أطلق الحوذي صيحة محفزاً الخيول، ممرجحاً اللجام في يده؛ لتنطلق العربة مغادرة ممر القصر. تمتد يد حبرون وتسارع بفتح النافذة التي بجواره. الهواء البارد يفيقه من دوامات فكره. ينظر إلى شمس غرناطة المشرقة المطلة على القصور والبيوت المزينة بالألوان والنقوش، تحيطها البساتين والأشجار السامقة. المآذن والقلاع تلوي ظلها على صفحة نهر الدارو الي يخترق المدينة في عدة تفريعات، والقناطر ذات الأشكال الهندسية الخلابة التي تعيد أوصال المدينة من جديد. آه يا غرناطتي كل هذا الجمال إلى أين؟ فها هي أوراق الخريف تعدو في يد الريح من جديد إلى غور مخيف. فما يردده العامة يحالفه الكثير من الصواب، الملك يتجه إلى مفاوضة القشتاليين، فماذا ستسفر عنه الأيام القادمة؟ هل سنستسلم أم سنعود للحرب؟ والاثنان نتائجهما وخيمة، ففي الاستسلام الذل والهوان، وفي خسارة الحرب الخنوع والاستعباد وما أشبه اليوم بالبارحة.