قادنا الريّس إلى الفنار. حيث نؤدي الصلوات، وحيث نسكبُ الدموع على الراحلين. مضينا في صمت دون أن نلتفت، وفي نظم دون أن يصفنا أحد، نتتابع مثل حبات عقد أخضر، على راحتنا ترتاح صحون العطايا، أوعية من فخار نستقبل فيها عطايا الرب كما نصّت الألواح وعلمتنا الضريرة. وصلنا إلى الفنار، لنجد السماء آخذة في الإنسداد، والموج يتفتت على لسان البر. صمتنا حتى جثى الريّس مطرقًا، رفع ذراعه، الذي يحمل الصحن، وشرع يترنم: للصالحين وَسَعَات الجنان * وللطالحين عَمَد النيران* جثونا لنصلي خلفه، مع أن النوارس لم تظهر. بحثت عنها في كل أرجاء السماء فلم ألمح منها واحدًا. لماذا لم تحضر النوارس؟! هل نسيَت موعد الجنازة؟ هل تنسى النوارس موعدً بالأساس؟! تساءلت فيما الريّس يستقيم واقفا. لقد صعدت روح (صالح) إلى برحات الفردوس الخضراء. إلى سعة الفردوس يا (صالح)، إلى سعة الفردوس يا أخي. انفضّت الصلاة مع دعائي، فعدنا إلى البلدة، كما تقتضي المراسم، كل من طريقٍ مغاير.
كلُّ رواية تحمل بداخلها أيديولوجيتها، تتحكَّم في رؤية الروائي وفي بناءه للشخصيات وتكوينهم الفكري وموقفهم ورؤيتهم للحياة وللمجتمع، ولا يُمكن عزلها بحال من الأحوال عن مُجمل تقييم العمل الروائي، فإنّها وإن كان لها تعلق خارجي بفنيات الرواية، إلا أنّها على الحقيقة هي التي تبثّ الروح في هذه الفنيات الجافة فتجعلها نابضة، هذا ما أعتقد أنّه متوفر وبقوة في هذا العمل الروائي المميز لأمير حسين Amir Hussein ، فهو عمل مُشبّع بالسيمائيات وبالدلالات والإشارات التي تصيغ أيديولوجيا وجودية حول خلافة الإنسان التي يرمز لها بمصطلح سيمائي وهو " رفات نبي"، وكذا إشكالات فهم النص الديني ونقد المتلاعبين بعقول البسطاء باسم الخرافات التي يُلبِسونها المسوح الدينية؛ فهي رواية وجودية شكلًا وموضوعًا، لكنّها ليست بطبيعة الحال من عينة روايات سارتر أو كامو أو سيمون دي بوفوار؛ إذ في " رفات نبي" لا يقف أمير حسين موقفًا موضوعيًا من الإنسان، بل هو يُقدِّم لنا صورة واقعية ملموسة للإنسان في إطاره الاجتماعي والعقدي المُبتذَل، فيكشف لنا عن عمق أهوائه ورذائله وشتى مظاهر نقصه.
ينسج لنا أمير حسين مجتمعًا غرائبيًا، يُحاول من خلاله التوفيق بين الموضوعي والذاتي، وبين المطلق والنسبي، بين اللازمني والتاريخي، وبين العمق الفكري والثقل المادي، فمن خلال بلدة ساحلية قائمة على قوانين محفورة في ألواح منسوبة للرب حيث فُقدت الألواح الأصلية وما تبقى هو ألواح معلقة على جبل " يام" نسخها المدونون والضريرة، تتشكل معالم الرواية الأساسية وتتفرع خيوطها وتتضح معالم شخصياتها من راو للأحداث ينعته أهل هذه البلدة بـ " أخو صالح"، إلى ضريرة تُمثّل السلطة التأويلية لألواح الرب المزعومة، و ريس له سلطة كبيرة على جموع العامة وهو يمثل السلطة التنفيذية لتأويلات الضريرة التي تتشابك مصالحها مع مصالح الريس، ونخبة يُمثّلها مجموعة من المتشككين في تأويلات الضريرة وسلطة الريس ينعتهم أهل البلدة بالكفرة مثل شخصية " نظير".
إنَّ ما أبدعت فيه الرواية هنا على الحقيقة ليس طرح الإشكالات حول ماهية الرب أو مصير الأرواح بعد الموت أو مدى وثوقية العملية التأويلية لألواح الرب المزعومة، إنما الإبداع الحقيقي هو في كيفية تعبيرها عن البعد الميتافيزيقي الذي يتحرك عبره الموجود البشري، وذلك من خلال مواقف متعارضة وأحداث متشابكة ومشاعر متناقضة تحكّمت في بنية العمل الروائي.
هذا التداخل والتعارض هو ما أكسب الحبكة الروائية قوتها، فالصراع بين " أخو صالح" و مصيره وأزمته السيكولوجية التي تربط بينه وبين أخيه " صالح" تجعله دائمًا في مواضع مقاربة معه، ثم قلق " أخو صالح" الفكري من معتقدات أهل المنزلة وتشككه في تأويلات الضريرة و تفسيرات الكاهنة، بل ورفضه للسلطة التنفيذية الممثلة في الريس " باذام" الغشوم الذي يتسم بديماجوجية شديدة، هو ما أوصل الحبكة إلى ذروتها، ربما كان الإيقاع بطيئًا في البداية، لكن في لحظة ما، عندما يذبح " أخو صالح" طائر النورس المقدَّس عند أهل المنزلة، تبدأ الأحداث في التسارع والتدفق، وتبدأ شخصيات أخرى في الامتداد عبر مساحة روائية لا بأس بها مثل شخصية " نرجس" الي تُعد هي دينمو الانقلاب النفسي في شخصية " أخو صلاح"، حيث بدأ في الانقلاب العملي والانتقام الفعلي من أهل المنزلة.
وكذا شخصية " نظير" أو الزنديق في نظر أهل المنزلة، وجماعة النسّاك، فكل هؤلاء شكّلوا بصورة كبيرة التطور الفكري والثوري لدى بطل العمل، وهو تطور تم بتدرّج مدروس، وإن كان هناك بعض الشخصيات كان يُمكن منحها مساحات أكبر مثل شخصية الريس " عشم"، كما أنَّ الديالوج نفسه يبدو مناسبًا بدرجة كبيرة لكل شخصيات الرواية، لاسيما ديالوج " أخو صالح" و " نرجس" و نظير"، فهو يلائم تركيب الشخصيات وتطورها الفكري ودوافعها النفسية.
فأبطال " رفات نبي" ليسوا بالضرورة فلاسفة أو مفكرين أو أهل جدل، بل هم أولًا وبالذات موجودات بشرية تواجه مصيرها، ومن هنا قد يبدو عدم العمق الفلسفي في الحوار بين " أخو صالح" و " نظير" حول كينونة الرب، أو بين " أخو صالح" و " الريس عشم"، فالرواية لا تأخذنا لجدالات لاهوتية لأن شخصيات الرواية غير مؤهَّلة لذلك باستثناء الضريرة التي تدّعي العلم، ومن ثم هي تطرح إشكالات أكثر مما تضع من تنظيرات، إشكالات من عينة قلق الإنسان وعبث الحياة وصراع الحريات وجزع الموجود البشري من الموت، فهي إشكالات لا يجد أبطال الرواية إجابات عنها إلا محض أوهام تنسجها الضريرة والكاهنة، مع قوة بطش كبيرة يستعملها الربان أو الريس " باذام" إزاء كل من يشكك في تلك الإجابات أو التأويلات، بل هو يملك على الحقيقة توجيه العقل الجمعي للعامة، ويدفعهم للفتك والقتل والوحشية على قارب التطهير المقدس " المنجية" البائد منذ طوفان نوح، وحشية ونشر بالمناشير بإسم الرب التي تحتكر الكلام باسمه الضريرة.
كان من الطبيعي عندما تأتي النهاية أن تكون صادمة ومروّعة تعصف بكل هؤلاء، تعصف بالضريرة والريس " باذام" و زبانيته، بل حتى العامة -وهم أداته الغوغائية- كانت نهايتهم نفس نهاية السلطة التي استعملتهم، ونكتشف أن " أخو صالح" له إسم حقيقي حاولت أمه طمسه بمحق ذاتية ابنها ليتماهي في شخصية أخيه التوأم " صالح"، هذا الإسم هو " نوح"، وهي سيمائية تربط بين مصير نوح " أخو صالح" وبين المصير المدون لنوح النبي عليه السلام، فكلاهما نجا على قارب الحقيقة الذي لم يُغرِقه طوفان الجهل والأساطير، الجهل الذي يصنعه طول الأمد والبعد عن مصدر النبوة وحملته، يبدو هذا واضحًا في الانقسام الواضح لأهل المنزلة حول عقيدة الموت ودور النوارس في حمل الأرواح، انقسام بعد موت آخر أبناء نوح -عليه السلام- نتج عنه فريقان، فريق الريس عشم و فريق جماعة النساك، وما بينهما من انقسامات لاهوتية.
فعبر لغة رصينة ومتماسكة، وتشبيهات بديعة، ووصف غير مُسهب ولا مجتزأ يتميز بالدقة، تم صياغة هذه الملحمة الفكرية الرائعة المتجاوزة للزمان والمكان.
#رفات_نبى وأما أمير حسين فقد ابدع فى الفكرة وبناء مجتمع الرواية المتفرد وخلق زمنها بين الطوفان الثانى والثالث ،وغاص بنا بين مفردات مجتمع "المنزلة" الساحلى المطل على البحروالبحيرة ،ولما عرض للتوءمان سماهما "صالح" و"اخو صالح" ولما تماهينا معه فى البداية افصح لنا ان "اخوصالح" اسمه الحقيقى" نوح" ، وهو ابداعا اخر فى تناسق اختيار اسماء الابطال . ورغم ان عملة التداول فى الحياة داخل حدود "المنزلة" هى الألواح المقدسة فمنكرها كافروالمتدبر فيها زنديق كامثال "نظير" الا انها عملة يوظفها "الريس" وتقننها"الضريرة" وتنفذ احكامها من خلال "الزبانية"على اطلال فلك نوح الناجية من الطوفان ، والعوام هم العوام منذ عهد نوح الى الأن ،مرورا بكل العصور فهم احيانا اعراف القرأن الذين خلطوا عملا صالحا بآخر سيئا ،وفى زمن اخرهم من استمعوا للشائعات حول "جريج" الزاهد العابد فهدموا صومعته واتهموه فى عرضه، وفى تاريخ لاحق هم المواطنون الشرفاء . وفى "رفات نبى " كانوا هم من يخنعون للزبانية والريس "باذام" ،هم من رجموا "نرجس" بنبوءة الكاهنة ووحى الاصداف وهم من قطعوا يد "اخو صالح" او نوح. رواية لا تشعر معها ببعد الاف السنين بيننا وبينها ،بل هى حاضرة تبرز الظلم والجهل واستغلال الدين والمتاجرة به، والتشدق بكلام والاتيان بعكسه تماما، كما فى حالة تحريم صيد العقارب ثم التحايل بالبيع والشراء فيها ، اما شريعة التطهر فلا تطبق الا على الفقراء العبيد دون السادة الاغنياء ، ولى اعناق نصوص الالوح المقدسة للحصول على الفتوى المطلوبة . اقول ابدع امير ايضا فى ادماجنا فى مجتمع المنزلة بمفرداته الساحلية فشاهدنا معه منازلة العقارب، وشممنا رائحة سمك المشط والمرجان اثناء المزادات، ورأينا الحمير وهى تحمل طاولات السمك فى طريقها للاسواق، وتجاوبنا مع الفاظ ربما لم نسمعها قبلا مثل "الطنجرة" و"السطل" و"الخور"و"الصيرورة" والديمومة" و "الكينونة" بل وآمنا بان أرواح الموتى تسكن حواصل النوارس ، وحينما ضرب الجوع الصيادين وافتت الضريرة بتحريم اكل سمك المشط وقتها ، اقتنعنا بكلام اخو صالح "لا يصمد الخوف امام الجوع ان تصارعا فى ساحة النفس " اختم هذه المراجعه بشكر المؤلف ودارالهالة على تلك المنحوتة الادبية الرائعه وايضا باحدى جمل الرواية الرائعه . "تجمعنا فى جزيرة الرمل ، حيث النسيم مسكر، والخرير منغم ،والقمر فنارتصلى اليه النجوم ".
يقول جان جاك روسو صاحب ميثاق العقد الاجتماعي: أن"النظام الاجتماعي لا ينشأ من الطبيعة، بل إنه نتاج الاتفاقيات" ويقول: "أن الإنسان إذا تخلى عن حريته فقد تخلى عن إنسانيته كذلك"
في سطور تتقمص روح الميثولوجيا الراسخة في الضمير الجمعي للإنسانية الحائرة، تأتي رواية رفات نبي للكاتب أمير حسين والفائزة بجائزة حمد بن راشد شارحة كيف يبدأ كل نبي غريبًا في قومه وتأتي كل رسالة كزلزال يدك أسوار الجهالة ويقوض عرش الاستبداد، فيصبح العصيان فرضًا والجموح فضيلة.
وبينما اعتدنا أن يكون الواقع هو المصدر الأساسي الذي يستمد منه الروائيون وقود أعمالهم السردية، أسعدنا عدد منهم بامتلاك مصادر خيالية أخرى تخطفنا إلى فضاءات جديدة بعيدة عن الواقع. إلا أن المدهش في رفات أنك كلما حلقت في فضاءات الخيال وجدت نفسك تنغمس بقسوة في خبايا الواقع لتقف عاجزًا عن تحديد أيهما أشد عجائبية، أساطير الواقع أم أسطورة الخيال.
الفكرة: يظل حلم كل كاتب هو العثور على فكرة شابة متجددة لم تترهل ببن أقدام المرويات، فمرة تقتنص الدهشة من عقل القاريء وتدفعه للاحتفاظ بكامل تركيزه وتيقظه مخافة أن يفوته كامنٌ بين السطور. هنا في هذا العمل نجد أنفسنا أمام المعضلة الأزلية التي بزغت منذ فجر الخليقة وقتلت بحثًا وتأطيرًا سواء في الفلسفة وعلم الاجتماع، أو في الروايات والحكايات أو حتى في كتب التاريخ وفصول كفاح الشعوب. فكرة الصدام بين ثالوث الحكم والسلطة، وبين إرهاصات الفكر والرغبة في الحياة؛ التزاوج بين السلطة والدين بمباركة رأس المال، بينما الشعب؛ الكرة المتقافزة بين أقدام الأضلاع الثلاثة. وفي حين نجح الكاتب في تمثيل ازدواجية الاستبداد بين السلطة الدينية التشريعية الممثلة في الضريرة، والسلطة التنفيذية السياسية والمتمثلة في الربان، نجده قد اختار لسلطة المال دورًا محايدًا بل وسَاميًا مخالفًا للواقع في الغالب؛ فجعل سلطة المال تجلس على دكة الاحتياط وتترك ساحة الملعب مفتوحة أمام الطرفين الأشرس على الإطلاق يتبادلان الضغط فيما بينهما حتى استأثرت القوة السياسية الباطشة بالزعامة وطوعت الدين وتشريعاته بل وأملت عليه قراراته، كما هو الحال دائما باختلاف الأمكنة وعلى مر العصور.
وفي حبكة فلسفية وجودية رئيسة، تميزت ببراعة ابتداع الزمن ودقة رسم المكان، مستلهمة روح الديانات الإبراهيمية للحد الذي يجعل القارئ يتوحد مع الأحداث، فيبحث عن أصول تلك العقيدة المخلوقة داخل الرواية والحكمة الكامنة في ألواحها وآياتها المقدسة، بدأت الرواية بمقطع يستفز الأسئلة والهواجس ويفتح أبواب الأفكار والاحتمالات فيصدمنا الراوي بتأريخ الأحداث قائلًا: " ليلة السبت الأخيرة من المد الأول بعد الطوفان الثاني" ببساطة يزرع الأسئلة ويثير الفضول ويؤسس لما هو قادم بعد أحداث فارقة فيقول في نهاية الرواية "اليوم هو السابع من القمر الأول بعد الطوفان الثالث".
إذن؛ أليس التاريخ يعيد نفسه؟ والزمان يكرر أحداثه فكأن الطوفان هو الحقيقة الثابتة والمحصلة النهائية، هو البداية وهو النهاية، وما يكون بين طوفانين من حياة هي مجرد فصول مستنسخة من حيوات سابقة. طوفان يبدأ بأخو صالح القلِق، المهمش والمنبوذ وينتهي بنوح الثائر المتمرد حامل لواء التغيير، وما بين طوفانين يضفر الكاتب عدة نقاط فلسفية وجدلية عميقة، فيطرح أسئلته القلقة، ويلقي أحاجيه المتشابكة أمام القارئ مثيرًا عاصفة قلقة تكسر قشرة التماهي بين المقدس والموروث، لكنه لا يغلق الصفحة الأخيرة إلا بعدما يتأكد من هدوء البحر وسكون صفحته، ويتأكد من إجابته على جميع الأسئلة التي طرحها على طول متن النص.
نحن أمام كاتب يكتب بمزاجية عالية واستمتاع شديد فالبنية الدلالية والفنية للعمل تعكس حالة متميزة من الكتابة الروائية أنتجت عملًا منسجمًا متماسكًا نجح في الحفاظ على ترابطه الاستدلالي والمنطقي. حتى عندما بدأ السرد بإيقاع بطيء نوعًا ما كان الكاتب مدركًا لقيمة البطء ودلالته في هذه المرحلة، فلم تسقط الألواح في فك الترهل والملل، ثم أبحر بثبات ورشاقة كفلك أخو صالح بتصاعد منطقي حتى الوصول بالحدث الصاعد لنقطة الذروة وانفجار المواجهة بين المعسكرين، في إحالة دلالية ذكرتنا بمراحل تكون واحتقان الأعاصير حتى لحظة الانفجار الصاخبة ثم العودة للسكون.
وفق الكاتب في اختيار السرد على لسان الراوي المتكلم فكان البطل هو الأقدر على التعبير عن نفسه وكشف دواخله النفسية ولحظات اضطرابه التي تسببت فيها ظروف نشأته والنبوءات المحيطة به، مستعرضًا باستفاضة دور الخرافة في الموروث الشعبي والديني، فأتت المونولوجات الداخلية الحائرة في البداية والثائرة فيما بعد كإضاءات فلسفية إضافية، وأتى تنوع وتعدد الأصوات الدينية وتعدد الأطروحات الفكرية كزخم واقعي أثرى الخط الرئيسي للعمل بفلسفة دلالية سلسة.
يحسب للغة هنا أنها كانت بسيطة مكتفية بعمق الفكرة دون فذلكات لفظية وإطنابات مخاتلة وعلى الرغم من ذلك نجحت في إيصال الشعور بالبعد التاريخي والبعد الزماني للأحداث.
رسم الشخصيات جاء منضبطًا بميزان حساس فلم تتكدس الرواية بالأسماء أو الأحداث، الجميع لهم حضور واضح ودور فاعل يصعب تجاهله أو الاستغناء عنه، الكل يسكن في إطاره تمامًا وهذه نقطة أخرى من نقاط التميز المحسوبة لهذا العمل.
وكما تقول دكتورة إيمان الدواخلي أن: "من يترك الاستمتاع بالجمال، ويدمن التدقيق في أوجه النقص فيه، هو شخصٌ معذَّب بالعمى" لذلك سأحتفي بهذا الجمال اللافت على أن اكتفي بملاحظة بنائية واحدة بدت غير متسقة مع ما قبلها من سياق، حيث يذكر الكاتب في الربع الأخير من الأحداث أن المنقادين الغاضبين حين ألقوا القبض على "أخو صالح" قبل التطهير قاموا بتدمير مركبه المسمى نرجس بشكل كامل،ثم تعود الأحداث بعد مشهدين لتسرد لنا كيف استطاع إدريس تهريب البطل وإخفائه هو والفلك "نرجس" داخل الأحراش حتى تمكن من علاجه.
وعلى غير ما اعتدت حين الكتابة عن أي عمل روائي، اخترت تأجيل الإشارة لاسم العمل إلى النهاية، لأن تمام فهم المقصد منه لا يتحقق سوى بتمام القراءة، فتكتشف منطقية العنوان وتميزه.
في النهاية من عادتي عندما أقرأ رواية أن أقيمها بشكل عاطفي شخصي بناءً على نجاحها في توريطي داخل الأحداث وإلقائي في خضم الصفحات حتى التوحد والبحث عن نفسي بين الأبطال، والحقيقة أن هذا ما حدث تماما في عدة ملامح لبعض الشخصيات، لكل ما سبق أنصح بشدة بقراءتها
رفات نبي. تجربتي الرابعة مع الرائع أمير حسين. ينجح الكاتب دائما في سبر أغوار فلسفات معقدة من التاريخ البشري و معقدات النفس البشرية. حيث يسلط الضوء هذه المرة علي دنس الجماعة و المضي في ظل الآخرين و خيوط من عشق تكاد تنقطع من حتمية البين قبل بزوغ الأثر و أفواج من السالكين المسلمين لكل ما هو قديم لا يقبل التشكيك. انها دنيتنا و حياتنا. كلنا صالح و نوح و نرجس. الطرقات مكتظة بهم في كل آن و أوان. انها الحياة التي تحلم أن تعبر من فوق سياجها فقط ليكون لك عنوان حتي و إن كان الثمن فقد ما يعطي للحياة العنوان. السرد كعادة الكاتب مبهر و بسيط و ذكي في انتقاء الجمل و الإسقاطات. عمل مبهر و أنتظر المزيد
رفات نبي.. رحلة الدهشة والفكرة.. قرأت العمل كاملا مرتين قبل أن أشم رائحة الورق فيما بعد، وعندما أمسكت بالكتاب الورقي في دار الهالة شعرت بخفقة قلب كاملة وكأنه جزء مني، كأنه يخصني، وقلت هذا النص من بين أكثر النصوص أثرا على مدى سنوات قادمة. رواية تحمل الكثير من التوغل في الهم الإنساني، والذاكرة الجمعية، تعيدنا إلى عصر بعيد بإسقاطات ممتدة من بدايات أول انفلات إنساني إلى الغد الآتي. ورغم أن النص زمنيا يمكن أن نمنحه 50 عاما من الحركية داخل فترة زمنية تتجاوز الـ5000 سنة إلا أن الهم الحالي والأسئلة الوجودية والصراعات العقدية التي يقدمها النص بين أيدينا -وهنا العقدية كل ما نعتقده من دين وسياسة ومبادئ وأفكار وأحلام...- تعزز فكرة صريحة مفادها أن التاريخ الإنساني يعيد نفسه ولو بدرجات لونية معدلة، ولكن يبقى الخطأ الإنساني يتكرر كموروث لا فكاك منه. يصرخ الكاتب في وجه العالم السردي والإنساني بأطروحاته التي تمتلئ همًّا وتشبعا بالواقع والآمال ذات الرؤية النافذة، ويعزز البحث والدفع بنا إلى تبني مشروع يعزز قيمة الإنسان، وقيمة الإنسان تبدأ من اتضاح الرؤى وتصحيح المسارات، فهل نحن قادرون على تعزيز قيمتنا الإنسانية والخروج بنا جميعا من انتكاسات التكرار البشع لأخطائنا... ... في هذه الرواية: عندما تبحث عن الفكرة الجديدة والمجددة تجدها. عندما تبحث عن لغة سلسة انسيابية تلامس شغاف قلبك تجدها. عندما تبحث عن المختلف تجده حد قوله (واو) ما هذا يا أمير؟! من أين لك هذا الخيال والمتَّسع؟! التقييم: الرواية تستحق فوق 5 نجمات، هي في القلب قبل أن تكون عابرة هنا.
(رفات نبي) عندما يبهرك الكاتب والمكتوب يوميات فريده كتبها جن من زمن غابر او وجدت محفوره علي حجر كريم في اقصي بقعه من الارض حيث بلاد لم تراها عين ولا يتخيلها افق ..... تحكي للاطفال وقت النوم كتهويده و تغني كا سيره بطل شعبي اسطوره تلقي باصوات سماويه ولحن اوبرالي مهيب انصح بأقتنائها وليس مجرد قرأتها شكرا Amir Hussein علي الحاله الجميله اللي رافقتني طول فتره قرايتي ودمت مبدع 🌹 🌹
#ريفيوهات_ساحر_الكتب 📑 رواية #رفات_نبي 📚 #أمير_حسين ✍🏻
《كلنا نمر بلحظات ضعف، كل البشر ضعفاء، المشكلة تكمن في عدم رغبتنا في الاعتراف بهذا الضعف، نريد دوماً أن نبدوا مثاليين أمام الآخرين، مع أننا نعلم أننا لسنا كذلك، وهم يعلمون نفس الشيء، فلماذا نغرق في هذه الدوامة؟ لماذا لا نتعامل ببساطة و نقبل الضعف على أنه قدر موزع على الجميع؟》
يحملنا الكاتب إلى عالمٍ نَسجهُ خيالياً يحمل من الواقعية الكثير، يقبع بين التاريخ الذي بدأت فيه أُسس تخيل الكاتب للأحداث و الحاضر الذي وضع قواعد العالم الروائي فيها. رسم فيه معالم جغرافيا و تاريخ ذلك العالم و اهتم بها كما اهتم تماماً بتفاصيل الشخصيات و الأحداث و اللغة.
ما بين الراوي - البطل الباحث عن حقيقة نفسه و حقيقة ما حوله، و صاحب القوة و السلطة المتسرع ذي الرأي و البطش، و التابع أعمى البصيرة الذي لا يفكر و الآخر الذي يسير وقد أعمى بصره متعمداً، و من تمتلك المعرفة المحرمة فيؤخذ برأيها سراً، و تلك التي لديها العلم بأمر الرب و لا يعرفه أحد غيرها فتُسيّر العوام على هواها دون أي اعتراض منهم، و الزنديق الكافر في نظر الآخرين لمجرد اختلافه عنهم بلا أي دليل على فساده، الفاسد حقيقةً ذو الحيلة و المكر الذي ترى الجميع في صفه، و الرقة متجسدة في حكيمة تجدها دوماً كعون و صديق.
مُعبراً بعمله عن القوة، و الخوف، و الجوع، و الحب، والوحدة، و الصحبة، و الأهل، و الخيانة، و الكذب، و الحقيقة، و النصح، و العلم، و الجهل، و الضعف، و الاستكانة، و التخطيط، و الطموح، و البحث، و الوصول، و التيه، و التضليل، و المساعدة، و الفقد، و الأنانية�� و الإنتقام، و المعرفة، و السكينة.
و يروادك السؤال:
عندما تدفعك محاولاتك في إظهار الحقيقة و مساعدة من حولك، على الرغم من دفاعهم المستميت لقمعك و تهميشك، إلى الغرق في بحر من الغضب و الحقد و الأنانية.. من الذي يجب أن يقع عليه اللوم في ذلك؟ و هل يكون ذاك التحول في شخصيتك صحيحاً أم خاطئاً؟
ثم ماذا لو .. كان اقرب الناس إليك هم من يحاولون محو هويتك، و تعليقك بآخر؟ تُنادى مُكنى باسمه، و تحيّا ظلاً له، فإذا ما خرجت عن صمتك و حاولت وضع بصمتك .. واجهوك بالرفض و القمع و التهميش؟!
و ما الذي يدفع إنساناً لاتباع آخر؟
أما الإجابة:
إن كل فعل هو رد لفعل قد سبقه، و ما يأتي لاحقاً هو نتاجٌ طبيعي لما قد كان سابقاً.
و كل تغيير هو مواجهة لنفسك و لما و من حولك، أما لحظة الحسم فهي اللحظة التي تتخذ قرارك فيها و تبدأ التنفيذ.
أما التبعية، فستجد الكثير من الإجابات التي تبررها، فالسطوة، و القوة، و النفوذ و المال جميعها أسباب تبررها.. و لكن اخطر هذا المبررات على الإطلاق هو المعرفة، من يمتلك علماً ليس لديك أو يوهمك بذلك سيجعلك تابعاً له، سواء كنت على دراية أو لا .. ستتبعه، لكن الناجي هو من يُحكّم عقله و يرى الأدلة من حوله.
لا يتوازن الكون إلا بوجود مسارات، تُقدِم عليها مُخيراً لا مُسيراً، فكُلٌ منا لديه حق التفكر و النقاش و الاقتناع، و من ثم الاختيار.
~ الفكرة: فلسفية، وجودية، طال البُعد الديني جوانبها، لكن.. لم يتناول الكاتب تلك الأفكار بأسلوب معروف أو مسبوق، بل صنع منها عملاً أدبياً بطريقته الخاصة، طريقة سلسة و سهلة لا تُشعر القارئ بعمق الفكرة المهول، ولا تُعطي له سبباً للنفور منها.
~ الحبكة: حبكة محكمة، تنساب فيها الأحداث و تتصاعد ثم تصل إلى نهاية حتمية لابُد منها بعد كُلِ ما جرى، تقتح باباً لبداية جديدة تحمل ما تحمل من متغيرات و صراعات.
~ الشخصيات: كُل منها له موضعه و هدفه و أدى دوره في العمل على أكمل وجه، تراهم و تتخيل ملامحهم حتى و إن لم يقم الكاتب بوصفه جميعاً شرحاً و تفصيلاً، قد تطورت الشخصيات بواقعية، و وصل كُل منها إلى ذروة مسيرته، ثم هبط إلى النهاية باقناع تام.
~ اللغة: عربية فصحى، سرداً وحواراً على قلة الحوار فيها، حملت العديد من الجماليات اللفظية و البلاغة اللغوية دون صعوبة و دون استخدام لحشوٍ زائد أو مصطلحات ذات وقع مجلجل بلا داعٍ لها.
~ العنوان و الغلاف: عنوان مُلفت، سيتوضح معناه عندما تقرأ و تصل إلى آواخر الصفحات .. و الغلاف معبر، بسيط بألوان مريحة للوهلة الأولى، حمل النوارس و تلك البقعة من اللون الممتزج خلف العنوان، الذي يوصل لك شعوراً بالتغيير، تعبيراً عمّا يتمازج من صراعات في العمل.
~ النقد: لا أمتلك نقداً واضحاً و مباشر للعمل - كل مافي الأمر أني كنت أسير مع الأحداث و أتتبع الشخصيات بكل رضا، كانت تستفزني التغييرات، و لكن لم تُفاجئني ردود الأفعال، كان كل ما في هذا العمل نتاجاً طبيعياً لتسلسلٍ تم كما هو متوقع. و لكن .. متى كان ذلك عيباً؟ في الحقيقة هو أمر قد يكون مقصوداً من الكاتب، تسليط الضوء على المغزى لا على إثارة القارئ بتزاحم الأحداث وحسب. إذاً خلاصة القول أنه لا نقد لدي، وإنما إعجاب متزايد، بقدرة الكاتب على إيصال الفكرة الشائكة دون تعقيد، بل و احترامه للقارئ بتقديم التفاصيل منطقية و متلازمة مع صلب العمل عبر مزجه لعالمه الخيالي مع واقعنا المعروف.
* عدد الصفحات: 174 * مدة القراءة: ساعتان - متفرقة - قراءة بطيئة . * التقييم: 5/5
ليست أولى قراءتي لِ أمير حُسين، و حتماً لن تكون الأخيرة طالما أن الكاتب يجود بقلمه، كلنت و لاتزال لُغة أمير تُمتعني، تصويراته للأحداث مرحبا صياغة الشخصيات مادياً و معنوياً تَمسُ شيئاً ما في داخلي، مما يدفعني لقراءة ما يكتب بمزاج عالِ.
في الحقيقة كُنت انتظر قراءة "رفات نبي" منذ اليوم الذي علمت عنها فيه .. دفعني إعجابي باقتباس منها إلى تتبع أعمال الكاتب، انهيتها جميعاً، و انتظرت الدرة الأخيرة، أتابع آراء القراء عنها و أرى اعجابهم بها فيزداد حماسي لها، إلى أن وصلتني. تجربة مميزة جداً تراها و تشعر بها بينما أنت تقرأ، و تنتهي إلى أنه حقاً لم يكن سوى رُفات نبيّ، كل الشكر للكاتب و في انتظار القادم بإذن الله.
#ماوراء_العالم #قراءات_٢٠٢١ #رفات_نبي "رفات نبي...بين الخرافات والمدافعين عنها على مر العصور" بين أيدينا رواية قصيرة تحمل الكثير من الأسئلة، أهمها على الإطلاق عن تأثيير الخرافات والأساطير على المجتمع سواء كان صغيراً كمجتمع أحداث الرواية أو كبيراً بحجم مدينة معاصرة؟؟ وماهي مصلحة المدافعين عن الخرافات أبداً؟؟ تبدأ الرواية بمشهد قوي لعودة "مركب صالح" إلى القرية بدون نوارسه و بدون بحارتها في فأل شؤم لايخفى على أحد من سكان القرية، يموت صالح بالفعل بعد سويعات قليلة وتبدأ الحكاية مع بطل الرواية والذي حمل إسم"أخو صالح" يخطو بنا الكاتب عبر دروب التاريخ، في بلدة أطلق عليها"المنزلة" ولم يحدد لنا تاريخاً محدداً تدور الرواية فيه، فقط إكتفى بإشارة إلى زمان مابعد أبناء نوح ففتح لنا أبواب الخيال على مصراعيه لنتخيل نحن الزمن المناسب طبقاً لما نقرأه على لسان الراوي نتعرف في المنزلة على العادات التي تحكم القرية، ف"الريس" هو المنوط بتنفيذ أوامر"الكاهنة" و"الضريرة" وكلاهما تدعيان تنفيذ وحياً إلهياً تؤكد كلاهما أنها الأدرى به، ولكن الحكم النهائي يكون للضريرة بحكم ملكيتها لألواح مزعومة يحكي لنا "أخو صالح" الكثير عن القرية وسكانها، بتشريح جميل لنفسية بعض الشخصيات بدون إختزال وبدون استخدام الوصف الزائد، فنتعرف على دوافع كل شخص منهم، الحظة الفارقة في حياة كل منهم مثل"الريس" وسبب إعنزاله صيد البحر، وأين إختفى؟ ولم؟؟وكيف أصبح"باذام" الريس الجديد، نتعرف على"نرجس" الندية وقصة حبها الأفلاطوني لـ"صالح" ولم تقربت من"صالح" وكيف كانت نهايتها؟؟ جاء الوصف في الرواية سينمائياً بإمتياز، فاستطاع الكاتب وصف مشاهد غنية بالألوان والتفاصيل في تركيز مدهش فجائت المشاهد القاسية سريعة للغاية مع تركها الأثر المطلوب، جائت المشاهد الرومانسيةخاطفة فكأنها راحة عطر تخفف قساوة ماقبلها، كانت النتيجة متعة على طول الخط أجاد الكاتب التحكم في أداوته من ناحية السرد بفصحى قوية بدون إستعراض، حافظ على قصر حجم الفصول وتتابعها فحافظ عل تركيزي الكامل على مدار الرواية رغم بعض الفلاش باك وربط الأحداث الحالية بخرافات وأساطير قديمة، كانت نقطة قوة أن كان الراوي بصفته وليس اسمه حتى الثلث الأخير من الرواية، النهاية قوية للغاية "رفات نبي" رواية تحمل الكثير من الإسقاطات السياسية والإجتماعية، فمنذ قديم الأزل وحتى وقتنا الحاضر نجد دوماً خرافات تسيطر على حياتنا، نجد دوماً المدافعين عنها لأقصى درجة وبدون منطق، يبدو دائماً أن هناك أشياء غير قابلة للتغير على مر العصور، فما أشبه اليوم بالبارحة علامة كاملة لرواية دسمة، يمكن الإنتهاء منها في جلسة واحدة أو قرائتها على مهل قراءة أولى للكاتب، لن تكون الأخيرة بكل تأكيد #الكتاب_رقم_99 #رواية_قوية #علامة_كاملة #ترشيحاتي 99/100 2-ديسمبر
"أحقر ما في الحياة أنها مهما حدث تستمر". (رفات نبي). رواية حلقت معها كالطير في أعالي السماء، وأطاحت بي كالسمك في عمق البحر. تعود أحداثها لزمن لم نسمع به قبلا، ومكان أحسن الكاتب بناءه وتكوينه. رصد من خلالها واقع معين مزجه بخيال واسع لشدة دقته بات أقرب للحقيقة. وثقها بشخصيات برع في رسمها، بدءا من إنتقاءه الأسماء والألقاب حتى وصفه البنية والملامح، مجبرا القارئ على "خلق هيئة" خاصة لكل واحدة منهم في مخيلته، كما أنه أعطى الشخصيات الهامشية منها حق ذكرها في مؤلفه على أتم وجه. دارت فكرتها حول عالم محجم مغلق يسوده تضاد ما بين "معطيات دين مشوهة مغلوطة وتعاليم دنيوية موضوعة"، تضارب في شخصيات بين الطالح والصالح، تحليل واضح لأفعال يحكمها الخير والشر ونزف مشاعر مختلطة بالحب والكره، السعادة والغضب، الظلم والتمرد. وقعت كل هذه الأحداث في إطار سرد متمكن، وحبكة متينة إعتمد فيها الكاتب"أمير حسين" صيغة السهل الممتنع الذي يُشعر "المتلقي الدارس" بأنه رغم إلمامه بتفاصيل اللغة إلا أنه كان قادرا على جعله يفتح فاهه شاهقا من هول الدهشة، لقدرته على "صنع" حالة لغوية نادرة موظفا إياها في فكرة وسرد جديدين مستعينا بمصطلحات دارجة بالنسبة لنا في لفظها منفردة، بديعة جدا منسقة وتجميلية للغاية ما إذا أستخدمت في ربط الأحداث التي تظهرا لاحقا واضحة . كما أنه أتقن عملية "الإستناد" من وجهة نظري خلال تأكيده تفصيلة جديدة بلجوءه إلى عبارات سابقة في سطور ماضية. وإستخدامه تقنية الحوار بإحترافية فكانت لغة خاصة كان لها أثر عذب في تعميقه. عاش الكاتب بالواقع والخيال موضعين بديعين وعرف تماما كيف يسحب المتلقي رغما عنه خلال التواصل والتلاقي بين الأحداث بسرده الماتع، وصفه البديع، التناسق القيّم والتسلسل الحاذق. فكلما إعترضني إحدى هذه الجماليات أو وَقعْت في معرفة جديدة راودت ذهني عبارة "ليتني أنا من كتبها" فأقل ما يصف الرواية بأنها "مسكونة بالإبداع ". وأقل ما يقال في حق مؤلفها "رجل مسحور بالكلمات" _________________ (رفات نبي) (أمير حسين) (الهالة للنشر والتوزيع)
الكتاب : رفات نبى الكاتب : أمير حسين دار النشر : الهالة للنشر والتوزيع النوع :رواية عدد الصفحات : 172 صفحة الغلاف : 4 من أصل 5 درجات تقييم العمل : 5 من أصل 5 درجات عندما أعلم بأن رواية ما حصدت جائزة أدبية أشعر بحالة من الانجذاب تجاهها بشكل لا إرادى ولكن عنما يصادف ان الرواية الحائزة على جائزة هى لكاتب انت بالفعل تعلم أن قلمه يستحق ان يتواجد على منصات التتويج فهذا سبب ادعى الى اقتناء العمل ، فبعد رحلة شيقة استمرت مع قلم الكاتب فى عملين سابقين فيجب عليك ان تعلم بأنك الان أمام حصاد مجهود وتعب دام لفترة طويلة حتى يصل الى هذه المكانة ، وبالفعل منذ بداية قرائتى للرواية وانا اشعر باانى امام تحفة فنية وليس مجرد عمل أدبي ، منذ أن شرعت فى قراءة العمل وانا اتوقف مع كل فصل واعود لاقرا بعض العبارات مرة أخرى لروعة وجمال السرد فما يرويه لنا الكاتب ليس مجرد " حكاية " وانما نحن أمام عمل لكاتب له هدف ، كاتب يعلم جيدا أين يمكن ان يضع تلك الجملة وأين لا يمكن وضعها ، كاتب يختار كلماته بعناية فائقة تجعلك تحسده على كم المرادفات التى يمتلكها ، طوال أحداث الرواية والتى انهيتها فى جلسة واحدة وانا اشعر بأننى أرى كافة الاحداث امام عينى من دقة الوصف ، كماان اكاتب برع فى اختيار شخصياته بشك�� كبير جدا وارى انه استطاع ان يجعل هناك اسقاطات متعددة تلمس من قديم القصص ومن حديثه ، رفات نبي ليست مجرد رواية أدبية انهيتها ووضعتها على الرف بجوار باقى الكتب ولكنها حالة من الصعب ايجاد مثيلا لها وتحفة يجب ان تصان للتعلم منها ، عمل قوى جدا يجعلك تشعر بأن الكاتب ضليع فى كافة نواحى اللغة العربية رغم امتهانه للهندسة ولكن ذلك لم يمنعه من ان يكون من الصفوة التى يستمتع بها القارئ ويتعلم منها ، عمل ارشحه بقوة لكل ذى ذائقة أدبية نظيفة .
رفات النبي عالم قائم على قوانين محفورة في ألواح يقولون أنها تعاليم الرب ، قرية يحمكها ريس، ضريرة وكاهنة والكثير من الخوف
اللغة والأسلوب : كتبت الرواية بالفصحى سردًا وحوارًا ، وبلغة ومفردات تحمل روح الزمن الذي تقصه ، بل خلق الكاتب مفردات جديدة وألبسها ثوب القصة فأصبحت من المسلمات .
الفكرة والحبكة : عالم غرائبي قائم على قوانين ونبوءات تم حبكه بطريقة محكمة تجعلك تتورط عاطفيًا مع أحداثه، خيوط القصة متماسكة ، كل حدث يقود للآخر ولا يخلو الجو العام من الاثارة والرمزية ، انتابني الخوف ، شعرت بالحزن ، الشفقة ، الغضب والتشفي، أشهد للكاتب بالبراعة لأنه اختطفني من عالمي ووضعني بذلك العالم الغريب الذي خلقه فأصبحت عاجزة عن الهروب حتى آخر سطر، فهربت من صفحات الكتاب لكنها لم تهرب مني.
الشخصيات: شخصيات تم رسمها بدقة ، حتى الشخصيات الثانوية لم تكن سطحية بل كان لكل واحدة منهم هدف وتأثير، شعرت بحيرة (أخو صالح) وشاركته رحلته في البحث عن ذاته والخروج من عباءة أخيه، أحببت نرجس واحترمت وشاح الفظاظة الذي تتشح به اتقاء الطامعين، كرهت الضريرة والكاهنة الماكرة الجشعة والريس الماكر وأشفقت على من سبقه، واحتقرت الضعفاء الذين يهللون بكل عصر وزمان عاش الملك .. مات الملك .
رواية بديعة قطعت بين صفحاتها رحلة لن تنسى .
رفات النبي أمير حسين دار الهالة للنشر والتوزيع #ريفيوهات_سعادمصطفى
في البداية أقتبس مقولة "فرانتز كافكا" الخالدة: "إذا كان الكتاب الذي نقرأه لا يوقظنا بخبطة على جمجمتنا، فلماذا نقرأ إذن؟ إننا نحتاج إلى تلك الكتب التي تنزل علينا كالصاعقة، التي تجعلنا نشعر وكأننا طُرِدْنَا إلى الغابات بعيدًا عن الناس، على الكتاب أن يكون كالفأس التي تحطم البحر المتجمد في داخلنا." هكذا كنت أشعر، وأنا أنتهي من رائعة أمير حسين " رفات نبي " فقد إستطا ع بقلمه أن يغوص في أعماق النفس البشرية , ويطرح السؤال الخطير بحدة وعمق ! هل الشر في نفوسنا وجزء من تكويننا البشري، أم هو نتاج ظروف اجتماعية وبيئية وعلاقات بشرية؟! ما أسوأ أن يتحول الإنسان إلى غربة كاملة ، لا يكلم أحد، ولا أحد يكلمه ,عالم غريب تدور أحداثه إلى زمن لمن نسمع به من قبل , قوانينه محفورة على ألواح يقولون أنها تعاليم من عند الرب , قرية يحكمها الريس من خلال ألواح الرب , وضريرة وكاهنة وكل منهم له مذهبه , أرواح الموتى التى تسكن حواصل النوارس .. اللغة والأسلوب : كتبت الرواية بالفصحى سردًا وحوارًا ، ومفردات تتماشى مع روح الزمن الذي تقصه ك "الطنجرة" و"السطل" و"الخور"و"الصيرورة" والديمومة" و "الكينونة" وختامًا أقول : لبطل الرواية أخو صالح , ولكاتب رائعة رفات نبي أنت الجماعة وإن كنت وحدك ...
أن تبني حياة حول شخصية فهذا طبيعي و مألوف و ناجح أما أن تخلق حياة و مجتمع كامل فهذا هو الابداع المهندس أمير او رسام الكلمة و أديب الصورة كما أحب أن أطلق عليه خلق مجتمعا كاملا بحدوده و تضاريسه و مناخه و أناسه بل ووضع القوانين و السلطات التشريعية و التنفيذية و الروحانية لم يجفل أي تفصيلة بدون إطالة أنت لا تقرأ رواية أدبية أنت ترى حياة كاملة تكاد تشم رائحتها مع كل فقد يأكل من الروح و يميت الخوف في القلب نشهد تحول الظل ليصبح ماردا مهابا من أعتى الحكام أ. أمير لم يخلق حياة فحسب بل خلق لغة تأخذ العقل .. ما كتب في ألواح الرب قرأته مرات و مرات وأخيرا لم أندهش من وجود البحر و أمواجه العاتيه وأساطيره نوارسه فكاتبنا يعشق البحر وأنا أبتسم عندما يصفه دمت مبدعا و دام قلمك زاخرا 🌹🌹🌹
رواية مبهرة ، تخطف الآنفاس بدون حرق أحداث هي عبارة أحداث كابوسية بتتفرض على مجتمع محدود سكان قرية صغيرة صراع عميق بين الخير والشر لكن ليس صراع معتاد.. أحداث مفزعة وقفات مع الصفحات للقراءة أكثر من مرة للاستمتاع بروعة ودقة الوصف وسلاسة اللغة التي جعلت الورق مشاهد مجسدة بتتالي خاطف للانفاس.. دمت متميزا ومبدعا وقريبا نبارك ونهني أنفسنا قبلك بفوز مستحق لنوبل وعن جدارة.. انصح بقراءتها بشدة ولنا عودة مع اقتباسات منها.
بأرض بعيدة وزمان ما بعد طوفان نوح وبعد موت آخر أبناءه تشتت الناس تذبذبت عقيدتهم وارتبطت مصائرهم بأقاويل البعض منهم وكعادة من يملكوا السلطة تتغير التآويل لتخدم مصالحهم والأدلة عدة ألواح زعموا أنها رفات النبي ملحمة فلسفسية بين المقبول ولا المقبول تدخلك في متاهة من التفكير تبحر في بحر من التساؤلات وكلما وجدت إجابة لواحد فرض الآخر نفسه تجد نفسك تجاهد ليصل زورقك للنهاية بعد أن أنهكت الرياح عقلك ولكن بالأخير تكتمل لذة قراءة عمل يستحق نوبل.
لغة العمل فصحى للسرد والحوار اللغة قوية بلا تعقيد وبلاغة متوازنة زخرفت العمل بعناية فائقة السرد ذاتي بلسان بطل الرواية
الشخصيات رسم الشخصيات جاء محكم ومرتب لدرجة تجعلك تعلم من يتحدث حتى لو لم يقل الكاتب. وكل شخصية لها أبعاد نفسية وعقلية تجعلك تتأثر بكلماتها وتتخبط بين آرائهم.
الحوار غلب طابع السرد على الرواية ولكن حين يأتي دور الحوار تجد أنه جاء فصيح معبر بأقل الألفاظ يلقي الضوء على مايحدث من أحداث فلسفي لدرجة كبيرة. الحبكة مترابطة اعتمدت من البداية على التشويق والتساؤلات المطروحة وظلت تتعقد حتى انتهت الرواية بحل لكل العقد.
أبحرت مع الرواية وعشت مع أجوائها المختلفة ..أفكر في شيء واحد : كيف جاء بهذه الفكرة البديعة ؟الزمن والأسماء والألواح ! سرد عظيم للأحداث ونهاية غير متوقعة وملائمة جدا لما حدث في هذه الرواية الكابوسية المبهرة . شكرا أمير حسين. تمنيت لو أنها كانت أطول لأني تعلقت بها كثيرا
دائما في انتظار جديد استاذ امير حتي ولو بعد انتظار طويل لقد حاصرتنا في منزلة اخو صالح وبحرها وفلكه والواحهم ودينهم وقوانينها وتللك الشخصيات المتخيلة والموجودة وتعيش بيننا هي ليست رواية هي حالة وجعلتني اعيش فيها .ذبح النورس ام أن امكن صيده أثم عظيم .طهر الدم دم ،وللحي حق ودم .مايستقيم علي الارض يلمس السماء .في يوم بعد،ليس كأيام قبل،تكون الدينونة ليكون التمام
رُفات نبي المنزلة والفنار وطيور النورس والريس عشم والكاهنة والضريرة والنُساك وألواح نوح وجبل يام ونرجس وصالح وأخاه نوح وباذام وغيرها الكثير من الأسماء التي شيد بها الكاتب قرية غابرة إشارة زمانها حقبة غامضة بعد الطوفان وإشارة مكانها بقعة نائية ربما خيال الكاتب . السرد غالب في الرواية على الحوار فأفسح الكاتب لنفسه المجال ليعرض لنا بلاغته . بُعْدين لمستهما من بين السطور في تورية من الكاتب أحدهما فلسفي عقائدي والثاني سياسي ممسكا فيهما العصا من المنتصف فلا يأخذنا الكاتب لرأي بل يُثير التساؤلات . حين يجتمع في الرواية براعة الأسلوب مع عبقرية الفكرة ننحني للكاتب احتراما ونقول لا نضب معين قلمك وعقلك أبدا أستاذ الرواية بجدارة تستحق الخمسة نجوم
رفات نبي.. عادة ما أرجئ الرواية أو الكتاب الجيد إلي أوقات جيدة، أو أضن به أن ينفد؟!. لافارق فكلاهما يصنعان متعة ساحرة!. ولثقتي في قلم Amir Hussein كنت أرجئ الرواية لكي لا تنمحي هذه المتعة سريعًا، لكني بدأتها وانتهت!.😕 في سردية طويلة وبحكاية وحبكة ماتعة أمتعنا بها أمير بلغته وقلمه وفكره إحدي المتع الأدبية. والكاتب هاهنا أرخ لحقبة عشناها لكنها ليس تأريخًا لأحداث كعادة المؤرخين، لكنه تأريخًا أدبيًا عن ضمائرنا، ولأصول الإختلاف، وتأريخًا للنوازع البشرية التي اعترتنا آنذاك، ينفس الكاتب ها هنا عن غضبه فيما رأه من شقاق ومنازعات في حقبة بات الحق فيها باطلاً والباطل فيها حقًا، والعاقل فيها مجنونًا مهرطقا!. تمثلت هذه مثلاً بين "الضريرة" السلطة الدينية "ان صح التعبير" وبين الريس "السلطة السياسية" وبينهما يختلط الحابل بالنابل والخير بالصواب والتأويل والتدليس والمصالح والأهواء، ويختلط الإنتقام باسم الدين إلي المصا��ح الشخصية!. زمان الرواية؟!..غير معلوم تأريخها يبدأ بعد طوفان نوح عليه السلام، أرض بكر خلت من الكفار ومن الشقاق، حفدة المؤمنين الناجين، التقط الكاتب هاهنا بذور الشقاق الأولي! وأصول الإختلاف، كتأويل النصوص حسب الأهواء، عدم قبول الخلاف والإختلاف، ترك إعمال العقل والإنقياد خلف كل صاحب قول وإن ادعي العلم والعقل وهو عنهما بمبعدة!. البطل: "أخو صالح" لا نعرف اسمه ولا ملامحه ولا شخصيته، هو ضئيل كضآلته بين الناس وفي عين نفسه ثم يطالعنا باسمه في ذيل الرواية، تستهل القصة بأن صالحًا كان الجدير بالبطولة وأن يكون السرد القصصي عليه وأن أخوه "نوح" يكون ساردًا لما كان لأخيه من بطولة وكرامة، هكذا ظننت!. ولكن كعادة أمير "الإرباك" في كتاباته أربكنا وجعل البطل "أخو صالح" كيف؟!. أراد أن يقول رب مغمور قادر علي التغيير وفيه من الأهلية ما لا يقدرها هو ولا من حوله!. رسالته في هذه أنت تستطيع، تستطيع بعجزك الذي تعرفه أو تظنه من نفسك أن تغير وتتغير، لا تستمع لمن حولك بأنك عاجز بل امض في طريقك وحتمًا ستصل ولو كنت بذراعًا واحده قادرًا علي الإبحار، لا تسلم قياد عقلك وقلبك للناس سيفتنونك في دينك "إيمانك" سيفتنونك في عقلك "أنت ضعيف" سيفتنونك في كل شئ حولك إن استمعت وسيرت خلف القطيع!. هذه الخاطرة لا تصلح كتقيم، لكنها خاطرة حول مفاهيم باتت مندثرة بيننا صاغها الكاتب ببراعة سردية وقوة لغوية قليلة في كتابنا المعاصرين!. أبدعت وأجدت وأحسنت ياهندسة!..❤️
This entire review has been hidden because of spoilers.
دائمًا ما تساءلت؛ ما العمل الذي سيجبرني على مُعاودة القراءة مرة ثانية؟ لا لشيء سوى أنني ملولة؛ حتى أن أحجية سعود السنعوسي-التي خطفت لُبي بالمناسبة-لم تقدر على ضيق خلقي! هذا ليس ريفيو بالمعنى المعروف، إنما توثيقًا لِمَ يجول بخاطري. . *حكاية قرية تقيس الوقت بالشمعة، والشهور بالأقمار*
أقف مبهوتة أمام ما صنعه أمير-مع حفظ الألقاب-في عالمه؛ لا ليس لأنه مُبهر، خيالي لدرجة الواقعية، وصادم، بل لأن لغته ليست طبيعية؛ معجونة بماء الجن! لا يسعني فيها سوى القول أنه خلق لغة لعالمه، شعرت خلالها أنه عاش عمره كله في المنزلة، وسط الصيادين، بجوار الضريرة، يراقب النساك! . أخو صالح الشاب التي صنعت منه أمه ظلًا لأخيه، بحث عن نفسه وفي طريقه أراد العثور على الرب، لكنه لم يعرف أن الرب على هذه الأرض الملعونة؛ بيد امرأة ضريرة مكابرة وحمقاء، نورس، ريّس، زبانية تَخيِل نفسها ملائكة العذاب المأمورة، كاهنة، وألواح يكتبها من يشاء شرط أن ينمق خطه! لا يمكنني أن أنكر لؤمي، والكف عن تَخيُل فتى مُشاغب على الطرف الآخر من البحر، يقوم بالنقش على الخشب وإرساله بالماء لمجموعة من الحمقى ساخرًا منهم. . نرجس ذات النوارس الست، هذه التي تأتي بصحبتها الشمس وتغرب، نظير الذي استغل عقله فيما خُلق، جائل الذي ظن أن الإيمان والقسم قاربي نجاته، من قوم يحرمون صيد العقارب ليجلسوا ليلًا لتدخينها! هؤلاء حمقى وأوغاد، أردت أن أتحول لشخصية في هذا العمل لأُكيل لهم اللكمات، وعلى رأسهم الريّس باذام، وربما معاتبة الريّس عشم على تسرعه، وضلاله رغم بصيرته! . أثناء تذوقي لهذا العمل شُغلت بأمرين-غير سكري من خمر اللغة-، هما الغضب العارم-لواقعية ما جاء ولا نملك تغييره-، ومحاولة تصور الليالٍ التي قضاها الكاتب ينحت تحفته، وأظن أنني إن رغبت في شيء الآن، فسيكون معرفة كيف فعلها؟! . هذه رواية سأُعيد قرأتها مرارًا، تلتمع عيناي بنفس الشغف، وتأسرني اللغة في كل مرة.
اشتريت الرواية في معرض القاهرة للكتاب وظلت حبيسة الادراج الى ان قررت ان ابدأ فيها بالامس ، حيث كان اسبوعا حافلا بضغوط العمل فقررت الترويح بقراءة هذه الرواية الصغيرة الحجم كما كنت اظن ، الا انها رغم صفحاتها القليلة نسبيا حيث لا تتجاوز ال ١٧٠ صفحه الا انها كانت عظيمة قوية ، ليست وجبه بسيطه للترويح عن النفس ، بل انها ملحمه عظيمة لا ادري كيف تمكن الكاتب من رسمها في هذا العدد القليل من الصفحات . الكاتب خلق عالما كاملا ، بمعتقداته واراءه واديانه بكتبه المقدسة ، خلقة من العدم ،ملحمه انسانية عظيمة ، الصراع من اجل البحث عن الذات ، الصراع بين المعتقدات ووجهات النظر . اتذكر حين قرأت رباعية مقبرة الكتب المنسية لكارلوس زافون ، حيث انه في جزء من اجزاء الرباعية طلب من كاتب ما خلق او تأليف دين جديد من العدم ، هذا ما نجده هنا في هذه الرواية الصغيرة نسبيا . اللغه بليغه وفخمه والسرد بديع ، وانا سعيد بالتعرف على مبدع حقيقي بين الكتاب ، وهذه اول رواية اقرأها للكاتب وبكل تأكيد سأقرأ كل ما كتبه من قبل
هناك نوح لكل طوفان، يبني سفينة ليحمي الناس والحيوانات والطير، ولكن هل نوح الطوفان الثالث سيسير على نفس المنوال، أم إنه رأى في دورة التاريخ ما يدفعه للامتثال بالأنانية؟، الناس هم الناس، لا يحبون الضعف ولا يعترفون به كدافع أساسي للحياة، لذلك لا يعترفون بنوح الجديد، وحقه في الضعف والخطأ، يخنعون لمن يخدعهم بالصفات الألوهية، فالدين مبني على اليقين، لا الشك كما حال العلم، هم يريدون من يقودهم ويفصل بين الحلال والحرام، فيرتضون بحكم البطش والذل طالما خرج من ألسن أصحاب اليقين والقوة.
هذا ما عشته مع رواية "رُفات نبي" للكاتب أمير حسين، فهي تحتمل الكثير من التأويل، لقد برع أمير في خلق عالم كامل، وضع له قوانينه وتشريعاته، وأخلص في تفاصيله، وحكاه بلغة ثرية بمفردات متناغمة مع زمنه وشخصياته.
رواية بديعة قدمت عالما جديدا متقن بأسراره، وفلسفته، وظل مخلصا لفن الحكاية. ٤.٥
روايه من العيار الثقيل و تترك اثر في النفس الاحداث تبدأ بداية مشوقه للغايه تجبرك علي الاستمرار بدون رتابه او ملل السرد سلس و غني بلغويات قويه وغير معقدة لا تسرق الانتباه من القصه نفسها و تثري القصه وتعطيها طابع خاص يضيف للقارئ الحبكه الدراميه اكثر من رائعه تحتوي الكثير من الحبكات الملتويه الي تتركك في دهشه وصدمه الاسلوب ممتع وشيق و بليغ ادبيا ولكنه سلس دون تعقيدات يجعلك تستمع باللغه والاسلوب المنمق وروعه السرد كعادة امير حسين يخلق جو يترك في النفس اثر ويعطي للقارئ روايه مميزة للغايه تتركك في حاله من الصدمه و الدهشه وتعلق بالذهن فترة لا بأس بها .
الروائي أمير حسين ، جبلٌ من العظمة.. أنصحُ بإقتناء مؤلفاته.. ربما انا الرجل الوحيد الذي قرئ كل المؤلفات على أمل ان تتواجد نسخ ورقية للجميع مثلما رفات النبي وكسر مضاعف
يوما ما سيدنا إبراهيم سأل ربه .. ربي أرني كيف تحيي الموتى.. سمح لعقله بالتفكير والتساؤل ومنحه ربه هبة الاستجابة والهداية..
ويوما ما سيدنا نوح صنع قارب نجاته في صحراء! سمعا وطاعة لرب العباد، رغم غرابة الأمر واستحالته إلا ان وقت ما أذن الله تحول المستحيل إلى الممكن وكانت نجاة نوح ومن آمن معه ..
وكأن التوازن في وجود السمع والطاعة بدون نقاش والسمع والطاعة والنقاش وده اللي يحقق تمام الإيمان وتمام النجاة بالعقل والقلب والروح..
صالح وتوأمه كانوا نفس الشكل، صالح وأخو صالح وبموت صالح مات الأصل وبقت النسخة.. هما شافوا كده .. واخو صالح كمان شاف كده.. وكانت دي بداية التغيير..
كل تغيير بيضعك في مواجهة مع نفسك، ومع ثوابت اتولدت عشان تلقاها محاوطاك، بيجعلك في حرب حقيقية بتبدأها برفع راية الاستسلام والبحث عن أي وسيلة للهروب، لحد لحظة حقيقية بتقرر تسلم نفسك للتغيير وتمشي معاه وقتها يا تتكلم بلا ترتيب أو تفكير وتموت زي نظير يا تفكر وتختار تسكت وتموت زي نرجس يا تفكر وترتب وتتكلم وتتعذب وتنجو من الطوفان على قارب نجاتك زي نوح .. يا ابن نوح .. يا أخو صالح..
كلام مكرر في كل الريفيوهات عن جمال اللغة وعمق الفكرة وروعة السرد، ورغم تكراره اسمحولي أقول ان لغة الرواية جميلة، سلسة، ثرية ... والفكرة هتحترمها جدا ان كاتب بيناقش شيء حرج زي تساؤلات العقل في ثوابت بدون ما تنفر منه ولا من طرحه بل على العكس هتتقبله وتمشي معاه.. عميقة لو كانت كلمة عميقة كافية لوصفها..
السرد كان الغالب على النص_هذا زوقي_ الحوار نذر يسير لكنه كان كافي، الحبكة متماسكة ومحتفظة بالمفاجآت على طول الخط، الشخصيات موجودة على أد ما تحتاج منقول لك مشاعرها وصفاتها بدون أي بخل ولا زيادة.. والبطل اخو صالح باسمه اللي مش هتعرفه إلا في ختام العمل واللي كان مناسب جدا جدا للأحداث مرسوم حلو اوي اوي .. الحقيقة مش عارفة اكتب كلام يصف العمل كما يجب لكن حقيقي أنا ممتنة لأمير حسين إنه قدملنا رواية رفات نبي وممتنة لإخلاصه في تقديمها .. كاتب بيحترم القاريء يمكن دي الجملة اللي تنجز الموضوع..
رواية رائعة تستحق انها تُمنح الجوائز وتستحق اننا نكتب في حقها كلام حلو بالتوفيق دوما يا رب وتقبل مروري ورأيي البسيط.. #ريفيو #رفات_نبي #أمير_حسين
#رفات_نبي #أمير_حسين "في يوم بعد_ليس كأيام قبل_تكون الدينونة ليكون التمام" في ميثيولوجيا ملحمية عظيمة كما هي دوماً حكايات الموت والحياة يسطر أمير ألواح القدر في خيال يشبه الواقع أو بواقع جسيم يشبه الخيال بين " مسير"و "مخير" بين القدر والإرادة الحرة بين النص وتفسيره بين الدين ومن يدعون حمله بين النفوذ وسلطة الدين بين الدين وسلطة الخرافة، بين كل هذا وذاك في أحداث مبتداها كما منتهاها "طوفان" وبشر عاديون لا أبطال أغلبهم يفضلون كما يقول الكاتب" وضع الألواح على أعينهم والسير بأذرع تتحسس الطريق عن الاهتداء بأعين مفتوحة خلف رجل لا قداسة له" عالم مخلوق بتفاصيل لا خطأ فيها عذبة لا ملل فيها ولا تكرار تراها رؤية عين على السطور، حكايات يبدأها الإنسان بقلقه وشكوكه وحيرته وتيهه الأعظم وانتسابه لأي شيء ولو كان اسم أخيه منتهياً بشخصيته الثائرة المتمردة وحكمته التي صقلتها تجربته الحياتية وإسمه.. في صفحات ليست بالطويلة يلملم لك الكاتب شتات عمرك الذي أضعته متسربلاً وراء أسألتك، ينثرها لك مصوغة بالحب الذي طالما أضعته تماماً كما قال بين الخوف والتردد وكم كنت مبتلى بالإثنيين يهديء الكاتب من روعة الموت بالحب يضفره في قول الراوي المتكلم" ورأيتني أملأ قمريها الخضراويين، جميلاً، أجمل إنسان في الحياة" فتجد في نفسك عذوبة قادرةً على حمل الحياة بهولها ودنائتها و ثقل المادي فيها أضعت وقتاً طويلاً منتوية قراءتها ثم يشملها التسويف لتأتي وقت أن قدر الله لها في وقتها تماماً بهيةً مباغتة وجميلة، جميلة حد العذوبة حين تملأ نفسك أنصح بقراءتها وبشدة عوضاً عن عنوان وغلاف ظلماها ومحتوى يرفع عنها ذاك الظلم
"رأيته ينزل من القارب كظلٍ ينسلخ من جوف الظلام، ينزل سليمًا معافى بلا جرح أو كسر أو حتى اختلاجة ألم!"
#أمير_حسين رواية #رفات_نبي
_ أكثر ما أحببته أن للرواية لغة خاصة بها، تعبر عن شخصياتها وأماكنها وزمنها وأحداثها، وهو ما جعل غلافي الكتاب دفتان والصفحات أمواج تبحر بك في غير عالمنا هذا ريثما تشرع في القراءة.
_من أبلغ ما وجدت في طياتها حسن استخدام محسنات اللغة في زمن تطلبه الأحداث، ليست محشوة عنوة، وإنما تنساب على وجه الحديث.
_حكي الرواية لا ينقله الراوي على لسان "أخو صالح" فحسب، وإنما ينقل المشهد من منظور الشخص الأول، فإن أوصالك وروحك تتلبسها روح "أخو صالح" وهي كفيلة لتغذي بصرك وسمعك وحسك بما يكفي لتأدية هذا الدور، فالأوصاف ونقل المشهد متكامل ومترابط وسط سير الأحداث، تصف ما تقع عليه عينا "أخو صالح" ويمر على سمعه وحسه، في غير زيادة تفصل حبكة الأحداث، ولا نقصان يجعل جوهر المكان مجهولا.
_واقعية، تخلو من الحبكات التي "هكذا يريدها المخرج"، بل يجعلك تصطدم بالأمور وتحللها بمنظور الافكار والمعتقدات التي تدور في رؤوس سكان الرواية، فتغضب وتثور لا لأن الكاتب خالفك النهاية التي ترجوها، وإنما لأن هؤلاء "الزبانية" المتاعيس صنعوا هذه النهايات.
رواية رائعة، بداية من الفكرة في الألواح التي كتبها الرب في قرية المنزلة التي لا تعرف من فيها الرب ومن الأنبياء ومن أين اتت الألواح، والتماس ما بين اختيار اسم صالح ومعرفة اسم اخا صالح في النهاية وما بين الكثير من التفاصيل السحرية الأخرى التي ذكرت في حال ساكني المدينة ما بين النورس والأحلام والضريرة وغيرهم. تشعر وكأنك دخلت عالم سحري قاتم لا تعرف أين فيه المفر، فلا تعرف هل أنت هنا بعد أبناء نوح أم تنتظر الطوفان. جاءت تشريح النفس البشرية في تلك الرواية مبهر بداية من اخا صالح الذي لا تعرف هلى تتعاطف معه أم توبخه لأنه كان السبب في كل هذا بداية من قتل النورس وحتى رحيل نرجس. المشاهد جاءت سريعة ولكنها مؤثرة حيث ركز الكاتب على مشاعر البطل في كل شعور ومشاعر الأخرين عن لسانه هو. لا يمكن اخذ الرواية بمفهومها الواضح فقط، ولكن علينا النظر لما بين السطور ما بين الاسقاطات الدينية والاجتماعية التي لاحظتها بشكل جلل. جاءت الرواية سردًا وحوارًا بالفصحى التي تناسبت مع حال القرية والعالم الذي خلقه الكاتب ومن أهم نقاط قوة هذه الرواية هي لغتها الرصينة والملفتة للنظر. عناوين الفصول كانت جيدة وكذلك تتابعها وسرعة السرد فيها.