"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " والدعاء بها يتناول دعاء المأله , ودعاء الثناء ودعاء التعبد , وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته ويثنوا عليه بها , ويأخذوا بحظهم من عبوديتها ..
يقول الامام ابن القيم رحمه الله عن أسمائه وصفاته عز وجل: " أسرار كلام الله أحب وأعظم من أن تدركها عقول البشر، وإنما غاية أولي العلم: الإستدلال بما ظهر منها على ما وراءه، وإن باديه إلى الخافي يسير" .. وقال ابوبكر بن العربي حول السبيل إلى معرفة أسمائه الحسنى: "حلق العلماء عليها، وساروا إليها، فمن جائرٍ وقاصد؛ والقاصد في الأكثر واقف دون المرام، والجائر ليس فيه كلام … والذي أدلكم أن تطلبوها في القرآن والسنة، فإنها مخبوءة فيهما، كما خبئت ساعة الجمعة في اليوم، وليلة القدر في الشهر رغبة، والكبائر في الذنوب رهبة؛ لتعم العبادات اليوم بجميعه، والشهر بكليته، وليقع الاجتناب لجميع الذنوب". .. من أحب ما قرأت في موضوع أسماء الله وصفاته الحسنى، كيف لا وشارحها هو الإمام ابن القيم نفسه رحمة الله عليه.
وممّا يلزم حياة القلوب، حُسنُ النّظر وبالتّالي تعظيم الخالق، وحُسنُ الاعتبار بمخلوقاته الدّالة عليه.. وفي الاعتبار عبورٌ للنّظر من الأثر إلى المؤثّر من الخلق إلى الخالق من الدّليل إلى المدلول..
فمخلوقاته دالّة على ذاته وأسمائه وصفاته.. وأسماؤه وصفاتُه دالّة على ما يفعله ويأمر به وما لا يفعله ولا يأمر به ... ولم نفرغ من النّظر بعد !! فكأنّما أسماءَهُ سبحانه من كلماتِه التي لو مُدّ البحر لنفدَ قبل أن تنفد..
الكتاب جميل جدًا ونشكر القائمين عليه ومن جمع نصوص المصنّف لتكوين هذا الكتاب الرائع. الكتاب حقًا أفادني وأجاب على كثير من الاسئلة التي كانت تدور في ذهني، ففي بداية هذا الكتاب بدأ بتعريف الاسماء وفضلها ومكانتها ومقتضاها وانها ليست حصرًا على ٩٩ اسم فقط ثم شرع بتقسيم الاسماء وشرح معاني بعض الاسماء ثم في نهايته بيّن الحكمة في اختتام الآيات باسمائه وصفاته
فالمعرفة بالله تأخذ بجماع القلب واللّب .. وتأنس بها أرواح استوحشت من الدنيا ومافيها ! ألا تحبّه ؟ تعرف اليه واعبده بالعلم عنه .. "فاعبده واصطبر لعبادته .. هل تعلم له سميّا " !
...
رحم الله الامام ابن القيّم .. كعادة كُتبه مشكاة تضيء القلوب والدروب .. على مافي الكتاب من توسع _في بعض المواضع_ في الرد على الطوائف المخالفة في باب الاسماء والصفات , إلا أنّ فيه هداية ودلالة لمن تبصّر فيه ..
اقتنيت الكتاب دون تفحّص ظنًا مني أنه كتاب قد وضع عنوانه ابن القيم رحمة الله عليه، ولكن بعد القراءة وجدت أنه جهدٌ من المحققين الكريمين في استقراء وتتبع كل ماذكره ابن القيم في تراثه عن أسماء الحسنى، مع محاولة ترتيبها وربط جزئياتها.. ويضيق عليها المحققان الكريمان مايريانه مناسبًا من فوائد أو تعقيبات وتعليقات - من غير كتب ابن القيم- كإضافة شروحات الشيخ السعدي رحمة الله عليه وغيره.. شكر الله لهما جهودهما.. ولكن تمنيت لو تم إيضاح عنوان الكتاب بشكل أكبر حتى يعرف المقتني أنه تتبع لهذا الموضوع من مظانه في كتب ابن القيم وحسب .
This entire review has been hidden because of spoilers.