هذا كتابٌ نفيسٌ، لم يؤلَّف مثلُه، لا شرقًا ولا غربًا؛ فهو نمَطُ وحدِه. عالَج فيه صاحبُه موضوعًا لم يُسبَق إليه قطُّ، وهو نشأة الإنسانيَّات أو العلوم الإنسانية في الإسلام الكلاسيكي والغرب المسيحي من منظور مقارِن. وهو دراسة تحليلية لـ النَّزعة الإنسانية أو الأدب في الإسلام الكلاسيكي، أي منذ ظهور الإسلام حتى القرن السَّابع الهجري/الثَّالث عشر الميلادي. وهذا الكتاب ليس تتمَّة كتاب سابق لمقدسي، حمَل اسم «نشأة الكليَّات: معاهد العلم عند المسلمين وفي الغرب»، كما أنَّه ليس ذيلًا عليه، بل هو كتابٌ قائمٌ بذاته، وإن تقاطع مع «نشأة الكليَّات» في نقاط عديدة، كما تشابها من جهة التَّنظيم إلى حدٍّ كبير. درَس الكتاب الأوَّل الحركة المدرسية في الإسلام والغرب المسيحي، بينما عُني هذا الكتاب بدراسة الحركة الإنسانية في الإسلام والغرب من منظور مقارِن. ومن ثمَّ فكلا الكتابَين يكمل كلٌّ منهما الآخر، ويعود ذلك إلى الارتباط الوثيق بين الحركة المدرسية والإنسانية في الإسلام والغرب المسيحي على حدٍّ سواء، والأثر الذي تركته كلٌّ منهما في الأخرى. ألقى مقدسي في هذا الكتاب ضوءًا كثيفًا على النَّزعة الإنسانية في الإسلام الكلاسيكي والغرب من منظور مقارِن، ناشدًا فهمًا أفضل للتاريخ ابتداءً، ومزيدًا من الاستيعاب للظَّواهر التاريخية المتعلِّقة بتاريخ التَّعليم ومؤسَّساته، وبالعلوم الإنسانية -على الصَّعيدين الإسلامي والأوروبي- ووضعِها في سياقها. والأهمُّ من ذلك، فهمُ الحضارتين: الغربية المسيحية والإسلامية على نحو أفضل.
George Makdisi was a professor of oriental studies. He studied first in the United States, and later in Lebanon. He then graduated in 1964 in France from the Paris-Sorbonne University.
He taught in the University of Michigan and Harvard University before reaching the University of Pennsylvania in 1973, as a professor of Arabic. Here he remained until his retirement in 1990, when he held the post of director of the Department of Oriental Studies. He became a Professor Emeritus of "Arab and Islamic Studies" in the University of Pennsylvania in Philadelphia.
He was particularly interested in issues around higher education in the world.
He published the work al-Wadih fi Usul al-fiqh (The Fundamentals of Principles of Jurisprudence) in three volumes, published in Stuttgart, Germany by Steiner Verlag.
He was a member and honorary member of numerous professional scientific organizations. Among other honors, he was twice a Guggenheim fellow.[2] In 1977, he served as the President of the Middle East Studies Association of North America, now based in Tucson, Arizona, United States.
صدر حديثًا عن مدارات للأبحاث والنشر في القاهرة كتاب: «نشأة الإنسانيَّات عند المسلمين وفي الغرب المسيحي» لجورج مقدسي وترجمة الدكتور احمد العدوي ، في ٨٩٦ صفحة تشمل الكتاب (٧ أبواب - ٣٢ فصل) وملاحقه وحواشيه ومصادره ومراجعه وكشَّافاته، ومقدمة ترجمة مدهشة للدكتور أحمد العدوي، غير مسبوقة في التعريف بمقدسي ومشروعه وأعماله والكتاب. وفيما يلي كلمة قصيرة عن الكتاب والترجمة. سبق أن أشرت إلى أن مقدسي من أصحاب المشاريع الممتدّة التي تستغرق عمر صاحبها، ويتجلى هذا أكثر ما يتجلى في تحفتيه اللتين تتشرف #مدارات بإصدارهما، وهما: «نشأة الكليات» و«نشأة الإنسانيات». وقد استغرق العمل المباشر فيهما نحو ربع قرن من عمر صاحبهما، لكنهما من جهة أخرى يمكن عدُّهما خلاصة حياته ورؤاه النظرية والتاريخية. وسيرى القارئ في مقدمة الترجمة أن كل كتاب منهما سبقه عمل كثيف مضن، كان من آثاره مجموعة كبيرة من الأوراق والمقالات والتحقيقات والمشاركات البحثية لمؤلفهما، مهَّدت لكل منهما. .. عن الكتاب ------------- كتاب «نشأة الإنسانيات» عملٌ غير مسبوق، مثله في ذلك مثل «نشأة الكليَّات». يذهب مقدسي إلى أن المدرسية والإنسانية حركتان ثقافيتان هيمنتا على التاريخ الثقافي للإسلام في العصور الوسطى، وعنه انتقلت إلى أوروبا القروسطية متمثلة في العديد من الظواهر العلمية والتعليمية التي أسهمت في نشأة عصر النهضة الإيطالية، وقد تتبع مقدسي مسارات الانتقال تلك ودلائله ومظاهره بدأب شديد في باب هو من أمتع أبواب الكتاب، أعني: الباب السابع المعنون: الإسلام الكلاسيكي والغرب المسيحي. ويرى مقدسي كذلك أن هاتين الحركتين الثقافيتين يمكن فهمهما بقدر ما نتمكن من دراسة القوى التي أخرجتهما إلى الوجود، وبقدر ما يمكن أن نضع أيدينا على التفصيلات الجوهرية لمناهجهما في التدريس والدراسة والتأليف. أما المدرسية فقد درسها مقدسي بإسهاب في كتابه «نشأة الكليات»، من خلال دراسة القوى التي أنتجتها، وهي مذاهب أهل السنة في خضم صراعها ضد الاعتزال، حسبما يذهب، ثم تتبّع نشأتها تاريخيًّا في صورها المتعددة بداية من المسجد ذي الخان وصولًا إلى المدرسة كما نعرفها تاريخيًّا بداية من منتصف القرن الرابع، وأشهر نماذجها عنده هي النظاميات التي أنشأها نظام الملك وزير السلاجقة الشهير. كما تتبع فيه مناهج التدريس المتبعة فيها، وطريقة النظر أو المنهج المدرسي ومكوناته، ثم مجتمع أهل العلم والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين أطراف العملية التعليمية من مدرسين وطلبة وأصحاب الأوقاف وأهل البر، والمصطلحات الفنية المستعملة في عملية التدريس.. إلخ وأما «نشأة الإنسانيات» فقد بدأه بباب خاص عن المدرسية هو الباب الأول، وهو من أمتع أبواب الكتاب حيث راجع فيه مقدسي بعض آرائه التي أبداها في «نشأة الكليات» عن أصول الجامعات الحديثة، والأهم أصول «درجة الدكتوراه» الحديثة التي يرى أنها منجز خالص لأهل الحديث وعنهم انتقل إلى أوروبا في صورة «الإجازة بالإفتاء والتدريس»، كما ألقى فيه قنبلة نظرية تتعلق بما يذهب أنه «الشكل النقابي» لمذاهب الفقه في الإسلام، ودلل على صحة ما يراه ورد اعتراضات المعترضين بشكل مقنع لكن لا تمتنع عليه الإيرادات كما هو متوقع. وفي الباب الثاني ناقش مقدسي أنماط مؤسسات الأدب من مؤسسات أهلية خاصة أو تابعة للدولة، ثم خصص البابين الثالث لدراسة عملية التدريس نفسها؛ فدرس في الباب الثالث تنظيم عملية التعليم في حقل الأدب من خلال مكانة الأدب من العلوم الدينية، وعلاقة الأدب بعلمي الحديث والفقه، ومواقف الأدباء والفقهاء والمحدّثين من بعضهم البعض. أما الباب الرابع الذي أحب أن أسميه الباب الملحمي، وهو أكبر أبواب الكتاب وأمتعها وأكثرها إرهاقًا، فقد خصصه مقدسي لدراسة فروع الدراسات الأدبية في الإسلام وهي عنده سبعة فروع: النحو - الشعر - البلاغة - الخطابة - فن الترسل - التاريخ - فلسفة الأخلاق. وكأن مقدسي أراد إراحة القارئ بعد ملحمية الباب الرابع، فخصص بابًا صغيرًا هو الباب الخامس لعملية التعلّم في حقل علوم الأدب من خلال دراسة ملكة الحفظ ودورها، والكتب التي خصِّصت لأؤلئك الذي علَّموا أنفسَهم بأنفسِهم، وأخيرًا السجالات التي دارت بين مناصري التعلّم الذاتي ومعارضيه. وفي البابين السادس والسابع عاد لصفة الملحمية مرة أخرى، حيث ناقش في السادس مجتمع الأدباء، من حيث مراتبهم في المجتمع، واحتياج الدول لهم، والوظائف التي تقلدوها عادة هواة ومحترفين، والعلاقة بين المؤدبين وتلاميذهم. وأما الباب السابع فكما أسلفنا درس فيه مسارات انتقال كافة هذه الظواهر إلى أوروبا والتحورات التي حصلت عليها في الداخل الأوروبي ودلالاتها. لا يمكن الإحاطة القضايا والأسئلة التي يطرحها كتاب هائل مثل «نشأة الإنسانيات» في منشور قصير مثل هذا، لكن حسبنا أن نُشير إلى جُملة منها؛ فالكتاب يطرح أسئلة حول طبيعة «السلطة الدينية» في الإسلام السني، مقارنة بغيره من الأنظمة الدينية، ويسلط الضوء على العلاقة المعقدة المركبة بين الوحي الإلهي والآداب الإنسانية، وينظر معمّقًا في مفهوم الأدب في الإسلام ودوره الأخلاقي والسياسي، كما أنه يطرح أسئلة كثيرة محرجة على معتنقي عقائد المركزية الأوروبية، وعلى المستوى العام يقدم الكتاب صورة للمعارف العربية الإسلامية في العصور الوسطى، طارحًا علينا نحن قراء العصر الحديث أسئلة مركبة حول ما يمكن أخذه منها وما يجب تركه.. إلخ. وهذا غيض من فيض. .. عن الترجمة والمترجم --------------------------- تحتاج ترجمة الكتب من هذا النوع الخاص إلى مزيج من المترجم والمؤرخ والمحقق والأديب، والمتخصص في اصطلاح المؤلف إذا كان بألمعية مقدسي وتفرده. فوجود المترجم الممتلك لناصية اللغتين المنقول منها والمنقول إليها؛ بديهي. أما المؤرخ فلأن هذا الكتاب كتابٌ عمدة في التاريخ الثقافي للإسلام، فلابد أن يكون المترجم عالمًا بإصلاحات أهل ذلك الفن ومصادره الأساسية والفرعية، متضلِّعًا فيها خبيرًا بها. وأما صفة المحقق فتأتي بعد صفة المؤرخ لأن المحقق سيتتبع مصادر المؤلف مصدرًا مصدرًا فينقل منها ما ثبت له صواب نقل المؤلف له أو فهمه له، ثم سيعلق مصوبًا وشارحًا على كل ما عدا ذلك. وأما صفة الأديب فلأن هذا الكتاب في تاريخ الأدب، ولأن إنجليزية مقدسي إنجليزية فخمة، ينبغي ألا تفقد شيئًا من فخامتها حين تُنقل إلى العربية خاصة إذا كان الموضوع الذي تتناوله هو تاريخ اللغة والأدب العربي. وأما العارف بعالم مقدسي واصطلاحاته الخاصة والعامة؛ فلأن مقدسي مستشرق ألمعي طُلعة، كما وصفه الدكتور العدوي في مقدمته الباذخة، لحظ ظواهر لم يفطن إليها غيره، وحريّ بمن كان هذا شأنه أن تكون له لغته الخاصة في بعض المواضع، وإن لم يخرج في غيرها عن الاصطلاح الاستشراقي العام. وقد توفر الدكتور أحمد العدوي حفظه الله على كل هذا، فهو المترجم الممتلك لناصية اللغتين، وهو المؤرخ المطلع على عيون أدبيات التاريخ الإسلامي ومصادره المتعددة، وهو المحقق الذي يراجع مقدسي ويصوب له ويدقق وراءه، وهو الأديب ذو اللغة العذبة الجميلة والعلمية الدقيقة في آن معًا؛ فلا هي تتكلف الزخرف بلا ضرورة يقتضيها الحال، ولا هي حرفية جافة تصيب القارئ بالملال. وسيرى القارئ إن شاء الله أثر ذلك المزيج في ترجمة الدكتور العدوي، وفي مقدمته المسهبة، وفي تعليقاته وحواشيه الشارحة التي لم تترك شاردة ولا واردة إلا بينتها بحيث لا يحتاج القارئ إلى الخروج عن الكتاب لأي سبب ليبحث عن شيء يتعلق به خارجه. .. عن الناشر ------------ استغرق هذا العمل من الناشر والمترجم ما يقرب من عامين ونصف العام، وبصدوره يكون الناشر قد وفّى دينًا في عنقه لمقدسي منذ أن اطلع على أعماله للمرة الأولى قبل ما يقرب من ٨ سنوات، وبصدور هذا الكتاب أيضًا يكتمل نشر الأعمال الكبرى لمقدسي في اللغة العربية، وهي عملية استغرقت وقتًا طويلًا منذ عرف قراء العربية مقدسي في منتصف السبعينيات من القرن الماضي. زود الدكتور العدوي الطبعة العربية للكتاب بمسرد لأعمال مقدسي مرتبة زمنيًا بتاريخ صدورها، كما زوده بكشافات فنية متخصصة أوسع كثيرًا من كشافات الأصل الإنجليزي. ويصدر الكتاب في ٨٩٦ صفحة من القطع المتوسط كما أسلفنا.
A truly definitive, splendid book on how scholasticism and humanism in Islam go parallel to each other and how the Western Christian and Classical Islamic Civilisations strongly interacted in the Middle Ages and the Modern Times.
كتاب هائل وبحر خضم وبعيدا عن أطروحته والافاضة فيها فإن فائدته الكبرى في تلك الليالي الطويلة التي صحبته فيها أن نبهني لكتب التراجم العربية وما فيها من صور حية نابضة لأهل العلم والأدباء والعلماء ومجالس العلم وآدابه ونقله وتدوينه، وأحيا في قلبي شوقا عظيما لتلك الكتب وما استغرقت فيه النفس من ذلك القرب والملابسة والمعايشة للماضين على كافة أحوالهم.
كتاب العام بلا منازع جهد معرفي مبهر مت المؤلف في دراسة تاثير العالم الإسلامي المشرقي في فنون الأدب الإنساني على العالم الغربي المسيحي هذا الكتاب متعة فكرية ثرية في حقل المقارنة والتلاقح الثقافي بين المجتمعات يقر مؤلفه بعدم وجود مخطوطات أو دلائل مباشرة على هذا التأثير من قبيل السند التاريخي المعتمد لكنه أبدع في مقارنة المصطلحات والألفاظ وأساليب الكتابة "الامالي" بين العالم الإسلامي الوسيط والعالم الغربي في الأدب أو الإنسانيات في إيطاليا
تقصى المؤلف انتقال مصطلحات الأدبية من العربية إلى اللاتينية كما في مصطلح الكاتب الذي تُرجم إلى مصطلح secretary السكرتارية
أما المترجم الدكتور أحمد العدوى فترجمته كانت عبارة عن لوحة أدبية فاخرة أنموذج رائد في الترجمة العربية الرصينة التي تليق بمثقف نحرير مثله