كتاب الحيدة يتميز بإمامة وجلالة كاتبه، وأنَّه من تلاميذ السَّلَف الصالح، كذلك احتواء الكتاب لبعض القواعد المهمة التي تنفع المسلم لاحقا، ومنها ما يتعلف بالكلام المفصل والموصل، والخاص والعام، وغيرها من قواعد تسير معه في سائر العلوم.
قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن المغراوي عن هذا الكتاب: (وهو من أروع الكتب التي حملت قوة علم السلفيين، وشجاعتهم، وقوة ثباتهم وعدم مبالاتهم بالسلطان المبتدع الضال، ومن قرأ الكتاب يتبين له جهل المبتدعة بالمعقول والمنقول، وأن سلاحهم الوحيد في نشر بدعهم هو الحيلة والمكر والروغان المستمر، وعدم معرفتهم بباطلهم والرجوع إلى الحق. ولما لهذا الكتاب من مكانة في العقيدة السلفية، حاول أعداء هذه المدرسة الطعن في الشخص والكتاب)
كتاب #الحيدة_والاعتذار أكبر مناظرة للقائلين بخلق القرآن لعبدالعزيز بن يحيى الكناني..
- الكتاب عبارة عن قسمين قسم المناظرة بين عبدالعزيز بن يحيى الكناني الذي يمثل خط أهل السنة والجماعة (الحنابلة) وبشر بن غياث المريسي الذي يمثل المعتزلة..
- المناظرة حصلت في مجلس الخليفة العباسي المأمون وهو أول خلفاء بني العباس الذي أقر بخلق القرآن واقام الكثير من المناظرات بين المعتزلة وبين من يعارضهم في مسألة القرآن وعلى رأسهم الحنابلة..
- للوهلة الأولى ستشعر أن حجة المعتزلة ضعيفة جداً وفهمهم للمسائل سطحية وسترى أن منطق عبدالعزيز بن يحيى المكي منطق عميق في فهم الأيات وابطال مقولة خلق القرآن .. لأنه في مواضع كثيرة من المناظرة كانت حجته بالغة وفهمه اعمق وطرحه اقرب للعقل وهو بالأصل يوافق النقل..
- ولم تكن حجج بشر المريسي المعتزلي بليغة ولم يحظَ بقبول المأمون نفسه وحسبما يذكر عبدالعزيز بن يحيى كان المأمون يوبخ المريسي لضعف حجته وعدم قدرته عليه..
- وقد لجأ المريسي للحيدة كثيراً حسب وصف بن يحي المكي في الكثير من الجوانب .. ومعنى الحيدة هو أن يسأل الشخص من يناظره ويكون جواب سؤاله محدداً لكن المجيب يتهرب ويجيب بما ليس هو مطلوب في السؤال ومن أمثلة الحيدة ما حصل لقوم إبراهيم عليه السلام لمّا قال لهم عن اصنامهم (هل يسمعونكم إذ تدعون او ينفعونكم او يضرون) فكانت الاجابة محددة إما أنهم يسمعون وينفعون ويضرون وهذا غير منطقي، او يقولون لا يسمعون ولا ينفعون ولا يضرون فينفون القدرة عن آلهتهم بذلك.. فحادوا عن الاجابتين وقالوا (بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) فكانت الاجابة غير موضع السؤال فسُميت ذلك بالحيدة ..
- خلال المناظرة كلها كانت الكفة لصالح عبدالعزيز بن يحيى وبشر المريسي خرج في هذه المناظرة كالطفل لا يفقه شيئاً مما يقول ويستخدم الحيدة في كل مرة ليتهرب من الاجابة التي ستبطل مذهبه.. وكانت الغلبة للحنابلة عقلياً ونقلياً في هذه المناظرة امام المأمون..
القسم الثاني هو الاعتذار - بعد انتهاء المناظرة وخروج بن يحيى المكي منتصراً تجمع حوله الناس ودخلوا بيته يسألونه ماذا حصل وكيف غلب المريسي فاخبرهم ببعض ما جرى في المناظرة وكتبوا عنه ذلك وانتشر الكتاب في الامصار
- فغضب عليه المأمون وطلبه الى مجلسه وذم فعلته وهنا بدأ بن يحيى يعتذر للمأمون عما بدر منه وانه لم يكن يعلم ان ذلك يغضبه ويطيل في شرح اعتذاره للمأمون حتى يصفح عنه..
في جانب مما يؤخذ على الكتاب هو التالي:
- اولاً يبدو وهذا مؤكد أن الكتاب تم تأليفه بعد المناظرة وفي هذه الحالة محتمل جداً أن الكاتب اضاف الكثير مما لم يُذكر في المناظرة لتقوية حجته ودحض حجة مناظره..
- ثانياً كما هو معلوم بالضرورة في المناظرات ان الوقت والكلام يقسّم بالتساوي بين الطرفين لكن هنا كان بن يحيى يتكلم لصفحات طويلة وبشر المريسي لنصف صفحة او ربعها .. وهذا بالتأكيد يُضعف حجته ولا يُوصل فكرته .. وهذا كان عدم انصاف من الكاتب في حق مناظره.. ولربما سكت عن ما يسيئه وتكلم بما يقوي حجته امام القارئ.
- ثالثاً أنه ذكر في نهاية الكتاب ان بشر المريسي كتب عن المناظرة في كتاب له اسمه "الكمال في الشرح والبيان بخلق القرآن ردا على أهل الكفر والضلال" وبيّن فيه انه انتصر لرأيه في المناظرة ودحض مذهب بن يحيى المكي !! والكتاب لم يتم التطرق عليه ولا على ما جاء فيه نهائياً
- رابعاً أعجب ما في المناظرة أن بن يحيى المكي يذكر أن المأمون اقتنع بحججه وكلامه وأقرَّ بنصره على المعتزلة لكنه أمر بمنعه من الخروج من البيت والتحدث الى احد لكي لا يفتن الناس بأمره!!
الخلاصة على الرغم من أن الكتاب يُظهر قوة الحجة لدى ابن يحيى وضعف مقولة بشر المريسي إلا أنه كان من جانب واحد ولم يكن الكاتب منصفاً في النقل وبدا على كلامه الزيادة عما حصل في المناظرة نفسها وهذا مما قلل من قوة الحجة لدى المعتزلة امام الحنابلة والله اعلم
#مراجعات #فهمي
This entire review has been hidden because of spoilers.
اللّه ♥️. أجرى اللّهُ على لسانِ عبده عبد العزيز الحقَّ، فأدحضَ الباطلَ الّذي كان يدعو له بِشر.. فقد افترى بِشرَ على اللّهِ الكذبَ وأقرَّ بخلقِ القرٱن. لكن كان الصّلاحُ والفلاحُ والتّوفيقُ والثّباتُ على يديّ عبد العزيز في مناظرةٍ كانت من جانبٍ واحد، لم يقدر على صدِّه أحد!