إن صحَّ ما يقال عن أن الشاعر يمضي حياته كلها في كتابة قصيدة واحدة ، بصيغ وأشكال وأصوات متعددة ، فإن القصيدة تلك بالنسبة للشاعرة الأمريكية ماري أوليفر ( ۱۹۳۰-۲۰۱۹ ) تمت بأواصر وصلات لا تهن ولا تنقطع بعالم واحد هو الطبيعة؛ الطبيعة بكل مكوناتها الحية وغير الحية ، وكائناتها الأليفة وغير الأليفة ، الجميل منها والقبيح ، والصغير منها والكبير ، كان شعرها أشبه بالنشيد المطول الذي لم ينقطع إلا مع رحيلها ، في التغني بمفردات الطبيعة التي عشقتها ولازمتها واقتربت منها وعاشت فيها ، وأكاد أقول ، لها . وإذا ما قدر لك أن تقرأ شعرها عن قرب وتتأمله بحب ، فإن إصابتك بعدوى حب الطبيعة أمر محتم ولا مفر منه . لن تعود نظرتك إلى شركائنا في الحياة على الأرض کما کانت . سيمتد بينك وبينها خيط علاقة لامرئي يجعلك أرفق بها وأحنى عليها وأقرب منها ، على الأرجح أن ذلك لم يكن هدفًا تضعه نصب عينيها ، ولكنه إن تحقق لدى بعض القراء فسيكون ذلك مصدر سعادة وبهجة لها ؛ فالأدب العظيم بعد كل شيء هو ما ينجح في إحداث تغيير في نظرتك إلى الحياة وإلى العالم فلا تعود تراهما بعد قراءتك له كما كنت تراهما قبل ذلك .
Mary Jane Oliver was an American poet who won the National Book Award and the Pulitzer Prize. Her work is inspired by nature, rather than the human world, stemming from her lifelong passion for solitary walks in the wild.
اضطررت لمضغه على مدى أشهر، وذلك لأن تعاطي الشعر بغير ذلك ظلم لنفسك وللشعر ذاته.
فهنا شاعرة كثيفة، هائلة، تتغول في كتابها فتتغول حروفها فيك، إذ تكتب عن العام فيغدو لك وباسمك، وعما يجوس في البريّة فتكتشف بداخلك جبالًا وصحراء وسافانا من المعاني الثرة، بترجمة مذهلة كالمعتاد للأستاذ عبد الوهاب أبو زيد.
الشكر لعبدالله الذي أصرّ علي لشراء الكتاب، وأمل السعيدي تغريداتها عن الكتاب زادتني تشجيعًا. حين بدأت في قراءته شعرت بأن أسماء الدوارين ليست غريبة، حتى وصلت ديوان خيول زرقاء، تذكرت المدوّنة آريل بسيت في بودكاستها تحدثت عن ماري أوليڤر وحبها للشاعرة الفذة. الطبيعة في شكلها الفريد؛ قصيدة.
قراءة هذه المجموعة الشعرية أشبه بنزهة في غابة .. أو المشي حافياً في يوم مشمس وجميل على شاطىء وحدك منقطعاً متأملاً متأهباً لكل ما ستهمس لك به الطبيعة . هي رسالة للانسان ليعيد اكتشاف لمحجوب من جمال الكون عنا بسبب سعينا القلق في هذه الحياة وانشغالنا بالغد بالمال والتقنية بكل الملهيات التي تعمينا عن الاستمتاع بجماله المتمثل في لحظات بسيطة مليئة بالجمال بسرب طيور ..برائحة عشب ندي ..بشعاع يختبئ خلف غصن.. بصفحة البحر والتماعه.. بغيرنا من الكائنات الصغيرة التي نتعلم من تأملها أجمل الدروس فقط لو نعيرها انتباهنا دعوة للسكون.. والتماهي مع الطبيعة من حيث إنها الطريق للوصول للإيمان والسكون والطمأنينة.
كيف لنا أن نغفل كل هذا الجمال في الكون ومضامينه والكم الهائل من العبر والإشارات التي تلقننا أيها أصغر الموجودات فيه؟! لأننا وببساطة نعيش على عجل نستهلك أنفسنا وأرواحنا نلهث وحين نتوقف نكتشف أن الحياة تتسرب من بين أيدينا دون أن نكون عشناها كما يجب بحب بصفاء بلطف . أن تقرأ هذه المجموعة يعني أن تدخل عالماً من الدهشة والروعة في كلمات لأن هذه هي وظيفة الكلمة أن تترك في روحك أثراً وتومض في داخلك وهجاً.
الترجمة جميلة، ماري هي اللي مبالغ فيها... مش معقول في كل قصيدة هقعد أتغنى بجمال الأحجار، وأحضن شجر الجميز وأنا بمسح على رأس كلبي... في حاجات تانية ممكن نعملها ... في كام قصيدة حلوة
قراءة هذه المجموعة الشعرية هي قراءة لمشاعرنا وأحاسيسنا من خلال وصف الطبيعة، هي محاولة للالتفات للحظاتنا الصغيرة وتقديسها. أحببت الأسلوب الشعري البسيط والمباشر في استضاح المعنى، وكذلك أحببت الترجمة.
ماري أوليفر شاعرة أمريكية مشهورة في ستينات القرن الماضي .
حصلت على العديد من الجوائز خلال مسيرتها المهنية الطويلة ، بما في ذلك جائزة بوليتزر للشعر ، وجائزة الكتاب الوطني للشعر ،وجاء هذا الكتاب مترجما لكتابها devotion وعدة قصائدة مختارة . وتعد ماري واحدة من أكثر الشعراء المحبوبين في جيلها
تميزت أشعارها بأنها مستوحاة من عالم الطبيعة وحياتها في البرية ، تمتلك قدرة فريدة على استكشاف أعماق المشاعر البشرية من خلال عدسة محيطنا الطبيعي.
تلتقط قصائدها ما يعنيه أن تكون إنسانًا ، من الحب والفرح والاحتفال إلى الحزن واليأس والموت.
شعرها يحث للاستيقاظ من رتابة الحياة اليومية ، وأخذ نفسًا عميقًا لتقديس لحظاتنا الثمينة على هذه الأرض .
لقد منحت الطبيعة صوتا خلابا لا غرابة في ذلك لأنك ستلتقي عبر قصائدها بطيور وحيوانات كالبجعة والكلب والقطة وأشجار وحشرات وأحجار وبحار استحضرتهم جميعا واقتربت منهم فأشعرتني بحب غامر للطبيعة
و بسبب حسها الشعري البسيط والدافيء أوجدت رابطا خفيا بين القاريء وعناصر الطبيعة المتنوعة فكان مصدرا للسعادة والبهجة والتأمل شعرها يقترب شيئا فشيئا حتى يحدث تغيرا ولو بسيطا في رؤيتنا للعالم من حولنا و"تعير الانتباه" للطبيعة بكل مافيها فتعيشه مجددا بشعور طفل يرى العالم لأول مرة .
تريد أن تبكي بصوت عال بسبب أخطائك. ولكن لأقول لك الحقيقة فإن العالم لم يعد بحاجة المزيد من ذلك الصوت. لذا إن كنت ستبكي ولم تستطع أن تمنع نفسك، إن لم يستطع فمك الجميل كبحه، فعلى الأقل اذهب وحدكَ عَبْرَ. _________________ هل سبق لك أن شاهدتَ قط
"حين ينقضي الأمر، لا أريد أن أتساءل حائرةً إذا ما كنتُ قد صنعت من حياتي شيئًا مميزًا وحقيقيًا. لا أريد أن أجد نفسي متحسرةً أو خائفةً أو مترعةً بالجدل. لا أريد أن ينتهي بي المطافُ كمجرد زائرةٍ عابرةٍ لهذا العالم."