ينطلق هذا البحث من افتراض يزعم أن فلسطين عرفت مشروعاً فكرياً حداثياً، حمله مثقفون فلسطينيون، تأثروا بأفكار رواد النهضة العربية، واحتكوا بالثقافات الأوروبية الحديثة، إمّا عن طريق مدارس الإرساليات الأجنبية في فلسطين، وإمّا عن طريق الإقامة والدراسة في الجامعات الأوروبية، وإمّا عن طريق الترجمة، ووضعوا لأنفسهم هدفاً رئيسياً هو نقل مجتمعهم من التقليد إلى الحداثة، كي يتمكن من كسب صراع "تنازع البقاء" الذي فُرض عليه. وانطلاقاً من هذا الافتراض، ستتمحور إشكالية هذا البحث حول السؤال التالي: ما هي ملامح هذا المشروع الفكري الحداثي، أو بتعبير آخر ما هي رهانات الحداثة التي واجهها المثقفون الفلسطينيون، الذين راحوا يظهرون على مسرح الأحداث في فلسطين، منذ المرحلة المتأخرة من العهد العثماني وخلال عهد الانتداب البريطاني، وذلك بعد انفصال حقل العلم عن حقل الدين، وبروز التعليم الحديث، وتوفر فرصة الاحتكاك بالأفكار الأوروبية الحديثة، وظهور الطباعة وانتشار الصحافة؟
المؤلف:
ماهر الشريف، رئيس وحدة الأبحاث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، وباحث مشارك في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في بيروت. صدر له العديد من المؤلفات، بينه "تاريخ فلسطين الاقتصادي والاجتماعي" (1985)؛ "البحث عن كيان: دراسة في الفكر السياسي الفلسطيني، 1908-1993" (1995)؛ "فلسطين في الأرشيف السري للكومنترن" (2004)؛ "فلسطين في الكتابة التاريخية العربية" (2016)؛ "تاريخ الفلسطينيين وحركتهم الوطنية" (مع عصام نصّار، 2018).
مؤرخ فلسطيني وباحث متفرغ في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت. حائز درجة دكتوراة دولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة باريس الأولى-السوربون سنة 1982، ودرجة دكتوراه حلقة ثالثة في التاريخ المعاصرمن الجامعة نفسها سنة 1977. كان أستاذ التاريخ العربي في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، دمشق ثم بيروت. وهو الآن باحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في بيروت، وعضو اللجنة الدولية المشرفة على فصلية "أبحاث دولية" في باريس، وعضو لجنة تحرير "دفاتر مجموعة الأبحاث والدراسات حول المغرب العربي والشرق الأوسط" في باريس.
يسلّط الضوء على مثقّّفين فلسطين ما قبل النكبة من 1908م حتى قُبَيل النكبة 1948م، الكتاب حسب ما أرى، قلّ وجود أمثاله من كتب من حيث تسليطه الضوء على الجانب الاجتماعي والثقافي من تاريخ فلسطين قبل النكبة..