مثل هذه التراجم يبهرك دائما. الكتاب مستل من رسالة الدكتوراه للأستاذ فؤاد الهاشمي. وقد ترجم لابن دقيق العيد في أول رسالته، ثم استخرجها وجعل هذه الترجمة كتابا مستقلا ليستفيد منه غير المتخصيين. يرسم الكاتب صورة الإمام ابن دقيق بقلمه السيال الرائع. فهو يذكر حياته ومفاتيح شخصيته والأسرار الكامنة لعبقريته بأسلوب سلس واضح. وفي الكتاب تعليقات ماتعة ومفيدة. كما أن في آخر الكتاب ملحقات ثم تلخيص لمباحث الكتاب بلغة موجزة تشمل كل ما في الكتاب.
سيرة عجيبة وعجبي منها في أمرين: الأول متعلق بصاحبها رحمه الله في موضوع وسواس الطهارة الذي عاني منه، ومثل هذه الوساوس نادر فيما أعلم بين العلماء فضلا عن إمام كبير. الأمر الثاني متعلق بموطن ابن دقيق العيد وهو الصعيد، حيث كان به نهضة علمية في حياة الإمام خاصة في جنوبه كقنا حاليا وكذلك أسوان، وعهدي بالصعيد أن يخرج علماء نعم لكن مكان تعلمهم وتعليمهم و شهرتهم غالبا في القاهرة وما حولها. الكاتب -بارك الله فيه- بذل جهدا كبيرا، لكن الإمام ابن دقيق العيد يستحق أن يكتب فيه ترجمة مفردة أوسع من هذه لا أن تكون مستلة من رسالة جامعية.