نكمل الحكاية من حيث انتهينا في ربيع قرطبة . مكر التاريخ لا يوجد تعبير أفضل لوصف أحداث الرواية. بداية و مع العنوان "زينة الدنيا" سنجد ان كل قارئ الا و سيكون له تصوره الخاص عن هذه الزينة المال/البنون/الطمأنينة/التسامح /السلطة/القوة ...الخ لكن بالنسبة للعمل هذه الزينة هي التعايش و تقبل الاختلاف و هذا ما نجده عبر صفحات الرواية التي يمكن اعتبارها رواية تاريخية بحكم توثيقها للفترة العامرية من تاريخ الأندلس بعد وفاة " الحكم" و تولي ابنه "هشام" تحت إمرة أمه صبح . شخصيات العمل تتوزع بين شخصيات حقيقية"الخليفة هشام بن الحكم" "صبح" "الحاجب جعفر " "الحاجب ابن ابي عامر" و أخرى متخيلة تعرفنا على جزء منها في رواية "ربيع قرطبة " تتداخل فيما بينها في حوار عبر أحداث الرواية التي تأخذ طابعا تصاعديا : بداية و ذروة و انحدار مع بطل الرواية المتخيل "زيري" الامازيغي الذي انتقل من عدوة المغرب للاندلس من اجل التعلم و الذي معه تبدأ قصتنا سواء في علاقاته مع شخصيات العمل المختلفة الانتماء الديني و العرقي(اليهود و المسيحين و البربر و المولدين) و بطل الرواية الحقيقي الوجود "الحاجب ابن ابي عامر المنصور" الرجل القوي المتعصب لرأيه و الذي يعتبر ان الغاية تبرر الوسيلة ،هذه الأحداث في مزجها بين ما هو متخيل و ما هو مؤرخ تجيبنا عن أسئلة يتم طرحها عبر تاريخ الإنسانية منذ أن أصبح الإنسان كائنا سياسيا يعيش مع باقي أفراد جنسه داخل مؤسسات ثقافية : حول الحكم و طبيعة السلطة السياسية و دور النخبة و تواجد الأقليات العرقية و الدينية و مدى تعايش الكل داخل هذه المؤسسات و ذلك على لسان "زيري" و "باشكوال" باعتبارهما رمزا للإنسان المفكر الفيلسوف الذي يحلم بعالم افضل . أحداث الرواية شيقة و مثيرة في شقها المتخيل(أدعوكم طبعا الى اكتشافها بقراءة العمل) في أطار من الثقافة الأندلسية بلغة جميلة تتخللها حوارات باللغة الأمازيغية بحكم ان من أبطال الرواية الأساسيين امازيغ من عدوة المغرب و كذلك العربية بلكنة يهودية و حتى قرطبية و هذا أضفى طابعا ساحرا و واقعيا على العمل لكن أيضا و على مستوى اللغة دائما استخدام مصطلحات سياسية لم تكن متواجدة في المعاجم اللغوية في الفترة التي تغطيها الرواية "الأيديولوجية مثلا" مما يقطع التماهي مع الرواية . التزاوج بين المتخيل و الموجود او الواقعي جعل من بعض التفاصيل غامضة : _الكيفية التي كان يبني بها "زيري" تاريخ وجوده المزيف داخل الأحياء التي تواجد بها سواء في الزهراء او الزاهرة او قرطبة ؟؟؟ _قبول ابن عامر تواجد" زيري " باسمه المستعار دون أن يبحث عن تاريخه و هو المعروف بحذره الشديد؟؟؟ _المخطوطات التي كتبها" زيري " و "باشكوال" هل سلمت كلها الى الدير بعد وفاة "باشكوال"؟؟؟ _ما هو مصير "مروان" صديق الخليفة" هشام"؟؟؟ هي بعض التفاصيل التي رغم غموضها كما قلت لم تضعف الفكرة التي تدور حولها الرواية .
لا أتذكر أن سبق لي أن قمت بقراءة رواية تضم أكتر من 600 صفحة في أربعة أيام, إلا أن الرواية تشدك بلغتها الأنيقة و سردها السلس , خصوصا كون أحداثها تبدأ من حيث إنتهت رواية ربيع قرطبة. الكاتب حسن أوريد أعطى لنا تصورا عاما لما كانت عليه الحياة في الاندلس ( زينة الدنيا) من تلاقح تقافات و إختلاف الأديان و المعتقدات التي شكلت مجتمعا لا يهم فيه لونك أو أصلك أو إعتقادك المهم هو الإنسان, إلى أن بدأت علامات الانهيار في إستبداد الحكم أو الحكم المطلق الذي غفل عن كون الأندلس إزدهرت بفضل تنوع روافدها و ليس بفضل فئة واحدة إلى أن يتأله السلطان و ينفصل عن الواقع و يحد إتصاله بحاشيته التي تطنب في مدحه الرواية فيها الكتير مما يمكن إسقاطه على واقعنا الحالي، فالتاريخ هو ما يشكل ذاكرتنا و هويتنا و الأساس الذي نبني عليه وقعنا و مستقبلنا
خلاصة ما قرأت؛ صلي الفجر و اقرأ ما تيسر من القران و ضاجع من شئت من الخليلات و احب المسيح و اعشق اليهود و امتهن الكتابة للخليفة ثم الحلاقة ثم فقيها في مسجد ثم صبي فران ثم وزيرا للمنصور .. فلا ضير فأنت في زينة الدنيا تحفك خزعبلات الكاتب و عبثه أين حسن أوريد الذي أتحفنا برواء مكة عجبي!
" وما زينة الدنيا إلا إعمال العقل و الروح و القلب ليسمو الإنسان إلى إنسانيته و يتجاوز بذلك كل الحواجز التي تحيله شيئا و تبعده عن أخيه الإنسان. هي فكرة أن الإنسان كفيل بحب من يتشارك معه بالإنسانية بغض النظر عن الخلفيات العرقية و الثقافية و الجنسية و القوالب التي تعيث في الإنسان فسادا و تحيله إلى جثة تحركها غريزة الإنتقام و التميز عن أخيه في أعظم ديانة ألا وهي الإنسانية . ثم ما الذي يمكن أن يميز الإنسان غير إنسانيته؟ في رواية "زينة الدنيا" عشت في قرطبة، "قرط بهاء" كما يعرفها عبد الإله بن عرفة في "طوق سر المحبة"، قرطبة السلطان و الدسائس و الغدر و الانقلابات الواهية التي تفضي إلى زقاق مسدود دائما، و لكني في الحقيقة سكنت كل مكونات الشعب الأندلسي، ذاك المزيج الذي يجعل الأندلس أندلسا للحب و السلام و التعايش الذي خلف لنا ذاكرة عاطفية تعيش قرونا عدة بعد سقوط آخر إمارة منذ خمس قرون ولت. فكرة الأندلس هو الإنسان، هو انفتاح الانسان على الإنسان، و امتزاج الانسان بالإنسان، و تعايش الانسان مع الانسان.. إن الأندلس فكرة كما وصفها الكاتب في روايته، و الفكرة خالدة لا تموت.. ولم أسطع أن أمر على الرواية مرور الكرام، بل عشت في تفاصيلها كلها، انصهرت مع حبكتها، و عشت أحزان الشخوص و أفراحها بتطرف من يعيش مع من يسكنونه.. إنها لزينة الدنيا حقا. "
سقف توقعاتي كان عاليا جدا على ما اعتقد كانت مخيبة للآمال بشدة و خصوصا شخصية زيري اللتي تتغير من حين لآخر الرواية تتحدث عن الحكم في الأندلس..و الكتاب يصور الحالة المأساوية التي وصل لها الناس في تلك الفترة من اتباع الملاذات و استهزاء بأهل العلم و لكن اعادة رسم نفس الشخصية مرارا و تكرارا جعلني أشعر بالملل .كان الموضوع ممل للغاية
"زينة الدنيا" للكاتب المغربي حسن أورويد ليست رواية بقدر ماهي فكرة، أو هي مشروع فلسفي و إنساني بحس روائي وتوظيف تاريخي يدفعني لاستعادة مقولة محمود المسعدي "الأدب مأساة أو لا يكون"، فهو لا يرى فرقاً بين الأدب والفلسفة، فالفرق شكلي أمّا الجوهر فواحد، ووظيفة الأدب فلسفية وهي تساؤل الإنسان عن الإنسان وعن منزلته في الوجود، حتى اعتبر الأدب فلسفة وجدانية.
رواية طويلة من ٦٤٠ صفحة، تعايش فترة تولّي وتغلغل الحاجب بن عامر في شؤون الأندلس بعد وفاة "الحَكم" ثم تولي ابنه "هشام" الذي لم يصل لسن يخولّه لإدارة البلاد فكان تحت إمرة أمّه صُبح.
كلما توغّلت في القراءة كلما أوغلت بالتاريخ أكثر. فالأندلس بكل ما جمعت من أقاليم وأعراق وأديان ولغات كانت مسرحًا لأحداث الرواية. بينما كانت لغة السرد لحنها الأخّاذ، وُظّف التاريخ في الرواية ليس لكشف ماضٍ معروف عن تاريخ الحضارة الإسلامية أو الحروب بين المسلمين والمسيحيين، أو بين السنّة والفاطميين كشيعة، إنما لطرح قضايا حافلة بالصراعات الدينيّة، والعرقيّة الناتجة عن التقلبات والدسائس الداخلية بين أصحاب السلطة، بهدف تتبع سيكولوجية الحاكم و فهم آلية الاستبداد التي تشوّه نفس كل من ينال السلطة، والبحث في نفس الظالم، وكيف أصبح على ماهو عليه، فلم يكن ما يراه "زيري" الشخصية الرئيسيّة في الرواية حدثًا، وإنما ظاهرة، كما كان يقول عنها "ظاهرة العلماء المُختلقين، والأمراء المتنطّعين، وكلاهما متلازمان. الأمراء من يدفع بالعلماء المُختلقين والزائفين کي يُزروا بالعلماء الصحاح، فيضيع العلم بعدها. كأن يهزأ المنصور من "صاعِد" ليُلجِمه، ولكنّه بحاجة إليه، من أجل أن يمحو أثر عالِم حقيقي هو "أبو علي القالي".
مشاهدات كثيرة هي أقرب للدراسة والتحليل والتقييم النفسي والاجتماعي والصوفي والإنساني توصّل إليها "زيري" خلال فترة خدمته لدى الحاجب ابن عامر وقبله الخليفة الحَكَم المستنصر بالله، ومن خلال الأدوار التي تنكّر بها لإخفاء هُويّته في محاولات عديدة للنجاة من بطشهم. كان يتنقّل خلالها بين عالم ديستوبي وعالم يوتوبي؛ بين بلاط الحُكم بكل دسائسه ونفاقه وهشاشته الداخلية وجبروته الخارجي، وبين رحاب بيت "باشكوال" الغنوصي، صديقه وأباه الروحي، الواقع في أستجة، تلك البقعة من الأرض التي احتوت فكرة العيش المشترك بين اليهودي والمسلم والمسيحي، حيث جمعت اللسان البربري، الأمازيغي،العربي واللاتيني في عقد فريد، ينفرط كلما اتسعت دائرة الفهم الضيق للدين والسياسة واستغلال كل منهما للآخر ، وينعقد بقوّة كلما كانت قضية الحياة هي الإنسان وحق الإنسان وكرامته. كان زيري يتنقّل بين ما "يحدث" وبين "لماذا يحدث". عندي تحفّظ على كثرة تنقّل وتنكُّر "زيري" المستمر ليوقع نفسه في براثن السلطة ولعبة سياسيّة قد تودي بحياته أو تفقده انسانيته على أقل تقدير، فهو يملك جنّة أستجة! ويملك الرفقة الحكيمة والصداقة والعائلة، يملك من الحب للإنسانية ما يدفعه لأن ينأى بنفسه عن كل الظلم والخطر، فيكتفي ثم يستثمر في عالم بناه بالفكر والعقل هو وصديقه، إلا أنه اختار أن يقضي حياته كلها توّاقاً إلى الجواب الشافي لتساؤلات كان يطرحها كلّما تعرّض لمأزق أو شهد ظلمًا وقع على أحدهم، لم أجد سهولة انتحاله لشخصيات مختلفة أمرًا منطقيا بالذات أنه كان يعيشها لفترات طويلة. فقد كان يخشى على حياته إن ظهر وجهه للحاجب بن عامر فيميزّه ويقتله كونه كان كاتبًا للخليفة الحَكَم، وإذا به لاحقا يختار أن يعمل في خدمته مباشرة! قوة وتماسك الرواية قد تدفعنا لتجاوز هذه النقطة والتأمل في تساؤلات "زيري" التي كانت تدور حول مآل كل طاغية حين يصيبها الجنون، وما الذي يصنع الجنون؟ فكان يرى أن عدّة عناصر هي السبب؛ كالاستفراد بالسلطة والثروة والرأي، كاليد الطولى والبطش، وكعالم الحاشية القائم على التملّق والتزلّف والمديح والزيف والخوف. فالخوف هو الشعور المسيطر في أي نظام مُطلق. يخشى الحاكم من أعدائه، وتخشى الحاشية من نزوات الحاكم وتقلباته، وتخاف الرعية من أزلام الحاكم، ثم يتمخّض الجنون من عالم الخوف. يتلازم جنون الحاكم وخنوع الرعيّة. جنونه يُبقي الرعيّة في الخنوع، وخنوعها يُضاعف من جنونه. فكان يرى أن ممن لازموا المنصور أول الأمر وآمنوا به، أن نأوا عنه، أو رسموا مسافة منه، لأنه أضحى شخص آخر. وكذلك فعل المنصور، فقد رسم مسافة مع من لازموه أول الأمر وكان يرى فيهم مرآة تعكس حقیقته، فلم يعد يحتاج إلى مرآة. سكنته لوثة الجنون. لا يستمع إلى أحد ولا يأبه برأي أحد، ولا يريد من أيٍّ إلا أن يكون صدى له أو أداة.
أزمات أخلاقية كثيرة، شهدها زيري وعبّر عنها الأدب بمنتهى الصدق في الوقت الذي يحاول الإنسان التستّر عليها في الواقع، أو يحاول إلباسها لباس الحِجّة والضرورة والمبررات الواهية. تساؤلي الأخير.. وصف المال والبنون بزينة الحياة الدنيا وهي التي من خلالها ينحرف الإنسان ويطغى! فكيف يرى الكاتب زينة الدنيا في عيش الأجناس المختلفة، والديانات المتعدِّدة، عيشة متوادّة في رقعة واحدة. فلا يُفتن امرؤ في دينه وعقيدته أو يُهزأ بلسانه. وأن يتحوّل من شاء عن عقيدة إلى أخرى دون أن يتعرّض لمحاكمة أو افتتان أو مضايقة. وأنها تتحقق حين يسود العقل دون أن يستبد، وحين تقوم العاطفة دون أن تغلو، وأن ينالَ الناس من العيش ما يصون كرامتهم، ويحفظ مروءتهم. لا يتحوّل الغِنى إلى بطر، والفقر إلى كُفر. وهو يرى أيضا أن زينة الدنيا ألّا يقع انشطار في علاقة الحاكِم والمحكوم، والعالِم والمتعلِّم، والبالغ والصبي، والإنسان والطبيعة وفي علاقة يُفترض أن تكون متكاملة، بين الرجل والمرأة ( وهذه نقطة عليها علامة استفهام لمن سيقرأ الرواية) زينة الدنيا بالنسبة للكاتب وبالنسبة لزيري هي مشروع في مسار الإنسان. هي آمال وأمنيات قد تتحقّق برأيي في المجتمعات الصغيرة جدّا حيث من الأيسر تحقيق التماسك الاجتماعي والوئام، الاستقرار والتقبّل. فهل سيبقى التاريخ يعيد نفسه؟ هل ستُبطل حجّة الدين يوما ما فلا تكون الصراعات بإسمه! هل سيخترع الإنسان مبررات آخر ليفرض هيمنته وسلطته! فبذور الطمع كامنة دائمًا في رحم السلطة، ومن اقترب منها مسّته ولطخت سريرته.
_ هذا العمل مذهل بثراء حواراته وسجالاته الفكريّة والفلسفية. _ مدهش بالصور التي نقلت أشكال الثقافات المتعدّدة لعوالم الأندلس العريقة من لباس وسلوك ومأكل وعقليات ولهجات وعادات. _ آسر باللغة التي أعتبرها بشكل خاص متعة أخرى منفصلة عن الأحداث. _ استوحى الكاتب عنوان الرواية وفكرتها من الباحثة الإسبانية ماريا روزا مينوكال، التي أصدرت كتابًا بنفس العنوان لإلقاء الضوء على أن المجتمع الأندلسي تحت حكم المسلمين كان يستند أيضا الى دعامتين رئيسيّتين يتمثّلان في المسيحيين واليهود، بحيث كان المجتمع نتاجًا للثقافات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية، وكتابها كما قرأت، كان ردّا على النظرة الغربية السائدة عن الإسلام، التي تتلخص في أن هذا الدين كتلة أحادية جامدة لا تؤثر على غيرها من الثقافات ولا تتأثر بها، وتفتقر بالكامل الى مفهومي التسامح والتعايش السلمي.
أنهيت الرواية و كلي أمل في أن أفهم. تصور الرواية شخصيات تنتمي لماضٍ بعيد عنا ، تاريخ و ماضٍ تتغنى به العرب ،من المغرب العربي حتى المشرق العربي ،تصورها بشكل مشوه يجعلني أتساءل لماذا يصور ذاك الماضي بهذا الشكل المهين لمن عاش في ذاك الزمن ،أ فعلا كان الناس كما ذُكر ،لا يهمهم من أمرهم إلا زينة الدنيا و الدنيا. الرواية تتكلم عن السياسة و الحكم في الأندلس و عن كونها تمثل الشرق بالنسبة للبربر، الرواية تصور المغرب على أنه تبعٌ للأندلس و أن سكانه مغلوبٌ على أمرهم ،يؤمنهم أمراء الأندلس و يؤمرونهم ،هذا بدوره يجعلني أتساءل ،أكان فعلا هذا هو الحال؟ صحيح أن الناس لم يكونوا دوما على قدر الصلاح ذاته ولكن أيعقل أن الانحطاط وقلة الإيمان بلغت المبلغ الذي صُور؟ جعل الخطب و العلماء على قدر من الانحطاط والضعف و الذل و الاستهزاء بهم ضمنيا ، جعل السلطة و ممتليكها على قدر، من الضعف و الفساد و الظلم و البطش ،متساو حتى في ذلك الزمان ،جعلني أتساءل ،أتساءل كثيرا ،هل يحق لنا تصوير التاريخ الإسلامي هكذا ،أنه لم يكن إلا دينا مشرقيا أراد به أهله البطش و حيازة الثروات و استعبدوا كل أهل الملل و كل من لم يكن عربيا؟ أن يصور المسلمون على أنهم قوم جهالة لا يتسامحون مع من يخالفهم و أن العدل و الإحسان يكون في كل الملل و أن الأهم هو الإنسان و أن الدين عنصر لا يهم ، الشعائر لا تهم طالما من الممكن التعايش بيننا و أن الطريق إلى الله لا تحتاج فقها أو شعيرة معينة ،المهم ما اعتمل في صدرنا، تصوير الصلاة كطقس يقوم بها زيري دون أن يتفكر فيها و يؤديها كي يتمكن من التخفي وسط المسلمين ، تعددت تساؤلاتي و لم أجد لها جوابا ، كانت الرواية تجعلني أتساءل عن المعنى منها ،عن الهدف من كتابتها الذي غاب عني . تاريخ المسلمين و الحضارات إن كان عبارة عن تاريخ يكتبه الأقوياء فقط ،ألا تنجو رواية الضعيف بطريقة من الطرق ؟ و إن كانت فعلا كتابة تنحاز فقط للإنجاز دون ذكر مواطن الخلل فهل يسلم من هذا الإغريق وفلسفتهم أم هم منزهون عما اعترى كل الحضارات سواهم؟
زينة الدنيا تأتي هذه الرواية تكملة لرواية ربيع قرطبة وتأخذ كإطار لها أندلس القرن الرابع الهجري وهي توثيق لحقبة الحاجب المنصور أبوعامر محمد ابن عامر والخليفة الأموي هشام ابن الحكم. وتصور علاقات الناس بالأندلس وعلاقة الأندلس بالعدوة (المغرب). يفهم من خلال حيوات الشخصيات ما الذي ضاع حقيقة بضياع الأندلس وكيف أن زينة الدنيا هي تظافر الزمان والمكان والخلق وتكون زينة في التظافر لا في التنافر وكيف أن نفس الأسباب الواهية تؤدي إلى نفس المآسي وكيف نفس الخسة تؤدي إلى نفس الاضمحلال والهوان. الرواية تتمتع بأسلوب أقل ما يقال عنه أنه "شارف الكمال" هو من البلاغة ما يصعب محاكاته ورغم ذلك يبقى سلس وممتعا لدرجة أنك تستطيع أن تتم الرواية في جلسة (طويلة جدا) او جلستين ولكن ان فعلتها فكن متيقنا أنك غفلت عن الشيء الكثير. للرواية عدة مستويات للفهم وأكثر من مفتاح للقراءة. هناك الكثير مما يقال عن هذه الرواية ولكني اكتفي بهذا القدر حتى لا أحرق الأحداث لمن سيقرأها ... كرواية
كتب حسن أوريد هذه الرواية من حيث انتهى في رواية " ربيع قرطبة "، فهي تعتبر جزءا مكملا للأحداث التي جرت بعد وفاة الحَكَم المستنصر بالله، وتولي ابنه هشام الحُكْمَ من بعده، وهو ما يزال صبيا. هنا ستظهر شخصية المنصور ابن أبي عامر كمتحكم مطلق في سياسة الأندلس وحروبها. وكرجل يعبر عن بطش الدولة وظلمها. هذه الشخصية التي جعلها حسن أوريد أهم شخصية في أحداث روايته إلى جانب شخصية ابن صمادح (زيري) كاتب الحَكَم سابقا.
يقدم الكاتب هاتين الشخصيتين على طرف نقيض من بعضهما، فكل منهما يعلب دوره في صراع خفي من أجل إثبات وجوده الفكري والسياسي في خضم الأحداث التي شهدتها الأندلس في تلك الفترة ( القرن الرابع الهجري ).
لكن الكاتب ركز كثيرا على شخصية ابن صمادح (زيري) من خلال سرد أحداث الرواية. فقد أراد له أن يلعب دور المفكر المتنور الذي يسعى جاهدا من أجل القضاء على الاستبداد السياسي والديني في الأندلس، وإنشاء مجتمع متسامح يتعايش فيه المسلم والمسيحي واليهودي والعربي والبربري جنبا إلى جنب، في وئام ومحبة وسلام.
يبرز الكاتب هذه النزعة الإنسانية عند ابن صمادح (زيري) من خلال روايته في مواضع كثيرة، من ذلك قوله في صفحة 225: " لا شيء يرقى بالمرء، ولا بالشعوب مثل المعرفة. هو ذا زينة الأندلس وبهجتها: معرفتها، وفنونها، وآدابها، لا دسائسها واقتتالها .. "
وعلى نفس المنوال يسير الكاتب من خلال تناوله للأحداث السياسية والعسكرية والاجتماعية التي تناولها في روايته، فهو يرى أن الانسان ينبغي أن يتعايش مع أخيه الإنسان بغض النظر عن لونه وعرقه ودينه ولغته، يقول على لسان زيري: " بالنسبة إلي الأديان واحدة، وهي جيدة طالما دعت للمحبة، ومنحت للوجود معنى، وهي سيئة طالما دعت للبغضاء. "
وهو من خلال هذا المنظور لا يرى الأندلس رقعة جغرافية، ولكنه يراها رقعة تحبل بتعدد الثقافات والعقائد والأعراق، وعليها أن تتآلف حول قيم مشتركة، لا تتنافر بسبب هذا التنوع وهذا التعدد. الأندلس كما يراها هي مفتاح التعايش والتسامح والمحبة، وكذلك ينبغي أن تكون دائما.
لقد أدرك الكاتب أن هناك قواسم مشتركة بين الإنسان وأخيه الانسان حين يهوي وحين يرقى، بغض النظر عن العرق واللون والعقيدة. يقول في صفحة 256: " غريب أمر الأندلس، زينة الدنيا التي جمعت هذا الحشد المتنافر، أهل البلد والعرب من البلديين والشوام، والعدنانيين واليمنيين، ثم البربر (..) طريقة عيش الأندلس. من يريد أن يتعبد فليفعل، في دير أو مسجد أو كنيس .. ومن يريد أن يمرح ويفرح كان له ذلك ... هي ذي الأندلس. "
أختم هذه المراجعة، بما بثه الكاتب من فلسفته الفكرية في الحكم والحياة من خلال أحداث هذه الرواية وشخصياتها. فيقول موضحا موقفه من زينة الدنيا (الأندلس): " زينة الدنيا هو ما يمكن أن تكونه أجناس مختلفة، وديانات متعددة، تعيش متواددة في رقعة واحدة. زينة الدنيا ألا يفتن امرؤ في دينه وعقيدته أو يهزأ بلس��نه. زينة الدنيا أن يتحول من شاء عن عقيدة إلى أخرى دون أن يتعرض لمحاكمة أو افتتان أو مضايقة، لأن الناس حينما يفتنون، يضطرون أن يخادعوا، وأن يأتوا من الأمر ما لا يطابق طبيعتهم وينافي سجاياهم. زينة الدنيا أن يسود العقل دون أن يستبد، وأن تقوم العاطفة دون أن تغلو، وأن يتعايشا في وئام. زينة الدنيا أن ينال الناس من العيش ما يصون كرامتهم، ويحفظ مروءتهم. زينة الدنيا ألا يتحول الغنى إلى بطر، والفقر إلى كفر. زينة الدنيا ألا يقع انشطار في علاقة يفترض أن تكون متكاملة، بين الرجل والمرأة، والحاكم والمحكوم، والعالم والمتعلم، والبالغ والصبي، والإنسان والطبيعة ... زينة الدنيا مشروع في مسار الإنسان، يتقدم نحوه، ويدلف إليه كلما فضح ما قد يحيطه من زيف، وما يتهدده من هجير، ولا يتستر عما قد يطبع حياة مجتمعه من غلو وفساد وزيغ. " ص: 295
الرواية جميلة في أسلوبها ولغتها وحكيها .. أنصح بقر��ءتها ..
زينة الدنيا أو ذلك الفردوس المفقود، الذي تغنت بها الألسن و آنست بها الأشواق، ذلك الوجه المشع لحضارة ضمت جميع الأطياف و الالوان و الأجناس..شهدت أوج عطائها في العلم والفلسفة والفكر و العمران إلا أن كل مرة كانت تنطفئ شمعة نورها بتخلفها عن" رسالتها الكونية" و طمع عِلِّيتها اللامحدود و فساد و تجبر نخبتها و ساستها، في حين كان شعبها غارق في وحل الجهل و الاستعباد..
ربيع قرطبة أو زينة الدنيا هما وجهين لحكاية واحدة "الأندلس" و بالأخص قرطبة و نواحيها و علاقتها جغرافيا و ثقافيا و حتى عسكريا بمماليك الشمال و بعدوة المغرب، تتعدد الشخصيات و تختلف الأزمنة و الأمكنة لكن التاريخ يأبى إلا أن يكون خير معلم، دس الدسائس و كيد المكائد و تقلب الأحوال و اختلال الموازين كانت السمة الأبرز لكثير من مروا فوق سدة الحكم أو استسلموا لشهوة السلطة و الصولجان.
This entire review has been hidden because of spoilers.
لم أتعلق بشخصيةٍ كما تعلقت بزيري ورسالته، كنت كما من كانوا في حياته مؤمنةً بقدرته وأهمية رسالته، كان لحسن أوريد أسلوب يواكب العصر الذي حصلت فيه هذه الأحداث وفي مثل الآن جذاب وسلسل بالنسبة لقارئة ذات محصول لغوي محدود مثلي، مما أعجبني هو إتخاذ حسن لموقف قد يثير للجدل في تصويره للحاجب المنصور كمتسلطٍ متفرد بالحكم ورسمه لتغلغل الفساد فالشاب الذكي الطموح عن طريق الجاه والقوة. يجب ان تدرس مثل هذه التحف الفلسفية في المدارس<٤
عدد صفحاته: 639 زينة الدنيا هي المدينة الفاضلة التي يبينها حسن أوريد في روايته كما يراها، يعيش فيها الإنسان من كل حدب ومرجعية ودين في تآلف وتآزر، بدون أحكام مسبقة ولا صراع محتدم، بل ومحاولة التقارب والتفاهم، وإيجاد أرضية مشتركة نعيش على إثرها في وئام وسلام، بإنسانية شعارها العدل والمساواة والكرامة وحرية مفاهيم دعت لها الثورة الفرنسية وتبنها الغرب واتبعها العالم حذوة القدة بالقدة، بلا انتقاد ولا تمحيص لكينونة هذه المفاهيم وجذورها التاريخية، رمز لها في الرواية بعائلة فيها الغنوصي ذو الروح المسيحية باشكوال الذي مثله بالرشد والحكمة ابتعد عن دواليب الحكم وسعى لنشر مفهوم زينة الدنيا الأندلس المفقود كما يراد لها أن تكون، والمسيحي ممثلة في زوجه مرية وأيضا شخصية أخرى الرميكية وهي مولدة ذو أصول مسيحية اتبعت الإسلام ورجعت عنه، وهي الزوجة الثانية لبطل القصة زيري الفتى البربري الذي هاجر إلى الأندلس طلبا للعلم، فرمته الأقدار قرب الحاكم ككاتب للخليفة الحكم بن عبد الرحمان الناصر، ليفر هاربا بعد وفاته وتقلد ابنه الطفل هشام والصراع الدائر بين ابن عامر وجعفر الحفصي وغالب وصبح أم الخليفة، وبعد أن تخفى في سيرة يهودي ثم فقيها وحلاف فخادم فرن، ليخدم في أخريات حياته باسم ابن صمادح وزيرا للمنصور ابن عامر، فاقترب من نار السلطة واحترق بها، وزوجته الثانية راحيل وصيقتها سلطانة ممثلتان عن اليهودية، ثم تودة أو مباركة المرأة الصنهاجية البربرية التي كانت أمة ومربية لهشام المؤيد بالله فنجت بجلدها نحو بيت باشكوال -البيت الآمن- بعدما أسفر الخليفة في اللعب والتهاون ممثلة بالدين الإسلامي. فكانت استجة القرية الأندلسية وخاصة بيت باشكوال رمزا للأمان والطمأنينة والسند لأبطال القصة، ومنفذا لزيري بعد كل تقلب يعيشه بقرطبة في زمن الاضطراب السياسي والصراع المحتدم ما بين البربر والعرب والمولدين، في أخريات حكم بني أمية، انتهت الرواية بموت كل الشخوص كأنها نهاية سرمدية للفكرة والحلم زينة الدنيا الأنلس التي يعيش فيها كل أطياف الناس بمختلف أديانهم ورؤاهم في عدل وكرامة وحرية، في رؤية الإنسان لا يمثله، إلا أن الفكرة تورث للجيل القادم يوسف أبوه البربري زيري وأمه اليهودية راحيل ثم من ربوه باشكوال الغنوصي وزوجه مرية المسيحية ودادة تودة المسلمة، مزج غريب فوق ربوة باستجة عند شواهد المؤتمنين على زينة الدنيا وقف يوسف وزج أبيه الثالثة البربرية تتريت وابنتها هند ثم إيغموراسين المغربي ذو حلم توحيد البربر والأصبغ بن عبد الملك الأموي المظلوم ثم من بعيد صوت الألم والأنين يصدع بغناء الفلامينكو تقودها مرية. هكذا انتهت الرواية وبصراع سياسي بدأت. أما الأسلوب فهو متميز بكلمات شعرية وفلسفية وأدبية تنطق بها الرواية، وحبكة متصلة يربطها زيري الفتى والرجل البربري بين زينة الدنيا ومحاولة تنفيذها، انتقد فيها أوريد السلطة والتجبر والظلم، كما وانتقد الصراع الأمازيغي العربي الذي يعرفه المغرب اليوم، فالرواية وإن تتحدث عن فترة الحاجب القوي ابن عامر بالأندلس، إلا أن لها رمزيات بواسطتها يتحدث عن مغرب اليوم، إذ يستحضر مفاهيم السلطة والقصر والصراع العربي الأمازيغي على لسان شخوص الرواية، بحيث أنه أحيانا تنفصل عن الفترة التاريخية متجسدة العصر الراهن، وهذا من عيوب الرواية، فهو لا يناقش الأحداث في فترتها المذكورة محاولة لفهم واقع تاريخي بل يتجاوزه ليناقش واقعنا بإعطاء حلول له سماه زينة الدنيا كما يراه الكاتب، وهي مفاهيم أختلف معها ورؤيته للأمور، وهذا ما لحظته أيضا في رواية "الموتشو" كأنه يدعو إلى ما يسمى الدين الابراهيمي ووحدة الإنسانية، ولا يعطي حق الإسلام بقدر ما يعلي مفهوم الغنوصية وفكر اليونان رفعة على الأديان والدعوة للإنسانية لا لله.
رواية جيدة في المجمل،إلا انها لا تخلو من بعض المغالطات،أحببت فكرة زينة الدنيا كما صورها الكاتب على انها فكرة لا تتأتى إلا بتحقيق التعايش المسالم بين مختلف الاعراق و الاديان و الاجناس و الطبقات،إلا انني وجدت بعض الغلو في الامر و تصويره بشكل مثالي مفرط لا أجد إمكانية تحققه لإغفاله للجانب المخطئ و الغريزي للإنسان المجبول على الخطأ و اتباع الهوى شخصية زيري شخصية غامضة رغم أنها الشخصية الرئيسة،الا ان الغموض يكتنف العديد من جوانب شخصيتها،غموض يجعلك تحس ببعدها رغم انها جوهر الحكاية، الا انني احسست بقرب و حقيقة و جوهر الشخصيات المحيطة و القريبة منها اكثر من شخصية زيري لم أحبد كذلك تصويره للجانب الديني للشخصية،وجدته جافا و غير مفهوم،كما لا أتفق معه من ناحية تصويره للاسلام بشكل فارغ من كل معنى و من كل بعد في الكثير من احداث الرواية و إفراغه لبعده الانساني، و تجاهل أنه يصب كذلك في نهر زينة الدنيا و هو كذلك ينص على التعايش و تقبل الاخر بدينه و لونه و عرقه،فالكاتب وجدته في هذا العمل يصور تحقق زينة الدنيا بعيدا عن كنف الاسلام او احدى الشعائر الدينية، و ان فكرته لا تتأتي الا بالبعد عنها و التحرر من قيود الدين،و هو ما لا اوافقه الرأي فيه لكن الرواية غنية بافكار فلسفية و اجتماعية في قالب روائي فلسفي تاريخي، غني يصور الجانبين المتناقضين من تركيبة الانسان:الجانب السمح الفياض و الاخر المتسلط الجبار
كيف بابن صمادح أن يقف في وجه المنصور و يكشف عنه كل الهيبة و أن يصمد على قوة المنصور ابن ابي عامر و بطشه المتحكم في كل أنحاء الأندلس. بشخصية ابن صمادح او "زيري" نرى شخصية ابن ابي عامر فهو مرآته التي وجد من لا يقوى على النظر إليها.
الرواية على اثر سابقتها "ربيع قرطبة". هنا تدور الأحداث عن فترة معقدة سياسيا في الأندلس فها هو الفتى هشام أمير المؤمنين في الأندلس بعد وفاة ابيه الحكم المستنصر ، و سجانه المنصور صاحب السلطة الكبيرة حتى عليه.
تدور الأحداث في الصراع بين زيري و بين المنصور ، فزيري يحاول بقدرته أن يؤلف القلوب و يبيد الجشع و يقرب بين الأديان داخل المجتمع الأندلسي ، زينة الدنيا. "هو ذا زينة الأندلس و بهجتها؛ معرفتها و فنونها وآدابها، لا دسائسها و اقتتالها"
برع الروائي حسن اوريد في تصوير الأحداث و نقلها للقارىء عبر شخصية مثيرة للإهتمام و هي "زيري" او "ابن صمادح". زيري و حياته و زوجاته و أصحابه ، قد جعلهم اوريد ضمنا في الرواية كي نتعرف عن قرب على المجتمع الأندلسي و اختلاف أفراده.
رواية ضخمة طويلة ، ممتعة كثيرا و بها الكثير من أسرار المجتمع الأندلسي. حسن اوريد كاتب بارع و حكاياته الأندلسية لطيفة.
عندما أنهيت قراءة هذه الرواية رغبت في كتابة ملخص لمشاركته.. حاولت عدة مرات لكن في كل محاولة أجد أن ملخصي ناقص فقلت ربما العيب في .. فقررت أن أبحث في المواقع عن ملخصات القراء من قبلي وتفاجأت أنها كلها ناقصة من وجهة نظري طبعا لأنني أرى انها تسلط الضوء على جانب من الرواية وتهمل آخر في حين ان كل الجوانب مهمة وكل النقاط التي تطرق لها الكاتب كانت رئيسية تثير موضوعا مهما او قضية حساسة.. فأدركت حينها أن الرواية غير قابلة للاختصار او الاختزال لأن كل محاولة لتلخيصها سيكون تقصيرا وانتقاصا من قيمتها الفكرية والإبداعية.. ولكن كفكرة عامة فقط لإثارة فضول قارئ جديد يمكن القول أنها: مزيج رائع بين التاريخ و��لخيال وطرح ذكي لقضايا الحاضر عبر نبش الماضي.. من خلال لغة أنيقة وجميلة يعود بنا حسن أوريد إلى زمن الأندلس إبان حكم هشام ابن الحكم ليتخد من أحداث الفترة العامرية أرضية لسرد أحداث روايته الشيقة ويدمج شخصيات تاريخية بأخرى واقعية من وحي خياله في حبكة متقنة تفقد فيها القدرة على الفصل بين ما هو واقعي وماهو متخيل.. وذلك من أجل طرح قضايا اجتماعية، سياسية، فكرية كانت ومازلت محل النقاش مرورا بقضية الهوية والانتماء خاصة أن الأندلس كانت رقعة جغرافية تميزت بضم مختلف الاعراق والاجناس والاديان. أحداث شيقة في حبكة منقطعة النظير تم سردها من خلال شخصية "زيري" الشاب الأمازيغي البسيط الذي انتقل من المغرب إلى الاندلس طالبا للعلم ليجد نفسه في متاهة البلاط والسلطة ثم يضطر ليتنكر في زي يهودي وفقيه ومعتوه وحلاق وحامل للخبز ثم وزير في بلاط ابن عامر.. كيف ستكون الرحلة والى أين ستاخده وهل سيسعفه الوقت والظروف لتحقيق حلمه في ان تصبح الأندلس زينة الدنيا وتتسع لليهودي والمسلم والمسيحي للعربي والأمازيغي والرماني للمثقف والعامي وتتسامى عن كل التمايزات والاختلافات.. أدعوك لقراءة الرواية لتعرف. 😊
برع هنا حسن أوريد في رسم شخصيات روايته ، وخصوصاً شخصية " زيري " او كاتب الخليفة ، هنا زيري شخصية إيقونية ، يتخفي و يظهر كما يروق له ، يحضر الدسائس ويكون شاهد عليها ، بدون الدخول فيها ، فترة نُشاهده يُدعي ابن صمادح و فترة أخري يُدعي قوميز ، يقع في حُب فتاة يهودية وأخري مسيحية وهو لا يَدين بدين فهو يشرب الخمر وقت ما يُحب ، و يُصلي وقت ما يشاء . نري خيانات القصور والملوك ، الحياة السياسية في كل العصور دائماً ما تكون في غاية السوء ، نُشاهد شخصية ابن عامر ، الذي تسلق الحكم بخطوات ثابتة وفعل كل شئ لكي يصل الي مُبتغاه حتي قتل إبنه لكي يُثبت انه يُدافع عن رايه الإسلام وهو بعيد كل البُعد عن هذا . رواية لُغتها جميلة جداً ، مشاهد الدسائس والحبكات كَانت جيده ، درامياً الرواية كانت مُذهلة ، وتشعب العلاقات لم يَكُن بالسوء الذي سمعته عن الرواية ، بل كانت مُتماسكه . الفصول مُنذ عزل " زيري " وهي في غاية المُتعة والجمال ، تُقرأ وحدها ستجد فيها مُتعة عظيمة .
زينة الدنيا وهو التعبير الشائع عن الأندلس، كان ينسب إليها لمائها وهوائها وأرضها...وكان ينسب إليها كذلك لأنها ضمت عدة أجناس، ومللا مختلفة، في عقد فريد، استطاعت من خلاله ملل مختلفة أن تتعايش... ولكن الحقيقة كانت تخفي هجيرا لافحا، باسم ديانات متناحرة، وعقائد جامدة، وأحقاد متجذرة... العقد الفريد كان ينفرط دوما أمام فهم ضيِّق للدين و للسياسة والمزج بينهما، زينة الدنيا هو ما يمكن أن تكونه أجناس مختلفة، وديانات متعددة، تعيش متواددة في رقعة واحدة. فسبيل الخلود هو الفن، هو التعبير عن زينة الدنيا، هو الذي يهزأ من الموت. هو الذي يمشط جدائل الحب، وهو الذي يضمد جرح الجريح، و يستحث همة الطموح. هو لحام الإنسان. هو بلسم الروح...
قبل قراءة ربيع قرطبة ثم زينة الدنيا، التي هي تتمة لها، كنت قد قرأت أولاد حارتنا لنجيب محفوظ، حيث استعار قصص الأنبياء ليمرر مواقفه وآراءه من الأديان ومن الله ومن الأنبياء وقصصهم. ولكن ما علاقة أولاد حارتنا بروايتي حسن أوريد؟ الجواب أن حسن أوريد فعل الأمر ذاته ليعبر عن آرائه السياسية بل عن شهادته، باعتباره شخصية ترعرعت داخل دار الحكم بالمغرب.
حسن أوريد أبدع بشكل كبير في روايته زينة الدنيا، حيث أنه مرر أفكاره ومواقفه من السياسة والدين والتاريخ والحب والفلسفة والتعايش...
ويستمر مسلسل الابداع والتشويق مع زيري وحكايته الرواية طابعها ليس سرداً لما كانت في تلك الفترة فقط ولكن دمج الكاتب بين الاعراق والطوائف والاديان في اسلوب اكثر من رائع
الرواية تحتاج الى قراءة مرة اخرى وقريبا ساضع الاقتباسات
زينة الدنيا، وكان فعلاً زينة الدنيا لدى قراءتي لهذه الرواية الرائعة عشت معها تفاصيل اعجز عن وصف مشاعري الجميلة نحوها، شخصياته أحداثه وعبره الرائعة كانت جزء جميل اضفته في قراءاتي، رواية سوف اشتاق لها دائماً ولكل شي فيها ✨📚
“زينة الدنيا أن يسود العقل دون أن يستبد، وأن تقوم العاطفة دون أن تغلو، وأن يتعايشا في وئام. زينة الدنيا أن ينال الناس من العيش ما يصون كرامتهم، ويحفظ مروءتهم. زينة الدنيا ألّا يتحول الغِنى إلى بطر، والفقر إلى كُفر"
"كان صوت الألم يحمل وهج وديعة الراقدين، وينفث أريج زينة الدنيا" لا أجد ماأكتبه عن الرواية، سوى أن أقتبس آخر سطر منها. وفي نفس الوقت، فإني لاأستطيع أن أخفي إعجابي بها. لابد لي من أعيد قراءتها في وقت لاحق، أو ربما قريبا...
This entire review has been hidden because of spoilers.
مالذي فعلته بي يا حسن اوريد صراحة رواية ممتعة جدا جدا تأخدك معها بين حياة الشخصيات لتعيش معهم كل الاحداث الا ان النهاية أليمة جدا بالنسبة لي . رواية تستحق أن تقرأ