«إنَّنا نكتبُ هذه الصفحاتِ من هذا الكتابِ لِنُبيّنَ أنَّ في الثقافةِ العربيةِ القديمةِ التي هيَ «تراثُنا» حالاتٍ مِن اللامعقولِ لا يَنبغي أن نُغمِضَ عنها أبصارَنا.»
شكَّلَ الموقفُ من التراثِ العربيِّ مُعضِلةً فكريةً كبيرةً ليسَ للدكتور «زكي نجيب محمود» وحدَه، بل للكثيرِ من المفكِّرين أيضًا؛ فما بين دعواتٍ لهدمِ التراث، وأخرى تُنادِي بتقديسِه، يقفُ المؤلفُ موقفَ الباحثِ الفاحِص. ويُمثِّلُ هذا الكتابُ تغيرًا جوهريًّا في موقفِ المؤلفِ من التراث، فبينَما نادى في كتاباتِه السابِقة — مثل «خرافة الميتافيزيقا»، و«نحو فلسفةٍ علمية» — باستبعادِ التراثِ العربيِّ من النهضةِ الفكريةِ لِما به من خرافات، إذا بهِ يَتراجعُ عن موقفِه هذا بعدما أدرَكَ أن التراثَ يُمكنُ الأخذُ منه والاستفادةُ بما هو معقولٌ فيه، ويتلاءمُ مع العقلِ والمنطِق، دُونَ أن يُجبِرَ القارئَ على التسليمِ برأيِه، فترَكَ له حريةَ الاختيارِ حينَما ضمَّنَ في كتابِه ما هو معقولٌ وما هو لا معقولٌ من وجهةِ نظرِه في تراثِنا العربيِّ الفكري.
ولد زكي نجيب محمود عام 1905، في بلدة ميت الخولي عبد الله، بمحافظة دمياط. تخرج من كلية المعلمين العليا بمصر، عام 1930. في عام 1933 بدأ في كتابة سلسلة من المقالات عن الفلاسفة المحدثين في مجلة الرسالة. وفي عام 1936 سافر إلى إنجلترا في بعثة صيفية لمدة ستة شهور. وفي عام 1944 سافر إلى إنجلترا للدراسات العليا. وبعد عام واحد حصل على البكالوريوس الشرفية في الفلسفة من الدرجة الأولى من جامعة لندن (وكانت تحتسب في جامعة لندن آنذاك بمثابة الماجستير لكونها من الدرجة الأولى). عام 1947 حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن (كلية الملك) في موضوع (الجبر الذاتي)، بإشراف الأستاذ هـ.ف. هاليت. (وقد ترجم البحث إلى اللغة العربية الدكتور إمام عبد الفتاح بنفس العنوان عام 1973).
عاد إلى مصر عام 1947 والتحق بهيئة التدريس بقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة (جامعة فؤاد الأول آنذاك). سافر عام 1953 إلى الولايات المتحدة أستاذاً زائراً ومحاضراً في جامعتين بها حيث قضى فصلاً دراسياً في كل منهما. وبعد عام اختير مستشاراً ثقافياً لمصر بالولايات المتحدة لمدة عام. في عام 1956 تزوج من الدكتورة منيرة حلمي، أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس. سافر إلى الكويت أستاذا بقسم الفلسفة بجامعتها لمدة خمس سنوات (حتى 1973). عام 1973 بدأ كتابة سلسلة المقالات الأسبوعية في جريدة الأهرام.
نال جائزة التفوق الأدبي من وزارة المعارف (التربية والتعليم الآن)،عام 1939. نال جائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة من مصر على كتابه الصادر بعنوان "نحو فلسفة علمية" عام 1960. نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب من مصر عام 1975، وفي عام 1984 نال جائزة الجامعة العربية "للثقافة العربية" من تونس.1985 حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية بالقاهرة.
المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري زكي نجيب محمود
رحلة شائقة في تراثنا العربي مضاءة بمقتطفات ثمينة من الفكر والفلسفة والأدب واللغة.
علي ومعاوية
ينطلق الكتاب من الصراع بين علي ومعاوية. تفاصيل عن أسس الصراع من قميص عثمان إلى التحكيم حتى ظهور الدولة الاموية. يتحدث هذا الجزء عن الحوارات والمفاوضات التي دارت ما بين أنصار كل من الطرفين، بالإضافة إلى إرهاصات نشوء حركة الخوارج. في الغالب اكتفى الكاتب برواية الأحداث، إلا أنها علّق وانتقد بعض المجريات والأفكار بنبرة هادئة. وعلى الرغم من قيمة العرض التاريخي في هذا الجزء، إلا أنني أرى بأنه لم يخدم عنوان الكتاب ولا هدفه كما وضحه المؤلف.
المعتزلة وإخوان الصفا
يواصل الكتاب رحلته في التراث العربي مخصصاً جزءاً كبيراً منه لتيارات تعتبر عقلانية في جوهرها، مثل المعتزلة وإخوان الصفا. يغوص زكي محمود من أجلنا ويستخرج الدرر من أدبيات هذه التيارات، يفند المعقول واللامعقول، منوهاً في كل مرة على أن مثالب تلك الفرق ليست بمعزل عن الحقبة التاريخية التي بزغت فيها والفكر السائد في تلك العصور. وهو أمر يجب أن يضعه القارئ بعين الاعتبار طوال قراءته للنص.
الجاحظ وابن سينا والمعري والغزالي
يشمر المفكر المصري عن ساعديه ليستعرض لنا أفكار وأعمال من يراهم أهم المنارات الفكرية في تاريخ الحضارة العربية. باعترافه، ثمة مفكرين يفضلهم الكاتب أكثر من سواهم، لذا فقد تبحر في أعمالهم أكثر من الآخرين. من الممتع والنافع إعادة تسليط الضوء على بعض النصوص القيمة مثل الحيوان للجاحظ وحي ابن يقظان لابن سينا مع هوامش وتعليقات توضيحيه بقلم المؤلف. ستُدهش لكمية الأفكار التقدمية والنظريات الفلسفية واللغة الرمزية هنا وهناك. تلك – في نظري – هي القيمة الكبرى لهذا الكتاب.
المعقول واللامعقول
المعقول هو العلم والمنطق حتى لو جانب أحدهما الصواب في لحظة ما. أما اللا معقول فيكمن في السحر والشعوذة وبعض الشطحات في التيارات الصوفية. يتحدث الجزء الثاني من الكتاب عن هذه الجوانب من تراثنا الفكري. والطريف أن هذه الجوانب غير مقصورة على تاريخنا الغابر بل هي جزءٌ من حياتنا "العصرية" في العالم العربي.
فائض في المحتوى عجز في الطرح
اعترف أنني استمتعت بمحتوى الكتاب إجمالاً، إلا أنني أرى بأنه تاه عن مقاصده في كثير من المواضع. يفترض أن الكتاب مقسوم إلى نصفين: الأول يتحدث عن المعقول والثاني عن اللامعقول. وجدت أن القسم الأول ناقش المعقول وجانباً من اللامعقول كذلك. إلى جانب ذلك، وجدت أن قسم اللامعقول (الأكبر بكثير) يفتقر إلى التصنيف، فقد خلط التاريخ بالسياسة وفروع العلوم مع بعضها ولم يعمد إلى إبراز جوانب المعقول كأولوية في النص. أعتقد أنني خرجت من الكتاب بفوائد جمة، ليس بصفته محاولة لتمحيص المعقول عن اللامعقول، بل كنص يستعرض ويبحث في التاريخ الفكري للحضارة في المشرق العربي.
كتاب ثري وممتع لمن يحب الغوص في تاريخنا بجوانبه المشرقة والمظلمة من حيث الفكر والدين والفلسفة والأدب.
كتاب فذ ..غيّر في طريقة نظري للتراث العربي الممتد والزاخر إلى نظرة فاحصة دقيقة ،فأفكار الكتاب ترسخت في ذهني وأصبحت أعمل بها عن عفوية لقوة حجته وإعتدال منطقه وإخلاصه فيما يريد إيصاله من وراء هذا الكتاب ...الكاتب يستحق أكثر من مجرد قراءة أحد كتبه وهو ما أعزم عليه _يتساءل المؤلف حول موضوع حيوي طالما تساءل عنه المثقفون والمصلحون وهو كيف السبيل إلى ثقافة نعيشها اليوم بحيث تجتمع فيها ثقافتا الموروثة مع ثقافه هذا العصر الذي نحياه بدون تنافر.. وقد أراد المؤلف في هذا الكتاب أن يقف مع الأسلاف في نظراتهم العقلية اللاعقلية كذلك وقد وقف معهم عند لقطات التقطها من حياتهم الثقافية ليرى من أى نوع كانت مشكلاتهم الفكرية وكيف التمسوا لها الحلول ولكن بدون معاصرتهم وتقمص أرواحهم مع الاحتفاظ بعصره وثقافته وقد قسم الكتاب إلى قسمين الأول جعله لرحلته على طريق العقل والآخر لبعض ما رآه عندهم مجافيا للعقل لأئذا بما ظنوه أعلى منه.
المعقول واللامعقول لدى مفكرين وفلاسفة العرب والمسلمين أمثال الغزالى والجاحظ والفارابى وابن سينا وتطور هذه الفكرة عبر العصور الإسلامية وتحليل هذه الفكرة عبر القرون بدءا بما قبلالإسلام تطورا إلى العهد العباسي ثم ينتقل إلى مرحلة أخرى وهي اللا معقول يقول"وذلك أني رأيت أهل القرن الثامن أي الأول هجري يعالجون مشكلاتهم بفطرة البديهة وأهل القرن الثامن وقد أخذوا يضعون القواعد .." فينتقل هكذا بمرحلية وتحليل عجيب يبين خلالها ما غاب عنا أو ما غيب عنا من تلااثنا الزاخر بالنوابغ كالعلاف والنظام والجاحظ وأزال تلك الغمامة التي حول المعتزلة وإخوان الصفا وغيرهم وصولا لإبن رشد مستعينا في كل فصل بقول او رأي للغزالي فيواقفه او يعارضه ..إتسم الكاتب بالعدل في رأيه وهو ما أعجبني يقول "إنني في هذا الكتاي شبيه بمسافر في أرض غريبة حط رحاله في هذا البلد حينا وفي ذلك حينا .."ثم يرتحل الكاتب بعد خروج من "بيت الحكمة" بغداد والتي بناها المنصور وحوت من العظماء ما يبكي سنين على ضياعهم يقول "وفي هذا الحصن الحصين اعتصم العقل..فليكن لنا فيه وقفات هنا وهناك،لننظر إلى الموكب العقلي العظيم ..ولتكن اولها في بيت الحكمة 732م أيام المأمون ..بعد طول المكوث ببغداد ننتقل منها فكريا إلى ما جانبها من مواقف وأمثال يثول"..وسنحاول في الاصول الآتية أن نستعرض مشاهد من امثال هذه المواقف اللامعقولة في تراثنا أسلافنا ، لنتبين كيف جاءت حياتهم مزيجا من معقول وغير معقول ..ونقف على ما يصلح للوصل بين ثقافتنا العصرية وثقافتهم فما أورده سابقا يندرج في إطار المعقول وما سيورده بداية من القسم الثاني الفصل الثامن تحت عنوان اللامعقول ما هو؟فلم أرد أن أسرد ماجاء فيه فكما يقول"وأما حالات الوجدان ومايدور مداره فهي مقصورة دا\ما على أصحابها ،لا يجوز نقلها من فرد إلى فرد ودع عنك أن ننقلها من جيل إلى جيل، اللهم إلا إذا كان التعبير عن تلك الحالات هو مما نفذبه صاحبه من الحالة الفردية الخاصة إلى حقيقة الإنسان أينما كان ،كما يحدث كثيرا في الشعر العظيم والفن العظيم وهنا يتساوى أويكاد كل تراث إنساني " لكن يرفض ذان نسلم له بالصحة وأن ندرجه في المعقول فيبقى مندرجا في اللامعقولات والتي تخص زمانها دون أن تتعداه إلى حاضرنا .
هو من أعظم الكتب إلى ممكن تقراها عن التراث الفكرى الإسلامى . جامع فيه كل أقطاب الفكر فى التلت الأول من الحضارة الإسلامية.. من صوفين و معتزلة و خوارج و مجددين و فلاسفة.. بيحكى عن أخوان الصفا و قولهم فى نظرية التطور و الامام الأشعرى و قوله فى قضية التكوين .. وأفكار الغزالى السابقة لديكارت و هيوم. كفاية أنك تقرا الفهرست و هو حوالى 30 صفحة عشان تحس أن فى بحور من العلم فى الكتاب ده. أنصح بقرايته مرة و أتنين و عشرة بشدة
رحلة في الفكر الإسلامي بين المعقول ( المنطقي والعقلي ) وبين اللامعقول ( الغير عقلي الذي يعتمد اكثر على الوجدان والمشاعر)
لستُ مُتحدثه جيدة عن الكُتُب ولكن لم يكن لدي أدنى فكرة عن الفلسفة الإسلامية، وحقيقة لم اهتم ان اعرف عنها الكثير ، كُنتُ مُتحمسة جدا لقراءة هذا الكتاب، بالنسبة لي كان مليء بالكثير من المعلومات عن الفلسفة الاسلامية وتاريخ الفكر في تُراثنا الإسلامي.
استمتعت كثيرا بالإنتقال من زمن لزمن ومن شخص لشخص ومن فكر ل فكر آخر، عرفت كثيرا عن المُعتزلة والصوفيه واخوان الصفا والقليل عن الأشاعره،والخوارج والشيعه وعن أشخاص لم يسبق أن التقيت بها كثيرا من قبل الجاحظ، ابن جني، الكندي، العلاف ، النظام ، ابو حيان التوحيدي، والجرجاني والإمام الغزالي.
الكتاب معتمد علي مصادر ضعيفة جدا و فيه أخطاء تاريخية شنيعة ، لدرجة تخليني أخاف اقرأ لنفس الكاتب مرة تانية !! كانت صدمة بالنسبة لي ان كاتب كبير زي زكي نجيب محمود يعتمد علي مصادر غير موثوقة و قصص ثبت انها باطلة بالطريقة دي !!!!
قليلة هي الكتب التي تبحث عنها بعد مضي أكثر من عشرة أعوام على قراءتها. قرأت الكتاب فأعجبني جدا وأذكر أنه كان أول كتاب يتناول فيه الكاتب التراث الفكري العربي بعد سنوات من انشغاله بالفلسفة الغربية. أسلوبه مميز وأفكاره واضحة ومبسطة . والكتاب ليس تأريخا جافا لتطور الفكر العربي، بل قراءة متعمقة للتراث من وجهة نظر فلسفية
كتاب مفيد لمن أراد أخذ صورة عامة عن العقل في التراث الإسلامي، لكن لا أظنه يفيد الباحثين كثيراً بسبب مسحة السريع على حقب ممتدة ومفكرين شديدو التركيب والتعقيد، بشكل عابر لا يفيهم حقهم. ويعيب الكتبا السرد الطويل والاستطرادات الكثيرة، وغياب الفهرس والتقسيم، والعنوان أكبر من المحتوى وليس فيه من شطره الثاني، أقصد اللامعقول، إلا آخر 50 صفحة من الكتاب ذو ال490
نادرا مايخيب ظنك الدكتور زكي نجيب محمود رحمه الله كتبه دائما تعلمك أشياء جديدة ستعثر في هذا الكتاب على تشريح للمعقول واللامعقول في التراث العربي وبطريقة سهلة وسلسة جدا وستعود لتقرأ الكتاب كل مرة لتعرف كيف كان يفكر أجدادنا العرب في قضايا الثقافة واللغة والمجتمع بين تيارين : تيار يحاول عقلنة الأمور وتفسيرها بأسباب طبيعية وتيار يحاول أن يجد للظواهر أسباب وراء هذا العالم
كتاب نافع جدا. أعتقد إنه بس كان في استطرادات أكثر من اللازم ممكن تتوهك وتضيع الفكرة الأساسية. لكن الكتاب علمني كثيرعن تفكير أجدادنا العرب وكمان كيف أثر على حضارتنا.
المعقول واللامعقول رحلة سياحية وإطلالة باهرة وممتعة لأقصى حد مع زكي نجيب محمود لتاريخ نشوء التفكير العقلاني في التراث الإسلامي؛ فيبدأ بواقعة صفين وما دار فيها بين علي ومعاوية والأسألة التي طرحتها هذه الفترة الشائكة وبداية الإنشقاقات وتكوّن الفرق الاسلامية بدايةً من الشيعة و الخوارج ثم المرجئة، ويعرج بنا سريعًا إلى الفكر في العصر الأموي ثم نصل معه إلى نشوء الدولة العباسية وما فعلته بالدولة الأموية لترسي قواعدها و بدء حركة الترجمة لمناهضة الفكر الخرافي المتسرب من أديان الفرس القديمة وظهور المعتزلة-الرواد الأوائل للتفكير العقلاني في الاسلام-، ويأخذ بالحديث عن أعلام المعتزلة وأعلام هذه الفترة ويصل إلى الجاحظ ويستعرض بعض ما كتبه ثم موسوعية إخوان الصفاء و أبو حيان التوحيدي وعبقرية ابن جني و المعجزة النقدية عند الجرجاني ، ويمر سريعًا على قلاقل ابن الراوندي و موقف أبو الحسن الأشعري والمعري ويقف قليلًا عند الكندي أول فيلسوف عربي و آراء الفارابي و قصة حي بن يقظان عند ابن سينا وصولًا إلى أبو حامد الغزالي الذي يعتبره محمود سقف الفكر العربي-يبدو أنه نسي ابن خلدون- وكفى الناس مؤونة التفكير بعده. أستعرض في هذا القسم الأول بعض من ما أنتجوه ويوافق ويفيد في تحسين واقعنا،على خلاف القسم الثاني، الذي يبدأ بتفسير معنى اللامعقول ويستعرض فيه شطحات الصوفية ويرى بأنه لا لزوم للفكر الصوفي في هذا الوقت لأنه زهد في الدنيا ونبذٌ لها ولو أخذ به الناس جميعًا لما تقدمنا في مسيرة الحضارة خطوة واحدة، وينتقد آرائهم وأقوالهم عن الولاية والكرامات المتعلقة بأهلها، ويعلق على سخافة وتفاهة السحر والتنجيم عند إخوان الصفاء و الغزالي.
هو كتاب موسوعي غني فائدته جمة وباب واسع للتأمل في ما كتبه القدماء، و وجبة قرائية لذيذة وهنية- حرفيًا في كل صفحة فائدة، يقرأ مرات ومرات ولا يُمَل.
للأسف الكتاب مبتذل وسطحي جدا ويبين عدم المام الدكتور بالتراث وهو نفسه في بعض المواضع بيصرح بعدم فهمه او تشكيكه في فهمه ولكن بعض النقاط وقفت معايا اولا ذكره ان الكتاب مش كتاب تاريخ وانه مهتم بالدرجة الاولى في انه يركز علي التراث فيكون اول فصل اعتماده على كتاب تم الزيادة والنقص كتير جدا وهو كتاب نهج البلاغة يعني انا مش فاهم هل عدم المام الدكتور بالتاريخ يسمحله ينتقي اي كتاب كدا وياخد منه اللي يعجبه. ثانيا زعمه ان تأثر العرب بالثقافة اليونانية كان تأثير ضئيل ولكن من فهم وقرأ في التراث وجد ان علوم اليونان لم تترك علم الا ودخلت فيه بشكل او بأخر حتى علوم اللغة والتفسير وخلط اخر في نسبته لمن يأخذوا بظواهر النصوص قول انهم يعتقدوا ان الصفات موجودة وجود انطولوجي يعني الله موجود والعلم له كيان منفصل يقوم به والقدرة وكل صفة لها كيان منفصل تقوم بذاتها شيء عجيب
وخلط اخر نسبته للجاحظ القول بنسبيه الاخلاق وكام صفحه بعدها ينقل قول ينقض نسبته
صراحة كتاب عجيب عك عك ميستاهلش صراحة مراجعة الا بالعامية تناسب محتوى الكتاب.
المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري زكي نجيب محمود ....................... تعددت لقاءاتي بالدكتور/ زكي نجيب محمود حتي أصبحت بهذا الكتاب عشرون لقاءا. ويعتبر الدكتور زكي نجيب محمود من العقول الكبيرة التي استطاعت الدمج بين قوة الفكرة وعمقها وأصالتها وبين بساطة أسلوب العرض والشرح، فأصبح رغم عمق أفكاره، والتي تضرب في جوانب الفلسفة، قبلة القراء بمستوياتهم المختلفة في العلم والمعرفة. فرغم أن الفلسفة و الفكر ميدان لا يتطرق إليه الشباب كثيرا، إلا أن الدكتور زكي نجيب محمود يعتبر من الأسماء التي تتردد علي ألسنة الكبار والصغار من القراء. ويعد الدكتور/ زكي نجيب محمود من رواد التنوير، والتنوير ليس بالمعني المستهلك الذي صار يطلق علي كل أحد، وإنما التنوير الحقيقي الذي يستهدف النهضة بالأمة المنكوبة في عقلها، وأقول في عقلها استرشادا بفكر الكاتب الكبير الذي يستطيع القارئ أن يستخلص منه أن أمتنا مشكلتها مشكلة مع عقلها بالدلجة الأولي وليست في شيء آخر. في هذا الكتاب تستطيع أن تقرأ محتواه من عنوانه، فهو يتحدث عن المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، لكن ليس من السهل التنبؤ أو حتي توقع ما يمكن أن يفكر فيه المؤلف؛ لأنه يتحدث عن عمق ثقافي وقدرة عقلية وموهبة فذة يتمتع بها ككاتب ومفكر. يري الكاتب أن الأمة العربية في مراحلها الثقافية المختلفة قد تطورت من استخدام العاطفة إلي استخدام أكثر للعقل، و "كل ما في الأمر هو أننا نريد أن نتخير من تلك الثقافة مواقفها التي عالجتها بالإدراك السليم، لا بالعاطفة حتي وإن كانت رضية ودافئة". يري الكاتب أن الثقافة العربية مرت بمراحل تطورية يمكن رصدها من خلال قراءة ما ورثناه من تراث عبر هذه المراحل الزمنية المختلفة، فالثقافة العربية بدأت بروح عاطفية شديدة التوهج، غاب عنها العقل واعتمدت علي جانب الذوق والعاطفة في الإنسان بصورة كاملة، حتي جاء الجاحظ فنقل الثقافة العربية والكتابة العربية من حال إلي حال، "فبعد أن كانت الثقافة العربية قبل الجاحظ تخاطب الأذن بالجرس والنغم، أصبحت بعد الجاحظ تخاطب العقل بالفكرة، إنه انتقال من البداوة وبساطة استرسالها مع المشاعر، إلي حياة المدينة وما يكتنفها من وعي العقل ويقظته". لكن قبل الجاحظ كانت هناك إرهاصات بالانتقال إلي جانب العقل والابتعاد قليلا عن الجانب العاطفي، وتمثل هذا الانتقال في كلمات قوية مأثورة عن الإمام علي بن أبي طالب، كانت هذه الكلمات مزيج من العاطفة المتوهجة والعقل اليقظ شديد الذكاء. فمما يؤثر عنه أنه قال: _من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق. _ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه. _كم من منقوص رابح، ومزيد خاسر. وغيرها من المقولات التي تنبئ عن عقل حاضر وعاطفة متوهجة. انتقل بعدها العقل العربي إلي مرحلة استيقظ فيها العقل تماما حتي سيطر علي الساحة الثقافية العربية وكانت هذه اليقظة أشد حضورا في فكر المعتزلة. كما استيقظ العقل كذلك عند إخوان الصفا الذين "كان المدار في الأحكام عندهم هو البراهين العقلية وحدها، ومن ثم لم يكونوا _ بالطبع _ ممن يرضي عنهم كثيرون؛ لأن الكثيرين، بل لعلها الكثرة الغالبة من البشر تقلقها أحكام العقل، ويرضيها أن تلوذ بالعاطفة والإيمان وما إليهما". يري الكاتب أننا كي نخرج من حالة الجمود العقلي التي نعيش فيها لا يجب أن نترك تراثنا بدون الاستفادة منه؛ لأن القطيعة الكاملة مع القديم لا يمكن للشعوب أن تستطيع هضمها، كما أنها تنطوي علي خطورة بتر أجيال بعيدا عن ثقافتها الأم مما يعرضها لخطر الغربة الثقافية ويؤثر ذلك بشدة علي التقدم. لكن يري الكاتب أننا عند التعامل مع التراث يجب أن نتعامل معه بما يحقق هدفنا وأن نتعامل مع في ظل رؤية عقلية تقدمية لا رؤية سلفية رجعية. يري أننا يجب أن نغير ونبدل في فهم ما قاله الأقدمون حتي ولو قالوا كلاما بعيد عن العقل فإننا نستطيع إعادة هضمه وتفسيره في صالح نهضتنا "فإذا رأينا أحد المتصوفة الأقدمين كالهجوريري يقول عن "الأولياء" إنهم ببركة جلولهم تمطر السماء، وبنقاء حياتهم ينبت الزرع من الأرض، وبدعائهم ينتصر المسلمون علي الكفار." تبدل المعني في أذهاننا ليصبح: "إنه بعلم العلماء تمطر السماء حتي لو لم تكن الظروف الطبيعية مهيأة لنزول المطر؛ وذلك لكونهم يركبون تلك الظروف المواتية تركيبا وينشئونها إنشاء، وبعلم العلماء ينبت الزرع من الأرض حتي ولو لم تكن لتنبت شيئا إذا هي تركت لطبيعتها، وذلك بتسميدها وباستخدام الوسائل التي باتت في مقدور العلماء في عصرنا، والتي مكنت العلماء لا من إنبات الزرع في الأرض الجرداء وحدها، بل مكنتهم من إنبات الزرع في الهواء وعلي سطح الماء." مثل هذا التبديل لمعني الولاية يتيح ل��ا أن نحافظ علي المثل الخلقية العليا التي قيلت في "أولياء" المعني القديم لتقال في "أولياء" المعني الجديد." هكذا يري الكاتب أننا نستطيع أن نستفيد من تراثنا في جانبه العقلي وكذلك نستطيع تحويل الجانب الغير عقلي كي يصبح مما نستفيد منه أيضا ببعض التبديل وإعادة الفهم والصياغة حتي يسهم كذلك في تشكيل نهضتنا الحديثة، ولا أري كاتبا غير الدكتور/ زكي نجيب محمود قد سعي هذا المسعي في كتبه.
يقول المؤلف في المقدمة : أردت بهذا الكتاب الذى بين يديك أن أقف مع الأسلاف — فى نظراتهم العقلية وفى شطحاتهم اللاعقلية كِليهما — فأقف معهم عند لقطات ألقطها من حياتهم الثقافية، لأرى مِن أى نوع كانت مشكلاتهم الفكرية، وكيف الْتمَسوا لها الحلول، لكننى إذ فعلتُ ذلك، لم أحاول أن أُعاصرهم وأتقمَّص أرواحهم لأرى بعيونهم وأُحِسَّ بقلوبهم، بل آثرتُ لنفسى أن أحتفظَ بعصرى وثقافتي، ثم أستمع إليهم كأننى الزائر جلس صامتًا لِيُنصِت إلى ما يدور حوله من نقاش، ثم يُدْلى فيه بعد ذلك — لنفسه ولمعاصريه — برأى يَقبل به هذا ويَرفض ذاك. قسمتُ الكتاب قسمَين: جعلت أحدَهما لرحلتى على طريق العقل عندهم، وجعلتُ الآخرَ لبعض ما رأيتُه عندهم مجافيًا للعقل، لائذًا بما ظنوه أعلى منه، وتعمدتُ أن يجيء القسم الأول أكبرَ القِسمَين؛ لتكون النسبة بين الحجمَين دالةً بذاتها على النسبة التى أراها واقعة فى حياتهم الفعلية بين ما وزَنوه بميزان العقل وما تركوه لشطحة الوجدان.
ولقد اهتديتُ فى رحلتى على طريق العقل بدرجات الإدراك فى صعودها من البسيط إلى المركَّب، وهى المراحل التى أشار إليها الغَزالى عند تأويله لآية النور: فالمشكاة، والمصباح، والزجاجة، والزيتونة هى عنده درجاتٌ مِن الوعي، تتصاعد وتزداد كشفًا ونَفاذًا، فاستخدمتُ بدَورى هذه المراحل لأرى من خلالها خمسة قرون من تاريخ الفكر فى المشرق العربى -— من القرن السابع الميلادى إلى بداية القرن الثانى عشر — إذ خُيِّل إلى أن السابع قد رأى الأمور رؤيةَ المشكاة، والثامن قد رآها رؤية المصباح، والتاسع والعاشر قد رأَيَاها رؤية الزجاجة التى كانت كأنها الكوكب الدُّري، ثم رآها الحادى عشَر رؤية الشجرة المباركة التى تُضيء بذاتها.
وذلك لأنى قد رأيتُ أهل القرن السابع وكأنهم يُعالجون شئونهم بفطرة البديهة، وأهل القرن الثامن وقد أخَذوا يضَعون القواعد، وأهل القرنين التاسع والعاشر وقد صَعِدوا من القواعد المتفرقة إلى المبادئ الشاملة التى تضمُّ الأشتاتَ فى جذوع واحدة، ثم جاء الحادى عشر بنظرة المتصوِّف التى تَنطوى إلى دخيلة الذات من باطن؛ لترى فيها الحقَّ رؤية مباشرة. كذلك تصورتُ لكل مرحلة من هذه المراحل سؤالًا محوريًّا كان للناس مَدارَ التفكير والأخذ والرد؛ ففى المرحلة الأولى كانت الصدارةُ للمشكلة السياسية الاجتماعية؛ مَن ذا يكون أحقَّ بالحكم؟ وكيف يُجزى الفاعلون بحيث يُصان العدل كما أراده الله؟ وفى المرحلة الثانية كان السؤال الرئيسي: أيكون الأساس فى ميادين اللغة والأدب مقاييسَ يَفرِضها المنطق لِتُطبَّق على الأقدمين والمحْدَثين على سواء، أم يكون الأساسُ هو السابقاتِ التى وردَت على ألسنة الأقدمين فنَعُدَّها نموذجًا يُقاس عليه الصواب والخطأ؟ وفى المرحلة الثالثة كان السؤال هو هذا: هل تكون الثقافة عربيةً خالصة، أو نُغذِّيها بروافدَ مِن كل أقطار الأرض لِتُصبِح ثقافة عالمية للإنسان من حيث هو إنسان؟ وجاء القرن العاشر فأخذ يضمُّ حصاد الفكر فى نظرات شاملة؛ شأن الإنسان إذا اكتمل له النُّضج واتسَع الأفق، وها هنا كان العقل قد بلَغ مَداه، فجاءت مرحلةٌ خاتِمة يقول أصحابُها للعقل: كفاك! فسبيلنا منذ اليوم هو قلوب المتصوفة. وأما القسم الثانى من الكتاب ففيه نظرةٌ موجزة إلى الوجه الآخر من قطعة النقد، حتى لا نرى الحقيقةَ من جانب واحد؛ فإلى جانب الوقفات العقلية عند أسلافنا كان هنالك حالاتٌ رفَضوا فيها أحكام العقل ولاذوا بما نبضَت به قلوبهم حينًا، وبما أشبَع فيهم خيال الأيفاع حينًا آخر، وحاوَلتُ جهدى أن أُحلِّل المعنى المقصود بمصطلَح "اللامعقول" حتى لا يَنصرف فى الأذهان إلى شتم وازدراء، إنما هو لونٌ آخر يَنبع عند الناس دائمًا من صميم فِطرتهم الإنسانية، وكل ما فى الأمر أننى لا أجد هذا الجانبَ من السابقين قنطرةً تصلح لعبور اللاحِقين إذا أرادوا وَصْل الطريق، واكتفيتُ من جانب اللامعقول هذا بصورتَين: التصوُّف إحداهما، والسحر والتنجيم ثانيتُهما، ورأيتُ فى ذلك ما يَكفى لاكتمال الصورة التى أردتُ رسْمَها أمام القارئين. إننى فى هذا الكتاب شبيهٌ بمُسافر فى أرض غريبة، حط رحالَه فى هذا البلد حينًا، وفى ذلك البلد حينًا، كلما وجد فى طريقه ما يَستلفِت النظر ويَستحق الرؤية والسمع، ومثلى فى رحلتى هذه مثل السائح؛ قد يُفلِت من نظره أهمُّ المعالم؛ لأنه غريبٌ لا يعرف بادئَ ذى بَدْء أين تكون المعالم البارزة، إلا إذا اهتدى بدليل من أبناء البلد، ولكننى أيضًا — مثل السائح الغريب — قد تقع عينى على شيء لا تراه أعيُن أبناء البلد؛ لأنه مألوف لهم حتى لم يَعودوا قادِرين على رؤيته رؤية صحيحة، ومن هنا كنتُ لا أستبعد وقوعى فى أخطاء بمَعنيَين؛ بمعنى إهمال ما لم يَكُن يجوز إهماله من معالم الطريق، وبمعنى وقوف النظر أحيانًا عند ما لا يستحق الوقوف عنده بالنظر، وواضحٌ أنه لو أراد مُسافر آخرُ أن يَستبدل لرؤيته منظارًا بمنظار لرأى رؤيةً أخرى، وانتهى إلى أحكام أخرى غيرَ التى رأيتُ وإليها انتهيت.
" نستطيع تحديد «اللاعقل» عن طريق تحديدنا ﻟ «العقل». معنى «العقل» في الفلسفة المثالية. العقل عند المثاليين هو العلاقات الضرورية بين فكرة وفكرة أخرى تلزم عنها كما نجد في الرياضة. الروابط المكتسَبة عن طريق الخبرة التجريدية ليست عندهم دالة على «عقل». هيوم في القرن الثامن عشر والغزالي في القرن الحادي عشر، أنكرا وجود علاقة ضرورية بين السبب والمسبَّب؛ وبهذا لا يكون إدراك السببية عملية «عقلية». الروابط الضرورية «العقلية» مقصورة على «الأفكار» دون «الأشياء» أو «الأحداث»، أما عند الفلاسفة التجريبيين ﻓ «العقل» هو الانتقال من مقدمة (فكرة كانت أو شيئًا أو حدثًا) إلى نتيجة، سواء كان هذا السير في دنيا الأفكار أو في دنيا الظواهر الطبيعية. يتفق المثاليون والتجريبيون معًا على أن «العقل» حركة استدلالية يحدث بها انتقال من بدء إلى نهاية، ويختلفان في أن هذه الحركة الاستدلالية التي هي «عقل» مقصورة عند المثاليين على توليد الأفكار بعضها من بعض، ولكنها تتسع عند التجريبيين لتشمل استدلال «الوقائع» أيضًا بعضها من بعض. من هذا التحديد لمعنى «العقل» يتبيَّن أن «اللاعقل» هو «حالات» تسكن الإنسان، وليست ﺑ «انتقالات» من مقدمة إلى نتيجة."
"بيان «العقل» و«اللاعقل» في أمثلة توضِّحهما. من أمثلة العقل وقفة العلم. خصائص التفكير العلمي هي نفسها خصائص العقل: الانتقال من الجزئي إلى الكلي، ومن المتعين إلى المجرد، التحليل، تحويل الخصائص الكيفية إلى صيغ كميَّة. ومن أمثلة العقل كذلك الموقف الإنسي (أو الإنساني)، ومن أمثلة اللاعقل الانفعالات والعواطف والرغبات، كل هذه «الحالات» تتميز بأنها «خاصة» بأصحابها، قد يُشاركهم أو لا يُشاركهم فيها الآخرون. ليس المقصود عند التمييز بين العقل واللاعقل أن نُفاضل بينهما. عندما يُوصَف عصرنا بأنه يتسم باللامعقول في غير مجال العلوم، يكون المقصود هو أن العقل وحده مطلوب في ميدانه، ولكنه لا يكفي لوجود ميادين أخرى. كانت الرومانسية هي التي تُفاضل بين الاثنَين فتُعلي من شأن العاطفة على العقل. مدارس علم النفس المعاصر من فرويدية وسلوكية يردَّان العقل إلى اللاعقل. عندما يعتمد الناس على «التقاليد» و«العادات» و«العُرف» فهم إنما يعتمدون على اللاعقل ويتنكرون للعقل. كتاب دولتر بادجوت «الفيزياء والسياسة» وتحليله لسلطان العادات على الشعوب؛ أي سلطان «اللاعقل» عليها. ربط الأنماط السلوكية عند الناس في عصرنا بألفاظ معيَّنة يردِّدها لهم أولو الأمر، هو من ظواهر اللاعقل في عصرنا."
"الإدراكات اللحظية المباشرة كلها من قبيل اللاعقل. تراثنا الفكري مزيج من معقول ولا معقول. الجانب العقلي وحده — في رأينا — هو ما يصلح لربط الحاضر بالماضي. برتراند رسل في تفرقته بين حالة التصوف والمنطق العقلي. قد تلتقي نظرة المتصوف في رجل واحد كما حدث لأفلاطون. للنظرة الصوفية إلى الوجود خصائص أربع: الأولى أن يكون الحدس دون العقل المنطقي وسيلة إدراك، والثانية أن يرى الكون وحدة واحدة لا تقبل التحليل، والثالثة هي أن الصوفي يُنكِر انقسام الزمن إلى لحظات، والرابعة هي عدم التفرقة بين ما يسمِّيه الناس خيرًا وشرًّا."
"مناقشة التفرقة بين إدراك الحدس وإدراك العقل. الحدس هو الغريزة وهو الوجدان، فكلها أدوات للإدراك لا تحتاج إلى تعلُّم واكتساب. مزعوم لهذه الأدوات أنها تُدرِك اليقين. رؤية الحدس قد تتناقض في حالتَين؛ ومن ثَم يجيء العقل ليُراجعها فيختار من نقائضها ما يتَّسق مع سائر جوانب الخبرة. للمتصوف الحق في أن يقول إنه رأى كذا وكذا، ولكن ليس من حقه أن يدَّعي بأنه قد رأى اليقين؛ ومن ثَم فواجبنا نحو اللامعقول في تراثنا أن نقبل منه ما يستطيع العقل قبوله. الغريزة ليست معصومة من الخطأ. الفلاسفة يختلفون في مبادئهم التي يقولون إنهم يُدرِكونها بالحدس. مناقشة برجسون لأنه من أصحاب الركون إلى الحدس في مقابل العقل. للإدراك الحدسي حسنة إذا تَصادف أنه صادق، وله سيئة إذا تَصادف أن يكون باطلًا؛ فعندئذٍ يصعب تغيير صاحبه إلى الصواب."
عشان نفهم مشكلة عصر الفلسفة والعلم في مصر هحكيلك قصة تصور إحنا كنا فين وبقينا فين: لما وصلت الحملة الفرنسية شواطئ الاسكندرية سنة 1789 جمع العلماء الفرنسيين شيوخ الأزهر وبدأوا يعرضوا عليهم آخر ما توصل له العلم في اوروبا عشان لاقوا إن مصر كانت شبه منعزلة عن العالم في عصر العثمانيين. من التجارب اللي عملوها إنهم خلوا حد من الشيوخ يتعرض لتيار كهربي وفي نفس الوقت بقية زمايله ماسكيين في ايد بعض في صف، بحيث أول ما أول شيخ يتكهرب الباقيين يحسوا بالكهرباء بسبب إن الجسم موصل جيد للكهرباء. كانت ردود فعل شيوخ الأزهر مختلفة ، منهم المنبهر ومنهم اللي مش مصدق، لكن كان منهم واحد هو اللي خلدته الحكاية اللي رواها زكي نجيب محمود على لسان الدكتور فؤاد ذكريا .. طلع الشيخ وقالهم "هل في علمكم الجديد ما يجعل الانسان موجودا في مكانين في نفس الوقت؟"، ردوا قالوا مستحيل، فقالهم "لكن ذلك ممكن في علومنا الروحية"
وبعض النظر عن صحة الحدوتة أو لأ، بس ده كان الصراع اللي بيمر بيه فلاسفة الفترة الوسطى من تاريخ مصر، هل نؤمن بالعصر الجديد وعلمه الغرب�� وفلسفته ولا نكتفي بعلمنا وتراثنا وهويتنا، وكان المبدأ اللي نادى بيه زكي نجيب محمود هو الجمع بين الأصالة والمعاصرة، مفيش مشكلة في إننا ناخد بعلم العصر مع الاحتفاظ بهويتنا العربية والأخذ بما يصح في التراث والمناسب لزمننا ومشاكلنا، خصوصا إن كان شايف إن سبب نكستنا هو إننا لسه بنتخانق في ايجاد حلول لمشاكل عصر غير عصرنا وخلافات لاختلافات عفا عنها الزمن (وخلي بالك الكلام ده كان بيقوله من 80 سنة، الله يرحمه محضرش اسلام بحيري وابراهيم عيسى وعبد الله رشدي)
وعشان كده قرر فيلسوفنا الذكي زكي إنه يخوض رحلة في التراث الفكري الاسلامي عشان يدرس مراحله ويفهم ايه المعقول والمناسب لعصرنا وايه اللامعقول اللي المفروض نتجاهله ومناخدش بيه، وهنا الراجل بيتكلم عن التراث الفكري والعقلي مش التراث الشرعي أو الفقهي، عشان دماغك متروحش بعيد.
بعد نهاية القراءة شعرت بالندم و الحسرة على أنى لم أقرأ للدكتور ذكى نجيب محمود. ( نعم هذا أول كتاب أقرأه لهذا العملاق الكبير ) . كتاب من الروائع حقيقةً . هذا الكتاب رحلة ترصد تطور العقل فى تراثنا الفكرى. وهى رحلة مجردة من أى خلفية وأيدولوجية . ففى البداية كان التصدى للأحداث بما يشبه الفطرة . ثم يأتى عمل القواعد للأفكار . الى مرحلة الفلاسفة وتفسير لكل شىء . وينتقل بنا الى اللامعقول فى تراثنا الفكرى وهو كثير وليس قليل ومن أمثلته التفكير الصوفى الذى يعتمد على الحدس فى معرفة النتائج . والكرامات والأحلام وغيرها ثم يأتى محاولة جعل السحر والتنجيم من العلوم وعمل الطلاسم . وإهتمام علماء عظام مثل إخوان الصفا الإهتمام بالكواكب والأبراج ومحاولة معرفة المستقبل والغيب بهما . ؟ والفائدة من هذه الرحلة التعرف على ما يمكن أن ينفعنا فى زماننا المعاصر من هذا التراث الفكرى الكبير وتنحية ما لا يصلح لهذا الزمن . ومما يصلح لهذا الزمن مثل المنهج العقلى فى التفكير عند المعتزلة و قاعدة أن الدين لا يحتج به على العلم . عند الغزالى والذى يجب تنحيته من تراثنا الإعتقاد فى السحر والتنجيم ومعرفة الطالع والغيب والكرامات .. وغيرها
جولة حول تدريجية العقل في العالم الاسلامي الى انهيارة و ذهابه نحو اللامعقول الكتاب في كل فصل يعرض أهم الأحداث التي كونت هذه العقول و ما هي الاشياء التي ممكن نستفيد منها للآن و بل و نطورها و ايضا انه لم يطبل لاي شخصية بل عرض مالهم و ما عليهم من أفكار دينية كانت او فلسفية
و اعجبني رؤيته حول التاريخ و هو البحث عن كل ما يمكن الاستفادة منه وفق الظروف القائمة
و قبل قليل حضرت فلم وثائقي عن الكتاب في قناة الجزيرة و كان الهدف من الكتاب جدا رائعه و هو رد لكل من قال أنه يجب أن ننظر لما قاله الأجداد و نرمي الحضارة الغربية بعرض الحائط و من قال أن التراث قديم لا جدوى منه مجرد افكار بالية فالكاتب يرد و يقول للشخص الاول لا يجب أن نهتم للحضارة الغربية و ناخذ الأفكار التي تناسبنا و نترك كل ما لا يناسبنا من تراثنا بسبب الوقت الرهئن و اختلاف حياة الاجيال و يرد على الثاني و يقول له لا يل تراثنا به افكار رائعه و يجب الالتفات لها و نشرها
أحمل تقدير كبير لولع الدكتور زكي نجيب محمود بالعقل،إذ لم يكتفِ بتوظيف هذا العقل في حياته ومشكلات عصره، بل جعله يمتدّ حتى في قراءته لحياة وتراث أسلافنا العرب. هذا الكتاب هو محاولة منه في قراءة منهج العقل في حياة أسلافنا، واقفًا عند عدة أحداث أراد بها أن يفهم متى بدأوا العرب بالاحتكام إلى حل مشكلاتهم باستنادهم إلى العقل والمنطق؟ كانت البداية هي واقعة صفّين التي اعتبرها الكاتب أول مشهد لظهور المذاهب السياسية وأول اختلاف للمسلمين في احتكامهم في أمور دنياهم للعقل، ثم تأتي تباعًا تشابكات وتفرّعات لهذا الاختلاف. كان قصد الكاتب بهذا الكتاب نابعٌ من تساؤله بجدوى الأخذ بعقيدة أسلافنا هل يصح أن نأخذ بالمسائل التي أشغلتهم في زمنهم وننقلها إلى زمننا؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الذي كان معقولًا ليصح الأخذ به؟ وما كان غير معقولًا لنتركه لمجرد القراءة التاريخية لا أكثر؟ كتاب مثري، وممتع وإن كان ثقيلًا في القراءة بعض الشيء.
جميل الكتاب لكن فيه انتقائية في اختيار الشخصيات غير مبررة وركز على بعض المذاهب دون غيرها دون ايراد السباب وكذلك كرر بعض الشخصيات في المعقول ولا معقول. ولو اكتفى بالمعقول لكن أفضل ولكن كان هناك شخصيات أثرت على العقل العربي والمسلم لم يذكرها ومنها الامام الشافعي وغيره من الأئمة الذين كان لهم دور في تطور العقل سواء عن طريق الفقة أو اللغة. ربما ركز المؤلف على أهل اللغة واغفل اهل الفقة. وهذا عندي أنه تقصير من جانبه رحمه الله وجزاه خيرا.
كتاب ضخم جداً ويعتبر تسجيل موقف من قبل الكاتب اتجاه الثقافة العربية بعدما انشغل بالثقافة الغربية. تحدث بإطناب عن بداية نشوء التفكير العقلاني (العقل) واللاعقلاني أو ( شطحات اللاعقل) في التراث العربي. وهناك اجتهادات بدت لي أنها تحتاج لتحقيق أكبر من ذلك أن زكي نجيب محمود يرى بأن ظهور المعتزلة كان ردة فعل على الحركات الفكرية التي خرجت مع الدعوة العباسية وتتسم بإظهار الإسلام وإبطان الأفكار الإلحادية المجوسية التي لا تتسق مع العقل والمنطق ! وكذلك استطرادات الكاتب كانت كثيرة جداً.
لا هو نقد التُراث، ولا هوعرض منه المثير للتأمل . و حتى ما نقله منه، لم يكتفي بنقله نقلاً موجزاً، و لكن أضاف إليه أسلوب "مواضيع التعبير" الذي لم يفعل سوى إطالة عدد الصفحات دون أثر إيجابي على المعنى أو الجمال.
بدأت قراءة هذا الكتاب قبل ٣٧ عاما وكنت مازلت مراهقا فأدركت بعد صفحات قليلة أن محتواه يفوق مستوى ثقافتي و إدراكي حينها فتركته على امل اعادة المحاولة في وقت لاحق. و ظل الكتاب في مكتبتي انظر اليه و ينظر اليَّ سنوات طويلة حتى قررت اعادة المحاولة منذ ما يقرب من عام.
و بالرغم من قراءتي لمئات الكتب و ما ادعيه من ثقافة إلا أنني تعاملت مع هذا الكتاب تحديدا بنوع من التحدي لأنزع عني الإحساس بالفشل بعد المحاولة الاولى. المدهش انني اثناء محاولتي الثانية احتجت إلى ترك الكتاب عدة مرات لالتقاط الأنفاس حتى أتمكن من المواصلة. هنا ادركت ان ما يعيب الكتاب هو كم المعلومات التي اراد عالمنا الدكتور زكي نجيب محمود مناقشتها كلها في كتاب واحد اثناء رحلته مع تطور الفكر العربي خلال خمسة قرون كاملة.
أعتقد شخصيا ان هذا الكتاب الشامل قد خاطب الباحث المتخصص الذي لن يمل من الخوض في هذا الكم من التفاصيل دون القارئ العادي الذي يحتاج مبدئيا إلى رفع مستوى ادراكه للتطور الفكري الذي شكل تراثه الثقافي عبر العصور. الكتاب تطرق بشكل مفصل إلى كم هائل من التيارات الفكرية المتعاقبة عبر روادها كما يلي:
- الإمام علي (نهج البلاغة) - الخوارج - الحسن البصري - واصل بن عطاء - المعتزلة - العلاف (الملل و النحل) - النظَّام - الجاحظ - إخوان الصفا - أبو حيان التوحيدي - عثمان بن جني - عبد القادر الجرجاني - ابن الراوندي - الطبري - أبو الحسن الأشعري - الكندي - الفارابي - ابن سينا - أبو حامد الغزالي - أبو العلاء المعري - المتصوفة - نجم الدين الكبري - عبد القادر السهروردي - جعفر الخلدي - محيي الدين بن عربي - أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي - الهجويري - شهاب الدين يحيى سهروردي - ابن تيمية
والآن و قد أكملت قراءة الكتاب لأتقدم بالشكر إلى الدكتور زكي نجيب محمود على هذا المجهود المضني الذي أتاح لنا - رغم العناء الكبير - فهم الكثير من الأفكار التي شكلت تراثنا الفكري بمعقوله و لا معقوله.