What do you think?
Rate this book
عروس القمر؛ حكاية الحلم الأفريقي
ما إن شاع خبر الانقلاب حتى غمر القلقُ الجزيرة. إذ استشفّ الرعايا العرب في انقلاب الرجل الملغاشيّ خطرًا على وجودهم الموغل في القدم فيما غرق العبيد في رؤى غامضة بعدما تكهّنوا أنّ المملكة البريطانيّة هي التي تقف خلف الانقلاب وتدعمه بغية إلزام الجزيرة بالتوقيع على معاهدة إلغاء الرقّ. فأيُّ مستقبل قاتم ينتظرهم وأبناءهم إن تخلّى الأسيادُ عنهم؟! مَنْ سوف يؤويهم؟ ومَن سوف يوفّر لهم الملبس والطعام؟ وحدهم المهاجرون الملغاش، وهم أقلّيّة عرقيّة، سمر بملامح آسيويّة، تفاءلوا بالخير واستبشروا بالاسم الملغاشيّ للسلطان العتيد لكنّهم ما لبثوا أن تطلّعوا نحو الأفق البعيد حيث أنغوجا، عاصمة زنجبار، ومقرّ إمام العرب، سعيد بن سلطان. كانوا موقنين أنّه لن يرضى في أن يحكمَ سلطانٌ ملغاشيٌّ موهيلي، هي التي لم يحكمها سوى سلاطين عرب انضَوَوْا دائمًا تحت راية الإمبراطوريّة العمانيّة الممتدّة من مضيق هرمز حتى رأس دلغادو في موزمبيق.
Hardcover
Published April 28, 2021
1 person is currently reading
29 people want to read
About the author
محمد طرزي
9 books168 followersمحمد طَرزي روائي لبناني. اهتمت أعماله بالتاريخ العربي في شرق إفريقيا. له تسع روايات في ألوان أدبية مختلفة؛ التخيّل التاريخي، الأدب الاجتماعي، أدب الفتيان، والموروث الثقافي. فازت روايته "ميكروفون كاتم صوت" بجائزة كتارا للرواية العربية، في دروتها العاشرة، لعام 2024، وبميدالية نجيب محفوظ للأدب عام 2024. كذلك حصدت "جُزر القرنفل" جائزة غسان كنفاني للرواية، في الأردن، عام 2017، ونالت "نوستالجيا" جائزة الناقد توفيق بكّار للرواية العربّية، في تونس عام 2019. أدرجتْ أعماله على قوائم جائزة الشيخ زايد للكتاب ست مرات عن دورات مختلفة.
اختارته مؤسسة Omi Art الأميركية، بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة القطرية، للمشاركة في برنامج "استضافة كُتّاب من دول مختلفة"، للإقامة في مقّرها في نيويورك، ممثّلًا للرواية العربية المعاصرة، موسم خريف 2022. حصل على منحة زمالة للكاتب المقيم، من مؤسسة Bogliasco الأميركية، للإقامة في جنوة، إيطاليا، خلال خريف 2024.
اختارته مؤسسة Omi Art الأميركية، بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة القطرية، للمشاركة في برنامج "استضافة كُتّاب من دول مختلفة"، للإقامة في مقّرها في نيويورك، ممثّلًا للرواية العربية المعاصرة، موسم خريف 2022. حصل على منحة زمالة للكاتب المقيم، من مؤسسة Bogliasco الأميركية، للإقامة في جنوة، إيطاليا، خلال خريف 2024.
Ratings & Reviews
Friends & Following
Create a free account to discover what your friends think of this book!
Community Reviews
Displaying 1 - 9 of 9 reviews
May 22, 2021
هي بمثابة رد فعل على رواية " ماليندي" التي تنضوي وهذه الرواية تحت سقف سلسلة " حكاية الحلم الأفريقي" العمل الذي يعد بمثابة بحث تاريخي مغلف بشكل أدبي "الرواية"
واحتضان روحاني شكلي لرواية افريقيا أناس ليسوا مثلنا،
أما عروس القمر فهي عمل أدبي بامتياز غايته حث القارئ على قراءة الشخصيات البرغماتية والبحث عن الصور الفنية القليلة التي ارتأى الكاتب لابقائها مجرد نفحات...دون أن يخلع الثوب التاريخي عن أسلوبه...
الرواية تعود بنا الى أمجاد الامبراطورية العمانية حيث اللاستقرار السياسي والسعي المستميت من قبل الشخصيات الرئيسة (فاطمة، بكاري، الفرنسيون، السلطان العماني) الى تحقيق المكاسب والارتقاء السياسي أو اقلها الحفاظ على نفوذهم ومكانتهم الجيوبوليتيكي...
وقد اتسم هذا العمل بكثرة الشخصيات وتوزعها بالشكل اللائق على مسرح السرد الذي امتلك صوتًا روائيًا واحدًا ليكون النص اشبه بحكاية تستقطب المزيد من القراء الايجابيين نحو خوض رحلة للتنقيب عن المتعة واكتساب المعرفة ( حقيقة قصة ماري انطوانيت مثلا دون الحصر)
في حقلة سردية لم تتجازو المئة وثمانين صفحة...
لعل النص كان بحاجة أكثر للغة الرومانسية بما أن الحوار فيه عززت بروز تقنية المشهد وساهم - اي الحوار- بتقديم كشف عن الاحداث المتتابعة المتسلسلة ضمن وتيرة زمنية تتراوح بين الحاضر والماضي دون اي تخلخل يذكر...
الرواية فاذن جهد أدبي جديد راعت بسلاستها المتلقي بالدرجة الاولى وظروفه وعزلت الى حد ما المؤلف عن نصه
فاتحة الافاق أمامنا لدراستها من الناحية الأسلوبية.
نبيل مملوك
واحتضان روحاني شكلي لرواية افريقيا أناس ليسوا مثلنا،
أما عروس القمر فهي عمل أدبي بامتياز غايته حث القارئ على قراءة الشخصيات البرغماتية والبحث عن الصور الفنية القليلة التي ارتأى الكاتب لابقائها مجرد نفحات...دون أن يخلع الثوب التاريخي عن أسلوبه...
الرواية تعود بنا الى أمجاد الامبراطورية العمانية حيث اللاستقرار السياسي والسعي المستميت من قبل الشخصيات الرئيسة (فاطمة، بكاري، الفرنسيون، السلطان العماني) الى تحقيق المكاسب والارتقاء السياسي أو اقلها الحفاظ على نفوذهم ومكانتهم الجيوبوليتيكي...
وقد اتسم هذا العمل بكثرة الشخصيات وتوزعها بالشكل اللائق على مسرح السرد الذي امتلك صوتًا روائيًا واحدًا ليكون النص اشبه بحكاية تستقطب المزيد من القراء الايجابيين نحو خوض رحلة للتنقيب عن المتعة واكتساب المعرفة ( حقيقة قصة ماري انطوانيت مثلا دون الحصر)
في حقلة سردية لم تتجازو المئة وثمانين صفحة...
لعل النص كان بحاجة أكثر للغة الرومانسية بما أن الحوار فيه عززت بروز تقنية المشهد وساهم - اي الحوار- بتقديم كشف عن الاحداث المتتابعة المتسلسلة ضمن وتيرة زمنية تتراوح بين الحاضر والماضي دون اي تخلخل يذكر...
الرواية فاذن جهد أدبي جديد راعت بسلاستها المتلقي بالدرجة الاولى وظروفه وعزلت الى حد ما المؤلف عن نصه
فاتحة الافاق أمامنا لدراستها من الناحية الأسلوبية.
نبيل مملوك
June 20, 2021
اصبحت روايات محمد طرزي ملجأ اّمن لي لضمانة استمتاعي بالقراءة، فعروس القمر هي قراءتي الثالثة للكاتب وبالفعل اخذتني الرواية برحلة تاريخية ممتعة الى زمن الامبراطورية العمانية. ما يجذبني الى هذه الروايات ليس طابعها التاريخي او السياسي فحسب انما تصوير الشخصيات والمشاهد. احببت تطور شخصية السلطانة فاطمة، منذ طفولتها، مرورا ببراءة المراهقة الى حين نضوجها المبكر بسبب الأحداث التي فرضت عليها والقرارات التي اجبرت على أخذها.
اما الاسلوب، فهذه الرواية بالذات تتميز بأسلوب سلس ينساب بسهولة، وبلغة فنية جميلة. ليست المفضلة لدي للكاتب، فتبقى جزر القرنفل اول واجمل اعمال محمد طرزي بالنسبة لي.
اما الاسلوب، فهذه الرواية بالذات تتميز بأسلوب سلس ينساب بسهولة، وبلغة فنية جميلة. ليست المفضلة لدي للكاتب، فتبقى جزر القرنفل اول واجمل اعمال محمد طرزي بالنسبة لي.
February 13, 2022
كعادة روايات محمد طرزي تأخذني هذه الرواية بلغتها الرشيقة الساحرة إلى "جزيرة القمر" موهيلي لاقرأ بعيني وارى بخيالي قصة صراع على عرش هذه الجزيرة وقلب ملكتها السمراء، القارئة النهمة الجميلة، التي تسابق إلى نيل رضاها الأمم.
أتمم بهذه القراءة ثلاثية الحلم الأفريقي، أحب قراءة التاريخ عموما، وخاصة حين تغلف الاحداث التاريخية بالأدب والخيال، وهذا تحديدا ما وجدته بوفرة في هذه الثلاثية.
كتابة جميلة وممتعة، ورواية جديدة تضاف لقائمة رواياتي المفضلة.
أتمم بهذه القراءة ثلاثية الحلم الأفريقي، أحب قراءة التاريخ عموما، وخاصة حين تغلف الاحداث التاريخية بالأدب والخيال، وهذا تحديدا ما وجدته بوفرة في هذه الثلاثية.
كتابة جميلة وممتعة، ورواية جديدة تضاف لقائمة رواياتي المفضلة.
June 4, 2021
رواية رائعة جداً عبارة عن خليط سياسي وتاريخي وقصة حب خفيف ومستساغ وممتع...أنهيت قرأتها بجلسة واحدة ❤️❤️❤️❤️
June 22, 2021
وجبة خفيفة في زمن متخم
October 19, 2021
الرواية الثالثة من سلسلة "حكاية الحلم الإفريقي". كُتبت، أسوة بالروايتين الأخريين، بأسلوب سلس، بسيط، قائم على أكثر من حبكة مشوقة، وفي إطار تاريخي، محوره تاريخ العرب في شرق أفريقيا..
Read
January 18, 2022حكاية الحلم الإفريقي
بقلم: مصطفى عبدالله ــ جريدة القاهرة
يواصل محمد طرزي مشروعه الروائيّ المتمثّل في الوجود العربيّ التاريخيّ في شرق إفريقيا في إطار "حكاية الحلم الإفريقي" التي تضم رواية "جُزر القرنفل" التي تقع أحداثها خلال القرن التاسع عشر في "زنجبار" التي هي اليوم جزء من دولة "تنزانيا"، ورواية "ماليندي" التي تُحاك حبكتها في "ماليندي" العرب خلال القرن الخامس عشر، علمًا بأنّها اليوم ثاني أكبر المدن الكينية.
أمّا روايته الأحدث "عروس القمر"، فيطلق عليها مؤلفها رواية في التخيّل التاريخي، إذ تدور أحداثها في العصر الذهبيّ للإمبراطورية العمانيّة التي امتدت في القرن التاسع عشر لتشمل منطقة الخليج؛ بحر العرب والساحل الشرقي للقارة الإفريقية. ومسرح السرد، هو جزيرة "موهيلي"، إحدى جُزر "الأرخبيل القمري" المنضوي اليوم تحت لواء "جُزر القَمر".
وهي غوص جديد في التاريخ المغيّب لعرب شرق إفريقيا الذين استوطنوا تلك المنطقة بدءًا من القرن الثامن للميلاد، يسلّط عبرها الكاتبُ الضوءَ على الحياة اليوميّة في الجزيرة القمريّة وعلى ثقافة الأعراق المتنوعة المقيمة عليها، من: "ملغاش" و"عرب" و"زنوج"، موظّفًا عبر حبكة مشوّقة وبناء سردي ممتع شخصيات تاريخيّة دمغ حضورُها الحقبةَ التي تدور خلالها الأحداث؛ مثل "الملكة فيكتوريا"، و"نابليون الثالث"، و"الإمام العماني سعيد بن سلطان" الذي يُوصف في متن الرواية بأنّه واحد من أدهى قادة زمانه "لأنّه عرف كيف يسيطر على الشرق الإفريقي دون إهراق للدماء" (ص: 47)، غير أنّ هذه السيطرة ما لبثت أن اصطدمت بمتغيّرات زعزعتْ أركانها. إذ انقلب الضيفُ الملغاشيّ "عبدالرحمن رامانتيكا" على أخلص رجال الإمام في "موهيلي"، مع ما استتبع ذلك من سعيّ فرنسيّ للاستئثار في الجزيرة القمريّة، كونها بوابة الشرق الإفريقي.
فقد اعتبرت فرنسا أن في مزاحمة السلطنة على الشرق الإفريقي وانتزاع مناطق خاضعة لسيطرة الإمام تعويضًا لها عن الهزائم التي مُنيت بها في أوروبا خلال الحروب النابليونية، فهل يواجه الإمامُ العمانيُّ، المتخذ من إحدى جُزر زنجبار مقرًّا له، نابليون الثالث مواجهة مباشرة؟ ويحالفُ في سبيل ذلك أخصامَ الأمس القريب، وهم الإنجليز؟
على اعتبار أن في إعادة الجزيرة إلى كنف السلطنة مصلحةً مشتركة له وللمملكة البريطانية "متمثّلة بقطع الطريق على فرنسا وسحب بساط نفوذها من الشرق الإفريقي" (ص: 35)، أم ينحو منحى المصالحة ويكسر طوق الخصام مع سلطان "موهيلي" العتيد الذي خلع حليفه عن العرش، لا سيما وأنّ الإمام "كان يَعرف، أكثر من غيره، أن التعنّت ليس لمصلحته. إذ علمته التجربة أنّ القائد الفذ هو من يؤمن بالواقعية ويحسن التعامل مع المتغيّرات"؟ (ص: 30).
هكذا يوظّف الطرزي الأحداث والمواقف التاريخية التي اتخذها "الإمامُ سعيد" في سبيل سعيه لاستعادة السيطرة على "موهيلي"، مُظهرًا ببراعة الجانب البراجماتي للإمام العربيّ في ظل التنوّع العرقيّ والثقافيّ الذي تميّزت به الجزيرة القمريّة، لتكون الرواية أسوة بالروايتين السابقتين من مشروع "حكاية الحلم الإفريقي" دعوة لرفض المستعمر، وتجسيدًا للتمسّك بالهويّة العربيّة من قبل سكان الجزيرة الذين يدين معظمهم بالولاء للسلطنة العمانيّة.
لكن وفاة السلطان الملغاشي مسمومًا يخلط الأوراق مجدّدًا. إذ مع تسنّم ابنته "فاطمة" العرش تزداد الأمور تعقيدًا، ويجد الإمام نفسه أمام سلطانة شابة تتّخذ من مربّيتها الفرنسيّة مستشارة لها، وتستمع لرأيها في كلّ أمر.
علمًا بأن المربّية اختيرتْ من قبل الآمر الفرنسي الأعلى كي تصقل شخصيةَ ابنة السلطان ووريثة عرشه على النحو الذي يخدم المصالح الفرنسيّة. وها هي المربّية تنصح السلطانة قائلةً: "ربما حان وقت إعلانك الولاء الصريح لفرنسا تمهيدًا لطلب حمايتها.
ومن الواضح أن هناك صراعًا مفتوحًا بين "نابليون" و"الإمام سعيد" للسيطرة على شرق إفريقيا" (ص: 149).
وعندما تتلقّى السلطانة من "الملكة فيكتوريا" رسالة تُعرب فيها عن سعادتها لاعتلاء شابة العرش في بلادها، مفصحةً عن استعدادها لمساندتها ومساعدة شعبها، ترى "فاطمة" في سعي القادة الكبار إلى استمالتها مجدًا ما بعده مجد.
لكن "ما لم تعرفه السلطانة الشابة آنذاك هو أنّ اهتمام العالم بها ليس امتيازًا زائفًا فحسب، بل امتيازٌ مدمّرٌ قبل كلّ شيء." (ص: 118).
وأمام هذا السعي المحموم للسيطرة على "موهيلي"، يطلب ملك الملغاش، حاكم "مدغشقر" يد السلطانة الملغاشية للزواج، في محاولة ربما لقطع الطريق على القوى التي تحاول إحكام سيطرتها على "موهيلي"، فهل يُفسد بذلك خطةَ الإمام الرامية إلى تزويجها بسفيره المقيم في "موهيلي"؟ أم أنّ المربّية الفرنسيّة ستفرض إرداتها في نهاية المطاف وتزوّجها ابن السفير الفرنسيّ في سياق سعيها الدؤوب لفرْنَسة الجزيرة وشعبها؟
لكن ما أغفلته القوى المتنافسة أن للسلطانة قلبًا يُحِبّ ويحَب، فهل ينقذها الحبّ من براثن الأمم المتصارعة؟ أم أن الضربة القاصمة ستأتيها ممن تحبّ على اعتبار "إنّ الجرائم التي اقترفتْ بدافع الحبّ تفوق تلك التي اقترفت بدافع الكراهية؟" (ص: 155)
ويتبدّل شكل الصراع على "موهيلي" مع اتهام السلطانةِ "زنجبار" بتسميم أبيها بإيحاء من مربّيتها.
وإذ يجد "الإمام سعيد" نفسه خارج الجزيرة التي يقوى فيها النفوذ الفرنسي يومًا بعد يوم، فيقرّر قيادة صراع لا هوادة فيه للإطاحة بـ "عروس القمر" أو "السلطانة شكولاتة" كما درج الفرنسيّون على تسميتها.
تُسرد "عروس القمر" عبر راوٍ عليم يحرص على استخدام العناصر الروائية الحديثة. وقد نجح الطرزي في المواءمة بين الت��ريخ والجغرافيا متّكئًا على معرفته العميقة بدول شرق إفريقيا بسبب سنوات طويلة من الإقامة فيها. وها هو يضفّر بإتقان الأحداث التاريخيّة ويجدلها بخيال خصب في إطار مشروع متكامل واضح المعالم، موظّفًا بعناية الحوار المتقن لرسم شخوصه الجذابة ولخلق خطوط رديفة تخدم المسعى الفنيّ للنص.
بقلم: مصطفى عبدالله ــ جريدة القاهرة
يواصل محمد طرزي مشروعه الروائيّ المتمثّل في الوجود العربيّ التاريخيّ في شرق إفريقيا في إطار "حكاية الحلم الإفريقي" التي تضم رواية "جُزر القرنفل" التي تقع أحداثها خلال القرن التاسع عشر في "زنجبار" التي هي اليوم جزء من دولة "تنزانيا"، ورواية "ماليندي" التي تُحاك حبكتها في "ماليندي" العرب خلال القرن الخامس عشر، علمًا بأنّها اليوم ثاني أكبر المدن الكينية.
أمّا روايته الأحدث "عروس القمر"، فيطلق عليها مؤلفها رواية في التخيّل التاريخي، إذ تدور أحداثها في العصر الذهبيّ للإمبراطورية العمانيّة التي امتدت في القرن التاسع عشر لتشمل منطقة الخليج؛ بحر العرب والساحل الشرقي للقارة الإفريقية. ومسرح السرد، هو جزيرة "موهيلي"، إحدى جُزر "الأرخبيل القمري" المنضوي اليوم تحت لواء "جُزر القَمر".
وهي غوص جديد في التاريخ المغيّب لعرب شرق إفريقيا الذين استوطنوا تلك المنطقة بدءًا من القرن الثامن للميلاد، يسلّط عبرها الكاتبُ الضوءَ على الحياة اليوميّة في الجزيرة القمريّة وعلى ثقافة الأعراق المتنوعة المقيمة عليها، من: "ملغاش" و"عرب" و"زنوج"، موظّفًا عبر حبكة مشوّقة وبناء سردي ممتع شخصيات تاريخيّة دمغ حضورُها الحقبةَ التي تدور خلالها الأحداث؛ مثل "الملكة فيكتوريا"، و"نابليون الثالث"، و"الإمام العماني سعيد بن سلطان" الذي يُوصف في متن الرواية بأنّه واحد من أدهى قادة زمانه "لأنّه عرف كيف يسيطر على الشرق الإفريقي دون إهراق للدماء" (ص: 47)، غير أنّ هذه السيطرة ما لبثت أن اصطدمت بمتغيّرات زعزعتْ أركانها. إذ انقلب الضيفُ الملغاشيّ "عبدالرحمن رامانتيكا" على أخلص رجال الإمام في "موهيلي"، مع ما استتبع ذلك من سعيّ فرنسيّ للاستئثار في الجزيرة القمريّة، كونها بوابة الشرق الإفريقي.
فقد اعتبرت فرنسا أن في مزاحمة السلطنة على الشرق الإفريقي وانتزاع مناطق خاضعة لسيطرة الإمام تعويضًا لها عن الهزائم التي مُنيت بها في أوروبا خلال الحروب النابليونية، فهل يواجه الإمامُ العمانيُّ، المتخذ من إحدى جُزر زنجبار مقرًّا له، نابليون الثالث مواجهة مباشرة؟ ويحالفُ في سبيل ذلك أخصامَ الأمس القريب، وهم الإنجليز؟
على اعتبار أن في إعادة الجزيرة إلى كنف السلطنة مصلحةً مشتركة له وللمملكة البريطانية "متمثّلة بقطع الطريق على فرنسا وسحب بساط نفوذها من الشرق الإفريقي" (ص: 35)، أم ينحو منحى المصالحة ويكسر طوق الخصام مع سلطان "موهيلي" العتيد الذي خلع حليفه عن العرش، لا سيما وأنّ الإمام "كان يَعرف، أكثر من غيره، أن التعنّت ليس لمصلحته. إذ علمته التجربة أنّ القائد الفذ هو من يؤمن بالواقعية ويحسن التعامل مع المتغيّرات"؟ (ص: 30).
هكذا يوظّف الطرزي الأحداث والمواقف التاريخية التي اتخذها "الإمامُ سعيد" في سبيل سعيه لاستعادة السيطرة على "موهيلي"، مُظهرًا ببراعة الجانب البراجماتي للإمام العربيّ في ظل التنوّع العرقيّ والثقافيّ الذي تميّزت به الجزيرة القمريّة، لتكون الرواية أسوة بالروايتين السابقتين من مشروع "حكاية الحلم الإفريقي" دعوة لرفض المستعمر، وتجسيدًا للتمسّك بالهويّة العربيّة من قبل سكان الجزيرة الذين يدين معظمهم بالولاء للسلطنة العمانيّة.
لكن وفاة السلطان الملغاشي مسمومًا يخلط الأوراق مجدّدًا. إذ مع تسنّم ابنته "فاطمة" العرش تزداد الأمور تعقيدًا، ويجد الإمام نفسه أمام سلطانة شابة تتّخذ من مربّيتها الفرنسيّة مستشارة لها، وتستمع لرأيها في كلّ أمر.
علمًا بأن المربّية اختيرتْ من قبل الآمر الفرنسي الأعلى كي تصقل شخصيةَ ابنة السلطان ووريثة عرشه على النحو الذي يخدم المصالح الفرنسيّة. وها هي المربّية تنصح السلطانة قائلةً: "ربما حان وقت إعلانك الولاء الصريح لفرنسا تمهيدًا لطلب حمايتها.
ومن الواضح أن هناك صراعًا مفتوحًا بين "نابليون" و"الإمام سعيد" للسيطرة على شرق إفريقيا" (ص: 149).
وعندما تتلقّى السلطانة من "الملكة فيكتوريا" رسالة تُعرب فيها عن سعادتها لاعتلاء شابة العرش في بلادها، مفصحةً عن استعدادها لمساندتها ومساعدة شعبها، ترى "فاطمة" في سعي القادة الكبار إلى استمالتها مجدًا ما بعده مجد.
لكن "ما لم تعرفه السلطانة الشابة آنذاك هو أنّ اهتمام العالم بها ليس امتيازًا زائفًا فحسب، بل امتيازٌ مدمّرٌ قبل كلّ شيء." (ص: 118).
وأمام هذا السعي المحموم للسيطرة على "موهيلي"، يطلب ملك الملغاش، حاكم "مدغشقر" يد السلطانة الملغاشية للزواج، في محاولة ربما لقطع الطريق على القوى التي تحاول إحكام سيطرتها على "موهيلي"، فهل يُفسد بذلك خطةَ الإمام الرامية إلى تزويجها بسفيره المقيم في "موهيلي"؟ أم أنّ المربّية الفرنسيّة ستفرض إرداتها في نهاية المطاف وتزوّجها ابن السفير الفرنسيّ في سياق سعيها الدؤوب لفرْنَسة الجزيرة وشعبها؟
لكن ما أغفلته القوى المتنافسة أن للسلطانة قلبًا يُحِبّ ويحَب، فهل ينقذها الحبّ من براثن الأمم المتصارعة؟ أم أن الضربة القاصمة ستأتيها ممن تحبّ على اعتبار "إنّ الجرائم التي اقترفتْ بدافع الحبّ تفوق تلك التي اقترفت بدافع الكراهية؟" (ص: 155)
ويتبدّل شكل الصراع على "موهيلي" مع اتهام السلطانةِ "زنجبار" بتسميم أبيها بإيحاء من مربّيتها.
وإذ يجد "الإمام سعيد" نفسه خارج الجزيرة التي يقوى فيها النفوذ الفرنسي يومًا بعد يوم، فيقرّر قيادة صراع لا هوادة فيه للإطاحة بـ "عروس القمر" أو "السلطانة شكولاتة" كما درج الفرنسيّون على تسميتها.
تُسرد "عروس القمر" عبر راوٍ عليم يحرص على استخدام العناصر الروائية الحديثة. وقد نجح الطرزي في المواءمة بين الت��ريخ والجغرافيا متّكئًا على معرفته العميقة بدول شرق إفريقيا بسبب سنوات طويلة من الإقامة فيها. وها هو يضفّر بإتقان الأحداث التاريخيّة ويجدلها بخيال خصب في إطار مشروع متكامل واضح المعالم، موظّفًا بعناية الحوار المتقن لرسم شخوصه الجذابة ولخلق خطوط رديفة تخدم المسعى الفنيّ للنص.
February 6, 2025
📌 ماذا تعرف عن تاريخ جزر القمر؟
حتى لو طغى الخيال على الحقيقة في قصتنا، فقد شجعني ذلك على البحث والقراءة أكثر عن تاريخ تلك الجزر.
🔹 تتغير السياسة بتغير المصالح، وتدفع الشعوب ثمن أطماع الحكام.
مؤامرات تُحاك، وأحوال تتقلب، وأطماع لا تنتهي،
تُطيح بقلبٍ غضٍّ، وترسو به على غير ما يشتهي.
🔸 رواية لطيفة وخفيفة، يمكن الانتهاء منها في جلسة واحدة.
مقسّمة إلى فصول قصيرة، لمن يحب هذا النوع من القراءات السهلة والممتعة.
قرأتُ معظم أعمال الكاتب، ونصحتُ اليافعين بالقراءة له،
فقد جمع قلمه بين عذوبة اللغة ومتعة الحكاية، دون أن تفوته الفائدة.🙃
حتى لو طغى الخيال على الحقيقة في قصتنا، فقد شجعني ذلك على البحث والقراءة أكثر عن تاريخ تلك الجزر.
🔹 تتغير السياسة بتغير المصالح، وتدفع الشعوب ثمن أطماع الحكام.
مؤامرات تُحاك، وأحوال تتقلب، وأطماع لا تنتهي،
تُطيح بقلبٍ غضٍّ، وترسو به على غير ما يشتهي.
🔸 رواية لطيفة وخفيفة، يمكن الانتهاء منها في جلسة واحدة.
مقسّمة إلى فصول قصيرة، لمن يحب هذا النوع من القراءات السهلة والممتعة.
قرأتُ معظم أعمال الكاتب، ونصحتُ اليافعين بالقراءة له،
فقد جمع قلمه بين عذوبة اللغة ومتعة الحكاية، دون أن تفوته الفائدة.🙃
February 16, 2025
كثير من الخيال وقليل من الحقيقة. كأنها كتبت على عجالة!
Displaying 1 - 9 of 9 reviews