تتناول نصوص هذا الكتاب تلك العزلة الاضطرارية التي عشناها جميعًا وامتدت لشهور، بسبب جائحة كورونا، وتتبع آثارها وأعراضها على حياتنا اليومية والنفسية. شهور طويلة كنا نتنقل في أرجاء البيت بحثا عن منفذ. نتأمل تلك المساحة التي صارت تضيق علينا يومًا بعد يوم، نتأمل أشياء ومفردات حياتنا اليومية، التي تحوطنا، وربما من كثرة تأملنا اكتشفنا ما لم نكن نراه فيها من قبل، وربما بدأ المكان يتسع من جديد، ولكن في اتجاه آخر. كل منا أخذ يبني طريقًا، أصبح له القدرة على تأمل، أو فحص، الحياة، كأن فكرة الحياة نفسه لم تعد متحركة، أو سيالة، بل توقفت وأصبحنا خارجها، نعاينها من موقف العزلة هذا، نفكر فيها، نحاول أن نعيد إليها حيويتها، أو نسحب منها التسمم الذي حاق بها بسبب الوباء وحالة الفزع العام. داخل هذه اللحظة كنا نعيد مراجعة حياتنا، وهو ما تقوم به هذه النصوص، ونحن نقف على الحافة، بدون وعد جديد بالحياة، كأن هناك تجربة على وشك الفشل، وهي التجربة الأهم في عمرنا كله، حتى يجيء النوم, والذي نغطس فيه, كأنه جزء مفصول عن الحياة، بالرغم من أنه آخر جزء موصول بحياتنا، ولكن في اتجاه آخر.
تجربة ثرية ومتميزة لمجموعة من الكتاب يحكي كل منهم خبرته مع العزلة في زمن الوباء من خلال منظور ذاتي يتفرد به عن الآخرين. الكتاب هو نتاج لحلقة "أمكنة" السنوية التي يستضيفها مركز الجيزويت الثقافي بالإسكندرية ويديرها ويشرف عليها الكاتب علاء خالد. حلقة هذا العام تضم مجموعة متنوعة من المشاركين وهو ما يضفي التنوع والثراء على كتاباتهم باختلاف المشاعر والأفكار والخبرات لكل منهم. كتاب يستحق القراءة.