عمل ساخر، بطله الحماقة يحفر في وجدان العبث الذي خصه الكاتب هنا برواية كاملة، تحكي عن وطن، من فرط كبره احتاج إلى حلمين ليدفن، لتكون في آن واحد، منفيستو ضد سلطة مكتفية بنفسها، ومرافعة لاذعة ضد الهامش. يستحضر فيها سمير قسيمي شخصيات ممعنة في القبح، تلعب أدوارا كاريكاتيرية بصفات موغلة في الغرابة، في زخم أحداث تبدو من فرط واقعيتها متخيّلة، فهي بقدر ما تضحك القارئ تدعوه إلى البكاء، ليخلق الكاتب بفضلها وطنا لا يصبح فيه الناس ولا يمسون إلا على الحماقة. رواية مشحونة بالخيال، مثقلة بالواقع، قاطعت بين السياسيّ والاجتماعي، تقترب من الكوميديا السوداء، كتبت بأسلوب فريد وبلغة آسرة، تتلاطم فيها القصص والحكايات بصنعة سردية مُتقنة، لا تضمن التشويق فحسب، بل أيضا دهشة مستمرة ومتجدّدة، في كتاب لن ترغب أبدا أن ينتهي مع انتهاء صفحاته.
الحماقة هي أن تفعل الشيء ظناً منك أنك مدفوع بإرادتك، بينما الحقيقة هي أن الأفكار تمت زراعتها في لاوعيك والدافع تم غرسه في حناياك دون أن تشعر. أنت تفعل ما يريدونه منك لا ما تريده، والأدهى هو أنك مقتنع بأن هذا ما أردته ولم يمليه عليك أحد.
استكمالاً لسلالم ترولار، كتابان في واحد لهذه المأساة/الملهاة حيث الزعيم أحمق والعامة أشد حمقاً منه. تسلط الرواية على أسلوب الحكم الفردي، حيث يُحيط الرئيس نفسه بالمنافقين وضعاف الشخصية، يستمرئ إذلالهم ويستعذبون طغيانه. الحاكم نفسه صنيعة شخص آخر، وربما كان الجميع يعمل بالريموت كنترول من وراء البحار، حد توصيف الكاتب.
الجزء الأخطر من التيمة هو استخدام الشعوب للثورات والانقلابات. وذلك عن طريق الإعلام، توجيه الحشود، استغلال الأحداث الطارئة وتجنيد المحرضين. يحرص مشعلو الثورات، إن صح التعبير، على الاستتار تماماً خلف الشعب، ولا ينفكون عن الحديث باسمه حتى إذا تحقق مبتغاهم ألقوا مصالح الشعب وراء ظهورهم وأعادوا سيرة سلفهم بحذافيرها، أما الشعب فكما اشتعل ينطفئ، وكما تذكر يعود للنسيان.
يحكي سمير قسيمي كل تلك التفاصيل على هيئة قصص هزلية وشخصيات كاريكاتورية، لا تجد فيهم شخصية واحدة جديرة بالاحترام. أسلوب السرد غير خطي، ربما مفكك في بعض الأحيان، بل قد يصل بالكاتب أن يغير رأيه في أحداث ما فيقول أنها كانت أضغاث أحلامٍ لا غير. ثمة فصول ليس لها دور كبير في القصة ولكنها لم تجعل الرواية مملة إلى درجة مزعجة.
خلاصة الرواية في هذا الحوار:
- في بلد الأميين لا تحتاج لتقرأ حتى تصبح سيدهم. كل ما تحتاجه، هو أن تدرك أنهم جهلة، وتجعلهم يتصورون أنهم غير كذلك. في مثل هذا البلد، ليس ثمة أفضل من شعب أحمق يتوهم الذكاء ليحملك على ظهره، معتقداً أنك من تحمله.
- من الجيد أنك حضرت هذا الموقف، لتفهم أن العالم مشكل من فئتين: سادة وعبيد، فمثلما أملكك يا كلب، هناك من يملكني أنا أيضاً، وحين أجهزك لمهمتك القادمة، ستملك بدورك عبيداً يحبونك ويخشونك.
رواية نقرأها لنعرف حقيقتنا لنعرف على أية أرض نقف و إلى أين نحن متجهون و ما الذي تفعله الحماقة بنا؟ وضع الكاتب بين طيات هذه الرواية الوجع تحت المجهر ليكشف لنا الخلايا التالفة و المتآكلة التي أعياها الداء...
تبدأ الرواية برسالة يتلاقها الكاتب من ناشره يعتذر له فيها عن نشر ما كتبه لأنه يرى هذا العمل بمثابة رسالة تهديد لمستقبله و تعريضه للبطالة قبل أوانها، و قد يجعل القارئ ينفر من هذا العمل، فالقارئ تكفيه همومه همومه المتراكمة فوق اكتافه لدا لا داعي لأن يعيشها بين طيات كتاب ، مقترحا عليه تغيير العمل ليمتع به القراء بدلا من السوداوية، فالكل يريد تجاوز الوجع حتى لو باقتناء الوهم.
تدور أحداث الرواية حول رجل خمسيني بدين، قصير القامة يدعى "جمال حميدي" الذي يرى نفسه في المنام رئيسا لجمهورية ما لا الراب فيها، لتكون حياته عبارة عن انتظار و ترقب بدءا بلحظة ولادته كون امه بقيت لسنوات تنتظر قدومه و مرورا بأحداث أخرى لتنعرج بنا الرواية الى إحدى الإدارات الرسمية و يضعنا امام السلطة و نظرتها الدونية للمواطن البسيط و تختلف مسارات الرواية لتاخذنا مرة أخرى لإبراهيم بافالولو و تفاصيله المختلفة الموظف الذي يمتلك الكثير من الشهادات ليكون أعلى رتبة من مرؤوسيه و رتبته الوظيفية لكن طيلة ثلاثين عاما قضاها في تلك الوظيفة التي ادعى منذ البدء انه يحوز على الشهادة الابتدائية كمحاولة للتغلب على البطالة و مكافحة الفقر لتوضح لنا الرواية مقاربتها العميقة على أزمة الإنسان المغلوب على أمره و الخاضع لأي شيء في سبيل ان ينقذ نفسه و كحال هذه الشخصية يحكي قسيمي عن باقي الشخصيات و التي خلف كل واحدة ظروف و حكايات لا تختلف كثيرا عن جمال حميدي، ابراهيم بافالولو مشيرا الى مواضع الخطأ. الحماقة كما لم يروها أحد... هي معارضة أدبية لرواية الكاتب التي نشرت في وقت سابق هي سلالم ترولار إذ ان الشخصيات هي نفسها و لكن اتخذت مسارات مختلفة و بأفكار أخرى تجري أحداث الرواية في مكان يسمى حي الدوق دي كار و حي الدكتور السعدان و تسرد الكثير من تفاصيل حياة جمال حميدي و اولغا ، ابراهيم بافالولو ، عصام كشكاصي، سالم الجمل، و غيرهم من الشخصيات التي ذكرها الكاتب، و الشي المشترك بين هذه الشخصيات هي الحماقة التي بنيت عليها الرواية بطريقة ساخرة هازئة.
المطلع على العمل الأدبي يتبادر إلى ذهنه عديد الأسئلة أهمها من يصنع من؟ حين تتسلط علينا الانظمة الفاسدة، و الاستبداد السياسي و القهر الاجتماعي كيف ستكون النتيجة؟ هل سيخضع الشعب و يرضى للهرب من الفوضى؟ أم انه سيثور و يتصدى و يتحد أبناء الشعب بنفض غبار الذل؟
تمكن الكاتب ببراعة استغلال الواقع ليبدو كخيال ليعطي لنا مغزى هذه التجربة و يوضح لنا السبب لذلك فهذه الفانتازيا إن صح القول تقوم بتحرير كل القيود و خلق عالم موازي يكون تحت سلطة الكاتب وحده.
ما يلفت الانتباه في الرواية أيضا :
التزوير و الكذب تزوير الحقيقة و طمس التاريخ و ذكر ما يناسب السلطة أعطى مثال على كاتب التاريخ في الجمهورية المزعومة ليكون ضمن المنهج الدراسي ليتداول عبر الاجيال مثال على ذلك سيرة جمال حميدي.
تجليات الحماقة في الرواية :
حين تجمع الناس في ذلك المشهد يوم الجمعة بعد استلامهم الاستدعاء من طرف الدولة في أمر مهم هنا الحماقة طغت
أيضا نجد في بعض فصول الرواية أحداث مضحكة و لكنه المضحك المبكي ففي هذا العمل الذي يمكن تصنيفه بكوميديا سوداء بأسلوب ساخر يظهر مدى العبث و التناقضات الكثيرة في المجتمع و حياة العامة، كأني به أرى شطرا كبيرا من حياتنا بكل قرفها و بؤسها يمر أمام ناظري و انا بكل بساطة ابتسم، أرى تتعرى أمام خلف أسطر الرواية دون أن اتمكن من التحرك....
في الأخير أقول أن الحماقة لا يمكن أن تحصر بين الأسطر، و الكاتب ابدع كثيرا حين جعلنا نعيش نعيش الكثير من الحمق شكرا لانك سلطت الضوء على من يمتهنون السياسة و بعض خلفياتهم التي حتما لن تختلف عما ذكرته و الواقع.
كل أطوار الرواية كانت تتميز بقوة سرد وبطريقة ممتعة و جيدة في صناعة الشخصيات التي جسدت الحماقة كما يجب. #اقتباسات_من_الرواية
فقد كان زمنا مباركا لا تمطر فيه السماء إلا عصمة، و لا تنبت فيه الأرض إلا آلهة و أنبياء و أولياء، زرعتهم المشيئة فيها ببركة ثورة عظيمة، حررت الشعب ليستعبدوه باسمها عقودا من الزمن.
فلطاما تغير وجه الحقيقة إذا أجبرت على عبور المرايا.
لا أحد يرغب في الحقيقة، رغم ادعاءنا أننا نبحث عنها
و الحق يقال أنه كان زمنا غريبا، لا يستوزر فيه الواحد، حتى تتبدل ملامحه و تتغير شماته، على نحو يشبه نظراءه الوزراء الذين يشبهون بدورهم الرئيس و كأنه والدهم.
في بلد الأميين لا تحتاج لتقرأ حتى تصبح سيدهم، كل ما تحتاجه هو أن تدرك انهم جهلة، و تجعلهم يتصورون انهم غير كذلك، في مثل هذا البلد، ليس افضل من شعب أحمق يتوهم الذكاء ليحملك على ظهره معتقدا انك من تحمله. #عفاف_بن_مهدي
قرأت هذه الرواية وهي في المهد، وأعترف بقدرتها على ابهاري بمدى قوّة السرد فيها وكيفية صناعة الشخصيات التي تجسّد بقبحها فكرة الحماقة التي اختار الكاتب أن تكون عنوانا للرواية، الحماقة كما لم يروها أحد، وفعلا في رأيي أن الحمق داخل أزقّة الرواية عبر فصولها كان يمشي ويلبس شخصية تلو الأخرى، وحتى الناس، تجسّدت الحماقة في ذلك المشهد عندما اصطفوا في طوابير يوم الجمعة مستجيبين لاستدعاء من جهة في الدولة لأمر يهمهم، كان مشهدا تجلّت فيه الحماقة أيّما تجلٍّ. الحماقة كما لم يروها أحد هي برأيي من نوع الكوميديا السوداء التي تصوّر قبح الواقع بأسلوب ساخر، ومنه يمكن تصنيفها ضمن الأدب الساخر الذي يُظهر العبث والتناقضات في المجتمع وحياة الناس ويحوّله إلى ضحك، كأنّك ترى حياتك العفنة بكل قذاراتها مسرحية هزلية وأنت تضحك عليها كأنما تضحك على نفسك من كثرة حمقك، كأنما ترى حقيقتك البائسة وتنفجر ضاحكا عليها، كذلك نرى في الحماقة كما لم يروها أحد تلك الحقيقة التي وإن تنكّرنا لها فهي موجودة، حماقة الناس وتفاهة الواقع، فكيف لا يكون الأمر عبثيا وحمقا ورئيس يقلب البلاد رأسا على عقب ويصنع ثورة سلمية ( حراكا شعبيا) لا لشيء سوى لأنه رأى حلما وفي الحلم رأى شخصية تقطن حيّا شعبيا بالعاصمة تأخذ مكانه في الرئاسة بعد الإطاحة به عقب ثورة شعبية، فراح هذا الرئيس يفعل المستحيل من أجل أن يجد هؤلاء الاشخاص الذين رآهم في حلمه وهم جماعة من الناس تقطن حي ترولار أبرزهم جمال حميدي ( الذي هو في الحقيقة هو نفسه الرئيس في حلم آخر) إذن، جمال حميدي هو أيضا شخصية خيالية صنعها حلم آخر هو حلم شخصية جمال حميدي الذي من فرط القبح الذي جعلنا الكاتب نراه من خلال الوصف، تصوّرناه بشعا في حقيقته حتى أن حلمه جاء بتلك البشاعة والقبح الذي اصطبغ به، إذن، فحماقة الحلم الذي رآه الرئيس – والذي هو جمال حميدي الرجل المقعد في كرسي متحرك) خلقت كل تلك الفوضى التي صوّرها الكاتب من خلال حماقة الناس الذين بفعل فاعل يعرف اللعب بالحمقى، خرجوا طواعية بحمق وعته يجرون كالمجانين رافعين لافتات وشعارات تنادي بسقوط النظام والديموقراطية، مشاهد صوّرت بنحو ما مشاهد من مسيرات التسعينات، ومسيرات عام 1988، وتنبأت بشكل ما بما تعيشه الجزائر منذ سقوط حكم بوتفليقة....
عند قراءتي للرواية كثيرا ما صادفتني بعض التأملات التي توحي بأنه سيكون هنالك الكثير من العمق في الصفحات المقبلة لكن الكاتب سرعان ما يضيع في شخصيات بلا معنى ويهدم الفكرة . هنالك الكثير من الحشو في الرواية خاصة حين حاول الكاتب ربطها بما يدور في الجزائر من أحداث سياسية واجتماعية. الرمزية في الكتاب كانت سطحية جدا ومربكة .شخصيا أرى أن الكاتب حاول صنع رواية بدل استدعاء قريحة أو فلسفة واقع .في المقابل غلاف الكتاب رائع ...
This novel could've been much more than what it is if the author focused more on the events rather than the characters. He described the former vividly but instilled no depths to what actually happened to those characters. He attempted to use symbolism as a way to portray the current political and social situation of the country, however, it was either too dark to be believable or too imaginative to be used in this genre.
قراءة انطباعية في رواية " الحماقة كما لم يروها أحد"
بقلم: وفاء خالد
الحماقة كما لم يروها أحد
عنوان لافت، مستفز حيث تتصدر كلمة "الحماقة" الغلاف الذي أُختير له لون الشفق الدامي، بينما تنزلق "كما لم يروها أحد" على طول جسم الرسم الكاريكاتيري لرجل بلا ملامح، يضع يديه على خاصرتيه في وضع المتحدي أو ربما...الأبله! تخنقه ربطة عنق رسمية تستريح على كرش عريض بارز، له أكثر من دلالة في مجتمعنا. وفي الخلفية ينتصب طيف مقام الشهيد والمسجد...الأعظم؟ ربما! وقبل أن تأخذنا التأويلات بعيدا ونحاول إيجاد رابط بين كاريكاتير الغلاف وأحد أشباهه الأربعين، الذي عشّش في اللاّوعي الجمعي لعقدين من الزمن، ننتبه لمفتاح في الظهر مثل ذلك الذي نجده في الدمى، نديره فتنطلق بالحركة والكلام. " الرجل الدمية" تسترسل بنا الظنون...وبعض الظن إثم الكاتب منه بريء. كل هذا ولم نتجاوز الغلاف بعد! غلاف بسيميائية عالية تفتح باب التشويق على مصراعيه. إهداء ساخر، فتصدير لمقولة تشارلز بوكوفسكي، نكتشف بعده أن الرواية تحتوي على كتابين في الحقيقة. " حماقات دوق دي دار" كتاب أول، "قبل العتبة"، ثم قسم ثان "بعد العتبة بكثير". ثم " الأحمق يقرأ دائما" عنوانا للكتاب الثاني. ( في شهر أوت/ أغسطس) من عام لا يذكره أحد، وفي الرابعة وأربع وثلاثين دقيقة فجر الخامس والعشرين من الشهر. يستيقظ جمال حميدي مذعورا من حلم مفزع بدا وكأنه حدث في الواقع) بهذه الجملة يبتدأ الكتاب الأول وكذا الكتاب الثاني. بحلمين لجمال حميدي، وبين الحلمين يمتد كابوس أسود مغرق في الحماقة. على هيئة شخصيات كاريكاتيرية غاية في البشاعة، يجمع الكاتب ثلة من أراذل المجتمع، يتعرضون عبر أطوار الرواية إلى مصائر عجيبة، في أحياء عاصمية وُصفت بدقة متناهية لمكان معلوم لكن في زمن عائم، هلامي، لا نكاد نقبض عليه. ومثل الحفرة التي أخذت " ألس" إلى بلاد العجائب، تأخذنا الرواية في رحلة مجنونة داخل عالم موازٍ قد يشبه الواقع...لكنه واقع دون مساحيق تجميل، وبكامل عري الحقيقة الطاعنة في الألم ... والحماقة. يقدم سمير قسيمي في عمله الأخير هذا نسيجا سرديا، متماسكا، تمازجت فيه السياسة والواقع الاجتماعي مع الخيال والفنتازيا ليسكب الكثير من الملح على جراح لم تلتئم بعد. كل هذا في قالب ساخر، لاذع تلاعب فيه بتوقعات القارئ واستمتع بكسرها في كل مرة، وبأسلوب سلس، مشوق ولغة سردية فخمة جعلني أضحك أحيانا وأغصّ بالمرارة أحيانا أخرى. كما لم أستطع منع نفسي من إسقاط الشخصيات والأحداث على ما يحدث في الواقع، وعلى أسماء أثثت وتؤثث المشهد السياسي وحتى الثقافي. ناقشت الرواية الزيف والتزييف، زيف البشر وتزييف الحقائق والتاريخ... ولم لا اختراع تاريخ على المقاس! كذلك تناولت افتعال الأزمات وإشعال فتيل الثورات، البيروقراطية، غياب العدالة، هشاشة الثقافة والأدب في عصر وسائط التواصل الاجتماعي ووهم الإعجابات والمعجبين. كما ألقت الضوء على وجع الأوطان الأزلي، كما عبّر عنه قسيمي في أحد حواراته " من يصنع من؟" في إشارة إلى متلازمة الضحية والجلاد. رواية مربكة، لاذعة، شجاعة حد التهور ربما، ساخرة حد البكاء حتما. رواية أوجعتني بقدر ما أمتعتني. " الحماقة كما لم يروها أحد" جعلتني أوقن أنني أنتمي إلى جيل عاش ويعيش الحماقة كما لم يعشها أحد.
📖الكتاب:الحماقة كما لم يروها أحد 🔮المؤلف:سمير قسيمي . ⚡عدد الصفحات:341. 💠الكتاب :17لعام 2021. 💠"تراجع إلى الخلف متأبطا رزمة الأوراق،ينظر إلى قبر الكائن المقدس،وقد استنار وجهه،بعدما اعترته السكينة وملأ الإيمان قلبه،حين انعكست على مقلتيه الجملة التي رسمها على شاهد القبر..جملة لم يفهمها ولكنه ٱمن بكل روحه بها:السّيد جمال حميدي رئيس الجمهورية."💠 💡بهكذا عبارة ختم الكاتب روايته ليكتمل مشهد الحماقة الذي رواه لنا طيلة صفحات الرواية؛ والتي كانت عبارة عن مجموعة من الصدمات المتتالية،فما إن تصحوا من واحدة حتى يربكك بأخرى. كوميديا سوداء،واقع أكثر سوادا،متناقضات الحياة التي تجمعت كلها في حي واحد،الخط الفاصل بين الذين يعيشون الحياة ومن يحلمون بها فقط.لقد غاص بنا سمير قسيمي في أعماق الحي الشعبي دوق دي كاري لنرانا نحن في بؤس ساكنيه وبعض أحلامهم،لينتقل بنا إلى البروج العالية النظيفة التي ما إن تطأها قدماك حتى تتلوث داخليا. ✔حلم الرئيس الذي أعلن على اثره حالة طوارئ،والتي لم تعلن لتنقذ شابا يعيش على حافة الحياة فقط لأنه يملك شهادات ومواهب،ولا لتوفر الأمان لفتاة عانت رهابا اجتماعيا،ولا لإنقاذ المجتمع من عنهجية أشخاص يتفنون في خلق فرص لتعذيبه ويستمتعون جدا وهم يرون طغيانهم يخلق شعوبا تعتقد أنها صانعة للقرار بمجرد حفظها وترديدها لشعارات وطنية . ❓❗ماذا لو فقدت بلدة بكاملها القدرة على القراءة بدءا بالرئيس؟؟؟ لا شئ سيحصل أخطر مما نعيشه؛ فقدان للسيطرة،ضياع فرص،فوضى عارمة ستستغلها أطراف معينة لتربك الواقع الداخلي أكثر. ولن نستطيع انقاذ أنفسنا وبلادنا ما دامنا نهمش القراءة ونستهين بالكفاءات ونبعد المبدعين. 🔶أسلوب مباشر جرئ،أحداث اختلط علي أغلبها حتى أعدت قراءة أغلبها،لا ترميز ولا تشفير ولا رسائل مبطنة، كل من قرأ الرواية يستطيع وضع اسقاطات مباشرة يتعرف من خلالها على كل الشخصيات!!! وهذا في حد ذاته أمر مرعب...
في بلادٍ بعيدة جدا، بعيدة كل البعد عن أوطاننا في الزمان والمكان والحدث، يحكي لنا الكاتب حكايات عبثية هزلية، عن شلة من الحكام الشرفاء، ضحوا بشبابهم وكرسوا حيواتهم من أجل خدمة أناس لا يعرفونهم، في سبيل أن يعيش هؤلاء بعيدين عن كل هم، بإبعادهم قدر الإمكان عن ذلك السلوك الممل المسمى"تفكير"، تلك الشعوب الأكثر منهم شرفًا وخلقًا وعزة، الذين ينعمون ويسبحون عن طيب خاطر في بحور أبعد ما تكون عن الجهل والقبح والحماقة، ويفخرون بأنفسهم دومًا كونهم ذوي رؤى ثاقبة وفكر، وعند الضرورة (مرفق تعريف الضرورة بالرواية) ، ثوارًا أبرارًا أحرارا كما ولدتهم أمهاتهم.
يقول سمير قسيمي في وصفه لتلك الشعوب الغريبة في ذلك العالم العجائبي، "ولئن اختلفت تلك الشعوب في كل عصر، فإنها كانت تتشابه في عشقها للحماقة، وحبها المازوشي لمغتصبيها. انتهى العالم الذي نعرف وجاءه آخر يشبهه في كل شيء، على عد إنه عالم يكذب فيه الحاكم على شعبه رغبة في البقاء في الحكم، ويكذب فيه الشعب على حاكمه رغبة في البقاء على قيد الحياة."
رواية ربما يرى البعض أنها تنتمي إلى الأدب السياسي، وربما يرى البعض الآخر أنها تنتمي إلى أدب المدينة الفاسدة، بينما أرى أننا قد آن لنا في هذا الزمان - وإن جاز لنا ذلك - أن نعيد تسمية أدب الديستوبيا ليصبح "أدب مفرط في الرعب والواقعية"، تمامًا كتلك الحماقة، التي لم ولن يروها أحد، وإن كان بإمكاننا جميعًا أن نفعلها، لكننا بالطبع، معروفة، مازلنا نرغب في البقاء على قيد الحياة.
لا يمكن لمن يقرأ مؤلفاً من مؤلفات قسيمي ألا يعود إليه ثانية، إنه ببساطة من الكتَّاب الذين يقرأ المرء لهم مراراً، ويلتهم مؤلفاتهم جميعاً، ويسعد لولوجه العالم الذي يرسمه سمير، بدقة وتفانٍ، في كل مؤلفٍ منها. أما هذه الرواية، فتحكي الحماقة التي لا أحسب أن أحداً سيتمكن من رسم عالم يليق بها بقدر ما فعل قسيمي في هذه الرواية، لقد تمكن من خلق عالمٍ تذوب فيه الحماقة في أصغر تفاصيله وتتمثل في أضخم مظاهره، ضمن ديستوبيا بارعة استطاع ربطها، بطريقة ما، مع ديستوبيا مؤلفه الثاني "سلالم ترولار". سيعجب القارئ مراراً من براعة قسيمي في رسم الشخصيات وتحريكها ضمن الإطار الواسع ولعبة الاحتمالات التي يصيغها لها، وسيضحك مراراً على الكثير من الفقرات التي تصف له العالم بكوميديا سوداء مغرقة في الواقعية، ولعلها تصنف ضمن الروايات الأكثر إزعاجاً، والأكثر سخرية، والأكثر إغراقاً في الواقع، حتى أن المرء يتعب في ملاحقة قسيمي وتصور العالم الذي يقدمه له، ويرهق في تخيل كل تلك التفاصيل المزعجة واللذيذة في آن. هي بالفعل حماقة لم يروها أحد، فوحده قسيمي من يستطيع تمثيلها بطريقته الخاصة، حين أذاب العبقرية في السخرية وتمكن من تضمين فلسفته في الكوميديا، وصياغة الحماقة البشرية ضمن أكثر البيئات الملائمة لها، أي السياسة. إنها تحفة أدبية، نريد المزيد من قسيمي.
- خارج الواقع،يتناول الكاتب جوانب مهمة من الحياة الاجتماعية بصورتها الواقعية،كما تتارجح الاحداث داخل السياسة الحالمة التي لا وجود لها جامعا بين الجانب المرير للواقع و الطرافة،إضافة الى كون الرواية حملت ما يدور في الجوانب المعتمة خلف أسوار الدواوين،الا انها تلامس القارئ المحلي عن طريق نماذج الشخصيات التي صادفها ان لم يكن قد تعامل معها ،كما ان هنالك كشفٌ عن المكشوف بطريقة تجعل من الموقف اكثر رحابة لتقبله.متعة من نوع خاص يُدافعها جانب من اليأس.
بكل شجاعة و ذكاء و احترافية، يبرز لنا الروائي سمير قسيمي في " الحماقة كما لم يروها أحد" واقعا مرا لسلطة هشة رذيئة و وقحة، بسرد متماسك و قوة في الوصف و دقة في المعنى و المبنى، من خلال ابداع شخصيات كاريكاتورية-واقعية...كل هذا أدى إلى انتاج صورة فنية أدبية توافق و تنافس الصورة البصرية في الفن التشكيلي .و عليه، يكون الكاتب قد وفق- إلى حد كبير- في طرح منتوج أدبي- فني ممتع و مفيد و مؤثر في الآن نفسه.
أسلوب الكتابة وأجواء العمل رائعين، ولكن التعجل والمباشرة قادا العمل إلى حواف الإبتذال. لم تعجبني كثيرا، سلالم ترولار كانت أفضل .. الرمزية هنا سيئة جدا ومكشوفة وتبدو أقرب إلى الكتابة الإنتقامية منها إلى الأدب الرفيع. مؤسف أن غودريدز لا يتيح التقييم بنصف نجمة اذ كنت أريد تقييمها بـ2.5
رواية نجح فيها الكاتب في سرد واقع سياسي و اجتماعي مغاير تماما عن الوهم الذي يراد من الجزائريين تصديقه.
الجزء الاول يحضر القراء لما يلية، عبر عرضه وصف لأماكن و بورتريهات لشخصيات تقمصت ادوار اساسية في الجزء الثاني، و الذي بدوره تضمن سرد مشفر بطريقة هزلية تارة و فلسفية تارة اخرى لوقائع حدثت في الجزائر، مع عرضه نظرية مقتبسة من نظريات المؤامرة ما اعطى حسب رأيي طابع تشويق للقارئ.