لِمَ نقد للعقل الكلبي ؟ ... يعني الحديث عن الكلبية أن نُخضع لامتحان النقدِ فضيحةً فكرية وأخلاقية ؛ بعد ذلك سنقدّم شروط إمكان الفاضح ... فالعصر الراهن هو برمّته كلبّي ... يعيش النقد بسائر معاني اللّفظ ، أياماً حالكة ومضربة . مرّة أخرى يبتدئ عصر النقد المتنكر في لباس تخضع فيه المواقف النقدية لأدوار مهنية . نقديةٌ ذاتُ مسؤولية محدودة ، تنويرياتٌ مرصودةٌ باعتبارها عامل نجاح ، هو ذا الموقف عند نقطة تقاطع الامتثاليات الجديدة والطموحات القديمة ... لقد حان وقتُ نقد جديد للأمزجة. حين يبدو التنوير على أنه ((معرفة حزينة)) ، فإنه يسهّل على الرغم منه ، الخدر الاكتئابي . لذلك ينتظر نقد العقل الكلبي أكثر من عمل تسلية حيث يحسم من البداية أنه ليس عملاً ، بل هو استراحة من العمل ... وإذا كان التنوير يبدو في البداية على أن يفضي بالضرورة إلى خيبة كلبية ، فإن هذا الطور سرعان ما سيتجاوز ، وسيصير امتحان الكلبية أساساً لإبطال الأوهام بكيفية مناسبة ... فالكلبية هي الوعي الزائف المستنير (less)
Peter Sloterdijk is a German philosopher, cultural theorist, television host and columnist. He is a professor of philosophy and media theory at the University of Art and Design Karlsruhe.
Peter Sloterdijk studied philosophy, Germanistics and history at the University of Munich. In 1975 he received his Ph.D. from the University of Hamburg. Since 1980 he has published many philosophical works, including the Critique of Cynical Reason. In 2001 he was named president of the State Academy of Design, part of the Center for Art and Media in Karlsruhe. In 2002 he began to co-host Das Philosophische Quartett, a show on the German ZDF television channel devoted to discussing key issues affecting present-day society.
The Kritik der Zynischen Vernunft (Critique of Cynical Reason), published by Suhrkamp in 1983, became the best-selling philosophical book in the German language since the Second World War and launched Sloterdijk's career as an author.
The trilogy Spheres is the philosopher's magnum opus. The first volume was published in 1998, the second in 1999, and the last in 2004.
مالي حيل اكتب مراجعة نقدية متكاملة وخاصة انو في جزء ثاني من الكتاب. بس ترجمة ناجي العونلي لعمل فلسفي بهذه الاهمية عمل جبار يُشكر عليه وخاصة انو الترجمة ممتازة جدًا وذلك بعد اطلاعي على فقرات من النسخة الانكليزية. أخذ مني الكتاب الوقت الكثير وهذا هو المتوقع بالنسبة لكتاب فلسفي، فيمكن ان أُأَجل قراءة الجزء الثاني لشهر آخر حتى أنتهي من المشاريع القرائية التي بيدي الآن وبعدها سأكتب مراجعة للجزئين إذا كان هناك طاقة لفعل ذلك.
قرأت الكتاب باللغة الانجليزية مترجما عن اللغة الألمانية ثم امتلكت الكتاب ورقيا ترجمة ناجي العونلي لعمل فلسفي مهم في القرن العشرين وأحد اهم الأعمال الفلسفية النقدية في المانيا وأوروبا في العام 1983 مجهود جبار ومخلص وأبداع في أنتظار ترجمة ثلاثية سلوتردايك الأساسية ثلاثية الكرات التي تتجاوز 2600 صفحة الى لغتنا العربية
"لقد بلغنا نقطة تبدو لنا فيها السعادة سياسياً، انعدام الحشم .. من لا يزال يرغب أن يثبت نفسه بصفته مستنيراً، لا بد أن يكون قادراً على الكثير من الوقاحة والصفاقة. ذلك أن التنوير لم يعد يتعين أن يفعل فعله حقاً في رؤوسنا، بل بالأحرى في الأنانيات المعتَّمة والهويات المتجمدة"
نقد العقل الكلبي (المجلد الأول) – بيتر سلوتردايك
يُقرأ بعد القراءة المتعمقة لنيتشه وهيدجر وروسو ومن كتب في الفكر التنويري الأوروبي.
يُعرِّي سلوتردايك في كتابه أسس التنوير الكلبي الكونيقي ويتناولها بالنقد والتمحيص، ويطرح عليها العديد من التساؤلات المهمة والقضايا التي يرى أن فلاسفة التنوير الأوروبيين عجزوا عن تناولها بالأهمية ذاتها، فهو يبدأ بوصف الفكر التنويري بالوعي الزائف الذي حاول نقض الأيديولوجيا الأوروبية السابقة له بطرح مفاهيم العدالة والمساواة والحرية والقدرة، دون تأسيس رغائبي لها أو تبيان النقاط الواجب على البشر العناية بها كي لا يقعوا في فخاخ التطرف، فكان الحوار بين الفكرين مجهضاً منذ البداية دون نور في نهاية نفقه، خاصة عندما عمد فلاسفة التنوير كشف أقنعة الأيديولوجيا دون فعل ذلك بفكرهم الخاص.
كما تناول الكاتب الطرق التي حاول بها التنوير نقض مفاهيم الأيديولوجيا الدينية بتعريتها من الأوهام وعرضها للعقل والمنطق والأنثربولوجيا والداروينية في صورتها الاجتماعية، دون أن يستطيع، أي التنوير، النظر في الجانب التطبيقي له على أيدي متبعيه، خاصة بالنتائج الكارثية التي ترتبت عليه فيما بعد، مثل تبرير العنصرية وصناعة القنابل النووية، ومن هنا، تحدث الكاتب عن التنوير الذي حال دون تحقيق نفسه بسبب انخراطه السياسي والتطبيقي المتهور والانشقاقات التي شابته في القطاعات والأحزاب.
ويعود الكاتب في الزمن ليثبت أسس التنوير الكلبي في الكونيقية القديمة في اليونان، والمتمثلة في الوقاحة مقابل الفلسفة، والعناية بالجسد مقابل العناية بالعقل، والالتفات لغرائز التدمير وإقصاء الآخر مقابل غرائز الحفاظ على النفس والآخر، متناولاً فكر نيتشه وروسو وهيدجر وديستوفسكي كأمثلة وأطروحات تمثل الكونيقية الكلبية التنويرية.
يعد الكتاب زخماً ومتخماً بالنظريات، لهذا يُقرأ مراراً في كل مرحلة.
هذا نص كما يقول مترجمه التونسي ناجي العونلي قلما نجد له نظيرا في النصوص النقدية الألمانية المعاصرة من حيث الطرافة الفكرية والكثافة البحثية (نعني ما يتخلّله شواهد نصيّة وتصويريّة، إذ تتركّز فيه جميع رياح الفكر الغربي (باردها وصرصرِها وحارقها معا التي هبت على محلات الواقع الفعلي الغربي (من) آغورا أثينا وسوقها والبنيكس سقيفة ساستها وخطبائها، إلى أنظمة الهؤل السياسي الفاشستية وكلبياتها الصارمة في وسائل الخراب والتدمير مرورا بأشكال صناعة الموت الحديثة واتساخ المدن والحواضر مراكز للإنتاج والاستهلاك والاستلاب والتسلي). لا يتبنى سلوتردايك النزعة الكلبية الحديثة المعاصرة كما يعبر عنها العقل الكلبي الحديث، إنه على العكس من ذلك يأخذ بالنزعة الكلبية في صفائها الاصلي ونقائها الحقيقي، أي النزعة الكلبية القديمة كما مارسها ديوجين المتوحد، والنزعة الكلبية الحديثة تمثل الوعي الزائف الذي يعيشه الإنسان الحديث، لذلك عمد سلوتردايك إلى التصدي إلى هذه النزعة المبتدعة، والتي أخذت تنتشر كالسرطان وتتحول شيئاً فشيئاً إلى طريقة حياة كونية وفلسفية وشعبية عاملاً على كشف أوهامها وابطالها، والعودة إلى النزعة الكلبية الاصلية واستخدام ادواته النقدية في نقد وتقويم النزعة الكلبية الحديثة ورفضاً للبلاهة العلمية التي تسجن الحياة في حدود طبقة، كما أعدها مجابهة للاغتراب الناتج عن سيرورة تقدم العقل، ويعتقد سلوتردايك أن النزعة الكلبية هي شكل فلسفي اصيل يسمح للرغبة في الحياة بأن تعرب عن ذاتها وعن حضورها، ومعنى ذلك أنها تدعو الإنسان إلى أن يظل هادئ الطباع صافي السريرة، وإنها تدعوا الإنسان إلا ينساق وراء الأهواء أو الانظمة، حتى لا يفاجأ بما لا تحمد عقباه فيشوب حياته الكدر. ليس نقد العقل الكلبي نقدا للعقل المحض، (وإن كان يحتكم إلى قبلي كونيقي) ولا نقدا للعقل الأداتي (وإن كان يناهض كلبية الأداة والآلة والوسيلة) ولا مجرد نقد برّاني للتنوير (وإن كان يشدّد على خيبات الفكر التنويري)، بل هو نقد العقل الوقح تاريخيا ووجوديا (أي بلحمه الحيّ وشعره الأشعث وعضاته النافذة) للمعقولية الكلبيّة المزيغة والمضللة بما أوتيت من أشكال تراكم المعرفة والسلطة معا، ومن غلوّ مثالي، ومن عته سياسي وأخلاقي وحتى لا أخلاقي. ولذلك هو بالجوهر نقد تجسيدي، تزييغي، مخرب. وعلى المرء أن يتصوّر ههنا حركة المشرط أو المبضع إذ تنفذ تشريحا إلى الأدمة، لتعري الأعلى والأسفل معا، وتُظهر في وضح النهار (مثل فانوس ديوجين)، ما يعجز مجرّد نقد الإيديولوجيا عن كشفه، ولكن لا يحسن بهذا النقد أن يبقى مهووسا بـ «خُصوم جادّين وحسب، ويغفل من ثمّ عن وجوب زعزعة الخطاطة الإيديولوجيّة للمنظومات غير المتماسكة وغير الجادة» بواسطة السخرية والتهكم والضحك (مقاليع نقدية أشدُّ وقعا من النظرية) إننا مستنيرون وخاملون. إذاك لم يعد يتعلق الأمر بحب للحكمة. ولم يعد ثمّة معرفة سيكون بإمكان المرء أن يكون صديقا لها (فيلوس). ولا يكون منّا على بال مع ما نعرفه، أن نحبّه، بل نتساءل على العكس من ذلك، كيف لنا أن نحيا وإياه من دون أن نتحجر. اذ أن الأساتذة ليسو بالفعل معلمين، بل هم مدربون من خلال دروس في تحصيل معرفة لاتمت بصلة للحياة.