عطر مريضة شابة يغمر طبيب النساء الأعزب؛ فيقلب حياته رأسًا على عقب. نظرة من امرأة في عربة ترام تصل إلى سر ما عاشته امرأة أخرى في ساعة حب. موسيقار عرف العديد من النساء وانتهى مقيدًا بسطوة امرأة يحاول الإمساك بجملة لحنها الأولى. وباحث يخسر حربًا طويلة الأمد مع الذباب، لكنه يستميت في معركة أخيرة من أجل الحب!
في رواية «غربة المنازل» يتعطل الكلام؛ فيفسح مجالًا لملمس الحياة ورائحتها وطعمها وألوانها، وتبدو القراءة عملًا لكل الحواس، نكتشف من خلاله عالمًا صاخب بالأحلام ومعجزات الحب، تحت المظهر المخادع لهدوء العزلة الحزين.
روائي مصري، أصدر 16 كتابًا، بين الرواية والقصة القصيرة والنص المفتوح. هي حسب الترتيب: حدث في بلاد التراب والطين (قصص 1992) مدينة اللذة (رواية 1997) مواقيت البهجة (قصص 2000) الأيك (سرد مفتوح حول الحواس) غرفة ترى النيل (رواية 2004) الحارس (رواية 2007) كتاب الغواية (رسائل 2008) ذهب وزجاج (بورتريهات 2004) بيت الديب (رواية 2011) العار من الضفتين (ريورتاج أدبي حول زوارق 2011) البحر خلف الستائر (2014) السماء على نحو وشيك( 2015) يكفي أننا معًا (2017) ما رآه سامي يعقوب (2019)غرفة المسافرين 2020، غربة المنازل 2021, وصدرت طبعة جديدة من الأيك مزيدة عام 2022. صدرت ترجمة بيت الديب الإنجليزية عام 2013 عن دار نشر الجامعة الأمريكية، وصدرت ترجمتها إلى الصينية عام 2017 عن بيت الحكمة، كما صدرت ترجمتان إلى الإيطالية لكتاب العار ورواية مدينة اللذة.
Ezzat el Kamhawi (1961) is an Egyptian journalist and writer. He is the author of 16 books, including four novels and two collections of short stories. In December 2012 he was awarded the Naguib Mahfouz Medal for Literature for his novel House of the Wolf (Dar Al-Adab/2010, translated in English by AUC Press/2013). In Italy, he published an essay about Mediterranean migration, The shame with two shores by Edizioni Ensemble (April 2014). City of Pleasure, his first novel, has been translated into Italian by Il Sirente publishing house in July 2015.
Ezzat el Kamhawi (1961) è un scrittore egiziano. È autore di 15 libri, tra cui quattro romanzi e due raccolte di racconti. Nel 2012 ha vinto la Naguib Mahfouz Medal for Literature per il romanzo House of the Wolf (Dar Al-Adab/2010, tradotto in inglese da AUC Press/2013). Ad aprile è stato pubblicato in Italia il saggio sulla migrazione nel Mediterraneo Vergogna tra le due sponde da Edizioni Ensemble. A luglio 2015 è uscita la prima traduzione del suo romanzo d’esordio, La città del piacere, per i
غربة المنازل رواية ولا مجموعة قصصية؟ أنا حسيتها أكتر مجموعة قصصية الصراحة...
الرواية بتتكلم عن فترة كورونا في ٢٠٢٠ والعزل المنزلي الذي فرض علي الجميع و بتلقي الضوء علي تأثير الجائحة علي حياة ونفسية العديد من الأشخاص لا يربطهم ببعض شئ غير إنهم يسكنوا في نفس المبني...
اللغة ممتازة ..الإسلوب جيد بس الفكرة عادية أوي أو ممكن نقول مستهلكة ... يمكن عشان أنا زهقت من كل ما يخص الكورونا فقراءة الكتاب كانت بالنسبة غير ممتعة في هذا التوقيت..إحتمال لو قرأته بعد سنتين مثلاً ممكن يعجبني بس في الوقت الحالي لم أندمج معاه..! رواية متوسطة المستوي.. التقييم ٢.٥
القراءة الثانية للكاتب "عزت القمحاوي" بعدما دعاني إلى "غُرفة المُسافرين"، حان وقت أن أشعر معه بـ"غربة المنازل".. والمُميز أكثر بالنسبة لي في هذا العمل أنه سيكون أول عمل جاد وحقيقي يتكلم عن أزمة الكورونا كخلفية للأحداث، ليس كتلك الكتابات التي جعلته مصدر كُل الأحداث وكُل الشخصيات تتحرك وفقاً له، بل جاء الحديث عن الكورونا واقعي للغاية، الشخصيات كما هي، بالطبع أثرت فيهم الكورونا والعُزلة وتأثيراتها، ولكنه ليس ذلك التأثير الدرامي "المبالغ فيه" الذي سمعت وقرأت عنه في بعض الأعمال الأخرى، فنحن وعلى الرغم أن الكورونا لم تنتهي بعد حتى لحظات كتابة هذه الكلمات، ولكن يُمكننا القول أننا أصبحنا قادرين على التعايش بشكلاً ما، بشكل مُختلف تماماً عن ذُعر أول الشهور، التي نالنا فيها كُل الذُعر والخوف مُضاف عليهم العُزلة اللعينة وما تفعله بعقل المرء.
هذه رواية من النوع المُتصل المُنفصل، تدور أحداثها في نطاق سُكان عمارة واحدة، تتنوع الشخصيات فيها تنوع فريد، ويتولى "القمحاوي" سرد حكايات هذه الشخصيات بجمال لا يخلو من تشويق لمعرفة المصائر، ولكن المُهم هنا ليس المصائر، المهم هنا كيفية تعامل هذه الشخصيات وكيفية رسمها، أفكارها المجنونة والغريبة الموجودة حولنا فعلاً، أن يخوض في التفاصيل لرسم الأحداث والشخصيات جعل تلك الرواية دافئة تحمل الكثير من الشجن والجمال.
أصبحت كتابات "عزت القمحاوي" مُتفردة ومُميزة بالنسبة لي، سأسعى أن أزيد من قراءاتي له، لأنه وبكل تأكيد قلم يستحق أن نقرأ له. 3.5/5
تنضم وبجدارة لقائمة أفضل قراءاتي في ٢٠٢١. كنت أتمنى ألا أنتهى منها وكنت أقرأها ببطء شديد محاولا الاستمتاع بها أطول فترة ممكنة.
هي رواية أقرب لمجموعة قصصية منفصلة متصلة، كأفلام قصيرة في فيلم واحد طويل.
تتنوع شخصياتها الفريدة ما بين المؤرّخ، الطبيب، حارس في مول ...، ... الخ.
يجمع بينها الوباء (طاعون، إنفلوانزا أسبانية، كوفيد ١٩) كما يجمع الخيط حبات مسبحة.
البطل الرئيسي في كل القصص هو الوباء وكذا العزل المنزلي والتباعد وتبعاتهما.
في مواقف مدهشة، تنتهي تاركة إياك راغبا في المزيد، صنع الكاتب ببراعة عالما فيه مدن غير موجودة مثل مدينة قلعة البحر ومدينة الغبار ( ولا يخفى على أحد أنهما الأسكندية و القاهرة).
قصص تتخذ من تاريخ اليوم عناوينا لها (ما بين أبريل ٢٠٢٠ وأبريل ٢٠٢١ تقريبا).
قصص فيها تكثيف كبير للمشاعر والمواضيع ، هي لوحات تكملها أنت ومن الممكن أن تتمدد لتصبح جداريات تملأ متحفا كاملا.
صنّف الناشر هذا النص "رواية"، وهو قريب من هذا التصنيف لكن ليس تمامًا. فالكاتب اعتمد اسلوب القصص المنفردة التي تبدأ بالتقاطع في مرحلة لاحقة لتخلق الرابط الذي يجمع الحكايات من بدايتها الى آخرها، ونجح في ذلك جزئيًا في بعض القصص (قصة "طعمة" زوجة البوّاب على سبيل المثال) وفشل في قصص اخرى (قصة فريدة ويوسف على سبيل المثال ايضًا) فكان الربط المرتكز على المكان (العمارة) واهيًا جدًا.
غياب الرابط القوي جعل قراءة النص أقرب الى قراءة قصص قصيرة منفصلة تتصل ببعضها قليلًا في الفضاء السردي او تقاطع بعض الأحداث الجانبية وهذا أثّر على الإستمتاع بالنص حيث امضيت معظم الوقت محاولًا ربط الشخصيات ببعضها. الشخصيات ايضًا كان بناؤها متفاوتًا، فبعضها سطحي وسريع (فريدة، يوسف، امرأة الحديقة،...) وبعضها اكثر من اللازم مثل رئيس الهيئة الذي استهلك صفحات كثيرة. من هنا فقد النص جاذبيته.
الأحداث فيها الكثير من "الكليشيهات" والنمطية، مثل الريفية التي تأتي الى المدينة فتصبح عشيقة رجال البناية، وزوجها الذي لا يعرف ما الذي سيفعله. رئيس الهيئة الذي يتجسس على الجميع ويعرف خباياهم (رغم ان هذا الجزء كان مكتوبًا بإتقان)...
اللغة متينة بشكل عام، لكن تنقصها روح عزت القمحاوي التي نعرفها في نصوصه او حتى في مقالاته.
ثمّة اخطاء املائية وبنيوية في النص، على صعيد المثال: 1- ص10 "المرأة لها قوام جميل في غير صخب، تمامًا يشبه قوامها، الذي يحبه عمر" الصحيح يوسف وليس عمر. 2-ص15 يقول الراوي العليم عن فريدة "لم تكن تقوى على العري قبل ان تعرف يوسف، ولم تزل تستحي عندما يلتقيان بعد غياب" نفهم من هذا انهما قد التقيا عدّة مرات في جلسات حميمية. ثم بعد فقرتين "انها ترى، ذلك الشيء، الذي فعلته اليوم للمرة الاولى، ولم تكن تتصور ابدًا انها ستفعله.." لم نفهم ما الذي فعلته فريدة هذه المرة والنص لا يوضح (لا تلميحًا ولا تصريحًا) لاحقًا.
رديئة وكأن العزلة لم تؤثر الا على الطبيب النسائي الذي تخلفت عنه مريضاته ,الذي يتخذهن عشيقات "وعدم مقدرتهن على الخروج واختراع الأسباب لآبائهن أو أزواجهن بسبب العزل والحظر". وهذه جملة حرفية من الرواية. أو على تلك التي تسرق من وقتها لتقابل حبيبها في شقة زميلتها ,ناهيك عن قصة الحارس الذي لاحظ أثناء تطهيره لمنازل الجيران العلاقات الغير شرعية وربطه بين الأطفال وآبائهم الحقيقين عن طريق الشبه.. ماهذا القرف, وكأن هذا العادي في المجتمع!
أحتاج لفاصل قصير ألتقط فيه أنفاسي قرب انتهائي منها ، لماذا؟ باختصار عزت القمحاوي جعلني ألهث وأقفز ونهشني الفضول لأعرف مصائر الأبطال ، المثير فعلا أن الابطال هنا ليسوا أشخاصا فقط إنما البطل مكان كما يظهر على الغلاف ، وحدث كبير اهتز له العالم ، البطل أيضا هو الخوف الذي يهاجم البشر ، وكيف تعاملوا معه ، من ثبت ومن انهار ! أعترف أني في حيرة كبيرة لا أعرف من أين أبدأ ودائما أشعر بهذه الحيرة وأجدني عاجزة عن كتابة ما يليق بأعمال متميزة ، خوفا أن أفسد على القاريء من بعدي متعة اكتشاف العالم الذي غصت فيه وكدت أغرق في تفاصيله المثيرة والمدهشة ،
"الكتاب الجيّد ابن كُتب جيّدة.. ابن قارئ استثنائي"
يحب عزّت القمحاوي اللعب مع الكتابة والخيال واللُغة، هذه التركيبة تؤدي إلى فشل شديد في توقّع كتابه القادم أو التيمة التي سيستخدمها في بنائه القصصي أو الروائي. لكنها في الوقت نفسه وصفة أكيدة لاستمتاع شديد وانبهار لا يخفُت.
لقد قرأت غُربة المنازل مرتين، قرأتها مرّة لغُربتي بعيداً عن الأهل والأحبّة، وقرأتها مرّة ثانية لغُربتي عن العالم وعُزلتي بين أربعة جُدران، حيث بدأت رحلتي إلى نفسِي كما يقول المتصوّفة.
في خضّم هذا البحر، أتى الاقتباس في أوّل الرواية من ألف ليلة وليلة ليُطَمئن الجانب التوّاق إلى الطيران في داخلي أننا سنُسافِر، وأن الواقع لن يربح اللعبة بسهولة.
شخصيات الرواية كثيرة، وعلى الرغم من هذهِ الكثرة غير المتوقّعة في رواية صغيرة الحجم – ٢٠٠ صفحة تقريباً – إلا أن تركيب وتشابك الحكايات مغزول ببراعة. هذهِ ليست رواية مكانيّة، بقدر ما هي تستخدم المكان فقط كوسيط لمعايشة الحيوات بداخله. الحقيقة أن زوجة حارس العقار "طِعمة" تربط السكّان بأكثر مما تربطهم البناية نفسها! الرواية تسير وراء الحياة بما فيها من الأوجاع والمخاوف، الهواجس، الهوس، والحُب، والأسئلة الوجودية الكبيرة. الانسان في عُزلة أمام نفسِه واختياراته وماضيه وتهديد حيوي قائم في وجهه وفي وجه من يحبّهم. ملحمة إنسانية صغيرة تتخفّى وراء محاولات القمحاوي لتبدو كتابته "ساذجة" كما يحب أن يُطلق عليها.
اللعب مع اللغة أيضاً حاضر في الرواية، امتداد لشغف القمحاوي الظاهر في كتاباتِه الأخيرة، تغييرات بسيطة في التعبيرات والمأثورات اليومية مثل ما خَفّ ثمنه "وعلا سعره"، "خربشات" مُمتعة وباعثة على التفكير مع إعادة استخدام اللغة المنسيّة مثل "إضبارة" وغيرها.
هناك نساء يطرن مع الحمام من الشُرفات، وطبيب ذو حاسّة شم خارقة، ومؤرخ تائه بين الماضي والحاضر، وعالم مشغول بالذباب وتناسلُه وتهجينه، ونساء يتركن رائحتهن في قمصان النوم ويذهبن إلى قصص أخرى، وقصص حُب عميقة تغيّر الحياة مُضمرة بمهارة الخيّاط المُحترف في "قُطَب مخفيّة" بطول الرواية.
يلعب عزت القمحاوي اللعبة الصعبة في غُربة المنازل ٢٠٢١، ويكسَبها.
رواية خاوية من المعني كلها تشبيهات عائمه وقصص غير متناسقه لا هدف منها وإن كان هدفها رصد تأثير الفيروس ع هذا العقار فقد اضاع الكاتب فرصة كبيرة لعمل ذلك قصص يتخللها الفضاء لا تحمل للقارىء أية متعه علي الإطلاق نجمتان للإسلوب الذي ربما يبشر ببداية جيده ولكن سرعان ما يخذل
"شبابيك ، الدنيا كلها شبابيك والسهر والحكاية والحواديت " …
مش عارفة ليه طول الرواية فى ودنى الاغنية ديه 👆🏻 يمكن علشان الرواية دخلتنى بيوت كتير وخلتنى اشوف المستخبى ورا الشبابيك 🤷🏼♀️
الكاتب حب يتناول أزمة الكورونا 😷 وآثارها والعزلة اللى اتفرضت علينا فى صورة مختلفة… من خلال سكان عمارة واحدة 🏢 …حكايات واسرار 🗣🦻🏻 كل شقة … وتعاملهم مع الحدث كلا على طريقته …
القصص منفردة ومش متصلة ببعض وكنت على أمل من ترابطها بشكل او بآخر فى النهاية … بعنى اكيد الجيران لبعضها 😁 وكنت متخيلة انهم هيبقى ونس وسند لبعض بس الواضح أن ده كان زمااااان وفى مناطق وأماكن معينة .. لكن حاليا
" صباح الخير ☀️ يا جارى … أنت فى حالك وأنا فى حالى "
اللى حصل معايا فى الرواية ديه انى حسيت وانا بقراها انى خبطت على باب 👊🚪 شقة شقة فى العمارة ، قعدت شربت الشاى ☕️ واطمنت على أحوالهم فى العزل وسمعت عن قصصهم وبعض مما كان من حكاياتهم وقفلت الباب 🚪 ورايا ومشيت🧍🏽♀️ بس كده …
و طبعا بما أنى من هواة التشويق كنت مستنية الحدث اللى هيقلب غربة المنازل لونس المنازل لكن محصلش وبقى الوضع على ما هو عليه 🥺…
تعاطفت مع بعض السكان وبالأخص
🌟قصة الملحن 🎻رامى مع غيداء :
ألم تكن ليلة جميلة؟ أرجوك، كان ذلك خطأ كبيرًا، لننس هذا الأمر.
أراد أن يقول كلمة تسترضيها، لكن كرامته منعته، أراد أن يغضب لكن خوفه من فقدها ألجمه. اكتفى بالصمت، موقنًا بأنها ستلين فيما بعد، وأنه سيعاود الإمساك بجملة لحنها الأولى التي هربت. ❝
🌟 وقصة المؤرخ بديع العطار …
❞ «ليس بوسعنا أن نُغيِّر ما يحدث في الأحلام. نتلقى ما تقرره القوة التي تسيطر على منامنا فحسب. وهكذا صرنا في مواجهة كوابيس اليقظة هذه الأيام». ❝
… والبعض مروا مرور الكرام ولا آثروا فيا …
بس الأكيد أن فى 👇🏻👇🏻
" كثيرون يتساقطون فى عتمة العزلة "
note : الغلاف عاجبنى جدااا حسيت معاه ب nostalgie
بيوت أهالينا علشان كده كنت متخيلة انى هلاقى فى الرواية ونس المنازل 😉💙
والله للأسف لم استطع إعطاء الكتاب أكثر من نجمتين ، رغم اعجابي الكبير بقلم الاستاذ عزت ، سعادتي بوصول كتابة للقائمة الطويلة بأهم الجوائز العربية ..ولكن …
لم يبدو الكتاب لي كرواية ابدا :) لايوجد ترابط بين القصص إلا بذكر طفيف خلالها عن العمارة ، او عبر اقحام إسم شخصية في حكاية شخصية اخرى دون داع …
حكايات واقعية نعم ، لكن الربط بينها بان لي واهياً غير محبوك الحبكة التي اتوقعها من كاتب محترف.
#التاريخ يمزح أحياناً # الحظ من الخوف هو القسمة العادلة في قلوب البشر # من كان يتوقع ان يركع العالم لفيروس تافه في عصر انتصار العلم؟ # المؤرخون لايدونون الحقيقة بل يرسمون ظلالاً قد تشبه وجهها. ولابديل الا الصمت الذي لايطاق
"غربة المنازل" لعزت القمحاوي طواف بين أبواب مغلقة، وعزلة سارحة بين الشرفات.
كما هي عادتي مع كل قراءة لأعمال كاتبنا القدير عزت القمحاوي، امتزجتْ لديّ الدهشة بالمتعة، وانخرطتُ في طوافٍ حافل بالقلق رفقة شخوص هذا العمل السردي المختلف. المكان هو بؤرة الحكاية، والوباء خيط حريري يربط بين الشرفات، والقراءة للقمحاوي -كما هي العادة- تستلزم قدرًا كبيرًا من اليقظة، إذ أن التشابك بين الفصول مخاتل يراوغ القارئ المنخرط في تتبع مسار الحكاية. ربما انقضتْ نصف صفحات هذا النص قبل أن أقبض بيدي على أول خيوط هذا النسيج القصصي المحكم، وقتما كانت علامات الاستفهام تحوم حول كلمة "رواية" المطبوعة على الغلاف. الرابط الأول بين الشخوص هو الرابط الملموس، وأعني هنا بقعة في قلب مدينة الغبار (أو القاهرة)، حيث البيت الذي يستقر أحد الشخوص خلف باب من أبوابه، أما الرابط الثاني فهو رابط محسوس، ينبثق من تعاطي السكان مع مراحل تفشي الوباء.
الأمر أشبه بحضور أحد المعارض، حيث تصطفُ اللوحات على الجدران، الواحدة تلو الأخرى. كل لوحة تؤطر مشهدًا لباب شفّاف برع الرسّام في نقله من مخيّلة خصبة تعجُّ بالتفاصيل، إلى أقل مساحة ممكنة. يطالعُ القارئ الأبواب/اللوحات، وتأسره كل حكاية على حدة، دون أن يدرك للوهلة الأولى أن التفاصيل تتسرّب من لوحة إلى أخرى، حتى يقف أمام آخر اللوحات، ليدرك هذه الحيلة البارعة، فلا يملك إلا أن يعود لمطالعة اللوحات بذات الترتيب مرّة أخرى.
الوباء حاضر ليفرض العزلة ويظلل عتبات المنازل، بيد أن حضوره لا يستجلب الرعب ولا يخلّف الانقباض المقرون بالخوف الفطري من إسدال ستار الحياة أمام العيون، الوباء هنا تم توظيفه بحنكة بحيث نراقب نتائجه، ولا نتتبع مساره هو. اكتفى القمحاوي هنا باستحضار ظلّ هذا المارد المقيت، دون أن يسلّط كاميرته على وجهه ولو لمرة واحدة، الأمر الذي أعدّه واحدًا من أهم عناصر الدهشة في هذا النص.
خلف الباب الأول، نتعرّف على أولى ساكنات البيت، فريدة؛ امرأة في منتصف الأربعينات تلتقي بصورتها بعد عشرين عامًا في عربة المترو، الأمر قابل للتأويل بحيث يفتح مصاريع الاحتمالات أمام الواقع والتخيّل، تنتهي حكاية فريدة بنشوة تغمرها عقب خوض تجربة عشق لم تعرفها من قبل، ولقاء غرائبي مع امرأة تشتل بنظراتها بذور الأمل، وتحرّضها على الاحتفاظ بالمحبوب، مشهد انعكاس وجه فريدة في عينيّ المرأة الستينيّة، والعكس، ربّما يحمل إسقاطًا يقصد الكاتب من خلاله إحالتنا إلى المقارنة بين المرأتين، أو المدينتين، فالستينيّة عرفت المدينة وقتما كانت ترتع في متنوّع ألوانها، أما فريدة فقد نشأت في مدينة الغبار.
ننتقل في اللوحة الثانية إلى باب شقة أخرى في ذات العمارة، لنتعرّف على حكاية رامي حنا وغيداء. علاقة غريبة، وربما فريدة، تجمع بين موسيقار وحيد لعوب وامرأة غامضة تتقدم للعمل لديه في وظيفة تدرك من البداية أنها وظيفة وهمية تنطوي على شرك ينصبه الرجل لاصطياد بطلات نزواته. يعيش رامي وغيداء سويًّا لعقود طويلة دون أي علاقة رسميّة أو جسديّة تجمعهما. ربما لذلك يظل العشق نابضًا في قلب رامي تجاه غيداء حتى بعد أن أثقل الشيب كاهليهما وأصيبت هي بالوباء وباتت في حاجة إلى الرعاية. استغرقتُ كثيرًا في تأمل هذه العلاقة، وتوقفتُ أمام كم الأسئلة والأبواب المغلقة التي توارت خلفها الحقائق، دون أن ينتقص هذا من إعجابي بهذه العلاقة. التقط القمحاوي مشهدًا واحدًا من علاقة استمرت لعقود دون أن يغوص في تاريخ العلاقة ومراحلها بطريقة ترضي فضول القارئ. ربما أعود لأكتب المزيد عن رامي حنا وغيداء فيما بعد!
اللوحة الثالثة تُظهر الباب الأهم في هذه البناية السرديّة، حيث يعيش المؤرخ فريد العطار الذي سبق الوباء إلى العزلة،. رجل تهاوت أسوار عقله تحت وطأة التاريخ. يتلقى نصيحة طبيّة مفادها أن عقلها في حاجة إلى restart، يستقبل المؤرخ الوباء بترقب مشوب بفضول الأطفال، وينهمك في متابعة أخباره حدّ الخروج من عزلته الاختيارية متحديًّا قوانين العزلة الإجبارية، بحثًا عن أثر لبقاء البشرية في مدينة الغبار.
ننتقل عقب ذلك إلى عتبة الباب الرابع، لنقتحم عالم الدكتور فريد عبد المحيط، طبيب النساء اللعوب الذي يملك أنفًا متبصّرًا يستشرف رائحة الموت المحيط بمدينة الغبار، تمامًا كما تتحكم فيه حاسم الشم لتمسي المحرّك الأول لتصرفاته وقراراته. في خزانته تذكارات نساء، وجثة عائلة كاملة من الفئران، وفي عقله خزانة أخرى تكتظ بروائح العابرات وذكرياتهم، وهاجس دائم لا يغادره. خلف هذا الباب نقرأ أحد أهم العبارات في هذا النص على لسان دكتور فريد، مفادها أن الحياة صراع دائم بين التحام الأجساد وتفسّخها. المقطع الذي يفند فيه الدكتور فريد مراحل حياة الإنسان إلى مجموعة من الروائح، بداية من رائحة الحليب الدافئة حتى رائحة العطن والتفسّخ، ربما كان أحد أهم مقاطع هذه الرواية.
أمام عتبة البيت الخامس، نشاهد حكاية حمادة رزق، حارس أمن المول التجاري، أو بالأحرى؛ خيال المآتة البشري الذي يخلق لنفسه بطولات وهميّة، شأنه في ذلك شأن الآلاف من قاطني مدينة الغبار. ينتشر الوباء فيصيب حمادة بالبطالة، إلا أن هذا الأخير لا يتوقف عن تسجيل بطولاته الزائفة، فيكلّف نفسه بنوبة حراسة مفتوحة لجيرانه وأهله من الوباء، يغوص حمادة في أرحام البيوت، حتى يعرف أكثر مما ينبغي، ويرى ما لا يحق له رؤيته، فينال طعنة غادرة لن تحيده عن مساره فيما بعد.
ثم ننتقل إلى الباب السادس، حيث لوحة تصوّر لنا مشهدًا تكسوه رماديّة الهزيمة. وديع العطار الذي أنفق عمره في مطاردة الذباب في قلعة البحر، حتى توقف عن عد هزائمه أمام هذه الحشرة التي تنشغل بلحظات العشق عن خطر الفناء. وديع، وهو شقيق المؤرخ بديع، يظهر في اللوحة متبوعًا بظلّين، كل منهما معارض للآخر، الأمر الذي يغلف خطواته بحيرة لا تفارقه. تتعاظم هذه الحيرة حين يتقاطع ظل وديع مع ظل امرأة صامتة في أحد الحدائق العامة. لحكاية وديع تتمّة يختتم بها الكاتب استعراضه للغربة السارحة خلف الأبواب، وفي أعمق بقعة من خلايا سكان مدينة الغبار.
الباب السابع قديم، منخفض بحيث يمسي الانحناء فرضًا على من يمر عبره ليطالع اللوحة المطبوعة في ما وراء أستاره. سالم هو بواب البناية، وهو زوج طعمة الحاضرة في أغلب اللوحات السابقة. طعمة هي الخيط الرفيع الرابط بين معظم البيوت، أما سالم، فهو رجل بسيط يرفض استمرار زيجته من فتاة غنجة، ويستبدلها بفتاة سمراء لها جسد صبي يافع. هكذا يصف سالم زوجته التي اصطفاها متجاهلًا تبرّم أمه. بيد أن جمال طعمة يتشكّل ويزداد في عينيّ سالم حين يلاحظ انجذاب السكان إلى زوجته! تصنع من عيون ملاحقيها قلادة، فتكتسي الفتاة السمراء بالجمال وتزرع خطواتها الطراوة في قلب سالم. يستدير جسدها في عينيه فيغار عليها وقد أضحت فاتنة مرغوبة تحيط بها نظرات العابرين. إلا أن الوباء يهبط على مدينة الغبار كوحش قبيح يفرض العزلة على الجميع. ينحسر مدّ النظرات عن جسد نعمة، فيكتشف سالم ترهلاته إثر تكرار الولادة، ويستعيد في عينيه صورتها مسخًا دميمًا.
تفتح صافيناز الباب الثامن، لنتصفح معها حكاية فتاة هاجرت عقب ثورة يوليو، وعادت كهلة في منتصف الثمانينات من عمرها بعدما دفنت زوجها في بلاد الغربة. ترغب صافيناز في نقل رفات زوجها إلى مقبرة العائلة في مدينة الغبار كأنها بذلك تنزع عنه ثوب الغربة. عقب نجاتها من الوباء، تفاجئها الدولة بقرار يقضي بإزالة مقبرة العائلة لإفساح المجال أمام طريق سريع. وهكذا، عوضًا عن استرجاع رفات الزوج المهدد بالمياه الجوفية في أميركا، تغادر صافي مدينة الغبار حاملة رفات أبويها، لتدفنهما في الغربة.
وهم الزعامة والسيطرة على الآخرين في أروقة الهيئات الحكومية يظهر وراء الباب التاسع، ثابت سند وقصة صعوده التي تليق بالتاريخ الحديث لمدينة الغبار. نتعرف بين السطور على تفاصيل التعايش في أروقة الهيئة، ما هي الهيئة المقصودة؟ لا يهم، فالحكاية تتسق كل هيئة تشرف عليها الحكومة. الأمر أشبه بصراع بقاء خفيّ، ربما لهذا نجد أن ثابت سند يُلصق بكل مدير إدارة لقب حيوان ما خلال اجتماعه المصيري بهم، لا يجهر بالألقاب بطبيعة الحال، لكنّه يقدم تفسيرًا ضمنيًّا لاختيار اللقب الذي يمنحه لكل موظف. الاجتماع يناقش عدة نقاط أهمها اللوحة الجدارية الضحمة التي تَقرّر وضعها في مدخل الهيئة، حاوية صورة السيد مدير الهيئة ورئيسها، دون إغفال مقاييس الرسم التي يجب أن تظهر كل صور بما يتسق مع وظيفة صاحبها. ثابت سند سوف يعتزل الهيئة ويتحول إلى شيخ بعد خروج الوباء عن السيطرة وانتشاره بين ذرات الغبار السابحة في فضاء المدينة.
دعونا الآن نتفادى طرق الباب العاشر، مستعيضين عن ذلك بتأمل نافذته: تلك هي الحاجة سمحة، ها هي تطعم الطيور كعادتها كلما تدلّى من السماء أول خيوط النور. لحظة واحدة. الآن طالعوا معي هذا الجسد المسجّى فوق قمم الأشجار أسفل البناية، بالضبط: هذه هي الحاجة سمحة أيضًا، ولكن بعد أن سقطت من نافذتها، أو طارت، أو حملتها غيمة العصافير واليمام! سقطت الحاجة سمحة دون سبب معروف، لكنها نجت إثر سقوطها فوق الشجر الذي تسكنه طيورها. الأمر يعكس أحد وجوه العدالة الغائبة، فكما أحسنت الحاجة سمحة استقبال الطيور في منزلها كل يوم، كان من المنطقي أن يحسنوا استقبالها فوق أشجارهم! يحملها سالم البواب إلى بيتها. لكن زوجها سعيد الطناحي، أو العمدة المتلذذ بتذوق "طَعَامة" زوجة البواب، يجد نفسه في موضع المتهم، ويصيبه صرع الانترنت فينغمس في بحث محموم بين صفحات تداولت أخبارًا عن رجل ألقى بزوجته من النافذة عقب اكتشاف إصابتها بالوباء. يتتبع سير الأخبار العشوائيّة غير موثقة المصدر، ويراقب شابًا يدعى حسام فخري يتلصص على علاقته بزوجة البواب، حتى يطمئن إلى سلامة موقفه عندما يدرك أن النساء اللاتي يتم إلقائهن من الشرفات أكثر مما يضعه في دوائر الشك! هنا تتحول الحاجة سمحة إلى درويشة! الطناحي نفسه يؤمن بطيرانها فوق السحب، ويقسم أنها ليست المرة الأولى، فيفد الناس من جحورهم المعبأة بغبار اليأس إلى الحاجة سمحة، وقد وقر في يقينهم أن النجاة من الوباء حاضرة في كنف درويشة عرفت كيف تحتضن السماء.
نعود إلى باب المؤرخ بديع العطار في اللوحة الأخيرة، الباب مغلق، ولكن جسد المؤرخ المكسو بزرقة الموت ظاهر في خلفية اللوحة. يكتشف وديع وفاة أخيه بديع. مات بديع وحيدًا دون أن يمسّه الوباء، وربما مات باختناق تاريخي! لم يقدر المؤرخ على تطبيق الـ restart كما ينبغي، سقط أسفل أطنان من صفحات حوت تواريخ الأوبئة، واختنق بالغبار. أما وديع، فهو ماضٍ خلف السيدة التي ترافق كلبها "ليل" إلى الحديقة العامة، متبوعًا بظلّين لا يفارقانه، أولهما يلومه على وفاة أخيه وقد غاب عنه منذ أربعة أيام، والآخر يؤكد له أنه ظهر في الوقت المناسب قبل تعفن الجثة وتفسخها، الأول يحذره من الاقتراب من السيدة، واسمها "لطيفة العراقي"، والثاني يشجعه على الاقتراب مؤكدًا أنه -أي وديع- ليس لديه ما يخسره!
الأمر الوحيد الذي استوقفني، وربما أرهقني، كان محاولة فهم السياق الزمني للفصول، فهناك تاريخ يستهل به الكاتب كل فصل من فصوله الإحدى عشر، التواريخ لا تسير في نسق تصاعدي، ولا العكس. فالفصل الأول يجمل تاريخًا في أغسطس ٢٠٢٠، والثاني في يونيو من العام ذاته، ثم نقفز إلى مارس ٢٠٢١ قبل أن نعود إلى ٢٠٢٠ مرة أخرى، وهكذا، اللهم باستثناء الفصلين الخاصين بالمؤرخ بديع العطار، وقد آثر الكاتب أن يمنحهما التاريخ الزمني الخاص بالمؤرخ.
تنتهي الرواية وسط الخضار، وديع في أحضانٍ لطيفة، الرجل حائر خائر فزع، وعبارة تتكرر على لسان المرأة المطمئنة "أكمل... لا تخف ... أكمل... لا تخف"، كلمات ربما تدفع وديع إلى محاكاة انخراط الذباب في لحظات العشق على حساب الخوف. نتصفح مصائر بعض الشخوص، ولا نعرف شيئًا عن البعض الآخر، يختفي الشاب المتلصص حسام فخري، يغادر الطناحي البيت رفقة درويشته إثر احتشاد مريديها، يتحول ثابت سند إلى شيخ ينتظر المسيخ الدجال ويستلم إدارة شؤون البناية من الطناحي، يستقر سالم وطعمة في بيت الحاجة سمحة، تعود صافيناز من حيث جاءت، ويعكف رامي حنا على خدمة غيداء، ينجو حمادة رزق من طعنة الغدر، يواصل فريد عبد المحيط تتبع الروائح، بينما لا نسمع شيئًا عن فريدة. تستمر الحياة، تتداخل المشاهد، إلا أن بعض الكلمات تشي بثمّة حياة أخرى تنتظرنا عقب انقضاء البلاء.
والسؤال هنا: هل تنتهي غربة المنازل برحيل الوباء؟
هل يعود الدفء إلى البيوت وقتما يعبئ الوباء حقائبه بأرواح الضحايا، ويمضي؟
هل سبّب الوباء غربةً سرحت في منازل مدينة الغبار؟ أم تُراه كشف -بحضوره الثقيل- عن وجودها؟
هل العنكبوت هو الجاني الذي يستحق العقاب؟ أم تُرانا نطارد الشبكة المعقدة التي نسجها حولنا بمحض إرادتنا؟
أُحيل القارئ هنا إلى مقدمة الرواية التي أورد فيها الكاتب مقتطفًا من واحدة من حكايات ألف ليلة وليلة، تتحدث عن تحول البشر إلى حجر "حكاية عبد الله فاضل وأخويه".
نص أدبي ممتع ومدهش، ربما يحار البعض حيال تصنيفه بين الرواية والمتتالية القصصية أو القصص القصيرة المنفصلة المتصلة أو أو أو ... المهم بالنسبة لي هو تحقق المتعة بغض النظر عن التصنيف، وها هي المتعة ما تزال حاضرة وأنا أكتب هذه السطور. في النهاية، ومع التغاضي عن فشلي في إدراك المقصد من ترتيب التواريخ، أقر أنني استمتعت كثيرًا بهذا النص، واندهشت بذات القدر! نص رائع ومختلف عن أغلب النصوص الأدبية كما هي عادة القمحاوي، أنصح به الجميع.
#محمد_سمير_ندا
This entire review has been hidden because of spoilers.
مجموعة قصص قصيرة مميزة للغاية، تأتي الشخصيات كلها ذات عمق رغم ان القصص قصيرة وليست رواية واحدة طويلة. الكتاب كله يدور في عام ٢٠٢٠ علي خلفية الجائحة وتداعيات الإغلاق. القصص تبدأ من نقطة صغيرة للغاية مثل دخول ذبابة للمنزل ثم تتسع لترى حياة صاحب القصة في بانوراما مبهرة تأخذ بالألباب القصص القصيرة ترتبط بخيط دقيق من منطلق حياة أصحابها كلهم في نفس العمارة لكن عدا ذلك تستطيع أن تستمتع بكل قصة على حدة بمعزل عن باقي القصص كاتب ممتاز
لا يفتأ القمحاوي في خياله كما في معرفته منحازًا للجسد أكثر من العقل، والتجربة أكثر من الافتراض، والبصيرة أكثر من الفطنة، وذلك بوصف الثلاثة وقودًا للحياة لا بوصلة لها، في تضفيرة سردية هي من الإبداع بمكان.
اسم الرواية : غُربة المنازل. اسم الكاتب : عزت القمحاوي. عدد الصفحات : 207. دار النشر : المصرية اللبنانية.
"ولِلمُفارقة؛ فَالخِفّة الشَرسة التي منحتْ الفيروس وَجهه المُضيء بِوصفه أكثر الأوبئة عدلًا، هي ذاتها التي تزرعُ الشكَّ فِي وجودِه."
تُعتبر الرواية مُنفصلة مُتصلة، أو أنَّها تميلُ أكثر إلى كونِها مجموعة قصصية، تناولت الروايةُ أحداث أثناء فترة كورونا والعزل وألقت الضوء على تأثير الجائحة على حياةِ ونفسيةِ العديد من الأشخاص الذين لا يربطُهم سِوى عمارةٍ سكنية واحدةٍ تجمعُهم، تنوّعت الشخصيات فيها تنوُّع اختلاف، ويتولّى الكاتب سرد الحكايات بِأسلوبه الخاص؛ لنرى ما هي المصائر، والتفاصيل التي تُشكِّلُ كُلَّ شخصيةٍ وكُلَّ حكاية.. أخذت الروايةُ مَجرى الح��ايات عن كيفيةِ مواصلة الإنسانُ مِنَّا عُزلته أمام نفسِه وأفعالِه واختياراتِه وتهديد حيوي "الوباء" قائمٌ فِي وجهِه ووجهِ أحبائه.
مبدئيًا؛ صراحةً لم أستسغْ الرواية ولم أستطع أن أتعايشَ معها، كانت فكرةُ الروايةِ جيّدة لكنَّها ليست إبداعيّة، ليست مُبتذلة لكنِّي أيضًا شعرتُ أنَّها مُستهلكة، كان السرد مُنمق، ينتقل بِخِفّة من حكايةٍ لأخرى، من شخصٍ لآخر مع ظهور بعض الشخصيات تربطُ ما بين الحكايات وهكذا، كان السرد على قدرٍ كبير من الشفافية، إلَّا أنَّها للأسف بدَتْ _ بالنسبةِ لي _ مُساءة الاستخدام، وبشكلٍ مَا أقحم الكاتب الكثير من التفاصيل والألفاظ أجدهم شوّهوا الحكايات ليس إلَّا؛ حيثُ أنَّ بعض الأحداث وجدتُها فعلًا رديئة، ولا أستوعبُ أنَّه من الممكن أن تكونَ هذهِ عاديةُ المُجتمع لِيتناولها بتلك الطريقةِ السَلِسة!
لكن أعجبني صُنعَ الكاتبُ لِمُدن خياليّة ما هي إلَّا واقعية؛ مثل مدينة "قلعة البحر" ومدينة "الغُبار" اللذان لا يخفى على أحدٍ أنَّهما الإسكندرية والقاهرة.
أيضًا اتُّخذ من تواريخ عام العزل عنوانًا لكُلِّ قصة، حاولتُ أن أفهمَ المقصودَ منها، وظننتُ أنَّه لَرُبما تسلسل زمني، قد يكونُ لها ترتيبًا سليمًا، لكنَّنِي في النهايةِ فقدتُ بوصلتي ولم أدركه.
كانت اللغةُ ممتازة، ليست مُبتذلة أبدًا، مُمتعة وباعثة على التفكير، تُضيف إلى مُعجمِك اللُّغوي أيضًا إذ أنَّه أعاد استخدام اللُّغة المنسيَّة والكثير من الكلمات الفصيحة التي رُدمَ عليها التراب بالابتذال المعهود اليوم.
اقتباس آخر: " يتوالَى المرضُ والموتُ السريع بِأعراض واحدة ويَسري الرعبُ وتكثرُ التساؤلات، وتتمسكُ السُلطات بالإنكار، وعندمَا تعترفُ بِوجود "مرضٍ ما" تأخذُ في التهوينِ منه، ولا ترفعُ الراياتِ السوداء إلَّا عندما تُصبحُ بِلا ضرورة."
تقييم الرواية: 2.5/5 حوالي ثلاث حكايات من بينهِم جميعًا نالوا إعجابي، أعتقد لو كانوا جميعُهم على نفسِ النهجِ لبدت أفضل _بالنسبةِ لي._ تقييم الغلاف: 5/5.
كنت اكاد اسمع صوت تكتكات مفاتيح الحاسب وانا اضغط عليها قبل انتهائي من الرواية /المجموعة القصصية بلحظات، كنت شبه اعلم عماذا ساكتب تماما بعد الاننهاء منها بل اني كنت اشبه بشخص يقرأ مراجعتي قبل كتابتها اصلا. فكرة ما هي اكثر ما سيطرت على تفكيري اثناء قراءتي للرواية ان حليمات التذوق الادبي لدي اكتشفت ان هناك مذاقا اخر في الكون لم اعرف عنه شيئا سوى الان .. مذاق لا يسعني وصفه حتى وان حاولت.
قيل لي ان اضع رواية عزت القمحاوي في اول الصف ضمن خطتي للايام المتبقية من العام وانا التي اميل للشعور بعدم الانتقاء الجيد لقراءاتي في هذه الايام قررت استغلال هذه الفرصة ، وقد كان هذا قبل ان اعرف اى شئ عنه او عن الكتاب الذي ادنو منه.
المكان :عمارة سكنية في منطقة ما في مدينة الغبار والتي ظننتها القاهرة و ربما كنت خاطئة يسكنها مجموعة من الجيران الذي يختلف كل منهم عن الاخر فما بين فريد طبيب النساء ، رامي حنا و غيداء التي يظنونها زوجته ، المؤرخ بديع العطار ، المرأة التي نسيت اسمها التي عادت من الخارج لفترة قصيرة لدفن زوجها ، وديع العطار محارب الذباب الذي عشقت حواره الدائم مع نفسه ، فريدة و من تحب او لعله زوجها الذي بدات بهما الرواية، ثابت سند رئيس الهيئة، حسام الذي نسيت قصته ان ذكرت، العمدة النطاحي و زوجته الحاجة سمحة و جمع بين كل هؤلاء عامل مشترك هو سالم البواب و زوجته طعمة.
❞ طرح اليأس خلفه، واكتشف أن الحياة ليست حربًا عبثية مع الذباب، بل مباراة شطرنج تكفي نقلة واحدة موفقة للفوز فيها، بشرط أن يكون القدر قد أنجز نقلتين أو ثلاث متعاطفات. ❝
الزمان : فترة زمنية ما عند بداية اكتساح فيروس كورونا للبلد و فترات العزل وتقسيم الموظفين في الهيئات.
التأثير الناتج : فقط انا استمتعت و بقوة دون ان ادري سببا واضحا لهذا او دون ان ابحث عن سبب اصلا ، فكنت اقرا كل قصة واخرى عن ساكن ما واشعر باعجابي نحو هذا الساكن وانا لا اعرف عنه سوى بضع كلمات و كان يبتدئ عزت القمحاوي كل فصل/قصة قصيرة في الرواية بتاريخ يوم/شهر/عام و قد حاولت البحث عن المقصود منها فظننت للحظة انه التسلسل الزمني ثم وجدت تاريخا في ٢٠٢١ في منتصف احداث ٢٠٢٠ ففقدت بوصلتي ، ولكني الآن وانا اكتب مراجعتي هذه تلبسني شعور انها كانت أحجية و اني اذا كنت احضرت ورقة وقلما وكتبت امام كل تاريخ قصة الساكن الفلاني كتت ساتمكن من الوصول للترتيب السليم. فلعله الوصف الدقيق او اسلوب الكتابة الذي جعل من كل شئ/موقف بسيطا يبدو عظيما حتى اني ولم اعد ابالي كيفما انتهى اى شئ فهناك عدوى جميلة تسللت الي اثناء القراءة و انا اذنت ، هذا على فرض انه بمقدور أحد أن يمنح الإذن لعدوى أصلا.
❞ سمع نقرات كعب مديرة إدارة المشتروات. اقتربت الفرس من الستين، وتعلَّمت طَرقةُ حذائها بعضَ التواضع دون أن تفقد تميزها. عندما كانت مجرد موظفة صغيرة في قسم الحزم والربط كان لنقرات حذائها على الأرض جمال وقوة إيقاع حذاء راقصة فلامنكو. يترك كعبها على البلاط أختام عبور السعادة إلى القلوب، وكانت القلوبُ تذبل بينما تراقب أثر تلك الأختام يبهِتَ ثم يتلاشى تحت وقع أقدام رعناء أو بفعل هبَّةِ هواءٍ غادرة تدخل من شُبَّاكٍ مفتوح. ❝
الدرس المستفاد : هناك بعض الاعمال التي اعترف في نهايتها انها تستحق قراءة ثانية ، ولكن هذه المرة تختلف فغربة المنازل تستحق قراءة أكثر تأني وتمهل للوقوف على مواطن جمالها بصورة اوضح .. تستحق شهيقا وزفيرا طويلا بين كل قصة واخرى على الا تقرأ ابدا قصة وتليها اخرى دون اخذ وقت مستقطع قصير بينهما.
الكتاب عبارة عن عدة قصص، البناء الادبي ضعيف، هيكلة الكلمات هشّه، رغبت بشده ان اسميه الادب في زمن الكورونا !! يبدو ان الفيروس هاجم الحروف اكثر من الناس. عموما كما قالت الاستاذة مستغانمي بما معناه : الكتاب كالحب اذا لم تبهرك بداياته فلا تتورط به
الكتاب الثاني الذي اقرؤه لعزت القمحاوي بعد غرفة المسافرين، و الذي هو على غرار سابقه ليس برواية و لا سيرةً ذاتية، لكنه يحمل تصنيفاً أكثر دقة. الكتاب عبارة عن مجموعة قصص لأشخاص متفرقون، يعيشون جميعاً في عمارة واحدة عدا بعض الشخصيات العابرة. الأحداث تجري في عام ألفان و عشرون في خضم وباء كورونا، و يرسم لنا الكاتب عزت لوحةً كبيرة تجمع أشخاص مختلفون تحت غطاء الوباء، كيف يتعامل كل فرد منهم مع موقفه الحالي في ظل العزلة التي فرضتها الكورونا، و كيف يجد البعض طريقه مرةً أخرى إلى سطح العالم. أحببت في اسلوب الكاتب سلاسته، و وصفه كذلك. هو يكتب بشفافية كبيرة، و يُظهر جوانباً في حياة شخصياته قد يستحي كتاباً آخرون إظهارها بهذه الصراحة، مما يضيف بعض الواقعية إلى نصه فليس الأمر ان هذه الأمور لا تحدث بالفعل على أرض الواقع.
موقف لطيف أحببته:
"لثغتها التي يحبها تقلب الراء غيناً. و يُصرُّ رامي على أن تلك اللثغة لن تترك للزمن فرصة ليجعلها عجوزاً. تضحك، و يقسم أنه لا يجاملها: صدقيني، لم أر في حياتي عجوزاً لثغاء."
عطر مريضة شابة يغمر طبيب النساء الاعزب؛ فيقلب حياته رأساً علي عقب. نظرة امرأة في عربة ترام تصل الي سر ما عاشته امرأة أخري في ساعة حب. موسيقار عرف العديد من النساء وانتهي مقيدًا بسطوة امرأة يحاول الامساك بجملة لحنها الاولي. وباحث يخسر حرباً طويلة الامد مع الذباب، لكنه يستميت في معركة اخيرة من أجل الحب!
في رواية "غربة المنازل" يتعطل الكلام؛ فيفسح مجالاً لملمس الحياة ورائحتها وطعمها و ألوانها، وتبدو القراءة عملاً لكل الحواس، نكتشف من خلاله عالماً صاخباً بالأحلام ومعجزات الحب، تحت المظهر المخادع لهدوء العزلة الحزين.
يطالعنا عزت القمحاوي في غربة المنازل بقصص فيها شاعرية من نوع ما واحساس بالغربة فهو موفق في اختيار اسم الرواية التي تحدث احداثها في زمن الكورونا… هي قصص حدثت وتحدث الي يومنا هذا…
هناك طرق متعددة لكتابة رواية جميلة، إحداها طريقة عزت القمحاوي. لن تفلت كقارئ من المتعة اللغوية، ولو فلت ستقع في حب الشخصيات وتفاصيلها الصغيرة، ومخاوفها المكررة. "غربة المنازل" رواية تضع الفرد أمام نفسه، أمام المرآة، مرآة يرى فيها ماضيه بقدر ما يرى مستقبله المحتمل