حكمة أحيقار وأثرها في الكتاب المقدّس

by سهيل قاشا

تبحث هذه الصفحات في منشأ الحكمة واصولها واثرها في الكيان البشري على مر التاريخ، وهي جاءت لتفند المقولة القديمة القائلة:"ان سفر الحكمة، وسفر الامثال، وسفر يشوع بن سيراخ، وسفر الجامعة في كتاب العهد القديم من الكتاب المقدس، اقدم نصوص حكمية تعليمية مدونة". والحقيقة ان ذلك شهادة زور على العهد القديم، اذ تبين وبالتحقيق العلمي الاكاديمي الدقيق، ان الحكمة نبتت على ضفاف الرافدين ونمت وترعرعت حتى امتدت فروعها الى الشعوب المجاورة وما بعدها، بدءا بالسومريين ومرورا بالاكديين والبابليين، وانتهاء بالاشوريين الذين في عهدهم اينعت الحكمة، وازهرت على لسان "أحيقار" وزير الملك سنحاريب الاشوري حكيم نينوى الذي نجد لحكمته اثرا بينا لدى سائر الامم القديمة كاليونانيين والعبرانيين والمصريين والاراميين والعرب وغيرهم.
ولدينا من الدلائل ما يشر الى ان مدوني العهد القديم كانوا مطلعين على الحكمة العراقية القديمة، ولا سيما حكمة "أحيقار" حكيم البلاط الاشوري وعاصمته نينوى، والتي منها اقتبسوا النصوص الحكمية التعليمية والتي جاءت متشابهة في اكثر من سفر. وان اليهود الذين سباهم الاشوريون ونبوخذنصر بالسبي البابلي، أدخلوا الكثير من النصوص العراقية القديمة في نصوص الاسفار التوراتية بعد تحويرها وتغييرها الموجه، ثم توظيفها للتوحيد، اي عبادة الاله الواحد بطريقة تنظيفها من بقايا الوثنية المشتركة.

الأب سهيل قاشا

75 pages

First published January 1, 1996

About the author

سهيل بن بطرس بن متي قاشا (1942 م)، مفكّر وباحث موسوعي وعالم دين مسيحي عراقي من بلدة بخديدا شرق الموصل اشتهر بكتبه ومؤلفاته التي تجاوزت 77 مؤلفاً دارت أغلبها حول تاريخ العراق القديم والحوار الإسلامي المسيحي.

Reviews

[Bassem Farag · Rating 4 out of 5]

حكمة أحيقار وتأثيرها فى الكتاب المقدس...
قبل البدء فى قراءة هذا الكتاب لابد من ملاحظة ما كتبه المؤلف الباحث فى الخاتمة (صفحة 67 ، 68 خصوصاً) لأنه يوضِّح الأساليب المختلفة لدراسة نصوص الكتاب المقدس والمنهج الذى اختاره لنفسه فى هذا الكتيب البحثى
وأساليب الدراسة هذه هى :
1 – دراسة فى ضوء معايير العصر الحديث وعلومه
2 – دراسة فى ضوء مضمونه وتأثيره الروحى على الإنسان
3 – دراسة فى ضوء خصائصه الأدبية والثقافية وعلاقتها بالوسط النابع منه
وقد اختار الباحث الأسلوب الثالث ، ووضَّح أن هذا الأسلوب فى الدراسة له ثلاث نتائج
الأولى : يصل إليها من لديه رفض مسبق لقداسة الكتاب ؛ فينظرون له على أنه مقتبس أو مسروق من ثقافات الشرق القديم
الثانية : يصل إليها من لديه قناعة مسبقة بعصمة الكتاب ؛ فيرفضون تماماً فكرة التأثُّر بالثقافات القديمة الوثنية
الثالثة : والتى يعتمدها الباحث هى .. أن الكتاب المقدس يتعامل مع محيطه الثقافى تعاملاً فعَّالاً قائم على الآخذ والعطاء
فهو جزء من التراث الانسانى العام وخاصة تراث الثقافات الشرقية القديمة

وهنا أحب أن أوضح (قبل التعليق على نتائج البحث الخاص بحكمة أحيقار) أن مفهوم الوحى المسيحى لا يتضمن التنزيل
فنصوص الكتاب المقدس لم يتم إملاءها أو تلقينها على كُتَّابِها ، بل يكتب الكاتب رسالة الله التى ألهمها له روح الله ، على أن يقوم روح الله بمنعه من الخطأ
لذا فمن الطبيعى أن يتخذ الكاتب من ثقافة عصره ما يناسب رسالة الله منقِّحاً إياها أو ربما استخدامها كما هى (إذا كانت مناسبة للرسالة)

أما بالنسبة لموضوع البحث هنا ... حكمة أحيقار وتأثيرها على الكتاب المقدس
1 – يظهر تأثير حكمة أحيقار فى كتب الحكمة بالأكثر ، وخصوصاً كتاب يشوع بن سيراخ
2 – فكرة أن سفر طوبيا هى نفسها قصة أحيقار ولكن بعد أن تعبرنت (أى صارت عبرانية) هى فكرة مقبولة ، ولكن الأدق فى رأيى أنها إعادة صياغة لفكرة واحدة من أفكار قصة أحيقار ولكن فى القالب العبرانى
3 – أما ما عاب البحث فهو إصرار الباحث على إيجاد تأثيرات لحكمة أحيقار فى كل الأسفار ولو بالتشابه المفرط بالبعد ؛ كالتشابه بين القلم والريموت بأن كليهما يمسكان باليد
أمثلة للتشابهات المفرطة فى البعد :
- سفر أيوب (صفحة 37)
قارن "ينبئهم بأعمالهم ومعاصيهم إذا تجبَّروا ويفتح آذانهم للتأديب ويأمرهم بالإقلاع عن الإثم"
مع "يا بُنىَّ لا تفسق بامرأة صاحبك ، لئلا يفسق آخرون بامرأتك"
- سفر الأمثال ( صفحة 40)
قارن "يا بنىَّ ، كن حكيماً ، وفرِّح قلبى فأجيب معيِّرى بكلمة"
مع "يا بنىَّ لا تفرح إذا مات عدوَّك"
- سفر يشوع بن سيراخ (صفحة 44)
قارن "لا تفتخر بهوان أبيك ، فإنَّ هوان أبيك ليس فخراً لك"
مع "يا بنىَّ كن عادلاً بأحكامك فى شبابك تنل كرامة فى شيخوختك"