"كتب السياب عشر قصائد، على الأقل، هي بين أجمل القصائد العربية التي كُتبت، منذ خمسنيات القرن الماضي حتى اليوم. هذا يكفي لكي يبقى. وهذا يكفي لكي أحبه."
- أدونيس
"أما السياب، فكان مُتمرداً من أجل رؤسته المتميزة المشفوعة بفهمه الخاص للتاريخ والانسانية، كما بفهمه للغة ذاتها وإمكاناتها التعبيرية. فكان جزاؤه جزء كُل متمرد: لا بُد من موته بشكل ما، قبل أن تنتبه الأمة إلى عبقريته ودوام حضوره. غير أن السياب، إذا كان قد خسر الدنيا إبان سنينه القلائل من العمر، فقد كسب أولاً نفسه، ثم كسب معها ذلك الخلود الذي لا يتيسر في كل عصر إلا لعدد صغير من الأفراد."
- جبرا إبراهيم جبرا
"السياب ما يزال هاجساً بالنسبة لي، وقصائدة ما تزال تشدني وتثير في غابة من الأسئلة."
اتسم شعره في الفترة الأولى بالرومانسية وبدا تأثره بجيل علي محمود طه من خلال تشكيل القصيد العمودي وتنويع القافية ومنذ 1947 انساق وراء السياسة وبدا ذلك واضحا في ديوانه أعاصير الذي حافظ فيه السياب على الشكل العمودي وبدأ فيه اهتمامه بقضايا الانسانية وقد تواصل هذا النفس مع مزجه يثقافته الإنجليزية متأثرا بإليوت في أزهار وأساطير وظهرت محاولاته الأولى في الشعر الحر وقد ذهبت فئة من النقاد إلى أن قصيدته "هل كان حبا" هي أول نص في الشكل الجديد للشعر العربي ومازال الجدل قائما حتى الآن في خصوص الريادة بينه وبين نازك الملائكة.وفي أول الخمسينات كرس السياب كل شعره لهذا النمط الجديد واتخذ المطولات الشعرية وسيلة للكتابة فكانت "الأسلحة والأطفال" و"المومس العمياء" و"حفار القبور" وفيها تلتقي القضايا الاجتماعية بالشعر الذاتي. مع بداية الستينات نشر السياب ديوانه "أنشودة المطر" الذي انتزع به الاعتراف نهائيا للشعر الحر من القراء وصار هو الشكل الأكثر ملائمة لشعراء الأجيال الصاعدة وأخذ السيات موقع الريادة بفضل تدفقه الشعري وتمكنه من جميع الأغراض وكذلك للنفس الأسطوري الذي أدخله على الشعر العربي بإيقاظ أساطير بابل واليونان القديمة كما صنع رموزا خاصة بشعره مثل المطر، تموز، عشتار، جيكور قريته التي خلدها. وتخللت سنوات الشهرة صراعات السياب مع المرض ولكن لم تنقص مردوديته الشعرية وبدأت ملامح جديدة تظهر في شعره وتغيرت رموزه من تموز والمطر في "أنشودة المطر" إلى السراب والمراثي في مجموعته "المعبد الغريق" ولاحقا توغل السياب في ذكرياته الخاصة وصار شعره ملتصقا بسيرته الذاتية في "منزل الأقنان" و"شناشيل ابنة الجلبي" . سافر السياب في هذه الفترة الأخيرة من حياته كثيرا للتداوي وكذلك لحضور بعض المؤتمرات الأدبية وكتب في رحلاته هذه بوفرة ربما لاحساسه الدفين باقتراب النهاية. توفي عام 1964م بالمستشفى الأميري في الكويت، عن 38 عام ونقل جثمانه إلى البصرة و دفن في مقبرة الحسن البصري في الزبير.
انتهيت للتو من الأعمال الكاملة للشاعر بدر شاكر السياب الذي قدَّم لنا في مجموعته الشعرية الكاملة لوحة فنية معبرة عن روحه المتمردة وأحاسيسه المتأججة. كان بدر شاكر السياب شاعرًا متمردًا ورومانسيًا في آن واحد. فقد عبر عن آلامه الشخصية وانشغاله بقضايا مجتمعه بلغة شاعرية رفيعة، مما جعله أيقونة للشعر العربي الحديث. وقد ساهم في تطوير الشعر الحر، حيث أطلق العنان لمخيلته وأعطى للشعر العربي بعدًا جديدًا من الحرية والتعبير يحزنني ما آلت إليه أحواله في آخر أيام حياته.
عرفت السياب اول ما عرفته، من قصيدة (انشودة المطر)، التي كانت مقررة في منهاج الثانوية. تعلقت بتلك القصيدة وحفظتها حينها عن ظهر قلب. ثم شغفت بقصيدة (لا تزيديه لوعة) حين سمعتها ملحنة وعدت ابحث عنها كاملة. إلا أنني تأخرت في قراءة أعماله الكاملة ليومنا هذا -وربما كان لذلك التأخير فائدة ادركها وحدي- فوجدتني أمام شاعر كتب الحياة بأوجاعها بطريقة توجع القارئ معه. خاصة في القصائد التي نظمها في المرحلة الأخيرة من حياته. واذا ما عرفنا أن السياب عانى في حياته القصيرة من الرزايا ما لا يحتمله قلب إنسان واحد، سندرك لماذا حين نقرأه، نحتاج دوما لأن نأخذ نفسا كالذي يأخذه من كان على وشك الغرق..
المجلد الثاني- توقفت عن القراءة بعد الربع الاول ، مازلت لا الهم لغة السياب ولا اتذوقها ، هناك صعوبة بيني وبين كلماته واسلوبه ، لكن المجلد الثاني ايسر واقل صعوبة كن المجلد الاول