تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام هو كتاب مشهور وكبير من تأليف الإمام الذهبي وهو كتاب موسوعي ضخم ومهم من أجود ما صنفه مؤرخو الإسلام، ويعتبر كتاب في كل من التاريخ والتراجم، مختلفا بذلك عن كتابه الكبير الآخر المسمى ب"سير أعلام النبلاء". ومثل ما جاء في العنوان فإنه يرصد تاريخ الإسلام، بدءا من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى سنة 1300م الموافق لسنة 700 هجرية في سبعون طبقة (أي سبعمائة سنة بحسب التقويم الهجري). إنها فترة مهمة تحدد جزءا من التاريخ ظهرت فيه حضارة إنسانية متميزة غطت الشرق والغرب وأثرت في مختلف الميادين. مرحلة حدثت فيها مشاهد كبيرة كان المصنف شاهدا وموثقا لأهمها مع ترجمة أعلامها المشهورين (40000 ترجمة) في كل ميدان من ميادين الحياة، الأمر الذي تميز به عن المصنفات الأخرى.
هو الإمام الحافظ المؤرخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي. ولد سنة 673 للهجرة. كان والده شهاب الدين أحمد بن عثمان يمتهن صناعة الذهب المدقوق، وقد برع بها وتميز، فعُرف بالذهبي.
فقال ابن ناصر الدين الدمشقي: " الشَّيْخ الامام الْحَافِظ الْهمام، مُفِيد الشَّام، ومؤرخ الإسلام ناقد الْمُحدثين وَإِمَام المعدلين والمجرحين: شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بْن عُثْمَان التركماني الفارقي الأَصْل، الدِّمَشْقِي، ابْن الذَّهَبِيّ، الشَّافِعِي، ومشيخته بِالسَّمَاعِ والإجازة نَحْو ألف شيخ وثلاثمائة شيخ، وَكَانَ آيَة فِي نقد الرِّجَال، عُمْدَة فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل، عَالما بالتفريع والتأصيل، إِمَامًا فِي الْقرَاءَات، فَقِيها فِي النظريات، لَهُ دراية بمذاهب الْأَئِمَّة وأرباب المقالات، قَائِما بَين الْخلف بنشر السّنة وَمذهب السّلف ". وقال ابن كثير: " الشَّيْخُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، مُؤَرِّخُ الْإِسْلَامِ، وَشَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ، شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ، خُتِمَ بِهِ شُيُوخُ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ ". وقال الصفدي: " حَافظ لَا يجارى، وَلَافظ لَا يبارى، أتقن الحَدِيث وَرِجَاله، وَنظر علله وأحواله، وَعرف تراجم النَّاس، وأزال الإبهام فِي تواريخهم والإلباس، من ذهن يتوقد ذكاؤه، وَيصِح إِلَى الذَّهَب نسبته وانتماؤه، جمع الْكثير، ونفع الجم الْغَفِير، وَأكْثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مُؤنَة التَّطْوِيل فِي التَّأْلِيف ". وقال السبكي: " وَأما أستاذنا أَبُو عبد الله: فَبَصر لَا نَظِير لَهُ، وكنز هُوَ الملجأ إِذا نزلت المعضلة، إِمَام الوُجُود حفظا، وَذهب الْعَصْر معنى ولفظا، وَشَيخ الْجرْح وَالتَّعْدِيل، وَرجل الرِّجَال فِي كل سَبِيل، كَأَنَّمَا جمعت الْأمة فِي صَعِيد وَاحِد فنظرها، ثمَّ أَخذ يخبر عَنْهَا إِخْبَار من حضرها. وَهُوَ الَّذِي خرّجنَا فِي هَذِه الصِّنَاعَة، وأدخلنا فِي عداد الْجَمَاعَة، جزاه الله عَنَّا أفضل الْجَزَاء، وَجعل حَظه من غرفات الْجنان موفر الْأَجْزَاء ". وقال السيوطي: " طلب الحديث وله ثماني عشرة سنة، فسمع الكثير، ورحل، وعني بهذا الشأن، وتعب فيه، وخدمه، إلى أن رسخت فيه قدمه، وتلا بالسبع، وأذعن له الناس. حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر أنه قال: " شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ ". وقال عنه الشوكاني: " الْحَافِظ الْكَبِير المؤرخ... مهر فِي فن الحَدِيث، وَجمع فِيهِ المجاميع المفيدة الْكَثِيرَة. قَالَ الْبَدْر النابلسي: كَانَ عَلامَة زَمَانه فِي الرِّجَال وأحوالهم، جيد الْفَهم، ثاقب الذِّهْن، وشهرته تغني عَن الإطناب فِيهِ ".
له مصنفات كثيرة متنوعة، منها: - "ميزان الاعتدال". - "سير أعلام النبلاء". - "تاريخ الإسلام". - "الكاشف". - "المغني". - "مختصر سنَن الْبَيْهَقِيّ". - "طبقات الْحفاظ". - "طبقات الْقُرَّاء". - "التجريد فِي أَسمَاء الصَّحَابَة". - "تلخيص المستدرك". - "مختصر تهذيب الكمال". - "كتاب العلو". - "كتاب العرش". - "كتاب الأربعين في صفات رب العالمين". وغيرها من الكتب النافعة. تُوفِّي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث ذِي الْقعدَة، سنة 748.
هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبدالله التركماني الأصل الفارقي ثم الدمشقي شمس الدين الذهبي .
نشأته : ولد الإمام الذهبي في اليوم الثالث عشر من شهر ربيع الآخر سنة (673)هـ- بدمشق وسمع بعد التسعين وستمائة وأكثر عن ابن غدير وابن عساكر ويوسف الغسولي وغيرهم ثم رحل إلى القاهرة وأخذ عن الأبرقوهي والدمياطي وابن الصواف والقرافي وغيرهم وشيوخه في السماع والإجازة في معجمه الكبير أزيد من ألف ومائتي نفس .
ثناء العلماء عليه : الإمام الذهبي يعتبر مؤرخ الإسلام وقد لقب بذلك كما أنه أحد أعلام الحفاظ الذين برزوا في علم الحديث رواية ودراية فلا عجب أن يكون محل ثناء الخاص والعام ولا غرو أن تنطلق الألسنة بذكره بالجميل وقد أتى بالجميل الجليل .. وقد قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: "الحافظ الكبير مؤرخ الإسلام وشيخ المحدثين وقال: وقد ختم به شيوخ الحديث وحفاظه" .. وقال ابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات : الشيخ الإمام العلامة الحافظ حافظ لا يجارى ولافظ لا يبارى أتقن الحديث ورجاه ونظر علله وأحواله وعرف تراجم الناس وأبان الإبهام في تواريخهم والإلباس .
جمع الكثير ونفع الجم الغفير وأكثر من التصنيف ووفر بالاختصار مؤنة التطويل في التأليف، وقال أبو المحاسن الحسيني في ذيل تذكرة الحفاظ: "الشيخ الإمام العلامة شيخ المحدثين وقدوة الحفاظ والقراء محدث الشام ومؤرخه ومفيده" . وقال: "وخرج لجماعة من شيوخه وجرح وعدل وفرع وصحح وعلل واستدرك وأفاد وانتقى واختصر كثيراً من تأليف المتقدمين والمتأخرين وكتب علماً كثيراً وصنف الكتب المفيدة " . وقال ابن السبكي في طبقات الشافعية: "شيخنا وأستاذنا الإمام الحافظ محدث العصر" ، وقال الشوكاني في البدر الطالع: "الحافظ الكبير المؤرخ صاحب التصانيف السائرة في الأقطار" .
وقال ابن حجر في الدرر الكامنة: "ومهر في الحديث وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفً وجمع تاريخ الإسلام فأربى فيه على من تقدم بتحرير أخبار المحدثين خصوصاً". وقال البدر النابلسي: "كان علامة زمانه بالرجال وأحوالهم حديد الفهم ثاقب الذهن وشهرته تغني عن الإطناب فيه". وقال السيوطي في ذيل تذكرة الحفاظ: "الإمام الحافظ محدث العصر خاتمة الحفاظ ومؤرخ الإسلام وفرد الدهر والقائم بأعباء هذه الصناعة" وقال: "والذي أقوله: إن المحدثين عيال الآن على أربعة: المزي والذهبي والعراقي وابن حجر.." قال أبو المحاسن الحسيني: "وكان أحد الأذكياء المعدودين والحفاظ المبرزين".
آثاره : وقد خلف الحافظ الذهبي للأمة الإسلامية ثروة هائلة من المصنفات القيمة النفيسة التي هي المرجع في بابها وعظمت الفائدة بهذه المؤلفات ونالت حظاً كبيراً من الثناء وكان لها القبول التام لدى الخاص والعام. قال الشوكاني في وصفها: وجميع مصنفاته مقبولة مرغوب فيها رحل الناس لأجلها وأخذوها عنه وتداولوها وقرأوها وكتبوها في حياته.. وطارت وقرأوها في جميع بقاع الأرض وله فيها تعبيرات رائعة وألفاظ رشيقة غالباً لم يسلك مسلكه فيها أهل عصره ولا من قبله ولا قبلهم ولا أحد بعدهم .. وبالجملة فالناس في التاريخ من أهل عصره فمن بعدهم عيال عليه ولم يجمع أحد في هذا الفن كجمعه ولا حرره كتحريره، قال الحافظ ابن حجر: ورغب الناس في تواليفه ورحلوا إليه بسببها وتداولوها قراءة ونسخاً وسماعاً. وقال أبو المحاسن الحسيني: وصنف الكتب المفيدة فمن أطولها تاريخ الإسلام ومن أحسنها ميزان الاعتدال في نقد الرجال .. وقال: مصنفاته ومختصراته وتخريجاته تقارب المائة وقد سار بجملة منها الركبان في أقطار البلدان انتهى.
ومن أشهر مؤلفاته المطبوعة : كتاب (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) وكتاب (المشتبه في الأسماء والأنساب) وكتاب (العبر في خبر من غبر) وكتاب (تذكرة الحفاظ) وكتاب (طبقات القراء).
وفاته : توفي الحافظ الذهبي ليلة الاثنين ثالث شهر ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة .. وصلّي عليه يوم الاثنين صلاة الظهر في جامع دمشق ودفن بباب الصغير أرخ وفاته بهذا ابن كثير في البداية والنهاية وابن السبكي في طبقات الشافعية.
شمس الدين الذهبي مؤرخ الإسلام طيب الله ثراه ونفع به، صاحب أفضل كتب التراجم من وجهة نظري قدوة لولدك حين غياب القدوة سير أعلام النبلاء، الكتاب رغم إختصاره للأحداث وذكر التواريخ هو في ثلات وخمسون مجلد بأحاديث مسنده دربه كدرب إبن عساكر في التواريخ المسنده هو عندي حجة علي إذا مضي عمري ولم أقرأه حتي أعرف بعض تواريخنا المزوره وكيف كانوا وكيف كنا، ولعل التاريخ الإسلامي بتقسيماته يدلك علي نقاط الخلل وأن التاريخ يعيد نفسه.