تنساب الكلمات بعذوبِة تتذوقها.. طعمها؟ حلوٌ..شَهِيٌ..مؤلِمٌ..بَهِي.
آهٍ! ما هذا الجمال!
تُحَلِق الروح حيث هُنَاك-في كربلاء- تأخذك الكلمات إلى حيث ما جَرى تحتار.. هل تخضع لإبتسامةٍ رسمتها جمال ما تقرأ؟ أم تسمح لدمعةٍ بالجريان أوجدتها معاني ما تقرأ؟!
لغة الدهشة حاضرة في قيامته الشعرية المتجددة لا تحويه الجهات الست؛ لأن جماله الغيبي غير محدود المجموعة ذاكرة تضج بالخلود بل قل عروج الوجود إلى الوجود، يأخذك من عالم الذر حتى المنتهى، حيث الحسين (ع) زاده. تجد الشاعر هنا استقر في اللامكان يكشف عن "رائِحَة الأُلوهة" وينبئ عن "الهدوء الذي يسبق الموت" وما أن: "بدَا الظَّما وهو يمشي مُمسِكًا بعصَا السَّرابِ إذ لم تكُن في وجههِ مُقل! وكان أوَّل من ألقى بأرجُلهِ التَّعبى لتنبُت جُنحانًا هو الأمل!" إذ "السهمُ لم يُخطئ ولكن وهمهُ ما زال في صدر اليقينِ يُحاوِلُ! والموتُ لم يعرف.. لأنَّك وجهةٌ قبل الحقيقةِ والرِّماح قوافِلُ"، حتى" وكانوا يظنون أنك حين تموتُ ستُعدمُ.. لكنهم في الحقيقةِ قد أيقظوك! ". نعم كان هناك سقوط ولكن" سقوط إلا عن المعنى" لتبدأ " قبائل من ملائكةٍ تُحركُ صوتها المبحوح وما لمحُوا الصدى الموعود يُمخضُ في الصدى المذبوح! " وأيضا " وثمة طفلةٌ مابين أُمنيتينِ ميتةُ". ليطعنهم الوقت" ثلاثُ ساعاتٍ وقفنَ.. كما الذرية في جدارِ الهتكِ ترميها النُّفُوسُ بأسهُمِ النَّظراتِ" إلى" يا (بِشرُ) أشعل في الرَّماديِّ السواد فرُبما طلع النهارُ وأفلتا"، ليقيم بعد ذلك في" مُدن البُكاء" مأتم سرمدي لشخص " هو الذي يضُوعُ هواءُ الله في زفراتهِ يُنادُونهُ: (يعقوب) مُنذ بكى على أبيه.. وبأن العرشُ في ثفناتهِ". هذا مختصر الركب السماوي المتساقط نحو الأعلى. والمميز هو أن مناخ الإبداع عند الرويعي مختلف جدًا يجعلك ترى اللامرئي وذروة تألقه - حسب ذائقتي- في: - عينُ الخوف الجاحظة. - لا يتعب الماءُ من التلويح. - الرِّيحُ تهبُّ.. للأعلى. - الدخانُ المنبعث من مُدن البُكاء.
لو باحَ وادٍ غيرَ ذي زرعٍ بما قالته حين فرارها قَدَمُ الصبابة ما اخترتُ إلا أنت منفىً للكتابة... .. هكذا يبدأ الشاعر @ahmedalrowaie7 ديوانه حيثُ يضعُ بين يديكَ و مخيلتك ملحمة عاشوراء و ارتباطنا بالحسين عليه السلام من عالم الذر و حين استشهاده.. يأخذنا هذا الديوان إلى عمق الفاجعة منذ البدء و حتى آخر أنفاسٍ رحلت عن كربلاء.. من أعمدةِ الخيام إلى دماء الاقراط إلى الاذرعِ الدامية إلى الرمح الممتد تصهره الشمس.. إلى المدينة و الوحشة.. ديوان يستحق القراءة و التمعن ففي كل قصيدة مشهد و لكل مشهد حكاية و لكل حكاية صورة و لكل صورة موقف و لكل موقف دمعة و حزن.. قراءة ممتعة..
تأملات روحانية شعرية في ملكوت سيد الشهداء ومن لحق به مع أهل بيته.. عظيم هذا الشاعر في خياله، نجح بامتياز في تصوير المواقف بإبداع مع المحافظة على عذوبة الكلمات وانسياب الشعر اقتباسات: "حبل واحدٌ ما بين أعناق يطوقها الكرى بظفائر الذكرى ويُثقلها الحنين" "أنا الانتظار! أتيت لأنشر عرف الرجوع.. وأبني كهوف اللطافة للنازحين إلى الأبدية" "لو لم يوقِع سهم التأويل دلالته في اللفظ لمات من الظمأ المعنى!"