أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين وأغزرهم إنتاجا، إذ شملت أعماله أكثر من 150 كتابا تتوزع ما بين تحقيق وترجمة وتأليف، ويعتبره بعض المهتمين بالفلسفة من العرب أول فيلسوف وجودي مصري، وذلك لشده تأثره ببعض الوجوديين الأوروبيين وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر. أنهى شهادته الابتدائية في 1929 من مدرسة فارسكور ثم شهادته في الكفاءة عام 1932 من المدرسة السعيدية في الجيزة. وفي عام 1934 أنهى دراسة البكالوريا (صورة شهادة البكالوريا)، حيث حصل على الترتيب الثاني على مستوى مصر، من مدرسة السعيدية، وهي مدرسة إشتهر بأنها لأبناء الأثرياء والوجهاء. إلتحق بعدها بجامعة القاهرة، كلية الآداب، قسم الفلسفة، سنة 1934، وتم إبتعاثه إلى ألمانيا والنمسا أثناء دراسته، وعاد عام 1937 إلى القاهرة، ليحصل في مايو 1938 على الليسانس الممتازة من قسم الفلسفة. بعد إنهائه الدراسة تم تعينه في الجامعة كمعيد ولينهي بعد ذلك دراسة الماجستير ثم الدكتوراه عام 1944 من جامعة القاهرة، والتي كانت تسمى جامعة الملك فؤاد في ذلك الوقت. عنوان رسالة الدكتوراة الخاصة به كان: "الزمن الوجودي" التي علق عليها طه حسين أثناء مناقشته لها في 29 مايو 1944 قائلا: "أشاهد فيلسوفا مصريا للمرة الأولى". وناقش بها بدوي مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية والزمان الوجودي. [عدل] عمله الجامعي عين بعد حصوله على الدكتوراه مدرسا بقسم الفلسفة بكلية الاداب جامعة فؤاد في ابريل 1945 ثم صار أستاذا مساعدا في نفس القسم والكلية في يوليو سنة 1949. ترك جامعة القاهرة (فؤاد) في 19 سبتمبر 1950، ليقوم بإنشاء قسم الفلسفة في كلية الآداب في جامعة عين شمس، جامعة إبراهيم باشا سابقا، وفي يناير 1959 أصبح أستاذ كرسى. عمل مستشارا ثقافيا ومدير البعثة التعليمية في بيرن في سويسرا مارس 1956 - نوفمبر 1958 غادر إلى فرنسا 1962 بعد أن جردت ثورة 23 يوليو عائلته من أملاكها. وكان قد عمل كأستاذ زائر في العديد من الجامعات، (1947-1949) في الجامعات اللبنانية، (فبراير 1967 - مايو 1967) في معهد الدراسات الاسلامية في كلية الاداب، السوربون، بجامعة باريس، (1967 - 1973) في بالجامعة الليبية في بنغازى، ليبيا، (1973-1974) في كلية "الالهيات والعلوم الاسلامية" بجامعة طهران، طهران و(سبتمبر سنة 1974-1982) أستاذا للفلسفة المعاصرة والمنطق والاخلاق والتصوف في كلية الاداب، جامعة الكويت، الكويت. أستقر في نهاية الأمر في باريس
الناس نوعان اذكياء اوغاد لاعبو ورق رائعون ممثلون بارعون يتبعون مصلحتهم اينما كانت ويدوسون على الجميع للوصول الى هدفهم يعمرون في الارض طويلا ويحافظون على نسلهم ويبنون الحضارة والنوع الثاني طيبون مغفلون يعانون من خلل عقلي يتعاطفون مع البشر ويساعدونهم وينقرضون مبكرا ممثلون فاشلون ولاعبون فاشلون. البشر يحترمون الصنف الاول ويحتقرون الصنف الثاني رغم حبهم لهم
تصفحت الكتاب فقط لم اقم بقراءته بالكامل الحياة تصور وارادة. فالذات (شعور وفكر) هي من تتصور العالم وترسمه حسب رؤيتها فهذا العالم امتثالي اما الارادة فهي ليست العقل لكنها خفية هي التي تدفع الانسان الى الحركة والى سد حاجياته واي وقوف في وجه هذه الارادة سيتسبب في الشقاء للانسان وليس هناك سبيل للخلاص سوى الفناء لكن الطبيعة ضمنت استمرار هذه الارادة لانها ارادة الحياة نفسها انها ارادة البقاء
دعك عنك الطفولة يا صديقي واستيقظ
الوجود معناه الالم فهل من سبيل للخلاص. ما اقسى هذا العالم على نفوس الواهمين الحالمين ماذا لو صنعنا عالما من الخيال عالما مليئا بالفن والجمال ينسينا لحظة عالم الامتثال ولكن يا حسرتاه هي مجرد لحظة وسرعان ما توقعنا منها جلجلة نواقيس الواقع الجبار فهل من سبيل للخلاص. لا خلاص من الحياة الا بالخلاص من الحياة الا بالفناء فنسمو الى مقام اللطف والقداسة حيث تختفي الذات المريدة وينقضي الشعور بالثنائية وتتجلى سبحات الفناء
طوبى لمن لم يولد ثم طوبى لمن يسرع في الرحيل ان ولد. اسكب الصهباء على نار الهموم قبل ان تذهب للقبر صفر اليدين. اهذه هي الحياة اذن هاتها مرة اخرى ان العالم عميق في المه ولكن سروره اشد عمقا من المه. او فلنسمو بانفسنا الى مقام القداسة حيث تحيا حياة الفناء على قمة العدم كما فعل بوذا فلنحيا الوجود روحيا بعمق. كل منا يراها حسب تمثله
اذا سلبني الالم القدرة عن الكلام فقد وهبني الله ملكة التعبير عن الالم
شوبنهاور ينعت بابن الجمعة اشارة الى الجمعة الحزينة لكنه ابن الاحد ابن الحياة النعيمة عاش عيشة راضية ناعمة فيها من السعادة والمواهب واليسر الشيء الكثير فقد كان ابوه ثريا كاحسن ما يكون الثراء وهيا لابنائه حياة رخية رافهة وتربية ممتازة
ان في صدري تسكن نفسان. نفس تتوق الى السماء ونفس تتوق الى الارض كل منهما تريد ان تنتزع مني الاخرى. ايتها الشهوة ايها الجحيم ايها الاحساس ايها الحب الذي لا يشبع ولا يقوى على قهره شيء ايها الشيطان الجلاد الذي لا يدعني ساعة وحدي لا تقدني الى الجحيم الملعون. ايتها الارواح من وسط غيومك الموشاة بالعقيق تعالي كي تقودي معراجي الى حياة جديدة مختلفة الالوان
كان شوبنهاور رومانتيكي النزعة . ان الروح الرومانتيكية تمتاز بالفردية البدائية الشعور بان الوجود وهم زائل النزوع الى اللانهائي الروح الموسيقية حب الوحدة والصمت القلق الصادر عن الشعور بالتناقض بين الحقيقة والحلم والعاطفة والعقل تمجيد الحب والعاطفة الانسانية التملي بالاحلام التاثير بالموت والاسرار الالخلاد الى التشاؤم الحنين الى الشرق والى الهند بوجه الخصوص تقديس العبقرية وكل هذه الصفات نجدها في شوبنهاور "ان الانا هو الذي يثبت عرض النظام والانسجام في الكتلة الجمادية العارية عن الصورة والانسان وحده من يضع الناموس في كل ما يحيط به حتى نهاية المدى الذي يمتد اليه سلطانه "
ان الانسان ظلوم وهو محق في ذلك فالظلم قانون الوجود
ان الماساة تكشف لنا عن الجانب الرهيب في الحياة عن شقاء الانسانية وسيادة الاتفاق والخطا وسقوط العادل وانتصار الاشرار وتضع امامنا طبيعة العالم التي تتناقض مع ارادتنا وهذا يجعلنا نقتنع ان الحياة مجرد كابوس ثقيل يجب ان نستيقظ منه. ان الانسان لا يكفر عن خطاياه بل يكفر عن خطيئته الاولى خطيئة وجوده. ان اكبر خطاياه ان يولد
شوبنهاور فتح لي باباً يوماً مـا. له مقالات ثرية عن التأليف و الأسلوب و النقد و عن تفكير المرء لنفسه و عن أهل العلم و العبقرية و غيرها من تلك الأشياء التي تُلهمك و تُحرض عقلك على التفكير و تفتح لك أسئلةً كثيرة ستفتش بنفسك عن إجابات لها . أنصح بالقراءة للفيلسوف الألماني العظيم شوبنهاور بغض النظر عن خلافاته مع فلاسفة عصره و خاصة مع هيجل.
فلسفة الإرادة هى فلسفة هامة فى ذاتها اى اذا ما نظرنا لها بمعزل عن كل العوامل والخواص والظواهر الوجودية . لنفهم أقصى أصقاع هذه الارادة بتمثلها مجردة لا يحكمها الا ذاتها فهى شرسة ومتوحشة ولا غاية لها ولا شعور وهى عشوائية تحكم الصدفة مظاهرها وهى رغبة لانهائية عمياء للوجود والحياة وهى كل الوجود الذى تحارب مظاهره واجزاءه بعضها البعض وتفنى بعضها بعضاً من اجل الفوز بلحظة أخرى من الحياة والوجود . اما الارادة الكلية فهى تقتات على نفسها بلا شعور فلا تكترث بمصير الافراد والاجزاء بل هى فقط رغبة فى استمرار وحفظ الانواع التى هى مظاهر مختلفة ومتدرجة لتحقق الارادة الفعلى والتى تبدأ بالموجودات اللاعضوية الادنى لترتقى بعد ذلك سلم وجود الارادة فى الكائنات العضوية التى لها حياة فعلية والتى ادناها النبات الغير مدرك ثم الحيوان المدرك فى درجات ادراكه وقوته المختلفة والصاعدة التى هى قوة ارادته للبقاء ثم يأتى الإنسان الذى يملك العقل ليستخدمه فى خدمة ارادته .
اما عن ملكات هذا العقل وما يتعلق عليه من امال فلا يتحدث عنها شوبنهاور بل انه ينفى هذه الامال فالارادة تسود الحياة والارادة الفردية هى التهام للذات وللآخر فنحن من نحيا ونموت لكى تستمر ارادة البقاء محفوظة ومستمرة فى الانواع . والحب ذاته عند شوبنهاور مهما تطهر فهو ليس أكثر من رغبة جنسية لا معقولة هدفها متعة حسية مؤقته فى ظاهرها اما فى عمقها فهى رغبة البقاء فى استمرار النوع وخصوصا فى النوع البشرى الذى يمتلك العقل كأداه ثانوية للحفاظ على ظروف استمرار نوعه . وهنا يجب ان يعتنق كل عاقل نظرة تشاؤمية للحياة بل إن الأكثر عقلا يجب أن يسعى إلى الخلاص من نير هذه الإرادة أى يعجل بالإنتحار . فتكاليف الحياه لا يمكن أن تغطيها آية نفقات ومتع الحياة قصيرة أما شقاؤها فدائم والشر فيها هو السائد والخداع هو المنتصر والقوة الباطشة هى التى تستمر فى حكم الأضعف والحياة نفسها لا تولد إلا من رحم العفن والعفن هو مصيرها . هذا ما يترتب على الإعتقاد الفعلى بسيادة الارادة وأولويتها الأنطولوجية إذا بقى لهذه الكلمة من معنى فى ظل الارادة التى هى الوجود بكل اجزاءه ومادته . اما قوانين الوجود التى تحدد ظهور كل موجود فكأن شوبنهاور قد بررها بكلمة الصدفة التى هى مبدا وجود الارادة وأما الفهم فهو ليس أكثر من قدرة الإنسان على المعرفة التى هى إدراك قانون العلية الذى هو صراع بين الزمان الذى هو تغير والمكان الذى هو بقاء لحدود الأجزاء . والمادة هى اتحاد المكان بالزمان فى حاليته اى انها العلية ذاتها التى هى قانون تحقق درجات الارادة فى الوجود - اى ان مفهوم الارادة هو مفهوم وجودى عند شوبنهاور - والعقل هو تنظيم للمفاهيم والمعرفة وقدرة على الابداع فى الفنون التى يستفيض شوبنهاور فى الحديث عنها وعن تدرجها من العمارة والنحت الى الموسيقى التى هى ارقى الفنون لأنها صدى للإرادة الخالصة دون أى تجسيد .. وكما قلت فى مراجعتى لكتاب شوبنهاور العالم إرادةً وتمثلاً أن كراهية شوبنهاور لهيجل وغضه من أهمية المنهج الجدلى وفكر هيجل عموماً بل ووصفه بالتخريف والخيال العقيم لابد أنها بسبب سعى شوبنهاور الى اهمية وشهرة هيجل والتى لم يصل اليها طوال حياته . ثم بالتأكيد فى ظروف كهذه سيكون من الصعب على شوبنهاور ادراك المنهج الهيجلى بحيادية وإنصاف . خصوصا اذا كان هذا المنهج يبدى غموضاً شديداً متعدداً للقارىء الغير منتبه باستمرار وبغير تعمق فما بالك اذا كان قارئاً حاسداً يتصيد الأخطاء . وكما قلت أن الفكر الهيجلى يصحح من نظرة الانسان للإرادة بشكل كبير ويجعلها معقولة وحيادية . ويجب أن يحكمها العقل فى كل فعل أخلاقى ومعرفى ولا يحكمها فى أفعال البقاء الضرورية ظاهرياً إلا بعد معرفته بها لأنه لابد يحكمها من الباطن اى كأساس أنطولوجى للوجود ككل . هناك تفنيدات تفصيلية عديدة يمكن ان يرد بها هيجل على شوبنهاور وأود أن اتناقش فيها مع من يريد فى أى وقت فلا جدوى من الاستفاضة فيها هنا كما لن يتسع لها المجال . وأخيرا عن هذا الكتاب تحديدا فلم يخيب دكتور عبد الرحمن بدوى ظنى ابداً فى شرحه وتفسيره لأى مذهب فلسفى فهو دائما وأبداً عميق فى إستيعابه وبسيط ومنظم فى شرح أساس وجوانب ونتائج المذهب المتناول كما يطرح نقاط الاعتراض لدى المعارضين لهذا المذهب ويفندها من وجهة نظره الخاصة التى يتخذها كمقاربة من فكر صاحب المذهب بحيادية وكأن صاحب المذهب هو الذى يفندها لأنه أكثر من يدرك مذهبه بعمق ولهذا سأظل أقرا كتب عبد الرحمن بدوى بأقصى أريحية ومتعة عقلية على ما أعتقد .
عبد الرحمن بدوى ماجابش سيرة تناقض أو وهم الدليل الكونى مع انها استنتاج ضرورى وتلقائى من جذور العلة الكافية ومقدمة أساسية لفهم الجانب الأول من العالم كتمثل.. برضه لفهم الجانب الأول من العالم كإرا��ة استخدم أسلوب مختلف عن أسلوب شوبنهور ومتكلمش خالص عن أهمية العلم وحدوده.. لكن خمس نجوم برضه
"هيهات لمن يسعون في الحياة بفكر وعقل" "فإنهم إنما يحلبون ثوراً" "أصوب رأياً منهم أولئك الذين اتخذوا البلاهة ديدناً" "في زمن لا يباع فيه العقل الناضج بقبضة من العشب" - على عكس ابي العلاء المعري واميل سيوران حاول شوبنهاور تتبع وتقفي أثر المعاناة فَلَمْ يكتفي فقط بثلبها والصراخ في وجهها، فلم تكن مجرد رتوش وضعها على من سبقه بل قعّد لها وأعطى لها فلسفة متكاملة حاول بها تفسير الوجود وفهم المعاناة المتجذرة في العالم وأصولها، فأتى لنا بنسقه الذي أقل ما يقال عنه أنه أبدعه بخليط من لدنّه، إذ وجد ان المعاناة هي الأساس والباقي هي الحواشي، إذ العالم ليس إلا إرادة وهذه الإرادة تتجاوز كل الحدود المعقول، فهو بمحاولته لفهم المعاناة إفتتح لنا "قارة اللاشعور" كما يقول عنها فرويد، فالخطيئة ليست "تفاحة أدم" بل إرادة الحياة التي لا تريد إلا تأكيد ذاتها، ضاربة بعرض الحائط كل الكائنات التي تولد لتموت، وتشقى لتنفى، هذه الإرادة العمياء والعبثية، خلقت العالم لتتلبسه بكل عبثيتها وتكتبت على سيماءنا كل هذا التعب وكل هذا الحِمْل إلى الأبد.
كل هذا الإندفاع الأعمى، المستهتر، والطائش، لماذا؟ يقول شوبنهاور "تأمل الوجود... فماذا ترى؟ ترى إندفاعا إلى الوجود، وتدافعا من أجل البقاء، كائنات تتوثب في نشوة وحماسة فائضة مؤكدة لذاتها في العيش، وصائحة ملء فيها: الحياة، الحياة،!... فقل لي بربك "ما الغاية التي ينشدها حيوان مثل الخلد، تلك الدابة العمياء التي تعيش تحت الأرض، ولا عمل لها طوال حياتها غير أن تحفر بمشقة الأرض بواسطة أقدامها الضخمة، وتحيا في ليل مستمر، لأن عيونها الجنينية لا غاية منها إلا الفرار من الضوء... ليس لها غير هدف واحد: الغذاء والجماع..." لذلك وجد شوبنهاور العزاء في العدم، عدم الوجود أفضل من اي وجود "حتى لوْ وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري" لذلك تجده يقول "فما في الحياة من شر كفيل بأن يبعث في نفسك، الحنين إلى جنة العدم التي كنت فيها قبل هذا الوجود." و"غريب منك أن تأسف على عدم كنت فيه أو بالأحرى زمانٍ لم تكن بعد به وعالَمٍ سلك سبيله من دونك. ولو أنصفت لقلت ... إنك غير آسف على عدم كان، ولن تكون آسفا على عدم سيكون..." "ذلك انه من الحمق الغريب أن تحسب عدم الوجود شراً، لأن كل شر وكل خير يقتضي بالضرورة الوجود، ولا يمكن أن يتصف المعدوم بشيء؛..."
ويقول مع ابي العلاء بيت قصيدته الذي أراد كتابته على شاهدة قبره "هذا ما جَنَاهُ عَلَيَّ أَبي -- وما جَنَيْتُ عَلَى أَحَدْ"، لولا تلاقى العشاق لما وجدتنا الصدفة اللعينة، او كما قال سيوران "ملعون إلى الأبد ذلك النجم الذي ولدت في ظله، لو أن لا سماء تأويه متروكا ليسحق في الفضاء كغبار دون شرف... تاركا تلك اللحظة الغادرة التي ألقت بي بين الكائنات، تشطب من قوائم الزمن، إلى الأبد." "وخلال تبصر نظرات المحبين الملتهبة بالشوق تتلاقى في هيبة وإيهام، وسر وخشيان؛ فلماذا هذا كله؟ -لأن هذين المحبين خائنان، يريدان في خفايا نفوسهما أن يخلدا كل هذا الشقاء وكل هذه الأحزان التي لولاهما لأنتهت وزالت، ولكنهما يجعلان هذه النهاية مستحيلة الوقوع كما ساهم في هذا أيضا أسلافهم المتقدمون"...........
ربما تكون الرسالة التي يريد آرثر شوبنهاور أن يوجهها إلينا، أن الحياة عبث لا طائل منه، معاناة ليس منها أي جدوى، خالية من المعنى، إرادة الحياة العمياء التي ليس منها أي هدف عقلاني توجهنا إلى أمور غير عقلانية ربما بقليل من التفكير نلقي الحياة بما فيها جانبًا. فالحب عند شوبنهاور هو اللفظ الأكثر تهذيبًا للرغبة الجنسية، تلك التي تحافظ عليها إرادة الحياة للحفاظ على استمرار النوع. وأن الفنان هو ذلك الإنسان الذي أدرك عبثية هذه الإرادة، فأدرك عبثية الحياة برمتها، بإعتبار أن الحياة جوهرها الإرادة.
فكانت استجابة الفنان لهذه العبثية فريدة؛ لأنه عرف أن الخلاص منها يكون بالفن.
والفن ليس محصورًا على مسرحيات جوته أو سمفونيات بيتهوفن، أو لوحات بابلو بيكاسو أو روايات ليو تولتسوي، أو التصميمات المعمارية الإسلامية أو غيرها. ولكن الفن يمكن أن يظهر في كل فعل بشري، بإضفاء قدر من الجمال والمعنى والذاتية عليه؛ وبذلك يتغلب على القبح الكوني بالجمال، وعلى العبثية بالمعنى، وعلى النزوع القطيعي التي تدفعنا به الإرادة بالذاتية.
يمكن أن نضفي فنًا على طقوس الاستيقاظ صباحًا من النوم، أو على الطريقة التي نمسك بها كتابًا نقرأه، أو على السبيل الذي سنسلكه للتعبير عن حبنا لفتاة ما، أو في ابتسامة مميزة، أو في مشية فريدة. كل شيء يمكن أن يكون فنيًا. حتى إذا أردت الحرب والانتقام، احرص على أن تجعله انتقامًا فنيًا.
مقدمة ممتازة لفكر شوبنهاور ولاكن يحتاج معرفة فلسفية قبلها ,في نقاش جميل ومحاوله تبسيط أفكار شوبنهاور رغم وجوب الرجوع لكتب شوبنهاو لفهم الافكار بشكل أوضح و فيه عرض لآراء النقاد ومحاول فهم كيف ظهرت فلسفته
عبدالرحمن بدوي أساس للعبقرية مهما كانت مبادئها انسان عظيم و فكر اعظم و إطلاع واسع و كلمات بليغة عتيقة ...مستنيرة.. بأسلوب يمزج بين الأدب و الفلسفة ... عظيم و العظمة لله وحده