رفَّهت نفسي بسيرة مهنية قادني إليها دون قصد كتاب "ميادة بنت العراق" للصحفي المخضرم سهيل سامي نادر، الذي لم أعرف عن وجوده شيئا قبل ذكره في كتاب ميادة، والحق أن سيرته المهنية، وهي من إصدارات المدى، ممتعة وثرية للغاية، ومكتوبة بأسلوب ساحر يعكس مدى جودة قلم هذا الرجل.
أبرز ما لفتني حديثه عن دعوة علي كيمياوي لكوادر مجلة ألف باء حين كان مديرًا للأمن العامّة وقوله صراحة: "بديت أكره حتى أبو حنيفة لأنه فارسي، رغم آني سني حنفي"!
كذلك أتى على ذكر ميادة العسكري له في الكتاب، حيث أشارت في مذكراتها إلى أنه ساعدها في تحرير لقاء صحفي جمعها بعلي حسن المجيد، وامتدحته على أهليته للثقة وطيبته مع الآخرين، حيث قال أنه لا يتذكر ذلك الموقف، وإعادة تحرير كتابات الصحفيين الآخرين كانت جزءًا من واجبه لا أكثر.
السخرية المضمنة في سرد سهيل عظيمة للغاية، إذ لا يكف المرء عن الضحك وهو يقرأ حتى عن أشد اللحظات سوداوية!
الخلاصة؛ هذا الكتاب الذي سقط في يدي مصادفة، بعد بحثي عن اسم مؤلفه، أجده واحدًا من أهم الوثائق التاريخية التي تلخص سيرة الصحافة العراقية منذ الستينات وحتى اليوم. وتؤكد مجددًا أن ما كان يوصف ب"النظام" أيام صدام، ما هو سوى فوضى بعثية مطلقة أسست ورسخت الكثير من السلوكيات التي لا تزال آثارها حاضرة حتى اليوم.