كان التوحيدي كثير اللهج في أحاديثه بموضوع الصداقة والصديق، كثير التحدث عنه والإكثار من ذكره لعلوقه بنفسه وارتباطه بحياته الوجدانية، فقد كان مسوقاً بحكم الواقع والذوق الأدبي والضرورة إلى أن يفرد لهذا الموضوع الذي يشغل باله كتاباً خاصاً، وظلت الأمنية تراوده إلى أن كانت سنة 400هـ فأتم العمل بناء على رغبة صديقه ووليّ نعمته الوزير ابن سعدان بعد أن كان قد سمع منه بمدينة السلام كلام في الصداقة والعشرة والموآخاة والألفة... وسئل إثباته ففعل ووصل ذلك بجملة ما قاله أهل الفضل وأهل الحكمة، وأصحاب الديانة والمروءة ليكون ذلك كله رسالة تامة على أن يستفاد منها وينتفع بها في المعاش والمعاد.
أبو حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي البغدادي، فيلسوف متصوف، وأديب بارع، من أعلام القرن الرابع الهجري، عاش أكثر أيامه في بغداد وإليها ينسب، وقد امتاز بسعة الثقافة وحدة الذكاء وجمال الأسلوب، كما امتازت مؤلفاته بتنوع المادة، وغزارة المحتوى؛ فضلا عما تضمنته من نوادر وإشارات تكشف بجلاء عن الأوضاع الفكرية والاجتماعية والسياسية للحقبة التي عاشها، وهي بعد ذلك مشحونة بآراء المؤلف حول رجال عصره من سياسيين ومفكرين وكتاب، وجدير بالذكر أن ما وصلنا من معلومات عن حياة التوحيدي بشقيها الشخصي والعام- قليل ومضطرب، وأن الأمر لا يعدو أن يكون ظنا وترجيحا؛ أما اليقين فلا يكاد يتجاوز ما ذكره أبو حيان بنفسه عن نفسه في كتبه ورسائله، ولعل هذا راجع إلى تجاهل أدباء عصر التوحيدي ومؤرخيه له؛ ذلك الموقف الذي تعّجب منه ياقوت الحموي في معجمه الشهير معجم الأدباء (كتاب) مما حدا بالحموي إلى التقاط شذرات من مما ورد في كتب التوحيدي عرضا عن نفسه وتضمينها في ترجمة شغلت عدة صفحات من معجمه ذاك، كما لّقبه بشيخ الصوفية وفيلسوف الأدباء؛ كنوع من رد الاعتبار لهذا العالم الفذ ولو بصورة غير مباشرة.
لكل الأصدقاء هنا لكل من يقرأ ويكتب ويعيش لحظة جمالية تضيف لرصيده ثراء، ويرسل لأصدقائه هدايا رحلته في محيط البيان أصدقائي النبلاء في هذا الفضاء، أصحاب فوق الألقاب النبيل منير، نيرة، نهى، رحمة، محمد مكرم، محمد علي، عثمان، باسل، سوسن، هدير، باكينام، فاطمة، جوهر، هبة، ناهد، سمية، ريم، غفران، يقين، أحمد، رومولا، محمود، ريوف، آسر، مصطفى، كوثر، نورة ، العلي، أسماء، شيماء، رولا، شدوى، ثروث، مي، ماجدة، إسلام، فيصل ، خالد، شهاب، معالي، فيروز، على، عمر، نغم، عبد الباقي، رها، عبد الرحمن، مصطفى، ندا، فاطيما، إثناسيوس ، سندس، أيمن، يارا، خلود، غادة ، نودي، سالي، بيومى، علا ، دنيا، مودي ،ربيع، ديما، أماني، عمران، راضية، نجيب، إسراء، نور، ابو علي، سيد، آية، ريهام، تغريد، عبد العزيز، راية، نبيل، هديل، نائل، فداء، سامي، هايدي، تامر، زينب، رشاد، ليلى، بهاء، يوسف، جهاد، هند، روفيدة، سهى، سمر، عجيبة، ازهار، د. نبيهة، مختار، نورا، مهران، فوزي، وليد، جيهان، حنين، وفاء، موريس، رزان، سلمي، ماجي، غميشة، بشرى، مودة، صلاح، لبنى، مروة، الهمداني، فايز، فارس، الغانم، كريم، هدى، وديع، يسرا، طيف، عطية، فراشة الربيع، كامل، دولت، عزمي، اماني، الشناوي، زهراء، حسام، مينا، لمياء، رهف، وداد، حسن، فايق، عفاف، نيمو، زهور، ميرا، سارة، غادة، طارق، فاطيما، حليم، شام، عاطف، دانة، ريهام، ششتاوي،، عتاب، آلاء، ناني، ورضا من أيام سمير وميكي صداقة جمعتنا في صحبة الكتاب يتحدث ابو حيان عن الصداقة والصديق الموضوع والذات المفهوم والإنسان ابو حيان الذي تحدث عن استاذه ابي سليمان المنطقي كما تحدث أفلاطون عن سقراط أبو حيان الذي جمع أفكار الأسمار المتوالية في تنفس نجوم ليالي الوصل والسرد في الإمتاع والمؤانسة واستلهم وهج النفوس المضيئة خلف أغلفة الكلام والصمت في المقابسات أبو حيان يتحدث عن الأصدقاء الرحلة صديق وطريق مهما تشعبت السبل وتعددت الوجوه في الفريق نسير لأن معنا الطريق، ونجلس أينما حل الصديق نتحدث لأنه ينصت، وننصت لأنه يشرق نكتب لأنه سيقرأ. ونقلب الصفحات كي نصل إلى سطوره عالم بلا أصدقاء هو قطار فارغ لا محطات له، ولا ركاب فيه فن القول نهديه لصديق فن الوصل نعده لصديق فن الصمت يسمعه صديق فن الحياة صحبة صديق الأصدقاء شخصيات من كل الكائنات ومن الأشياء أحيانا كتاب التوحيدي فلسفة في اكتشاف إنسانيتنا وتجاوز أنانيتنا ومعايشة أحوال من نحبهم واستثمار العاطفة في الارتقاء بالعالم المشترك الذي يضمنا وتحلق في أرجائه
هذا كتاب ذو شجون، في زمن قل فيه الأصدقاء، الذين ترفع معهم الكلفة، وترتاح إليهم كما ترتاح إلى نفسك، وتأمن من تغيرهم مع تغير الأيام وقد قال الشعبي: (تعايش الناس بالدين زماناً حتى ذهب الدين، ثم تعايشوا بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعايشوا بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم تعايشوا بالرغبة والرهبة، وسيتعايشون بالجهالة زماناً طويلاً.)
ولا أحسب ذلك إلا زمننا هذا، وإذا كان التوحيدي يزري بأهل عصره منذ ألف عام ويقول: (قبل كل شيء ينبغي أن نثق بأنه لا صديق، ولا من يتشبه بالصديق، ولذلك قال "جميل بن مُرّة" في الزمان الأول، حين كان الدين يُعانَق بالإخلاص، والمروءة تتهادى بين الناس، وقد لزمَ قعرَ البيت، ورفضَ المجالس، واعتزل الخاصةَ والعامة، وعوتب في ذلك، فقال:
( لقد صحبتُ الناسَ أربعين سنة، فما رأيتُهم غفروا لي ذنباً، ولا ستروا لي عيباً، ولا حفظوا لي غيباً، ولا أقالوا لي عثرة، ولا رحموا لي عَبرة، ولا قبلوا مني عذرة، ولا فكوني من أسرة، ولا جبروا مني كسرة، ولا بذلوا لي نصرة، ورأيت الشغل بهم تضييعاً للحياة، وتباعداً من الله، وتجرعاً للغيظ مع الساعات، وتسليطاً للهوى في الهنات بعد الهنات)). فكيف بنا نحن في زماننا المتأخر
وبعد، فهذه التحفة الأدبية لا ينبغي أن تفوتك، ولن تعدم منها مع اللذة الفائدة.
هذا كتاب يخفّ على القلب ويدنو من الروح، يُستحبّ للإنسان أن يتحف به أصدقاءه ويهديه إخوانه، فليس خلق من أخلاق المعاشرة حسنها وقبيحها إلا وقد انطوت ثناياه عليه بكل معنى مذكّر أو مسلٍّ.
ومن قدر الله وعجيب المفارقة ونكد الدنيا أني قرأته وأنا في حال من تغير الإخوان عليّ، وتنكّر الأصحاب لي، أحوجتني للبثّ بعد الدمع، والدعاء عليهم بعد الدعاء لهم، يُرثى لي فيها ويُشفق عليّ منها. وأرقّ من حالي وأعجب، حال كاتب هذه الرسالة، فإنه جمع دقائق الصداقة "مستأنساً بالوحشة، قانعاً بالوحدة" وقد فقد "كلّ مؤنس وصاحب ومرفق ومشفق"، كأنه يناغي أرواح من فقدهم "بالعراق والحجاز والجبل والرّيّ"، مع قلق هدّ حيله وكبر سنّ غربت شمسه معه؛ جعلاه يضطرب فيكرر فقرات وينسبها إلى أناس مختلفين، فيعتذر من ذلك بما هو في غنى عنه لشدة وضوحه.
ولما نظرت إلى حالي وتأملت أحواله، وجدتنا في عين البليّة، وإن كان بؤسه أشجى وفضله فيها أعلى، ورأيتنا أخوين صديقين متصافيين، لأنه كان يفدّيني ويناجيني ويدعو الله لي ويتوخى سبيل الفضل معي في كل ما كتب إليّ، ورأيتنا غريبين في دنيا لا تُقرّ لأديب ولا تلين لفاضل، فإنه ما كان يلقى أذناً تصغي إليه في زمانه، ولا أنا ألقى من يصغي إليّ في زماني.
إليك يا قسيم روحي وصفيّ نفسي وحبّة قلبي، وشريك سهري في ليلي وطيف زيارتي في حلمي، إليك يا تعِباً لأجلي وحدِباً على وصلي، إليك يا من نعمت بعنائه، وغضضت عن أخطائه، وتعزيت بعزائه، وبكيت لبكائه، وأمّمت بعد دعائه.
أهديك كتابك يا أبا حيان منك إليك، عشت معك عامي هذا وربحت دهري، وكنت لي في غضبك وغيظك أحسن من معارفي في رضاهم وتوددهم، أما فضلك في رضاك فلغة القلب أقدر على التعبير عنه من لغة اللسان، لا أقلّتني أرض إن مرض وفائي لك أو ذبل في عيني إخاؤك لي، ورحمة الله على روحك ومغفرته لذنوبك.
"اللهم نفِّق سوق الوفاء فقد كسدت، وأصلح قلوب الناس فقد فسدت، ولا تُمتني حتى يبور الجهل كما بار العقل، ويموت النقص كما مات العلم".
عرضت علينا صديقتنا الغالية رحمه 😍 أنا وأمنية أن نتشارك تلك الرسالة القصيرة عن الصداقه والصديق 🌸🌸 وأنا في انتظار أن يفرغان مما بيديهما حتى تكون ثاني مشاركة جماعية لنا نحن الثلاثة وذلك بعد رواية يافا: حكاية غياب ومطر 💮🌷
كتاب بسيط ... يصف الصداقة بشكل جميل من خلال سرد القصص والحكايا .... ويصف الصفات الواجب توافرها بالصديق الحقيقي الذي قل وجوده بهذا الزمان .... أعجبني الكتاب
إن كنت تطلب في الزمان مهذباً ... فَنيَ الزمان وأنت في الطلبات خذ صفو أخلاق الصديق وأعطه ... صفواً ودع أخلاقه الكدرات كتاب يتحدث عن الصداقة ويصف الصديق وكيف أنه نادر الوجود
مرحبا يا أصدقاء، لعلكم بخير، هانئين شاكرين لنعم ربنا المسبغة.
هذا الكتاب تنقلت بين سطوره بخفة الطير، غير أن الطير على كثرة ما استلذ به من طيب الأخبار حتى شعر أنه أنقى من يحلَّق في السماء كان كثيرا ما يستبد به التعب -حقيقي أو مفتعل- فيهبط على حواف الشبابيك، شبابيك مختارة بعناية؛ فيقف ليسترق نظرة من صديق قديم، أو ليستطلع أخبار حبيب بعيد شق وصاله لطول المسافة. وبين التحليق والهبوط كان من فرط شجنه يبدو ك أرق مخلوق. . وأريد أن أكتب هنا، ربما تمر عيونهم على حروفي: على حدود هذه الحياة مرَّ إنسان أضمر في قلبه من المحبة ما عجّزت لسانه من بسطها. فأصحابي على قلتهم سكنوا قلبي وسكّنوه، وأطبقوا كثيرا على يدي في الزمان الذي كنا نرتضي. ورغم أننا الآن نشقى بالبعاد إلا أن أثر سيرنا متغلغل في كل خلية في جسدي. طبتم يا أحبابي وطابت أيامكم. . وأصدقائنا الذين نحب هنا") طبتم وطابت أيامكم في جوار أحبابكم.
لو تصفّحتُ الكتاب قبل شرائه ما أظنني اشتريت.. في قائمةِ التجارب التي أود خوضها هي القراءة من لونٍ لغوي غير الذي اعتدتُ عليه، ولعلي بالغتُ في التوقّع فانقلب السحر على الساحر واستحال امتعاضًا من توقعٍ أنا بنيتُ عليه فخاب أملي.
أحيانًا أعزو هذا لجهلي بفلاسفة اللغة -كما يوصف أبو حيان-، طرقتُ باب التعرُّف عليهم فوجدتُ اللغة تنساب بجمالٍ وفصاحة أظنُّ أنها تستهوي من يسأل عن استزادةٍ في المعجم اللغوي والمخزون الفصيح؛ مع أني أقول جازمةً أن سيِّد البلاغة قد أغلق دفتر أولئك كُلهم. كان الكتاب ممتعًا بداية الأمر، لكن الإفراط في تكرار الأشعار والقصائد عن مواقف بين الأصدقاء جعلتني أتململ وأطوي الصفحات مُتثاقلة بَيدَ أنّي أعترفُ بالفصاحة اللغوية هنا، لكن "الزايد أخو الناقص" كما تقول أمي، والكثير من الأبيات مجتمعةً من كُتّاب متفرقين جعلتني أتساءلُ هل أبو حيان كان يجمع القصائد ويُعلق عليها؟ لا أدري..
إنما حتى شرحُ الكلمات والهوامش مُبالغٌ بطوله ولا تستدعي كُل المفردات توضيحًا طويلًا وشرحًا مُفصّلًا كأني في المدرسة.. هذا عكّر صفو قراءتي وقتل اندماجي وفضولي لاستكشاف المفردات التي لا أعرف، فصرتُ أقرأ قراءةً غير جادة بعد تخطي الـ٢٠٠ صفحة.. لذلك أظنّهُ ينفعُ مرجعًا لطيفًا لمن يبحثُ عن بيت شعرٍ يصفُ حالة الصداقة التي يعيش إن كانت خيرًا أو شر.
أحب أصدقائي وأنتقيهم وأحفظ ودّهم ما استطعت؛ لأن الصداقة كما أفهم العلاقة التي تسمو بكَ إن اخترت رفيقًا لليوم واليوم الآخر، وتهوي بكَ للقاعِ إن ما أجدتَ اختيارًا واتّبعت هواك وهوى غيرك.. العلاقةُ الصافية التي تستعينُ بها على مرارةِ أيامك وتجدهُم أول الناس فرحًا بكَ ومعك.. إن أحسنتَ اختيارًا فحسب، وأظنُّ أن أفضل الإخوان أولئك من تؤاخيهم في الله ولله. هل أصّلَ هذا الكتاب شعورًا خاصًا مُضافًا للذي أشعُر؟ لا.. اقتسبتُ منه كم بيتٍ يُجسِّد مشاعري نحوَ إخواني.. فحسب.
قرأت لابن المقفع فظننت أنه أحسنَ من حبَّر وحرَّر وتوجّهت للجاحظ فأقررت أنه سليل البيان مجري الأعيان عارفٌ بالإنس والجان، وعندما وقفتُ على ما كتبه التوحيدي، ثبَّتُّ رأيي أنه لا توحيدي غيره، ولا كاتب كتب مثله، وإنَّ من البيان لسحرًا!
في كتاب "الصداقة والصديق" للإمام الأديب الأريب والخبير البصير أبو حيّان التوحيدي جمع جِماع عقله وجوهر فكره وصفوة حفظه وعلمه وأدبه ودأبه وتجاربه في الصداقة والصديق. وحري بمن قرأ الكتاب وهو معصوب الجرح، مهجور الصحب، كما وقعَ للتوحيدي الذي كتبَ في مقدمة كتابه: "وقبل كل شيء ينبغي أن نثق بأنه لا صديق ولا من يتشبه بالصديق" ليعرفَ أنه ليس وحده من هُجر وقطع وأقصي، ويجد في الكتاب سلوى ترأف به، ومؤنسًا مواسيًا له.
وأخيرًا، لا أوصيك أيُّها القارئ العزيز بقراءة هذا الكتاب، بل أفرض عليك قراءته فإن فيه -والله- زادٌ على زاد.
موسوعة أدبية غنية عما قيل في الصداقة والصديق من شعر وأقوال ورسائل. توقعت قبل قراءته أن يكون لأبي حيان إسهام في الكتاب وهو الفيلسوف والأديب، لكن معظم الكتاب كان من منقوله أو حفظه. باستثناء مواضع قليلة كحديثه الجميل عن معاناته مع الناس حين قال: فقد أمسيت غريب الحال، غريب اللفظ، غريب النحلة، غريب الخلق، مستأنساً بالوحشة، قانعاً بالوحدة، معتاداً للصمت، ملازماً للحيرة، محتملاً للأذى، يائساً من جميع من ترى. رغم هذا الكتاب غني جداً لا تمل قراءته والرجوع إليه
وأما الكتَّاب وأهل العلم فإنهم إذا خلوا من التنافس، والتحاسد، والتماري، والتماحك - فربما صحت لهم الصداقة، وظهر منهم الوفاء، وذلك قليل، وهذا القليل من الأصل القليل.
وقال رجل لضيغم العابد: أشتهي أن أشتري دارًا في جوارك حتى ألقاك كل وقت، قال ضيغم: المودة التي يفسدها تراخي اللقاء مدخولة.
وكتب يحيى بن زياد الحارثي إلى عبد الله بن المقفع يلتمس معاقدة الإخاء، والاجتماع على المخالصة والصفاء، فلما لم يجبه عبد الله لحاجة في نفسه، فكتب يحيي إليه عتاب، فكتب له عبد الله: إن الإخاء رق، وكرهت أن أملكك رقي قبل أن أعرف حسن ملكتك
قال محمد بن علي بن الحسين الباقر رضي االله عنهم لأصحابه: أيدخل أحدكم يده في كم صاحبه فيأخذ حاجته من الدراهم والدنانير؟ قالوا: لا، قال: فلستم إذاً بإخوان
قال عمر بن شبة: التقى أخوان في االله، فقال أحدهما لصاحبه: واالله يا أخي إني لأحبك في االله، فقال له الآخر: لو علمت مني ما أعلمه من نفسي لأبغضتني في االله. فقال: والله يا أخي لو علمت منك ما تعلمه من نفسك لمنعني من بغضك ما أعلمه من نفسي.
قال الأعمش: أدركت أقوامًا كان الرجل منهم لا يلقى أخاه شهرًا وشهرين فإذا لقيه لم يزده على كيف أنت، وكيف الحال، ولو سأله شطر ماله لأعطاه، ثم أدركت أقواماً لو كان أحدهم لا يلقى أخاه يوماً سأله عن الدجاجة في البيت، ولو سأله حبة من ماله لمنعه.
وقال الأحنف: ما عاتبت أحدًا إلا وما انثال علي منه أكثر مما عاتبته عليه.
الخليل النحوي: رغبتك في الزاهد فيك ذل نفس، وزهدك في الراغب فيك قصر همة.
وقال أبو المتيم الرقي: قلت لابن الموله: من أخلص إليه، وأشتمل بسري وعلانيتي عليه قال: من إذا لم يكن لنفسك كان لك، وإذا كنت لنفسك كان معك، يجلو صدأ جهلك بعلمه، ويحسم مادة غيك برشده، وينفي عنك غش صدرك بنصحه، اصحب من إن قلت صدقك، وإن سكت عذرك، وإن بذلت شكرك، وإن منعت سلم لك، قلت يا سيدي من لي بمن هذا نعته؟ قال: كن أنت ذاك تجدك على ذاك، ويجدك مثلك على ذاك، كأنك إنما تحب أن يكون غيرك لك، ولا تحب أن تكون أنت لغيرك.
وقيل لبرهان الصوفي: من الصديق؟ قال: يا هذا من بضع نصفه معدوم عليك فاطلب من يسعك بخلقه، ويؤنسك بنفسه، ويواسيك من قليله، إن رضي عنك لم يغلظك، وإن سخط عليك لم يمقتك، يبدي لك خيره لتقتدي به، ويواري عنك شره لئلا تستوحش منه، فأما من تكون مثال نفسه في كل حال تلون به الدهر، وهم صدره في كل أمر، يقلب به الليل والنهار، يقدم حظك على حظه، ولا يسارق النظر بلحظه، ولا يغلظ القول بلفظه، ولا يتغير لك في غيبه، ولا يحول عما عهدته في شهادته، يعانق مصلحتك بالاهتمام، ويثبت قدمك عند الإقدام والإحجام فذاك شيء قد سد الناس دونه كل باب، وقصر الطمع فيه عن كل قاب، فليس له شبح إلا في الوهم، ولا خيال إلا في التمني والسلام.
وقالت امرأة لرابعة العدوية: إني لأحبك في الله، قالت: فأطيعي من أحببتني فيه، قالت: من طاعتي له محبتي لمن أطاعه
ورغم كون هذه الرسالة الماتعة، في الصداقة والصديق، إلا أننا نجد الإمام التوحيديّ يفتتحها بكل حزن بالتالي من الوجع: "وإنما أشرت بهذا إلى غيرك؛ لأنك تبسط من العذر ما لا يجود به سواك، وذاك لعلمك بحالي، واطلاعك على دخلتي، واستمراري على هذا الأنقاض والعوز اللذين قد نقضا قوتي، ونكثا مرتي، وأفسدا حياتي، وقرناني بالأسى، وحجباني عن الأسى، لأني فقدت كل مؤنس، وصاحب، ومرفق، ومشفق، ووالله، لربما صليت في الجامع فلا أرى إلى جنبي من يصلي معي، فإن اتفق فبقّال، أو عصّار، أو ندّاف، أو قصاب، ومن إذا وقف إلى جانبي أسدرني بصنانه، وأسكرني بنتنه، فقد أمسيت غريب الحال، غريب اللفظ، غريب النحلة، غريب الخلق، مستأنسًا بالوحشة، قانعًا بالوحدة، معتادًا للصمت، مجتنفًا على الحيرة، محتملًا الأذى، يائسًا من جميع من ترى، متوقعًا لما لا بدّ من حلوله، فشمس العمر على شفا، وماء الحياة إلى نضوب، ونجم العيش إلى أفول، وظلّ التلبث إلى قلوص". والله المستعان
" قال ابن دريد فيما روى لنا المرزباني عنه قال حكيم: المودة تعاطف القلوب وائتلاف الأرواح وحنين النفوس إلى مباثة السرائر والاسترواح للمستكنات في الغرائز من وحشة الأشخاص عند تباين الالتقاء وظاهر السرور بكثرة التزاور "
من عرفني بصدق عرف منزلة الصداقة في قلبي ورأيي في تلك العلاقة الإنسانية التي أراها من أسمى وأنزه العلاقات. فهل هناك فوز يضاهي النيل بإنسان لا تربطك به صلة دم ولا قرابة ولا مصالح، فقط تجتمعان على حبٍ لا تشوبه شائبة؟ هل هناك ما يُبهج أسارير القلب أكثر من صديق تميل عليه فيكون مُتكأك وتُفضي إليه بشواغل عقلك فيحنو عليك ويحمل عنك؟ فقط لأنه يحبك حبٌ خالص فيكون لك الملاذ الآمن والركن الهادئ والنعمة الكُبرى في دنيا مزحومة باللامنطقية. ومن يعرفني أيضا يعرف أنه ما لمسني شئ قدر ما لمستني صداقة أبا بكر الصديق ومحمد عليه الصلاة والسلام في السيرة النبوية. فاز أبو بكر بمنزلةٍ عند النبي تتضاءل أمامها منازل الدنيا مجتمعة، ولم يكن بالأب أو الأخ أو العم، كان "صاحبه وخليله". الأصدقاء نعمة. "إخوان الصديق خير مكاسب الدنيا، هم زينةٌ في الرخاء وعدة في البلاء" أما عن الكتاب فهو يسرد القصص والحكايا ومقتطفات الأشعار والقصائد التي تتحدث عن الصداقة والصديق. دائمًا ما أردت أن أعبر عن ما في قلبي للأصدقاء الذين أدين لهم بالكثير. الكتاب هو مُنقذي الآن وعلى أتم الاستعداد أن أُغدقهم بكل هذا الحب 💙
كتاب مصنّف ضمن التراث يتناول ما قيل في الأدب عن الصداقة والصديق، وأدب اعتزال الناس وأدب الوحدة. موسوعة أدبيّة بحقّ، لكن قرأته بتحقيق السيّد علي متولي صلاح بنسخته الحديثة عام2021 ويقع في 380 صفحة. يسرد أدبيّات الحكمة والتأني والتعقّل في العلاقات فيعلّمنا إياها. كما يعلّمنا ويقرّ "أخلاقيّا" بصفات واجب توافرها مع من تربطنا بهم علاقة حقيقية قرابة أو صداقة أو حتى حب. وكما قال التوحيدي أنفاس الناس في هذا الباب طويلة، ذكر الغزير منها بكافّة الأشكال السردية شعرا، ونثرا، وأحاديث شريف، وقصص، وحكم. أحسست بروح التصوّف في بعض الأوصاف للصديق وشدّة التعلق به رغم أن اغلب الكتاب كان بما حفظ أبو حيان ونقل عن غيره وليس من وجهة نظره هو! كما أورد بعض الأحاديث الشريفة غير مشير لصحتها أو ضعفها فيجب التأكد من صحة الأحاديث الواردة قبل الأخذ بها. كتاب جميل جدا يُرجع له باستمرار كما يمكن وربما يُحبّذ قراءته على مراحل وليس دفعة واحدة، مرجع وافٍ كافٍ لمن يستفهم جول مفهوم الصداقة الحقيقي! جميل للغاية.
للقديم من الكتب سحر لا يقاوم و كذلك أسلوب أبو حيان التوحيدي، حكمته ، رصانته ، و تلك الفلسفة الجميلة التي زين بيها الكتاب في تأويله لبعض المقولات تجعلك تود أن تلتهم الكتاب دفعة واحدة ،، لذلك أكملت الكتاب في يوم واحد .. لطالما بحتث عن من يخبرني من هو الصديق حقا ليفسر لي التوحيدي مقولة طاليس " الصديق انسان هو انت ، الا إنه بالشخص غيرك" ..
التوحيدي صاحب [الإمتاع والمؤانسة] قدمت لنا نصوصا جميلة آنست فيها كل من تحدث عن الصديق فأمتعتنا لكني أجد أروع كلمات قالها صديق لصديق هي هلّا تركتم لي صاحبي قالها المصطفى صلى الله عليه وسلم قاصدا أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه
للحسن بن مسلم: " زاد الله من عمري في عمرك، ورفعك إلى الدرجة الموازية قدرك، وضاعف الكرامة والنعمة والسعادة لك، وقدمك في المحبوب قبلي. وقدمني للمحذور قبلك، إني -وجعلني الله فداءك- وإن كنت آنس بك في الحول وقتا، وأغبر في بقيته خلوا مستوحشا، فإن موقع وقتك عندي منه، كموقع ربيعة من سائر شهوره، لما يبهجني من السرور بك، ويونق بصري من بهي منظرك، ويرتع في لُبِّي من رياض علمك وأدبك، ويجدد لي من يوافع فؤادك، وملذوذ ثمار ودك، ما يروق به الربيع العيون من بهيج زينته، ويجود به على الأرض من غيوثه، ويلبسها من زخارفه، وينشر عليها من مُوَشًّى حلَلِه، ويملؤها من خصبه وبركته، وأُشبِّبه مغيبك -جعلت فداك- بأضداد هذه الصفات، غير أني أحيا بالتذكر والرجاء مدَى النأيِ إلى اللّقاء، وأجد عقلي بنا أَفَدْتُ في ساعة منك متقوتا زمنا طويلا كقول أنشوران الملك: قوت العقول الحكم، وقوت الأجساد المطعم، فلا زلت من نورك مقتبسا، ولإخوانك في القرب والبعد مؤنسا، ولا زالت الأقدار تسعفنا فيك ببلوغ أمل، ودُنُوٍّ محل، حتى تطول العشرة، وتدوم الغبطة والمسرة.
الكتاب بيان للحال الصديق من صديقه في عدة أحوال بين قرار و سفر ومكاشفة وعتاب ثم فراق. ❤❤❤
أنتم سروري وأنتم مشتكي حزني ... وأنتم في سواد الليل سماري أنتم وإن بعدت عنا منازلكم ... نوازل بين أسراري وتذكاري فإن تكلمت لم ألفظ بغيركم ... وإن سكت فأنتم عقد إضماري الله جاركم مما أحاذره ... فيكم وحبي لكم من هجركم جاري
كتاب يتكلم الصداقة والصديق بشكل جميل شعرًا ونثرًا وذمًا من خلال سرد القصص والرسائل والأقوال بالأدب العربي