشرب معناها والاستمتاع بها
٠٠ ولا تعتمد في حياتك إلا على نفسك و لا تحصد غير الذي زرعته يدك فإن لم تجد معلما يعلمك فعلم نفسك و الزمن ,خير مؤدب و مهذب وإن ضاقت بك المدارس فادرس في مدرسة الكون ففيها علوم الحياة بأجمعها
إن كانت القراءةُ - كما يقال - هي غذاءُ الرُوح، فإن قراءتي لأدبِ المنفلوطي هي الغذاءُ الصحيُّ المُقَدَّمُ في أطباقٍ رائعةِ الألوانِ أخَّاذةِ المنظر !! .. يستغرقُني كلامُ هذا الرجلِ لدرجةٍ أنسى عندها أنني أقرأ، بل أجدُني سابحاً في جوِّ من عطرٍ ملائكيٍّ ساحر، أو كأنني غافٍ وَسْطَ حُلمٍ جميلٍ يظلُ كذلك مهما انطوت أحداثُه على آلامٍ ونوازل .. ولا أدري حقاً كيف يمزجُ هذا الفكرَ الرائقَ الشفافَ بهذا الأسلوبِ الحُلوِ المذاق، ويصنعُ منهما عسلاً مصفىً فيه شفاءُُ للناس.. !! والمنفلوطي فيما يكتُبُ خطيبٌ وليس صديق، بمعنى أنك مع كتابِه لا تشعرُ بأن الكاتبَ يتبادلُ معك الحديث، وإنما أنت تصغي طوالَ الوقت ليتحدثَ هو، وبرغم هذا فهو حديثٌ رائعٌ ذو موسيقى وإيقاعٍ شديدَيِ العذوبةِ يجعلانه - كنَـثْــرٍ - هو إلي الشِعْرِ أقرب ، وصورٍ تُرسَمُ في النفسِ بدقة كوشمٍ من العسيرِ أن ينمحي، وأفكارٍ لها من الوضوحِ والتسلسلِ والمنطقِ ما يجعله يُفسحُ ويهيءُ للفكرةِ في عقلِك مكاناً قبل أن يضعَها فيه، لتكتشفَ أن الأفكارَ والمشاعرَ قد تراصَّت في وجدانِك وصارت بناءاً حقيقياً رائعاً يشُدُّ بعضُه بعضاً، بناءاً له كيانٌ شامخٌ إلى السماءِ، وجذورٌ ضاربةٌ في النفس !! الكتاب - على قِصَرِه- يتراوحُ بين القصةِ والخواطرِ والمقالِ النقدي والمقالِ السياسي والتأملِ الفلسفيِّ والغوصِ في أعماقِ شخصياتٍ عظيمةٍ كفولتير وأبي العلاء .. وقد أكدالكتاب فكرتي عن هذا الأديب، وأدخلني - من جديد - في العالمِ الذي لم يجد سكانه فرقا بين معنى "الأدب" الذي هو فنونُ الكلام، وبين معنى "الأدب" الذي هو صلاحُ النفسِ والارتقاءُ بها،لأن في كليهما تكمن روح الإنسانية، وكلاهما شديد الوضوح في أدبِ المنفلوطي .
أسلوب رائع و مقنع لا يخلو من المقالات الواقعية وهي في الحد ذاته تحمل الكثير من عناصر التشويق والكلمات المصاغه بتأنٍ ودقه
يحمل الكتاب نقاطاً مهمة، بل ترى كثيراً من المشاكل والمواضيع التي يناقشها من الحياة العمليه، وتعتبر مهمةً لنا جميعاً لأننا في بعض الأحيان نواجه ذات المشاكل، فهو يربط الواقع بالخيال ويوصل الفكرة بشكلٍ مبسط ليرسم في الذهن الصورة الصحيحه .. فما أجمل هذا الأسلوب الراقي الرفيع !
صدق من أطلق عليه لقب " أمير البيان " .. لأسلوبه تأثير خاص على النفوس كأنه يكتب بكل لسان .. ويترجم عن كل قلب ..
ثلاث نجمات للأسلوب الأدبي البليغ، الوصف الرائع والتشبيهات الساحرة. فيما عدا ذلك أجدني على اختلاف معه في أكثر من رأي يطرحه، خصوصًا حين يتحدّث عن المرأة، لا أظنه يراها إلا أقل من الرجل مكانةً وفكرًا وقدرةً على التصرف، اقتباس من الكتاب:"نحن نعلم كما تعلمون أن المرأة في حاجة إلى العلم فليهذبها أبوها أو أخوها فالتهذيب أنفع لها من العلم. وإلى اختيار الزوج العادل الرحيم فليحسن الآباء الاختيار لبناتهم وليجمل الأزواج عشرة نسائهم، وإلى النور والهواء تبرز إليهما وتتمتع فيهما بنعمة الحياة فليأذن لها أولياؤها بذلك وليرافقها رفيق منهم في غدواتها وروحاتها كما يرافق الشاة راعيها خوفًا عليها من الذئاب، فإن عجزنا عن أن نأخذ الآباء والأخوة والأزواج بذلك فلننفض أيدينا من الأمة جميعها نسائها ورجالها فليست المرأة بأقدر على اصلاح نفسها من الرجل على اصلاحها."
ولكن وإن لم أوافقه في بعض آراءه، لا يزال في نظري كاتب فريد مبدع وكتابه هذا جيّد ومقبول.
"صنع الانسان القوي للانسان الضعيف سلاسل واغلالاً وسماها تارة ناموساً وأخرى قانوناً ليظلمه باسم العدل ويسلب جوهر حريته باسم النظام" مجموعة مختارة من مقالات المنفلوطي .. اعتقد حسن الزيات قسى على المنفلوطي في مقدمة الكتاب
أخشى أن كل كتاب أقرأه أتحدث عنه، ولكن هذا الكتاب هو الذي دفعني لذلك دفعًا، والمنفلوطي دائمًا ما يسلب لبي وقلبي! كتاب من أروع ما تقرأ في الأدب، يتحدث عن الشعر ووصفه، والشعراء والمقارنة بين بعضهم، والتثر والإنشاء ويقارن بين الشعر العربي والغربي، يتحدث عن البيان والفصاحة والتعريب كل ذلك في قوالب فنية بديعة لأدباء قدماء ومحدثين، ثم في جزء من الكتاب نسق المنفلوطي باقة من بساتين الأدب في القيم والأخلاق والمعاني الرقيقة، فكان مسك الختام.
كتاب صغير وحلو وقيم، يحتاجه كل محب للأدب أو دارس له.
كتاب رائع جدا للمنفلوطي جمع فيه العديد من المقالات المختلفة والمتنوعة حول المجتمع والدين والتاريخ. يتميز هذا الكتاب بأسلوب رفيع في الفصاحة والبلاغة، لدرجة أنني كنت أعيد قراءة عدة فقرات حتى أستوعب معناها، إن كنت قد استوعبته فعلا.
الكتاب غني جدا ... يحكي عن المجتمع وبعض حوادثه ومشاكله وفضائله ... ضمن مجموعات مقالات جمعت للمنفلوطي ... بلاغة لا تكلف فيها .. لغة متينة ورصينة ... وحرفٌ حكيم وعالم..
يشبه هذا الكتاب الرائع كتاب "مختارات من أدب العرب" لأبي الحسن الندوي. جمع فيه المنفلوطي نصوص أدبية رائقة من الأدب القديم والحديث. قسم الكتاب إلى قسمين: باب الفصاحة والبيان (فيه قسم المنظوم وقسم المنثور) وباب الأدب والحكمة (فيه قسم المنظوم وقسم المنثور). يمتاز الكتاب بحسن اختيار النصوص. ولكن الغالب على الكاتب الاختيار من الأدب القديم وقلة الاستفادة من الأدباء في عصره. رغم ذلك، فالكتاب مرتع حسن لطلاب الأدب إذا راموا التمرس على قراءة النصوص الأدبية. وكتاب وداد القاضي أفضل منه، لأنه أشمل من حيث الاستقصاء. يقع الكتاب في أربعمائة صفحة. وهو الجزء الأول كما قاله المؤلف، وأظن أنه مات قبل أن يكتب الجزء الثاني. طبعه دار ابن حزم بعناية بسام الجابي. وقد اعتنى بالكتاب عناية جيدة إذ شكل جميع نصوص الكتاب ووضع حواشي على الألفاظ الغريبة مبينا معانيها.
هو كما قال عنه: "جمع فيه جيد المنظوم و المنثور منذ القديم الى الحديث في كل فن من فنون العرب و أغراضها تفيد الطالب في تهذيب بيانه و تقويم لسانه وصقل عقله و تعريفه بفضل لغته و قيمتها"
ااهيييم في كتابات المنفلوطي فهو راقي في اختيارمواضيع مؤلفاته الشاملة للدين والتاريخ والسياسة والمجتمع والفلسفة ايضا , اختار المنفلوطي اروع القصص المعبرة من عالم الخيال او الواقع تحمل في طياتها دروسا قيمة تنيرالالباب وتنعش القلوب ,لاحظت لقرائتي لكتب المنفلوطي انه كاتب فنان لكل ما تحمل الكلمة من معاني, وجدت النضج العقلاني في تحليله القضايا والعاطفة الجياشة في وصفه لأدق التفاصيل من خلال تعبيره الجميل ,بالاضافة الى حسه العالي في خلق التوازن بين الافادة والامتاع بفصاحته البليغة واسلوبه الراقي للثاتير في المتلقي وما اثار في خوالجي اكثر هي قصة الهاوية التي افتتح بها المختارات وكيف صور النفس الهاوية عن الاستقامة بسرد قصة صديقه الذي بذخ في ملذات الحياة حتى صار يدمن طريق الهوى دون رجعة فققد نفسه الشريفة وعائلته المخلصة وافضل صديق الى ان استيقظ بعد فوات الاوان وبعد ما اكل منه الندم ما اكل وصارفي مجرى التحسر والبكاء والالم.تليها قصة نفس الشاعر, ذلك الشاعر الذي رسم القدوة الاعلى للشعراء الاحرا تلك الروح الطاهرة التي فدت روحها للوطن الغالي كما افدته للحب العفيف .بعدها كانت قصة الاتحاد التي كشفت عن ضعف الامة الشرقية التي سقطت في مهب الاغراء والتبعية دون الرجوع للاصل والشريعة, فقد فضلت الانقسام والاختلاف بتعدد الرؤساء والاحزاب والتيارات والاراء . عوض الاتحاد والتعاون حتى اصبحت لا تدري ما تريد ولا ما يراد بها ولا تجد من يرد اليها رشدها ,ليوجه رسالة للامة الشرقية بضرورة الاتحاد والائتلاف بمبايعة الله والوطن على الحب والود والاخلاص بسلك طريق الهدى و الرشاد حتى تكون امة واحدة وموحدة دون الخصوع لذل الانقياد وتبعية الاوغاد المفسدين لان هذا ماجلبه الاختلاف, ثم قصة الحجاب وكيف صار اضحوكة العصر بتشويه قيمته والغاية من ارتدائه ليصور لنا حوارا دار بينه وبين احد الشباب المهاجرين وكيف احتقر المراة الملتزمة بحجابها بدعوى التخلف وعدم الانفتاح والتاقلم مع سيرورة العصر ليكون رد الكاتب قاسيا صريحا ومنطقيا باالاشادة بدور المراة المسلمة منذ زمن الملتزمة بحجابها وشرفها وعفافها وما اضر المراة اليوم سوى دعوتهم للانفتاح والعري والشهرة والاتجار بها كسلعة او الاستعراض بها لبيع المنتوجات والبضائع . وتظل المختارات افضل القصص التي تلهم النفوس بمزيد من القيم والعبر لاستيعاب مكنونات الحياة بشكل اوضح.
راااااائع جدااا لم أر أديبا أذهلني وصفه وأقنعني معناه وأعجبتني حنكته وطريقة تشويقه للقارئ واتساع المواضيع وثقافته الواسعة رغم أنه آلمني ما كتب في الصفحة الأولى من دار النشر في نقده حين قالوا أن أفكاره ساذجة وثقافته بسيطه فما رأيته أنه رجل سابق لعهده فصاحب مبدأ ويكفي أنه أديب حافظ للقرآن مما زاد من بلاغته وحنكته غير اتساع ثقافته للفلاسفر ة والسياسة وعلم الاجتماع ولغته الفرنسية وتراجمه للعديد من الكتب الفرنسية فمتى يكون رجل قد حمل من كل علم زهرة ساذجا
مختارات المنفلوطي هي مجموعة مقالات ورسائل كتبها المنفلوطي اهمها رسائل البعث الذي اراد منها ترجمة افكار وفلسفة أبو العلاء المعري، صحيح انه لم يكمل الرسائل الذي كان المقرر ان يكونوا 82 على عدد سنين ابو العلاء المعري ،ومقالة عن فولتير سرد فيها 3 قصص لضحايا الكنيسة والقوانين الجائرة يقشعر لها البدن .. ولا أنسى مقالة الشاعر جميلة جدا..
مختارات أدبية لطيفة، طبع منها جزء واحد فقط سنة 1330هـ - 1912م بمطبعة المعارف بمصر القاهرة. وقد ذكرها بطرس البستاني في أدباء العرب 3/268: مجموعة شعرية اختارها لطلاب المدارس، ولم يطبع منها إلا جزء واحد، مع أنها تبلغ ثلاثة أجزاء.
يقول المنفلوطي في مقدمة مختاراته: "أجمع لك يا بني في هذا السفر من جيد المنظوم والمنثور ما أعلم أنه ألصق بك وأدنى إليك وأنفع لك في تثقيف عقلك وتقويم لسانك وتحليل ما أسأرته الأيام من العجمة في قلمك ولسانك، فهززت لك دوحة الأدب العربي هزة تناثرت فيها هذه الثمرات الناضجة التي تراها بين يديك". وهي مقدمة جميلة ذكر فيها أسباب تأليفه للكتاب وسبيل الانتفاع منه، وضمنها آراء أدبية، ونصائح حقيق بطالب الأدب أن يعرفها. وأحب أن أعلق على بعض ما ذكره المنفلوطي رحمه الله في المقدمة، فقال: "عرفت حاجتك يا بني - أعزك الله - إلى كتاب يجمع لك من جيد منظوم العرب ومنثورها، في حاضرها وماضيها، وفي كل فن وغرض من فنونها وأغراضها ما تستعين باستظهاره، أو ترديد النظر فيه، على تهذيب بيانك وتقويم لسانك؛ وعلمت أنك لن تستطيع أن تجد طلبتك هذه في مختار من مختارات المتقدمين، ولا في مجموعة من مجموعات المعاصرين". فهنا نرى أن المنفلوطي قد حدد شروطا لهذه المختارات وهي كالآتي: 1- يجمع جيد المنظوم والمنثور، وقد عرّف في مقدمته بقاعدته في تحديد الجيد، فقال: "كل كلام صحيح النظم والنسق، إذا قرأه القارئ وجد في نفسه الأثر الذي أراده الكاتب منه على شرط ألا يجد فيه مسحة تدل على أن صاحبه يحاول أن يكون بليغا فهو بليغ". 2- يجمع من الحاضر والماضي، وقد وفى شرطه في انتقاء نصوص متنوعة من مختلف عصور الأدب العربي، إلا أننا نلحظ في هذا الجزء الذي بين أيدينا أنه يُغلِّب نصوص المتأخرين من أهل عصره فقد بلغت ثلثي الكتاب تقريبا. وهذا يرجع في نظري إلى رأي المنفلوطي في أدب المتقدمين، فقال عن العصر الجاهلي مثلا: "وعصر الجاهلية على ما أعتقد هو عصر الطفولة الشعرية، أي: أن الشعر كان فيه بسيطا ساذجا، لم يهذبه العلم، ولم تصقله الحضارة، ولم تتصل به أشعة الخيال فتنير ظلمته. فهو وإن كان أصدق الشعر وأجدره أن يكون صفحة صحيحة لتاريخ عصره، ولكن قلما يستفيد شاعر الحضارة من أكثره أكثر من المادة اللغوية". فهنا يصفه بالبساطة والسذاجة، ويرى أن أكبر فائدته لا تتعدى المادة اللغوية. وقال أيضًا: "وأحسب أن ما يتعلق من الشعر بالحماسة ووصف الحروب أسلحتها ودمائها وغبارها وأشلائها ووصف الإبل في مباركها والشاء في حظائرها والأبقار في مراتعها، هو آخر ما يحتاج المتأدب إلى النظر فيه في هذا العصر". فهي موضوعات مضى زمانها لا تناسب روح العصر كما يرى، وهذا فيه نظر. 3- يجمع كل فن وغرض من الأدب، ولا يمكننا التحقق من أنه وفى شرطه هذا أم لا لأننا لم نطلع إلا على جزء واحد، إلا أن قوله: "ولم أترك من ورائي في جميع ما تصفحته من دواوين الشعر ومجاميع الأدب وكتب المختارات إلا ما كان رديئا أو مشوبا بشيء من هُجرِ القول ومعيبه، أو بالغا من الشهرة والسيرورة منزلة لا يخطئها نظر الناظر، أو واقعا في منزلة بين الجودة والرداءة" يوحي أن الكتاب أفضل وأجمع مما طبع فقط في هذا الجزء.
وهو يرى رحمه الله أن مختارات المتقدمين والمتأخرين لا تفي بتحقيق تلك الشروط، وهذا نوعًا ما قد يكون صحيح إذا استصحبنا نظرته للموضوعات التي يرى أنها تكون ألصق بالمتأدب في هذا الزمان وأنفع له، مع رأيه في أدب المتقدمين. ويبعد جدًا القول أن المصادر الأدبية التي توفرت عند المنفلوطي كانت قليلة؛ فمن قرأ ترجمته يعلم أن أفضل كتبه العقد والأغاني وزهر الآداب ودواوين المتنبي والبحتري وأبي تمام والشريف الرضي وأفضل الكتاب عنده عبد الحميد وابن المقفع وابن خلدون في المقدمة وابن الأثير إذا لم يسجع كما ذكر بطرس البستاني، ويذكر شوقي ضيف عنه أنه قرأ للآمدي والباقلاني والقاضي عياض، وكتابه النظرات عامر بأسماء الأدباء الذين قرأ لهم. وقد ذكر رأيه في مختارات من قبله، فقسّم المتقدمين إلى: - نحوي لا تعجبه إلا شواهد العلم والأبيات المعقدة والنادرة. - أو لغوي مولع بالغريب ولا يرى غير شعر الجاهلية شعرا، ويحيل المنفلوطي هذا إلى النزعة التاريخية؛ فإن لها "سلطانا على نفوس المولعين بالشعر الجاهلي أكثر من النزعة الفنية". - أو راوية همه أن يعثر على بيت لا يعرفه غيره لقائل لا يعرفه سواه. - أو أديب جمع ما جمعه لعصر غير عصرك ومجتمع غير مجتمعك، فإن أفادك قليله لا ينفعك كثيره. - أو مطيل خلط الجيد بالرديء والغث بالسمين. - أو مقصر اختص بالاختيار عصرا دون عصر وبابا دون باب. وأما المتأخرون فهم: - تابع مقلد يعتبر التقدم في الزمن شافعا للمسيء والتأخر فيه ذنبا للمحسن. - أو خابط يختار بيده لا بصره، فيأخذ من كل كتاب صفحة، ومن كل ديوان ورقة. - أو عالم أديب يبالغ بسوء الظن في أفهام المتأدبين فيورد ما يشبه أن يكون مادة للطفل في هجائه.
واحتوى هذا الجزء الأول من المختارات على بابين: - الباب الأول: الفصاحة والبيان: وفيه قسم للمنظومات والأشعار، وقسم للمنثور. تجد فيه أبياتا لأبي تمام والبحتري والمتنبي وابن الرومي وحافظ إبراهيم، ونصوصا للجاحظ والمبرد والآمدي والباقلاني وإبراهيم اليازجي وشكيب أرسلان والرافعي ومحمد عبده وغيرهم. وهي نصوص بديعة مفيدة يطل فيها القارئ على حقيقة الشعر والبيان، ويتعرف على فضل اللغة العربية وإعجاز القرآن وبعض القضايا الأدبية.
- الباب الثاني: الأدب والحكمة: وفيه كذلك قسم للمنظومات والأشعار، وقسم للمنثور. وتجد فيه أبياتا لحاتم الطائي وكعب بن زه��ر والشريف الرضي وأبي العتاهية والمعري والبارودي وأحمد شوقي، ونصوصا لعلي بن أبي طالب وابن المقفع وبديع الزمان الهمذاني ومحمد بك المويلحي وغيرهم. وهنا يُنهل من مورد التجارب والخبرات ويُصقل العقل ويُتعلم الأدب ومحاسن الأخلاق، ويُتذوق في كل ذلك نصوصًا عالية الألفاظ فائقة الجمال سامية المعاني.
ختاما يحسن التنبيه أن بعض الناشرين وضع كتابا باسم "مختارات المنفلوطي" جمع فيه بعض ما كتبه المنفلوطي متفرقا في كتبه، وهو ليس هذا الكتاب الذي نتحدث عنه، فانتبه إذا قررت شراء الكتاب يوما ما حتى لا تقع فيما وقع فيه بعض أصحابنا :).
مختارات أدبية لطيفة، طبع منها جزء واحد فقط سنة 1330هـ - 1912م بمطبعة المعارف بمصر القاهرة. وقد ذكرها بطرس البستاني في أدباء العرب 3/268: مجموعة شعرية اختارها لطلاب المدارس، ولم يطبع منها إلا جزء واحد، مع أنها تبلغ ثلاثة أجزاء.
يقول المنفلوطي في مقدمة مختاراته: "أجمع لك يا بني في هذا السفر من جيد المنظوم والمنثور ما أعلم أنه ألصق بك وأدنى إليك وأنفع لك في تثقيف عقلك وتقويم لسانك وتحليل ما أسأرته الأيام من العجمة في قلمك ولسانك، فهززت لك دوحة الأدب العربي هزة تناثرت فيها هذه الثمرات الناضجة التي تراها بين يديك". وهي مقدمة جميلة ذكر فيها أسباب تأليفه للكتاب وسبيل الانتفاع منه، وضمنها آراء أدبية، ونصائح حقيق بطالب الأدب أن يعرفها. وأحب أن أعلق على بعض ما ذكره المنفلوطي رحمه الله في المقدمة، فقال: "عرفت حاجتك يا بني - أعزك الله - إلى كتاب يجمع لك من جيد منظوم العرب ومنثورها، في حاضرها وماضيها، وفي كل فن وغرض من فنونها وأغراضها ما تستعين باستظهاره، أو ترديد النظر فيه، على تهذيب بيانك وتقويم لسانك؛ وعلمت أنك لن تستطيع أن تجد طلبتك هذه في مختار من مختارات المتقدمين، ولا في مجموعة من مجموعات المعاصرين". فهنا نرى أن المنفلوطي قد حدد شروطا لهذه المختارات وهي كالآتي: 1- يجمع جيد المنظوم والمنثور، وقد عرّف في مقدمته بقاعدته في تحديد الجيد، فقال: "كل كلام صحيح النظم والنسق، إذا قرأه القارئ وجد في نفسه الأثر الذي أراده الكاتب منه على شرط ألا يجد فيه مسحة تدل على أن صاحبه يحاول أن يكون بليغا فهو بليغ". 2- يجمع من الحاضر والماضي، وقد وفى شرطه في انتقاء نصوص متنوعة من مختلف عصور الأدب العربي، إلا أننا نلحظ في هذا الجزء الذي بين أيدينا أنه يُغلِّب نصوص المتأخرين من أهل عصره فقد بلغت ثلثي الكتاب تقريبا. وهذا يرجع في نظري إلى رأي المنفلوطي في أدب المتقدمين، فقال عن العصر الجاهلي مثلا: "وعصر الجاهلية على ما أعتقد هو عصر الطفولة الشعرية، أي: أن الشعر كان فيه بسيطا ساذجا، لم يهذبه العلم، ولم تصقله الحضارة، ولم تتصل به أشعة الخيال فتنير ظلمته. فهو وإن كان أصدق الشعر وأجدره أن يكون صفحة صحيحة لتاريخ عصره، ولكن قلما يستفيد شاعر الحضارة من أكثره أكثر من المادة اللغوية". فهنا يصفه بالبساطة والسذاجة، ويرى أن أكبر فائدته لا تتعدى المادة اللغوية. وقال أيضًا: "وأحسب أن ما يتعلق من الشعر بالحماسة ووصف الحروب أسلحتها ودمائها وغبارها وأشلائها ووصف الإبل في مباركها والشاء في حظائرها والأبقار في مراتعها، هو آخر ما يحتاج المتأدب إلى النظر فيه في هذا العصر". فهي موضوعات مضى زمانها لا تناسب روح العصر كما يرى، وهذا فيه نظر. 3- يجمع كل فن وغرض من الأدب، ولا يمكننا التحقق من أنه وفى شرطه هذا أم لا لأننا لم نطلع إلا على جزء واحد، إلا أن قوله: "ولم أترك من ورائي في جميع ما تصفحته من دواوين الشعر ومجاميع الأدب وكتب المختارات إلا ما كان رديئا أو مشوبا بشيء من هُجرِ القول ومعيبه، أو بالغا من الشهرة والسيرورة منزلة لا يخطئها نظر الناظر، أو واقعا في منزلة بين الجودة والرداءة" يوحي أن الكتاب أفضل وأجمع مما طبع فقط في هذا الجزء.
وهو يرى رحمه الله أن مختارات المتقدمين والمتأخرين لا تفي بتحقيق تلك الشروط، وهذا نوعًا ما قد يكون صحيح إذا استصحبنا نظرته للموضوعات التي يرى أنها تكون ألصق بالمتأدب في هذا الزمان وأنفع له، مع رأيه في أدب المتقدمين. ويبعد جدًا القول أن المصادر الأدبية التي توفرت عند المنفلوطي كانت قليلة؛ فمن قرأ ترجمته يعلم أن أفضل كتبه العقد والأغاني وزهر الآداب ودواوين المتنبي والبحتري وأبي تمام والشريف الرضي وأفضل الكتاب عنده عبد الحميد وابن المقفع وابن خلدون في المقدمة وابن الأثير إذا لم يسجع كما ذكر بطرس البستاني، ويذكر شوقي ضيف عنه أنه قرأ للآمدي والباقلاني والقاضي عياض، وكتابه النظرات عامر بأسماء الأدباء الذين قرأ لهم. وقد ذكر رأيه في مختارات من قبله، فقسّم المتقدمين إلى: - نحوي لا تعجبه إلا شواهد العلم والأبيات المعقدة والنادرة. - أو لغوي مولع بالغريب ولا يرى غير شعر الجاهلية شعرا، ويحيل المنفلوطي هذا إلى النزعة التاريخية؛ فإن لها "سلطانا على نفوس المولعين بالشعر الجاهلي أكثر من النزعة الفنية". - أو راوية همه أن يعثر على بيت لا يعرفه غيره لقائل لا يعرفه سواه. - أو أديب جمع ما جمعه لعصر غير عصرك ومجتمع غير مجتمعك، فإن أفادك قليله لا ينفعك كثيره. - أو مطيل خلط الجيد بالرديء والغث بالسمين. - أو مقصر اختص بالاختيار عصرا دون عصر وبابا دون باب. وأما المتأخرون فهم: - تابع مقلد يعتبر التقدم في الزمن شافعا للمسيء والتأخر فيه ذنبا للمحسن. - أو خابط يختار بيده لا بصره، فيأخذ من كل كتاب صفحة، ومن كل ديوان ورقة. - أو عالم أديب يبالغ بسوء الظن في أفهام المتأدبين فيورد ما يشبه أن يكون مادة للطفل في هجائه.
واحتوى هذا الجزء الأول من المختارات على بابين: - الباب الأول: الفصاحة والبيان: وفيه قسم للمنظومات والأشعار، وقسم للمنثور. تجد فيه أبياتا لأبي تمام والبحتري والمتنبي وابن الرومي وحافظ إبراهيم، ونصوصا للجاحظ والمبرد والآمدي والباقلاني وإبراهيم اليازجي وشكيب أرسلان والرافعي ومحمد عبده وغيرهم. وهي نصوص بديعة مفيدة يطل فيها القارئ على حقيقة الشعر والبيان، ويتعرف على فضل اللغة العربية وإعجاز القرآن وبعض القضايا الأدبية.
- الباب الثاني: الأدب والحكمة: وفيه كذلك قسم للمنظومات والأشعار، وقسم للمنثور. وتجد فيه أبياتا لحاتم الطائي وكعب بن زهير والشريف الرضي وأبي العتاهية والمعري والبارودي وأحمد شوقي، ونصوصا لعلي بن أبي طالب وابن المقفع وبديع الزمان الهمذاني ومحمد بك المويلحي وغيرهم. وهنا يُنهل من مورد التجارب والخبرات ويُصقل العقل ويُتعلم الأدب ومحاسن الأخلاق، ويُتذوق في كل ذلك نصوصًا عالية الألفاظ فائقة الجمال سامية المعاني.
ختاما يحسن التنبيه أن بعض الناشرين وضع كتابا باسم "مختارات المنفلوطي" جمع فيه بعض ما كتبه المنفلوطي متفرقا في كتبه، وهو ليس هذا الكتاب الذي نتحدث عنه، فانتبه إذا قررت شراء الكتاب يوما ما حتى لا تقع فيما وقع فيه بعض أصحابنا :).
مراجعة كتاب 📓 مختارات ✍ تأليف : مصطفى المنفلوطي 🗂 التصنيف : ادبي 🏷 العنوان : مناسب 📖 المقدمة : جمع المؤلف في هذا الكتاب مختارات في المنظوم والمنثور تتميز بجمال الاسلوب وجمال المعنى لتثقيف العقل وتقويم اللسان. 📝 أسلوب الكاتب : متقدم 📚اﻷفكار الرئيسية : ١- الاسباب التي أدت إلى ابتعاد الناس عن اللغة العربية الفصحى ٢-الحديث عن اعجاز القرآن الكريم ٣--الحديث عن فصاحة العرب ٤- ضرورة تعريب العلوم ٥- التحدث عن مكارم الأخلاق مثل الكرم والقناعة ٦- تعريف الفكر واللغة والكتابة والنقد البناء 🏅التقييم : ⭐️⭐️⭐️ 👍 الأثر الإيجابي: كتاب جميل ولكنه يحتاج إلى قراءة عميقة بتمعن والاستعانة احيانا بالمعجم لان مستواه متقدم 📎 عدد الصفحات : ٢١٦ صفحة
أدب المنفلوطي تمثّل في قول أحدهم: ( أرقُ من الهواء.. وأعذبُ من سلسبيل الماء)! سبحان من أجرى عذوبة الفصحى على بنانه؛ فأخرج لنا من أدب العربية ما يعجز عن وصف جماله الكلام!❤️
- إقتباسات: *ما أخبثك أيها الإنسان عاجزا وما أظلمك قادرا وما أشقاك بنفسك وأشقى العالمين بشقائك! *اللهم لا راد لقضائك ولا سخط على بلائك، أمرت فأعطنا وابتليت فرضينا. فأمطرنا غيث إحسانك، وأذقنا برَد رحمتك، وألهمنا جميل صبرك، وثبّت قلوبنا على طاعتك، فلا عون إلا بك ولا ملجأ إلا إليك إنك أرحم الراحمين وأعدل الحاكمين. *إذا انصرفت نفسي عن الشي لم تكد إليه بوجه آخر الدهر تقبل.
كان هذا أوّل كتاب قرأته للمنفلوطي.. لم أستطع أن أغضّ الطّرف عن جمال الأسلوب وسلاسلة الأفكار وجزالة الألفاظ، وجدت به قوّة الرّافعي وسلاسة طه حسين لا أخفي اختلافي مع بعض أفكاره التي يحملها، بل إنّه ملك حكمًا عامًا دون وجود من شذّ عن ذلك التّقييم أكثر ما أعجبني هو فضل ( البعث ) فحديثه عن المعريّ بطريقة الحديث إليه جعلني أشاهد المعريّ بناظر الخيال بل أحببت أن أفرأ له وجله محطّ دراسة هو كتاب لمحبي اللّغة الأدبيّة الرّفيعة
مجموعة نصوص ويتخللها احيانا اشعار لمجموعة كبيرة من الادباء ولمواضيع عدة،كتاب ممتع لتعدد المواضيع فيه،وتعرفت من خلاله على ادباء لم اكن قد سمعت عنهم،الكتاب يجعلك تعشق الفصحى تعشق اللغة يجعلك تبحث عن المزيد منه،لطالما انبهرت بكتابة المؤلفين الكاتب القدامى والعرب خاصة.
قرأتُ المختارات في طفولتي بعين الطفلة الصغيرة المنبهرة بكتابات المنفلوطي التي تحمل القيم والأخلاق بين حروفها.. الآن أقرؤها بعيم منبهرة بالأسلوب الجميل الذي يكتب به المنفلوطي، وبكل تلك الافكار التي أتحسر على غيابهت في وقتنا الحاضر..