يستهلُّ النَّاقد والمفكِّر عبد الفتاح كيليطو كتابه الجديد هذا، بالحديث عن "المقامات"، وهي الإحالة الأولى على طريقة الكتابة، أو بالأحرى اختيار الكتابة "بالقَفْز والوَثْب" على حد قول مونتيني. لكنّ، كيليطو يضعُ أفكاره في سياقٍ تاريخيٍّ لا يخلو من علائق مع المناهج الحديثة، بحكم اشتغاله على التجديد في الدراسات الأدبيَّة العربيَّة. يقول كيليطو: خصوصية الكتابة مرتبطة بنوعية القراءة. ماذا قرأت؟ وبادئ ذي بدء، ما هو أول كتاب قرأته؟ في كل مناسبة أقدِّم عنواناً مختلفاً حسب مزاج اللحظة، ومنعرجات الذاكرة، وحسب الشخص الذي يسألني ولغته والأدب الذي ينتمي إليه، فأقترح، بل أخترع كتاباً أول، أُبدع مرة أولى. ها نحن أمام مسألة البدايات. هل هناك أصلاً مرة أولى؟ في أغلب الأحيان لا تكون مؤكدة ومضمونة، سواء أتعلق الأمر بالقراءة أو بأمور أخرى. ما إن نعتقد الإمساك بها حتى نكتشف، وربما في الحين أو فيما بعد، أنها مسبوقة بأخرى. المرة الأولى في النهاية هي المرة بعد الأولى، وفي أحسن الأحوال المرة الثانية. إلى أن يكشف: ليست طريقتي في الكتابة من اختياري، ما هو شبه مؤكد أن ليس بمستطاعي أن أكتب بطريقة أخرى، ولعل هذا هو تعريف الأسلوب، أن تظل حبيس طريقة في الكتابة. اتضح لي هذا على الخصوص وأنا أقرأ الجاحظ، فهو الذي خلصني من شعوري بالنقص يوم أدركت أنه لم يكن يستطيع، أو على الأصح لم يكن يرغب في إنجاز كتاب بمعنى استيفاء موضوع ما والمثابرة عليه والسير قدماً دون الالتفات يميناً أو يساراً. هو نفسه يقر بهذا ويعتذر مراراً ... على ماذا؟ كدت أقول على تقصيره، وما هو بتقصير. يعلل الأمر بتخوفه من أن يمل القارئ، والواقع أنه هو أيضاً كان يشعر بالملل ويسعى إلى التغلب عليه، وهذا سرّ استطراداته المتتالية. أسس الجاحظ بصفة جلية فن الاستطراد، دشن (ها نحن قد رجعنا دون أن نشعر إلى مفهوم المرة الأولى) فن الانتقال المفاجئ من موضوع إلى موضوع، من شعر إلى نثر، من موعظة إلى نادرة، من مَثَل إلى خطبة، من جد إلى هزل. وإذا كان من اللازم تشبيهه بكاتب أوروبي، فلا أرى أفضل من الفرنسي مونتيني الذي كان يكتب، على حد قوله، «بالقفز والوثب». ولا أشك أنه كان يقرأ أيضاً بهذه الطريقة.
Abdelfattah Kilito is a well known Moroccan writer. He was born in Rabat in 1945. He is the author of several books in Arabic and in French. He has also written articles for magazines like Poétique and Studia Islamica. Some of the awards Kilito has won are the Great Moroccan Award (1989), the Atlas Award (1996), the French Academy Award (le prix du Rayonnement de la langue française) (1996) and Sultan Al Owais Prize for Criticism and Literature Studies (2006).
من الجميل دائمًا أن تقرأ لكاتب عظيم يتحدث عن كاتب عظيم آخر، وها نحن ذا، نقرأ لكيليطو الذي يتحدث عن بورخيس، وكلاهما، كما يُقال، من أعظم كُتاب القصة القصيرة في كل العصور. ندرك على الفور أننا أمام كاتب موسوعي الثقافة، شغوف بالأدب وفروعه، القديم منها والجديد، مترجم بارع وحلقة وصل، بناءً على ثقافته التي تجمع بين ثقافة المغرب العربي والثقافة الأوروبية وخاصةً فرنسا، بين أدبين رغم تشابههما في نقاط عديدة، إلا أنهما مختلفين تمامًا. نقرأ عن أثر الأدب العربي القديم في إبداعات أوروبية اعتُبرت فيما بعد من كلاسيكيات الأدب. نقرأ عن المقامات وعن أبو العلاء المعري، عن بورخيس ورغبته الدائمة في تعلّم العربية كي يقرأ أدبها بلغته، وقد نجح بالفعل في تعلّم اللغة لكن وقته لم يسعفه ورحل عن عالمنا قبل أن يحقق حلمه. سعدتُ كثيرًا بذكر كيليطو لقصة قصيرة لـ بورخيس بعنوان "الآخر"، وهي واحدة من قصصه التي أحبها كثيرًا والتي تظل دائمًا أحداثها حاضرةً في ذهني رغم قراءتي لها منذ سنوات. وهنا تأتي الميزة الثانية لقراءة كيليطو: التعرف على كاتب عظيم من منظور آخر، منظور كاتب لا يقل عظمة وأهمية.
- مجموعة من المقالات والنقاشات لعبد الفتاح كيليطو، بعضها حول تجربته الذاتية في الإبداع، اين أصاب، اين اخطأ، اين تسرب النص من لاوعيه ولم يخضع للنقد الواعي قبل نشره، بعضها الآخر حول تجربته كقارئ للإنتاج العربي الكلاسيكي والإنتاج العالمي.
اتضح لي ان الخطأ ليس شيئًا يحدث او لا يحدث، إنه على العكس، المكون الأساس للكتابة، معدنها وطبعها. ان تكتب معناه ان تخطئ
- الفكرة المهمة في فراءتي لهذا الكتاب هو تجربة كيليطو مع اللغة، فيقول "لم يفارقني شعور مبهم ان بمقدوري ان اضيف شيئًا الى الأدب العربي، شيئًا بسيطًا، تافهًا، ربما لا شيء... شعور ناجم بالضبط عن اطلاعي على الأدب الفرنسي والأوروبي بصفة عامة. يمكن ان اقول انني درست هذا الأدب... كي اكتب مستقبلًا بالعربية، تعلمت الفرنسية، ويا للمفارقة، استعدادًا للكتابة بالعربية" هذا المقطع يحتاج للكثير من التأمل.
- المقاربة او المقارنة ما بين المقامات والرواية وطرق الوثب في التقنيات المستعملة والنظرة التجديدية التي يمتلكها كانت معروضة بشكل سهل لكن بعمق.
دايما كنت بتسائل ايه هو شكل الجلسات الثقافية؟ الجلسات اللي بتتكلم عن الأدب بجميع مراحله ولغاته وبتعقد مقارنات ما بينهم، يا ترى الناس المثقفة دي بتفكر ازاي؟ كل ده واكتر لقيته في الكتاب ده :D
الكتاب ما هو إلا رحلة قصيرة عبر العصور في الأدب والشعر، أول كتاب غير روائي اخلصه من سنييين وانبهر بيه كده، أول كتاب ينجح في جذبي لمواضيع معقدة جدا بخاف منها زي شعر المتنبي وابو العلاء المعري وغيرهم ويكلمنا عنهم وعن دواوين الشعر بمنتهى السلاسة اللي في الدنيا. بعد ما خلصته حسيت إني عايزة اعمل دراسات في الآداب 😂💙
اللي عايز يكتب يقرأ الكتاب ده اللي بيحب القراية يقرأ الكتاب ده اللي مهتم بالشعر والأدب والكلاسيكيات يقرأ الكتاب ده اللي عايز ينشط مخه بمعلومات مفيدة يقرأ الكتاب ده اللي عايز يتمزج بتجارب شخصية لذيذة يقرأ الكتاب ده قد يؤدي الولع بالقراءة إلى رسم مصير الطفل وتحديد مستقبله الدراسي والمهني ..
ومن هذا المنظور لماذا وقع اختياري على هذا النوع بالذات، على نصوص لا يقرؤها أحد، بحيث يخيل إلي أنتي اليوم قارئها الوحيد وأنها ألفت من أجلي ؟
ليست طريقتي في الكتابة من اختياري، ما هو شبه مؤكد أن ليس بمستطاعي أن أكتب بطريقة أخرى ، ولعل هذا هو تعريف الأسلوب أن تظل حبيس طريقة في الكتابة.
كل مقالات الكتاب جميلة وعلى قدر من الحرفية والبساطة في آن واحد، من أكتر المقالات اللي عجبتني فن الخطأ ولماذا نقرأ الكلاسيكيات 💙
📌ناقش فكرة غريبة ألا وهي أنه كان محتار في بعض أعماله يألفها باللغة العربية او الفرنسية! الحيرة هنا نابعة من انتمائه للأدب العربي وتعلقه بالكثير من الأعمال العربية، ولكن كان بيصاب بالاحباط من بعض تلاميذه لما حماسهم بيقل بعد ما يعرفوا لغه كتابه الجديد! 📌كذلك تحدث عن فن الخطأ ونظريته اللي بتقول إن الخطأ هو صلب الكتابة ولا سبيل لتفادي الأخطاء أبدا. 📌هل أبطال حكايات ألف ليلة وليلة كانوا بيناموا؟ تحليله للسؤال ده كان أكتر من رائع.
واثقة إن الكتاب ده هعيد قرايته كتير وهرجعله في الكثير من المعلومات، ده غير أنه فتح نفسي على قراية بعض الأعمال لكليطو شخصياً :") تملكني شيء من الندم على ترددي وإحجامي ، وإلى اليوم أي إلى هذا العمل الفريد النادر الذي لم أنجزه وليست لي أدنى فكرة عن مضمونه ومحتواه . ها أنذا فخور بدراسة رائعة لم أقم بها ، كما أنني فخور بكل الدراسات ، وما أكثرها ، التي لم أنجزها ، والتي ظلت وعودة وأوهامة وأماني. ما أجمل ما لم أقم بكتابته ؟
📌 ما هو أدب المقامات ؟
تحدث عنه الكاتب في أول مقالة، فبحثت عنه وهذا ما وجدته :
المقامات إحدی الفنون النثرية ظهرت في القرن الرابع الهجري وهي نوع أدبي يبالغ بالاهتمام باللفظ والأناقة اللغوية وجمال الأسلوب بحيث تتعدی الشعر في احتوائها علی المحسنات اللفظية إلا أنها لم تحظ اهتمام الأدباء والنقاد، وهذا لا يعني أنهم أهملوا هذا الفن کليا بل المقصود هو أن النثر بشکل عام والمقامات علی وجه الخصوص نالا أقل اهتمام بالمقارنة إلی ما ناله الشعر العربي من علو الشأن.
المقامات في اللغة جمع المقامة؛ والمقامة هي المجلس. والمقصود بالمقامة فی الأدب «قصة تدور حوادثها في مجلس واحد».
يعدّ كتاب المقامات أشهر مؤلفات بديع الزمان الهمذاني الذي له الفضل في وضع أسس هذا الفن وفتح بابه واسعاً ليلجه أدباء كثيرون أتوا بعده وأشهرهم أبو محمد القاسم الحريري وناصف اليازجي.
××××××××××××××× = الاقتباسات :
وقد سار ذكري في البلاد، فمن لهم .. ..................... بإخفاء شمس ضوؤها متكامل ..
-الرفعة، السمو، الأعالي، أبو العلاء ... يقارن نفسه بالشمس ، هو الذي فقد البصر منذ سن الرابعة . كنا نعرف ذلك، لكن ما غاب عنا أنه ألف هذه القصيدة البديعة والمذهلة فنية حين كان في الخامسة عشر من عمره.
ولدي سر ليس يمكن ذكره .. .....................يخفى على البصراء وهو نهار ..
-لن يبوح أبو العلاء بسره ، وهذا ربما ما يفسر تعلق القراء أو بعضهم بشاعر المعرة ، والمفارقة أنه سر واضح وضوح النهار ، ومع ذلك لا يراه أحد. إن كان للكلام معنى فأبو العلاء ، رغم عماه ، هو المبصر الوحيد ، وقراءه مصابون حتما بالعمى ولا يلمحون سره ، وعلى هذا النحو يعكسون تماما ابن رشد الذي فقد البصر حين تصدي لتفسير فن الشعر.
خصوصية الكتابة مرتبطة بنوعية القراءة. ماذا قرأت ؟ وبادئ ذي بدء، ما هو أول كتاب قرأته ؟ في كل مناسبة أقدم عنوان مختلفة حسب مزاج اللحظة ، ومنعرجات الذاكرة، وحسب الشخص الذي يسألني ولغته والأدب الذي ينتمي إلي ، فأقترح ، بل أخترع كتابة أول ، أبدع مرة أولى . ها نحن أمام مسألة البدايات . هل هناك أصلا مرة أولى؟ في أغلب تكون مؤكدة ومضمونة ، سواء تعلق الأمر بالقراءة أم بأمور أخرى. ما إن نعتقد الإمساك بها حتى نكتشف ، وربما الحين أو فيما بعد ، أنها مسبوقة بأخرى. المرة الأولى في النهاية المرة بعد الأولى ، وفي أحسن الأحوال المرة الثانية.
کتب بليز پاسکال في خواطر : « ما تبحث عنه قد وجدته من قبل ». إذا صح هذا فإن المعرفة سابقة للبحث الذي نقوم به من أجل إدراكها . المفارقة في هذه الحالة أننا نبحث بجهد وعناء عن شيء هو في متناولنا، تبحث عما هو موجود في قبضتنا ..
قريباً من هذا ما ورد في يوميات فرانتس کافکا : «في معظم الأوقات، من نبحث عنه بعيدا، يقطن قربنا ». وفي سعي إلى تفسير هذه الظاهرة الغريبة، يقول كافكا : «يعود ذلك لكوننا لا نعرف شيئاً عن هذا الجار المبحوث عنه». قول يمكن أن نفهمه ، لكن الأمر يزداد تعقيدة حين يضيف: « وبالفعل ، فإننا لا نعلم أننا نبحث عنه ، ولا كونه يقطن قربنا، وفي هذه الحالة ، يمكننا أن نكون على أتم اليقين أنه يقطن قربنا». نلاحظ في هذا الكلام تناقضاً واضحاً، لا شك في كونه مقصودة، فمن جهة لا نعلم أننا نبحث عن الجار ولا ندري أنه يقطن قربنا، ومن جهة أخرى وبالضبط بسبب جهلنا ، نحن على يقين أنه يقطن قربنا.
عن شجون الكتابة والقراءة، والثقافة واللغة، هي محاولة يعيد من خلالها عبدالفتاح كيليطو قراءة نفسه دون تزييف أو المراجعة وتدوين الملاحظات كمحرر يعيد صياغة النص باحثاً عن الثغور، عن عورات سقطت سهواً ، أو التباساً ، أو عن خطأ غير مدرك في وقته، فيعيد اخراجها وتصويب ما لبس او انغلق في الافهام؛ من خلال كتاباته السابقة أو عبر ما قرأ في الأدب إلى جانب فحص عدد من المواقف التي مر بها في رحلته الأدبية أو ك كاتب.
" لن تتكلم لغتي" ثلاث كلمات رنانة في رأسه "يتشكل نسيجه من تلك المسوغات"؛ عن الجدال بين اللغات؛ اللغة التي يفكر بها واللغة التي يكتب بها إن صح التعبير، عن ثنائية اللغة حتى غدت اشكالية بحد ذاتها، عن هذا المزق اللساني بين لغة وأخرى، عن تباين السياق الثقافي وأسئلته الجوهرية في الهوية، والأنا ، والوعي، والآخر الذي يبدو بعيداً وقريباً في آن. والعلاقات التي تربطه بمختلف المفاهيم آنفة الذكر.
كما يناقش في الكتاب مفهومه للإنشاء الكتابي ( المنهج أو من حيث الأطروحة والعدة.)، مكانة اللغة وموقعها في أعماله، وأفخاخ الترجمة، وكيف يكون المترجم مؤلفاً آخراً وما يواجه من ألعاب لغوية ذات روابط ذهنية محبوكة في سنان اللغة سواءً المنقول عنها أو المنقول إليها.
في جو من الندم الفكري يواجه عبدالفتاح كيليطو عبر سياق سردي تاريخي نفسه القديمة بكل ماتحمله من أفكار ومعارف، بنفسه أو أنيته اليوم، وما وصلت له من معارف جديدة ألقت ثقلاً وظلالاً على المعارف السابقة أو الماضية، بما يوقد ذهنه المشتعل والمشتغل بالتجديد في الدراسات الأدبيَّة العربيَّة.
هذا الكتاب مجموعة صغيرة من مقالات متنوعة الطول. يكتبها "عبد الفتّاح كيليطو" بأسلوبه. ما أسلوبه؟ في أول مقالات الكتاب يحدثنا كيليطو نفسه عن ذلك الأسلوب. فالرجل لا يستطيع –مثل الجاحظ- أن يكتب طويلاً في مسألة واحدة. لذا تراه يقفز ويستطرد. ولهذا الأسلوب يعزو اهتمامه –اللاواعي- بالمقامات. إنّه أسلوب الكتابة بــ"القفز والوثب" كما يقتبس من مونتي. مستلهمًا سحر كلمتي القفز والوثب؛ يجد القارئ نفسه أمام مقالات تضجّ حيويةً وصخبًا ومتعة. متعة الكاتب الذي تتزاحم في رأسه الأفكار والقراءات والاقتباسات، تسلم إحداها إلى الأخرى بقفزة أو وثبة، تصغر أو تكبر. ذاك هو أسلوبه، وذلك سرّ جمال ما تقرأ.
خطر ببالي مصطلح "الشغب" لوصف كتابات "كيليطو". فهو يشاغب أمام قصة أو سطر في كتاب، أو كلمة ولو كانت في عنوان، أو حتى حرف عطف أو حركة ضبط، مثل الفتحة والكسرة. يحمل الفكرة إلى أقاصيها، يتأمل أشباهها ونظائرها في ثقافات مجاورة. ولا يخفى ما يقتضيه ذلك من قدرةٍ على التأمّل والتفكّر، وعلى موسوعية ثقافية. لكنّ حمولة كلمة شغب السلبية جعلتني أرجع إلى خياره (القفز والوثب)، متأملاً كتابته كقفزات أطفالٍ في حديقة. حتى لو أعجبتك أو أعجبتهم قفزة ما في مكانٍ ما، فإنهم سرعان ما يقفزون قفزة أخرى في مكانٍ جديد، بحثًا عن الدهشة!
٨٠ صفحة من الأدب. ٨٠ صفحة من الثقافة. ٨٠ صفحة من الحديث عن جمال اللغة العربية. بالإضافة للحديث الشيق عن بورخيس. والحديث عن تجاربه الذاتية مع الكتابة. باختصار ٨٠ صفحة من الإبداع!
"ما أجمل ما لم أقم بكتابته" مجموعة من المقالات للكاتب والمفكر عبد الفتاح كيليطو يشوبها بعض الندم الفكري على أشياء ولت وأفكار ذهبت كان يتمنى أن يفكر فيها أو يتعامل معها بطريقة مختلفة. لكليطو أسلوب متفرد أستطيع من خلاله أن أعرف بأنه الكاتب لأي كتاب، وهو أسلوب المنفصل المتصل، فقرات منفصلة كل منها عن الاخرى وكل ومنها في موضوع معين، ولكن عندما تنظر لها من زاوية أخرى تجد أنها تشكل وحدةً متماسكةً في موضوع معين. وكعادة جميع كتبه لا يُقرأ هذا الكتاب مرةً واحدة..
مجرم. يطلب الأمر شجاعة حين تعترف أمام جمع كبير من الناس بأخطاء ارتكبتها، وهو ما فعله كيليطو تمامًا، المدهش فيه أنه بسيط يفكر مثلك ولا تشعر في كلامه بنبرة الاستعلاء المشهورة لدى معشر المفكرين.
هذه هي القراءة الأولى لعبد الفتاح كيليطو؛ تقرأ له كأنك تتحدث مع صديق مقرب، يُحدثك عن تجاربه في الكتابة والقراءة والتعلم والخطأ، تشعر معه كأنك في رحلة لا تريد الانتهاء منها، يُحدثك عن المقامات، وعن إمكانية تحولها إلى رواية، وعن الكُتب والكُتاب، وعن بورخيس، وأبي العلاء المعري، وألف ليلة وليلة، ويبين لك أهمية الفاصلة المنقوطة، وما تفعله الأخطاء الإملائية في الكتابة. يشرح لك النقد والأدب بأسلوب ساحر وخلاب. سعيدة جدًّا أن بداية قراءة العام الجديد كانت بهذا الكتاب في جو من الندم الفكري.
"الخطأ هو المكون الأساسي للكتابة، أن تكتب معناه أن تخطئ."
"ما أجمل ما لم أقم بكتابته."
"ما لا يقال أثناء التخاطب، ما يعتمل خلسة بين الكلمات." ------------ مجموعة مقالات تضيء أفكارا حول الكتابة. أحببت منها بصفة خاصة: - العميان - النقطة الفاصلة - جيد .. هذا الأمر
عجبني هذا الكاتب. ذكرني بنفسي ولكن بالطبع لغتي العربية لا ولن تصل الى مستوى اللغة عنده! والجميل في الموضوع أنني تذكرت الشعر الذي درسناه في المدرسة للمعري
“غَيرُ مُجْد في مِلَّتي واعتقادي نَوحُ باك أو ترنُّمُ شاد”
“خفِّفِ الوَطْء، ما أظنُّ أديمَ الـ أَرضِ إلا من هذه الأجساد ”
“وقـبـيح بـنا، وإن قَـدُمَ العَـهْـ ـدُ، هوانُ الآباء والأجداد” شيء غريب ان يذكرنا كتاب بكتب أخرى
تأسفت عندما قال بأن الكتّاب لا يشجعونه ان يكتب باللغة العربية لأنها ستبقى على الرف هل هذا حقيقي؟
اقتباسات:
“من حسن الحظ أنني ذكرته في مقدمتي وأثنيت عليه، ولكن من يقرأ المقدمات؟ بعد مدة قصيرة صار بعض القراء العابرين يسألونني: من هو الجاحظ؟ من هو هذا الكاتب الذي ألف البخلاء – حسب وهمهم – باللغة الفرنسية؟ ها قد انخرط الجاحظ في زمرة الكتاب الفرانكفونيين، صار معاصراً لنا، صار مغربياً أو مغاربياً، مع كل ما يعني ذلك. لا شك أنه يحمل نظارة طبية أو شمسية يخفي بها جحوظ عينيه، ولا شك أنه يرتدي لباساً أوروبياً أنيقاً من بذلة ورباط عنق وحذاء لامع. ”
“ما هي أكبر لذة في الحياة؟ إنها، حسب معاوية بن أبي سفيان، الشعور بالحَنَق، بالغيظ الشديد. إن لم تخني الذاكرة، اطلعت على هذا القول الغريب في أحد كتب الجاحظ. قول غريب حقاً: كيف تشعر بلذة قصوى وأنت مغتاظ من شخص أساء إليك؟”
“لا أستبعد كذلك أن يكون اللاوعي قد لعب دوره، فالخطأ، وأعني الخطأ غير المقصود، يصدر في الغالب عن اللاوعي. فما هو يا ترى، فيما يخصني، الشيء الرابض في ثنايا لاوعيي، والذي جعلني أخطئ؟ ربما كلام سمعته فيما مضى، ربما قراءة منسية لخرافة أو رواية. إن صح هذا فما هو النص السردي الذي دفعني إلى ادعاء أن لا أحد ينام في الليالي؟”
“تعلم بورخيس العربية وتوفي، أو ربما على الأصح تعلم العربية فتَوفَّى.”
“وفي الواقع كانت هذه أمنية ابن القارح في الحياة الدنيا: «إني كنتُ أُخلِصُ الدعاءَ في أَعقابِ الصلَواتِ، قبلَ أن أَنتَقِلَ من تلك الدار، أن يُمتِعَني اللهُ بأدَبي في الدنيا والآخرة، فأَجابني إلى ما سألتُ». تحققت أمنيته فصوره أبو العلاء يجول في أرجاء الفردوس ويزور الشعراء الكبار وجهابذة اللغة ويتتبع أخبارهم ويستفزهم ويناقشهم في القصائد والأبيات التي حصل اختلاف حولها. ولا يستنكف من زيارة الشعراء الذين مأواهم جهنم، فيطل عليهم ويرى إبليس «وهو يضطرب في الأغلال والسلاسل، ومُقامِعُ الحديد تأخذه من أيدي الزبانية»، ثم يتجاذب أطراف الحديث مع امرئ القيس، أكبر تابع لإبليس، ومع الشنفرى وتأبط شراً وغيرهم في قضايا أدبية ونحوية بالغة الدقة، فيستاء أحد «خزنة النار» ويصرخ في وجهه: «ما النحويون؟ وما الاستشهاد؟ وما هذا الهذيان؟» ”
“) إن ما نبحث عنه يكون غالباً في متناولنا”
“ لماذا تصر على الكتابة بالفرنسية؟ أليس غريباً أن يكتب المرء بلغة ليست ملكه، وعلى حساب لغة ذويه؟”
“إن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوينَ وهي أدب الكُتّاب لابن قتيبة، وكتَاب الكامل للمُبرّد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي البغدادي، وما سوى هذه الأربعة فتَبَع لها وفروع عنها”
“فيما يخصني أخذت العبرة من فشل الشخص الذي ذكره محفوظ، فلم أقرأ سوى كتاب البيان والتبيين للجاحظ. ولهذا السبب فإنني لا محالة أديب ناقص”
“غَيرُ مُجْد في مِلَّتي واعتقادي نَوحُ باك أو ترنُّمُ شاد”
“خفِّفِ الوَطْء، ما أظنُّ أديمَ الـ أَرضِ إلا من هذه الأجساد ”
“وقـبـيح بـنا، وإن قَـدُمَ العَـهْـ ـدُ، هوانُ الآباء والأجداد”
“وإلى اليوم أحِنُّ إلى هذا العمل الفريد النادر الذي لم أنجزه وليست لي أدنى فكرة عن مضمونه ومحتواه. ها أنذا فخور بدراسة رائعة لم أقم بها، كما أنني فخور بكل الدراسات، وما أكثرها، التي لم أنجزها، والتي ظلت وعوداً وأوهاماً وأماني. ما أجمل ما لم أقم بكتابته!”
“بيد أن شيطاناً لعيناً أوحى إلي أن أضيف: بالعربية. ماذا حدث؟ أشاحت بناظِرَيها وطَأطأت رأسها ... اختفت الابتسامة فجأة، انتهى الحماس، تلاشى الاهتمام والتضامن، وساد وجوم كريه. مضيت إلى حال سبيلي وأنا مشوش الذهن، أردّد بيت جرير: فَغُضِّ الطَّرْفَ إنَّكَ مِن نُمَيْر فلا كَعْباً بَلَغْتَ ولا كِلابَا”
كتاب جميل آخر للعزيز كيليطو ينضم إلى قائمة قراءاتي ليقلص بالتالي ما بقي لي من رحلات ومغامرات مع مؤلفاته، كما عددتهم، بقي معه خمس رحلات أخريات، أتمنى أن تطول وألا تقصر، وألا يبخل علينا كيليطو في مد أطراف الحديث بجديد مما يسطر قلمه
الكتاب هنا هو رحلة أخرى من كيليطو في عالم الأدب والفكر فن الكتابة، وهو على عادة كيليطو لا يخلو من متعة كما لا يخلو من رؤى ومنظورات مختلفة لكل ما اعتادت عيناك رؤيته، فيصوره لك كيليطو بمنظور القارئ المتورط لا الأكاديمي الممل الحق أن كيليطو يستحق الحديث عنه بأكثر مما تم ويتم تناوله حتى الآن، للرجل أسلوب ندر في العصر الحالي أن يتكرر، وكل مرة أجده يبهرني من جديد تناوله لموضوعات لا أكون مبالغا لو قلت انها كالأرض الموات فتجد قلمه يبث فيها الروح والحياة، نصوص عفى عليها الزمن لربما لم يعد يتدارسها أهلها، وتحليلات ربما فاقت مجازات أدب كونديرا في عمقها وأفكار موراكامي في غرابتها كل ذلك المديح الذي يستطيع أن يكيله له أي من يقرأ لكيليطو، لن يغني بشكل من الأشكال أو يفي بمقدار الجمال الذي يجده المرء ههنا وعلى كل ذلك، أقول بأن هذه ربنا لم تكون أكثر رحلاتي معه متعة، لربما أني أظنني قرأته من قبل - أو أنه عساه وهم من أوهام الذاكرة - فكل المقالات تقريبا كانت مألوفة، أو لعله جزء من حنقي على المؤلف نفسه، لكونه نال من الشهرة ما لم ينله كتاب آخر له، في حين أنه آخر ما ألف تقريبا (ألحق عقب ذلك بكتابين آخرين) أو أنه بكل بساطة قد لا يكون أكثر مؤلفاته أصالة وأقلهم جودة، لكن أقلهم جودة تلك لا تعني بأي حال أنه ليس بالكتاب الجيد، بل ربما أفضل من أغلب ما يصدر بشكل دوري من دراسات وكتب ومؤلفات مستهلكة ورخيصة أو متزمتة بالقول الأكاديمي المهم، كتاب جميل ولي رحلة أخرى مع كتابه "مسار" على أن تكون بأقرب فرصة
تشبه قراءة هذا الكتاب أن تحضر محاضرة لأستاذ قدير، ولكنه ممل ولا يمكن أن يعطيك فكرة أصيلة أو حتى مبهرة، ولكن لإيمانك الشديد به تستمر حتى النهاية وتحاول مرات كثيرة، ربما تجد ذلك الجمال الذي يقولون عنه.. وتظل تتبع خطاه علك تبصر.
انا هنا فشلت في رؤية الجمال، ممل جدا والمقالات أفكارها عادية بلغة لا جمال فيها.
الكتاب الثاني الذي أقرؤه لعبد الفتاح كيليطو بعد " الادب و الغرابة" و مرة اخرى يؤكد لي و يذهلني سعة ثقافة و اطلاع و تواضع هذا الانسان و تمرسه للحديث عن الادب بالاخص الادب العربي الذي تخصص فيه ( الشعر و النثر و المقامات )
يتساءل عبد الفتاح ويسألنا عن تعريف للأدب الكلاسيكي و تعريفاته المختلفة و امكانية تطبيق هذا المسمى على ادبنا العربي القديم، يكثر من ذكر بورخيس الشاعر و المثقف الذي كاد أن يتنهي من تعلم اللغة العربية حتى يقرأ بها قبل ان يباغته الموت و لا تتحقق معه رغبته الاخيرة، و حب بورخيس لأبو العلاء المعري لما يشتركان فيه مع بعضهما من فقدان البصر و حب الشعر و التعلق الشديد بالام و العزلة و غيرها من المشتركات.
و يذكر قصته مع كتاب " ألف ليلة و ليلة" و ما كتب عنه في احدى كتبه و وقوعه في موقف محرج لخطأ كبير قام فيه و مع ذلك يتحدث بأريحية و مصداقية عن ذلك الموقف.
القراءة لعبد الفتاح كيليطو يفتح عالمك على الأدب بشكل مختلف. اتطلع لقراءة كتابه الأثير على قلبه " لن تقرأ لغتي" الذي أشار إليه عدة مرات في هذا الكتاب و كذلك " أنبئوني بالرؤيا"
العيب الوحيد في الكتاب ده.. أن عدد صفحاته قليلة! كمية التّحليلات الأدبية إللي هنا، والأسئلة، والاعترافات، والشّك، تخليك فعلا على طول، قدّام حقيقة واحدة فقط؛ كل يوم يضربنا الأدب بالتّساؤلات. الجميل إني قرأت الكتابة بالقفز والوثب، لقيت الرّبط بين الكتابين عظيم، والرّابط الأعظم هو (البساطة)! كنت متوقع إني هلاحق كتب تنظير بحتة، وأشخاص بتتكلم بقى تشظي الأعمال والبنية التّفكيكية والراديكالية الأدبية في مواجهة الأدب الشّعبي، وكلام النّقاد إللي يخليك تقفل الكتاب من أول صفحتين. لو في كام فصل هنا أثروا فيا حقيقي؛ يبقى كلامه عن الجاحظ، والللّيلة المؤرقة إللي عاشها بسبب ألف ليلة وليلة، وجهله بمعرفة أخت الملك الفرنسي! أنا ممتن لكيليطو ع الوجبة الدّسمة دي رغم صغرها، ولتساؤلاته وتحليلاته واعترافاته. وممتن أكتر لمنشورات المتوسط، ع الجمال الآسر، في كل عمل من أعمالها.
مجموعة مقالات وخواطر أعاد فيها الكاتب النظر في نصوصه ..كتاباته وأفكاره عبر مواقف مرت عليه في رحلته الأدبية كقارئ ومؤلف ومترجم. مواقف قد يكون بعضها مما مرّ به القرّاء وبعض من يمارسون الكتابة الابداعية. يقف ليتأمل النص وما وراء النص .. يشير إلى عثراته ويقيلها .. ويترك للقارىء أن يفكر هو بدوره في علاقته بالقراءة حين يضعه في مواجهة أسئلة مفتوحة مثل: ماذا قرأت؟ ما هو أول كتاب قرأته؟ هل هناك أصلاً مرة أولى؟لو كتب فرنسي رواية عربية كيف سأنظر إليها؟ ما الفائدة من قراءة القدماء؟ ما هو الأدب الكلاسيكي؟ وهذا ما يخلق نوع من العلاقة بين القارىء والكتاب حيث يشركه معه في هذه الأفكار ليوجهه نحو تشكيل تصور عن تجربته القرائية الخاصة واللغة والأدب.. كتاب شيّق واتوقع أني سأقرأ المزيد من كتبه.
مقالات تكلم فيها كيليطو عن الكتابة والترجمة عموماً وفي كتاباته هو خاصةً.. عن مراجعته لبعض الأخطاء.. وبأي لغة يفضل أن يكتب الكاتب.. عن خجله لإعادة مؤلفاته بالعربية وخجله من هذا الخجل بعد ذلك..
كتاب قصير عن مجموعة من المقالات للكاتب ببساطة هى عزلة فكرية عن الكتب والترجمه والثقافة. المفروض نتكلم عن الكتاب صح بس ثانية كده نبص على الغلاف + مقالات شهرزاد هى الأفضل
كتاب رائع عبارة عن مجموعة من المقالات تناقش الأدب و الادباء القديم و الحديث العربي و الغربي، رغم صغر حجمه إلا أنه عظيم في نفعه، شخصيا شجعني لقراءة الادب العربي "الكلاسيكي" خصوصا كتب المعري و شعره و كذا المقامات، أعجبني مقاله: "لن تتكلم لغتي" عبدالفتاح كيليطو... أنت رائع !
جمال عميق خلف السطور والمام بين الثقافات والاعمال ومقاربة جميلة بين الكلاسيكيات وشجن دافئ من ازمة الهوية والضياع في المسافات بين اللغات وحديث جميل عن بورخيس ��لأجمل.