What do you think?
Rate this book
البلاء الشديد والميلاد الجديد
كانت اللحظات الأخيرة في غوانتنامو من أصعب اللحظات كما كانت الأولى فيها، إنها كطعنة السكين، دخولها مؤلم وخروجها مؤلم، لكنّ الألمين مختلفان، يشتركان في القلق من المجهول، كداخل النفق حين يتوجس مما يكتنفه الظلام الموحش، والخارج منه حين يقلق مما يخفيه النور في أحشائه، ليس العجب من وَجَل الحُرّ من صلصلة القيود إنما العجب من رهبة الأسير من زغاريد البشائر، كم هو مؤلم أن تقف على أعتاب الحرية قلقاً منها، كطفل صغير يتطلع إلى المشي والجري والقفز لكنه قلق من السقوط، يتردد بين الحبو والنهوض.
إن ما أذكره في هذا الكتاب قد وقع فعلاً، قصص هي أقرب إلى الخيال، عشتها لحظة بلحظة أربعة عشر عاماً، لأضعها بين أيديكم دون بخس أو شطط، فإن بلغت قلباً حيّاً يبحث عن الحقيقة ويخلص لها فله كُتِبَت، وإن صادفت عيوناً متربصة وقلوباً حاقدة تفتش عما يدين، وتبحث عما يسوء، ترى بطش الظالم فلا تبصر، ويصلها أنين المظلوم فلا تسمع،وتدعوها الحقيقة فلا تعقل بل تأبى أن تعقل، فلتبحث لها عن كتاب آخر تتسلى فيه، فإن هذا الكتاب لم يُكتب لمن لا يحمل بين جنبيه قلباً إنسانياً.
كانت اللحظات الأخيرة في غوانتنامو من أصعب اللحظات كما كانت الأولى فيها، إنها كطعنة السكين، دخولها مؤلم وخروجها مؤلم، لكنّ الألمين مختلفان، يشتركان في القلق من المجهول، كداخل النفق حين يتوجس مما يكتنفه الظلام الموحش، والخارج منه حين يقلق مما يخفيه النور في أحشائه، ليس العجب من وَجَل الحُرّ من صلصلة القيود إنما العجب من رهبة الأسير من زغاريد البشائر، كم هو مؤلم أن تقف على أعتاب الحرية قلقاً منها، كطفل صغير يتطلع إلى المشي والجري والقفز لكنه قلق من السقوط، يتردد بين الحبو والنهوض.
إن ما أذكره في هذا الكتاب قد وقع فعلاً، قصص هي أقرب إلى الخيال، عشتها لحظة بلحظة أربعة عشر عاماً، لأضعها بين أيديكم دون بخس أو شطط، فإن بلغت قلباً حيّاً يبحث عن الحقيقة ويخلص لها فله كُتِبَت، وإن صادفت عيوناً متربصة وقلوباً حاقدة تفتش عما يدين، وتبحث عما يسوء، ترى بطش الظالم فلا تبصر، ويصلها أنين المظلوم فلا تسمع،وتدعوها الحقيقة فلا تعقل بل تأبى أن تعقل، فلتبحث لها عن كتاب آخر تتسلى فيه، فإن هذا الكتاب لم يُكتب لمن لا يحمل بين جنبيه قلباً إنسانياً.
512 pages, Unknown Binding
Published January 1, 2020
137 people are currently reading
1707 people want to read
Ratings & Reviews
Friends & Following
Create a free account to discover what your friends think of this book!
Community Reviews
Displaying 1 - 30 of 147 reviews
January 31, 2021
أنهيتُ أخيرا كتاب "البلاء الشديد والميلاد الجديد" للأسير السابق في جوانتانامو فايز الكندري.. ليأخذ هذا الكتاب موضعه ضمن أفضل الكتب التي قرأتُها في حياتي على الإطلاق، وليتربع على عرش الكتب التي قرأتها في أدب السجون..
وإذا كنتُ الآن مُقْدِمًا على كتابة شيء عنه، فاعلم أخي القارئ أن الكاتب يُحْسِن التعبير عن المعاني التي أمسكها وقبض على زمامها، وأما المعاني التي تغمره وتحاصره فليس يحسن وصفها، بل يتيه ويتلعثم ويتلجلج، يحاول التنفيس عن نفسه أكثر مما يحاول تقديم الثمر إلى غيره.. وإن حالي مع هذا الكتاب كحال هذا الغريق الذي هاجمته المعاني من أقطارها فلم يحر سبيلا.
قد اجتمع في هذا الكتاب ما تفرق في غيره.. ودعني أقرب لك الصورة..
يحتفي الناس بكتاب ابن تيمية "درء التعارض بين العقل والنقل" لأنه سدَّ ثغرة فارغة، بين منهج السلف والالتزام بالنص وبين طريقة الفلاسفة وتسليط المنهج الفلسفي على النص، فهو -أي الكتاب- ردٌّ أثري على الطرح الفلسفي، حيث ثَوَّر ابن تيمية نصوص القرآن ليهدم بها بناء الفلسفة الذي بدا برّاقًا وخدَّاعًا حتى استلب عددا من فضلاء المسلمين فصاروا ينصرون الدين بمنطق الفلسفة ومنهجها.
ويحتفي الناس بكتاب ابن القيم "مدارج السالكين" لأنه سدَّ ثغرة فارغة بين الروحانية الصوفية التي تنزع إلى الشطحات وتتفلت من الأحكام وتتذرع لنفسها بالنصوص الضعيفة، وبين الجفاف الفقهي والصرامة الحديثية التي تصنع عقلا عظيما لكنه أشبه بالمحامي والخبير القانوني الذي يفتقد إلى روحانية العابدين.. فجاء هذا الكتاب ليكون هو الأمنية، كما يقول رشيد رضا!
ويحتفي الناس بكتاب سيد قطب "في ظلال القرآن"، وذلك أنه التفسير الذي قصد إلى بيان هداية القرآن والتعمق في معانيه وتوجيهاته وإرشاداته، وقد جاء بعد زمن طويل من تفاسير عديدة تهتم في القرآن بالنحو واللغة والبلاغة والأحكام الفقهية والجدل العقدي.. وكل هذا مهمٌّ في بيئة لا يتهدد فيها الإسلام نفسُه، أما وقد تهدد الإسلام بين أبنائه فما كان أشد حاجتهم إلى تفسير يُجَلِّي لهم معاني القرآن وهدايته وتفوقه وسموه على مناهج الأرض. وهو الأمر الذي رامه قبل ذلك محمد عبده ثم رشيد رضا ولكن لم يُقَدَّر لهما أن يكملاه، فبلغ الأمر تمامه على يد الشهيد سيد قطب رحمه الله.
وهذا الكتاب "البلاء الشديد والميلاد الجديد" يستحق أن يوضع في ذات المكانة بين كتب المذكرات وأدب السجون.. فقد اجتمع فيه ما تفرق في غيره!
1. اجتمع فيه أن كاتبه داعية إسلامي، يحسن التعبير عن الإسلام والدفاع عن قضيته وبيان محاسنه.. ولو أنك نظرتَ إلى كتب أدب السجون في عالمنا العربي لوجدتَ عجبا، إن الأغلبية الساحقة من نزلاء السجون هم من الدعاة والإسلاميين، ولكن أقل القليل منهم هو الذي كتب تجربته في السجن!
فلو أنك نظرت إلى كتب أدب السجون لانطبع في ذهنك أن أغلب الذين ذاقوا السجن كانوا من اليساريين والشيوعيين والمتهمين في انقلابات عسكرية فاشلة.
لقد كان الإسلاميون أكثر المسجونين، وأقلَّ الرواة لتجربتهم.. بعض هذا لزهدهم في الكتابة والرواية وبعضه لأن الظرف الأمني والسياسي لم يكن ليسمح بهذا.
2. وحتى الذين كتبوا تجربتهم من أولئك الإسلاميين، قد ندر فيهم من كتبها بقلمٍ بليغ وأسلوب بديع.. لقد جاء أغلب هذا كتابة خبرية تقريرية توثيقية.. بعض هذا لقلة الاهتمام بالأسلوب، وبعضه لأن الظرف الأمني والسياسي كان يناهض روايتهم فكانوا يكتبونها كإثبات وتوثيق أكثر من كتابتها لغرض الإفادة والتوجيه.
لقد اجتمع في هذا الكتاب عقل الداعية المسلم الذكي، مع القلم الأديب البليغ حسن البيان.. لقد كان المؤلف ذا علم غزير وذا بيان جميل، ولا يُزاحم كثرة المعاني الذكية الفائقة في كتابه إلا كثرة التشبيهات البديعة والعبارات الرائقة.
3. لم يكن جوانتانامو سجنا وحشيا كما هو حال السجون في الصين وروسيا والعراق وسوريا ومصر والأردن والمغرب.. لم تكن محنته في التقطيع والتعليق والسلخ وهتك الأعراض.. كان توحش هذا السجن توحشا على الطريقة الحديثة، على طريقة الحضارة الغربية.. إنه السجن الذي لا يسمح لك بالموت شهيدا في سبيل الله، بل يحاول أن يسلب إيمانك من قلبك، ويسيطر على مراكز التفكير في عقلك، ونقاط المشاعر في نفسك!
سجن أنشأه علماء نفس، لا لكسر العدو، بل "لترويضه".. سجنٌ يريد منك أن تتوب إلى الغرب وتقف باكيا على أعتابه، مؤمنا بأنك قد أخطأت في حقه، معترفا وموقنا في قرارة نفسك بأنك ارتكبت إثما عظيما حين فكرت في مقاومته، بل حين فكرت في إغاثة من سحقهم هو بيده!
لذلك اجتمع في جوانتانامو من قاومهم، ومن ذهب إلى الإغاثة، ومن ظل على الحدود يغيث من بعيد..
ولئن كان الأسير في السجون الوحشية على الطريقة الشرقية والعربية لا يجد له ملجأ إلا الإيمان، رغبا أو رهبا، حبا أو اضطرارا، فإن سجين الحضارة الغربية يوضع إيمانه على المحكّ!!
ولقد نجحوا أحيانا.. في هذا الكتاب ترى مسلمين قد ارتدوا، ومزقوا المصاحف بأيديهم، وترى من كان مجا هد ا في الصفوف الأولى يوما قد عمل جاسوسا على إخوانه، وترى من كان يصوم النهار ويقوم الليل وقد تطوع ليوقع غيره في المشكلات إرضاء للأمريكان!!
هنا ترى زلزلة النفس، وانقلابها، وتقلبها بين السمو والدُنُوّ، بين السموق والسفول..
نجحوا أحيانا، وفشلوا كثيرا.. تاجر المخدرات الذي سيق إلى جوانتانامو بالخطأ فأشرقت روحه فانقلب حاله، وآخر فضَّل البقاء في جوانتانامو على أن يُفرج عنه ليذهب إلى أوروبا خشية الفتنة، يوسف جديد يقول (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه)، وآخر قد بلغ الغاية من النحافة والنحول والهزال ولكن همَّته أعجزتهم فكان يبلغ منهم وهو في أسره وضعفه ما جعلهم يندفعون إلى قتله والتخلص منه! وآخر قد خرج من جوانتانامو فصار مفاوضا للأمريكان ضمن وفد طالبان! وآخر قد خرج منه فعاد لمواجتهم مرة أخرى حتى قضى نحبه!!!
بل انقلب عليهم الأمر أحيانا أخرى، لقد أسلم عدد من الجنود الأمريكان بعدما رأى الإسلام يشع من هؤلاء الأسرى! ووقف المحققون معجبون أو متحيرون من صلابة هؤلاء واجتماعهم على غير أرحام ولا أنساب!!
4. ألم أقل لك قد اجتمع في هذا الكتاب ما تفرق في غيره؟!.. إذا كنت قد قرأت شيئا عن مآسي السجون المصرية أو السورية أو المغربية ... فهنا في جوانتانامو جاءك المصري والمغربي واليمني والسعودي والأفغاني والتركستاني والموريتاني.. أمة واحدة في سجن واحد!!
انتظر انتظر.. قد جاءك أيضا آخرون، قد جاءتك وفودٌ أمنية من البلاد العربية لتحقق مع المعتقلين.. سترى في هذا الكتاب قصة الوفد الأمني المصري، وقصة وفد أمني كويتي، وقصة وفد صيني، وقصة وفود أخرى لم يشأ المؤلف أن يُعَيِّنَها..
قد اجتمع في جوانتانامو خلاصة الظلم، وخلاصة المظلومين، قد نطق جوانتانامو عن نفسه بأنه ساحة المعركة الحضارية العالمية، حين يأتي مصري ومصري، بعضهم أسير وبعضهم يحقق معه، على الأرض الكوبية التي احتلها الأمريكان.. هل كان بوسع أحد أن يُلَخِّص حقيقة ما يحدث في هذا العالم أبلغ وأخصر وأوجز من أن يضع لك هذه الصورة؟!
5. كنتُ في منشور سابق، سأضع لك رابطه في نهاية هذا المقال، قد ذكرتُ أن من فوائد القراءة في أدب السجون أن تتعلم منها طبائع النفس والجماعات بأسلوب بسيط ومفهوم ومَحْكِيّ بدلا من كتب علوم النفس والاجتماع التي تمزق طبيعة المأساة الإنسانية لتحقق انسجامها التصنيفي الدراسي الصفيق الغليظ..
في هذا الكتاب أبدع المؤلف في وصف مشاعر النفس وتأملاتها ومآزقها ومحنها.. إنها أربعة عشر عاما في جوانتانامو.. حيث اليوم الواحد مزدحم بالمآسي فكيف بالأعوام الطويلة!
كذلك أبدع في وصف مجتمع المقهورين، وما ينشأ بينهم من الروابط، ثم ما ينشأ بينهم وبين سجانيهم وجلاديهم من العلاقات، وكذلك مجتمع الجلادين والسجانين.. دفقة قوية في علم الاجتماع تأخذها عمليا من حكاية جوانتانامو.
ولأن المؤلف -حفظه الله- على قدر عال من العلم والفقه في الدين فقد كانت تأملاته ومواقفه مربوطة دائما بالقرآن والسنة وقصص الأنبياء والصالحين.. وبهذا اجتمعت المعاني التربوية العميقة بالتأملات النفسية واليوميات الجماعية.. لم أر أحدا من قبل استطاع أن يبلغ هذا المستوى!
ولأن المؤلف قصد إلى بيان الحقيقة، فإن الواقع يظهر في هذا الكتاب كما هو، يظهر معقدا ومربكا ومستعصيا على القوانين والمعادلات البسيطة.. فليس كل مظلوم بطلا ولا كل ظالم فاجرا، ولا كل من عرف الحق اتبعه، ولا كل من جهل الحق أنكره، ولا كل الذين خاضوا اختبارا عسيرا فجازوه بنجاح استطاعوا أن يجتازوا بقية الاختبارات!!
6. بقي أن ترى في هذا الكتاب طبيعة العدالة الأمريكية، وطبيعة الحضارة الغربية، وطبيعة الحكومات العربية والإسلامية.
ستراها في غرائب المعتقل وعجائبه، حين يأتي محقق ويقول للأسير: لقد اكتشفنا -بعد عشر سنوات- أنك برئ فعلا وأنك ذهبت إلى الإغاثة، ولكن هذا لن يغير من حالك شيئا!
حين يُسَلِّم العملاء تاجر مخدرات باعتباره مسؤولا ماليا خطيرا لطا لبا ن، رغبة في الجائزة الأمريكية، فيكتشف الأمريكان هذا، ولكنهم لا يفكرون في الإفراج عنه بل يفكرون في تشغيله كجاسوس على بقية الأسرى.
حين يأتي جون ماكين إلى المعتقل، ويبدي تعاطفه معهم، ثم يذهب إلى الكونجرس ليعارض إغلاقه!
القصص كثيرة.. امتدَّ بها الكتاب حتى جاوز خمسمائة صفحة ضيقة السطور!!
7. لو كان لي من الأمر شيء، لفرضتُ تدريس هذا الكتاب على سائر المحاضن التربوية وسائر المجموعات الدراسية.. فقد اجتمع فيه ما يُغني عن الكثير جدا جدا من غيره!
إنه كتاب عظيم حقا.. أسأل الله أن يحفظ مؤلفه وأن يحفظ عليه دينه وأن ينفع به وأن يختم له بالحسني.
وأسأله تعالى أن يجيرنا وإياكم من الضعف والذل، ومن القهر والأسر، وأن يبلغنا أيام العزة والنصر!
اقرأ: كلمة في أدب السجون:
https://www.facebook.com/mohammad.elh...
https://t.me/melhamy/2066
وإذا كنتُ الآن مُقْدِمًا على كتابة شيء عنه، فاعلم أخي القارئ أن الكاتب يُحْسِن التعبير عن المعاني التي أمسكها وقبض على زمامها، وأما المعاني التي تغمره وتحاصره فليس يحسن وصفها، بل يتيه ويتلعثم ويتلجلج، يحاول التنفيس عن نفسه أكثر مما يحاول تقديم الثمر إلى غيره.. وإن حالي مع هذا الكتاب كحال هذا الغريق الذي هاجمته المعاني من أقطارها فلم يحر سبيلا.
قد اجتمع في هذا الكتاب ما تفرق في غيره.. ودعني أقرب لك الصورة..
يحتفي الناس بكتاب ابن تيمية "درء التعارض بين العقل والنقل" لأنه سدَّ ثغرة فارغة، بين منهج السلف والالتزام بالنص وبين طريقة الفلاسفة وتسليط المنهج الفلسفي على النص، فهو -أي الكتاب- ردٌّ أثري على الطرح الفلسفي، حيث ثَوَّر ابن تيمية نصوص القرآن ليهدم بها بناء الفلسفة الذي بدا برّاقًا وخدَّاعًا حتى استلب عددا من فضلاء المسلمين فصاروا ينصرون الدين بمنطق الفلسفة ومنهجها.
ويحتفي الناس بكتاب ابن القيم "مدارج السالكين" لأنه سدَّ ثغرة فارغة بين الروحانية الصوفية التي تنزع إلى الشطحات وتتفلت من الأحكام وتتذرع لنفسها بالنصوص الضعيفة، وبين الجفاف الفقهي والصرامة الحديثية التي تصنع عقلا عظيما لكنه أشبه بالمحامي والخبير القانوني الذي يفتقد إلى روحانية العابدين.. فجاء هذا الكتاب ليكون هو الأمنية، كما يقول رشيد رضا!
ويحتفي الناس بكتاب سيد قطب "في ظلال القرآن"، وذلك أنه التفسير الذي قصد إلى بيان هداية القرآن والتعمق في معانيه وتوجيهاته وإرشاداته، وقد جاء بعد زمن طويل من تفاسير عديدة تهتم في القرآن بالنحو واللغة والبلاغة والأحكام الفقهية والجدل العقدي.. وكل هذا مهمٌّ في بيئة لا يتهدد فيها الإسلام نفسُه، أما وقد تهدد الإسلام بين أبنائه فما كان أشد حاجتهم إلى تفسير يُجَلِّي لهم معاني القرآن وهدايته وتفوقه وسموه على مناهج الأرض. وهو الأمر الذي رامه قبل ذلك محمد عبده ثم رشيد رضا ولكن لم يُقَدَّر لهما أن يكملاه، فبلغ الأمر تمامه على يد الشهيد سيد قطب رحمه الله.
وهذا الكتاب "البلاء الشديد والميلاد الجديد" يستحق أن يوضع في ذات المكانة بين كتب المذكرات وأدب السجون.. فقد اجتمع فيه ما تفرق في غيره!
1. اجتمع فيه أن كاتبه داعية إسلامي، يحسن التعبير عن الإسلام والدفاع عن قضيته وبيان محاسنه.. ولو أنك نظرتَ إلى كتب أدب السجون في عالمنا العربي لوجدتَ عجبا، إن الأغلبية الساحقة من نزلاء السجون هم من الدعاة والإسلاميين، ولكن أقل القليل منهم هو الذي كتب تجربته في السجن!
فلو أنك نظرت إلى كتب أدب السجون لانطبع في ذهنك أن أغلب الذين ذاقوا السجن كانوا من اليساريين والشيوعيين والمتهمين في انقلابات عسكرية فاشلة.
لقد كان الإسلاميون أكثر المسجونين، وأقلَّ الرواة لتجربتهم.. بعض هذا لزهدهم في الكتابة والرواية وبعضه لأن الظرف الأمني والسياسي لم يكن ليسمح بهذا.
2. وحتى الذين كتبوا تجربتهم من أولئك الإسلاميين، قد ندر فيهم من كتبها بقلمٍ بليغ وأسلوب بديع.. لقد جاء أغلب هذا كتابة خبرية تقريرية توثيقية.. بعض هذا لقلة الاهتمام بالأسلوب، وبعضه لأن الظرف الأمني والسياسي كان يناهض روايتهم فكانوا يكتبونها كإثبات وتوثيق أكثر من كتابتها لغرض الإفادة والتوجيه.
لقد اجتمع في هذا الكتاب عقل الداعية المسلم الذكي، مع القلم الأديب البليغ حسن البيان.. لقد كان المؤلف ذا علم غزير وذا بيان جميل، ولا يُزاحم كثرة المعاني الذكية الفائقة في كتابه إلا كثرة التشبيهات البديعة والعبارات الرائقة.
3. لم يكن جوانتانامو سجنا وحشيا كما هو حال السجون في الصين وروسيا والعراق وسوريا ومصر والأردن والمغرب.. لم تكن محنته في التقطيع والتعليق والسلخ وهتك الأعراض.. كان توحش هذا السجن توحشا على الطريقة الحديثة، على طريقة الحضارة الغربية.. إنه السجن الذي لا يسمح لك بالموت شهيدا في سبيل الله، بل يحاول أن يسلب إيمانك من قلبك، ويسيطر على مراكز التفكير في عقلك، ونقاط المشاعر في نفسك!
سجن أنشأه علماء نفس، لا لكسر العدو، بل "لترويضه".. سجنٌ يريد منك أن تتوب إلى الغرب وتقف باكيا على أعتابه، مؤمنا بأنك قد أخطأت في حقه، معترفا وموقنا في قرارة نفسك بأنك ارتكبت إثما عظيما حين فكرت في مقاومته، بل حين فكرت في إغاثة من سحقهم هو بيده!
لذلك اجتمع في جوانتانامو من قاومهم، ومن ذهب إلى الإغاثة، ومن ظل على الحدود يغيث من بعيد..
ولئن كان الأسير في السجون الوحشية على الطريقة الشرقية والعربية لا يجد له ملجأ إلا الإيمان، رغبا أو رهبا، حبا أو اضطرارا، فإن سجين الحضارة الغربية يوضع إيمانه على المحكّ!!
ولقد نجحوا أحيانا.. في هذا الكتاب ترى مسلمين قد ارتدوا، ومزقوا المصاحف بأيديهم، وترى من كان مجا هد ا في الصفوف الأولى يوما قد عمل جاسوسا على إخوانه، وترى من كان يصوم النهار ويقوم الليل وقد تطوع ليوقع غيره في المشكلات إرضاء للأمريكان!!
هنا ترى زلزلة النفس، وانقلابها، وتقلبها بين السمو والدُنُوّ، بين السموق والسفول..
نجحوا أحيانا، وفشلوا كثيرا.. تاجر المخدرات الذي سيق إلى جوانتانامو بالخطأ فأشرقت روحه فانقلب حاله، وآخر فضَّل البقاء في جوانتانامو على أن يُفرج عنه ليذهب إلى أوروبا خشية الفتنة، يوسف جديد يقول (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه)، وآخر قد بلغ الغاية من النحافة والنحول والهزال ولكن همَّته أعجزتهم فكان يبلغ منهم وهو في أسره وضعفه ما جعلهم يندفعون إلى قتله والتخلص منه! وآخر قد خرج من جوانتانامو فصار مفاوضا للأمريكان ضمن وفد طالبان! وآخر قد خرج منه فعاد لمواجتهم مرة أخرى حتى قضى نحبه!!!
بل انقلب عليهم الأمر أحيانا أخرى، لقد أسلم عدد من الجنود الأمريكان بعدما رأى الإسلام يشع من هؤلاء الأسرى! ووقف المحققون معجبون أو متحيرون من صلابة هؤلاء واجتماعهم على غير أرحام ولا أنساب!!
4. ألم أقل لك قد اجتمع في هذا الكتاب ما تفرق في غيره؟!.. إذا كنت قد قرأت شيئا عن مآسي السجون المصرية أو السورية أو المغربية ... فهنا في جوانتانامو جاءك المصري والمغربي واليمني والسعودي والأفغاني والتركستاني والموريتاني.. أمة واحدة في سجن واحد!!
انتظر انتظر.. قد جاءك أيضا آخرون، قد جاءتك وفودٌ أمنية من البلاد العربية لتحقق مع المعتقلين.. سترى في هذا الكتاب قصة الوفد الأمني المصري، وقصة وفد أمني كويتي، وقصة وفد صيني، وقصة وفود أخرى لم يشأ المؤلف أن يُعَيِّنَها..
قد اجتمع في جوانتانامو خلاصة الظلم، وخلاصة المظلومين، قد نطق جوانتانامو عن نفسه بأنه ساحة المعركة الحضارية العالمية، حين يأتي مصري ومصري، بعضهم أسير وبعضهم يحقق معه، على الأرض الكوبية التي احتلها الأمريكان.. هل كان بوسع أحد أن يُلَخِّص حقيقة ما يحدث في هذا العالم أبلغ وأخصر وأوجز من أن يضع لك هذه الصورة؟!
5. كنتُ في منشور سابق، سأضع لك رابطه في نهاية هذا المقال، قد ذكرتُ أن من فوائد القراءة في أدب السجون أن تتعلم منها طبائع النفس والجماعات بأسلوب بسيط ومفهوم ومَحْكِيّ بدلا من كتب علوم النفس والاجتماع التي تمزق طبيعة المأساة الإنسانية لتحقق انسجامها التصنيفي الدراسي الصفيق الغليظ..
في هذا الكتاب أبدع المؤلف في وصف مشاعر النفس وتأملاتها ومآزقها ومحنها.. إنها أربعة عشر عاما في جوانتانامو.. حيث اليوم الواحد مزدحم بالمآسي فكيف بالأعوام الطويلة!
كذلك أبدع في وصف مجتمع المقهورين، وما ينشأ بينهم من الروابط، ثم ما ينشأ بينهم وبين سجانيهم وجلاديهم من العلاقات، وكذلك مجتمع الجلادين والسجانين.. دفقة قوية في علم الاجتماع تأخذها عمليا من حكاية جوانتانامو.
ولأن المؤلف -حفظه الله- على قدر عال من العلم والفقه في الدين فقد كانت تأملاته ومواقفه مربوطة دائما بالقرآن والسنة وقصص الأنبياء والصالحين.. وبهذا اجتمعت المعاني التربوية العميقة بالتأملات النفسية واليوميات الجماعية.. لم أر أحدا من قبل استطاع أن يبلغ هذا المستوى!
ولأن المؤلف قصد إلى بيان الحقيقة، فإن الواقع يظهر في هذا الكتاب كما هو، يظهر معقدا ومربكا ومستعصيا على القوانين والمعادلات البسيطة.. فليس كل مظلوم بطلا ولا كل ظالم فاجرا، ولا كل من عرف الحق اتبعه، ولا كل من جهل الحق أنكره، ولا كل الذين خاضوا اختبارا عسيرا فجازوه بنجاح استطاعوا أن يجتازوا بقية الاختبارات!!
6. بقي أن ترى في هذا الكتاب طبيعة العدالة الأمريكية، وطبيعة الحضارة الغربية، وطبيعة الحكومات العربية والإسلامية.
ستراها في غرائب المعتقل وعجائبه، حين يأتي محقق ويقول للأسير: لقد اكتشفنا -بعد عشر سنوات- أنك برئ فعلا وأنك ذهبت إلى الإغاثة، ولكن هذا لن يغير من حالك شيئا!
حين يُسَلِّم العملاء تاجر مخدرات باعتباره مسؤولا ماليا خطيرا لطا لبا ن، رغبة في الجائزة الأمريكية، فيكتشف الأمريكان هذا، ولكنهم لا يفكرون في الإفراج عنه بل يفكرون في تشغيله كجاسوس على بقية الأسرى.
حين يأتي جون ماكين إلى المعتقل، ويبدي تعاطفه معهم، ثم يذهب إلى الكونجرس ليعارض إغلاقه!
القصص كثيرة.. امتدَّ بها الكتاب حتى جاوز خمسمائة صفحة ضيقة السطور!!
7. لو كان لي من الأمر شيء، لفرضتُ تدريس هذا الكتاب على سائر المحاضن التربوية وسائر المجموعات الدراسية.. فقد اجتمع فيه ما يُغني عن الكثير جدا جدا من غيره!
إنه كتاب عظيم حقا.. أسأل الله أن يحفظ مؤلفه وأن يحفظ عليه دينه وأن ينفع به وأن يختم له بالحسني.
وأسأله تعالى أن يجيرنا وإياكم من الضعف والذل، ومن القهر والأسر، وأن يبلغنا أيام العزة والنصر!
اقرأ: كلمة في أدب السجون:
https://www.facebook.com/mohammad.elh...
https://t.me/melhamy/2066
January 29, 2022
لقد أخذني هذا الكتاب بعيداً جداً ، وأنفرد بي لأيام طِوال ، نسيت فيها نفسي ومن أكون ، نسيت حياتي وصحبي واختبارات الجامعة والحياة النابضة حولي وبقيت منكفئة ساعات وساعات في الليالي اقرأ وأستزيد وتنهل مني العبرات ، أعود في الصباح لأمارس حياتي فلا أستطيع وتأخذني الذاكرة لوجوه لا أعرف ملامحها لكني أعرف دواخلها ، لأيام لم أعشها لكني تجرعت مُرها ، لـ بلاء عظيم لم يكن مجرد ميلادٍ لصاحبه ، بل لي ..ولكثر أخرين .
شاء الله عز وجل أن أستمع لأنشودة في رضاك مرة ، ولازلت أذكر التعجب الذي طالني من كلمات تصف عذابات السجن وهوله بأنها كلها فدى رضا الله ، تعجب�� كيف يستطيع الإنسان أن يكون واثقاً حد الثقة هكذا ؟ وماكنت أدري أن وراء هذه الكلمات روح صادقة افتدت نفسها وسنين عمرها وأعز ما تملكه كي يرضى الله عنها !
ومنذ سمعت الأنشودة عزمت على قراءة الكتاب ولم تسنح الفرصة إلا قبل أسبوع ، في أكثر فترات انشغالي ووسط البرد الشديد ، كنت أرتجف تحت الغطاء وأتذكر معاناة السجناء فأصمت خجلاً .. وأحسب أنني سأصمت كثيراً في الايام القادمة ، لقد أدبني هذا الكتاب وأدبتني هذه التجربة وليس مجرد شعور لحظي ، لكنه معيار عظيم سأعود له مراراً ، مع كل بلاء يحيطني أو غيري .. هل عشتُ كما عاش الأستاذ فايز وصحبه ؟ لا ، فلأصمت إذن !
ماذا أقول أكثر ؟ وهل يملك مثلي أن يصف كتاباً بهذا القدر ؟ ليست المسألة كونه كتاباً عن غوانتانامو ، فقد قرأت في أدب السجون وسمعت أهوالاً في سجون زبانية العرب أكثر ، المسألة هي في الشخصية التي تقف وراء هذا الكتاب ، في عمق الاستاذ فايز وصدقه وقوة شخصيته وفهمه الصحيح للدين وامتثاله القرآن عملياً ، إنه في الهم العظيم الذي يحمله وتحمّل لأجله سنين الظلم ولم يندم ، إنه في نفوس متوقدة مثله تمنحني أملاً وأنا مازلت في بداية طريقي ..
هذا الكتاب نقطة فارقة ، لن تخرج من تلابيبه بسهولة وليس عليك أن تفعل ، بل لا بد من أن تعيشه وتتشربه وتدرك معانيه البعيدة ..
قد أتاك
بالعيون الدامعات
في الليالي الساجيات
قد أتاك
روعة الجمال .. هيبة الجلال
أن يراك !
شاء الله عز وجل أن أستمع لأنشودة في رضاك مرة ، ولازلت أذكر التعجب الذي طالني من كلمات تصف عذابات السجن وهوله بأنها كلها فدى رضا الله ، تعجب�� كيف يستطيع الإنسان أن يكون واثقاً حد الثقة هكذا ؟ وماكنت أدري أن وراء هذه الكلمات روح صادقة افتدت نفسها وسنين عمرها وأعز ما تملكه كي يرضى الله عنها !
ومنذ سمعت الأنشودة عزمت على قراءة الكتاب ولم تسنح الفرصة إلا قبل أسبوع ، في أكثر فترات انشغالي ووسط البرد الشديد ، كنت أرتجف تحت الغطاء وأتذكر معاناة السجناء فأصمت خجلاً .. وأحسب أنني سأصمت كثيراً في الايام القادمة ، لقد أدبني هذا الكتاب وأدبتني هذه التجربة وليس مجرد شعور لحظي ، لكنه معيار عظيم سأعود له مراراً ، مع كل بلاء يحيطني أو غيري .. هل عشتُ كما عاش الأستاذ فايز وصحبه ؟ لا ، فلأصمت إذن !
ماذا أقول أكثر ؟ وهل يملك مثلي أن يصف كتاباً بهذا القدر ؟ ليست المسألة كونه كتاباً عن غوانتانامو ، فقد قرأت في أدب السجون وسمعت أهوالاً في سجون زبانية العرب أكثر ، المسألة هي في الشخصية التي تقف وراء هذا الكتاب ، في عمق الاستاذ فايز وصدقه وقوة شخصيته وفهمه الصحيح للدين وامتثاله القرآن عملياً ، إنه في الهم العظيم الذي يحمله وتحمّل لأجله سنين الظلم ولم يندم ، إنه في نفوس متوقدة مثله تمنحني أملاً وأنا مازلت في بداية طريقي ..
هذا الكتاب نقطة فارقة ، لن تخرج من تلابيبه بسهولة وليس عليك أن تفعل ، بل لا بد من أن تعيشه وتتشربه وتدرك معانيه البعيدة ..
قد أتاك
بالعيون الدامعات
في الليالي الساجيات
قد أتاك
روعة الجمال .. هيبة الجلال
أن يراك !
September 16, 2020
وددت لو يقرأ العالم هذه السيرة المطرزة بالآلام والحب. على أن به الكثير من الإطالة إلا أنه أحد الكتب القليلة التي تمنيت ألا تنتهي، كتب بروح مؤمنة ونفس صابرة وقلب محب للخير.
November 7, 2022
بعد رجوعي من غوانتانامو كنت ألحظ من البعض نظرات الشفقة» والرثاء على عمر طويل ضاع خلف القضبان! مساكين . . ظنوا أني خسرت أربعة عشر عامًا من حياتي، لم يعلموا أن العمر لا قيمة له إلا حين نجد أنفسنا، وأنا لم أجد نفسي إلا في غوانتانامو.»
January 2, 2024
من أعذب ما قرأت من السير الذاتية إن لم يكن أعذبها، وأفضل ما قرأتُ على الإطلاق في أدب السجون.
لا يُميز هذا الكتابَ رهافة أسلوبه وجودة لغته ومدى تأثير قصته فقط، وإنما يميزه أيضًا شخصية كاتبه التي تتضح مع كل فصل، والتي كلما ظننتَ أنك بلغتَ الحد في إجلالها فاجأتك بمآثر جديدة أدهشتك أكثر، هذه الشخصية المؤمنة المنافحة عما تؤمن به، الثابتة على المبدأ غير القابلة للمساومة عليه، العزيزة في مواجهة قوة غاشمة ومحتالة، لو كانت تلك فقط صفاتها لكفى بها منقبةً في سجن غوانتامو، لكنها كذلك شخصية مثقفة، حصيفة العقل، ذكية، سريعة البديهة، قوية الحجة، ثم هذا كله في طيبةٍ وسوية نفسية.
تتبدى كل تلك الصفات في وعي الكاتب الكبير بما يدور حوله وفي عدم انخداعه بما انخدع به غيره، وفي ردوده السريعة المُفحمة على المحققين حتى أُسقط في أيديهم أكثر من مرة، وفي حس فكاهته القوي في أحلك الظروف وسخريته من غباء سجَّانيه، وفي سعيه بالإصلاح بين المتخاصمين من المعتقلين وألمه لمن يُصاب منهم أو يموت، وكذلك في انتفاعه من محنته تلك حتى قال:
"ظنوا أني خسرت أربعة عشر عامًا من حياتي، لم يعلموا أن العمر لا قيمة له إلا حين نجد أنفسنا، وأنا لم أجد نفسي إلا في غوانتنامو".
من أجمل وأعمق وأذكى حوارات الكتاب الحوار الذي صاغه بين مُعتقلين سمَّاهما سالمًا وأحمد، يصلح ليُوضع في عين كل من يلوم مقاومة المظلوم لظالمه باللغة التي يفهمها فقط لأن تلك المقاومة تزعزع اطمئنانه وتستجلب غضب الظالم عليه وتشمله فيه. يقول أحمد ردًّا على سالم الذي يتهمه بأنه السبب في الإضرار بعمله الإغاثي:
"لم أر في حياتي وزارة بلدية تهاجم وزارة الدفاع لأنها تسببت في الإضرار بها حين ردت العدو! أرجوك يا سالم لا تقارن حفرَ بئرٍ وبناءَ مسجد ومائدةَ إفطارٍ وقراءةَ كتابٍ بمَن يواجه الموت مكشوف الصدر، إن حفر البئر لن يدفعَ عنكَ نابَ الذئب، ومائدة الإفطار لن تُحرر أرضًا محتلة، ومحرابَ المسجدِ لن يرجُع حقك المسلوب، سيغتصب العدو بئرك وسيحول مسجدك مرقصا يحتفل به بانتصاره عليك وتكون وليمة نصره ما أعددتها لتكون مائدة إفطار. في أوقات الخطر تكون الأولوية للأمن، لا تستعلِ عليَّ بحفر بئر وأنت تراني أشق قناة إلى النهر ليتدفق منها سيل يُغني القريةَ عن بئرك، عينٌ عمياءُ تلك التي تُبصر اليد التي تقدم لها كأسَ الماء ولا تُبصر اليد التي تشق لها القناة، ما نُريد تحقيقه أعظم بكثير من بئرك يا سالم، حين تُحيط الذئاب بابنك الجائع ستكون العصا خيرًا من الرغيف".
كتاب قيَّم وجميل وجدير بالقراءة مراتٍ ومراتٍ ومرات، يكشف لك كثيرًا من الأكاذيب التي صدَّقتها أو تكاد عن المجاهدين في أفغانستان والشيشان وكل مكان يقاوم القوى الإمبريالية الغربية عموما.
لا يُميز هذا الكتابَ رهافة أسلوبه وجودة لغته ومدى تأثير قصته فقط، وإنما يميزه أيضًا شخصية كاتبه التي تتضح مع كل فصل، والتي كلما ظننتَ أنك بلغتَ الحد في إجلالها فاجأتك بمآثر جديدة أدهشتك أكثر، هذه الشخصية المؤمنة المنافحة عما تؤمن به، الثابتة على المبدأ غير القابلة للمساومة عليه، العزيزة في مواجهة قوة غاشمة ومحتالة، لو كانت تلك فقط صفاتها لكفى بها منقبةً في سجن غوانتامو، لكنها كذلك شخصية مثقفة، حصيفة العقل، ذكية، سريعة البديهة، قوية الحجة، ثم هذا كله في طيبةٍ وسوية نفسية.
تتبدى كل تلك الصفات في وعي الكاتب الكبير بما يدور حوله وفي عدم انخداعه بما انخدع به غيره، وفي ردوده السريعة المُفحمة على المحققين حتى أُسقط في أيديهم أكثر من مرة، وفي حس فكاهته القوي في أحلك الظروف وسخريته من غباء سجَّانيه، وفي سعيه بالإصلاح بين المتخاصمين من المعتقلين وألمه لمن يُصاب منهم أو يموت، وكذلك في انتفاعه من محنته تلك حتى قال:
"ظنوا أني خسرت أربعة عشر عامًا من حياتي، لم يعلموا أن العمر لا قيمة له إلا حين نجد أنفسنا، وأنا لم أجد نفسي إلا في غوانتنامو".
من أجمل وأعمق وأذكى حوارات الكتاب الحوار الذي صاغه بين مُعتقلين سمَّاهما سالمًا وأحمد، يصلح ليُوضع في عين كل من يلوم مقاومة المظلوم لظالمه باللغة التي يفهمها فقط لأن تلك المقاومة تزعزع اطمئنانه وتستجلب غضب الظالم عليه وتشمله فيه. يقول أحمد ردًّا على سالم الذي يتهمه بأنه السبب في الإضرار بعمله الإغاثي:
"لم أر في حياتي وزارة بلدية تهاجم وزارة الدفاع لأنها تسببت في الإضرار بها حين ردت العدو! أرجوك يا سالم لا تقارن حفرَ بئرٍ وبناءَ مسجد ومائدةَ إفطارٍ وقراءةَ كتابٍ بمَن يواجه الموت مكشوف الصدر، إن حفر البئر لن يدفعَ عنكَ نابَ الذئب، ومائدة الإفطار لن تُحرر أرضًا محتلة، ومحرابَ المسجدِ لن يرجُع حقك المسلوب، سيغتصب العدو بئرك وسيحول مسجدك مرقصا يحتفل به بانتصاره عليك وتكون وليمة نصره ما أعددتها لتكون مائدة إفطار. في أوقات الخطر تكون الأولوية للأمن، لا تستعلِ عليَّ بحفر بئر وأنت تراني أشق قناة إلى النهر ليتدفق منها سيل يُغني القريةَ عن بئرك، عينٌ عمياءُ تلك التي تُبصر اليد التي تقدم لها كأسَ الماء ولا تُبصر اليد التي تشق لها القناة، ما نُريد تحقيقه أعظم بكثير من بئرك يا سالم، حين تُحيط الذئاب بابنك الجائع ستكون العصا خيرًا من الرغيف".
كتاب قيَّم وجميل وجدير بالقراءة مراتٍ ومراتٍ ومرات، يكشف لك كثيرًا من الأكاذيب التي صدَّقتها أو تكاد عن المجاهدين في أفغانستان والشيشان وكل مكان يقاوم القوى الإمبريالية الغربية عموما.
September 3, 2020
عرفت أنه لا قيمة للإنسان بعيداً عن الله، وأن قيمته تلك لا تتحقق إلا حين يعيش الصراع بين الحق والباطل. " ومابدلو تبديلا "
نحسبه كذلك ولا نزكي على الله احد
نحسبه كذلك ولا نزكي على الله احد
October 23, 2021
بعد أكثر من 500 صفحة من "البَلاءِ الشَّديد والميلاد الجديد، أربعة عشر عاما في غوانتانامو"؛ استعذت بالله من الأسر والقهر، ودعوته بأن يُفَرِّج عن عِباده الأسرى في مشارق الأرض ومغاربها.
وأنا اقرأ الكِتاب في جلسة أثيرة مريحة ، خلّف لي الكتاب صُورًا وجُملا مُروعة، ثِقلًا نفسيًّا رهيبا، مرارة في الفم وفي النفس، فكيف بالمعتقلين هناك أربعة عشر عاما أو تزيد في سجن من أبشع السجون في العالم ذو هدف تحطيمي لنفسية المعتقل " وترويضه"؟ وكيف بمن في السجون العربية عند بشار والسيسي؟ ي إلهي!
إن كنت سأحكم على الكتاب؛ فهو عظيم رائع مروِّع، شيِّق السرد، جميل المعاني، لطيف التأملات الإيمانية.
وإن كنت سأحكم على ما في الكتاب؛ فهو حتما كتاب عظيم رائع مروع. بتفاصيل السجن والتَرويض، بالمشاهدات اليَومية لِنفسية المعتقلين، لتمرُّداتهم على القوانين الظالمة والإهانات المُتَعَمَّدة في حق القرآن والمعتقل بالتفتيش المهين، بحقائِق مُقَاومة الموت والذُّل والهوان، وذكريات المُعتقلين وأُخوَّتهم.
فغوانتانامو مكان لِترويض الخيول الجامحة، أو كما قال أحدهم: ( بأنهم لا يتركون المعتقل يموت ميتة هنية، ولا ليحيا حياة كريمة).
بدأ الإعتقال بعد أحداث ١١ سبتمبر بقصف أفغانستنان، وتواطئ بعض الأفغان تسليم العرب مقابل مكافآت مالية، وكان فايز من المسافرين لإحدى القرى الأفغانية الفقيرة لحفر بئر وبناء مسجد؛ تمّ تسليمُه للجيش الأمريكي، مُنتقِلًا بين قاعدة بغرام وقندهار، والسفر لما يزيد عن عشرين ساعة لقاعدة غوانتانامو.
كان الأمريكان يصرفون المكافآت المالية للأفغان المتعاونين بتسليم قادة طالبان خاصّة والعرب عموما؛ فكانوا يسلمونهم أحيانا من لا علاقة له بطالبان ولا بالعمل الإسلامي، حتى إنهم سلموهم تاجر مخدرات، يُخادعون الأمريكان بِهم على بعض الدولارات، وما يُخادعون إلا أنفسهم. وحين اكتشف الأمريكان ذلك في غوانتانامو أرادوا استعماله كجاسوس بين المعتقلين، لكن الله أبى لهذا التاجر إلا الهداية وأتم عليه نوره بالإستقامة وحفظ القرآن بِمحنة السجن في الجزيرة الكوبية.
غوانتانامو المحك الذي تظهر عليه حقيقة الإيمان؛ فكما يوجد من وُلد من جديد من رَحم هذا البلاء، وانكشفت له حقائق القرآن ولطائف الإيمان، تاجر المخدرات، ويوسف هذا الزمان الذي قال السجن أحب إليّ من شهوات أوروبا وفِتنها، وأحمد الذي ترك الطب والمنصب والثراء متوجها للجبال مدافعا وحاملا لراية الجهاد.. هناك من فقد إيمانه أيضا في غوانتانامو، ومن مزق المصحف، ومن شارك المعتقلين الصوم والصلاة، وشارك الأمريكان الأسرار التي يبوحون له بها في لحظات المسامرة والحنين. غوانتانامو كذلك مرآة للنفس الشريرة والمُعتدية، للجنود الذين أسلموا، وآخرين أثارت أخوّة المعتقلين - أكثر من خمسين جنسية- إعجابهم، وللمنتقمين الذين تظهر نزعات الشر في نفوسهم الوضيعة المقتنعين بأن المسجونين إرهاب وقتلة.
غوانتانامو خليط من كل هؤلاء!
يجمع الكتاب بين اللغة الجميلة والسرد الشيق، وبين الحجة الدامغة والتوثيق لمعايشات المعتقلين داخل غوانتانامو.
بين عقل داعية وحافظ للقرآن، ومُلم بالتاريخ وصاحب حجة لا يقبل الهوان والذل، يتطلع لِغد أمةٍ تسترجعُ مَجدها التليد؛ وبين قلم أديب أريب، صاحب نفس عزيزة وكريمة يعتريها ما يعتري النفوس من ضعف وشوق للأهل وتوق للحرية، انكشفت له تأملات ولطائف القرآن، استعملها يومَ كان مُعتقلا في الدعوةِ إلى الله وتصبير إخوته والتصبُّر معهم على البلايا الشِّداد، ثم نقلها بعد الأسر سطورًا تحوي آلاف العبر، لِمن يعتبر!
قصة الجسد الذي يجوع، ويُعتقل، ويُهان؛ فتنطلق روحه في فضاء الحرية والشبع والعزة والإيمان.
قصة العالم والعابد والحافظ والداعية الذي كان يرى في الدين متون تحفظ ومواعظ تبكي؛ فيصبح في السجن يدرك حقيقة العلم بالمعاينة، واليقين بالمشاهدة.
قصة الجندي الذي يربط ويعذب ويُهين معتقل، فإذا بالمعتقل - بصموده وتمرده- يلاحق الجندي ويُخَلِّف عليه وله ضغوطًا رهيبة وصورا وذكريات لتفزعه وتنزع منه مسحة الإنسانية؛ فتحارُ أيهما السجين؟ وأيهما الأسير.
قصة أمريكا راعية الحضارة، صاحبة تمثال الحرية، وجهة المهاجرين، وقبلة المتحررين؛ فتظهر حقيقتها - لمن أبى، وإلا فهي ظاهرة- منذ عهد الهنود الحمر، التاريخ الملئ بالقتل والدماء، وليس خاتمتها قصف أفغانستنان، ليكون غوانتانامو شاهدة تقابل تمثال الحرية بفجاجة.
الكتب ا��جيدة هي التي لا تستطيع جمل نقاط الحديث عنها؛ وبرأيي - الذي يميل لكتب السيرة- فإنه كتاب فوق الجيد، لغة وسردًا، توثيقا لأحداث، ونقلا لوقائع، ورصدا لنفسيات المعتقلين والجنود، ومشاهدة ومعايشة لكل ذلك؛ أربعة عشر عاما، ساعة، يوم، أسبوع، شهر، عام.
ذهب الأسر، وبقي الأجر إن شاء الله..
وفكّ الله بالعز أسر المعتقلين في مشارق الأرض ومغاربها، من نعلمهم ومن لا نعلمهم.
وأنا اقرأ الكِتاب في جلسة أثيرة مريحة ، خلّف لي الكتاب صُورًا وجُملا مُروعة، ثِقلًا نفسيًّا رهيبا، مرارة في الفم وفي النفس، فكيف بالمعتقلين هناك أربعة عشر عاما أو تزيد في سجن من أبشع السجون في العالم ذو هدف تحطيمي لنفسية المعتقل " وترويضه"؟ وكيف بمن في السجون العربية عند بشار والسيسي؟ ي إلهي!
إن كنت سأحكم على الكتاب؛ فهو عظيم رائع مروِّع، شيِّق السرد، جميل المعاني، لطيف التأملات الإيمانية.
وإن كنت سأحكم على ما في الكتاب؛ فهو حتما كتاب عظيم رائع مروع. بتفاصيل السجن والتَرويض، بالمشاهدات اليَومية لِنفسية المعتقلين، لتمرُّداتهم على القوانين الظالمة والإهانات المُتَعَمَّدة في حق القرآن والمعتقل بالتفتيش المهين، بحقائِق مُقَاومة الموت والذُّل والهوان، وذكريات المُعتقلين وأُخوَّتهم.
فغوانتانامو مكان لِترويض الخيول الجامحة، أو كما قال أحدهم: ( بأنهم لا يتركون المعتقل يموت ميتة هنية، ولا ليحيا حياة كريمة).
بدأ الإعتقال بعد أحداث ١١ سبتمبر بقصف أفغانستنان، وتواطئ بعض الأفغان تسليم العرب مقابل مكافآت مالية، وكان فايز من المسافرين لإحدى القرى الأفغانية الفقيرة لحفر بئر وبناء مسجد؛ تمّ تسليمُه للجيش الأمريكي، مُنتقِلًا بين قاعدة بغرام وقندهار، والسفر لما يزيد عن عشرين ساعة لقاعدة غوانتانامو.
كان الأمريكان يصرفون المكافآت المالية للأفغان المتعاونين بتسليم قادة طالبان خاصّة والعرب عموما؛ فكانوا يسلمونهم أحيانا من لا علاقة له بطالبان ولا بالعمل الإسلامي، حتى إنهم سلموهم تاجر مخدرات، يُخادعون الأمريكان بِهم على بعض الدولارات، وما يُخادعون إلا أنفسهم. وحين اكتشف الأمريكان ذلك في غوانتانامو أرادوا استعماله كجاسوس بين المعتقلين، لكن الله أبى لهذا التاجر إلا الهداية وأتم عليه نوره بالإستقامة وحفظ القرآن بِمحنة السجن في الجزيرة الكوبية.
غوانتانامو المحك الذي تظهر عليه حقيقة الإيمان؛ فكما يوجد من وُلد من جديد من رَحم هذا البلاء، وانكشفت له حقائق القرآن ولطائف الإيمان، تاجر المخدرات، ويوسف هذا الزمان الذي قال السجن أحب إليّ من شهوات أوروبا وفِتنها، وأحمد الذي ترك الطب والمنصب والثراء متوجها للجبال مدافعا وحاملا لراية الجهاد.. هناك من فقد إيمانه أيضا في غوانتانامو، ومن مزق المصحف، ومن شارك المعتقلين الصوم والصلاة، وشارك الأمريكان الأسرار التي يبوحون له بها في لحظات المسامرة والحنين. غوانتانامو كذلك مرآة للنفس الشريرة والمُعتدية، للجنود الذين أسلموا، وآخرين أثارت أخوّة المعتقلين - أكثر من خمسين جنسية- إعجابهم، وللمنتقمين الذين تظهر نزعات الشر في نفوسهم الوضيعة المقتنعين بأن المسجونين إرهاب وقتلة.
غوانتانامو خليط من كل هؤلاء!
يجمع الكتاب بين اللغة الجميلة والسرد الشيق، وبين الحجة الدامغة والتوثيق لمعايشات المعتقلين داخل غوانتانامو.
بين عقل داعية وحافظ للقرآن، ومُلم بالتاريخ وصاحب حجة لا يقبل الهوان والذل، يتطلع لِغد أمةٍ تسترجعُ مَجدها التليد؛ وبين قلم أديب أريب، صاحب نفس عزيزة وكريمة يعتريها ما يعتري النفوس من ضعف وشوق للأهل وتوق للحرية، انكشفت له تأملات ولطائف القرآن، استعملها يومَ كان مُعتقلا في الدعوةِ إلى الله وتصبير إخوته والتصبُّر معهم على البلايا الشِّداد، ثم نقلها بعد الأسر سطورًا تحوي آلاف العبر، لِمن يعتبر!
قصة الجسد الذي يجوع، ويُعتقل، ويُهان؛ فتنطلق روحه في فضاء الحرية والشبع والعزة والإيمان.
قصة العالم والعابد والحافظ والداعية الذي كان يرى في الدين متون تحفظ ومواعظ تبكي؛ فيصبح في السجن يدرك حقيقة العلم بالمعاينة، واليقين بالمشاهدة.
قصة الجندي الذي يربط ويعذب ويُهين معتقل، فإذا بالمعتقل - بصموده وتمرده- يلاحق الجندي ويُخَلِّف عليه وله ضغوطًا رهيبة وصورا وذكريات لتفزعه وتنزع منه مسحة الإنسانية؛ فتحارُ أيهما السجين؟ وأيهما الأسير.
قصة أمريكا راعية الحضارة، صاحبة تمثال الحرية، وجهة المهاجرين، وقبلة المتحررين؛ فتظهر حقيقتها - لمن أبى، وإلا فهي ظاهرة- منذ عهد الهنود الحمر، التاريخ الملئ بالقتل والدماء، وليس خاتمتها قصف أفغانستنان، ليكون غوانتانامو شاهدة تقابل تمثال الحرية بفجاجة.
الكتب ا��جيدة هي التي لا تستطيع جمل نقاط الحديث عنها؛ وبرأيي - الذي يميل لكتب السيرة- فإنه كتاب فوق الجيد، لغة وسردًا، توثيقا لأحداث، ونقلا لوقائع، ورصدا لنفسيات المعتقلين والجنود، ومشاهدة ومعايشة لكل ذلك؛ أربعة عشر عاما، ساعة، يوم، أسبوع، شهر، عام.
ذهب الأسر، وبقي الأجر إن شاء الله..
وفكّ الله بالعز أسر المعتقلين في مشارق الأرض ومغاربها، من نعلمهم ومن لا نعلمهم.
August 1, 2021
ليس لدي الكثير لأكتبه، فالكتاب يستحق القراءة والنصح به بلا شك، لكن تظهر عظمة الكتاب بعيدا عن مضمونه أن صاحبه نوى كتابته وحتى حدد عنوانه مع بداية محنته، ووسط أهوال التعذيب والتحقيق والإهانات دوّن كثيرا من كتابه، وقد أكبرت جدا همته العالية وجلده فى فعل هذا، لقد كنت كثيرا أفكر وأنا أقرأ عما عانه المعتقلون، ماذا لو كنت مكان واحد منهم - نسأل الله العافية- إلى كم سأصمد؟،وماذا سيتبقي من إنسانيتي وقواي العقلية والجسدية والإيمانية حتى أستمر؟!.
هو قد تجاوز كل هذه الأسئلة تقريبا، وأصبح فى مرحلة كيف أخرج من هذه المحنة بشخصية أفضل مما دخلت ع الأقل من الناحية الإيمانيّة بل توسع ليتحول نفسه بكتابه مشعل للسائرين فى طريق المحن، و رمز ثبات فى مواجهة فتن الحياة المعاصرة وقد تمثلت فى سجنه وهو عاري من أسباب دفعها إلا رحمة الله وفضله.
وفى النهاية فظنى - الذى أشبه باليقين-ما كان لفايز الكندري ليكون حديث الساعة أو يعرف أصلا في كثير من الأوساط إلا بهذه المحنة التى أخرجت لنا هذا الكتاب الرائع.
هو قد تجاوز كل هذه الأسئلة تقريبا، وأصبح فى مرحلة كيف أخرج من هذه المحنة بشخصية أفضل مما دخلت ع الأقل من الناحية الإيمانيّة بل توسع ليتحول نفسه بكتابه مشعل للسائرين فى طريق المحن، و رمز ثبات فى مواجهة فتن الحياة المعاصرة وقد تمثلت فى سجنه وهو عاري من أسباب دفعها إلا رحمة الله وفضله.
وفى النهاية فظنى - الذى أشبه باليقين-ما كان لفايز الكندري ليكون حديث الساعة أو يعرف أصلا في كثير من الأوساط إلا بهذه المحنة التى أخرجت لنا هذا الكتاب الرائع.
July 23, 2022
[لم أعرف عظمة القرآن ونوره إلا في الانفرادي!]
يا الله..مؤلم جدا.. مبكي جدا.. ورائعٌ جدا!
رغم ما تحوي هذه الكتب من ألم إلا أنها تنعش القلب!
بعدما قرأت حوالي مائة صفحة، وبدأ الكاتب يسرد أحداث التعذيب شعرت بأني لن أتحمل أكثر، وقررت أن أكتفي بهذا القدر، وبالفعل ذهبت لآخر الكتاب لأرى كيف جاءت الحرية..
ولكن بعد ما وصلت للنهاية، وجدتني أعود للموضع الذي توقفت فيه وأقرأ كل كلمة، ثم شاهدت الفيلم الوثائقي 552 (وهو رقم الكاتب في المعتقل)
الفكرة التي تسيطر عليَّ وأنا أقرأ عن مثل هؤلاء الشجعان
أن الله جل جلاله ينظر إليَّ من فوق سبع سماوات ويراني وأنا أتنعم في بيتي بالأمن والدفء والشبع ورغم ذلك كثيرا ما يصيبني الكسل والملل والفتور، وفي الوقت نفسه ينظر أيضا إلى هؤلاء الذين يُعانون من الجوع والبرد وقلة النوم والفتن والتعذيب، فيبتسموا ويقولوا (في سبيل الله)!
ثم ماذا؟؟
يحتسبون أجر الصبر ويجلسون ينتظرون الفرج؟؟
لا، بل يقضون نهارهم في الصوم وقراءة القرآن، وليلهم في قيام الليل والدعاء رغم كل ما بهم من آلام جسدية ونفسية!
ويظلون على مثل هذه الحال لسنوات!
فاللهم ثبتهم.. اللهم تقبل منهم.. اللهم فرِّج عنهم
طوال القراءة وأنا أفكر: كيف يصبرون؟!
أليسوا بشرا مثلنا؟ أم أنهم مختلفون عنا؟
ولم يطمئن قلبي إلا بعد ما سمعت الكاتب يقول في نهاية فيلمه الوثائقي:
[-أنا الآن بين أهلي وأحبابي ووطني حين أتذكر تلك الأيام التي مضت أستغرب كيف صبرنا؟!
-اللهم إني أشهدك أني لم أصبر لقوتي، لكن لأني تمسكت بك يا أيها القوي
-كل البشر ضعفاء وكلهم سيصبحون أقوياء إذا تمسكوا وتعلقوا بالله القوي]
وأختم مراجعتي بكلمةٍ له كانت من أكبر الدروس التي خرجت بها:
[مَنَّ الله علي بحفظ القرآن وعمري 21 سنة وأخذت إجازة من أعلى الأسانيد في العالم
ما كنت أرى لهذا السند أي شرف! بل كنت أعتبرها مسئولية
هذا السند لن يشرِّف الإنسان في قبره، الذي يشرِّف الإنسان في قبره هو العمل بالقرآن..
قبل الأَسْر كنت أقرأ في الكتب الشرعية بكثرة وهذا أشغلني عن القرآن الكريم
وفي الحقيقة هذا خطأ كبير وقعت فيه
لم أعرف عظمة القرآن ونوره إلا في الانفرادي
كنت أعيش معه لحظة بلحظة، بالليل وبالنهار، فوجدت فيه كنوز..]
يا الله..مؤلم جدا.. مبكي جدا.. ورائعٌ جدا!
رغم ما تحوي هذه الكتب من ألم إلا أنها تنعش القلب!
بعدما قرأت حوالي مائة صفحة، وبدأ الكاتب يسرد أحداث التعذيب شعرت بأني لن أتحمل أكثر، وقررت أن أكتفي بهذا القدر، وبالفعل ذهبت لآخر الكتاب لأرى كيف جاءت الحرية..
ولكن بعد ما وصلت للنهاية، وجدتني أعود للموضع الذي توقفت فيه وأقرأ كل كلمة، ثم شاهدت الفيلم الوثائقي 552 (وهو رقم الكاتب في المعتقل)
الفكرة التي تسيطر عليَّ وأنا أقرأ عن مثل هؤلاء الشجعان
أن الله جل جلاله ينظر إليَّ من فوق سبع سماوات ويراني وأنا أتنعم في بيتي بالأمن والدفء والشبع ورغم ذلك كثيرا ما يصيبني الكسل والملل والفتور، وفي الوقت نفسه ينظر أيضا إلى هؤلاء الذين يُعانون من الجوع والبرد وقلة النوم والفتن والتعذيب، فيبتسموا ويقولوا (في سبيل الله)!
ثم ماذا؟؟
يحتسبون أجر الصبر ويجلسون ينتظرون الفرج؟؟
لا، بل يقضون نهارهم في الصوم وقراءة القرآن، وليلهم في قيام الليل والدعاء رغم كل ما بهم من آلام جسدية ونفسية!
ويظلون على مثل هذه الحال لسنوات!
فاللهم ثبتهم.. اللهم تقبل منهم.. اللهم فرِّج عنهم
طوال القراءة وأنا أفكر: كيف يصبرون؟!
أليسوا بشرا مثلنا؟ أم أنهم مختلفون عنا؟
ولم يطمئن قلبي إلا بعد ما سمعت الكاتب يقول في نهاية فيلمه الوثائقي:
[-أنا الآن بين أهلي وأحبابي ووطني حين أتذكر تلك الأيام التي مضت أستغرب كيف صبرنا؟!
-اللهم إني أشهدك أني لم أصبر لقوتي، لكن لأني تمسكت بك يا أيها القوي
-كل البشر ضعفاء وكلهم سيصبحون أقوياء إذا تمسكوا وتعلقوا بالله القوي]
وأختم مراجعتي بكلمةٍ له كانت من أكبر الدروس التي خرجت بها:
[مَنَّ الله علي بحفظ القرآن وعمري 21 سنة وأخذت إجازة من أعلى الأسانيد في العالم
ما كنت أرى لهذا السند أي شرف! بل كنت أعتبرها مسئولية
هذا السند لن يشرِّف الإنسان في قبره، الذي يشرِّف الإنسان في قبره هو العمل بالقرآن..
قبل الأَسْر كنت أقرأ في الكتب الشرعية بكثرة وهذا أشغلني عن القرآن الكريم
وفي الحقيقة هذا خطأ كبير وقعت فيه
لم أعرف عظمة القرآن ونوره إلا في الانفرادي
كنت أعيش معه لحظة بلحظة، بالليل وبالنهار، فوجدت فيه كنوز..]
September 27, 2020
ليست سيرة فحسب ، ستذهب مع هذا الكتاب برحلة إيمانية عظيمة وتأملات قرآنية بديعة وخفايا سياسية مُريبة وأمور نفسية عجيبة ومآسي مُخيفة وستخرج في نهايته بقلبٍ غير الذي دخلت به ، كتاب مُثري جدًا
وكما قال في مقدمة الكتاب :
" هاهي عصارة غوانتنامو بين يديك ؛ فإما ان تنير بها مصباح قلبك ، او عرِّفها حتى يجدَها صاحبُها فإنما هي ضالة "
وكما قال في مقدمة الكتاب :
" هاهي عصارة غوانتنامو بين يديك ؛ فإما ان تنير بها مصباح قلبك ، او عرِّفها حتى يجدَها صاحبُها فإنما هي ضالة "
November 6, 2023
جَمَعَ أحداث غوانتنامو فأوعى. فيه ما في الكتب الأخرى مفصَّلاً ومثله معه.
أزعم أنه أفضل كتابٍ لمن يريد فهم محنة غوانتنامو من كل جهاتها.
سردٌ غير متتابع، ورغم ذلك ممتع، جذَّاب.
ورغم أنَّ لكل فصلٍ قصةٌ قد تختلف عن سابقه فالسرد لكل فصلٍ متماسكٌ بنفسه، ومعتمدٌ على ما سبقَه. مع لفتاتٍ فيها كثيرٌ من المَلَاحة.
من أهم ما يُتَنَبَّهُ له، أنَّ السجن ليس مكاناً هادئاً يقضي فيه الأسير مدةً ثم يخرج، بل قد يحصل من الأحداث مع الأسرى ما لا يتخيله حتى مناصروهم الذين لا ينسونهم في أدعيتهم.
اللهم عفوك!
يقرر في ثنايا سرده للأحداث معانٍ إيمانية بديعة، نابعةٍ من طرافة الموقف حيناً وقسوته أحياناً.
ولكن في غير موضعٍ يحشد الصور والتشبيهات والاستعارات فتضيع روحانية الحدث بين التراكيب التي يشوبها تكلُّفٌ أحياناً، فكأنه يريد أن يضع كل ما عنده في جملةٍ واحدة.
فابن الجوزي وابن القيم والقشيري والجنيد جميلةٌ كلماتهم، بليغةٌ مواعظهم، كلٌّ على حِدا، فإن جمعتها كلها في عبارةٍ فقدت تأثيرها وماتت روحها.
له كذلك إسقاطاتٌ غايةٌ في الجمال لآيات تنزَّلت على أحداثَ محددة، ومواقف في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله تعالى عنهم، على الواقع… مثبتاً فيها ما فهمه من كتاب الله عزَّ وجل، والذي صاغه سيِّد رحمه الله حرفاً بديعاً عندما قال أنَّ موكب المؤمنين واحدٌ ضاربٌ في شِعاب الزمان.
نصف القسم الأول من الكتاب، الذي يصف حالة المجاهدين في بداية الغزو، مؤلمٌ بقدر ما يملأك عزةً.. ومحزنٌ بقدر ما فيه من أُناسٍ خسرناهم ولم نُقدِّرهم حقَّ قَدرِهم.
الفصول الثلاثة (الإضراب، المفاوضات، المقاومة) تُغني عن جميع كتب التنمية البشرية المكتوبة والتي لم تكتب بعد!
ثمةَ أحوالٌ للأسرى، سماويةُ الطبع، لا يفعلها الأرضيون.
ويكأنَّ قوة الأُمَّة مجتمعةً وُجدت فيهم وما بقيَ عند الأُمَّة إلا الخَوَر والجُبن؛ قَبَسٌ من {وَللهِ العِزَّةُ وَلرَسولِهِ وَللمُؤمنِينَ}.
فقد نُقلَ أحد الأسرى اليمنيين -كما يذكر الكندري- إلى عنبر المُضربين، ففرحَ بهم وفرحوا به، فطلبوا منه أن يدخلَ معهم في الإضراب فاستحى أن يرُدَّهم فأضربَ معهم على مضض سنةً كاملةً.
وحين أجبرَهم عسكر الصليب على أكل ما لايريدون، ووجد نفسَه الأخ "أمام هذا القانون المهين، رأى المعتقلين حولَه قد عزموا على الإضراب وطلبوا منه مشاركتهم، فاستحى أن يرُدَّهم مرةً أخرى وأضربَ معهم" و"شاركهم الضحك واستمر معهم سنتين إضافيتين مليئتين بالمواجهات والتعذيب"
وآخَر: "حين بدأت المفاوضات، طلب الإخوة الستة [المتفاوضين] من أغلب المُضربين إنهاء إضرابهم، وكان الأخ ياسر الزهراني رحمه الله ضمن مَن قرروا إنهاء إضرابهم، وحين جاؤوا به إلى المُستشفى للفحص، رأى القلة ممن استمر في الإضراب، فرآها على الأَسِرَّة بألوانٍ شاحبةٍ وأجسادٍ هزيلةٍ، فسلَّموا عليه مبتسمين، تأثَّر ياسر كثيراً حين رأى إخوانه على هذه الحال، فقرر الرجوع إلى الإضراب مرةً أخرى ليُشاركَهم ما هم فيه.
كذلك حدث مع المعتقل الجُدَّاوي حين أوقفَ إضرابَه مع المفاوضات، فمَرض بعد شهرٍ وأخذه الجنود إلى المستشفى، فرأى المُضربين في حالٍ يُرثى لها، فحزن عليهم كثيراً وأقسمَ بعد عودته إلى الزنزانة أن يستمرَّ في الإضراب حتى يلحقَ بهم، وأوفى بقسَمه!"
فلله تلك النفوس المُرهَفة.. المُتخمَة عزةً وجلالاً.
لله تلك النفوس التي لا يستطيع فهم كُنهها إلا مَن عرفَ الإيمان، فخذوا تُرَّاهاتكم من علوم النفس والاجتماع!
لله رجالٌ أقاموا {أَذِلَّةً على المؤمنينَ أَعِزَّةً على الكافرينَ} حقَّ القيام!
لله ذلك الحُبُّ والإيثارُ والعزَّة!
وكلماتٌ خالدةٌ للأسرى، ستُخلِّدها الأُمَّة عندما تعرف (أو تكتشفُ) جلالةَ قدرِهم، كما خلَّدت كلمات الجيل الأول من المُسلمين عندما عرفت مكانتَهم، بعدما نَسِيَتْهُم/تَنَاسَتْهُم.
كلماتٌ منسوجةٌ من عيون التنزيل، وكله عيون، موشَّاةٌ بعذوبةِ مشكاة النبوة.
يقولُ شامخٌ منهم للكاتب وقد رآهُ مُنكبَّاً على أوراقه: قُل لهُم إنَّ الحُبَّ الذي نُعذَّبُ من أجله عظيمٌ جداً.
ما أعظمها من كلمةٍ!
وما أبَرَّه من تعبيرٍ!
وما أجمعَه من وفاء!
وما أخلصَه من صدق!
وما أروعه من إباء!
وما أوفاهُ من بيع!
تكادُ تعقدُ يمينكَ وأنت تراهُم أنَّهم ممن قضوا نحبَهم، فيا ربُّ اجعلنا ممن ينتظرون وما بدَّلوا تبديلاً!
وددت لو أنه فصَّلَ في مشاعر الإخوة حين وصول خبر ثورات المسلمين. ولو ذكرَ نقاشات الإخوة -عن الثورات وغيرها- أكثر وبشيءٍ من التفصيل.
فيه آراءٌ للكاتب في مواضيع مختلفة، منثورةٌ في ثنايا الكتاب.
أخيراً:
يخلُص الكاتب في غير موضع إلى أنَّ أمريكا عدو ماكر، مخاتل، لا يمكن أن نلتقي معه في منتصف الطريق. أو هذا ما فهمته، وواقعُ صاحب الكتاب يُصدِّق ذلك أو يُكذِّبه.
أزعم أنه أفضل كتابٍ لمن يريد فهم محنة غوانتنامو من كل جهاتها.
سردٌ غير متتابع، ورغم ذلك ممتع، جذَّاب.
ورغم أنَّ لكل فصلٍ قصةٌ قد تختلف عن سابقه فالسرد لكل فصلٍ متماسكٌ بنفسه، ومعتمدٌ على ما سبقَه. مع لفتاتٍ فيها كثيرٌ من المَلَاحة.
من أهم ما يُتَنَبَّهُ له، أنَّ السجن ليس مكاناً هادئاً يقضي فيه الأسير مدةً ثم يخرج، بل قد يحصل من الأحداث مع الأسرى ما لا يتخيله حتى مناصروهم الذين لا ينسونهم في أدعيتهم.
اللهم عفوك!
يقرر في ثنايا سرده للأحداث معانٍ إيمانية بديعة، نابعةٍ من طرافة الموقف حيناً وقسوته أحياناً.
ولكن في غير موضعٍ يحشد الصور والتشبيهات والاستعارات فتضيع روحانية الحدث بين التراكيب التي يشوبها تكلُّفٌ أحياناً، فكأنه يريد أن يضع كل ما عنده في جملةٍ واحدة.
فابن الجوزي وابن القيم والقشيري والجنيد جميلةٌ كلماتهم، بليغةٌ مواعظهم، كلٌّ على حِدا، فإن جمعتها كلها في عبارةٍ فقدت تأثيرها وماتت روحها.
له كذلك إسقاطاتٌ غايةٌ في الجمال لآيات تنزَّلت على أحداثَ محددة، ومواقف في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله تعالى عنهم، على الواقع… مثبتاً فيها ما فهمه من كتاب الله عزَّ وجل، والذي صاغه سيِّد رحمه الله حرفاً بديعاً عندما قال أنَّ موكب المؤمنين واحدٌ ضاربٌ في شِعاب الزمان.
نصف القسم الأول من الكتاب، الذي يصف حالة المجاهدين في بداية الغزو، مؤلمٌ بقدر ما يملأك عزةً.. ومحزنٌ بقدر ما فيه من أُناسٍ خسرناهم ولم نُقدِّرهم حقَّ قَدرِهم.
الفصول الثلاثة (الإضراب، المفاوضات، المقاومة) تُغني عن جميع كتب التنمية البشرية المكتوبة والتي لم تكتب بعد!
ثمةَ أحوالٌ للأسرى، سماويةُ الطبع، لا يفعلها الأرضيون.
ويكأنَّ قوة الأُمَّة مجتمعةً وُجدت فيهم وما بقيَ عند الأُمَّة إلا الخَوَر والجُبن؛ قَبَسٌ من {وَللهِ العِزَّةُ وَلرَسولِهِ وَللمُؤمنِينَ}.
فقد نُقلَ أحد الأسرى اليمنيين -كما يذكر الكندري- إلى عنبر المُضربين، ففرحَ بهم وفرحوا به، فطلبوا منه أن يدخلَ معهم في الإضراب فاستحى أن يرُدَّهم فأضربَ معهم على مضض سنةً كاملةً.
وحين أجبرَهم عسكر الصليب على أكل ما لايريدون، ووجد نفسَه الأخ "أمام هذا القانون المهين، رأى المعتقلين حولَه قد عزموا على الإضراب وطلبوا منه مشاركتهم، فاستحى أن يرُدَّهم مرةً أخرى وأضربَ معهم" و"شاركهم الضحك واستمر معهم سنتين إضافيتين مليئتين بالمواجهات والتعذيب"
وآخَر: "حين بدأت المفاوضات، طلب الإخوة الستة [المتفاوضين] من أغلب المُضربين إنهاء إضرابهم، وكان الأخ ياسر الزهراني رحمه الله ضمن مَن قرروا إنهاء إضرابهم، وحين جاؤوا به إلى المُستشفى للفحص، رأى القلة ممن استمر في الإضراب، فرآها على الأَسِرَّة بألوانٍ شاحبةٍ وأجسادٍ هزيلةٍ، فسلَّموا عليه مبتسمين، تأثَّر ياسر كثيراً حين رأى إخوانه على هذه الحال، فقرر الرجوع إلى الإضراب مرةً أخرى ليُشاركَهم ما هم فيه.
كذلك حدث مع المعتقل الجُدَّاوي حين أوقفَ إضرابَه مع المفاوضات، فمَرض بعد شهرٍ وأخذه الجنود إلى المستشفى، فرأى المُضربين في حالٍ يُرثى لها، فحزن عليهم كثيراً وأقسمَ بعد عودته إلى الزنزانة أن يستمرَّ في الإضراب حتى يلحقَ بهم، وأوفى بقسَمه!"
فلله تلك النفوس المُرهَفة.. المُتخمَة عزةً وجلالاً.
لله تلك النفوس التي لا يستطيع فهم كُنهها إلا مَن عرفَ الإيمان، فخذوا تُرَّاهاتكم من علوم النفس والاجتماع!
لله رجالٌ أقاموا {أَذِلَّةً على المؤمنينَ أَعِزَّةً على الكافرينَ} حقَّ القيام!
لله ذلك الحُبُّ والإيثارُ والعزَّة!
وكلماتٌ خالدةٌ للأسرى، ستُخلِّدها الأُمَّة عندما تعرف (أو تكتشفُ) جلالةَ قدرِهم، كما خلَّدت كلمات الجيل الأول من المُسلمين عندما عرفت مكانتَهم، بعدما نَسِيَتْهُم/تَنَاسَتْهُم.
كلماتٌ منسوجةٌ من عيون التنزيل، وكله عيون، موشَّاةٌ بعذوبةِ مشكاة النبوة.
يقولُ شامخٌ منهم للكاتب وقد رآهُ مُنكبَّاً على أوراقه: قُل لهُم إنَّ الحُبَّ الذي نُعذَّبُ من أجله عظيمٌ جداً.
ما أعظمها من كلمةٍ!
وما أبَرَّه من تعبيرٍ!
وما أجمعَه من وفاء!
وما أخلصَه من صدق!
وما أروعه من إباء!
وما أوفاهُ من بيع!
تكادُ تعقدُ يمينكَ وأنت تراهُم أنَّهم ممن قضوا نحبَهم، فيا ربُّ اجعلنا ممن ينتظرون وما بدَّلوا تبديلاً!
وددت لو أنه فصَّلَ في مشاعر الإخوة حين وصول خبر ثورات المسلمين. ولو ذكرَ نقاشات الإخوة -عن الثورات وغيرها- أكثر وبشيءٍ من التفصيل.
فيه آراءٌ للكاتب في مواضيع مختلفة، منثورةٌ في ثنايا الكتاب.
أخيراً:
يخلُص الكاتب في غير موضع إلى أنَّ أمريكا عدو ماكر، مخاتل، لا يمكن أن نلتقي معه في منتصف الطريق. أو هذا ما فهمته، وواقعُ صاحب الكتاب يُصدِّق ذلك أو يُكذِّبه.
August 19, 2021
قرأت الكتاب فور صدور النسخة الإلكترونية وأنا وسط الامتحانات، بدأت فيه تحديدًا وأنا في المواصلات راجع من عملي الشرعي والسموم
وصاحبني في ليالي الكوميونتي والأنف والأذن
وصاحب كل هذا التقدم السريع الذي أحرزته حركة طالبان حتى دخلت قصر الرئاسة الأفغاني بعد عشرين عامًا من الغزو الأمريكي-الأوروبي، وذلك مصداقًا لقول الرجل الأفغاني في بداية الكتاب لفايز: "صدقني سنعود"
.....
طبعًا الكلام عن الكتاب يطول جدًا
المهم في رأيي، أن هذا الكتاب سيظل لمدة طويلة جدًا على رأس قائمة أدب السجون بشكل عام، وأدبيات الإسلاميين بشكل خاص
بسم الله الرحمن الرحيم
"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)"
صدق ا��له العظيم
وصاحبني في ليالي الكوميونتي والأنف والأذن
وصاحب كل هذا التقدم السريع الذي أحرزته حركة طالبان حتى دخلت قصر الرئاسة الأفغاني بعد عشرين عامًا من الغزو الأمريكي-الأوروبي، وذلك مصداقًا لقول الرجل الأفغاني في بداية الكتاب لفايز: "صدقني سنعود"
.....
طبعًا الكلام عن الكتاب يطول جدًا
المهم في رأيي، أن هذا الكتاب سيظل لمدة طويلة جدًا على رأس قائمة أدب السجون بشكل عام، وأدبيات الإسلاميين بشكل خاص
بسم الله الرحمن الرحيم
"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)"
صدق ا��له العظيم
November 1, 2020
كتبت مراجعة مطولة لهذا الكتاب الذي أعتبره أفضل ما قرأت في أدب السجون، على هذا الرابط:
https://wp.me/pobZQ-mF
https://wp.me/pobZQ-mF
January 15, 2025
كتاب مؤلم جدا ولا أدري كيف للشيخ فايز الكندري ورفاقه ألا يفقدوا عقولهم بعد ما جرى لهم، لكن كله بفضل الله ورحمته بهم.
كلما حاولت أن أتوقف قليلا لأرتاح من كل هذه المظالم التي أسمعها في الكتاب، أجدني أرجع بعدها لأطمئن على الأسرى وأعرف ماذا جرى لهم. وأسلوب الشيخ رائع جدا لا تشعر بالوقت وأنت مندمج في الكتاب.
غفر الله لهم وتقبل من مات في الشهداء، وأسأل الله أن ينتقم من الظالمين وأعوانهم.
حسبنا الله ونعم الوكيل
استمعت للكتاب عبر تطبيق منطوق، جزاهم الله خير الجزاء.
كلما حاولت أن أتوقف قليلا لأرتاح من كل هذه المظالم التي أسمعها في الكتاب، أجدني أرجع بعدها لأطمئن على الأسرى وأعرف ماذا جرى لهم. وأسلوب الشيخ رائع جدا لا تشعر بالوقت وأنت مندمج في الكتاب.
غفر الله لهم وتقبل من مات في الشهداء، وأسأل الله أن ينتقم من الظالمين وأعوانهم.
حسبنا الله ونعم الوكيل
استمعت للكتاب عبر تطبيق منطوق، جزاهم الله خير الجزاء.
October 9, 2021
أدب السجون و ما أدراك ما أدب السجون..! كنت أتجنب دائمًا القراءة لمن يكتب عن رحلته في سجون الظالمين. أخشى على نفسي من متاعب هذه القراءة.
حتى قررت أن أقرأ كتاب البلاء الشديد والميلاد الجديد لفايز الكندري
عانيتُ من القراءة كما توقعت لكنني لم أحظى بكم وافر من هذا الشعور بالايمان و حقيقته كما حظيت به في هذا الكتاب، ما سرد الكاتب رحلة عذاب بل سرد رحلة ايمان.
أي إيمان هذا..!!
كم نحن صغار أمامكم..!!
و قد قمت بتلخيص مختصر جدًا حسب وجهة نظري كما يلي:
كتاب إن قرأته من بدايته الى صفحه 200 ستغرق في بحر الايمان العظيم و ستصاب بالدهشة و الذهول من قوه ايمان بشر في أشد بلاء و اختبار سوف تفتح بصرك للنعيم الذي تعيش فيه.
و من 200 الى 300 تقريبا ستتعب جدًا من وصف الكاتب لانواع العذابات و الاهانات و الظروف القاهره التي تعرض لها و من معه.
و في المئة الأخيرة يروي لنا قصة عظماء ليسوا من أساطير هوليوود ولا من خرافات الخيال بل رجال رآهم بعينه يعلمون البشرية بأسرها معنى العزة و الكرامة و الايمان، وكتب عن الثورة السورية ص٤٣١(جرحي الذي مازال ينزف) وقد أبكاني حقًا..
ملاحظة لقد ذكر الكاتب أنه لم يتبع في كتابه أيّ منهجيّة محددة او تقسيم معين بل جعل مهمة السرد لما يجول في فكره بكل سلاسة و بساطه و هذا التقسيم الذي ذكرته نظرة عامة من خلال قراءتي الشخصية فقط قد تساعدك في رحلتك مع الكتاب و صبرك على ما ستمر به في هذه الرحلة حتى النهاية..
حتى قررت أن أقرأ كتاب البلاء الشديد والميلاد الجديد لفايز الكندري
عانيتُ من القراءة كما توقعت لكنني لم أحظى بكم وافر من هذا الشعور بالايمان و حقيقته كما حظيت به في هذا الكتاب، ما سرد الكاتب رحلة عذاب بل سرد رحلة ايمان.
أي إيمان هذا..!!
كم نحن صغار أمامكم..!!
و قد قمت بتلخيص مختصر جدًا حسب وجهة نظري كما يلي:
كتاب إن قرأته من بدايته الى صفحه 200 ستغرق في بحر الايمان العظيم و ستصاب بالدهشة و الذهول من قوه ايمان بشر في أشد بلاء و اختبار سوف تفتح بصرك للنعيم الذي تعيش فيه.
و من 200 الى 300 تقريبا ستتعب جدًا من وصف الكاتب لانواع العذابات و الاهانات و الظروف القاهره التي تعرض لها و من معه.
و في المئة الأخيرة يروي لنا قصة عظماء ليسوا من أساطير هوليوود ولا من خرافات الخيال بل رجال رآهم بعينه يعلمون البشرية بأسرها معنى العزة و الكرامة و الايمان، وكتب عن الثورة السورية ص٤٣١(جرحي الذي مازال ينزف) وقد أبكاني حقًا..
ملاحظة لقد ذكر الكاتب أنه لم يتبع في كتابه أيّ منهجيّة محددة او تقسيم معين بل جعل مهمة السرد لما يجول في فكره بكل سلاسة و بساطه و هذا التقسيم الذي ذكرته نظرة عامة من خلال قراءتي الشخصية فقط قد تساعدك في رحلتك مع الكتاب و صبرك على ما ستمر به في هذه الرحلة حتى النهاية..
June 5, 2022
أنهيت قراءة الكتاب بفضل الله..
هذا الكتاب الذي لم تكن قرائتي له كقراءة بقية الكتب ،
يا الهي كيف لهذا القلب أن يتحمل كل هذا الذي حدث ؟ هل هو النور الذي ينسكب في قلب المؤمن من ربه؟ ام ماذا؟
أتساءل ماذا فعل الشيخ قبل أن يدخل في كل هذه الأحداث ليكون بهذا الثبات والصبر وحكمة التصرف !
لقد عانيت أثناء قرائتي له ..انهرت من البكاء مراتٍ ومرات ، انغلقت على نفسي لعدة أيام وأنا أشعر أن مجرد التصور لكل ما حدث سيقتلني فما بالك بمن عايشه!
لقد أقمت الليل مرات عديدة فقط لأدعو لمعتقلي غوانتانامو ..
لقد استصغرت كل ألم شعرت به أمام كل ما حدث ..
يا رب لنا اخوان يذودون عنا بأرواحهم وأجسادهم لا نعلم عنهم شيئاً أخرجهم من " فم الأفعى " بحكمتك ورحمتك ردهم لذويهم وأقر عينهم وارحم شهيدهم ..
أسرني استشعار الشيخ لمعية الله في كل لحظة وموقف ، ولا يسعني إلا أن أقول له "ذهب الأسر وبقي الأجر " وأن يرفع درجاته في الجنة جراء ما لقيه من ظلم وتعذيب لأجل إعلاء كلمة " لا إله إلا الله" ..
والحمد لله على رحمته بعباده ...
والرحمن المستعان..
هذا الكتاب الذي لم تكن قرائتي له كقراءة بقية الكتب ،
يا الهي كيف لهذا القلب أن يتحمل كل هذا الذي حدث ؟ هل هو النور الذي ينسكب في قلب المؤمن من ربه؟ ام ماذا؟
أتساءل ماذا فعل الشيخ قبل أن يدخل في كل هذه الأحداث ليكون بهذا الثبات والصبر وحكمة التصرف !
لقد عانيت أثناء قرائتي له ..انهرت من البكاء مراتٍ ومرات ، انغلقت على نفسي لعدة أيام وأنا أشعر أن مجرد التصور لكل ما حدث سيقتلني فما بالك بمن عايشه!
لقد أقمت الليل مرات عديدة فقط لأدعو لمعتقلي غوانتانامو ..
لقد استصغرت كل ألم شعرت به أمام كل ما حدث ..
يا رب لنا اخوان يذودون عنا بأرواحهم وأجسادهم لا نعلم عنهم شيئاً أخرجهم من " فم الأفعى " بحكمتك ورحمتك ردهم لذويهم وأقر عينهم وارحم شهيدهم ..
أسرني استشعار الشيخ لمعية الله في كل لحظة وموقف ، ولا يسعني إلا أن أقول له "ذهب الأسر وبقي الأجر " وأن يرفع درجاته في الجنة جراء ما لقيه من ظلم وتعذيب لأجل إعلاء كلمة " لا إله إلا الله" ..
والحمد لله على رحمته بعباده ...
والرحمن المستعان..
March 31, 2023
أحمد الله حمداً كثيراً أن رزقني قراءة هذا الكتاب.
كتاب يحمل من الحقائق والقصص ما لن يخبرك عنها أحد.
كتاب ستخرج منه بعد قراءته ليس كما دخلت.
كتاب يحمل من الحقائق والقصص ما لن يخبرك عنها أحد.
كتاب ستخرج منه بعد قراءته ليس كما دخلت.
October 1, 2025
ملحمة أمة بين دفتي كتاب
هل يمكن لهذه الأمة أن تجتمع وتلغي الحواجز والحدود، ليصبح الأخ في الدين أعمق وأغلى من نفسك؟
هل يمكنك أن تضحي وتتألم لأجل أخيك في الدين، لمجرد أنه تم إهانته أو تعذيبه ظلمًا؟
هل يمكن لبلاد الإسلام أن تتوحد! هكذا كانت غوانتنامو لمن عاشها وخرج ليحكي حكايتها.
أخبرنا فايز الكندري أن تلك الحدود الموهومة على الورق لم يكن لها وجود في أقفاص صغيرة في جزيرة نائية. تعجب الجندي الأمريكي: كيف اجتمعت خمسون جنسية مختلفة هنا! كيف لهؤلاء المعتقلين أن يصبروا ويتحملوا كل هذا الأذى؟ كيف تصبرون؟ كيف تتحملون؟ ماذا أنتم؟
هذا الكتاب يروي بين دفتيه حكاية أربع عشرة سنة في غوانتنامو. لم يركز على الآلام كما ركز على الآمال الموجودة، فتتعجب من تلك الأرواح المقاومة للعدوان: أنَّى لها بتلك القوة!
هذا الكتاب ملحمة إسلامية في عصرنا، يكشف غُبْثَ الجلاد، ومظلومية الصادق، بلغة سلسة بديعة تجذبك من أول كلمة لآخرها.
إنه الكتاب الوحيد في أدب السجون الذي تهرب منه إليه! يروي لك ظمأهم للقرآن، وتتلذذ معهم بالصلاة، وتحتسب معهم في الذكر. يا لقوة الإيمان، ويا لغباء المسلمين عن مكمن قوتهم وراحتهم.
أنصح بهذا الكتاب كل إنسان يريد أن يتغير، يريد أن يعتبر، يريد أن يتعلم، ويريد أن يوسع مداركه. فالذي دخل غوانتنامو حتمًا لن يخرج منها كما كان.
هل يمكن لهذه الأمة أن تجتمع وتلغي الحواجز والحدود، ليصبح الأخ في الدين أعمق وأغلى من نفسك؟
هل يمكنك أن تضحي وتتألم لأجل أخيك في الدين، لمجرد أنه تم إهانته أو تعذيبه ظلمًا؟
هل يمكن لبلاد الإسلام أن تتوحد! هكذا كانت غوانتنامو لمن عاشها وخرج ليحكي حكايتها.
أخبرنا فايز الكندري أن تلك الحدود الموهومة على الورق لم يكن لها وجود في أقفاص صغيرة في جزيرة نائية. تعجب الجندي الأمريكي: كيف اجتمعت خمسون جنسية مختلفة هنا! كيف لهؤلاء المعتقلين أن يصبروا ويتحملوا كل هذا الأذى؟ كيف تصبرون؟ كيف تتحملون؟ ماذا أنتم؟
هذا الكتاب يروي بين دفتيه حكاية أربع عشرة سنة في غوانتنامو. لم يركز على الآلام كما ركز على الآمال الموجودة، فتتعجب من تلك الأرواح المقاومة للعدوان: أنَّى لها بتلك القوة!
هذا الكتاب ملحمة إسلامية في عصرنا، يكشف غُبْثَ الجلاد، ومظلومية الصادق، بلغة سلسة بديعة تجذبك من أول كلمة لآخرها.
إنه الكتاب الوحيد في أدب السجون الذي تهرب منه إليه! يروي لك ظمأهم للقرآن، وتتلذذ معهم بالصلاة، وتحتسب معهم في الذكر. يا لقوة الإيمان، ويا لغباء المسلمين عن مكمن قوتهم وراحتهم.
أنصح بهذا الكتاب كل إنسان يريد أن يتغير، يريد أن يعتبر، يريد أن يتعلم، ويريد أن يوسع مداركه. فالذي دخل غوانتنامو حتمًا لن يخرج منها كما كان.
May 26, 2025
تجربة تستحق أن تُروى، وأنا أشهد أن المؤلف قد وُفِّق في روايتها، وُفِّق في أن ينقل لنا تلك المعاناة والقصص والدروس والعبر التي امتدت لأربعة عشر عامًا في سجون الدولة التي زعمت أنها أم الحقوق وأم الإنسانية، فإذا بصفحات هذا الكتاب تكشف زيف مزاعمها وتُبرهن على كذبها.
“الوعي بالواقع وما يدور ويحدث”، هذا ما شعرت به وأنا أطوي صفحات هذا الكتاب. و”تعزيز اليقين، ورسوخ المعرفة بأن النصر للحق ولو بعد حين”، هذا ما استقر في نفسي مع كل فصل قرأته. فالحمد لله الذي وفّقنا لمعرفة هذا الحق حقًا، ووفّقنا لنزداد بصيرة بالواقع وما يدور حولنا.
تميّز الكتاب بأمور كثيرة، لكن من أكثر ما لفتني فيه هو ذكره لعدد من الأحداث الكبرى التي عصفت بالعالم الإسلامي خلال السنوات الأخيرة، وتعليق المؤلف ومن معه من الأسرى على هذه الأحداث، وهم في بعدٍ تام عن ميادين الصراع، لا يسعون إلى تملّق حزب، ولا إلى التزيّن لرئيس أو زعيم. وهذا ما جعل نظرتهم أكثر عدلًا وإنصافًا، ونحن طلاب حق وحقيقة، نبحث دائمًا عن الموقف المتجرد.
ومن أبرز الأحداث التي مرّ عليها الكتاب:
• ما عاشته أفغانستان خلال سنوات طويلة.
• أحداث 11 سبتمبر.
• الحرب الأهلية في الجزائر والانقلاب.
• حروب البوسنة والهرسك.
• الثورة السورية.
• الثورة المصرية.
• سقوط الاتحاد السوفيتي.
• بعض مشاهد القضية الفلسطينية.
كتاب صادق، ثقيل بالمواقف، عميق في الطرح، ويستحق أن يُقرأ ويُتأمل.
“الوعي بالواقع وما يدور ويحدث”، هذا ما شعرت به وأنا أطوي صفحات هذا الكتاب. و”تعزيز اليقين، ورسوخ المعرفة بأن النصر للحق ولو بعد حين”، هذا ما استقر في نفسي مع كل فصل قرأته. فالحمد لله الذي وفّقنا لمعرفة هذا الحق حقًا، ووفّقنا لنزداد بصيرة بالواقع وما يدور حولنا.
تميّز الكتاب بأمور كثيرة، لكن من أكثر ما لفتني فيه هو ذكره لعدد من الأحداث الكبرى التي عصفت بالعالم الإسلامي خلال السنوات الأخيرة، وتعليق المؤلف ومن معه من الأسرى على هذه الأحداث، وهم في بعدٍ تام عن ميادين الصراع، لا يسعون إلى تملّق حزب، ولا إلى التزيّن لرئيس أو زعيم. وهذا ما جعل نظرتهم أكثر عدلًا وإنصافًا، ونحن طلاب حق وحقيقة، نبحث دائمًا عن الموقف المتجرد.
ومن أبرز الأحداث التي مرّ عليها الكتاب:
• ما عاشته أفغانستان خلال سنوات طويلة.
• أحداث 11 سبتمبر.
• الحرب الأهلية في الجزائر والانقلاب.
• حروب البوسنة والهرسك.
• الثورة السورية.
• الثورة المصرية.
• سقوط الاتحاد السوفيتي.
• بعض مشاهد القضية الفلسطينية.
كتاب صادق، ثقيل بالمواقف، عميق في الطرح، ويستحق أن يُقرأ ويُتأمل.
March 24, 2022
هذا ليس كتابا للنسيان؛ هذا سفر تليد وعقد فريد وذاكرة تستنهض الهمم وتستنفر العزم. بعد تجربتي المتوتضعة مع أدب السجون أستطيع القول أن سفر الكندري هذا هو ذروة سنام هذا الباب الأدبي، لقد استطاع الرجل أن يهدينا رحلة في ظلمات زنازين غوانتانامو، لقد عايشت كثيرا من القصص المسرودة حد الانفصال عن المحيط.
بصراحة احتاص يراعي؛ أقف مشدوها أمام هؤلاء العماليق هناك وما قرأته كفيل بأن تغور في تمثيله العبارة..
بصراحة احتاص يراعي؛ أقف مشدوها أمام هؤلاء العماليق هناك وما قرأته كفيل بأن تغور في تمثيله العبارة..
June 7, 2021
الشيخ فايز الكندري الرجل الذي ظل مسجوناً في غوانتانامو ١٤ عام و ظل فيها ثابتاً على مبادئه حتى بعد خروجه لم يوجه له أي إتهام لكنه ثباته على مبادئه هو ما أبقاه كل هذه المدة كتاب سيخلد في التاريخ لكل من يهتم في أدب السجون
November 7, 2020
الكتاب يحمل في طياته آلاما عظيمة ونفسا أعظم مرت بتجربة قاسية واتعجب كيف خرج منها المؤلف بنفس سوية
له كل التحية
له كل التحية
December 26, 2021
رواية البلاء الشديد والميلاد الجديد من أدب السجون، المييز فيها أنها تمثل تجربة إنسانية فريدة فالمؤلف قضى 14 عاماً من حياته في سجن غوانتنمو اللذي جمع سجناء من 50 جنسية مما الحياة في هذا السجن خاصة ومختلفة عن السجون لأخرى. يروي المؤلف في البداية رحلته إلى أفغانستنان حيث اعتقل هناك غدراً ليودعه الأمريكان السجن بدون محاكمة وبتهمة ملفقة، يقضي فايز 14 عاماً في السجن يستعين فيها بالإيمان على الظلم الواقع عليه والحقيقة أن الجانب الإيماني في الرواية ملهم وقوي ومؤثر جداً، كما أن الرواية تناوت جانباً تاريخيا وسياسياً للفترة المعاصرة من شاهد عيان على أحداث وشخصيات عديدة مهمة.
رواية فريدة ومختلفة عن روايات أدب السجون الأخرى.
رواية فريدة ومختلفة عن روايات أدب السجون الأخرى.
June 13, 2024
يا للعجب !!
أنهيت قراءة هذا الكتاب يوم أن دخلت طالبان القصر الرئاسي في كابول بعد عشرين عاما من القتل والاغتيالات والاعتقالات والتعذيب الوحشى فى غوانتاموا وغيره
كتاب كتب بروح مؤمنة صابرة محتسبه لعله يصادف نفسا تحس كلماته بقلبها وتلجأ إلى الله وحده الذى لا ملجأ منه إلا إليه وتقول الحق ولا تخشى فى الله لومة لائم
أنهيت قراءة هذا الكتاب يوم أن دخلت طالبان القصر الرئاسي في كابول بعد عشرين عاما من القتل والاغتيالات والاعتقالات والتعذيب الوحشى فى غوانتاموا وغيره
كتاب كتب بروح مؤمنة صابرة محتسبه لعله يصادف نفسا تحس كلماته بقلبها وتلجأ إلى الله وحده الذى لا ملجأ منه إلا إليه وتقول الحق ولا تخشى فى الله لومة لائم
July 21, 2023
"ألم تطلب مني أن أحكي لك قصة غوانتانامو كاملة؟ فمالك أسرعت الرحيل إذن؟ ها أنا ذا بين يديك لأخبرك بكل ما حدث، سأرويها لك الآن وسأجعلها في كتاب يروي للجيل القادم قصة الشمعة التي أرادوا إخمادها فتحولت شمسًا، هلم يا أبي وانظر، ها هي يدي قد كُسر عنها القيد الذي أدماها أربعة عشر عامًا، هلم فلتنظر غدًا كيف يُكسر القيد عن أمة رسفت في ذل العبودية دهرًا".
September 8, 2023
تجربة عظيمة، مؤلمة وملهمة، تيقظك من الغفلة وتستشعر من خلالها النعيم الذي يغمر تفاصيل يومك وعمرك كله
ولم يكن لهذا أن يحدث الا بكلمات كتبت بقلم من ذهب وبقلب مؤمن بقضاء الله وقدره وأن المؤمن لا يصيبه الا الخير
كتاب يجب على الجميع قراءته.
ولم يكن لهذا أن يحدث الا بكلمات كتبت بقلم من ذهب وبقلب مؤمن بقضاء الله وقدره وأن المؤمن لا يصيبه الا الخير
كتاب يجب على الجميع قراءته.
July 16, 2021
من أعظم ما قرأت من كتب البشر
September 6, 2021
أفضل كتاب بلا منازع في أدب السجون
September 8, 2025
هي المرّة الأولى التي أقرأ فيها شيئا من أدب السجون ولا يحتل فيها القلب حزن خالِص! هذه المرّة وجدتُ مع وصف تباريح الألم جرعاتٍ إيمانيّة مهدّئة، ومع الخوف سوانح من طمأنينة، لقد صاحَب عتمة الظّلم نور إيمان في قلب كاتبه وأحاطته هالة من رحمة الإله، صهره البلاء كي يهيّأه لميلادٍ جديد، وقد استطاع أن يمسك المعنى ويصنّفه لنا كتابًا يبصّرنا ببطش خَفى. ربّما لم يلقَ الكاتِب صنوف العذابات التي يلقاها ولقيها آخرون في سجون أخرى -كسجون الجزّارَين الأسد الأب والابن وغيرها- المرام فيها التّعذيب لأجل التّعذيب وبلوغ الذّروة تفننا فيه! لكنّه واجه تعذيبا مختلفًا، مدروسًا -نعم نعم مدروسا أشرف عليه عالِما نفس- لافتكاك أعزّ ما يملكه المؤمن! إيمانه وعبوديته لربّه الواحِد.. ويكأنّه فعل المشركين بآل ياسر وبلال الصّامد -رضي اللّه عنهم- وهو يقول أحدٌ أحد!
بسط الشيخ فايز الكندري في كتابه هذا حقيقة خفيت عنّي و بعُدَت عنّي تفاصيلها، أضحكني حينًا وأبكاني، أعجبت بذكائه في حديثه مع المحققين، وصبره هو وغيره من المظلومين.. عسى أن اللّه يرد حق المظلومين في هذه الدّنيا قبل الآخرة.
____
أنصح بشدّة بقراءته.
بسط الشيخ فايز الكندري في كتابه هذا حقيقة خفيت عنّي و بعُدَت عنّي تفاصيلها، أضحكني حينًا وأبكاني، أعجبت بذكائه في حديثه مع المحققين، وصبره هو وغيره من المظلومين.. عسى أن اللّه يرد حق المظلومين في هذه الدّنيا قبل الآخرة.
____
أنصح بشدّة بقراءته.
July 5, 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الكاتب في المقدمة:
"إن الآلام المبرحة حين تصاغ كقصة فإنها تتحول من الألم إلى الإثارة، فآلام المعذب دراما ممتعة تتسابق الجماهير إلى سماعها، لكن ثلة قليلة من بينهم يغوصون في أعماق القصة ويستخرجون دُرَرَها التي تجسدت في رجال عانوا سنين طويلة ليرسموا للأجيال تحفة فنية بريشة الألم، والذي لولاه ما اكتسبت الألوان رونقها ولا الرسوم روعتها ولا المعاني بريقها، لهذه الثلة كتبت تلك الكلمات، ولعل القدر شاء خروجي من ربقة الأسر لأشهد على الحقيقة المغيبة خلف القضبان في الجزيرة البعيدة"
وهي بالفعل تحفة فنية تربعت عرش روايات أدب السجون عندي بعدما ظننت أن رواية "يسمعون حسيسها "لدكتور أيمن العتوم هي الأجمل علي الإطلاق لكن سبقتها هذه التحفة الفنية....
أعجبني كيف صاغ من الألم ومن المعاناة ما يصل إلي عمق الإحساس ورسم صورة لأحداث تاريخيه تحمل من الصدق الكثير والكثير وتكشف أيضا الكذب الذي يصدقه الكثير عن المجاهدين في أفغانستان وغيرها من الدول التي تقاوم القوي الإمبرالية الغربية
رواية تستحق أن يقرءها الجميع
أمنحها ⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️
يقول الكاتب في المقدمة:
"إن الآلام المبرحة حين تصاغ كقصة فإنها تتحول من الألم إلى الإثارة، فآلام المعذب دراما ممتعة تتسابق الجماهير إلى سماعها، لكن ثلة قليلة من بينهم يغوصون في أعماق القصة ويستخرجون دُرَرَها التي تجسدت في رجال عانوا سنين طويلة ليرسموا للأجيال تحفة فنية بريشة الألم، والذي لولاه ما اكتسبت الألوان رونقها ولا الرسوم روعتها ولا المعاني بريقها، لهذه الثلة كتبت تلك الكلمات، ولعل القدر شاء خروجي من ربقة الأسر لأشهد على الحقيقة المغيبة خلف القضبان في الجزيرة البعيدة"
وهي بالفعل تحفة فنية تربعت عرش روايات أدب السجون عندي بعدما ظننت أن رواية "يسمعون حسيسها "لدكتور أيمن العتوم هي الأجمل علي الإطلاق لكن سبقتها هذه التحفة الفنية....
أعجبني كيف صاغ من الألم ومن المعاناة ما يصل إلي عمق الإحساس ورسم صورة لأحداث تاريخيه تحمل من الصدق الكثير والكثير وتكشف أيضا الكذب الذي يصدقه الكثير عن المجاهدين في أفغانستان وغيرها من الدول التي تقاوم القوي الإمبرالية الغربية
رواية تستحق أن يقرءها الجميع
أمنحها ⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️
Displaying 1 - 30 of 147 reviews