قص وايلد حكايات هذه المجموعة بشكل شفاهي على اخيه في باريس كمواضيع لصالح مجلة كان يراسلها آنذاك ، لكنه لم يعرف انها ستصبح لاحقاً واحدة من علامات الادب الغرائبي في العالم بما حملت قصصها من شاعرية بارعة وعمق رمزي وتفرد اسلوبي . الكاتب المثير للجدل في عالم الكبار بمشاكساته وسيرته الجنونية يكتب بأسلوب ساحر وسلس وشفاف قصصاً رائعة لعالم الصغار والتي منرفرط جمالها لم تمنع حتى البالغين حول العالم من الاستمتاع بها والاقبال على طبعاتها المتلاحقة والمستمرة منذ عام 1888 لغاية اليوم معجبين تارةً ومتأثرين تارة اخرى .
في بداية حياته في المدرسة كعادة الأدباء لم يبد أوسكار حماساً للألعاب الصبيانية، كان يؤثر الوحدة وقراءة الأدب الأغريقي والشعر وكان لقراءاته هذه الفضل في أن يظفر فيما بعد -بمنحة لجامعة أوكسفورد، وظفر هناك بشعبية لا بأس بها بسبب لماحيته وروحه المرحة، وبدأت أشعاره تولد علي صفحات المجلات الإيرلندية، وعندما تخرج في أوكسفورد كان قد نال شهرة بآرائه الثورية التي تصدم أذواق السواد الأعظم من الناس، وكانت ثيابه الزاهية منفرة الألوان تعكس هذا التحدي.
هذه القصص أشعر أنها مرت بي بالطفولة فهي طفولية عبثية ومليئة بالعبر أريد أن ارشحها للاطفال لكن موضوع قصة - الامير السعيد والعملاق الاناني ذكروا دخول الشخصيات بالنهاية للجنة وأنا ارى هذه الفكرة لا تناسب أن تطرح لأننا لا نعلم من يستحق دخولها ومن لا يستحق وايضاً ارى بعضها ذات نهاية حزينة ومؤلمة فلذلك أرى انها كُتِبت للكبار على ما أظن
ولكثر ما اعجبتني قصة الأمير السعيد و رق لها قلبي أسى ، كانت قصة الصديق المخلص جرعة من الغيض اجتاحتني و استبدت بي . ترجمة شعرية جميلة و لكني افتقد لكثير من معاني هذه اللغة الادبية الثقيلة و الجميلة .
«الأميرُ السعيدُ وحكاياتٌ أُخرى» - اوسكار وايلد اتممت اليوم ٢٤-٩-٢٠٢٤ قراءة هذه المجموعة القصصية للكاتب و الشاعر الايرلندي اوسكار وايلد و التي نشرت عام ١٨٨٨ م. الكتاب به اربع قصص قصيرة هي: «الأميرُ السعيد»، و«العَنْدليبُ والوردة»، و«العِمْلاقُ الأَناني»، و«الصَّدِيقُ المُخلِص». المجموعةُ ترمز و تهدف لاعلاء القيم الاخلاقية و الاداب العامة بشكل واضح مثل التضحية والتواضع و المروءة والايثار والاهتمام بالاخرين والشفقة عليهم وتقدير الخلان والوفاء للاصدقاء.
في قِصةِ «الأمير السعيد» كانَ تمثال الامير الذهبي يتوسط المدينة قابضا بيده علي سيفه ذي الياقوتة الحمراء و عينيه المرصعتين باللؤلؤ ،ووقف طائرُ سنونو على كتف التمثال ليرتاح من عناء السفر هربا من شتاء اوروبا، ولكنه وجد الامير يبكي بسبب عوز الرعية وفقرها ، حيث يستطيع رؤية احوال الشعب المتردية من مكانه العالي. يتفق الامير مع الطائر ان يفكك هذه الجواهر الثمينة من التمثال و يقوم باسقاطها علي المحتاجين و الفقراء لسد حاجاتهم. في النهاية يدرك الشتاء القارص الطائر فيموت وكذلك ينتهي اجل التمثال فيلتقيان في الجنة.
قصة العندليب و الوردة كانت حزينة للغاية و تقدس قيمة التضحية و الايثار و لكنها للاسف تنتهي بلا فائدة مرجوة حيث كانت تضحية الطائر في غير مكانها ولم تجد من يقدرها او يشكره عليها .
قصة الصديق المخلص مستفزة للغاية لدرجة اني كنت عاوز اخنق الطحان و ارزع صديقه الطيب تلاتين قلم!!
اما العملاق الاناني فهي قصة عن الانانية و الصلف و الغرور و اثرة النفس و مع ذلك يمكن للشخص ان يتغير و يتبدل حاله للاحسن بعد مروره بتجربة ما.
الكتاب في اساسه قصص قصيرة للاطفال و لكن اعتقد ان الكاتب اتخذ منها مدخل للوصول للكبار و ذلك لان الكبار انفسهم يحبون القصص و الحواديت ويعتبر هذا ذكاء وفطنة من الكاتب و دليلي في ذلك ان الافكار والمناقشات الفلسفية والدعوات المتوالية للامتثال للاخلاق والذوق العام والتمسك باهداب المثل العليا صعب ان يوجه للاطفال او ان يدرك الاطفال اهمية تلك الرسائل في هذه السن المبكرة.
اخيرا فان الترجمة جاءت متكلفة ومليئة بالصور البلاغية والمحسنات البديعية بلا داعي و غلب عليها الاهتمام باسلوب التراث القديم كطابع مدرسة المحافظين الادبية التي انتشرت في اواخر القرن الثامن عشر ومن ذلك استخدام المترجم الفاظ صعبة وثقيلة علي اللسان و بعضها لم يكن مستخدم في الكتابة في ذلك الوقت .
This entire review has been hidden because of spoilers.
لا اعلم فيم كان يفكر الكاتب حين كتب قصص الاطفال فهي تغلب عليها السخرية المبطنة وافكار فلسفية من الصعوبة توضيحها لطفل صغير وإن كنت أراها رسائل خفية داخل القصص القصة الأولى: الأمير السعيد القصة عن تمثال للامير السعيد والطائر الصغير الذي يقرر ان يساعد تمثال الامير في مساعدة فقراء البلدة قصة بها الكثير من المعاني اللطيفة للاطفال والقليل من السخرية من اصحاب السلطة الذين يتشدقون بالكلمات والشعارات ولا يهمهم سوى مظهرهم الاجتماعي وجيوبهم الممتلئة القصة تصلح للكبار والصغار فبعض الجمل لن يفهمها الطفل ولن يفهم ما وراء المعنى ولا النهاية الساخرة للقصة القصة الثانية: العندليب والوردة قصة عن العندليب الذي قرر التضحية بدمه من اجل شاب يحب فتاة ترغب في زهرة حمراء كدليل على حبه لها قصة تصلح للاطفال ولكنها تسخر من مشاعر الحب المثالية التي لا وجود لها في الواقع وأظن انها لن تعجب الاطفال لنهايتها البائسة القصة الثالثة: العملاق الاناني قصة عن عملاق يقرر منع الاطفال من اللعب في حديقته حتى يظهر طفل صغير يغير مجرى القصة القصة الوحيدة التي تصلح للاطفال بالفعل فهي تتحدث عنهم وعن المحبة وإن كانت في نهايتها تلميح ديني القصة الرابعة: الصديق المخلص قصة عن انانية الاصدقاء وسذاجة البعض الذي يبذل كل ما بوسعه من أجل الآخرين حتى النفس الأخير بدون مقابل القصة بها عبرة مهمة للاطفال ولكن سخريتها ونهايتها مؤسفة القصة الأخيرة: الصاروخ الاستثنائي عن صاروخ ثرثار لا يتحدث سوى عن نفسه وعن مدى كونه رائعا وعظيما ونهايته التي تليق بمغرور مثله تصلح للاطفال فالعبرة الاخلاقية فيها واضحة وإن لم تخلو من سخرية كالمعتاد
كنت أبحث عن قصة الأمير السعيد فوجدتها ضمن هذه المجموعة القصصية الجميلة جداً وذات المعنى والمغزى الانساني والمفيد للصغار والكبار - المترجم والترجمة وتاريخها ملفتة للانتباه وجديرة بالاشادة ساحرة وعذبة جداً