من تراه يكون هذا الغريب الذي تُشبه ذاكرته " مكتبة بابل " ؟ من هو هذا الذي وُلد قبل عام واحد من بداية القرن العشرين ، لكنه ظل يُعلن انتماءه إلى القرن التاسع عشر ، قرن الأحلام الكبيرة والأدب الكبير ؟ من الأرجنتين يأتي ، وهو صاحب ثقافة موسوعية شاملة ، ونموذج نادر للمقف الذي تبطل ، أمام اتساع ثقافته ، الحدود والفواصل من أي نوع كانت ، إنه من أكثر من يمثل اللقاء بين ثقافات العالم وحضاراته ، من الثقافة الأسبانية إلى الأنكلوسكسونية ، ومن الألمانية إلى الإيطالية والفرنسية ، فالآسيوية ككل ، ومنها الثقافة العربية والإسلامية ، حاضرة ثقافية هو بورخس ونتاجه قائم على لا وعي مزدوج .
عيسى مخلوف، كاتب وشاعر لبناني مقيم في باريس. درس في جامعة "السوربون" وحاز منها على شهادة الدكتوراه في الأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية، وهو يعيش على مفترق بين الثقافات المختلفة. له مؤلفات عدة في الأدب (شعراً ونثراً)، وفي البحث. وقد نقل إلى اللغة العربيّة الكثير من النصوص الأدبيّة والفكريّة من اللغتين الفرنسيّة والإسبانية، ومنها مسرحية "مهاجر بريسبان" لجورج شحادة (قُدّمَت في "مهرجانات بعلبك الدولية" صيف 2004).
كان يعملُ مديرًا للأخبار في "إذاعة الشرق" في باريس، وكان عمل في "النهار العربي والدولي" ومجلة "اليوم السابع" (أشرف على القسم الثقافي فيها). تسلّم أمانة التحرير في مجلّة "مواقف" من العام 1992 حتى العام 1994.
عمل مستشاراً خاصاً للشؤون الاجتماعية والثقافية في منظمة الأمم المتحدة، في إطار الدورة الحادية والستين للجمعية العامة (2006-2007).
نُقلَت بعض كتبه ونصوصه الأدبية إلى العديد من اللغات. حاز على جائزة ماكس جاكوب الفرنسية (2009) عن كتابه "رسالة إلى الأختين".
المؤلّفات:
في الشعر والنثر والمسرح:
" * نجمة أمام الموت أبطأت"، دار النهار للنشر، بيروت 1981.
" * تماثيل في وضح النهار"، دار أبعاد، بيروت 1984
" * عزلة الذهب"، دار أبعاد، بيروت 1992.
" * هيامات" (مختارات من "عزلة الذهب" نقلها إلى الفرنسيّة جمال الدين بن شيخ ورافقتها ست محفورات للفنان التشكيلي أسادور)، دار أندريه بيرين، باريس 1993.
" * عين السراب"، دار النهار للنشر، بيروت 2000. (الترجمة الفرنسية لهذا الكتاب وتحمل
توقيع نبيل الأظن، صدرت تحت عنوان "سرابات" عن دار "جوزيه كورتي" في
باريس عام 2004. وصدرت الترجمة الإسبانية التي أنجزها رافاييل باتينيو عن دار "مونتي
أفيلا"، كراكاس 2007، كما صدرت الترجمة الإنكليزية عام 2015، عن دار "بوست أبولو
برس"، وتحمل توقيع أليسيا ف. لام.
" *رسالة إلى الأختين"، دار النهار للنشر، بيروت 2004. نقل الكتاب إلى الفرنسية عبد اللطيف اللعبي وصدر عن دار
"جوزيه كورتي" في باريس عام 2008.
*"قدّام باب السفارة الليلْ كانْ طويلْ" (مسرحيّة) ، بالاشتراك مع نضال الأشقر. قُدِّمَت في
"مسرح المدينة" في بيروت، خريف 2008، قبل أن تُقدّم في بعض الدول العربية والأوروبية.
" *مدينة في السماء"، دار التنوير، بيروت 2012. (صدرت الترجمة الفرنسيّة عن دار
جوزيه كورتي في باريس عام 2014، وقد أنجزها فيليب فيغرو).
في البحث: " *بيروت أو الافتتان بالموت" (بالفرنسية) ، دار "لاباسيون"، باريس 1988.
" *الأحلام المشرقية/ بورخس في متاهات ألف ليلة وليلة" (دراسة وترجمة) ، دار النهار
للنشر، بيروت 1996.
" *تفاحة الفردوس/ تساؤلات حول الثقافة المعاصرة"، منشورات "المركز الثقافي العربي"، بيروت 2006.
في الترجمة:
" *قصص من أميركا اللاتينية" (نُقلت عن الإسبانية) ، مؤسّسة الأبحاث العربية، بيروت 1985.
" *بلند الحيدري، اغتراب الورد"، منشورات جمعية المحيط الثقافية، أصيلة، المملكة المغربية
1997.
" *جبران الفنّان والرؤيويّ" (بالفرنسية)، "معهد العالم العربي" ومنشورات "فلاماريون"،
باريس 1998 . (جاء الكتاب مواكباً لمعرض من إشراف المؤلف أيضاً، وأقيم في المعهد
في الفترة نفسها).
" *سيرة ومدينة، إصدارات إذاعة الشرق، باريس 2004.
مقاطع:
"في كتاب "عين السراب" يصهر عيسى مخلوف الكلامَ في شعريّة تتجاوز الحدود التي تمّ التواضُع عليها، بين ما يسمّى نثراً وما يسمّى وزناً، محقّقاً في ذلك نموذجاً أصيلاً للكتابة الشعرية الجديدة. وفي هذا يؤسّس، على نحو متميّز، لشكل شعري حيث يتآلف السرد والتأمّل والسيرة الذاتيّة والبحث، وتنصهر هذه كلّها في بنية فنية واحدة. الكتابة هنا لا تحتضن التفاصيل المرئيّة وحدها، وإنّما، وهذا هو الأكثر أهمية، تفتح هذه التفاصيل على الأبعاد اللامرئيّة في الأشياء والأحداث التي تنطق بها. هكذا تولدُ الكتابة منخرطة في الكينونة، في عناق شفّاف وحارّ لمستوياتها الحياتيّة والانفعاليّة والتخيّليّة والفكريّة."
أدونيس
------------
"أشعر باتحاد كامل مع جمالية نصوصه المُلغَزة وعمق مفارقاته... فهو كتاب صغير، شفّاف ومرتعش. إنّه كتاب ا
الكتاب رائع و لا يعيبه سوى حجمه الضئيل، و إن كنت أشك أن كتاباً من ألف صفحة سينصف هذا البورخيس. يتحدث مخلوف عن بورخيس الشرقي، و الذي كما هو معلوم موسوعة متنقلة فهو بحر بل محيط من المعرفة و الثقافة. يذكرنا بنصيحة الأرجنتيني الثمينة فالفكرة ليست في القراءة إنما في القراة أكثر من مرة. لم يبلغ خورخي الحادية عشر حتى أنهى قراءة كل من دون كيخوته و مؤلفات ألف ليلة و ليلة و روايات ديكنز و أشعار بو. يتحدث أيضاً عن شعوره عندما أصيب بالعمى :" لم يكن هناك لحظة حاسمة أو محددة. حلّ ذلك مثل غسق صيفي بطيء. كنت مديراً للمكتبة الوطنية في بوينس آيرس و بدأت أجد نفسي شيئاً فشيئاً محاطاً بكتب بلا أحرف، ثم فقد أصدقائي وجوههم ثم لاحظت أن لا أحد في المرآة". و على الرغم من حلول الظلام على مدير المكتبة التي تضم ما يقارب المليون كتاب لم يتوقف عن شراء الكتب إذ يجدها من أسهل السعادات و ليس بغريب على من يتخيل الفردوس على طراز مكتبة لانهائية. يتحدث مخلوف أيضاً عن متاهات بورخيس و عقله اللحوح الذي لا يهدأ و قد التقاه الكاتب في باريس حيث كان بورخيس الثمانيني العاشق لماريا كوداما دمثاً مرحاً لا يتوقف عن التساؤلات. هناك القليل من الصور الشخصية أيضاً و صورة من ورقة في مطعم لبناني كتب عليه بورخيس بالإسبانية بيت المتنبي الشهير : " الخيل و الليل و البيداء تعرفني .. " و في الجزء الثاني للكتاب مختارات من أشعاره البديعة جداً و قصتين لا يمكن لغير دارسي الموروث العربي و الإسلامي كتابتهما.
كلما قرأت عن بورخس أو عن كتاباته أو قرأت أشعاره، كنت بشعر بنوع من الانجذاب لعالمه ولما وجدت الكتاب، بدأت فيه فورا، مشكلته انه انتهى بسرعة وفي وقت لم يجعلني أتحمس لمعرفة بورخس أكثر وفقط بل وجعلني أتشوق للبدء في أعماله حالا. يا لمدى ثقافته وعمقها، تلك الثقافة المتنوعة التي تميز بها بورخس بها وحده ويا لمدى رقة أشعاره وجمالها!
بورخس الذي في صغره قرأ الكثير والكثير ومنها ألف ليلة وليلة وفي هذا الكتاب يبرز الكاتب أفكار بورخس وارتباطه بالشرق وحديثه عن القراءة والكتابة وفي الجزء الثاني من كتاب فيه بعض من مختاراته الشعرية البديعة، على الرغم من عدد صفحات الكتاب الضئيل لكني شعرت كأني في عالم واسع وكبير وجميل كحلم بكل كلمة فيه وكل سطر وفي نفس اللحظة شعرت أنه هذا الكتاب او أي كتاب عموما لا يكفي للحديث عن بورخس أو عالمه.
المتعة التي وهبني إياها هذا الكتاب لا توصف. تخيل أن تفتح كتابًا تجده يتحدث عن ضياعك في البحث عن شيء ما، المعرفة، الحب مثلًا، بنفس الطريقة التي كانت على طرف لسانك. بورخس يملك حجمًا هائلا من الحنين في قلبه والتوق للمعرفة وشغف البحث عن معنى الإنسان الذي فيه. فهو إلى جانب توصيفه للجنة بالمكتبة وعشقه المطلق للكتب نجد فيه هشاشة العمى التي حكمت عليه في العمر بالحرمان ورغم ذلك ترى وميض النجوم ونضوح الحلم وشدة الألوان في شعره.
تأثره بالتراث العربي أضاف إلى حكمته نجمة اضافية وشغفه بكتاب ألف ليلة وليلة أحرجني كوني العربية التي ولدت وأمام عينيها مكتبة والديها الزاخرة ورغم كثرة البحث والقراءات إلا أن ألف ليلة وليلة لم يكن من اهتماماتي ولم أعرف منه إلا حكايا تداولتها الألسن أو قصص مبنية على وحي الألف ليلة.
أحببت بورخس جدًا كشخص وشخصية، ذلك القلب الذي عشق الأمر الصحيح تماما وعرف أنه تمام الصواب، كبر وحب العلم والمعرفة. كنت أقرأ الكتاب وأعيد قراءة بضع صفحات قبل أن أبدأ حيث توقفت في كل مرة. حتمًا سأقرأ المزيد. هذا الرجل مصاب بمتلازمة الذهول وفي عمى عينيه عالم ناضح عجز عن توصيفه المبصرون.
وأضيف أن عيسى مخلوف أفلح في ترجمة الكتاب ونقل القصائد فهو لم يفقدها المعنى في عملية الترجمة بل أهداها الدفء الشعري كأن النص مولود حديثًا في أوج اللغة العربية.
كتاب fangirl لبورخيس:D الكتاب فيه اقتباسات مترجمة بحرفية واهتمام شديد الحقيقة، لكن الشعر المترجم كان قرار غريب من عيسى مخلوف لرأي بورخيس في ترجمة الشعر، لكن أحببت انه اختلف مع موضوع كتابه وقرر خلافه.
رائع ، اختيارات جميلة ولو أن الشعر منها كان له نصيب والأسد - وأنا شخص منجذب لقصص بورخيس أكثر من شعره - لكن لاينقص ذلك من قيمة الكتاب ، الكتاب لطيف صغير الحجم يلتهم بمدة قصيرة ، جذبني فيه التمهيد الخاص من عيسى مخلوف عن بورخيس في البداية ، حديث ماتع ومنمق بشكل لطيف ومتشعب دون تفرعات متكررة ومعروفة لكل متابع لبورخيس ، الصور الشخصية لبورخيس ولقاء المؤلف لبورخيس وكذلك الهايكو التي كتبها بورخيس كلها تجعل الكتاب الخفيف وزنا ذا قيمة أكبر عندي من غيره .
خورخي لويس بورخيس استطاع ان يطوع التراث العربي وتيارات الصوفية الشرقية في ثقافته الموسوعية الشاملة، ويطبعها بخصوصيته…ثقافة بورخيس تتسم بانفتاحها علي ثقافات الشعوب كلها، وهذا ما يكسبها طابعها العالمي، فالموروث العربي ومن ضمنه (الف ليلة وليلة) يحتل حيزاً بارزاً في هذه الثقافة…أما التقارب بين بورخيس وذلك الموروث، فهو تقارب علي مستوي الابداع والجماليات….
قدم الكاتب عيسى مخلوف أهم محطات الكاتب الموسوعي بورخس، في الكتابة، والقراءة، والحياة، وعلاقته بالآداب الأخرى خاصة التراث العربي الإسلامي، والكثير من التفاصيل الأخرى
كتاب أكثر من رائع، لن تكتفي بقراءة واحدة له، لأنه يوفر المتعة التي نفتقدها في الكثير من الكتب ذات الأحجام الكبيرة،
لذا تتمنى لو أن عيسى مخلوف قد كتب أكثر مما قدمه، لأن تفاصيل بورخس ممتعة جدا، وملهمة.
"ثم فقد أصدقائي وجوههم، ثم لاحظت أن لا أحد في المرآة".. أي روعة تضاهي هذه الجملة لبورخس.
إذا كان بورخس لا يخاف الموت، فممَّ يخاف إذًا؟ «أخاف، أحيانًا، من الجمال عندما أقرأ سوينبرن، روسّيني أو ييتس، أو وردسورث أخاف، بعض المرّات، قبل أن أشرع في الكتابة أردّد دائمًا: «من أنا حتّى أتعرّض لفعل الكتابة"
كتاب رائع، من أفضل قراءتي حتى الآن مجهود عظيم للكاتب عيسى مخلوف في عالم بورخس المدهش. لا تكفي قراءة واحدة لذلك الكتاب.
لم يعجبنى أسلوب الدراسة .. ربما لا يجيد التعبير عن أفكاره باللغة العربية ... غرض المقدمة فيما فهمت أن تبين تأثر بورخس بالثقافة العربية الإسلامية ... و هو تأثر ناجم عن تداخل الثقافة العربية و الإسبانية و عن إرتباط بورخيس بمجموعة من كتب العربية كألف ليلة و أيضا أرتباطه بالكتب عموما و مصائرها و أشياء أخرى .. الكتاب يصلح كمقدمة لأدب بورخيس الذى اجد دائما صعوبة فى قرائته لأنه يعتمد على الإحالات كثيرا و خصوصا فى الشعر
بورخيس كاتب عجيب. مفتون بثقافتنا العربية والإسلامية. أقول: لولا وضوح فعل الترجمة في تلك النصوص المنتقاة هنا بعناية، لما شك القارئ أبدا أنها لكاتب من أمريكا اللاتينية. اقرأ هنا مثلا قصة ابن رشد واقتفاء المعنى. فكرت في شغفنا ببورخيس واهتمامتا بمنجزه، ففسرت ذلك بعماه، نحن نحبه لأنه نبغ برغم ما أصابه من عمى.. ولأنه يقتبس كثيرا، ويتحدث كثيرا عن ثقافتنا، التي ينظر إليها من لدن الآخر (الغربي)، نظرة دون. ولأنه ابن المكتبة، عاشقها، المتحدث عنها أبدا.