What do you think?
Rate this book


111 pages, Paperback
First published January 1, 1962
خمسة نساء أو فلنقل بنات فهن ما زلن خضراوات لم تلوثهن الدنيا بفلسفات فارغة ملأت رؤوس الرجال و قلبت الحق باطلا و الباطل حقا.
الظاهر الرجاله دول عندهم لكل مبدا دوسيه .. الشرف في بيته غير الشرف في عمله. و الحرام في الليل غير الحرام في النهار. و الفضيلة متمنعش الرذيلة. كله موجود مع بعض في حالة تعايش سلمي.
طوال عمره و منذ أن كف أباه عن ضربه و عقابه و صب الأوامر و النصائح كالزيت المغلي فوق راسه. منذ أن مات و كأنما عاهد نفسه بعدها ألا يستمع لنصيحة أحد سواء أكان مخطئا أم مصيبا. و سواء أكانت النصيحة من عاقل أو أحمق. بل لقد جعل شعاره بوعي منه أو بغير وعي أن يخالف كل ما يقال له من نصائح. و هوايته الكبرى أن يعصي القوانين. إن القانون يظل عدوه اللدود إلى أن ينجح في خرقه. و التعليمات تظل شيئا لا يطاق إلى أن ينجح في العثور على وسيلة يستطيع أن يتحايل بها عليها. و ليست فقط القوانين و اللوائح المكتوبة. بل كل ما يأخذ شكل القانون. و إذا أردت أن يكرهك كره العمى فانصحه نصيحة أو انقده نقدا.تجد سناء نفسها في أتون الحياة بصورتها الحقيقة لا بالصورة الوردية التي رسمتها في مخيلتها قبل الانخراط في هذا الصراع الذي لم تكن تدري عنه شيئا. تتعرض للتحرش و الوشاية و التلفيق و الإغواء بكل ما هو عيب و حرام.
لقد أمضت ساعات الصباح تعطي الجندي دروسا في النظافة و الصواب و الخطأ. لماذا لا تواجه نفسها الأن كما واجهته؟ و تعترف بالمعني الحقيقي لما فعلته؟ أليس معناه الحقيقي أنها كانت أنانية إلى درجة دفعتها للتمسك بذاتها و قيمها حتى و لو أدى الأمر إلى تشريد أخيها الصغير و ابنها و حبيبها الوحيد؟ و أليس معناه الحقيقي أيضا أن محمد الجندي أقل منها أنانية. بل هو ملاك إذا قيس بها. مسيح ضحى بذاته و لوثها و مرمطها من أجل أن ينشأ أبناؤه الذين يحبهم نظافا صالحين؟رويدا رويدا تتخلى سناء عن منطق الأبيض و الأسود و تبدأ تدريجيا في الدخول للمنطقة الرمادية بينهما متخلية عن بعض القيم و المثل و المباديء و مهذبة بعضها الأخر حتى لا يفقد صلاحيته في تلك المنطقة الوسطى بين جنتها و نارها.
ذلك الشك الذي بدأ على هيئة تساؤل خطر لسناء لم يلبث بمضي بضعة أيام أن اجتاح كل آراء سناء و معتقداتها. و حقائقها الصلبة و الراسخة. إلى درجة أنها في ساعات كانت تفقد القدرة تماما على التمييز بين الخطا و الصواب.حاولت سناء الإفلات من براثن الجندي و فساده و لكنه في النهاية ليس إلا جنديا واحدا من جنود الفساد الذي له جيشا يحميه.